Ads by Google X

روية جمال الاسود الفصل التاسع 9 - بقلم نورا عبد العزيز

الصفحة الرئيسية

  روية جمال الاسود كاملة بقلم نورا عبد العزيز عبر مدونة دليل الروايات 


 روية جمال الاسود الفصل التاسع 9

 

خرج من غرفته بذعر وأستيقظ الجميع على صوت صراخها المستمر، فتح باب غرفتها ليراها جالسة بفراشها وتصرخ بأنهيار كأنها لا تشعر بشيء وتضع يديها الأثنين على أذنيها كأنها تمنعهم من سمع شيء او بالأحري من سماع صوت الرعد الذي يضرب السماء مع الأمطار الغزيرة، تسمر مكانه من الدهشة بينما دلفت والدته وخلفها “حنان” و”نانسي” لتسرع “نانسي” إليها وحاولت نزع يديها لكنها تقاومها بكل قوتها، نظرت “نانسي” إلى “جمال” فأشار إليها بأن تترك يديها كأنه فهم خوفها الشديد من صوت هذا الرعد، ضمتها “نانسي” إليها بلطف وبدأت تربت على ظهرها وتمسح على رأسها بحنان مُتمتمة إليها بلطف:-

-متخافيش إحنا معاكي هنا، متخافيش كله هيكون تمام

-الصوت مُرعب

قالتها بصوت مبحوح من الخوف ولا أحد يعلم سبب خوفها لكن “مريم” بهذه اللحظة كانت تتذكر ليلتها المؤلمة بكل تفاصيلها وجوارحها، خرجت “ولاء” بضيق من الغرفة مُتمتمة بضجر:-

-أنا مش هتحمل المحن دا كتير

عادت لغرفتها بينما فتح “جمال” هاتفه وخصيصًا على التحكم بـ “جين” وسريعًا بأقل من ثواني وقال “جين” بصوت يسمعه الجميع:-

-لقد تم أغلاق كل النوافذ والأبواب وتم تفعيل خاصية مانع الصوت

لم تسمع صوت شيء بعد إغلاق الزجاج العازل للصوت، غادر “جمال” الغرفة بهدوء دون ان يتساءل عن سبب خوفها من الرعد بكل هذا القدر حتى لا تشعر بما يحدث حولها؟ وماذا تسمع حتى تضع يديها على أذنيها هكذا…

عادت لوسادتها و”نانسي” جالسة جوارها تمسح على رأسها وتقرأ القرآن من أجل بينما “مريم” غارقة فى الماضي تحديد باليوم الذي توفي فيه “مُختار”….

عاد للمنزل غاضبًا بعد أن أعطي للخدم إجازة طويلة دامت لثلاثة أيام حتى الآن، كان سكيرًا ومعه أصدقاءه رجلين من عمره، فتح باب الغرفة لـ “مريم” لينهي حبسها الآن بعد أن حرمها من حصانها وأرسله بعيدًا وأكد له الأطباء بأنها تعاني من صدمة شديدة أفقدتها النظق لكنه لم يبالي بحالتها وحبسها بغرفتها حتى هذه اللحظة الذي أمرها بخدمته هو وضيوفه، بدأت تقدم لهم الخمر وتنفذ طلباتهم أثناء لعب القمار وتحضر لهم ما يريدون وتشاهدوهم وهم يشربون الخمر والمخدرات، وقفت بجوار “مختار” تسكب له الخمر فى كأسه حتى شعرت بصديقه يضع يديه على فخذها يتحسسه فأبعدته بغضب وسكبت الخمر على رأسه بأنفعال من لمسه لها، فحتى وأن كانت ضعيفة لكنها لم تقبل بأحد يلمسها أو يعاملها كعاهرة، أستشاط “مختار” غيظًا من فعلتها وهكذا صديقه فقال بضيق:-

-أنتِ فاكرة نفسك أيه يا بت، دا أنا شاريكي بفلوسي

-أنا أخدمك أه لكن حاجة تانية متحلمش غير على جثتي

قالتها بسخط شديد وغضب يأكلها من الداخل وبهذه اللحظة عادت للنطق مُدافعًا عن نفسها ولم يكن يعلم “حمزة” او “سارة” بأنها تحدثت وتخلصت من صدمتها للتو على يد هذا الذئب البشري ثم رحلت من أمامه، كاد “مُختار” أن يذهب خلفها بجسده الهزيل من كثرة الخمر الذي شربه، لكن أوقفه زميله عندما قال:-

