رواية وجوه الحب كاملة بقلم نور بشير عبر مدونة دليل الروايات
رواية وجوه الحب الفصل الخامس و العشرون 25
( ٢٥ ) – خطر مع وقف التنفيذ –
على الجانب الآخر..
كانت ” شـهـيـرة ” تُحدث ” رؤف ” بداخل غرفتها بعدما تأكدت بأن الأجواء آمنة للتحدث والرد عليه؛ لكنها لم تعلم بأن هُناك فاجعة جديدة بإنتظارها إلا عندما هاتفها الآن ليُخبرها بما حدث ويُبشرها بعودة غريمتها من جديد إلى ساحة المعركة.
فكان وقوع الخبر عليها كوقوع الصاعقة تمامًا وكأن بحديثه لها وإخبارها بما حدث قد قام بجلدها دون رحمة أو إكتراث لنزيف قلبها المُهتري وبشدة.
لو أن أحدهما قد أخبرها يومًا بأنها ستعود من جديد لكانت سخرت منه حقًا وإتهمته بالجنون الذي أصابها في الحال بمجرد علمها بذلك الخبر المشؤم. فهي منذ ذلك الإتصال وهي تشعر وكأنها غير قادره على التحرك وأن حواسها بأكملها قد شلت تمامًا وأصبحت غير قادره على الإستماع أو إدراك ما يحدث معها..!
أيعقل أن ما كانت تخشاه لسنوات قد وقع حدوثه الآن..؟!
أيعقل أن ما كانت تعتقده مُجرد سراب من الصعب تحقيقه تحول في أقل من لمح البصر إلى حقيقة حدثت بالفعل..؟!
لأااااااااااا..!
لأااااا هذا لم يكُن سراب بل كابوس يُنغص عليها ليلها طوال السبعة وعشرون عامًا المُنصرمين..!
ها هو شبح المرأة الذي كان يُطاردها طوال هذه السنوات قد تخطىٰ حدود أضغاثها ونومها ليتجسد أمامها واقعًا ملموسًا ومشهودًا بكامل حواسها..؟!
أيعقل أن غريمتها قد عادت بعد أن مر على رحيلها أكثر من ربع قرن..؟!
ربع قرن وأكثر وهي تُحارب ” شـبـح ” وجودها بأعين زوجها وأحضانه التي لم يسعفها الحظ للتنعم بداخلها ولو لمرة واحدة طيلة حياتها..!
تتساءل في قراره نفسها كيف الحال إذًا بعد عودتها وتجسُدها أمام زوجها ليلًا مع نهارًا..؟!
خطرررررر..!
نعم نكوس الخطر جميعها تقرع وتُنذر الآن بإقترابها وإندلاع الحرب ثانيًا بينها وبين غريمتها..!
فالآتي ما هو إلا حربًا نفسية بحتة ستستخدم خلالها جميع ميكانيزماتها الدفاعية والهُجومية للإنتصار والفوز بها..!
حسنًا فالآن وبمُجرد أن تُفيق من صدمتها عليها تجهيز حالها جيدًا لخوض مثل هذه المعركة والتي حتمًا سيكون الفوز بها من نصيبها هي وهي فقط ” شـهـيـرة هـانـم الأنـاضـولـي” فهي فعلتها مُسبقًا وستفعلها لاحقًا مرة وأثنان وثلاثة وألف لتُحافظ على زوجها وحبيب عُمرها بأكمله. فهتفت بهستيرية وهي لاتزال غارقة بصدمتها.
– أنا أكيد بحلم..؟!
لأاااااااا..
لأاااا أنا أكيد في كابوس..!
” رؤف ” بسخرية وضحكة إستهزاء.
– هههههههه كابوس إيه يا شُوشه هي الصدمة لسه مأثره عليكي ولا إيه..؟!
ثم أضاف بنبرة لا يستطيع أحد فهم الغرض منها آهي سعيدة أم مُتشفيه.
– فوقي يا شـهـيـرة خصمك خلاص رجع ورجع رجوع غير عادي..!
كانت ماشية من هنا ذليلة زيّ العاهرة لما بيقفشوها ولولا أنك مديتي إيدك ليها كان زمانها حصلت إبنها بعد ما كلاب السكك تنهش فيها..
