رواية ساكن الضريح كاملة بقلم ميادة مامون عبر مدونة دليل الروايات
رواية ساكن الضريح الفصل الثالث و العشرون 23
عاد جالساً مره اخرى معهم، و بيده ثق زواجه منها، مقدمه الي عمها….
اتفضل يا حاج سيد دي قسيمة جوازي من بنت اخوك
حاول الحاج سيد إرجاع يده مؤكداً بأنه يصدقه.
يابني انا مصدقك من غير ما توريني القسيمة،
انا بس اللي زعلني اني بنت اخويا تتجوز وماكنش انا وكيلها، اظن انا ليا حق في كده، لكن انا ان كان عليا ماتمناش لبنت اخويا واحد احسن منك انت، الف مبروك يا دكتور.
صاحت ماجدة بلوم لأخته:
لو كنا نعرف انك هاترحب و توافق كنا اتصلنا بيك يا سيد ، بس احنا بصراحه خوفنا لا نلاقي اللي يخلق لنا المشاكل تاني.
صاحت ام اشرف: اهو اتحبس يا اختي عشان ترتاحي انتي و بنتك، اتهموه بالباطل واترمي في الحبس، و السبب في كد
مين المعدوله بنتك.
أخيراً خرجت الحاجه مجيدة عن صمتها، اذ قالت بصوت هادئ…
بقولك ايه يا ام اشرف، ما تجيبي ياختي من الاخر و تقوليلنا سبب الزيارة الشريفة دي ايه، اصل بصراحة حكاية انكم جاين تاخدو البت و امها دي انا مش بلعاها خالص.
و هنا صاح السيد نافياً حديثها بأستنكار: لا اله الا الله ليه كده بس يا حاجه، هو انتي مش شيفاني قصادك راجل قد كلمتي، ايوووه يا جدعان على الكلام اللي يزعل.
حاول الشيخ حسان التدخل ليطفئ هذا اللهيب المشتعل
استهدي بالله بس يا حاج سيد اكيد الحاجة ماتقصدش تزعلك، مش كده يا حاجة، ما تقولي حاجه اومال.
استردفت الحاجة مجيدة كلامها، منتظرة الرد من تلك الخبيثة، التي تعي معنى كلامها جيداً.
صلى على النبي يا حاج سيد، انا يا اخويا ماقصدكش انت بالكلام ده، انت زيارتك على عيني و على راسي من فوق
و نكرمك لوجه الله تعالي، دا كفايه أن اختي في شدتها مالقتش غيرك يقفلها، هي و بنتها ويكون سند بجد ليهم…..
لكن بقى اختك يا ترى ايه اللي خلاها تغير رأيها، بعد ما طردتهم من بيتهم، لاء وبتقول ان ابنها اتحبس بسببهم كمان.
ابتسم الطبيب على حديث والدته، والتي بتلك المراوغه الصغيرة، كشفت الستار عن أعين هذه المرأه، لتقول برعونه.
و مين قالك اني جاية اخدهم حباً فيهم، لاء ياختي انا جاية عشان خاطر ابني برضو،
الواد هايضيع مني في شربة مايه يا ناس، والحكاية كلها واقفه علي شهادة بنتك في النيابة يا ماجدة.
قولتيلي بقى!!
هتفت بها الحاجة مجيدة ساخرة منها….
طب يا اختي ما تفهمينا، الحكاية دي نحلها ازاي؟
ام اشرف معلنة عن نوايها صريحة….
المحامي قالنا ان إدلعادي المحروس ابنك قدم للظابط اللي ماسك قضية محمد تسجيل على تليفون شذي….
حثتها مجيدة بأن تكمل، ناظرة الي وجه ابنها المحتقن.
و بعدين
ام اشرف مكمله
وهي فيها بعدين يا ام مالك، مانتي عارفه ان بنت اختك هاتروح و تشهد، بس احنا بقى عايزنها بدل ما تقول حصل ترجع في كلامها و تقول ماحصلش.
تشهد زور يعني؟
صاح بها مالك الذي انتصب واقفاً بغضب.
ام اشرف بلهجة سوقيه.
