رواية عروس رغما عنها كاملة بقلم سوليية نصار عبر مدونة دليل الروايت
رواية عروس رغما عنها الجزء (2) الفصل الثامن عشر 18
الخاتمة(نبتة طيبة )
الحب جنة ولكن قد يكون لعنة أيضا…فاحذر ممن يحبه قلبك …
……..
تنام علي فراشها غير المريح في السجن بينما الدموع تندفع من عينيها …لقد ماتت والدتها ….اغمضت عينيها وهي تذرف المزيد من الدموع اللاذعة وهي تتذكر لقاءها مع أنس….
…….
في الصالة الخاصة بزيارة المساجين …
تجمدت مكانها وهي تراه امامها ….كان حقا امامها بحلته السوداء التي تجعله غاية في الوسامة …تصاعد الشوق داخلها تزامنا مع تصاعد الدموع لعينيها الجميلتين…جل ما ارادته الأن تركض إليه وتضمه بقوة …كانت مشتاقة إليه …مشتاقة إليه بقوة …اقتربت ليل ودموعها تنساب علي وجنتيها بينما عينيها تمران عليه بلهفة…رغم كل شئ…ورغم ما فعلته الا انها
تحبه…هي حقا تحبه اكثر من حياتها حتي ..
-انس …انس أنا مش مصدقة أنك هنا …انت جيت …جيت عشاني!!جيت عشاني صح !!
وضعها كان مثير للشفقة وعلي الرغم من غضبه منها إلا أنه شعر بالحزن عليها….ماذا ستفعل عندما يخبرها بوفاة والدتها …المسكينة سوف تتحطم بكل تأكيد …
ابتلع أنس ريقه وقال بصوت حذر:
-اقعدي يا ليل …
انسابت الدموع من عينيها وقالت :
-وحشني صوتك يا أنس…وحشني اسمع اسمي منك …أنا الايام اللي فاتت مكنتش بحلم الا بيك …بحلم تيجي وتعرف اني انا الوحيدة اللي حبيتك …حبيتك اكتر من اي حاجة في حياتي …أنا بحبك يا حبيبي …
-اقعدي يا ليل…
كرر كلماته بصوت أعلي وحالتها لا تُطمئن أبداً…
هزت رأسها بلهفة واقتربت من الطاولة ثم جلست وهي تنظر إليه بينما عينيها الخضراء تلمع وهي تتأمله عن قرب…عينيه القاسية كان بها رقة خاصة …لا تصدق أن تلك النظرات لها …
-وحشتني اووي يا أنس…
قالت بصوت مختنق وهي تبكي …
تنهد أنس وقال:
-ليل ممكن تسمعيني…انا جاي اقولك حاجة مهمة …
مدت كفها كي تلمس كفه إلا أنه ابعد كفه بسرعة لتقول بحماس:
-انت جاي عشان تخرجني من هنا ونتجوز …أنا موافقة يا حبيبي ..موافقة اووي …
-ليل فوقي لنفسك أنا مش جاي عشان كده !!!لو سمحتي اسكتي عشان تسمعي ..
قالها أنس بإنفعال وقد بدا يفقد صبره معها بسبب ذلك الهراء التي تتفوه به !!
صمتت ليل وهي تمسح دموعها وتقول:
-انا…أنا بس فرحانة انك هنا يا أنس …انت مش هتتخلي عني صح …أنا بحبك يا أنس…ازاي تتخلي عن واحدة بتحبك للدرجادي !!صدقني مهما حبتك مرام حبها مش هيجي لنص الحب اللي بحبهولك…أنت اغلي من حياتي كلها …
ارهقته كلماتها فهي تبدو محطمة ماذا إذن لو أخبرها بوفاة والدتها…..رغم أنه ما زال يكره ليل بسبب محاولته إيذاء زوجته إلا أن لم يستطع أن يمنع شعور الشفقة التي تشبع به قلبه…هو يشفق عليها…يشفق علي حالتها تلك ولا يتمني أن تحزن أكثر من هذا !!
