رواية وختامهم مسك كاملة بقلم نور زيزو عبر مدونة دليل الروايات
رواية وختامهم مسك الفصل الخامس عشر 15
بعنــــوان “تميمـة حـــظ”
كان “تيام” جالسًا مع “بثينة” فى غرفة المعيشة تتحدث بعفوية معه عن “مسك” فقالت:-
-هى مجنونة فعلًا وأيدها سابقة لسانها غير غزل كانت عاقلة وبتحسبها قبل ما تعمل أى حاجة، مرة بعد ما غزل الله يرحمها جت تعيش معايا هنا أبوهما أضايق من غزل ومنع مسك تشوفها… تقوم تسكت نطت من الشباك عشان تيجي تشوف غزل قامت وقعت ورجلها أتكسرت وأتقابلوا فى المستشفي ههههه فكرتني بذكريات
تبسم “تيام” على جنون زوجته، قاطع حديثهما فى ذكريات الماضي صوت هاتفه معلن عن أستلم رسالة، فتحها وصُدم عندما وجد صورة لـ “مسك” وهى تنام على أريكة ويديها مقيدة وهكذا قدميها ففزع من مكانه بذعر وأرسل له رسالة تحمل موقع للقاء، نظر إلى “بثينة” بقلق وغادر دون أن يخبرها بشيء مُتجهًا إلى هذا المكان….
___________________________
فتحت “مسك” عينيها بتعب شديد من أثر المخدر الذي يشوه رؤيتها الضبابية ولا تستطيع تحديد ماهية ما تراه، لكنها تشعر بيديها المُقيدة وهكذا قدميها، وضحت رؤيتها قليلًا لترى وجه “إيهاب” رجل لا تعرفه ولأول مرة تراه جالسًا على المقعد الموجود أمامها ويحدق بوجهها مُنتظر يقظتها، أعتدلت فى جلستها بصعوبة من تقيدها وقالت:-
-أنت مين؟
تحدث بنبرة قوية وهو يتذوق رشفة من فنجان قهوته:-
-مش مهم مين؟ المفروض تسألني أنا جبت هنا ليه؟
رمقته “مسك” بزمجرة من تصرفه ورفعت يديها المقيدتين إلى رأسها ترفع خصلات شعرها، تابع “إيهاب” حديثه بجدية قائلًا:-
-أولًا اسمحيلي يا دكتورة أنى اعتذر على الطريقة اللى جبتك بيها بس مكنش فيه غيرها وأنت عارفة ليه كويس، أنما أنتِ هنا ليه؟ عشان جوزك تيام بيه الضبع
نظرت “مسك” له بأندهاش من ذكر سبب إختطافها واسم زوجها لتُتمتم مُتعجبة:-
-تيام
-تيام!! اللى سرق أغلى حاجة في حياتي وحرمني من السعادة والراحة ودخل على حياتي الجحيم والنار
قالها بأنكسار ممزوج بالحسرة والكره، ساخطًا على زوجها بحقد وغل ليتابع حديثه:-
-جوزك اللى مبيهتمش غير بشهواته ورغباته، بيغير البنات زى ما بيغير هدومه، جوزك اللى أغتصب بنتى ورماها فى البحر فى عز البرد ينهش فى جسمها حتى بعد ما قتلها مرحمهاش
أتسعت عينيه على مصراعيها بصدمة مما تسمعه عن “تيام” فقالت بثقة وعقل غير واعي لا تستوعب هذا الحديث:-
-لا مستحيل، تيام عمره ما اجبر بنت تدخل علاقة معه، تيام بتاع بنات اه لكن مستحيل يعملها غصب عنها مش تقولي أغتصاب
وقف “إيهاب” من مكانه بانفعال قاتل من دافعها عن هذا الرجل الوحشي ومسك عنقها بقبضته بقوة ثم قال:-
