رواية غوي بعصيانه قلبي كاملة بقلم نهال مصطفي عبر مدونة دليل الروايات
رواية غوي بعصيانه قلبي الفصل الثالث عشر 13
“رسائل لن تصل لـ صاحبها ”
-غبت أكثر مما وعدتني ، وانتظرتك أقل مما وعدتك ..
أحدنا خدع الآخر…
وحتمًا لست
أنا .
••••••••
صرخت عبلة بعدم تصديق :
-أنت هتســيبهم ياخدوني يا عاصي !
ولى عاصي نظرته الحادة إليها وعاتبها :
-عملتي كده ليه !
عقدت ذراعيها أمام صدرها بسعادة وشموخ :
-رفعت عنك حرج الانتقام من الست الوالدة !
نهرها بلوم :
-بس دا مش اتفاقنا !
بفظاظة إمراة تحدث القرآن الكريم عن كيدها قالت جملتها الأخيرة بنفس نبرته من قبل :
-منا غيرت الاتفاق .
افتعلت سجيتها وطيبتها المُبطنة بالانتقام أمامه متجاهله نظراته الشـرسة التي يمضغها بينهما ، اتخذت من وضع الإعياء كـ صِنارة نجاة لسمكة تاهت بين مستنقع الحيتان انقذتها في آخر لحظة .
أمسكت برأسها التي اعتراها الصداع وقالت بمكر أنثوي مُجيبة على سؤال الضابط :
-ينفع بكرة نقفل المحضر ! حضرتك زي ما شايف لسه راجعة من المستشفى ومش قادر أقف .
تفهم الضابط حالتها المريضة برسمية وقال :
-ألف سلامة عليكِ ، خلاص هستناكي بكرة الصبح نقفل المحضر .
ثم وجه حديثه لعاصٍ و أردف بخزي
-الهانم هتشرفنا لحد بكرة ..
أوقفه عاصي بقلة تصرف وحيرة :
-طيب لو سمحت بس السواق هيوصلها بلاش تركب البوكس ، وهكلم المحامي دلوقت .
صرخت عبلة بوجهه معترضة :
-اتصرف يا عاصي أنا مش هبات ليلة في الحبس !
في تلك اللحظة غادر الضابط برفقة العساكر وعبلة التي تنوح وتتمرد على الذهاب متوعدة لـ ” حياة ” بأشد التهديدات ، بصمت مريب يحاصره الانتقام والمعاقبة من كل الاتجاهات ،أشاحت نظرها بعيدًا كي لا ترى عيناه وهي تتحدث فتصاب بأسهم الخوف ، استندت على ” شمس ” محتجة بالإغماء طالبة منها :
-ممكن توصليني لفوق ، تعبانة مش قادرة أقف !
هنا تدخلت جيهان بلوم ووقفت أمام عاصي وأخذت توبخه وتبَكتهُ بحدة :
-أنت هتسيب أمك تتحبس عشان دي ! يا خسارة تربيتها فيك !
كادت أن تخطو قليلًا نحو الدرج برفقة شمس وهن يتهامسن بخفوت حتى شكرتها على مساعدتها ، فأقدم نحوها ممسكًا بمعصمها بقوة مباغتة اطلقت إثرها صرخة مدوية :
-أنت عايز مني أيه ؟!
جذبها خلفه بصرامة وحدة متجاهلًا ثرثرتها ووجعها ، أجبرها أن تتبع خطواته السريعة والواسعة حتى وصل بها إلى جناحه الخاص بجوار القصر ، فتح بابه بشدة ثم دفعها بداخله صارخًا بوجهها مُنكلًا :
-وضح أن الضرٰبة لسعت دماغك !
طاحت نيران غضبها بوجهه :
-أنت بأي حق تكلمني كده ، وبعدين هي اللي ابتدت !
ضغط على رسغها بتهديد :
-اسمعي ، أنا مابحبش اللي يكسر كلمتي !
تغاضت عن ألم ذراعها ، ووقفت مقابله بشموخ :
-وأنا ما بحبش اللي يمشي عليا كلام مش مقتنع بيه !
اجتاحته ملامحها فجأة حتى تعثر بأهدابها وقُربها العذب ، تدلت عيونه برضوخ مخفي ، وقال بنبرة خفيضة :
-بس أنت وافقتي على اتفاقنا من الأول !
طالعته بعيون لامعة جعلت من انوثتها مجرمة لـ تغتال جبروت رجل مثله ، حدجته مُعاتبة :
-لو كُنت أعرف أن اتفاقك هيكون في إهانة ليا بالشكل دا ، مكنتش هوافق !
ثم نصبت عودها مترنحة على أوتار غروره:
-وأنا هنا بغير كلامي ، وبقولهالك أهو مفيش اتفاق بعد النهارده ، وخلاص كدا خلصت ؟!
فـ اشاحت بوجهها في استهانة:
-أنا رجعت معاك بس عشان أخد حقي ، وخدته ! حل مشاكلك مع الست الوالدة بعيد عني !