-ليل والدتك ماتت !
هكذا قالها دون مقدمات …فالكلام الممطوط لن يفيده بشئ ولن يخفف من ألمها هي .
بهتت وهي تنظر إليه وقالت وهي تشعر بالاختناق :
-انت بتقول ايه يا أنس ؟!ماما…ماما ايه ؟!!
اغمض عينيه وهو يقول بنبرة مهتزة:
-الخدامة اللي عندكم لقيتها مغمي عليها في البيت …قطعت شراينيها …اتصلت بالإسعاف عشان تلحقها بس للاسف ماتت في المستشفي …المحامي بتاعي بلغني الخبر بعد ما المحامي بتاعكم كلمه ….امبارح اتدفنت ..حاول اأجل الموضوع لحد ما تقدري تشوفيها بس مقدرتش أنا أسف يا ليل ….
-آه …
تأوهت بصدمة والدموع تنساب من وجنتيها…كانت لا تصدق هذا …لقد أصبحت وحيدة كليا!!!
كان أنس يتكلم ولكنها لم تكن تسمعه من الأساس …نهضت بإنهيار وهي تخرج من الصالة الكبيرة وقلبها محطم الي مليون قطعة!!!
..
عادت ليل من شرودها وهي تبكي بعنف ..لقد انتهي كل شىء وتدمرت هي !!!
…….
كانت تنام علي الجهة الاخري وهي تذرف دموعها دون صوت …لم تكن تريد لآدم ان يسمعها تبكي …ما قالته والدتها اليوم حطم قلبها …انه من المؤلم ان يكون جدها مريض لتلك الدرجة …لقد اخبرتها والدتها بصراحة تامة سوء وضعه وانه من الممكن ان يفارق الحياة. …شقهت فجأة ولكن بسرعة كتمت فمها كي لا يسمعها ادم …لم تكن تريد أن تحزنه لهذا كتمت حزنها عنه …واستمرت بالبكاء …ولكن فجأة شهقت بينما تشعر بذارعين قويتين تجذبها من مكانها …ذلك كان ادم …جذبها وضمها الي صدره وقال :
-كفاية يا مهرا …كفاية. …
لم تتحمل اكثر من هذا وانفجرت بالبكاء ليظل هو يربت علي ظهرها بلطف ويقول:
-انا سمعت اللي والدتك قالته… عرفت ان حالة جدك صعبة …..
ابتعدت عنه مهرا ونظرت إليه قائلة:
-ادم ..ادم جدي …جدي هيموت …ماما بتقول ان حالته ساءت اكتر من الأول …أنا حاسة قلبي واجعني اووي عليه يا ادم …حاسة اني هموت…
ضمها ادم إليه وقال:
-حبيبتي ..اهدي …اهدي بإذن الله هيكون بخير…
شددت مهرا ذراعيها عليه وقالت:
-لا يا أدم المرة دي جدي تعبان اووي…المرة دي حاسة ان حاجة هتحصله…حاسة انه خلاص هي….
-ششش …بعيد الشر هيبقي كويس بس انتِ بطلي عياط ..
بدأ يمسح دموعها برفق وقال :
-هيكون كويس يا حبيبتي متخافيش خلي عندك آمل في ربنا .
-ونعم بالله…
تمتمت بإرهاق وهي تستند علي صدره بتعب وتغمض عينيها …فجأة انطلق بكاء طفلتها وكادت ان تنهض ولكن ادم شد علي كتفها وقال:
-ارتاحي حبيبتي أنا هروح اجيبها من سريرها …
وبالفعل نهض ادم متجها الي سرير ملاكه الصغير ثم حملها وهو يهدهدها برقة لتسكت قليلا وهي تتطلع إليه بتلك العينين الرائعتين…ابتسم لها وهو يقبل رأسها ثم ذهب بها الي والدتها لكي تطعمها ..
…..