دلوقتي رجعت ورجعت أقوىٰ بكتير من الأول..
فأكمل حديثه بتلذذ شديد وهو يشعر بأن لُعابه يجري ويُسيل من فمه بلهفة ورغبة قوية بها.
– لأاااااا وكمان راجعة أحلىٰ من الأول ( فرسة حرنانة ) زيّ ما تقولي كده أتصبت من جديد وعايز فارس يلجمها..!
” شـهـيـرة ” بحقد وغيرة وعيناها تطلُق شررًا.
– مش للدرجة دي يا رؤف..
ثم أضافت بسخط شديد.
– أنا مش عارفة فيها إيه زيادة عن أي واحدة في ست غيرها مخلي الرجالة كلها تريل عليها بالشكل ده..!
فتابعت بغل واضح وهي تُحادثه بحقد دافين وغضب أعمىٰ.
– أنا عملت حساب كل حاجة..!
كل حاجة بس معملتش حساب للحظة دي..!
فأكملت بغل أكبر وهي تُرمي باللؤم على عاتقي الأخير.
– كله بسببك وبسبب طمعك وجشعك..
أنت السبب في كل اللي بيحصل ده.
وحيات أمي لو الحقيقة أتعرفت لهشيلك الليلة كلها يا رؤف لوحدك..!
” رؤف ” بنبرة واثقة وإبتسامة شر تلوُح على شفتيه بحرافية شديدة.
– تؤ تؤ تؤ تؤ..
لأ فوقي يا قطة ومتخليش الصدمة تأثر عليكي وتهلفتي بكلام مالوش لازمه..!
ثم استطرد بنبرة لعوب يعرفها جيدًا ويعلم مدىٰ تأثيرها عليها.
– لو فاكرة أنك هتقدري تحطيني في وش المدفع وتجري تستخبي..
تبقي غلطانة لو فكرتي في كده عشان أنا لو وقعت مش هقع لوحدي.
وأضاف بلؤم أكبر.
– وبعدين متعمليش فيها شريفة أوي كده عشان كله كان بموافقتك وزيّ ما أنا قبضت أنتي كمان قبضتي ونصيب الأسد كله كان من قسمتك..!
” شـهـيـرة ” بشر هي الآخرىٰ وكبر.
– لو تعرف تثبت عليا حاجة أثبتها..!
أنا إسمي متلطش بحرف وأنت اللي عملت كل حاجة بنفسك أنا يا دوب قبضت وأنت اللي نفذت كل حاجة..
” رؤف ” بلؤم أكبر وشر واضح في نبرته.
– لا ملعوُبة يا شـهـيـرة وعرفتي تلعبيها صح وطلعتي ناصحة بس متنسيش يا قطة أني أنصح منك وعامل حسابي لليوم اللي هتبعيني فيه كويس أوي..!
” شـهـيـرة ” بقوة وتبجح.
– قصدك إيه يا رؤف أنت بتهددني..؟!
” رؤف ” بنبرة لعوب مدروسه ومُتقته وهو يعلم تأثير حديثه وإيقاعه عليها جيدًا.
– أنتي فاهمة قصدي كويس أوي ويوم ما هتقلي معايا هفتح دفاترك القديمة كلها بداية من حادثة موت مُـعـتـصـم بيه إبن الأكابر اللي الكل فاكر أنها قضاء وقدر ومحدش يعرف اللي فيها وأنك أنتي اللي دبرتيها لما لعبتي في فرامل عربيته عشان يروح فيها وتورثيه أنتي والعيل اللي في باطنك وتقدري توصلي لـمُـراد بيه حبيب القلب اللي كرافلك زمان وأتجوز أصـالـة وغيره وغيره وغيره وغير اللي عملتيه في أصـالـة ذات نفسها وطعنك في شرافها وتزويرك لتحاليل مُـراد بيه وقتله لإبنه بإيديه عشان تخلصي منها ويخلالك الجو معاه..
فأكمل بنبرة يملؤها اللؤم بعد ما تأكد بأنه قد حقق الغرض من حديثه هذا لها ونجح أخيرًا في إثارة إضطرابها الذي أحسه بوضوح من خلتل أنفاسها عبر الهاتف.