-عملها هو كان أخر واحد معها وكل الناس شهدت بدا وعشان كدة أنا جبت هنا، عشان تدفعوا تمن حياة بنتى اللى راحت وتدوقوا من كأس العذاب اللى عشيت فيه ودوقته على ايد جوزك
رمقته “مسك” بتحدي وقوة لا تخشاه رغم خنقه لعنقها وكادت أنفاسها تنقطع على يديه ثم قالت بتلعثم:-
-مستحيل يعملها
ترك عنقها وصفعها بقوة لترتطم رأسها بالأريكة، نظرت له بغضب شديد من تقيدها فلا كانت حرة الآن لهمشت جسده قبل أن يلمسها لتقول:-
-أنت جبان!! بتستقوي عليا عشان مقدرتش تواجهه، رابطنى عشان خايف منى لأنك عارف أن اللى يمد ايده عليا أقطعها له
مسكها من مقدمة رأسها وغرتها بقوة وعينيه تحدق بعينيها القوة التى لم ترجف لها جفنًا أمامه ولا من إختطافها ثم قال:-
-هتشوفي الجبن دا على حقيقي لما المحروس يشرف
قهقهت “مسك” ضاحكة على كلمته وأسترخت على الأريكة لا تكترث لشيء سوى أنها تثير غضب هذا الرجل فقالت:-
-يشرف، أنت جبان وغبي.. أنت فاكر أنك لما تخطفني تيام هيجيلك، يا فندي معلوماتك غلط وتيام مش ولهان بي عشان يجي برجله لحد عندك
تبسم “إيهاب” بسخرية من سذاجتها ثم قال بثقة وكبرياء:-
-اول مرة تطلعي غبية يا دكتورة، تيام مش ولهان بيكي ولا عاشقك فى الضلمة اه لكن كبرياءه كرجل ورجولته اللى اتهرست لما مراته تتخطف هيجبوا لحد هنا… واضح أنك لسه متعرفيش تكبر جوزك وغروره واصلين لأنها درجة…..
جزت على أسنانها بغيظ من هذا الرجل الذي يسخر منها فقالت بحدة صارمة:-
-ما تفكنى ونتقابل بنت لراجل وأنا عن نفسي واثقة أن رقبتك هتكون تحت جزمة البنت دى
كاد أن يضربها لكن اوقفه صوت فتح الباب الحديدى الخاص بالمكان ودلفت سيارة سوداء، ترجل منها رجلين ومعهم “تيام” الذي يقف مُهددًا بالسلاح، نظر “إيهاب” إلى وجهه بغضب سافر بينما دُهشت “مسك” من وجوده هنا وأستغلت فرصة نظر “إيهاب” له وبدأت تفك قيد يديها بأسنانها بتعجل، حدق “تيام” بها بأريحية من رؤيتها سالمة أمامه وتفك قيدها ليبتسم بلطف ثم قال:-
-أنتِ كويسة؟
ألتف “إيهاب” إليها بسعادة وبسمة لا تفارق وجهه مُحدثها بسخرية:-
-مش قولتلك هيجي……
قاطعه ضربة قوية من “مسك” بقدمها فى منتصف صدره أسقطته على المقعد وأنقلب به للخلف فتبسمت بسخرية من ضعف هذا الرجل وقالت:-
-لازم تحمد ربنا أنها مكنتش لكمتى… لأن جبان زيك مش هيستحمل لكمة واحدة منى
ضرب “تيام” الرجل الذي جواره بمرفقه بقوة وأخذ المسدس منه بينما هرع الأخر إلي “إيهاب” الذي وضع يده على صدره من الألم ويحدق بوجه “مسك”، أطلاق الرجل طلقات نارية نحوها بعشوائية لتركض”مسك” تختبي خلف الأريكة، و”تيام” يتشاجر مع الرجل حتى فزع عندما سمع صوت طلقات نارية فصرخ بصدمة ألجمته:-