بعد ساعة تقريبا ..كانت الصغيرة نامت وبالتالي نامت مهرا من التعب بينما ادم بقي مستيقظا وكلمات مروة لا تغيب عن باله…
….
في اليوم التالي …
استيقظ ادم علي رنين هاتف مهرا …امسك الهاتف ليجد حماته تتصل …رفع حاجبيه بحيرة ونظر الي الساعة ليجدها الساعة العاشرة صباحا ..لم يشأ ان يوقظ مهرا لذلك رد علي الهاتف ليشحب ويقول فجأة:
-طيب يا حماتي جايين …
اغلق الهاتف ونظر الي مهرا النائمة ثم ابتلع ريقه وهو يوقظها برفق ..
-مهرا..مهرا …
فتحت مهرا عينيها وقالت:
-فيه ايه يا حبيبي ؟!
ابتلع ريقه بتوتر أكبر وقال:
-لازم نروح لجدك دلوقتي …والدتك اتصلت بيا وقالت انه تعبان اوووي !!
………………
-خليك معايا النهاردة .
قالتها مرام بدلال وهي تضمه بقوة إليها بينما تقبله علي وجنته قبلات متتالية لطيفة …اغمض أنس عينيه وهو يستمتع بقربها ..ومغتاظ من نفسه لانه بذلك الضعف امامها…فهي عندما تتكلم بتلك النبرة لا يستطيع مقاومتها ولا أن يرفض لها أي طلب …
-انتِ بتستغلي حبي ليكي عشان اقعد من الشغل ..
-ايوة ..
قالتها وهي تضحك ..هكذا دون خجل ليقبلها علي رأسها ويقول:
-حبيبي لازم اروح الشغل ..ووعد هرجع بدري وابقي معاكي …
نهضت قليلا وهي تنظر إليه بحزن مصطنع وقالت متذمرة:
-بس أنا عايزاك تبقي معايا النهاردة يا أنس …خد إجازة النهاردة وخليك معايا هترفض طلب ام ابنك او بنتك …
قبلها علي انفها وقال:
-نفسي والله بس ورايا شغل كتير ..
تنهدت وقالت :
-خلاص مفيش مشكلة خلي بالك من نفسك وانا هقوم اشوف لوكا …
هز أنس رأسه ونهض ليرتدي ملابسه بينما نهضت هي وذهبت لغرفة ملك …
……
-لوكا حبيبة ماما .
قالتها مرام وهي تلج الي غرفة ملك لتجدها جالسة علي فراشها وتقول وهي تتنهد :
-مقدرتيش تقنعيه يقعد من الشغل صح ؟!
هزت رأسها بالنفي وقالت:
-صدقيني حاولت ..بس ابوكي عنيد اووي …مقدرتش اقنعه …
تنهدت ملك وهي تنهض وتقول:
-هو أعند واحد فينا محدش يقدر يقنعه يعمل حاجة هو مش عايزها يا ماما مرام …
هزت مرام وهي تقر برأيها هي وتقول’
-عندك حق يا لوكا …هنعمل ايه دلوقتي كنا عايزين نخرج سوا …
لمعت عيني ملك وقالت:
-هنخرج انا وأنتِ وخليه هو يروح الشغل خلي الشغل ينفعه …
قالت جملتها الأخيرة بغضب وهي تربع ذراعيها …
ضحكت مرام وقالت:
-انتِ شايلة منه للدرجادي ..
هزت ملك رأسها وقالت:
-ايوة عشان هو وعدني يسفرني في الإجازة ونسي …
ضمتها مرام وقالت:
-معلش يا لوكا أنتِ شوفتي اللي حصل …بابي برضه مضغوط …
تفهمت ملك الأمر فمنذ وفاة جدتها منذ أيام ووالدها يعاني …صحيح أن جدتها لم تحبها يوما إلا أن ملك حزنت عليه والفضل لمرام التي بقت معها لتواسيها …
-مرام !
كان هذا هتاف أنس لها من الخارج …
-جاية يا أنس ..