– لو عايزه أفتحلك في الدفاتر أكتر وأكتر قولي متتكسفيش وهتلاقي بكابورت فتح في وشك لاحقي أنتي بس عليه..!
” شـهـيـرة ” وهي تُضيق عيناها بإسوداد.
– متحاولش تلوي دراعي يا رؤف عشان أنا دراعي يوم ما هيعصاني ويتلوىٰ هبتره في وقتها ومش هستنا عليه ثانية..
ثم أضافت بنبرة مدروسه تتقنها جيدًا.
– مش عيزاك تنسىٰ أنك شريك معايا في كل اللي حصل زمان وأن أنت اللي لعبت في فرامل العربية ورشيت الدُكتورة عشان تزور التحاليل يعني الأدلة ثابتة عليك زيّ ما هي ثابتة عليا ويمكن أكتر بشويتين كمان..! هتفت بها بلؤم شديد وهي تتكأ على كل حرف تتفوه به جيدًا وكأنها مُتلذذه بحديثها هذا له.
” رؤف ” بلؤم وإبتسامة لعوُب تلوح على شفتيه بعدما تأكد بإنه نجح في إشعال نيرانها.
– أققله مش هشيل الشيلة لوحدي وعلى رأي اللي قال الـقـفـة أُم ودنـيـن بـيـشـلـوهـا أتـنـيـن وأنا يمكن نفذت كل حاجة بإيدي بس ده كله كان بتخطيطك وتكتيكك أنتي عشان تشقطي الفلوس وفوقيهم مُـراد فوق البيعة عشان ترضي غرورك..
يعني إحنا الأتنين في مركب واحدة من سنين ولو عايزه المركب دي ما تغرقش بينا يبقا لازم يكون ليها ريس واحد بس هو اللي يسوقها يا بنت الناس وشغل الـزلـنـطـحـيـة ده فكك منه خالص عشان مبيأكلش معايا..
” شـهـيـرة ” وهي تعود إلى الوراء بنبرتها إلا أنها أصبحت أكثر ثباتًا مما يدل على تفكيرها المُتقن.
– يعني أنت دلوقتي اللي عايز تسوق المركب يا رؤف مش كده..؟!
” رؤف ” بإبتسامة لعوب.
– عليكي نور..
يعني أنا دلوقتي ربان السفينة وهسوقها مع الريح حسب الموجه ما تودي..
” شـهـيـرة ” بغضب مكتوم.
– والمفروض أنك عايزني دلوقتي أشوف اللي ما تتسمىٰ دي راجعة تاني تاخد مني جوزي وفلوسه وكل حاجة وأنا واقفة أتفرج معملش حاجة صح..؟!
ثم أضافت بإمتعاض وتجبر عندما وصل بها الحديث إلى هذه النقطة التي أشعلت فتيل الغيرة بداخلها وتوهجت النيران بصدرها على أثره.
– لأااااااا يا حبيبي مش شـهـيـرة الأنـاضـولـي اللي تتضرب على قفاها من واحدة زيّ دي متسواش بصلة في سوق الحريم..!
” رؤف ” بتخطيط ونبرة يملؤها اللؤم.
– ليكي عليا أوصل بيكي للشط وأخرجك لبر الأمان من غير خدش واحد..
ثم أضاف بسخرية من حديثها وغيرتها الظاهرة عليها بوضوح.
– ومن ناحية تستاهل يا شـهـيـرة فهي تستاهل وتستاهل أوي كمان..
وبعدين أنتي اللي قهرك ومشعللك أوي كده أن رغم السنين دي كلها لسه كفتها ربحانة في قلب جوزك..!
” شـهـيـرة ” بغل وعيناها تُغيم بإسوداد.
– عشان كده لازم أخلص منها في أسرع وقت ممكن قبل ما ترجع تنبش في الماضي ويحصل اللي قاعدة عُمري كله خايفة أنه يحصل..
وأكملت بنبرة متوعده يملؤها الشر.
– أنا عشت سنين طويلة أحارب شـبـحـهـا ومن النهارده هحاربها وش لوش والمرة دي أنا بحفر ليها حفرتها بإيدي ومش هتفلت مني مهما حصل..!
” رؤف ” بتحذير.
– خدي بالك للحفرة توسع منك وبدل تدفنيها هي نقع إحنا فيها ونروح فطيس..
