روية جمال الاسود كاملة بقلم نورا عبد العزيز عبر مدونة دليل الروايات
روية جمال الاسود الفصل الثاني و العشرون 22
وقف “جمال” بصدمة ألجمته للتو داخل مكتبه مُستشاطًا غضبًا من ظهور أخاه حيًا ويحدق فى وجهه بينما يجلس أمامه وقال:-
-وما دام عايش كل السنين دى كنت فين؟
تبسم “مختار” بغرور شديد ثم قال:-
مش المفروض تسأل أنا جيت النهار دا ليه بالذات دونا عن كل الأيام
ألقي بصور فى وجه “جمال” صور جمعها من مراقبة “جمال” و”مريم” خلال كل هذه السنوات ورحلتهم لفرنسا، تأفف “جمال” بضيق شديد من هذه الصور وشعر بأنه كل هذه الفترة كان دمية تحت مراقبة “مختار” يفعل به ما يشاء فنظر إلى “شريف” الواقف هناك يتابعهم بصمت بقلق شديد وما تمني أن يحدث وسعادته لخلق الحب داخل قلب “جمال” دمرت للتو و”مُختار” ظهوره اليوم لا يبشر بالخير نهائيًا فتابع “مختار” بنبرة غليظة:-
-طلبت منك تساعدها تكمل تعليم لكن أنت متأخرتش عليها ومش بس خليتها تكمل تعليمها لا كمان قررت تتجوزها … تتجوز مراتي
كز “جمال” على أسنانه بغيظ شديد من كلمته وكأن “مختار” يتهمه بالخيانة ويلحق به قذرته ليكون مثله فقال بنبرة حادة:-
-أرملتك!! أنت ميت
وقف “مختار” من مكانه ليقف أمام “جمال” وجهًا لوجه ثم قال:-
-أنت اللي موتني، أنا طلع لي شهادة وفأة بفضلك، لأنك قررت تدفن جثة مُتأكد أنها مش أنا، وزورت تحليل الدي أن أيه عشان تأكد موتي ، أنت اللى زورت موتي…لكن ليه؟ ليه جمال ؟
حدق “جمال” بوجه أخاه بغضب سافر لتابع “مختار” بنبرة قوية يهدم الباقي من حصون “جمال” أمامه:-
-ااااااااه يمكن عشان تتجوز مراتي، وترد لي الخيانة وتسرق مراتي
-أنا مسميش مختار
قالها “جمال” بنبرة غاضبة بعد أن رفع سبابته فى وجه “مختار”، قهقه “مختار” ضاحكًا على هذه الكلمات وقال بتهكم شديد ونبرة أستفزازية:-
-ههههه اه صح عشان كدة حتى لما روحت المزرعة وملاقتش جثة برضو عملت الفرح وقررت تتجوزها حتى وأنت بينك وبين نفسك مش واثق من موتي
مسكه “جمال” من لياقته بأنفعال شديد وقد نفدت كل طاقته وصبره فى تحمل هذا الأخ العاق وقال بتهديد واضح:-
-أنا مش زيك، متحاولش مجرد محاولة تشبهني بيك، فكر تكررها مرة تانية وأنا هقتلك بأيدي
رمقه “مختار” بعيني ثاقبة كالصقر وقال:-
-زى ما قتلت ليلي كدة وحتى مشفقتش عليها وهى حامل فى ابنك
دفعه “جمال” بأشمئزاز من هذا الرجل وقال بسخرية:-
-أبني ولا أبنك
صمت “مختار” قليلًا ثم قال:-
-هتفرق؟ اه صحيح ممكن تفرق مع مريم لما تعرف أنها بتحب قاتل
لكمه “جمال” لكمة قوية على وجهه بقوة ثم مسكه من لياقته بأنفعال وقال:-
-جرب تنطق أسمها مرة تانية وأنا هخليك جثة حقيقية المرة دى
هرع “شريف” إليه بقلق وحاول أن يبعده عن “مختار” الذي قهقه ضاحكة بطريقة أستفزازية اكثر وقال:-
-قولت أنك من زي وحتى بعد ما شايفني قصادك لسه بدافع عن مراتي، دا علي أنهي أساس
أبتعد “جمال” عنه بضيق وهو عاجزًا عن فعل شيء للتو فهندم “مختار” ملابسه بغرور بعد أن أعطاه “جمال” ظهره من الغضب ونظر إلى “شريف” الذي يحدق بهما بهدوء وقال:-
-إذا أعتقد أننا أتفقنا ومريم مراتي وأنت ومش بقذارتي
خرج “مختار” من المكتب فلم يتحمل “جمال” أكثر من ذلك اخرج مسدسه من درج مكتبه وهرع للخارج وخلفه “شريف” مذعورًا مما يراه وما على وشك فعله هذا الرجل العاشق رغم تحجر عقله الصارم وهو مُدركًا الآن أنه عاشق لمرآة متزوجة..
