رواية بلا حب (كاملة جميع الفصول) حصريا عبر دليل الروايات بقلم سوكه
رواية بلا حب الفصل الثالث عشر 13
بل_حب
بارت١٣
تلك الليلة ادرك بالفعل ان جسده في طريقه للشفاء، ففي البيت جرب عدة مرات وهو وحده ان يعتمد على العكاز الطبي في الحركة، وبالفعل نجح ان يسير في الغرفة وحدة عدة مرات ذهابا وايابا، وكان الحماس يجرى الدماء في عروقه ويجعله سعيدا، لكن فكرة غريبة قفزت الى رأسه جعلته يتراجع ويجلس على فراشه ويبعد العكاز قبل ان تخرج نجاة من الحمام وتراه، سيخفي عنها الامر
بعد ان ادرك ان اعتماده على العكاز في التحرك سيحرمه من الاستناد الى كتفيها، لن يكون له الحق ان يناديها لتأتي مسرعة لتساعده للقيام من فراشه وتصاحبه جنبا الى جنب عدد الخطوات التي توصله للحمام، ثم تنتظره حتى ينتهي لتعيده بنفس عدد الخطوات الى غرفته
سيحرم من ذلك القرب الذي يشعره بالامان ولو لم تتكلم، ومن ذراعها على ظهره كي لا يفقد توازنه او يسقط، لن يستمع لصوت خفقات قلبها وهو قريب من قلبه
قد تكون خطوات صغيره لا تتجاوز عدة امتار، لكنها في عقله مشوار حياة كاملة بأفراحها وأحزانها
لم يكن مستعدا للتخلى عن كل تلك المشاعر التي ادركها متأخرا بعد ان هدأت انفعالاته العنيفة وخمد غضبه المستعر فانجلى الضباب عن عقله وقلبه ليرى بوضوح كم هو بحاجة الى وجود نجاة الى جواره
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
عادت العائلة من الساحل، واول ما فعلوه هو زيارة لشقة حسين، واستقبلتهم نجاة جميعا ببشاشة وترحاب ودعتهم الى غرفة حسين، وذهبت نجاة للمطبخ لتعد لهم العصير
جلست امه الى جواره على الفراش واخذت تقبل راسه وخديه وفاطمة تمزح معه، ووقف حسن صامتا كعادته، وبدا على حسين انه لازال غاضبا وحزينا مما حدث، فلم يتبادل مع اخيه اي كلمة، وزاد من سوء الموقف هو ان سارة دخلت الغرفة وخلفها ولديها آدم وآسر، وقالت : انا جاية اعمل الواجب، ازيك يا عم ولادي، الف سلامة
أدار حسين وجهه للجهه الاخرى ولم يتكلم
نظرت لحسن وقالت: حسن ابقى حصلني، ياله يا ولاد
قال حسن بصرامة: سيبيهم يسلموا على عمهم
تركتهم وخرجت، بعد قليل اتت نجاة بالعصير وقدمته لهم، ووقفت في ركن الغرفة، وراى آسر القط يخرج من تحت السرير، فتركهم جميعا وامسك بالقط وحمله وهو يصيح بسعادة :قطة، قطه جميلة
ضحك الجميع على حركاته وكلماته اللطيفة
قال حسن لابنه الكبير: سلم على عمك يا آدم