-على فين يا مختار، أثقل عشان تستطعم وأنت بتدوق

غمز له بعينيه وبيده قدم له جزءًا من المخدرات ليبتسم “مختار” بمكر وذهب ليخلط المخدرات بكأس عصيرها ودقائق وبدأت تفقد الشعور بأى شيء يحدث حولها، أخذوها ثلاثتهما إلى غرفة النوم ولأول مرة يتقرب “مُختار” منها هكذا لتشعر بيديه تحسس كل أنش فى جسدها أثناء صعودهم الدرج وأصوات الرعد تضرب أذنيها بالخارج كأنها إشارة من الله بأن تستعيد وعيها وتقاوم ما يحدث بها بهذه اللحظة، ألقاها على الفراش بقوة وهى تأني من اللاوعي ليتطلع إلى جسدها بشهوة وأقترب الجميع مُحاولين تذوقها فتألمت من تمزيق فستانها وهنا فقدت وعيها تمامًا وعندما أستيقظت رأت جثة “مُختار” بجوارها وهى تحمل فى يدها مسدسًا تعرفه جيدًا فهو مسدس “مختار” الذي يحتفظ به أسفل وسادته دومًا لتفزع بهلع من منظر الدم وجثته وبدأت تصرخ وهى تلقي بالمسدس بعيدًا وتخفي جسدها العاري بالملاءة، ما زالت صوت الأمطار تضرب أذنها وهى تزيد من بكاءها ولا تقوي على الحديث ودخل “حمزة” فى هذه اللحظة ليُصدم مما رأه…..

لم تستطيع النوم بهذه الليلة التي أعادت لها ذكرياتها المُخيفة، أشرقت الشمس صباحًا وكان يوم الجمعة أتصلت على “أصالة” تطلب منها لقاءها فبعد مشوارهما الأول معًا شعرت بالرحب والأرتياح معها وقررت أن تعتبرها بمثابة أخت كبيرة لها، ذهبت إلى غرفته بهدوء وطرقت الباب بخفوت وهى تعلم أن هذا الأمر ممنوع تمامًا فأذن بالدخول وفور رؤيتها وقف ببرود ووضع يديه فى جيوبه وقال بحدة:-

-نعم

تنحنحت بحرج شديد ثم قالت:-

-ممكن أخرج شوية

-ويا تري هجيبك منين المرة دى

قالها بسخرية مما حدث سابقًا لتستشيط غيظًا وتشتعل نيرانها من حديثه فقالت:-

-أنا قولتلك أنى روحت عشان صاحبتني عزمتني على عيد ميلادها ومشربتش من القرف اللى فى خيالك، أنت مُصر أكون وحشة وخلاص

ضحك ساخرًا على حديثها وأقترب نحوها بخطوات ثابتة لكن مع كل خطوة كأن يدب بقلبها الخوف منه، أمقنها بعيناه وقال بجدية:-

-ويا تري عزمتك على فين المرة دى، فندق ولا حفلة شباب

كزت “مريم” على أسنانها بضيق شديد من برودته ولم تستطيع أن ترد على حديثه المُهين والمؤلم لها كأنه يريد أن يزيد من ألم ليلة الأمس عليها، تبسم على صمتها وهو يعلم بأنها لا تستطيع الجواب فتابع “جمال” بنبرة أكثر أستفزازًا:-

-خلي بالك أن طول ما أنتِ هنا مش مسموحلك بالقرف دا حتى لو كان بيعجبك يا مريم لمة الشباب حواليكي ومعاكستهم لكِ وطبعًا دا لو أنتِ شايفة أنى دي رجولة منهم… لما تغورى من هنا أبقي أعملي اللى عايزاه

قضمت شفتها السفلي بأسنانها ليعلم أنها وصلت لأكبر قدر من الغضب ثم أخذت خطوة نحوه أخيرة ولم يعد يفصل بينهما شيء وقالت:-

-معتقديش أن أنتِ ممكن تتكلم عن الرجولة لأنك هربت بعد عملتك حتى معتذرتش وقولت غلطة، بس أنت زيهم بالظبط اللى بتكلم عنهم عاجبك جمالي …. لتكون تقصد بكلامك أني أكون لك لوحدك

رفع يده كي يصفعها على وجهها بسبب حديثها وهى تُذكره بما فعله وأنه فى نظرها لا يختلف عن الجميع لكن توقف ويديه أمام وجهها لتبتسم بسخرية على حاله وتغادر غاضبة..