-مسك
أجابته من خلف الأريكة وهى تلتقط أنفاسها وتلهث:-
-أنا كويسة
تلقي ضرب من هذا الرجل بسبب قلقه عليها، سحب “إيهاب” المسدس من يد مساعده وأتجه نحو الأريكة لتراه “مسك” وتحدق به بقلق من أمتلاكه سلاحًا مصوبًا نحوها، أبتلعت لعابها بخوف وأقترب “إيهاب” منها وأخذها بقوة مُهددًا إياها بالمسدس الذي يضعه فى خصرها، لكم “تيام” وجه الرجل ليطلق “إيهاب” طلقة نارية فى الهواء فألتف “تيام” بفزع وصُدم عندما وجوده حصل على “مسك” ويضع المسدس فى خصرها، أزدرد لعابه بقلق وعينيه تحدق فى وجه “مسك” وسمع “إيهاب” يتحدث:-
-ليك دين فى رقبتي ولازم أرد يا ابن الأكابر
-مسك مالهاش دخل فى الموضوع، أنا قدامك أهو أعمل فيا اللى يعجبك
قالها “تيام” بقلق شديد عليها، كاد “إيهاب” أن يتحدث لكن اوقفه صوت أنذارات الشرطة التى وصلت للمكان فنظر له بغضب قاتل بينما تبسم “تيام” على غباء هذا الرجل ووصول الشرطة، اشتعل غضبه من الداخل وضغط على الزناد لتخرج طلقة نارية تخترق خصرها على سهو دون سابق أنذار وهرب مع مساعده بسرعة الصاروخ بينما “تيام” هرع إليها بخوف تملكه وهو يري الدماء تلوث يدها التى وضعتها على جرحها مُرتجفة وأتسعت عينيها من الألم وتوقف جسدها عن الحركة مُجمدًا محله، أبتلعت لعابها وهى تنظر على خصرها الذي يسل منه الدماء كالإعصار وسقطت محلها لكنه تشبث بها قبل أن تصل للارض وسقط معها، تحدث بلعثمة فى لسانه وخوف مما أصابها:-
-لا… مسك
اغمضت عينيها وفتحتهم مرات متتالية كثيرًا من الألم وجسدها ينتفض بين ذراعيه بين تشنجاته وأوجاعه، تلتقط أنفاسها بصعوبة ويديها تحيط بجرحها والدماء تتسرب من بين أناملها بغزارة، نظرت بوجهه بألم ولا تقوى على مقاومة هذا الألم والرصاصة الساكنة بداخل أحشائها لتقول بصوت مبحوح وصعوبة بالغة فى الحديث:-
-تيام… متسبش حق غزل أرجوك.. أنا أتجوزتك عشان الحق دا
-متتكلميش يا مسك.. متتكلميش، حد يطلب الإسعاف
قالها بصدمة الجمته لا يستوعب ما يحدث حوله الآن، حاولت مقاومة الإغماء وفقد طاقتها حتى وصلت سيارة الإسعاف ونقلتها إلى المستشفي….
__________________________________
سقط كوب الشاي من يد “غريب” بصدمة ألجمته عندما وصله خبر أصابة ابنته بطلقة نارية وحالتها حرجة والآن هى فى طريقها إلى هنا مع المسعفين، هرع كالمجنون إلى باب المستشفي وأتسعت عينيه على مصراعيه وارتجفت يديها بضعف وخوف يتملكه عندما رأها على التروالي تنقل مع الأطباء وفقدت الكثير من الدماء، اقترب منها مصدومًا لا يستوعب ما يراه وقال بخوف:-
-مسك!!