بدا على وجهه الانزعاج لأنه أدرك قدر المراة التي يُجادلها رغم عِلتها إلا أن ذلك لا يهزمها أمام رجل أراد فرض سيطرته عليها ، تجهم وجهه و زاد من الضغط على ذراعها وقال بنبرة غاضبة :
-ومفكرتيش لما تروح تقفلي المحضر هتقدمي نفسك على أنك مين ! وأنت مش معاكِ إثبات شخصية ! شفتي جنانك وصلنا لفين !
ختم جملته وهو يرجها قليلًا ثم حررها مع أخر كلمة أحست بأنها تعثرت بمأزق جديد ! اتسعت عيونها بحيرة من هول تلك الورطة التي تعلقت بها ولكنها أصرت ألا تمحنه مجرد الشعور بالانتصار ، بل أزاحت خصلة من شعرها وراء اذنها وقالت بتردد :
-مش مهم أي حاجة ، المهم أخدت حقي واللي يحصل يحصل !
قاوم باستماتة غضبه الذي أوشك أن يسحبه لقعر الجريمة لاغتيال تمرد إمرأة أساءت لسمعة مجده الشامخ ، أخذ يأكل شفته السفلية إثر كتمان ثورته ثم فارق المكان سريعًا كي يبتعد عن مصدر النيران التي كانت بسببها ، ما خطى خطوة ثم عاد كأنه تذكر شيء ما وقفل الباب عليها بإحكام كي لا يمكنها الخروج .. اقتربت من الباب وأخذت تثور باعتراض وتخبط عليه بإصرار كي يفتح له :
-مفكر لما تحبسني مش هعرف أهرب !
ركل الباب بقدمه مغلولًا وهو يفتش في هاتفه على اسم المحامي :
-مش عايز اسمع صوتك لحد ما نشوف حل للمصيبة دي !
••••••••••
-يلا اطلعي بسرعة لمي المجوهرات والحاجات المهمة عشان نمشي قبل عاصي ما يفوق لنا !
أردفت جيهان جملتها الناصحة على آذان ابنتها التي أدركت للتو حقيقة رحيلهم ، أومأت بالموافقة مُلبية طلبها سريعًا ، ولكنها توقفت في منتصف السُلم ثم عادت لشمس وقالت بتودد :
-مش عارفة اشكرك ولا أحذرك من اللي هيعملوا عاصي فيكي ، مرسي خدمتك مش هنساها !
تبسمت شمس ببسمة مزيفة وقالت :
-لا انسيها ، عشان أنتِ الحظ اللي خدمك مش أنا خالص ، أنا مش بخدم غير في الحق !
أعجبت هدير بجراءتها ثم قالت مقترحة :
-تيجي أعمل معاكِ ديل ! بصراحة دماغك عجباني !
أغمضت شمس جفونها متأففة ثم قالت بضيق :
-من رأيي تسمعي كلام مامتك وتلحقي تلمي حاجاتك قبل عاصي بيه ما يرجع !
طالعتها هدير بمكر :
-الدنيا دوارة وهتحتاجيني ، هسيب لك رقمي في الأوضة ، لو عقلتي كلميني !
تضرمها عيناها شفقة وتقليل ، ثم ولت ظهرها راحلة من أمامها دون أي اهتمام منها لمقصد هدير الذي تود أن تعرضه عليها ، صعدت شمس لأعلى ، فالتفتت هدير لنداء أمها :
-هدير ! مالك بالبنت دي ؟!
شردت هدير بإعجاب :
-قلبها ميٰت ودماغها حلوة ، لو جات معايا سكة نبقى ضربنا عصفورين بحجر .
ربتت جيهان على كتف ابنتها بعجلة :
-مش وقته الكلام دا ، يلا استعجلي عشان نمشي من هنا .
••••••••••
صعد ” عاصي ” إلى أعلى باحثًا عن شمس وهو عبارة عن كرة ملتهبة من الغضب ، دخل غرفة ” تميم ” وجده نائمًا والأنوار مغلقة ، ذهب إلى غرفة ” عاليا” فوجدها تجلس على طرف الأريكة ترتل بصوتها العذب الخافت آيات من القرآن ، اقترب منها وهو يتمعن فـيما تقرأه
(وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ ۚ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ).
لمست الآية جزء ما بقلبه جعلته يهدأ تدريجيًا ثم شد المصحف من يدها وقفله ووضعه على المنضدة أمامها وهو يقول :
-صدق الله العظيم يا دكتورة !
فزعت ” شمس ” من مجلسها وهي تنهره :
-انت ازاي تعمل كده ! وبعدين لازم تكون متوضأ عشان تمسكه !
تجاهل حديثها وقال بغضب كظيم :
-بأي صفة تبلغي ! أنت نسيتي نفسك !
بثقة لم تقل عن تلك الحورية التي تركها بالأسفل أجابت :
-بصفتي دكتورة هنا ! وضميري المهني مايسمحش اسكت على البلطجة دي !
ترك الحمار ظنًا منه بقدرته على هزيمة البردعة ولكن بعد الظن أثم ، زفر بغضب وهو يعاتبها :
-شكلك نسيتي نفسك !
تنهدت بجزعٍ
-والمطلوب !
تحولت نبرته المكتظة إلى فحيح من التهديد الآمر :
-بكرة هتنزلي معانا وتتنازلي عن البلاغ ، فاهمة ؟!
