Ads by Google X

رواية بلا حب الفصل الخامس عشر 15 - بقلم سوكه

الصفحة الرئيسية

 رواية بلا حب (كاملة جميع الفصول) حصريا عبر دليل الروايات بقلم سوكه

رواية بلا حب الفصل الخامس عشر 15

بل_حب
بارت ١٥
تعمدت ان تصل البلد في وقت متأخر ليلا كي لا تلتقي احد من اقاربها او جيرانها، فلم تكن تستطيع الكلام مع احد في حالتها تلك، منهكة، خائرة القوى، محطمة الفؤاد
لم تكن تشعر بكل ذلك وهي تدور طوال النهار في شوارع العاصمة، في البداية مرت على مدير المدرسة وقدمت استقالتها وغادرت مسرعة كي لا يقابلها احد من الطلبة او من زملائها، ثم ذهبت للتسوق والمرور على المحلات لتشترى ما تحتاجه لسفرها، وفي عقلها تقصد ان تؤخر سفرها حتى اخر النهار، وتلهي نفسها بأي شيء كي تصل البلد ليلا
انزلت حقائبها من التاكسي الخاص امام باب بيتها 
البيت في منطقة هادئة بالقرب من مسجد القرية، وبيوت الجيران تبعد عنه بعدة امتار قليلة، فلم يشعر بقدومها احد
وقفت امام الباب المظلم، وضغطت زر الجرس فسمعت صوت العصفور الذي رافقها طوال سنين عمرها، تعلم ان امها ليست هنا لتفتح لها، لكنها كانت بحاجة لسماع صوت، اي صوت يؤنس وحشة قلبها، وهي تدخل لمكان تعلم يقينا انها ستكون فيه وحيدة 
فتحت الباب بمفتاحها ودخلت تسبقها الذكريات، ضغطت مفاتيح الكهرباء من صندوق الكهرباء بالتدريج فانزاح الظلام عن البيت جزء جزء، ومعه تستيقظ ذكرياتها
كانت تتخيل امها وهي تجلس على السفرة تقطع البصل والخضار وهي تسمع صوت نجاة من الكاسيت ودموعها تسيل، وعندما تسألها: بتعيطي ليه يا امه!؟ تجيب كاذبة: البصل وجع عنيا
على تلك الاريكة كانت امها تتشاجر مع ابيها وتتوسل اليه الا يرحل وهي تبكي وتنتحب
دخلت غرفة النوم لتسمع صوت تاوهات امها من المرض وتتخيلها على الفراش تتقلب من الالم بعد ان فشلت كل المسكنات في التخفيف من الامها
لازال الكومودينو بجوار الفراش عليه علب الدواء التي غطتها الاتربة، ولم تجد فرصة لتتخلص منها بعد موت امها، فقد تركت البيت والبلد كلها وانتقلت للقاهرة بامر من د. ميرفت التي نصحتها بتغيير البيئة وتغيير حياتها لتخرج من حالة الاكتئاب العنيفة التي لازمتها في مرض امها وبعد وفاتها
خرجت من الغرفة تترنح وصوت تاوهات امها وبكائها يملا أذنيها، وارتمت على الاريكة في الصالة تتنفس بصعوبة، ومعها اعراض الغثيان والتعرق وانقباض الصدر والاختناق والدوار
لقد عاودتها نوبة ال panic attack من جديد
كانت تشعر بروحها تكاد تخرج من جسدها والدواء المهدئ ليس معها، لا تدري كيف تتصرف، هل تتصل بدكتورة ميرفت لتنقذها؟؟ 
لكن ما منعها انها ستضطر للخضوع لاستجواب د. ميرفت، ولن تتركها قبل ان تحكي لها كل شيء
وهذا ما لا يمكنها تحمله في الوقت الحالى
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،، 
على كورنيش النيل أخذ حسين يسير بعصبية ذهابا وايابا ينفث دخان السيجارة كتنين ثائر ورأسه يكاد ينفجر، وقد وضع الموبايل على سور الكورنيش وشغله على بلاي ليست نجاة الصغيرة
وشادي يجلس عل المقعد ياكل شطيرة لحم شهية ويراقب حسين وهو في تلك الحالة من التوتر والضيق
كانت الفكرة المسيطرة علي حسين في تلك اللحظة هي لماذا رحلت، ما الخطأ فيه لتتركه كل فتاة يحبها، لماذا يخرج من حياته كل من يتعلق بهم!! هل هو حقا انسان سيء لهذه الدرجة!! هل لديه مرض نفسي ويحتاج لطبيب كما قالت نجاة
صاح شادي بفم مملوء بالطعام: يا عم ما تيجي نروح مطعم ولا فندق بدل المرمطة دي، يعنى اخرتها ناكل في الشارع!! 
صاح حسين: عاوز تقعد يبقى تقعد وانت ساكت يا اما تمشي