قالتها مرام وهي تخرج من غرفتها ليسحبها أنس نحو غرفتهما
-مش وقته يا أنس روح شغلك …
قالتها وهي تضحك برقة ولكنه لم يضحك بل ظل وجهه جامد..
-فيه ايه يا أنس ؟
قالتها مرام بتوتر وهي تلاحظ تجمد وجه أنس …
-حبيبتي لازم تروحي لجدك دلوقتي …ادم اتصل بيا وقال إنه تعبان اووي…
-تصاعدت الدموع لعينيها وقالت :
-لا …لا
-مرام لازم تروحي الراجل بيموت!!بيحتضر!!!
-لا لا يا أنس مستحيل …مستحيل اروحله برجلي مستحيل. ..
قالتها مرام وهي تهز رأسها بينما ترتجف…الدموع تنسكب من عينيها وفي قلبها ألم هائل….
جذبها أنس اليه وهو يعانق وجهها ناظرا إليها وقال:
-حبيبتي ..اسمعيني بس .
هزت رأسها ونشيجها يرتفع…كان لبكائها صدي مؤلم في قلبه …
-لا يا أنس اللي بتطلبه مني ده مستحيل …مستحيل يا أنس…ده واحد كسرنا …دمر حياتنا …بابا….
اختنق صوته ودموعها تنفجر من عينيها اكثر …وكأن كل مشاعرها التي كبتتها لسنوات تخرج الأن:
-بابا يا أنس مات بسببه …أمي اشتغلت في البيوت وآدم مكملش تعليمه……وضعنا كان يصعب علي الكافر بس رغم كده هو عمره ما حس بتأنيب الضمير…أنا كنت محتاجة بابا وبسببه راح …أنا اتحرمت من الاب ده.كله بسببه يا أنس..
-ششش اهدي ..اهدي ..
قالها بلطف وهو يمسح دموعها ثم قال:
-جدك.تقريبا بيحتضر يا مرام …قوليلي لو مات من غير ما تسمعيه هتقدري تسامحي نفسك ؟!
بكت مرام وهي عاجزة عن الرد ليجذبها هو إليه ويضمها بقوة !
………
في فيلا جابر عزام …
كان الجميع ملتف حوله…حسناء وادم ومرام وانس وليلي ومروة ومهرا …كانوا يراقبون حالته الصحية التي تتدهور وهم متأكدون ان النهاية اقتربت …اعتصر قلب مهرا وهي تنظر الي جدها …جدها الذي رباها…هي لم تشعر ابدا باليتم بسبب جدها …لقد كان الاب والحامي لها …رغم قسوته عليها احيانا الا انه دللها كثيرا …ذاقت حبه وحمايته…كان يفتخر بها دوما …ووجوده بتلك الحالة يقتلها…ترتعب من فكرة فقدانه …رغم علمها ان نهايته اقتربت الا ان لديها آمل أن يعيش …يعيش ويكون معها …انفجرت الدموع من عينيها وهي تنظر إليه…تتمني الا تفقده …اقتربت منه وهي تمسح دموعها بكف وعلي اليد الاخري تحمل ابنتها الصغيرة ..
-بص يا جدي…بص دي نجمة بنتي …
نظر عزام الي الطفلة وهو يغتصب ابتسامة علي شفتيه ..بينما عينيه متشبعة بالدموع …أنه من المؤسف أن يموت الان دون أن يعيش لحظات سعيدة مع ابنة حفيدته مهرا وحفيده آدم ….
-ج…جميلة زيك يا روحي.
قالها جابر وهو يتكلم بصعوبة …
نظر جابر الي ليلي وقال:
-تعالي …تعالي …
تجمدت ليلي وهي تتمسك بذراع ادم …كانت تنظر إليه الأرض …ترفض أن تتواصل معه بصريا …
-ليلي روحي لجدك ..