أخذه “سراج” بعيدًا عن طريقها ليأخذوها إلى غرفة العمليات وتساقطت دموع “غريب” هذه المرة على ما أصاب ابنته ولم يتحلي بالقوة أو الصمود، وقف “تيام” قرب باب العمليات ينتظر أن يطمئن عليها ويتشابك الأصابع بخوف يحتله من فراقها أو إساءة حالتها أكثر، نظر ليديه المُتشابكتين والدماء تلوثهم من جرحها ولا يُصدق ما يحدث ليتذكر عندما أخبرته أن يتصالح مع “زين” فليس دومًا ستنتصر بل ستُهزم مرة ويصيبها شيئًا كـ “ورد” بسببها، ضرب الحائط بقبضته بقوة وهو يعرف أنه سبب هذا وأنهم أخذوها كى يستدرجوه إليهم…
ذهب للمرحاض وعقله شاردًا بذكرياته القليلة معها وشجارهما الدائم وعنادها وغيظه إليها، قوتها التى تواجه كبريائه، غسل يديه من الدماء تحت صنوبر المياه وعينيه تدمع على ما يراه فى شريط الذكريات، جفف دموعه وخرج ينتظرها أمام باب غرفة العمليات…..
__________________________________
(المدينة الزرقاء blue city)
صرخت “ورد” فى “زين” بغضب شديد ممزوج بالقلق على “مسك” بعد أن سمعت ما حل بها:-
-قومي ودينى القاهرة يا زين… أعمل فى حسابك لو مودتنيش أنا هروح لوحدى
لم يتحرك له ساكنًا وظل محله جالسًا على المكتب وينظر فى الأوراق ويوقع بعضها، تأففت غضبًا من بروده فى حين أنها ترتجف خوفًا على “مسك” وتخشي فقد صديقة مثلها أو تركها تصارع الموت وحيدة هناك، استدارت “ورد” لكي تغادر بزمجرة وتقول:-
-خليك يا زين أنا هعرف أروح لوحدي
وقف من مقعده بغضب من رحيلها وحدها ومسك معصمها قبل أن تغادر وقال بجدية:-
-خلاص هوديكي بس بكرة
رفعت حاجبها إليه بغضب ونظرات قتالية تتطاير من عينيها فتنحنح بضيق:-
-حاضر يا ورد هوديكى دلوقت خلاص، أتفضلي أطلعي غيري هدومك وجهزي نفسك
أومأت إليه بنعم وغادرت، أتصل “زين” بمكتب أخته “زينة” وقال:-
-أنا عايز عربية توصلنى القاهرة يا زينة…
سألته “زينة” بنبرة خافتة وعقل ماكر:-
-القاهرة… أنت هتسافر بكرة
-لا لا أنا عايزها دلوقت
قالها “زين” بتعجل شديد وأنهي الأتصال معها فتبسمت “زينة” بحماس ورفعت نظرها إلى “متولي” قائلة:-
-حضر عربية لزين تنزله القاهرة
أومأ إليها بنعم وألتف لكى يغادر لكن أستوقفه صوت “زينة” تقول بحماس:-
-أسمع يا متولي… بكرة الصبح تبلغ المساهمين أنى عايزة أقعد معهم ضروري
تبسم “متولي” بمكر وحماس على حسمها للأمر وتحركها خطوة للأمام لأجل صعود السلم من أجل قمة الهرم….