اقترب آدم من حسين بحذر وهو يتذكر اخر موقف بينهما، عندما استيقظ فزعا على صراخ امه في وجه عمه وهو واقف بينهما، لم يستطع عقله الصغير ان يفهم او يستوعب الكلمات من حوله، لكن الموقف كان مرعب بالنسبة له
نظر ادم لساق حسين في الجبس وساعده المضمد، فقال بتعاطف: ازيك يا حُسْحُسْ، انت عيان؟
هز راسه دون ان يبتسم
تدخلت جدته بصوت حنون: قوله سلامتك يا عمو
استمد من كلماتها الشجاعة وقال له: سلامتك يا حسحس، معلش بكرة تخف وترجع تلعب معايا تاني
رفع آدم قبضته امامه وانتظر ان يرفع حسين كفه ليتلقى اللكمة بها كما اعتاد عندما يلاعبه عمه
لكن حسين لم يفعل، بل ابتلع ريقه بألم وادار وجهه للجهة الاخرى بصمت
كانت نجاة تراقب الموقف وفي عقلها الف سؤال، لكنها لم تتكلم
قال حسين بصوت جاد: حسن، خلي الولاد ينزلوا
ربت حسن على كتف آدم ولده برفق : ياله يا آدم
وتدخلت ام حسن لتصلح الموقف: معلش يا آدم يا حبيبي، عمو في ايده واوا وبتوجعه مش هيعرف يلعب معاك
نظرت لها فاطمة بسماجة وقالت ساخرة: واوا!!! فيه لسه حد بيقول واوا، ايه الجو القديم ده
زغدتها امها وقالت :اسكتي انت
ثم قامت لتخرج وقد اطمانت على ولدها : ياله يا ولاد، نسيب عمو وطنط يرتاحوا
قالت فاطمة: خلاص يا ختي اتطمنتي على حبيب القلب
قالت الام بغيظ: بس يا بت، لمي لسانك المتبري منك ده
حاولت نجاة ان تستبقيها واخذت تحادثها بكلمات المجاملة اللطيفة وحماتها ترد عليها ببشاشة ولطف، وخرجت الاثنتان من الغرفة وخلفهما فاطمة تمصمص شفتيها وتقول ساخرة باسلوب لزج: حماتك بتحبك يا ابلة نجاة
قال حسن بصوته الهادئ: عاوز اقولك كلمتين قبل ما امشي، مراتك دي بنت اصول، اوعى في يوم تزعلها، لان عمرك ما هتلاقي حد زيها يريحك ويخاف عليك
أمر ولديه بالخروج، لكن آسر رفض بعناد: العب مع القطه
زجره حسن بشدة: بقولك ياله انزل
ترك آسر القط الذي قفز على السرير وجلس بجوار صاحبه، وانخرط آسر في البكاء، وهو يخرج مع ابيه، لكنه سمع صوت عمه يناديه: آسر
التفت خلفه فرأى حسين يحمل القط في يده ويمده اليه، عاد له جريا وحمل القط بسعادة، فقال حسين: خد بالك منه واكله كويس
نظر حسن في وجه أخيه وابتسم، وبرغم ان حسين لم يبتسم، بل استقر الحزن والغضب في ملامحه، لكنه يعرف أخاه جيدا، سيتجاوز ويصفو ويعود حسحس الطيب الحنون صديق اولاده واكثر من يحبهم ويخاف عليهم
اغلقت نجاة الباب خلفهم وعادت له، لتجده ضائقا حزينا، كانت تشعر بان هناك مشكلة بينه وبين أخيه، لكنها تعلم ان الوقت غير مناسب لسؤاله عنها، قالت تحاول أن تخرجه من صمته: وزعت القط اللي جبتهولك هدية!!