ضحكت بسخرية وقالت :
-وده مقابل رشوة ولا تهديد جديد !
-لا وأنت الصادقة ، مقابل أنك غلطتي وبتصلحي غلطك !
رفضت بإصرار :
-بس أنا مش هعمل كدا !
-وأنا مش جاي آخد رأيك !
-وإن رفضت ؟!
-تبقي مصممة تشوفي الوش التاني لعاصي دويدار !
ألقى جملته مصحوبة بنظرات التهديد والتوعيد التي جعلتها تتراجع خطوة للخلف وهي تطالعه بتحدٍ حتى ولى ظهره وانصرف مغادرًا الغرفة ..ران عليها الصمت للحظات محاولة إدراك كل ما حدث حتى رمت جسدها المتعب على الاريكة وهي تلعن الظلم والشر الذي يطمس فوق عيون وقلوب أهله .
•••••••••
” صباح اليوم التالي ”
قضت ” عبلة ” ليلة قاسية بين المجرمات حتى تطاوعن عليها بسرقة حذائها الفاخر ، و مشبك شعرها المُرصع بالألماس ، بصرف النظر عن بقية الاشياء التي صُدرت منها بقسم الأمانات ، عندما تفاقم الأمر ، وتوصل عاصي لنفوذه وجاء الأمر بنقلها إلى أحد مكاتب الضباط وهي تتوعد بقيام الحرب على تلك التي تُدعى حياة ..
وعلى المقابل ؛ بعيدًا إلى المشفى التي تقطن بها ” عالية ” بعد ما انتهت من عمليتها الجراحية ، فاقت في الصباح على صوت المُمرضة وهي تتبسم لها :
-حمد لله على سلامتك !
فتحت جفونها بتكاسل متسائلة وهي تحت تأثير المُخدر :
-أنا فين !
ثبتت المُمرضة المحلول بجوارها ثم قالت :
-متتحركش ، جوزك بره هبلغه حالًا إنك فوقتي .
لم تنتظر الممرضة ردها ، بل انطلقت ناحية الباب كي تبلغ ” مُراد ” الجالس بالخارج فارحة :
-المدام فاقت تقدر تتدخل تتطمن عليها .
طالعه من فوق عويناته النائمة :
-تمام !
تأهب أن يخطو خطوة ولكنه تراجع عندما شاهد الطبيب وبرفقته ضابط وأحد المخبرين ، تقدم الضابط متسائلًا :
-أنت جوزها !
أومأ بخفوت ، ثم أكمل الضابط:
-أنا هاخد أقوالها ، تقدر تتفضل معانا .
دخل مراد أولًا ثم تابعه الطبيب والممرضة وبعدهم الضابط ، تقدمت الممرضة لتساعدها في الاعتدال ، وشرع الضابط في استجوابها ، وأول ما قاله لها :
-أنت متجوزة من أمتى يا مدام عليا .
تلاقت أعينها بعيني مراد ثم جاوبت بتردد :
-من يومين !
هز المحقق رأسه متفهمًا مختلسًا نظرة من مراد وقال :
-التقارير بتقول أنك اتعرضتي لعُنـٰف جسدي ! ده صحيح !
وخزات الإبرة أصابت قلبها وهي تطالعه بريبة وبعد تفكيرٍ طويل رد بخفوت :
-لا ، الكلام دي ما حصلش !
تهجمت ملامح الطبيب والضابط ، ثم رمقها بشكٍ :
-طيب ممكن يا بيشمهندس تخرج عشان المدام واضح انها مش عارفة تتكلم !
أسرعت معترضة :
-لا أبدًا ، أنا مش عندي حاجة أقولها .
-طيب تفسري وجود الكدمات دي أيه !
تذكرت إهانة أخيها ، وتَجبُر من يدعي زوجها ، وألالم عظامها الواهن مما أدى إلى انخراط دمعة خفيفة من طرف عينيها وقالت :
-أنا وقعت !
بعد تصديق وجه سؤاله لمراد :
-أيه سبب التعدي على جسم مراتك يا بيشمهندس ! أكيد عندك علم !
نفت عالية التُهمة عنه :
-هو مالهوش دخل ، أنا وقعت من يومين قبل الفرح !
فاض صبر الضابط من إنكارها ومحاولة تبرئته ثم أعلنها صريحة :
-يعني البيشمهندس محاولش يتعـٰدى عليكِ مثلا !
كفكفت دموعها المنهمرة ثم هزت رأسها نافية :
-محصلش ..
ازدرد ريقه بصعوبةٍ وهو يتفرس في ملامحها الذابلة ، وعندما تشبثها في الصِنارة الوحيدة التي يمكن أن تنقذها من شِباك أسره متحيرًا ، خاصة بعد ما علق في أذانه تقرير الطب الشرعي واعترافه بـ بتولها .. أما عنها فأصبحت وجبة شهية للتعاسة وأصبح الحزن كأزميل يأكل في قلبها ..
••••••••••
يقف ” عاصي ” أمام النافذة يتحدث بالهاتف مُرتديًا قميصًا باللون الأبيض ينحت بروز عضلاته القوية وبنطال أسود ، احتدت نبرته قائلًا :
-خلصت اللي طلبته يا يُسري !