ثم أضاف بنبرة حاسمة وصارمة وهو يلقي عليها تعليماته.
– المرة دي أنا مش هسيبك تخططي ليها يا شـهـيـرة وأنا اللي هخطط لكل حاجة بنفسي عشان المرة دي أنتي غيرتك هي اللي هتوقعنا في الحفرة إياها مش أنا زيّ ما بتقولي..!
” شـهـيـرة ” بغل وحقد واضح من أعماق قلبها.
– المرة دي غير يا رؤف..!
المرة دي أنا هتحول لـِـ غـولـة وهفترس أي حد يفكر مُجرد تفكير بس أنه ياخد حاجة ملكي أو في إيديا..!
ثم أكملت بفحيح أفعىٰ تدري ماذا تُريد أن تفعل جيدًا.
– تخيل عملت كل اللي عملته زمان ومُـراد ملك غيري ما بالك بقا ممكن أعمل إيه بعد ما بقا بتاعي وفي إيديا..! قالتها والشرر يتطاير من عيناها وهي تقبض على يداها بقوة وجبروت يظهران بوضوح على كل أنش وحركة بها.
” رؤف ” ببلاده ولامبالاه فهو يعلم جيدًا مدىٰ هوسها المرضي بـِـ ” مُـراد ” الذي يدفعها دومًا لفعل أي شئ من أجل كسبه والحصول عليه.
– بشوقك بقاااا كل واحد عقله في رأسه يعرف خلاصه وذنبك على جمبك يا بنت الناس..!
ثم أضاف بنبرة يملؤها الشر.
– أتقلي على الرز يا شـهـيـرة وأصـالـة دورها جاي جاي خصوصًا بعد اللي عملته معايا النهارده وطردها ليا من الإجتماع ونظرة القوة اللي بتكلمني بيها وكأنها بتقولي أنا عارفة أنت عملت إيه كويس..؟!
عشان كده بقولك سبيلي أنا التخطيط المرة دي وأنا هلعبها على الشناكل وهخليها ترجع مكان ما جت قفاها يقمر عيش..
أصلي بحب العيش المقمر أوي..! نطق بها بلؤم شديد ونبرة لعوب مُستحلفه ومتوعده لها وهو يحك بيديه لحيته بشر.
” شـهـيـرة ” بحقد.
– المهم تخلصني منها يا رؤف..
أنا عايزه أفوق من الكابوس ده في أسرع وقت ممكن..!
ثم تابعت بنبرة مُحذره له.
– خد بالك أنت بس من كل حاجة بتحصل عندك..
عيزاك ترجع تلمع أوكر زيّ زمان عشان إيدينا تفضل في كل تفصيلة ونفضل سابقينهم دايمًا بخطوة..!
رجوعها دلوقتي أكيد مش صدفة ولازم نفهم اللي بيدور في دماغها ونعرف ناوية على إيه بالظبط..؟!
” رؤف ” بتفكير.
– سبيني أنا هحاول أطقس منهم على أي حاجة ولو أنه صعب عشان الإجتماع مكانش فيه غير مُـراد وعـاصـم وفـاضـل وهي والخروف اللي سحباه في إيديها..!
بس مش مهم أنا هتصرف..!
” شـهـيـرة ” وهي تُضيق عيناها بتفكير.
– أنا نفسي أعرف إيه اللي لم الشامي عالمغربي..؟! وإزاي اللي ما يتسمىٰ مـمـدوح قدر يُشبك مع زفتة الطين أصـالـة..؟!
هتجنن وأعرف إزاي ده حصل..؟!
” رؤف ” بتروي.
– هنعرف بس الصبرررر..!
ثم أضاف بنبرة جادة.
– أنا برضو عايزك تدحلبي مُـراد في الكلام وتعرفي إيه اللي حصل بالظبط..!
أكيد لما هيرجع هيحكي ليكم عن الشريك الجديد..؟!
وأكمل وهو يُعطي لها الوصاية العشر.
– أهم حاجة اظبطي إعصابك عشان منتفضحكش وتظهر غيرتك قدامه..!
” شـهـيـرة ” بقوة وعيناها تُغيم بإسوداد.
– متقلقش أنا هعرف اظبط نفسي كويس المهم نفذ اللي أتفقنا عليه يلااااااا..!