قالتها حسناء ولكن ليلي ما زالت متشبثة بآدم…رفعت وجهها ونظرت الي آدم الذي حثها أيضا لتذهب …
وبخطوات مرتجفة ذهبت وجلست بجواره … كانت دموع جابر تنساب علي وجنتيه …رفع يده ووضعها علي رأسها قائلا:
-سامحيني يا بنتي …
لم ترد عليه ليلي وهي تطرق بوجهها …كانت غير متقبلة أي كلمة منه …ما زالت تشعر بالقهر منه …
ابتسم جابر بتعب وقال:
-انا عارف انكم صعب تسامحوني…وعارف أن من الأنانية اني اطلب السماح دلوقتي بس حاولوا …حاولوا تسامحوني …أنا معملتش اي حاجة حلوة في حياتي وعارف أن عقابي عند ربنا كبير …مش عايز أشيل ذنوب اكتر من كده …سامحوني …سامحوني …
اخذت الدموع تنفجر من عينيه بينما ما زالت ليلي تنظر أرضا وآدم يضم كفيه وهو يشعر بالتوتر بينما مرام تشيح بوجهها وهي تكتم دموعها …كان الغفران صعب …صعب جدا ….
-حابب اعمل حاجة اخيرة عشان أكفر عن جزء من سيئاتي…أنا وصيت المحامي أنه يوزع ورثي بعد ما اموت بشرع ربنا …وصيته يدي لكل واحد حقه سواء مروة أو حسناء أو احفادي…خدوا الفلوس دي حقكم …
اغمض ادم عينيه فهو قد اقسم الا يلمس تلك الأموال الملعونة لكنه لم يستطع أن يكسر قلب الرجل وهو علي فراش الموت ..
-مرام…تعالي يا بنتي اقعدي جمبي ..
قالها جابر بتعب ..ليدفعها أنس رغم اعراضها ورفضها ونفورها …ذهبت مرام وجلست بجوار شقيقتها…كانت أيضا متباعدة حتي …لا تنظر إلي عينيه…تشيح بوجهها عنه ولكنها تجمدت وهو يمسك كفها ويجذبها قليلا ثم يعانقها!!!
اتسعت عينيها بصدمة وارادت ان تدفعه عنها ولكنها لم تملك القدرة لتفعل هذا …بل ظلت متسعة العينين بينما هو يضمها ويبكي …تصاعدت الدموع لعينيها ثم انسابت وهي ترفع كفها وبدل من أن تدفعه اخذت تربت برفق علي ظهره …
فعلتها تلك جعلت جابر يبكي أكثر …كان صوت بكاؤه.مرتفع رغم مرضه …
ابتعدت مرام بلطف عنه وهي تربت علي كفه ثم نهضت هاربة تلجئ لأنس…رغم كل شىء هي لن تسامح مائة بالمئة …هذا صعب …الماضي ما زال حاجز رهيب بينهما !!!
نهضت ليلي أيضا ووقفت بجوار مرام …
-آدم ..
قالها جابر بتعب وهو ينظر إلي حفيده ..لم يجعله ادم يكرر نداءه بل اقترب منه …حتي لو لم يسامحه الان …ولكن الوقت كفيل بإصلاح كل شىء!!
اول ما اقترب ادم منه ضمه جابر بقوة وهو يشم فيه رائحة ابنه علي …ابنه الذي تخلي عنه لأنه عشق فتاة هو لم يرضي عنها …ظل جابر يضم ادم بقوة وادم يربت علي ظهره ..كانت تلك اللحظة هي اللحظة الاجمل في حياة جابر عزام …شعر أن رسالته في الحياة انتهت …والان يمكنه الموت بكل هدوء …لذلك اغمض عينيه وروحه تنساب من جسده وأطلق أنفاسه الأخيرة لتسقط ذراعيه من حول ادم …ويعلن مغادرته الأبدية لتلك الحياة ….
-إن لله وانا اليه راجعون.