سألها: ايه، زعلتي؟
قالت: لا مزعلتش، بس قلبي حاسس انه مش هتهون عليه العشرة وهيرجع لك تاني
وحدث بالفعل ما توقعته من سارة، فقد كانت في المطبخ ووصل صوت سارة لها من المنور وهي تعنف ابنها وتامره ان يلقي بالقطة خارجا
اسرعت نجاة الى باب الشقة وخرجت على السلم لتجد آدم يحمل القطة وينزل السلم وصوت صراخ آسر الباكي يصل اليها من داخل الشقة، فعلمت انه سيلقيها في الشارع، فنادته: أدم، سيب القطة على السلم، متخافش
ترك القط فصعد السلم جريا وعاد لصاحبه، ودخلت نجاة الغرفة لتجده يداعب القط ويمسح على رأسه، نظر اليها وقال: سبحان الله، طردت القط ومهمهاش عياط آسر ولا زعله، ولا حتى صعب عليها
قالت: معلش، فيه ناس عندهم فوبيا من القطط
قال: اعرف ناس عندهم فوبيا من القطط بردوا، لكن الحب والرحمة اللي في قلبهم اكبر بكتير من الخوف
ابتسمت بخجل، فأشرق وجهه بالسعادة: طيب بمناسبة الجو ده والناس اللي راجعة من الساحل، مفيش حته كده؟؟
عقدت حاجبيها وسألته: حتة ايه
قال: حتة كدة من نجاة، انا بعشق البحر مثلا ولا الا انت، ولا اي حاجة
قالت بعد تفكير: لو سمعت اللي عاوزة اقوله هخليك تسمع الاغنية
قال بزعل: اه، يعنى ناوية تقلبيها جد
قالت : حسين، ممكن اطلب منك طلب
اجاب بجدية: لأ، متطلبيش.. انت تؤمريني
نظرت في وجهه لحظات، ثم قالت برجاء: اخوك حسن.. انا معرفش انت زعلان منه في ايه، ولا ايه اللي بينكم، ومش عاوزه اعرف
بس اوعى تخسره، محدش في الدنيا ممكن يخاف عليك ولا يراعي مصالحك قده، ومفيش حد هيقف جمبك غيره
قال بعاطفة: وانت
قالت: ولا انا
شعرت ان عقله انفصل عنها عندما سكت وسرح بعينيه بعيدا، وخشيت ان تكون الكلمات قد سقطت من عقله فقالت تنبهه: حسين، انت سمعتني؟
التفت لها وكانما يستيقظ: ها...
تنهد وابتسم لها: حاجة غريبة اوي، هو كمان بيوصيني عليكي، بيقولي مش هتلاقي حد زيها في الدنيا يخاف عليك
خفضت رأسها واحتمت بصمتها
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
في صباح اليوم التالي
فتحت نجاة الباب لحماتها ومعها فاطمة يحملان صواني طعام ودخل الجميع المطبخ ونجاة تتبادل مع حماتها كلمات المجاملة اللطيفة والابتسامات الودودة، ثم دعتهما للجلوس في الاستقبال الى ان يصحو حسين من نومه، وانشغلت فاطمة بالموبايل ونجاة تحادث حماتها في حوار ودي وتطمئن منها على صحة حسين، وتبالغ في شكرها ومدحها على ما فعلته معه، فحسين تغير منذ ان عادت له وعاد لوجهه البشاشة ولروحه المرح
شهقت فاطمة فجاة: ماما ماما، الحقي.. ملك فركشت
لم تفهم امها الامر في البداية، فسالت: ملك مين
قالت فاطمة ساخرة: جرى ايه يا حاجة انت جالك زهايمر!! ملك.. اللي حسين كان خاطبها
تلون وجه ام حسن من تصرفات ابنتها الحمقاء، فقالت بإحراج : واحنا مالنا ومالها، اهي راحت لحالها
كانت فاطمة تنظر لوجه نجاة واستمرت في الحديث كما لو كانت تكيدها: انا متابعة صفحتها على الفيسبوك من زمان، الصراحة اتفاجئت، يعنى حاجة غريبة اما واحدة زيها خطوبتها تتفسخ، اصل ملك دي قمر قمر، حلوة ونغشه وعليها جسم..