أرتدت ملابسها وأستعدت للخروج فنزلت الدرج لتراه واقفًا هناك مُرتدي بنطلون أسود وقميص أبيض يُفتح أول زرين منه بحرية لتتجاهله تمامًا كما يفعل معها…

رأها تستعد للخروج بملابسها الضيقة وهي ترتدي فستان أزرق يصل لركبتها بأكمامها ليقف محله قبل أن يخرج من القصر وامقنها بنظره ثم قال بنبرة حادة:-

-أيه دا

نظرت له بضيق شديد من حديثه معها بعد أن تجاهلها تمامًا فور تقبيلها، تمتمت بنبرة باردة:-

-خارجة

تحدث وهو يغلق زر سترته بضيق شديد من فستانها القصير الذي يظهر قدميها قائلًا:-

-أطلعي غيري القرف دا

-القرف دا أنت اللى اشتريته

قالتها ببرود غاضبة منه ولأول مرة تتحداه وتعصي أمره، التف إليها بصدمة ألجمته من جراءتها وقال:-

-أشتريته تعلقيه فى الدولاب أو تلبسيه فى البيت مش تخرجي بيه

نظر “شريف” إلي “حنان” بأندهاش فهل أشتري فستان بالعملة الصعبة وعلامة تجارية عالمية لأجل إبقائه فى الخزينة أيعقل هذا، تبسمت “مريم” بسخرية شديدة وقالت:-

-والله مكنتش أعرف، بس أنا برضو هخرج بيها، أنا واحدة زى ما قولت بتتبسط بإعجاب الرجالة بيها ومعاكستهم ليا

مسك ذراعها بأنفعال شديد من كلمته التى ترددها ببروده وتخبره بإعجابها بتجمع الرجال حولها الذين يتغزلون بها، حدق بعيناها بنظرة مُخيفة أرعبتها وهدمت كل شجاعتها، ولا تدرك سبب غضبه ونظرته المرعبة لها، قال بنبرة مُخيفة:-

-أنا عارف أن المرة الجاية هجيبك من فندق لكن دا بعينيك يا مريم وأنك تكوني علاقة مع أى شاب أو ذكر طول ما أنتِ هنا

تبسمت بسمة مُثيرة وتخلت عن خوفها الذي تبدل بالدلال المُفرط وهو يخبرها بأنها لن تكون لرجل نهائيً طالما تعيش هنا معه وقالت:-

-بتغير!!

استشاط غضبًا من سؤالها الذي تكرره دومًا عليه، عينيه لا تتركها وعطرها الفريد يغتصب أنفه فقال بجدية:-

-جربي يا مريم تكرريها مرة تانية ومتسألنيش عن وشي التاني

دفعها بقوة بعيدًا عنها، استشاطت غيظًا من تحجر قلبه فى حين أنه من بدأ بتقبيلها لتعتقد أنه كبقية الرجال يرغب بجسدها وهذا الإعجاب نابع من رغبته بها لتصرخ غاضبة من حديثه بأنفعال شديد قائلة:-

-أنت عايز تنام معايا!

أتسعت أعينه بصدمة ألجمته من كلمتها وأسرع إليها يضع يده على فمها يمنعها من الحديث بينما نظر “شريف” لها بصدمة قوية أصابته وهكذا “حنان” التى تقف مكانها متجمدة من كلمتها، أخذها للأعلي بصدمة لم يتحملها وأدخلها للغرفة ثم قال بانفعال ونبرة مُخيفة:-

-أنا هعرف أزاى أربيكي يا مريم وأعلمك أزاى تتعامل معايا وتتكلمي بأدب…

قاطعته “مريم” بقبلة ناعمة مُفاجئة تعانق شفتيه بشفتيها بدلال كأنها تفرغ غضبها باللين والدلال، أتسعت عيناي “جمال” على مصراعيها وتسارعت نبضات قلبه لا يعلم أيصفعها كعقاب أم يبادلها قبلتها كإمتنان لدقات قلبه…