اه يا اخويا تشهد زور مش احسن ما ابن عمتها ينحبس، الله و اعلم بقى الواد يتحكم عليه بأيه.
يعني انتي كل اللي همك حكم القاضي، و ماخوفتيش على بنت اخوكي من حكم ربنا، انتي اصلاً عارفة حكم الشهادة الزور عند ربنا ايه
ربنا أعلم بالنوايا يا شيخ مالك، مانا مش هارمي ابني في الهلاك و اقف اتفرج عليه
مالك متعصباً
تقومي ترمي مراتي انا مش كده، طب نفرض انها راحت و قالت ماحصلش ما التليفون الحكومه محرزاه و التسجيل سمعوه، يبقى شهادتها بالنفي مش هاتنفع حد، بالعكس دي هاتضرها هي.
لمعت عين تلك المرأه بمكر واضح واردفت: لاء ما تخافش الحرز ده لعبتنا احنا، هي بس تروح وتقول ماحصلش والباقي علينا احنا.
اغمض مالك نصف عينه غير مستوعباً مدى مكر تلك السيدة….
و هاتعملوها ازاي دي؟
مالكوش فيه بقى،
وقفت معتدلة من علي تلك الاريكة تحث أخيها على النهوض ليذهوا من حيث اتوا مكمله…
انتو كل اللي عليكم انكم لما تروحو، تفهم المحروسة مراتك انها تقول ماحصلش، يلا يا سيد خلينا نرجع بلدنا قبل الدنيا ما تليل علينا.
لكن ماجده اوقفتها قبل أن ترحل
خايفه على ابنك لا يتحبس و مش زعلانة ولا همك دم اخوكي اللي سال على الأرض.
كان تهديدها الان واضح للجميع، حين استدارت لهم قبل أن تبرح ساحة المنزل، محزرة بعين كالجمر….
احسن ما يسيل دم تاني يا ماجدة و صدقيني ابني لو راح مش هيروح لوحده، فوتكم بعافيه….
❈-❈-❈
لم يقوي اي منهم على ارجاعه عنها، بمجرد ما اغلق باب المنزل خلف هذان الضيفان الغير مرغوب فيهم، صعد الدرج سريعاً الي تلك المختبئة داخل غرفته.
جرت خالته خلفه، خائفة من بطشه على ابنتها
استنى يا مالك، و الله لو مديت ايدك على بنتي ما هايحصل كويس.
هتفت والدته أيضاً تحاول اللحاق به، ناهرة عصبيته المفرطه
يا واد اهدي وصلي على النبي، دي عيلة يا مالك لسه ماتفهمش حاجه.
مالك مردداً بصوتٍ مرتفع
ارجعو انتو الاتنين من ورايا، يمين بالله لو واحده فيكم اتدخلت لتكون طالق مني انتو فاهمين.
اخرست كلمته لسانهم، والجمتهم في مكانهم، كما استمعتها هي الاخري من الداخل و شقت قلبها الي شطرين.
افتحي البااااااب.
قالها بصياح عالي يكاد يخترق اذنيها، لكنها تستحق كل ما سيفعله بها و ستتقبله منه.
تحركت سريعاً نحو الباب و فتحته، و وقفت منحنية الرأس منتظرة عقابها.
اوصد الباب جيداً و استدار في مواجهتا، اذا به يقبض على شعرها بقبضة من حديد.
مالك مجبرها على النظر في عينه
ايه اللي نزلك من غير نقابك ونزلتي ليه من أساسه، انا مش منبه عليكي ماتنزليش، ولا هو كلامي مابيتسمعش يا شذييييي.
صرخت متأوهه من قبضته القوية، وأنهمرت دموعها على وجنتيها الملتهبتان.
شذي بتألم
اااااه سيبني يا مالك ايدك بتوجعني.
انتي لسه شوفتي وجع؟
انطقي ماسمعتيش كلامي ليه؟
لفت يدها حول خصره، تضرب جبهتها في صدره بصراخ حار.
اااااه عشان انت ماكنتش هتعرف تتفاهم معاهم.