__________________________________
( مستشفي القــاضي )
كان “تيام” واقفًا خارج الغرفة وينظر علي جسدها وهى طريحة الفراش وقناع الأكسجين على وجهها يساعدها فى التنفس، لا يصدق أنها بهذه الحالة التى يرثي بها بسببه ولأجله، أغلق قبضته بقوة على الحاجز الزجاجي الذي يمنعه عنها ودمعت عينيه بأستياء لما حدث بـ “مسك” زوجته التى لطالما كانت تنقذ حياته وتمنع الموت من الوصول له.. وصل الآن الموت إليها بسببه كأن رد المعروف لها بالأذي، عقله كالسجين المُقيد بأصفاد الأعتقال عاجزًا عن نيل حريته تمامًا كعجزه عن سماع صوتها الآن بسبب كونها فاقدة للوعي، نيران تحرق قلبه من الداخل كأنه تلقي طلقة نارية بمنتصف صدره ويتنفس بألم ووخزات قوية تمزقه مع خروج هذه الأنفاس من طلقته النارية…
ربتت “بثينة” على ظهره بلطف وقالت بقلق أصابها على حالة ابنتها:-
-مسك هتكون كويسة، هى قوية
نظر إلى وجه “مسك” بحزن مُستاءً مما حل بها، لم يكن يعلم بأنها ستملك هذه المحبة بداخله إليها، نشبت نيران قلبه تحرقه حتى حولته لرماد فور رؤيتها هكذا، شعر بأنها هجرته وتركته خاليًا كالمنزل الفارغ مهجورًا ملأ بالغبار والأتربة بمثابة الأوجاع التى أصابته مع دخولها غرفة العمليات، رؤية “مسك” ضعيفة مهزومة هنا لا حول ولا قوة لها تجعله يرغب بإعلان الحرب على العالم بأسره من أجلها راجيًا شيء واحد فقط هو عودتها لتحديه أو صفعه سيقبل بأي شيء مقابلة فتح عينيها، دلف إلى غرفتها وسار بخطوات بطيئة خائفًا من الوصول لها ورؤيتها عن كثب مريضة، جلس قربها ثم أخذ يدها فى يده وتشبث بها بأستماتة وعينيه ترمقها وتلألأت بدموعه الحبيسة فى جفنيه ثم قال مُتمتمًا:-
-أنا أسف، لو أعتذاري هيرجعك ويخليكي تفتحي عيونك فأنا أسف، ولو مش كفاية ليكي يا مسك.. خدي اللى عايزاه بس فتحي عينيك وبصي ليا من تاني… أضربيني وقاتليني واضربي سهامك فيا أو رصاصك بس فتحي عينيك عشاني…
ذرفت دموعه رغمًا عنه من الوجع الذي أصابه وروحها على وشك المغادرة وتركه وحيدًا ليتابع بيدي مُرتجفة:-
-أنا أول مرة حد يستحملنى بقرفي كله لثلاثة شهور بحالهم، أول مرة حد يفضل معايا يا مسك، متسبنيش بعد ما حسيت بالأمان ولاقيت حد يداوي جروحي ويخانقني، فتحي عينيك يا مسك وأتخانقي وزعقي واتعصبي وعاقبيني وأعملى كل اللى عايزاه بس متسبنيش بعد ما أتعودت عليكي، أنا عمري ما هقدر أسامح نفسي لو جرالك حاجة وأنا عارف أنى السبب……..
قاطعه صوتها المبحوح من أسفل قناع التنفس تقول:-
-مش هسيبك
نظر إليها بسعادة تغمره، رفعت “مسك” قناع التنفس عن وجهها وتنظر إليه لا تصدق بأنه يبكي لأجلها وكل هؤلاء الدموع بسببها، ابتلعت لعابها بتعب ثم قالت بلطف مُنهكة:-
-مش هسيبك يا تيام عشان أنت الوحيد اللى مستحمل ضربي
أومأ إليها بنعم ويديه تمسح على رأسها بحنان وعينيه تبتسم رغم دموعه الحارة حادقًا بها بأمتنان لأستعادة وعيها وقال برحب شديد:-
-اممممم أضربني وهستحمل
أغمضت عينيها بأستسلام لألمها الجسدي ففزع “تيام” وقال بخوف:-
-مسك
تحدثت بخفوت وعيني مُغمضتين:-
-لسه ممتش متخافش
تنفس بأريحية وخرجت تنهيدته تخترق أذنيها فتبسم بلطف رغم عينيها المغمضتين على خوفه، هل أعتاد على وجودها لهذا القدر الذي جعله يرتجف خوفًا عليها ويقلق حتى أنقطعت أنفاسه من الذعر، لم يكن يملك لها مشاعر الحُب ولم يدق قلبه لها لكنه يُدرك بأن ما يملكه لـ “مسك” أغلى من الحب، يتملك دفء العائلة التى فقدها والصديقة التى لم يمتلكها يومًا، يخف عليها كفرد من عائلته بل كانت بمثابة عائلته كاملة، وحدها من تقبلت العيش معه رغم العيوب الذين يملكهم فليس لديه ميزة واحدة تجبرها على تقبله لكنها قبلت بوجوده معها، كانت تستمع لصوت أنفاسه كأنه عاد للحياة الآن بعد إفاقتها ويديه التى تضغ بقوة على يدها مُستماتًا بها ولا يقوى على تركها لتبتسم “مسك” بخفة وهو كصديق شاركته قوتها، أحترام ضعفها، احتوى حزنها، دعمها وقت أنهيارها ومد يد العون لها فى قلة حيلتها، شاركته ثلاثة شهور من حياتها وعمرها كاملة بكل أعباء الحياة، تمتمت بنبرة خافتة:-
-أنا مش ههرب
نظر إلى يدها بحرج من كلمتها وسرعان ما أستوعب تشبثه بها فتركها بسرعة البرق لتفتح عينيها ببسمة عفوية على رد فعله كأنه كان مغيبًا كالأحمق لا يشعر بتصرفاته….