” رؤف ” وهي يهم بإنهاء الحديث معها.
– سلاااااااااام يا شوُش..!
” شـهـيـرة ” بوجوم ونظرات ثاقبة وهي تنظر إلى اللاشئ بعدما أغلقت الخط معه.
– أخلص منها هي الأول وبعدها أنت ميت يا رؤف وابقا وريني ناصحتك دي هتنفعك بإيه في تُربيتك..!
كل ذلك و ” سـلـيـم ” يستمع إلى كل حرف نطقت به أثناء مكالمتها وتخطيط ذلك الوغد للإيقاع بوالدته والدماء تحتقن وتحتقن بداخل أوردته حتى غامت عيناه وكاد أن يُحطم الهاتف بيديه إلا أنه تراجع عن ذلك عندما تذكر أن هاتفه هذا هو طرف الخيط الوحيد الذي يُمكنه من إدانتها. و ” سـلـيـمـان ” يجلس قباله متابعًا كل ما يحدث بتركيز كبير إلى أن قامت بإنهاء المُكالمة حينها فقط هتف إلى ” سـلـيـم ” بعدم تصديق لما إستمعت إليه أذنيه.
– يا ولاد اللذينه دول طلعوا ( …… ) والموضوع أكبر بكتير من اللي كُنا فاكرينه..!
” سـلـيـم ” بغضب وعيناه تُغيم بشراسة لم تكُن به يومًا.
– كل اللي حصل ده كوم يا سـلـيـمـان واللي جاي ده كوم تاني خالص..
من سنين استفردوا بأمي عشان كانت لوحدها وضعيفة والراجل اللي كان في حياتها زمان معرفش يحميها بس دلوقتي أنا موجود والراجل اللي في حياتها دلوقتي هيحرق الدُنيا كلها باللي فيها لو حد فكر مُجرد تفكير بس في أذيتها واللي هيرش أمُي بالمايه أنا هرشه بالنار وهكويه بيها ومش هيحلني منهم إلا المُوت..
ثم أضاف بقوة وهو يُخطط لشيئًا ما.
– عايز الحراسة اللي على صـولا تزيد والرجالة اللي معاها تفضل ملازمة ليها زيّ ضلها من أول ما تُخرج من باب الڤيلا لحد ما توصل مكتبها في الشركة وفي أي مكان لازم يكون لينا عيون..
أنا مش هسمح المرة دي بأذيه أُمي تاني يا سـلـيـمـان فاهمني..!
” سـلـيـمـان ” بطاعة وموافقه لحديث صديقه.
– فاهمك يا صاحبي وفاهمك كويس كمان وحاسس بوجعك أوي عشان اللي واجعك واجعني وصـولا طول عُمرها أُم ليا مش ليك لوحدك وإستحالة هستحمل عليها أي حاجة ولو أطول أعمل أي حاجة عشان أحميها هعملها من غير تردد ولو للحظة واحدة..!
” سـلـيـم ” وهو ينظر له بحب نظرات فاضت من عيناه فهو بالرغم من صعوبة الموقف إلا أنه يعلم حقًا معزة والدته لـِـ ” سـلـيـمـان ” الذي فقد والدته وهو في الرابعة عشر من عُمره ومنذ ذلك الحين و ” أصـالـة ” تعتبره إبنًا لها كـِـ ” سـلـيـم ” تمامًا وهو أيضًا يعتبرها بمثابة الأُم له نظرًا لما قدمته له طيلة حياته من حب ورعاية وحنان حتى أنه يذكُر عندما مرض بعد وفاة والدته وأنتقلت ” أصـالـة ” للمكوُث إلى جانبه طيلة الفترة التي قضاها بالمشفىٰ إلى أن طاب وتعافىٰ بالكامل ومن وقتها وهي تتكفل بكامل مصروفاته حتى أنهىٰ دراسته بأكملها فهو كان إبنًا لطباخ يعمل معهم وتعرف على ” سـلـيـم ” عندما كان يذهب برفقه والده إلى عمله ونشأت بينهم صداقة قوية وبمرور الأيام والسنوات والمواقف قد قوىٰ هذا الرابط حتى أصبحوا كالأخوة تمامًا. فإبتسم له ” سـلـيـم ” بصدق ومن ثم تابع بمحبة خالصة متناسيًا ولو للحظة الموقف الواقعين به.