ليه مش شيفاني راجل قدامك، مش هاقدر احميكي واجبلك حقك.
رفعت رأسها للأعلى حتي ترى عينه الجامده، تسطعتفها لتجبره ان يلين قلبه لها، محاوله ارضائه والسيطرة على شهقاتها.
لااااءه طبعاً ياااا حبيبي، بس انت انضف منهم، و ماتعرفش تتعامل مع الأشكال اللي من عينة عمتي دي اصلاً.
نفضها بعيداً عنه، قبل أن يرق قلبه لها، ملقي عليها اوامره كالعادة
اسمعي بقى يا بت انتي، انا اكتر حاجه بكرها في الدنيا ان حد يصغرني و يقلل من شائني قصاد الناس،
فمش هتيجي حتة عايلة زيك اللي تعملها على اخر الزمن، وحسك عينك يا شذى اشوفك واقفه قدام اي حد من غير نقابك، حتى لو كان الحد ده ابويا مفهوم.
قال جملته و وقف يبدل ملابسه الي جلباب ابيض حريري الصنع.
شذي بتوتر من حديثه
بس انا كده مش هبقي على راحتي زي ما قولتلي.
ط.. في راحتك ياختي، هو انتي عايزة ترتاحي و تعصبيني انا.
قال جملته وهو يفتح باب الغرفه و يترجل منه، لتصرخ هي سأله؟
طب انت رايح فين دلوقتي؟
بغضها بكلماته اللازعة و تركها و ذهب
اروح و لا اجي مايخصكيش، انتي مالكيش دعوه بيا نهائي،
تسمعي اللي اقوله تنفذيه من غير ولا كلمه، وابقي حاولي تكسري كلمه من كلامي أو تتلاعبي بيا زي ما عملتي امبارح،
يمين بالله ما هتبقى على زمتي ساعه واحده بعدها يا شذى.
افزعتهم صفعة الباب ، اندهشو وهم جالسين على الاريكة بجانب بعضهم حين رؤوه يترجل بوجهه الغاضب،
دون أن يلتفت اليهم، وعلى ما يبدو أنه قد شملهم هم أيضاً بالخصام.
❈-❈-❈
همت ماجدة بالجري صاعده للأعلى لتطمئن على ابنتها
لتحاول شقيقتها تهدئتها بكلمات ساخرة
بتجري كده وراحه على فين يا مخبلة انتي.
ماجدة ملقيه عليها نظرة غاضبه
رايحه اشوف بنتي اللي سامعه صريخها من فوق بوداني، و ابنك لجمني خلاني ماقدرتش احوشها من ايده.
وقفت الاخري على مضض تناديها
هيه استنى يا اختي اما اتسند عليكي، مانا مش جيلي من وراكم غير وجع القلب.
تعجلت ماجدة في خطواتها بأنزعاج
اطلعي براحتك يا مجيدة هو انا لسه هاستناكي.
هزت مجيدة رأسها بأسف على شقيقتها
ماتخفيش اوي كده، اطمني مالك عصبي اه بس مش عنيف مش هايضربها يعني يا بت.
فتحت باب ابنتها و هي تصيح لها
اومال صريخها دا كان ايه يا مجيدة، كان بيزغزها يا اختي.
شذي!
عمل فيكي ايه يا قلب امك؟
كانت جالسه مكانها على الفراش، شعرها اشعث، عيناها تزرف الدمع بغزارة، تكاد لا ترى من كثرة بلل اهدابها.
مالك خاصمني تاني يا مامااااااا
قالتها بصراخ، لتجحظ عين والدتها، و تتعجب على حب ابنتها المفرط له؟
ماجدة بغيظ منها
بقى بتصرخي عشان مالك خاصمك واللي هو عامله فيكي ده، مالوش اي تأثير على كرامتك،
ولا انتي خلاص مبقاش عندك كرامه.
شذي بدفاع عن زوجها
انتي فاكره عمل ايه يعني، هو ماعملش حاجه، انا اللي ماحترمتوش،
قللت منه قصاد واحده ماتستهلش حتى انها تقعد معاه.