فاق من شروده وعينيه المثبتة على شفتيها التى تتحدث وهو لم يستمع لشيء بل ذهب مع خياله فى قبلة من نسخ عقله، تتطلعت “مريم” بيه بغضب شديد من كلماته ليقول بحرج مما صوره عقله للتو:-

-أياكي تطلعى برا أوضتك يا مريم..، وطول ما أنتِ محبوسة هنا أحفظي القواعد الجديدة ممنوع تلبسي قصير أو ضيق ومفيش خروج مع أصحابك المستهترين زيك دول، ممنوع نهائيًا ألمحك بتضحكي مع أى كائن مكتوب فى بطاقته ذكر، ومفيش ركوب خيل غير بأمرى وفى وجودي، أياك ألمح قلم روج علي شفايفك يا مريم… أول ما تحفظي القواعد هتخرجي من هنا

خرج من الغرفة بعد أن أخبرها برسالة واحدة تحمل كل أوامره بألا تكون جميلة مع رجل غيره، أغلق عليها بالمفتاح ثم أعطاه إلي “حنان” وقال:-

-إياك تخرج من أوضتها يا حنان فاهمة…

أومأت “حنان” له بنعم ونظرت إلى باب الغرفة بإشفاق على هذه الفتاة، ضربت “مريم” قدميها بالأرض بغيظ شديد من حبسها هنا وأرسلت رسالة لـ “أصالة” تعتذر منها على عدم ذهابها…

________________________________

“شــركة الجمـــال جى أند أم للألكترونيات”

كان كبركان يغلي من داخله مما حديث والآن “مريم” أصبحت خطرًا عليه فأصبح يقبلها ويتذوقها كثيرًا فى عقله، لا يعلم ماذا يحدث معه؟ لكن كل ما يعرفه أنها تُربكه وتهزم كيانه وصموده، دلف “شريف” إلى غرفة مكتبه وكان مُتكئ بظهره على مقعده للخلف ومغمض العينين بتهكم شديد فقال بهدوء:-

-مش هتروح يا مستر جمال المؤظفين كلهم روحوا

أجابه وهو مُغمض العينين بضيق قائلًا:-

-لا مش عايز أروح

كان “شريف” يراقبه الفترة الأخيرةويعلم بأنه يهتم كثيرًا بهذه الفتاة حتى وأن لم يكن يسأل عنها وعن أحوالها، يكفي أنه أشتري مدرسة بملايين لأجلها وأجبر “سارة” على التنازل عن حصتها فى القصة لأجل “مريم”، ينتفض من مكانه إذا علم بأنها فى خطر ويغضب كلما أرتدت ملابس قصيرة أو ضيقة حتى وأن كانت جميلة، فكلما كانت جميلة كلما عاقبها وهو يعلم بأنه يعاقبها على شيء ليس من صنعها فهى خُلقت بجمالها، يخبرها ألا تدخل فى علاقة أرتباط مع شاب من مدرستها أو من أصدقائها دومًا وكأن “جمال” غبيًا بالحب ولا يعلم أن كل هذه التصرفات من فعل غيرته التى تلتهب بداخله، تنهد “شريف” بلطف ثم قال:-

-تحب أحجزلك فى فندق ما هو مش معقول هتنام هنا

هز رأسه بلا وقال بلهجة واهنة وصوت خافت:-

-أقعد يا شريف، معلش هأخرك على ولادك ومراتك

جلس “شريف” بأبتسامة على وجهه مرحبًا بهذه الجلسة لكن “جمال” كان صامتًا لا يتحدث بشيء وأكتفي بتنهيدة شقت طريقها من صدره مُعبأة بحيرته وصراعه النفسي والعقلي القائم بداخله فقال “شريف” بخفوت وقلق خافًا من رد فعل هذا الرجل:-

-مريم!!