كانت “مريم” جالسة مع “حنان” التى تضمها إليها بصدمة ألجمتها من هذا الميت الذي عاد حيًا، ترمقها “سارة” بنظرة باردة تمامًا كأنها لم تُدهش من معرفتها بعودة زوجها حي فقالت “ولاء” بغضب سافر وترمق “سارة” بأستفزاز:-
-وأنتِ مش كنتي أتجوزتي
تبسمت “سارة” بطريقة مُستفزة ثم وضعت قدم على الأخري وقالت:-
-وأتطلقت ولما عرفت أن جوزي عايش مماتش زى ما أبنك قال وطلع له شهادة وفاة قال فرحت زى أى واحدة طبيعية لازم تفرح برجوع جوزها
قالتها وعينيها تلتهم “مريم” ثم قالت بلطف:-
-وأهو مختار قرر يتجوزني ولحد ما عدتي تخلص حلف عليا والله يا طنط أقعد معاه وتحت عينه أصله بغير عليا موت
ضحكت “ولاء” بسخرية من هذه المرأة ونظرت إلى “مريم” التى تبكي فى صمت شديد وقالت:-
-أختلاف شاسع
فتح باب المكتب وخرج “مختار” من المكتب لتتشبث “مريم” بخوف في يد “حنان” من خروجه ولا تعلم ماذا سيفعل معها؟ هل سيأخذها من هنا؟..
أقترب “مختار” منها ليأخذ يدها من “حنان” بغضب فصرخت بخوف منه وعقلها لا يتوقف عن النظر فى الماضي بذعر:-
-أبعد عني! أنا مستحيل أجي معاك غير على موتي
جذبها بقوة من بين ذراعي “حنان” وأستدار بينما “مريم” بصرخ بهلع شديد وتضربه على يده بقوتها حتى يترك أسرها وقبل أن يتحرك خطوة أخرى ظهر “جمال” أمامه بعيني يتطاير منها الشر والحقد، نيران الغضب تأكله والغيرة تلتهم قلبه وغير خوفه عليها لتقول:-
-جمال متخلهوش يأخدني، أنا مش عايزك
حدق “مختار” بوجه اخاه وترك أسر يدها لتعود إلى “حنان” خائفة وترتجف ثم قال بجدية رغم خوفه من نظرات “جمال”:-
-أنت عارف أنها مراتي، شرعًا ودينًا مريم مراتي وأنا لسه حي وإذا عاد المفقود يرد له ماله وزوجته يا جمال بيه
لم يتمالك “جمال” غضبه أكثر أمام هذا الرجل الذي سلبه زوجته سابقًا وعاد اليوم حتى يسرق حبيبته كأنه يعيد الماضي من جديد، وضع المسدس فى رأس “مُختار” بغضب سافر ثم قال بنبرة مُخيفة وعينيه تحدق فى عيني “مُختار” بغضب كأنه لا يبالي لشيء سوى خسارته لـ “مريم”:-
-طلقها بدل قسمًا بربي ما أطلقك أنا من الدنيا كلها برصاصة متساويش
صرخ الجميع بهلع وحاول” شريف” أخذ المسدس منه، لكنه يحكم قبضته على لياقة قميصه ولا يتحرك له ساكنًا، تبسم “مُختار” بسخرية وقال بلا مبالاة كأنه لا يبالي بهذا التهديد:-
-لو طلقتها تحت التهديد والمسدس فى رأسي هيكون الطلاق صح ولا هيكون شرعًا باطل وقصاد ربنا هتفضل مريم مراتي