______________________________
حدق بـ “غريب” وهو يجلس جوار “غزل” ويضم يدها فى يده بحزن خيم على قلبه وأحرق صدره من الداخل، تحدث “سراج” بنبرة خافتة:-
-مش هتروح تشوفها وتتطمن عليها؟
أجابه “غريب” بنبرة قوية وحزم:-
-هو مش قاعد جنبها خلاص كفاية تيام عليها
تنحنح “سراج” بهدوء ثم قال بجدية:-
-بس دكتورة مسك بنتك قبل ما تكون مراته وأنت ليك حق فيها أكبر منه
تنهد “غريب” بحزن وقال بنبرة صارمة وقلب جاحد مُتجمد:-
-لا يا سراج، البنت لما بتتجوز بتبقي حق جوزها، بنتى لو أتعرت هو اللى هيغطيها ويسترها ولو وقعت جوزها اللى هيشيلها، البنت لما بتتجوز بتخرج من بيت أبوها لبيت جوزها وبتكون له، لما البنت بتتولد بتكون أمانة عندك لحد ما يجي الراجل اللى اتخلقت من ضلعه عشان يأخد أمانته
نظر “سراج” بإشفاق على هذا الرجل المتكبر بجحود قلبه، يجلس هنا يفتك به الوجع والقلق عليها لكنه ما زال يتشبث بغضبه منها وخصامها ويكتفي بالأطمئنان عليها من الأطباء….
_________________________________
( المدينة الزرقاء Blue city)
اقتحم “جابر” مكتب “زينة” بعد أن سمع خبر بترتيبها لأجتماع طارئ مع المساهمين دون أن تخبره هو أو “زين” الرئيس، كانت جالسة على مقعدها وجوارها يقف “متولي”، رفعت نظرها إليه ببرود بينما يصرخ غاضبًا:-
-أنتِ حددتي أجتماع مع المساهمين
عادت “زينة” بنظرها إلى الورق الموجود أمامه، اجابته بهدوء شديد:-
-اه فيها ايه؟ عندى خطة تطويري للقرية وهنستفد منها كتير ونعلي قيمة أسهم القرية بعد الهبوط اللى حصل من وراء الملاك الغير مسئولين
رفع “جابر” حاجبه بسخرية من كلمتها ووجهه كالجمر المُلتهب وقال:-
-وأنتِ بقي الملاك المسئولين، ولا الحية اللى واقف جنبك
رفعت نظرها إليه من جديد وضربت سطح المكتب بيدها غيظًا من كلمته وقال بتهديد:-
-فوق يا جابر وشوف أنت بتكلم مين؟ وأوعي تنسي مكانتك
تبسم “متولي” بخبث شديد مُلتزمًا الصمت، وضع “جابر” يديه على المكتب يتكئ بهما بقوة وعينيه تحدق بوجه “زينة” بتحدي وقال:-
-أنا فاكر كويس أنا مين بس ياريت حضرتك تفتكري أنتِ مين؟ ومكانتك فى الهرم الوظيفي هنا ايه؟ ونصيحة منى متسعيش وراء مكانة مش ليكي من البداية لأنك مش هتحصلي عليها ولا هتقعدي على كرسي مش من حقك يا أنسة زينة..