فتح عينيه على مصراعيها بنظرة مُخيفة من ذكر أسمها فهو جلس هنا هاربًا من هذه الفتاة والآن يذكرها هو، تنحنح “شريف” بخوف منه ثم قال بلطف مُتابعًا الحديث:-

-أحم مريم من أمبارح من ساعة ما حبستها وهى رافضة تأكل أو تشرب وطلبت من حنان تشتغل فى القصر مع الخدم عشان تكسب فولس من تعبها وقالت صراحةً أنها مش عايزة حاجة من حضرتك حتى لو لقمة أكل، حنان ونانسي حاولوا معها كثير لكنها مُصرة على رأيها وعنيدة بتشبهك فى عنادك

أعتدل “جمال” فى جلسته من كلمته الأخيرة بغيظ شديد لتنحنح “شريف” بحرج وقال:-

-أسف… أعمل أيه؟

-خليها تعمل اللى عايزاه يومين وهتقولك مش قادرة عشان مذاكرتها لكن مدام قررت تكون من الخدم انا مش عايز ألمحها قصادي، حتى فنجان القهوة متجبهوش واضح…

قالها بإختناق شديد ثم هم بالرحيل ليستوقفه صوت “شريف” يقول:-

-مدام ولاء طلبت نحجز لها على أول طيارة للندن

وافق “جمال” على فعل ذلك لطالما والدته كانت تعيش فى الخارج ولا تأتي سوى زيارات قليلة، رحل من مكتبه وبدأ يتجول فى الشوارع بسيارته وحده وعقله لا يتوقف عن التفكير بها كأنها لعنة وسقطت عليه…..

___________________________

“قصــــر جمـــــال المصــــري”

تركت “مريم” غرفتها الملكية بالطابق العلوي وقررت أن تنزل مع الخدم فى غرفتها المخصصة فى السرداب لتكتشف جانب جديد فى القصر لم تكن تعرف عنه شيء، غرفتها صغيرة جدًا تكفي لسرير صغير ومكتب بجواره من اجل دراستها، أخبرتها “حنان” أن تعمل لمدة أربع ساعات يوميًا وستنجي ما يكفي لتناول طعامها حتى تستطيع الذهاب إلى مدرستها ودورسها وتهتم بدراستها، بدأت تعمل فى المطبخ مع الطباخ كمساعدة له شكليًا فالجميع يعرفون من هي وأنها هنا بسبب غضبها منه وليس أكثر لكن كونها هنا معهم لا يعنى نهائيًا بأنها سيدة القصر الصغيرة وإذا أصابها شيء أو جرحت يدها بالسكين أثناء عملها فى المطبخ سيهدم “جمال” القصر فوق رؤوسهم، أكتفي الطباخ بجعلها تغسل الخضراوات وتجهز له مستلزمات وجبة اليوم وكان يصنع لها طبق خصيصًا من الوجبة التى يُعدها إلى “جمال” فهى أميرة القصر…

ضحكت “مريم” بسعادة وهى تقف مع الطباخ ومساعديه ورؤيتها لصنع هذه الوجبات اللذيذة ليقول الطباخ:-

-تحبي تتدوقي؟

هزت رأسها بنعم إليه بحماس شديد بعد أن أغتصبت هذه الرائحة أنفها وفتحت شهيتها لتتذوق ما قدمه لها برحب ثم رفعت أبهاميها بإعجاب وقالت:-

-رائعة جدًا … ممكن تعلميني

أومأ إليها بنعم لتدخل “حنان” بجدية ويتوقف الجميع عن الثرثرة وقالت بنبرة حادة:-

-مريم وقتك خلص أتفضلي

تأففت “مريم” بحزن شديد فأصبحت ساعات عملها القليلة تجلب لها السعادة داخل هذا القصر، خرجت من الغرفة وأتجهت إلى الأسفل فى السرداب وهى ترتدي ملابس الخدم وأخذت ملابسها وأدوات أستحمامها وأتجهت إلى دورة المياه العامة للخدم وأخذت حمام دافئ ثم خرجت لتسمع خادمتين يتحدثون عنه لتسترق السمع لهما:-

-بكرة عيد ميلاده ربنا يستر على اليوم دا

=أكثر يوم بحط أيدي على قلبي فيه

أقتربت “مريم” بفضول شديد من معرفة السبب لخوفهما الشديد من يوم عيد ميلاده ألا يجب أن يكون يوم سعيد، سألت بلطف:-