قالها ادم وكررها عدة مرات وهو يحبس دموعه بقوة ويربت علي ظهر جده … ولكن صراخ مهرا قاطع السكون الذي حل فجأة وقالت :
-جدي…لاااا
………
ارتدت ميار حجابها وثبتته جيدا ثم ابتعدت وهي تنظر الي نفسها وعلي وجهها ابتسامة مشرقة…والدها سوف يخرج اليوم ..وهي من سوف تذهب لإستقباله ….اخيرا ذاب الجليد بينهما وسوف يعودون كعائلة رغم أنها حاولت أن تخرجه مبكرا من السجن الا أنه رفض تماما …كان يريد أن ينال عقابه كاملا ثم يخرج ليبدأ من جديد ..
ولج علي الي الغرفة وقال:.
-جهزتي يا حبيبتي ..
نظرت إليه بحب وردت :
-ايوة يا حبيبي جهزت ..
مد كفه لتبتسم بفرحة وهي تمسك يده بفخر ..هي تفتخر بكونه زوجها ودوما ستمسك.بكفه …حتي الموت ….
…
خرجا من غرفتيهما ليجدا والدة علي تجهز بعض الكعك …
تنهدت ميار وقالت:
-يا ماما ما قولتلك.ملوش لزوم تتعبي نفسك أنا جهزت كل حاجة من امبارح …
ابتسمت والدة علي وهي تحمل الصينية لتدخلها الفرن وقالت:
-جرا ايه يا ميار دي حاجة بسيطة حلاوة خروج الحاج ..روحي حصلي ابوكي وملكيش دعوة يا بت انتِ ..
ابتسمت ميار وهي تهز رأسها وتقول:
-انا عارفة اني مش هقدر عليكي …يالا يا حبيبي …
…….
وقفت أمام بوابة السجن وقلبها يرتعش داخل صدرها بينما عينيها مشبعة بالدموع …اخيرا سوف يخرج والدها …فُتح باب السجن ليخرج فجأة …ابتسمت هي والدموع تنساب من عينيها ثم ركضت نحوه وضمته بقوة…ضمها هو بدوره ..والدموع تحتشد بعينيه ….
أبعدها عثمان عنه وهو يعانق وجهها لتنفجر هي بالبكاء ليردد هو :
-لا لا يا حبيبتي …خلاص مفيش عياط بعد النهاردة …أنا عايزاكي تفرحي وبس …افرحي يا بنتي ..افرحي عشان أنا افرح .
ثم بدأ بمسح دموعها بلطف لتهز هي رأسها وتقول بوعد:
-من النهاردة هنفرح وبس يا بابا …هنفرح بإذن الله
………….
بعد شهرين …
-خدي يا بنتي كل يا حبيبتي انتِ حامل ولازم تتغذي ..
قالتها انتصار والدة أحمد وهي تطعم حياة بالقوة …بينما حياة تحاول منعها قائلة:
-خلاص يا ماما ..والله معدتي مبقتش مستحملة…انا اكلت كتير …
لوت انتصار فمها وقالت:
-فين الاكل ده يا بنتي …يدوب هما طبقين لسان عصفور وطبقين رز وتلات تفاحات …يا حبيبتي لازم تأكلي اكتر من كده عشان ابنك او بنتك اللي في بطنك يتغذوا كويس …
..
عاد احمد من العمل ودخل المنزل وهو يهتف :
-جعان يا ماما …
-استني يا بغل بأكل مراتك
قالتها انتصار وهي تدفع الطعام لفم حياة التي كادت معدتها أن تنفجر ..
-يالهووي عليكي يا ماما ..
قالها احمد بفزع وهو يسحب حياة من بين ذراعيها ويقول:
-يا ستي حرام دي مش قدك
-يا بني أنا باكلها…
ضم احمد زوجته إليه وقال:
-اكليها بعقل يا امي هي مش جاموسة بتزغطيها ..