تأفف “جمال” بعجز من عودة هذا الرجل الميت حيًا أمامه، أبعده “شريف” عن أخاه ليتابع “مختار” بطريقة أستفزازية قائلًا:-
-أنتِ يا مريم زى سارة بالظبط معندكيش خيار ولازم تقبلي بواقع أنك مراتي
تنهد “جمال” بعجز حتى سمع صراخها فألتف ليراه يأخذها من يدها بقوة فذعرت وهى تصرخ ويعد لها الماضي كأن ظهور “مختار” دمر كل شيء بها وكل ما فعله طبيبها النفسي فى معالجتها، سقطت من يده وهو يجذبها فاقدة للوعي، أنحنى “مختار” كي يحملها فشعر بالمسدس فى رأسه و”جمال” فقد عقله تمامًا عندما رأها فاقدة للوعي أمامه من وهل الصدمة وقال:-
-حتى لو مراتك مؤقتًا جرب تلمسها وأنا اللى هقتلك بأيدي ومش محدش هيلاقي جثتك لأن قصاد الحكومة والعالم كله أنت ميت
ابتلع “مختار” لعابه بصدمة ألجمته من الخوف من نبرة غضب أخاه التي أرعبته وأبتعد عن “مريم” بخوف قبل أن يلمسها، حدق “جمال” به بغضب مكبوح ثم قال بتهديد:-
-خديها يا حنان على أوضتي
وضعوها بالفراش ثم غادروا ليرمقها “جمال” بنظرة حزينة وإشفاق، يخاف أن يفقدها ويقتلها خوفها فالخوف إذا تمكن من عقل صاحبه سيأخذه للهلاك، لا يعلم ما تصارع الآن فى أحلامها بسبب عودة “مختار” هل ترى كوابيسها أم ليلتها المؤلمة التى فعلها “مختار” به، مسح على وجهها بيده بلطف لتفتح عينيها وهى تصرخ بذعر حتى مسكها “جمال” من أكتافها وهو يقول:-
-أهدئي يا مريم … أهدئي
نظرت إليه وتساقطت الدموع من عينيها بأنهيار تام وتمتمت بتلعثم شديد لجم لسانها:-
-هيأخدني، لا مستحيل، أنا مستحيل أعيش معه حتى لو حكم الأمر وموت نفسي
مسح على رأسها بدفئه وهو يشعر بنفضتها ورجفة كل أنش بها من رأسها لأخمص القدم، تألم قلبه كثيرًا على ما يحدث معها، قال بحنان ونبرة هامسة تحدث إليها ناظرًا إليها:-
-مريم… مريم أهدئي وبص ليا… بصي ليا يا مريم
نظرت إليه بخوف وشفتيها ترتجف من رجفتها وخوفها تخشي أن يأخذها “مختار” ويفعل ما فعله سابقًا بها ويسرقها من حبيبها بعد أن دمر زفافها وكسر قلبها بلا رحمة، تحدث “جمال” بنبرة هادئة:-
-أنا هنا!! ومستحيل لو أنطبقت السماء على الأرض أخليه يلمس منك شعرة، لو الطلاق بالأجبار مش حل يبقي الخلع حل ولو لازم الأمر، والله لأقتله عشانك بس أهدئي وثقي فيا
أومأت إليه بنعم فتبسم إليها بسمة خافتة يطمئنها وأقترب لكي يقبل جبينها لكنه توقف محله بقلق وتردد من فعل هذا الأمر، غادر الغرفة وأوصد أبوابها كليًا بنظام أمن “جين” حتى يطمئن على وجودها فى غيابه…..