-ليه؟

ألتف الأثنين لها بصدمة ألجمتهم ونظروا إلى بعضهم بقلق من الحديث عنه أمام أحد أفراد العائلة وسكان القصر لكن جمعت أحدهن الشجاعة بعد أن نظرت حولها بخوف من أن تسمعهم “حنان” وتعاقبهما وقالت:-

-أصل اليوم دا بيفكروا باللى حصل قبل كدة لازم تخلي بالك من كل تصرف فى اليوم دا لأنه بيكون مراقب كل حاجة وأى غلطة حتى لو عطستي ممكن يطرد أو يعاقبك بطريقة مخيفة

-ليه؟

قالتها بفضول لمعرفة سبب هذا الخوف الذي رأته على وجه الخادمتين لتقول الأخرى وهى تأخذ صديقتها من يدها بخوف من البوح إلى “مريم”:-

-منعرفش خلى بالك من تصرفات بس لأنه بيكون متعصب ومش طايق نفسه…

هرب الأثنين من أمامها ليشتعل الفضول فى عقلها حتى أحرقه فتبسمت بخبث وذهبت إلى “نانسي” صديقتها المُفضلة ونشرة أخبارها فى القصر، دلفت إلى غرفتها ورأتها تستعد للنوم فقالت:-

-نانسي

ضحكت “نانسي” بسعادة وهى تعرف ماهية هذه النظر التى تعلو عينيها وبسمتها الخبيثة التى تنير شفتيها فمنذ أن نزلت للسرداب ولا ترى “نانسي” هذه النظرة إلا وكان وراءها سبب للفضول، فقالت بعفوية:-

-سمعتى أيه المرة دى

جلست “مريم” بحماس على الفراش أمام “نانسي” ثم قالت:-

-عيد ميلاده!!

تحولت ملامح “نانسي” العفوية إلى الخوف والقلق ثم قالت بحدة وحزم:-

-مين اللى أتكلم معاكي فيه

هزت رأسها بالنفي وأخبرتها أن الخدم جميعهم حذرين فى التعامل معها، تنهدت “نانسي” بقلق ثم قالت:-

-أبعدي عنه اليوم دا بالذات يا مريم وألا….

-ليه؟

سألتها “مريم” بفضول شديد فتأففت “نانسي” من فضولها وإصرارها على المعرفة وقالت:-

-هحكيلك اللى أتحكي ليا بس أوعي يا مريم

أومأت “مريم” لها بلطف وأنها ستلتزم الصمت بعد أو مررت يديها على فمها بمعنى أنها ستصمت نهائيًا لتبدأ “نانسي” فى الحديث قائلة:-

-لما جيت هنا كان بعد عيد ميلاده بيوم بدل كام خادمة طردها يوم عيد ميلاد ووقتها حذرون البقية، وحكولي أن يوم عيد ميلاده كان مسافر فى شغل ومراته أتصلت به قبلها بيوم…

أتسعت عيني “مريم” على مصراعيها بصدمة ألجمتها من هذه الكلمة وقالت بتلعثم تمكن منها وشل لسانها:-

-مراته، هو متجوز

أومأت “نانسي” لها وقالت:-

-تفتكر واحد زيه هيعيش 34 سنة من غير جواز وهو عنده كل حاجة، ما علينا كان متجوز وقتها، المهم طلبت أنه يرجع عشان يحتفلوا بعيد ميلاده سوا وقعدت تشتكي أنه طول الوقت مشغول عنها ومبيشوفهاش إلا مرات قليلة فى السنة وأنها محتاجة ليه وفعلا الخدم نفسهم شافوا حالتها بتسوى بسبب بُعده وبدأت تشرب خمر وتسهر وأدمنت المخدرات لكن الفترة دى عدت ورجعت لطبيعتها من غير ما حد يعرف السبب مع انه كان لسه بيسافر كتير عشان ينجح شركته اللى كانت فى بدايتها،