صعد يُسري سيارته قائلًا :
-كده كله بقى تمام ، نص ساعة وهكون عند معاليك .. كله جاهز يا عاصي باشا .
قفل الهاتف بدون إذنٍ ، ثم تحرك ببراحٍ في الغرفة وهي يأخذ سترته السوداء ولبسها بسرعة ثم فارق غرفته متجهًا للطابق السُفلي ، تلاقت أعينه بعيني ” شمس ” الخارجة من غُرفة ” عالية ” فتوجه إليها بخطواته الواسعة التي تُحدث صخبًا ما ينعكس صداه بقلبها ، اقترب منها قائلًا :
-يلا اجهزي !
بعيون متراقصة على أوتار الخوف :
-هنروح فين !
قفل زر سترته قائلًا بفظاظة :
-هتتنازلي عن المحضر .
ضحكت بسخرية وهي تتأهب لمفارقته :
-وده مش هيحصل .
توقفت إثر قبضته القوية على معصمها وقال بحدة :
-طيب فكري فـ أختك وجدتك !
أطلقت زفيرًا قويًا وهي تغير مجرى الحديث :
-أنا همشي من هنا أمتى ، أنا عندي جامعتي وحياتي ! ولا أنا مخٰطوفة هنا !
فكر للحظة باحثًا عن طرف خيط يمسكها منه :
-طيب ما أحنا متفقين ، اتفضلي معايا على القسم اتنازلي ، وأنا كمان هنسى أن ليا حق عندك ونبقى خالصين !
امقته بتحقير ثم شدت ذراعها من يده وقالت :
-لا مش متفقين ! حضرتك بتعرض عليا ابيع ذمتي مُقابل ٤٥٠٠ جنية تمن إيجار !
تبسم بمكرٍ ثم قال محتفظًا بشموخه :
-كده كده عبلة هانم هتخرج النهاردة ، بيكي أو من غيرك ، بس خليكِ فاكرة أنك اتعوجتي عليا ! وأنا بزعل من اللي بيتعوج على أوامري !
-تمام ، افتكر ملهاش لازمة وقفتنا دي ، طالما هدفنا مش واحد .
كادت أن تخطو ولكن أوقفها ندائه الحاد :
-استني !
-أفندم ؟!
دار حولها كدبور أراد أن ينتقم من الزهرة الشائكة باحثًا عن مدخلٍ آمن :
-خدماتك انتهت ؟!
ترمقه بعيونها المتسعة متجولة حول ضباب سؤاله :
-مش فاهمة !
-يعني أنتِ مرفودة ، وهديكي فُرصة لآخر الشهر تسددي دينك !
أحست بوخزة الذنب كأن شيء ما بداخلها يأبى الذهاب ولكنها توقفت بصمود أمامه :
-أي أوامر تانية !
-أجي مش عايز أشوفك هنا !
بمجرد ما أردف جُملته انصرف من أمامها بعد ما منحها مفتاح سجنها وسمح لها بالذهاب من ذلك المُعتقل ، لعنه بداخلها ثم تمتمت :
-قال يعني أنا اللي عايزة اشوفك .
•••••••••
وصل ” عاصي ” إلى جناحه الخاص الذي تقطن بداخله ” حياة ” بعد ليلة طويلة قضتها تحت سطو الجنون والتقيد بسبب رجل ألقى القدر أصفاد أسرها بين يديه ، نهضت إثر صوت فتح الباب ، فتدلت أقدامها الحافية من فوق الفراش وما أن وقفت ، وجدته أمامها ، ساد الصمت للحظات ثم ألقى ما بيده من ملابس تخص ” عالية ” وقال :
-خمس دقايق تكوني لابسه وجاهزة .
رجل كل شيء خاضع لقانونه، وهي أنثى لا تريد أن تخضع إلا لقانونها وجنونها إن رغبت ، عقدت ذراعيها أمام صدرها وقالت :
-ليه ؟!
بحزم أجاب :
-من غير ليه ! لما أقول البسي تلبسي !
دنت منه خطوة ولوحت بيدها وبنبرة خافتة ولكنها تضم حقل من الحدة :
-اااه عشان اروح أخرج الست عبلة هانم ، على فكرة أنا لو روحت هعترف بكل حاجة ، ووقتها محدش هيقدر يسكتني !
تآزرت نبرته :
-باقي لك 4 دقايق .
صرخت بوجهه بنفاذ صبر :
-أمك حاولت تقتـٰلني ورفعت عليا السلاح !
أغمضت جفونه بحزم و أعلن :
-باقي 3 دقايق !
جن جنونها من إصراره ، فـ أرجعت شعرها للوراء بتقهقر وشيء من الهزيمة ، أغرورقت عيونها بالدموع متعمدة اظهار ضعفها :
-هي لو خرجت بسهولة هتكررها بدل المرة ألف .. لازم تتعاقب ، وتعرف أنها غلطت !
تكورت يده بقوة حتى برزت عروقه وقال :
-باقي دقيقتين وهاخدك باللي أنت لابساه ده !