تحدثت “زينة” بنبرة قوية تهديدية:-
-أطلع برا يا جابر واللى أنا عايزاه هوصله ومحدش هيقدر يوقفني
تبسم وهو يستقيم فى وقفته ووضع يديه فى جيوبه بغرور وقال بتهديد:-
-صدقيني محدش هيقف لك أنتِ والعقرب اللى جنبك دا غيري أنا
غادر المكتب غاضبًا من تصرف “زينة” التى استغلت سفر “زين” أخاها وهكذا “تيام” الوريث وولي العهد لهذا المكان وبدأت تضرب بهما بقوتها بطعنات الغدر……
_________________________________
مسحت “ورد” على رأسها بحنان وبسمة تنير وجهه من سلامة “مسك” ثم قالت:-
-حمد الله على سلامتك
-الله يسلمك، تعبتى نفسك وجيتي من الغردقة مخصوص عشاني
قالتها “مسك” بتعب شديد ويدها لا ترفع عن جرحها، تأفف “تيام” وهو واقفًا فى زاوية الغرفة يحدق بهما بضيق من تعب “مسك” فى الحديث مع “ورد”، نظرت” مسك”على أففته وهى تئن وجعًا وتبسمت بخفة عليه، فى الجهة المقابلة كان يقف “زين” جوار باب الغرفة مُتذمرًا على حضوره بالأكراه بسبب محبوبته ووجوده بنفس المكان مع “تيام”، قدمت” بثينة” العصائر للجميع وجلست جوار ابنتها تساعدها فى شرب كوب العصير بصعوبة، انهت العصير فربتت “بثينة” على رأسها بلطف وتركتها تستريح، خرج الجميع للخارج لتوقف “تيام” قبل أن يغادر بصوتها المبحوح:-
-تيام
ألتف إليها لتشير له بأن يجلس جوارها، سحب المقعد نحو الفراش وجلس قربها، مدت “مسك” يدها إليه فنظر مُطولًا إلى يدها ومد إليها يده ودُهش عندما وجد رصاصة تعطيها له لتقول بعفوية:-
-تميمة حظك!!
لم يستوعب أنها تعطيه الطلقة النارية التى اخترقت جسدها ومزقت أحشائها بسببه ولأجله فتلقت هى الأنتقام من “إيهاب” عوضًا عنه، أخذها “تيام” برحب شديد ثم رفع نظره إلى وجه “مسك” وقال بعفوية:-
-أنتِ تميمة حظي يا مسك
تبسمت بتعب يسير فى كل أطراف جسدها بوجه شاحب ثم قالت:-
-أنا محتاجة أتكلم معاك بس مش وقته
هز رأسه بالموافقة يتفق معها فى الراي فالحديث الآن سيضر بها لا أكثر، أغمضت عينيها تستسلم إلى تأثير الدواء وتعبها لتغمض عينيها نهائيًا….
___________________________
فتح باب مكتب “بكر” ودلف السكرتير وخلفه مجموعة من رجال الشرطة يقتحمين المكتب بالقوة دون أذن أو هدوء بل بضجة وصخب فى الشركة كاملة، قال “بكر” بغضب شديد من أقتحام مكتبه بهذه الطريقة الفوضوية:-
-ايه دا في أيه؟؟ أنتوا مين؟؟
قالها الضابط بلهجة قوية غليظة لينظر “بكر” إليه بتردد وأرتباك…..
- يتبع الفصل التالي اضغط على ( رواية وختامهم مسك ) اسم الرواية