__________________________________
“شـــــركــة الجمــــال جي أند أم”
وصل “راغب” على مكتب “جمال” بقلق شديد مما سمعه عن ظهور “مختار” وقال بنبرة هادئة:-
-اهدأ يا جمال بيه وكله له حل
تحدث “جمال” بنبرة هادئة مُرعبة أكثر من صراخه قائلًا:-
-أنا عايزاك ترفع قضية طلاق لمريم
نظر “راغب” إليه بقلق فهو لا يهتم لشيء سوى هذه الفتاة فقال بهدوء:-
-حضر بس قضايا الطلاق والخلع فى المحاكم بالها طويل
تأفف “جمال” بعجز عما يحدث ويشعر بيديه مُقيدة تمامًا وهو عاجزًا عن فعل شيء لأجلها والآن ستعيش أيامها تحت رحمة هذا الرجل، قال بلهجة هادئة:-
-معنديش حل غيره، إجباره على الطلاق مش حل شرعي، يبقي نرفع قضية ومريم تعيش فى مكان تاني تحت حمايتي لحد ما تكسب القضية لكن يا راغب لازم تكسب القضية مهما حصل ومن غير أحتمال واحد فى المليون أنها تخسر القضية
أومأ إليه بنعم وخرج من المكتب هادئًا لكي يلبي طلبه ويرفع قضية الطلاق لأجلها، كان “عاشور” واقفًا أمام المكتب فى أنتظار أن ينتهي من الحديث مع “جمال” ليدخل، ولج للمكتب وكان “جمال” مُستشاطًا غضبًا من الذي حدث ليقول بنبرة هادئة:-
-ممكن اتكلم مع جنابك فى موضوع مهم
تأفف “جمال” باختناق وهو ينهي سيجارته ويشعل الأخري وقال:-
-أنا مش فايق لأي مواضيع يا عاشور أجلها
تنحنح “عاشور” بنبرة خافتة وقال معارضُا أمره:-
-المستشفي أتصلت وبتقول أن حمزة حالته حرجة جدًا ومحتاج نقل نخاع..
قاطع حديثه نظرة “جمال” الذي رفع رأسه للأعلي ناظرًا إليه بدهشة وقد فهم ما سيأتي تاليًا فتابع “عاشور”:-
-لما ودينا المستشفي الدكتور رجح دا وأنا تغاطيت عن الأمر لكن النهار دا حالته ساءت أكثر ولازم نعمل العملية وطبعًا حسب كلام الدكتور، مدام مريم هي الوحيدة اللى بتقدر …..
بتر حديثه تنهيدة من “جمال” الذي تسقط الكوارث علي رأسه رويدًا رويدًا وقال:-
-مش كفاية أن جوزها رجع لا كمان عايزني أقولها روحي أتبرعي وأنقذي حياة الرجل اللى عذبك عمرك كله وكان متعته الوحيدة فى الحياة هى وجعك
أبتلع “عاشور” لعابه بخوف من هذا الرجل ثم قال:-
-القرار فى النهاية برجع لحضرتك وليها لكن أنا عبد المأمور وصلت الرسالة عشان متصرفش فى حاجة من دماغي
أومأ “جمال” له بنعم وغادر من أمامه فتمتم بضيق شديد:-
-يا ربي المصايب بتقع عليها زى المطر، أعمل أيه؟ من مين ولا مين أحميها
نفث دخان سيجارته ثم نظر إلي هاتفه وصورتهما التى وضعتها خلفية لهاتفه وظل يحدق بها، لا يُصدق أن بسمتها الجميلة تلاشت وقد دمر “مختار” ليلة عمرها التى أنتظرتها طويلًا، يؤلمه قلبه على فراقها والآن علاقتهما أصبحت حساسية جدًا بسبب زواجها، كيف سيعشقها وهو يشعر بأنه بهذا العشق سيحولها لخائنة، دلفت “أصالة” للمكتب بحزن وعلى وجهها العبوس بعد أن رأت “مختار” أمامها فى الزفاف وقالت:-
-الشركة الصينية بعتت الرد…