يطوف الغم بملامحها :
-مش هروح أي حتة !
هنا فاض صبره منها ، فحملها على كتفه بغتة مما جعلها متقوقعة فوقه صارخة برصاص الرفض ، حتى وجدت نفسها بالحديقة دون أن يرف جفن الشفقة بـ قلبه ، تبدلت نبرتها من الاعتراض إلى التوسل :
-طيب خلاص نزلني موافقة .
أنزلها بقوة مما جعلها تتأوه بألم وقال :
-قدامك دقيقتين وتكوني واقفة جاهزة قدامي .
•••••••••
تجلس ” هدير ” في شُرفة شقتهم القديمة في أحد الأحياء المتوسطة ، وهى تنفخ ضباب ضَبها وتبغها في آنٍ واحد ، تعربدت الآهات بغضبها وهي تركل الطاولة القديمة أمامها بقوة وتعلن الحـرب :
-والله لأعرفك مين هي هدير المحلاوي يا ابن دويدار !
ثم مسكت بهاتفها وبحثت عن رقم ما حتى عثرت عليه بعد وقتٍ طويل إلى أن وجدته تنهدت مستريحة وهي تضغط على زر الاتصال ، مدت ساقيها فوق المقعد المقابل واتكأت للخلف وهي تنتظر رده بشغف حتى أتاها صوته ، تفوهت متحمسة :
-أكرم ! ازيك .
بعد تبادل الترحيب بينهم ، أردفت هدير بأملٍ :
-كنت عايزاك في خدمة كده !
-تحت أمرك طبعًا .
وعلى المُقابل ؛ في أحد الأحياء بالمعادي ، صفت سيارة مُراد أمام المبنى العملاق وتقطن بجانبه ” عالية ” شاردة في الطريق حتى أنها لم تلحظ وصولهم ، ظلت تحصي هزائمها المتتالية وأخرهم انتسابها على ذمة شخص لم يكن يومًا حلمها ، وظلت نظراته هو الأخر حائرة حولها حتى تفوه قائلًا :
-وصلنا !
تجنبت النظر إليه ومدت يدها لتفتح الباب ولكنها وجدته مغلقًا ، ولت أنظارها إليه وما أن تلاقت عيونهم في نقطة واحدة سألها :
-ليه ؟!
بصوت واهن أجابته:
-مش فاهمة ؟!
شرد قليلًا بـ ليلة الماضي التي باتت جزء من اليوم وقال :
-ليه مش اعترفتي وكنت خلصتي مني !
ثم صمت لدقيقة وأكمل :
-كان ممكن تحكي للظابط كل حاجة وترجعي حقك !
أصرت على الصمت طويلًا وهي تحدق بالشوارع حولها بنظرات التيه والحيرة ، باتت حيرتها تنافس وجعها ، حتى تفوهت آخيرًا بعد ما كان يأس من ردها :
-ده مش جزاة المعروف ، أنت أنقذت حياتي .
تفاجأ من ردها مما تفاقمت دائرة الفضول حولها وقال :
-أنا معملتش حاجة !
اجابته بهدوء ساحر :
-ازاي ! أخدتني على المستشفى ، وبفضل لك اتكتب لي عمر جديد .
ثم غيرت مجرى الحديث سريعًا مُصرة على الذهاب :
-من فضلك حابة ارتاح شوية مش متحملة أقعد فـ العربية أكتر من كدا .
احترامها له ما زاده إلا تصغير لنفسه وتأنيب لضميره ، حتى أن نبرة الذنب أعفتـه منها ، لم يملك ردًا على رويتها و صبرها إلا صمتًا مُلبيًا لطلبها ، بمحرد ما ضغط على زر فتح الأبواب ألكترونيًا هبطت من سيارته على الفور متحملة على جرحها وألمها .
تسلل إليه صوت أنينها وهي تتكئ على الباب قبل ما ترده وراءه ، فأسرع خلفها عارضًا عليها المُساعدة :
-تحبي اساعدك !
تشدقت معاندة ورافضة مساعدته رغم حاجتها إليه ، وضعت كفها على موضع الألم ثم قالت بخفـوت :
-أنا تمام .
•••••••
ظل يتجول في حديقة منزله مُجريًا العديد من الاتصالات التليفونية لتجاوز تلك الورطة ثم توقف عن كل هذا عند سماعه صوت قفل الباب ، وشروقها من فلكه الخاص ، دار منبهرًا بطلتها الرقيقة والمبهرة في نفس اللحظه ، يتأمل ما ترتديه الذي يمنحها إطلالة كنجمات زمن قديم ومميز .
تحت زحمة اكتشافها دنت منها بصوتها العنيد وقالت:
-خلصت .
تحمحم بخفوت مستردًا جبروته وصرامته وقال بنبرة جدية :
-كل كلمة هقولها تتنفذ بالحرف ومش عايز مقاوحة أنتِ فاهمة .
تخبطت عيونها بلون الإجبار ، تأففت بجزعٍ :
-أنا هعمل كدا بس عشان اخلص من اللعبة السخيفة دي .
طالعها بمكرٍ وهو يلاعب لسانه تحت شفتيه قائلاً :
-أنا هنا اللي أقول أيه يخلص وأيه يبتدي !