– تسلم يا صاحبي..!
أنا عارف صـولا بالنسبة ليك إيه وهي كمان بتحبك جدًا يمكن أكتر مني أنا شخصيًا..!
” سـلـيـمـان ” بحب حقيقي.
– وهي عندي مكانتها كبيرة أوي يا سـلـيـم ومهما عيشت عُمري ما هنسىٰ فضلها عليا وحبها ليا لأنها صاحبة الفضل في كل حاجة أنا وصلتلها لحد النهارده..!
ثم أضاف بجدية ونبرة هادئة.
– بس إحنا لازم نسيبنا من العواطف دي كلها ونركز على اللي بيحصل دلوقتي لأن ده المهم..!
أنا من ناحيتي هكثف الحراسة وهراقب الوضع من بعيد وهخلي ليا عيون في كل حتة؛ في الشركة، والبيت، والمصنع، والشارع، وكل مكان يُخطُر على بالك مش عايزك تشيل هم..!
فأكمل وكأنه تذكر شيئًا للتو وهو يُضيق عيناه بتفكير.
– إلا قولي صحيح أنت ناوي تعمل إيه مع شـهـيـرة بعد اللي سمعته ده..؟!
أوعي تقولي أنك هتسيب أبوك يغرق معاها أكتر من كده يا سـلـيـم يبقا حرام عليك بجد..؟!
وبعدين لو أنت عايزه يغرق بجد ليه وافقت أن صـولا تساعده..! قالها بصدمة واضحة على معالمه وهو يحاول التفكير معه بصوت عالِ لعله يحاول فهم ما يدور بخلد صديقه.
” سـلـيـم ” وهو يعود بظهره للوراء متأرجحًا بمقعده الوثير بثبات وثقة كبيرة.
– أولًا متقولش أبويا لأن أنا أبويا مات من قبل ما أجي الدُنيا دي..
ثانيًا أنا لو سبت صـولا تساعده فأنا سبتها تساعده عشان عارف ومُتأكد أنها لسه بتحبه ولازم أموت الحُب ده في قلبها لأنها شايفة أن كل اللي عمله معاها زمان كان غصب عنه ومكانش في وعية ولازم أخليها تشوف بعنيها حقيقة مُـراد بيه أبو قلب حنين اللي معرفتش تمحيه من حياتها السنين اللي فاتت دي كلها..!
ثم أضاف بفحيح أفعىٰ.
– أنا وافقت أساعدها المرة دي مش عشان تساعده وتنجده من الورطة اللي واقع فيها لأنه هو اللي عمل في نفسه كده بس أنا وافقت على مُساعدته عشان اساعدها هي تنساه وترميه بره حياتها زيّ ما عمل فيها زمان وداس عليها..!
ومن ثم أكمل وهو ينظر إليه بثقة أكبر.
– أما بقا هعمل إيه في شـهـيـرة في دي هتبقا مفاجأة بس اللي مُتأكد منه أني مش هرحمها ولا هخليها تشوف خير من بعد النهارده هي والأفعىٰ الكبيرة رؤف اللي نهايته أن شاء اللّٰه هتكون على إيدي..
” سـلـيـمـان ” وهو يعلم بأن الحديث معه دون جدوىٰ.
– على راحتك يا صاحبي بس أوعي غضبك يعمي عنيك ويخليك تنسىٰ أن ده أبوك ومهما عمل فيك هو في الأول وفي الآخر أبوك وكفاية أنك عارف أنك إبنه وربنا عارف أنك عارف مش لازم هو يكون عارف بده..!
وعايز أقولك كلمة أخيرة الضفر عُمره ما يطلع من اللحم أبدًا خليك فاكر الجُملة دي كويس..!
” سـلـيـم ” بفحيح أفعىٰ ونبرة واثقة وهو ينظر إليه بغضب مكتوم وكراهية كبيرة تسكن أعينه لوالده.
– لأ بيطلع..!
بيطلع يا سـلـيـمـان بس بيطلع بالدم عشان يطلع بداله ضُفر غيره على نضافة..!
- يتبع الفصل التالي اضغط على ( رواية وجوه الحب ) اسم الرواية