لم يجيب عليها بظل عينيه لا تفارق هاتفه أو تحديدًا لا تفارق وجهها وبسمتها الجميلة ليقول بتمتمة خافتة:-
-أعمل أيه يا أصالة، أبعدها عني لحد ما تكسب القضية ولا أخليها فى حضني ومعايا وتبقي فى نظر الكل ست خاينة؟
نظرت “أصالة” إليه بصمت وحيرة لا تعرف أتحكم عقلها أم قلبها الذي يرفض تفرقة هذان الأثنين وهما يعشقان بعضهما وحتى هذا الرجل الذي يصطنع الصمود والقوى لا يقوى على فراقها أو البُعد عنها، لا يتحمل رؤيتها باكية وحزينة فماذا عن حالتها الآن؟…
_______________________________
“قصــــر جمـــال المصــــري”
جلست “سارة” قرب “مختار” بهدوء وما زالت تلتهب كرهًا وغيظًا من “مريم” خصيصًا بعد ان رأت حب “جمال” لها وهي الآن تملك رجل يصوب المسدس فى وجه أخاه وزوجها من أجلها، تحدثت بهدوء تنشر غلها وسواد قلبها فى عقل “مختار”:-
-هتسبهاله كدة يا مختار، هتسب مراتك فى أوضة راجل غريب لا وبتحبه كمان
نظر “مختار” لها بنظرة غاضبة ثم قال:-
-أهدئي يا سارة أنتِ مش شيخة، أنتوا الأثنين أزبل من بعض وكل واحدة هتحاسب على عمايلها
نظرت إليه ببراءة مُصطنعة وقالت:-
-ليه خونتك ولا خونتك، أنا واحدة جوزها مات وفضلت على ذكره أربع سنين وأتجوزت عادي حقي، لكن الدور والباقي على أخوك اللى كان عارف أنك عايش ولف على مراتك عشان يتجوزها ويرد لك اللى عملته قبل كدة
تأفف “مختار” بغضب سافر من هذا الحديث ثم وقف من مكانه مشتعلًا من الغضب كأنه يفعل ما يريد ويسرق زوجة اخاه كما يريد لكن هو لا يجب أن ينال هذا العقاب، وصل إلى جناح نوم “جمال” وحاول فتح الباب ليتحدث الصوت الألي لـ “جين”:-
-لقد تم تفعيل نظام الحماية، أدخل كلمة السر
تأفف بضيق شديد من هذا الصوت وركل الباب بقدمه بينما أنتفضت “مريم” ذعرًا مما يحدث فى الخارج وذهبت إلى زاوية الغرفة تختبي منه، ألتف “مختار” على صوت “جمال” الذي يقول:-
-حذرتك تقرب منها
نظر “مختار” إليه بغضب سافر وقال بنبرة هادئة:-
-اللى بتعمله دا مش لصالحك يا جمال
أخذ “جمال” خطوة نحوه ببرود ويضع يديه فى جيوبه بغرور ثم قال:-
-ولا لصالحك!
ربت له على قميصه بسخرية شديدة ليتابع “جمال” بنبرة مُخيفة:-
-أنا لو مكانك ألحق أشوف ليا محامي دا لو عايزها تفضل على ذمتك
نظر “مختار” إليه بصدمة ألجمته وعينيه تحدق بعيني “جمال” فتبسم إليه ببرود وجحود ثم قال:-
-فكرت فى الموضوع فعلًا وأكتشفت أن واحد بقذارتك ووساختك ميجيش بالطلاق الاجبار، لا أنت اللى يليق عليك الخلع تتخلع زى المسمار المصدي
قالها بسخرية ومر من جابه ليفتح الباب ويدخل الغرفة بينما أستشاط “مختار” غيظًا مما سمعه ولا يصدق بأن “مريم” تلك الطفلة الصغيرة البريئة الآن تصبو للخلع…
دلف “جمال” إلى الغرفة وأندهش عندما رأها تقف فى زاوية الغرفة منكمشة فى ذاتها وتبكي بخوف لكن فور رؤيتها لوجه “جمال” ركضت إليه مُسرعة وأختبأت بين ذراعيه بذعر ثم قالت:-