رجل مُعربد بخمر التحكم والسيطرة على أمرأة يحاصرها الكبرياء والتمرد كأشواك القنفذ ! من سيكون الفائز يا ترى ؟!
لم يمنحها الفرصة للرد بل أمسكها من معصمها بقوة وساقها خلفه كما تُساق البعير متأففة مرغمة على أمرها معه .
وعلى حدة ؛ لملمت شمس شملها ، بعد ما نزعت ملابس عالية وارتدت ملابسها ، ووضعت كل شيء بمكانه المعتاد وغلقت وطفأت جميع الأنوار ثم هبطت لأسفل متجه ناحية المطبخ ، وقالت لـ سيدة :
-صباح الخير ، اتفضلي الورقة دي فيها مواعيد أدوية الاستاذ تميم وو
قاطعتها سيدة معترضة وهي تفحص الورقة المميزة بألوان الأدوية ، فكل لون بمعاده المعين كي يستدل بهم وكوسيلة بسيطة إحترام لقلة معرفتها :
-وأنت روحتي فين يا دكتورة .
أومأت شمس بتقبل الأمر :
-شغلي هنا خلص ، بعد إذنك .
•••••••••
أمام أحد أقسام الشرطة بالقاهرة ، وصل ” عاصي ” بصحبة ” حياة ” التي أصرت على الجلوس بالخلف رافضة مجاورته بمقعد السيارة ، ولكنه أفشل مخططها عندما نادى على السائق ، وجلس هو بجوارها .
جهر بنبرة آمرة للسائق :
-هات الملف اللي عـ التابلوه عندك وانزل .
نفذ الرجل تعليماته بطاعة ، وما أن نزل من السيارة فتح عاصي الملف وأخرج منه هوية مزيفة و قدمها لها :
-خدي ، دي بطاقتك .
أخذت منه الهوية وهي تقرأ الاسم :
-دي مزورة ، وبعدين أنت جبت صورتي منين !
لم يجب على أي سؤال من حيرتها وقال برسمية :
-حفظتي هتقولي أيه !
فكرت للحظة ثم سألته بتوجس :
-أنا لو منفذتش ، أيه اللي هيحصل !
-بلاش تختبري صبري عليكِ أكتر من كده !
كانت جملته جافة وصلبة لم تتقبل أي نقاش أو احتمال لمخالفته ، تذكرت ما فعله بأخته ، فـما سيفعل بتلك الغريبة التي لا تجمعهم قطرة دم .
نزلت خلفه امتثالًا لأوامره القاسية ، راقبت توجيهاته لرجاله بالخلف ، ثم أمسك ذراعها بقسوة وسحبها نحو المبنى وخلفه يسري والمحامي الموكل بالدعوى .
دخل مكتب الضابط واستقبلهم بترحاب ثم أمر أحد عساكره أن يحضر ” عبلة هانم المحلاوي ” من الغرفة الأخرى ، وهنا وجه الضابط سؤاله لحياة :
-جاهزة يا مادام نقفل المحضر !
حدجها عاصي بنظرته الثاقبة لتصمت ثم قال برتابة :
-للمدام جايه تتنازل ، وتعتذر أن كل دا محصلش .. في سوء تفاهم.
رمقها الضابط بشكٍ ثم سألها :
-الكلام دا صحيح !
بوجه مكفهر بدماء الغضب والإجبار ردت :
-صحيح .
-مادام حياة أحنا هنا عشان نرجع لك حقك ، ارجوكي مش عايز حاجة تأثر علي موقفك.
كانت جُملة الضابط مُبطنة بالشك والاتهام الموجه لعاصي وأن قرارها بالإكراه ، تدخل عاصي قائلا بشموخه المستفز :
-قُلت لسيادتك سوء تفاهم ، وبعدين في حاجة كده لازم تتحط عين الاعتبار .
ثم أخفض نبرة صوتها مكملًا :
-المادام ساعات بتتخيل حاجات محصلش .. تهيؤات واللذي منه !
برقت عيونها إثر وقاحته متمردة على اتهامه المتدنيء :
-هي مين دي الـ بيجيلها تهيؤات !
تربع في مقعده بشموخ وهو يغمز للضابط بحرص كي لا تلحظ اتفاقهم ، تفهم الضابط على الفور حديثه ، وتحول حالته الداعمة للمجني عليها إلى الشفقة عليها ، لم ينج عاصي من النظرات الحادة المدببة بالانتقام منه والتوعد عن سوءِ فعلته وحماقتها .
دخلت ” عبلة ” إنذاك ، ثم وقف عاصي وقبل رأسها وأمسك يدها لتجلس على المقعد بدلًا منه كي تتقابل نظراتها مع حياة ، ونشوء حرب نسائية من نوع آخر .
شرع الضابط في الإجراءات الرسمية لفض النزاع وهو متحاشيًا النظر لـ حياة التي اتهما عاصي بفقدانها للأهلية كي لا يطيل الحديث معها ، فتنفجر بحقائق المكتظة بجوفها .. ختم الضابط شغله قائلًا :
-اتفضلي أمضي يا استاذة حياة .