دس لقمة طعام في فمه وسكت، ففي كل الاحوال لن يستطيع ان يتحدث الى حسين قبل ان يهدا، وهذه مهمة رنا، اتصل بها لانه يعلم ان صديقه بحاجة اليها وهو على حالته تلك
وهو ايضا بحاجة اليها، فوجود رنا يعني سهرة سعيدة في اغلى مكان وطعام جيد
وقف حسين لحظة ينظر تجاه النيل عندما مر لانش النزهات بالقرب، وهو يستعيد في ذاكرته اللحظات التي قضاها مع نجاة في نفس المكان، يستند الى كتفها
انتبه على صوت الاغنية:
بنفس الشوق، شوق في القلب يومه بسنة
بنفس الحب، حب سنين مليانة هنا
بنفس الخوف عليكوا لما بعدتوا عننا
بنفس اللهفة لما كنتوا زمان جنبنا
قاعدين ليالي مستنينكم
والدنيا صعبة بالبعد عنكم
وتعبنا يإحنا وزي ما إحنا
رحتوا جيتوا فاكرين نسيتوا
حتلاقونا يوم ما تيجوا
زي ما إحنا، زي ما إحنا
رحتوا جيتوا فاكرين نسيتوا
حتلاقونا يوم ما تيجوا
زي ما إحنا
ليلة من الليالي فاتونا
عيني لو صحيح نسيونا
ترقرق الدمع في عينيه ولم يعد يتحمل تلك النار التي تاكل ما بين ضلوعه، يشتاق اليها بقدر غضبه ونقمته عليها فهي ترفض ان ترد على اتصالاته، فمنذ ان رحلت ولا يكف عن الاتصال بها، فلا ترد او تغلق الموبايل
لم يكن باستطاعته ان يكرهها ولا لديه القدرة ان ينساها، لقد توقفت حياته عندها، كلما سرح بعقله يشعر بكتفيها تحت ذراعه، يشم رائحتها في كل مكان حوله، الالم الذي تركه فراقها بداخله اكبر بكثير من قدرته على التحمل
قال شادي: يا عم انت مزعل نفسك كده ليه، واحده راحت ١٠٠ ييجو، انت مش شايف نفسك، دانت برنس، شوية وهاتيجي اللي تظبطك وتخرجك من المود وتودينا نتعشى في احلى حته
رن موبايله فقال ضاحكا: اهيه يا معلم.. رنا وصلت
لم يسمع كلمة مما قاله الا الكلمة الاخيرة (رنا وصلت) 
التفت له بلا تركيز: رنا مين؟؟ 
قال ضاحكا: رنا صاحبتك بتاعه اسكندرية والسمك
صرخ فيه: انت اتصلت بيها؟؟ 
صدم من ثورته فقال بخوف: لا والله، دي هي اللي عمالة تتصل بيا تسال عليك عشان مبتردش عليها، عاوزه تعرف انت فين، قلتلها انك هنا عالكورنيش.. ايه انا غلطت ولا ايه!!
شعر بالاختناق فدفعه في كتفه بضيق ورحل مسرعا وتركه فاتحا فمه من الدهشة
بمجرد ان وصلت رنا واخبرها شادي ان حسين رحل ثارت ثائرتها، فما كانت تتوقع ذلك التصرف منه: كدة يا حسين!! بتتهرب مني!! مش عاوز تشوفني
قال شادي الذي كان اكثر ما يهمه ان يظل حسين ورنا اصدقاء ولا يفقد ميزة مصاحبتهما للعشاء في الاماكن الفاخرة: معلش اصبري عليه، اصله لسه قايم من المرض
التفتت له باهتمام: يعني ايه!! 
حكي لها عن الحادثة، فصرخت غاضبة: ازاي ميقوليش!! وكنت فين انت لما حصلتله الحادثة
قال: انا زيي زيك، معرفتش الا من كام يوم لما رجع يتصل بيا، ده اتغير خالص، بقى كئيب وإتم، حتى زوقه في الاغاني اتغير وبقى قديم اوي، ومبيسمعش الا نجاة، تقريبا كده عنده صدمة عاطفية
التفتت له وفي عقلها جرس انذار يرن وسالته: هي مش العروسه اللي جوزوهاله اهله كان اسمها نجاة!! 
قال: والله منا فاكر، اهي حاجة كده قديمة اوي
بس اللي فهمته منه انها سابته ومشيت، وهو دلوقت هيتجنن وانا مش عارف اتكلم معاه كلمتين على بعض
ادركت ان عليها استرداده باي ثمن، ومهما فعلت فهو قليل على حسين الذي تعرفه وتحبه
 تركت شادي وسارت عدة خطوات في اتجاه سيارتها ثم اتصلت بحسين لعله يرد عليها
سمعت صوت رنة موبايله من خلفها، فالتفتت بسرعة تبحث عنه، انه قريب جدا منها
لكنها لم تجد خلفها سوى شادي وكان مظهره مريبا، كان يدور حول نفسه يبحث في ملابسه بارتباك، والصوت يصدر منه
عادت اليه بسرعه وهو يخرج الموبايل من ملابسه ويوقف الرنة، ثم نظر اليها بارتباك مفضوح: تخيلي، حسين نسي موبايله كالعادة وكان هيضيع لولا اني شيلتهوله وكنت هرجع... 