قامت امها بعصبية وصاحت فيها: قومي، قومي انا اللي غلطانة اللي جبتك معايا، فوتي قدامي
أخذت تحادث نجاة بلطف وتعتذر لها: معلش يا حبيبتي، هابقى اجيلك لما يصحا حسين، ومش هجيب البت الهبلة دي معايا، اهيه كده هلى طول، لا بتذاكر ولا بتعمل حاجة مفيده وطول النهار قعده عالموبايل والكلام الفارغ، واهي سقطت سنتين في الثانوية وربنا يستر على السنة دي
هزت نجاة راسها بهدوء وهي ترسم على وجهها ابتسامة مجاملة لحماتها
والام مشغولة بإخراج ابنتها من المكان قبل ان يسكب لسانها المزيد من البنزين فتحرق البيت بمن فيه
دفعتها الام امامها على السلم وهي تصيح: انزلى انزلى
نظرت فاطمة بطرف عينها الى نجاة التي لازالت واقفة ولم تغلق الباب، وصاحت في امها: يا ماما انت مش فاكرة ملك، دي اللي كان هيموت عليها حسين، وهرب ليلة جوازه عشان يروحلها اسكندرية
صاحت الام: بقولك انزلى يا قرشانة، داهية فيكي وفي ربايتك، انا هقول لحسن عشان يعرف شغله معاكي
اغلقت نجاة الباب بعد ان وصل لها كل كلمة قالتها فاطمة، ثم دخلت المطبخ تحاول ان تلهي عقلها بأي عمل، وفتحت الموبايل على اغاني نجاة تحاول ان تصرف اذنها عن كلمات فاطمة التي بثت في روحها مشاعر غريبة لم تمر عليها من قبل، كانت تتحرك في المطبخ بعصبية شديدة، وتلقي بالمواعين وتدفع الاشياء وتصفع باب الثلاجة
فجأة هاجمتها أزمة الالم الشديد في منتصف صدرها، كانت تلك المرة هي الاشد فتأوهت بعنف، ذهبت بصعوبة لتحضر حقيبتها وافرغتها من محتوياتها لتاخذ علبة الدواء، فوجدتها فارغة وتذكرت انها نسيت ان تشتري علبة جديدة، نزلت على ركبتيها وهي تضع قبضتها في منتصف صدرها واخذت تتاوه بعنف
والان عليها تحمل الالم من جديد طوال فترة الازمة ككل مرة دون ان يشعر بها احد
لكن هذه المرة كانت مختلفة.. فقد شعر بها حسين الذي استيقظ في ذلك التوقيت، وعندما سمع صوتها صاح بقلق: نجاة، نجاة انت فين، ردي عليا، انت كويسه!!
لم ترد عليه، فشعر بالخوف واخذ عكازه وسار يبحث عنها في البيت ليجدها على الارض تتلوى يمينا ويسارا من الالم، ففزع : نجاة فيه ايه، حاسه بايه
نسي نفسه وحاول ان ينحني عليها فلم يستطع، وازعجه بشدة عجزه عن مساعدتها، فقال: هندهلك ماما تطلع تشوف مالك
صرخت فجآة: لأ، لأ، متناديش حد، انا هبقى كويسة
تراجع عن فكرته امام حالتها تلك، ثم قال بألم: نجاة انا مش هقدر، لازم حد ييجي يساعدك
قالت: الدوا، هاخد الدوا وهبقى كويسه
قال: فين الدوا، اسمه ايه
امسكت العلبة الفارغة في يدها، وقال برجاء وهو يمد لها يده المصابة ويستند باليسرى لعكازه: نجاة، امسكي في دراعي، ساعديني عشان اوصلك للسرير، مش هسيبك عالارض
اتصل حسين بالصيدلية واحضروا له الدواء مع مندوب التوصيل وتناولته نجاة وبدات ترتاح، وجلس حسين على طرف السرير الى جوارها وهو في منتهى القلق والتأثر
اخذت نجاة تتفحصه وتتفحص العكاز بعينيها الان يستطيع ان يمشي وحده ويتحرك بدون مساعدتها وسرعان ما سياتي وقت فك الجبس ويتماثل للشفاء،
قالت له بصوت متعب :حمد الله على السلامة
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
•تابع الفصل التالي "رواية بلا حب" اضغط على اسم الرواية