-أنا خايفة، مشيني من هنا يا جمال، أنا مش هعرف أعيش هنا معه تحت سقف واحد
أبتلع لعابه بتوتر شديد ثم ضم ذراعيه ليطوقها بحنان رغم صرخ عقله الذي يقتله من الداخل فقال “جمال”:-
-أهدئي يا مريم أنتِ هنا فى أمان ومستحيل يأذيكي
أبتعدت عنه بأنهيار تام وعقلها لا يتوقف عن رؤية الماضي لتقول بأرتجاف شديد:-
-لا مش أمان، مفيش أمان هنا، مختار موجود فى كل مكان وحمزة مسابنيش طويل الليل، المكان هنا مرعب
نظر “جمال” إليها بقلق وحالتها النفسية تسوء أكثر والخوف يتمكن من عقلها وقلبها حتى يأخذها للموت، أخذها معه إلى الخارج إلى عيادة طبيبها النفسية وأخبرته بما حدث وكانت حالتها أسوء من قبل ولأول مرة يراها هكذا، جلس مع “جمال” وحده ثم قال:-
-مريم حالتها بتسوء وبدأت تشوف هلاوس وخيالات ودا مش حاجة كويسة لحالتها، حاول تخليها تمشي على العلاج بانتظام وتكون تحت الرقابة كويس لأن ممكن تأذي نفسها
لا يعلم ماذا يفعل أيقتل “مختار” حقًا لأجلها هذه المرة، ظل ينظر إليها وهى هادئة تمامًا وتنظر إلى الطرقات، لا تشعر بشيء ولا ما يحدث حولها فى هذا العالم، أوقف سيارته وترجل منها ثم فتح باب السيارة لأجلها وقال:-
-أنزلي
أنزلها قهرًا للأسفل وسار قرب النيل ينظر إليها ونسمات الهواء تداعب وجهها ويتطاير شعرها معه، ظلت تسير صامتة ليقطع “جمال” صمتها بحديثه يقول:-
-أنا خليت راغب يجهز نفسه عشان يرفع قضية طلاق
-أنا أستكفيت وجع يا جمال، لو بأيدي أختار هختار الموت لأني تعبت، كلهم بيأذوني وأنا لوحدي اللى بتوجع وهم عايشين براحتهم ومستمتعين بحياتهم ، روح شوف مختار وسارة فين ولا حمزة فين….
أجابها بنبرة هادئة ناظرًا إليها بجدية:-
-حمزة خد عقابه يا مريم وقريب مختار
نظرت إليه بأندهاش لحدق بعينيها فى صمت شديد لا يعرف أيخبرها بحالة “حمزة” أم يلتزم الصمت حتى تفارق روحه جسده، ليستسلم فى نهاية الأمر بأخذها إلى المستشفي حتى تقابل هذا الرجل وصُدمت “مريم” عندما دخلت للغرفة ورأته على فراش المرض يقاوم المرض مع كل نفس يدخل ويخرج منه والأجهزة تحيط بجسده، نظرت “مريم” بعينيها المفتوحتين على مصراعيها لتقول:-
-حمزة!! دا انت فعلًا…..
________________________________
جلب “عاشور” ورجاله عامل المزرعة وألقي به فى الغرفة حتى يأتي “جمال” ويقرر ماذا يفعل بها؟ قال “عاشور” بنبرة خافتة:-
-أدعي أن ربنا يطول فى عمرك لكن نصيحة مني أتعاون معانا عشان تعيش وتسلم من شرنا
نظر العامل له بخوف شديد ثم قال:-
-أنا من أيدك دي لأيدك دي يا بيه
تبسم “عاشور” إليه بسعادة وسار معه للداخل وهو يقول:-
-جدع! أنا أحب الرجل العاقل اللي يحسبها صح، قولي بقي أيه اللى حصل يومها
أزدرد العامل لعابه بقلق شديد وعينيه تحدق بوجه “عاشور” ونظرته الخبيثة رغم هدوئها وأومأ إليه بنعم موافقًا على التحدث إليه…..
- يتبع الفصل التالي اضغط على ( روية جمال الاسود ) اسم الرواية