-البط بس هو اللي بيتزغط يا موكوس …
ضحك احمد وقال:
-تعرفي يا حياة لما كنت اتعب كانت تعمل معايا كده..تأكلني بالعافية …
ابتسمت هي وهي تقترب من انتصار العابسة ثم ضمتها وقبلتها قائلة:
-بتعمل كده عشان بتحبك انت محظوظ أن عندك ام زي كده ..
ابتسمت انتصار وضمت حياة بدورها …ابتسم احمد وهو يقترب من عائلته الجميلة ويضمهما إليه وقد بدا كل شىء بخير اخيرا !!
…………
قبل زفاف ليلي بيوم …
كان ادم واخوته بالاضافة الي والدته ومهرا معا في المنزل …بعد موت جدهم ورثوا أموال طائلة منه …لم يعد ادم ذلك الفتي الفقير ..ولكن ادم قد اقسم أنه لن يلمس تلك الأموال ابدا ..تلك الأموال ملعونة ..
وقف آدم أمام أسرته وقال ؛
-انا قررت حاجة ولازم أبلغكم بيها
-ناوي تتجوز علي مهرا يا أبيه!
صرخت بها ليلي لتقاطعها مهرا :
-هتتجوز عليا يا آدم ؟!
-أنتِ هتعومي علي عوم العبيطة دي يا مهرا …جرا ايه يا حبيبتي ما تعقلي !
قالها ادم بضيق لتضحك مرام وهي تضع كفها علي بطنها الكبير ..
نظر ادم الي ليلي وقال:
-حقيقي أنا مش عارف أنتِ هتتجوزي بكرة ازاي بالعقلية دي !
تنهد وقال:
-قررت استخدم الفلوس اللي ورثتها بشكل أفضل من اني اصرفها علي نفسي …
فهمت مهرا أن رغم أن ادم سامح جدها إلا أنه لن يمكنه استخدام أمواله…فتلك الأموال ملعونة بالنسبة إليه …
-هتستخدمه ازاي يا آدم ؟!
سألته مهرا ليرد بحماس:
-ناس كتير محتاجة ..اولاد كتير محتاجة تتعلم وحابب اساعدهم يتعلموا …عشان كده هعمل زي مؤسسة خاصة للمساعدة في التكفل بتعليم الاطفال الصغيرة لحد ما يبقوا في الجامعة …
ابتسمت حسناء وهي تنظر إلي ابنها بفخر …كان آدم يحقق احلام الآخرين في التعلم …يعطيهم الفرصة التي فقدها هو …نظر ادم الي والدته وابتسم وقال:
-المؤسسة هتبقي علي اسم بابا علي عزام …
شهقت حسناء وهي تضع كفها علي فمها وتبكي ليقترب ادم منها ويضمها بقوة لتقاطعهم مرام وتقول :
– وفلوس ورثي كمان كلها هحطها في المؤسسة دي يا آدم …
-وانا كمان يا أبيه ..
قالتها ليلي بحماس
تنهدت مهرا وقالت:
-وانا كمان يا آدم هحط الفلوس دي في المؤسسة وبقترح نكبرها اكتر عشان نعرف نساعد الناس المحتاجة مش في التعليم وبس الصحة كمان والأكل والجواز …نحاول كمان توفير فرص عمل ليهم …ونعمل موائد رحمان في رمضان …نقدر نعمل حاجات كتير …
نظر ادم إليها وهو فخور ثم اقترب منها وجذبها إليه وهو يقبل رأسها لتضمهم ليلي أيضا وتتبعها مرام …نظر ادم الي والدته ومد ذراعه لتنهض وتعانق ابنها هي أيضا …وكانوا في تلك اللحظة مترابطين أكثر من أي وقت مضي ….ابتسمت حسناء وهي تضع كفها علي ظهر ادم …كانت فخورة بأنها أنجبت أبناء في غاية الروعة …فخورة لأنها ربتهم جيدا …لقد كانوا حقا نبتة طيبة
- يتبع الفصل التالي اضغط على ( رواية عروس رغما عنها ) اسم الرواية