تباطئت عقارب الساعة كبطئ حركة عينيها التي لم تتدلى عن عاصي ذلك الشخص الذي أجيرها على ما لا تريد فعله ، أخضت أنظارها القوية إلى ” عبلة ” وكأنها تخبرها بأن الهدنة لا تعني نهاية الحرب بل بدايتها بشكل أقوى .
مسكت القلم مرغمة للتوقيع وما أن لامس القلم موضع الإمضاء ، تحركت يدها فاقدة السيطرة لتكتب ” رســ ” هنا اختلج قلبها وانتفضت يدها ، وأخذت تعتصر ذاكرتها التي توقفت كـ سن القلم عن تكملة الاسم ، شردت طويلاً تلج الذكريات كالمطارق برأسها ولكن بدون دليل أو برهان ، أغمضت جفونها محاولة تذكر أي شيء تستدل عليه ولكن بدون جدوى .
فاقت من دوامتها الغارقة على صوت المحامي :
-امضي يا استاذة .
مضت تلك المرة باسم ” حياة ” وما ان تركت القلم فقالت بتدلل وهي تطيل النظر بعيون عبلة :
-أنا بردو مش هرضي لابني جدته تبقى رد سجون !
-ااه يابنت الـ ***
تآكل الغضب بين ثنايا الشر الكامن بقلب عبلة التي حافظت على خمد النيران بجوفها بصعوبة ، تجاهلتها حياة بكيد نساء وهي تأخذ ” كارت ” الضابط وتطلب منه :
-ممكن أخد رقم حضرتك ..
ثم رفعت أنظارها لعاصي وأكملت :
-عشان لو جالي أي تهيؤات تانية اكلم حضرتك !
•••••••••
-شمس لسه نايمة ؟!
تناول ” تميم ” جرعة دوائه وختمها بسؤاله الأخير الذي فجرت سيدة إجابته :
-شمس هانم مشيت .
-مشيت ازاي ؟!
أخذت سيدة منه الكوب ثم قالت بخفوت :
-عاصي بيه مشاها ، وهي جات ادتني الورقة دي عشان الأدوية لسيادتك .
احتدت نبرة صوته المُعارضة :
-يعني أيه مشيت ، وعاصي يمشيها ليه !
تحيرت سيدة في إفشاء السر أم اخفاءه وبعد تردد قالت :
-أنا هحكي لك كل حاجة يا تميم بيه ، امبارح بالليل جات الحكومة ….
شرعت سيدة في سرد أحداث ليلة أمس بالتفصيل الممل حتى ختمت قصتها بحسرة :
-وأدي جزاة اللي يقول الحق فـ الزمن دا !
وصلت ” شمس ” إلى بيتهم ورنت الجرس ، فتحت لها فادية وكانت رؤيتها بمثابة الغيث في منطقة حزار ، شهقت كشهقة الولادة وهي تأخذها بحضنها وتربت على ظهرها بلهفة وشوق :
-شمس ، حبيبة قلبي ! آخيرًا رجعتي بيتك يا ضنايا .
تعلقت بحضن جدتها بشوق عارم وهي تخبرها عن مدى اشتياقها :
-وحشتيني ، وحشتيني أوي يا فوفا .. هي البت نوران فين .
قفلت فادية الباب وهي تسحبها للداخل :
-تعالي تعالي ، نورا نزلت الدرس بتاعها ، احكي لي يا ضنايا عملوا فيكي ايه .
تنهدت شمس بارتياح :
-اسكتي يا فوفا ، أنا شوفت عالم مُرعب ، بجد الفقر دا طلع نعمة كبيرة أوي لشخص عنده قلب وضمير ، الناس دول فاكرين نفسهم يقدروا يشتروا أي حاجة بفلوسهم .
ربتت فادية على كفها بحنان :
-بالمناسبة مكنش له لزوم تبعتي فلوس يا حبيبتي ، كانت مستورة والله ، كُنتِ ..
قاطعها شمس بتحير :
-فلوس أيه يا تيتا !
بتلقائية اجابتها الحجة فادية :
-العشرة الف اللي بعتيهم ..
تنحت شمس بدهشة :
-بس أنا مابعتش حاجة !
-أومال مين اللي بعت !
•••••••••
فارق الجميع قسم الشرطة وكانت قبضة عاصي القوة لا تفارق رسغها ، أخذت تتملص من بين يده ولكن بدون جدوى حتى همس لها مهددًا :
-امشي ومش عايز عوج !
وصلوا إلى مجمع سيارته وحراسه ، تقدم يسري مرحبًا بعبلة وهو يفتح لها باب السيارة :
-عبلة هانم الف حمد لله على سلامتك .
وبخته حياة بغلٍ :
-قولها كفارة بقي !
اعتصر معصمها بين يده فأصدرت أنين التوجع هامسًا :
-حطي لسانك دا اللي عايز قطعه جوه بؤك !
ثم دفعها :
-اركبي !
عارضته بتمرد :
-اركب فين !
ثم همست له متوعدة :
-من النهاردة سكتك غير سكتي !
تدخلت عبلة بغضب :
-تركب فين ! أنا مستحيل اركب مع البنت دي نفس العربية !