المهم قالها انه مش هيعرف يجي وفعلًا طلبت من الخدم يلغوا أى ترتيبات عملوها عشان عيد ميلاده لكن مستر جمال قرر يرجع فجأة ويعملها مفاجئة ورجع تاني يوم اللى هو عيد ميلاده وهنا لاقاها مع أخوه مختار فى السرير ومن ساعتها مختار ساب القصر ومدخلهوش مرة تانية وقرر يفضل فى مزرعة الفيوم لعشر سنين كاملين ومراته أختفت… محدش يعرف قتلها أو سجنها أو حتي دفنها حية كلام الناس كتير كل واحد هيقولك طريقة أتخلص بها من مراته من وحي خياله وطبعًا كمصريين كلهم هنا توقعوا أن حالتها أتحسنت بعد ما بقت فى علاقة مع أخوه، ومن بعدها عرفت أن من يومها والخدم أتمنعوا يطلعوا الدور اللى فوق وهو بقي يكره عيد ميلاده لأنه بيفكروا باللى حصل

دمعت عيني “مريم” وهي تستمع إلى حكايته وتشمئز من “مختار” الذي لم يترك امرأة على وجه الأرض إلا وطمع بها حتى زوجة أخاه، خرجت “مريم” من الغرفة باكية وحزينة وعادت إلى غرفتها…..

_______________________________________

-قولتلك مريم تحت وصية جمال لحد ما تم الـ 25 يعنى كمان أربع سنين هتكون حرة ووقتها ممكن اقتلها أو أجبهالك تعملي فيها اللى يعجبك

قالها “حمزة” بضيق وهو جالسًا فى مكتب “سارة” داخل الملهي الليلي لتقول بضجر شديد:-

-والله عايزني أستن أربعة سنين عشان أخد حقي منها، أنت عارف فى الأربع سنين دول ممكن يحصل أيه دى مش بعيد تكون سيدة القصر يا حمزة بقي وبدل ما تبقي تحت وصيته تبقي مراته، تفتكر أنت عندك الجراءة تقتل مرات جمال المصري

تأفف “حمزة” بضيق شديد ثم قال بحيرة:-

-وكمان معنديش الجراءة اتجرأ على مريم دلوقت، وحتى لو حاولت مريم مبتخرجش من القصر غير بحارس ومبيفارقهاش وأديكى شوفتي بعينيك أيه اللى حصل لما جت هنا مكملتش نص ساعة وجمال طب هنا ولو كان عرف أن دا الملهي الليلي بتاعك كان هده فوق دماغك

تأففت “سارة” بضيق شديد وقالت:-

-عايزني أستن أربع سنين عشان تدفع ثمن نصيبي فى القصر اللى خسرته بسببها

وقف “حمزة” من مكانه بجدية وهو لا يبالي بشيء سوى حياته وقال:-

-هعدوا هوى يا سارة وبعدين أخذ الحق حرفة وأتعلمي منى أنا أستنيت 19 سنة ونص عشان اقتلها وأدفعها تمن موت مراتي ولسه هستني أربعة كمان أهو وعايش للحظة دي

خرج من المكتب بعد أن حسم أمره بألا يفعل شيء الآن خوفًا من “جمال” وما سيفعله إذا أقترب منها الآن وهى تحت وصيته…

_________________________________

“قصــــر جمـــــال المصـــري”

قررت “مريم” أن تصنع يوم جديد له بعيد مولده رغم تحذير “نانسي” والخدمات له، أرتدت ملابسها عبارة عن بنطلون جينز وتي شيرت أبيض بكم وفوقه سترة جلدية تحميها من برد ديسمبر القارس وشتاءه، صففت شعرها البني وتركته مُسدولًا على الجانبين وأرتدت طاقية من الصوف حمراء اللون تليق ببشرتها البيضاء الحليبية وأنفها الحمراء من البرد، خرجت بحذائها الرياضي من الغرفة وهناك قابلتها “نانسي” بأندهاش وقالت:-

-أيه دا؟ شايفكي هتهربي من ساعات العمل النهار دا…

للحظة تذكرت “نانسي” مناسبة اليوم وقالت بحذر:-

-مريم!! أنا حذرتك

تبسمت “مريم” بعفوية ثم قرصت وجنتها بلطف وقالت:-

-أنا سيدة القصر الصغيرة نسيتي لا يمكن طردي …

هربت من أمامها لتُتمتم “نانسي” بقلق قائلة:-

-لكن يمكن معاقبتك يا صغيرتى

صعدت “مريم” وكان القصر فى حالة من الذعر حتى الهواء تشعر بثقله فأقتربت من باب غرفة مكتبه وأخذت نفس عميق ثم قالت:-

-تشجعي يا مريم..

google-playkhamsatmostaqltradent