صفعته صفعة قوية وصرخت في وجهه: هات الموبايل
اعطاه لها بخوف فقالت بتهديد: يعنى حسين مكنش بيضيع موبيلاته ولا حاجة!! وانت اللي كنت بتسرقهم منه
حاول الدفاع عن نفسه لكنه فشل بعد ان كشفته فبكى امامها: ابوس ايدك متقوليلوش
صاحت في وجهه: اخرس يا سافل يا حرامي، انا هبلغ عنك
اخذ يرجوها ويستعطفها الا تفضحه، حتى قالت: انا هسامحك بشرط، تعمل اللي هقولك عليه، ولو منفذتش كلامي بالحرف هبلغ عنك البوليس
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،، 
دخل البيت وبرغم انه يترك النور مفتوح دائما، لكنه شعر بالبيت وكانه مظلم والجو فيه خانق، لكنه يعود دائما اليه، فلازالت رائحتها فيه، كل شيء كما تركته، كما رتبته يديها، لم يعد يستطيع النوم في شقة امه رغم كل توسلاتها له ان يبقى معها في شقتها، لكنه يرفض بعناد
سمع جرس الباب فذهب ليفتح، ليجد امامه شادي: ايه يا عم هو انت كده دايما طاير ومحدش عارف يلحقك، على فكرة انت نسيت موبايلك عالكورنيش وجيت ارجعهولك، وكمان عشان رنا عاوزه تكلمك، وقعتنا في الغلط وزعلت البرنسيسة
افسح لرنا التي تقف خلفه فتقدمت ودخلت الشقة مع شادي ازيك يا حسين وحشتني
رد بلا تركيز: انت جيتي ازاي
قالت : جيت مع شادي، ومامتك فتحتلى الباب، على فكرة مامتك دي لطيفة جدا، انا حبيتها خالص
قال : قصدي.. قصدي. جيتي ليه؟ 
قالت: طيب ندخل الاول وبعدين نتكلم
سار امامهما الى غرفة الاستقبال، جلس على المقعد وساقه تهتز باستمرار واصابعه تعبث بلا شيء وعينيه زائغه تنظر في كل اتجاه
قال شادي وهو يخرج الموبايل من جيبه ويلوح به في يده: موبايلك اهو يا عم، متبقاش تنساه تاني
قالت رنا بحزن: انت ازاى متقوليش انك عملت حادثة، لو كنت اعرف كنت سبت الدنيا عشانك وركبت اول طياره وجتلك على المستشفى
بدا عليه انه لم يسمع شيئا مما قالته وان عقله في مكان اخر، فقالت ترجوه: حسين انت عارف انت غالي عندي قد ايه، انا جبت الفلوس من بابا عشان مشروعنا يكمل، حسين انت سامعني
التفت لها بلا تركيز: هه، مشروع ايه!! 
قالت: انا كلمت داليا وعبد الرحمن وفهمت منهم اللي حصل، اوعدك ان اللي حصل ده مش هيتكرر تاني، بس المشروع لازم يكمل والافلام تستمر
قال: رنا الموضوع ده اتقفل، انا سحبت نفسي من المشروع ومستنى عبد الرحمن يسوق الفيلم عشان يرجعلى فلوسي
هبت قائمة وصاحت فيه: يا حسين مينفعش كده، مش كل مشكلة تقابلك تهرب منها، الموضوع بسيط وممكن يتحل لو قعدنا مع بعض
بدا لها شاردا وكانه في عالم اخر، فاقتربت منه ووضعت كفها على كفه: يا حسين انا مقدرش ابقى في مكان انت مش فيه، مينفعش يمر يوم عليا من غير مشوفك واسمع صوتك، يا حسين انا بحبك
ارتمت على صدره فجاة ولفت ذراعيها حول رقبته واحتضنته
فوجئ بالموقف وشل تفكيره للحظات ولم يستطع مخه ان يترجم رد فعل مناسب للموقف بالسرعة الكافية وبقي مشلولا لحظات لا يعي كيف يتصرف، حتى افاق اخيرا وامسك بذراعيها يحلهما من حول رقبته وهي متمسكة به، حتى قام من مكانه وابتعد عنها وهو يقول بارتباك شديد: رنا.. رنا.. لو سمحت.. انا.. انا.. من فضلك انا عاوز ابقى لوحدي، شادي خدها وامشوا دلوقت
انفجرت في البكاء وصرخت فيه: انت ايه يا اخي، مبتحسش!! طول الوقت وانا بحاول اقرب منك وانت بتبعد، ليه!! فيا ايه غلط يخليك متحبنيش!! 
فقد قدرته على التحمل فصرخ بغضب: شادي.. خدها وامشوا انا مش ناقص
تركته ورحلت باكية وخلفها شادي، واغلق الباب خلفهما بعنف
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،

  •تابع الفصل التالي "رواية بلا حب" اضغط على اسم الرواية 

google-playkhamsatmostaqltradent