ماجده صائحه بغيظ
وضربه ليكي ده تسميه ايه
ماضربنيش، ولا مد ايده عليا، كل اللي عمله انه مسكني من شعري، زعقلي، و عاقبني بأني ماقلعش النقاب خالص طول مانا هنا في البيت،
واديه رجع خاصمني تانييييي.
ولجت مجيدة إليهم منبهه عليها
ويكون في علمك طول مانتي صوتك عالي كده و مابتسمعيش كلامه، هايفضل يعاملك بالطريقة دي
انتبهت لها شذي و رمقتها بنظرة غاضبة، لتصيح فيها…
انتي السبب اصلاً.
شهقت مجيدة رابته بيدها على صدرها.
انا يا بت
ليه يا اختي، هو انا اللي قولتلك تقفي
بقلة أدبك دي و تعلي صوتك وسط الرجاله.
شذي نافيه برأسها، مؤكده بلسانها.
لاءه بس مش انتي اللي قولتليلي اني لازم اكون قوية، مش لازم افضل العيلة الضعيفة اللي بتعتمد على غيرها في كل حاجه.
مجيدة مؤكده
في فرق بين انك تكوني قوية وانك تكوني قليلةال…. يا… امك، هو انتي يوم ما تكوني قوية تبقى قوتك على حساب كرامة جوزك.
احنت رأسها بحزن و همست
لاءه طبعاً انا ماقدرش اعمل كده.
مجيدة معنفه اياها
اديكي عملتيها ياختي، شوفي بقى هاتصلحي اللي عملتيه ده ازاي.
اصلحه ازاي بس؟
بأنك تسمعي كلامه، وتحاولي توطي حنجرتك دي شويه، و ماتقفيش قصاده تاني.
شذي ببكاء
طب هو راح فين دلوقتي، ده خاصمني و سابني و نزل.
جلست الحاجة مجيدة بجانبهم على الفراش، َو بلا مبالاه مما يفعلوه هم الاثنان، تمدد لتريح جسدها.
هايكون راح فين يا عين خالتك، راح الضريح عشان يصلي الجمعه،
واطمني مش هايجي من هناك الا لما يهدي خالص، قومو يلا روحي انتي و امك حضرو الغدا وسيبوني ارتاح شويه بقى،
الا قريبكم دول جم قلو راحتنا من صباحية ربنا.
❈-❈-❈
مازال على وضعه، وجهه مكفهر، حاجبيه منعقدان، لا يتحدث مع احد، فقط يشغل نفسه بتنظيف المسجد، وفرش الحصائر، استعداداً للصلاه.
لكن ما يشغل تفكيره الان، هي كلمة ابيه، التي ألقاها على مسامعه قبل أن يرحل عنهم، ويتركه على عنده و تعصبه هذا.
باك
اغلق باب المنزل، وقف خلفه يحاول ان يهدئ و يفكر في تهديد تلك السيدة اللعوب والذي كان واضح جداً لهم جميعاً.
الا ان يد اباه بدئت تخرجه عن تفكيره، حين وجده يربت على كتفه بهدوء
الشيخ حسان
والله و جيه اليوم اللي نلاقي فيه ناس غريبه عننا، لا نعرفهم ولا يعرفونا، جاين لحد بيتنا يهددونا، وعايزنا نشهد بالزور يا دكتور.
رفع حاجبه الأيمن، متسألاً ابيه الحل؟
طلقها وسيبها يا مالك….
انتفض أثر تلك الكلمه اللعينه!
أدار رأسه له بغضب، بالفعل قد اخطئت لكن ذلك ليس بعقاب هين، هو أيضاً لن يقوي على بعدها عنه بعد أن صرح لها بأنه عاشق متيم في حبها.
انت بتقول ايه يا ابويا، صحيح هي غلطت و انا اقدر اعاقبها لكن مش لدرجة العقاب ده.
فتح الشيخ حسان باب المنزل منفعلاً :
خلاص انت حر، بس انا بقولك اهو طول ما البنت دي على زمتك، مش هتشوف
من وراها خير.
- يتبع الفصل التالي اضغط على ( رواية ساكن الضريح ) اسم الرواية