ثم وقفت أمامها متحدية :
-يانا يا البنت دي فـ القصر يا عاصي !
تدخل يسري لتهدئة الوضع :
-عبلة هانم روقي أعصابك ، فكريني لما نرجع القصر اخلي الدكتورة شمس تقيس لك الضغط .
التوى ثغر عاصي ساخرًا :
-الدكتورة شمس طردتها الصبح !
تبدلت ملامح يسري الثعلبية وهو يكرر جملته بصدمة ثم سأله :
-ليه معاليك !
عارضته حياة بقوة :
-انت ازاي تطردها ! طبعا عشان وقفت في صفي وقالت كلمة الحق !
ثم طالعته باستحقار :
-حقيقي كل يوم بتقل من نظري أكتر !
دفع عاصي حياة بداخل سيارته ثم قال بفرض:
-وصل عبلة الهانم للقصر .
ثم ركب بجوار السائق وفتح شاشة هاتفه قائلًا :
-وصلنا للعنوان دا !
تمردت حياة على طلبه صارخة :
-أنت هتخطفـٰني ولا أيه !
حدجها في المرآة بحدة :
-لسه متعاقبتيش ، عشان تتعلمي ازاي تعصي اوامري .
حاولت حياة الهرب من نظراته الخبيثة وهي تفتح باب السيارة كي تنجو من براثن انتقامه ، عندما أحست بعجزها أخذت تضرب في كتفه بقوة وتلعنه سرًا وعلنية :
-أنت اكيد اتجننت ، وقف العربية دي ونزلني بقولك ! أنا مستحيل اقعد يوم كمان مع حد مخيف زيك .
اخرجته عن صمته بأفعالٍ يرفضها المنطق وهو يخرج سلاحه من صندوق السيارة ويصوبه نحوها مهددة :
-كلمة كمان وهتبقي أنتِ الجانية على اللي هيـحصلك .
تراجعت للخلف عند رؤيتها لسلاحه اللامع تحت أشعة الشمس بـضوء يحمل تهديداته المرعبة التي ألجمتها وأرجعتها منكمشة في مقعد سيارته .. عندما لاحظ تراجعها ، تراجع هو آيضًا عن تحذيره وأخفض سلاحه تدريجيًا عندما ضمن استسلامها وامتثالها لأوامره .
•••••••••••
“مساءً”
” في الغردقة ”
في أحد أماكن السهر واللهو بالغردقة ، وانتشار المفاسد والعراء ورائحة الخمور التي تغمر المكان بسُكرها ، يجلس فريد على أحد البارات يتجرع الخمر كالصودا ، كأس وراء الأخر وكأنه يحاول اغتيال ذكرى حبيبته للأبد ولكن كيف ينجو القلب من عيون امراة سُكرها يضاهي سُكر الخمر ، اقتربت منه أحدى الفتيات العارية وهي تطوق كتفه :
-مش كفاية شُرب !
دفعها بعيدًا وهو يفرغ آخر ما بالزجاج في فمه وقال :
-مالكيش دعوة بيا !
عادت إليه الفتاة وهي تشد منه الزجاجة عنوة وتنهره :
-كفاية كدا كفاية ! قوم معايا .. تعالى نرقص .
طاوع الفتاة في طلب الرقص واخذ يتمايل ثملا سكيرًا وهي يطوق كل فتاة تلامسها يده ، مالت تلك الفتاة على آذانه عارضة عليه :
-تحب تيجي اعرفك على صحابي ؟!
فرض الخمر سيطرته على خلايا مخه ، حتى جعله يتحرك بدون وعي ، تابع خُطى الفتاة وهي تسحبه خلفها متجه إلى صُحبتها وما أن جلست فقالت :
-اعرفكم يا جماعة ، فريد المصري ، قرش البحر الأحمر !
توجهت النظرات إليه بإعجاب وتبادل الجميع الترحاب به حتى سبقهم أحد الرفاق مُقدمًا سيجارة محشية بمادة مخدرة وقال مرحبًا :
-ودي تحية التعارف !
شرع الجميع في الضحك والهزار وتبادل الضحكات حتى تفوهت ” سارة ” قائلة بحماس :
-استنوا هكمل لكم .
رد باسل :
-كملي كملي ، عاصي دويدار هيجننك أنت خلاص .
-فجاة قلع هدومه ونزل البحر في نص الليل وطلع منه بنت شبه حوريات البحر كدا .
أبدت أحد الفتيات اعجابها بموقف عاصي :
-ااوووه سوبر جنتيل مان ! كملي كملي .
أشعلت سارة سيجارتها وأكملت :
-وبدأ يفوق فيها لحد ما حرام ما كلنا فقدنا الأمل ، وطبعا خاف يتورط في مصيبة ، راح أمر رجاله يرجعوها البحر تاني !
شهق الجميع باهتمام شديد لمعرفة نهاية القصة ولكن صدمهم موقف فريد وهو يشد سارة من معصمها قائلًا :
-الكلام دا حصل من امتى ؟!
- يتبع الفصل التالي اضغط على ( رواية غوي بعصيانه قلبي ) اسم الرواية