رواية وختامهم مسك كاملة بقلم نور زيزو عبر مدونة دليل الروايات
رواية وختامهم مسك الفصل السابع عشر 17
بعنــــــوان ” عندمــا يهـــوي القلـــب ”
دلفت “مسك” لتُصدم مما تراه أمامها حين رأت “غزل” أختها نائمة فى فراشها وكانت صدمتها كالتى رأت ميتًا خرج للتو من تابوت موته، كان جوارها طبيب يحاول أنعاش قلبها الصغير و”مسك” متحجرة تمامًا مكانها من الصدمة التى ألجمتها لتفوق من صدمتها عندما رأت أختها تنتفض وجسدها تشنج بألم لتسرع إليها وتبعد الطبيب عنها وفحصتها بعيني تبكي من السعادة لكونها حية وما زالت تمتلك الأمل فى عودة أختها مرة أخري وهناك احتمال أن يجتمعا معًا من جديد. تساقطت الدموع من عينيها بألم شديد فألتفت إلى والدها الذي يقف صامتًا وأختار أن يخفي بقاء أختها حية عنها، طلبت بعض الأشياء الطبية من “سراج” وعندما أحضرها أجرت جراحة إلى أختها بمساعدة الطبيب المجهول الذي فضله “غريب” عليها حتى يعتني بأختها المريضة، أنهت جراحتها فى السابعة صباحًا وخرجت من الغرفة ثم جلست على الأريكة أمام والدها الذي وقف غاضبًا من مكانه لكنها اوقفته هذه المرة بحديثها قائلة:-
-بابا
أستدار إليها بتأفف شديد وحدق بوجهها ثم قال:-
-أفندم!!
وقفت من مكانها بهدوء تام وتقدمت نحوه خطوة ثم قالت:-
-مش عايز تقولي عملت كدة ليه؟ بلاش خبيت عنى ليه؟ مش عايز تسمع منى حاجة؟
جز على اسنانه بزمجرة قوية حتى سمعت “مسك” صرير أسنانه من قوته وقشعر جسدها منه ثم قال:-
-أسمع أيه؟ مسك أى كان السبب ميديكش الحق تتجوزى من ورايا حتى لو كان جواز مصلحة أو جواز غلطة كان لازم ترجعيلي لأنى ابوكي مش واحد غريب، ولا منتظرة أنى أقبل بدا بسهولة زى ما الست الوالدة قبلت بدا
تنحنحت “مسك” بهدوء وعينيها تحدق بعيني والدها ثم قالت بلطف:-
-جواز أضطراري، كنت مُضطرة …
قاطعهة قهقهة “غريب” ضاحكًا على كلمتها وسببها لفعل هذا ثم قال:-
-أخر حاجة كان ممكن أتخيل أنى أسمعها منك الأضطرار… دا سبب كافي فى نظرك
-تيام…
قالتها بلطف وقبل أن تكمل كلمتها وضع يده أمام وجهها بحدة صارمة يمنعها من الحديث عن هذا الشيء والرجل الي دخل حياتها أضطرارًا كما تقول وقال بحزم شديد:-
-بس خلاص، مش عايز اسمع منك حاجة.. أنا كنت حالف لساني ما يخطبش لسانك العمر كله بس لولا حالة غزل وإصرار سراج أنه يجيبك مكنتش زماني واقف معاكي فى مكان واحد
أنهي حديثه وغادر المكان لتتأفف “مسك” بحزن يغمرها حتى غرقت بقاعه وجلست تنتظر لساعات أطول وحيدة حتى تطمئن على “غزل” وقلبها رغم حزنه على فراق أبيها ألا أنه يرفرف فرحًا بـ “غزل” أختها التى تراها أمامها تتنفس تحت الأجهزة، أعطتها العلاج فى الكانولا وجلست جوارها وأخبرتها بما فعلته مع “بكر” بمساعدة “تيام”، أخذت يد “غزل” فى يديها بحنان ثم قالت بلطف:-
-متسيبنيش يا غزل، أنا جربت فراقك مرة ومش هقدر أتحمله تاني، أنتِ قوية وأنا أتعلمت القوة منك فأرجوكي خليكي قوية للأخر
رن هاتفها يقاطع حديثها مع اختها فنظرت به وكانت “ورد”، خرجت من الغرفة بخفوت ثم أستقبلت الأتصال بعفوية وقالت:-
-أنتِ معندكيش حاجة تعمليها اول ما تصحي غير أنك تتصلي بيا
تبسمت “ورد” بعفوية ثم قال ببراءة:-
-صحيتك؟
-لا، أنا فى المستشفي عندى شغلي
قالتها “مسك” بعد أن دلفت إلى المطبخ لتصنع كوب من النسكافيه وتحدث “ورد”، تحدثت “ورد” بلطف وأصوات البحر والأمواج يداعب نبرتها الدافئة:-
-كويس، كنت خايفة اكون صحيتك أنا برضو قولت مفيش تنام لحد الساعة 10، دا تيام بجلالته صاحي من ساعة ونزل الشغل
تبسمت “مسك” وهى تسكب الماء المغلي فى الكوب بحماس وقالت:-
-بجد!!
-أمال أيه؟ معاه دلوقت فوج إيطالي وكله مزز مقولكيش أيه نار يا صديقتي هههههههه بس الغريب أن تيام مركز فى شغله فعلًا وسألني على أفضل رحلة تحت الأعماق
قالتها بجدية رغم أندهاشها من حالته فقالت “مسك” بلطف وهي لا تستوعب أن من تتحدث عنه هو زوجها العاطل عن العمل، المتمرد:-
-متأكدة أنه تيام؟ غريبة أيه الى غيره كدة
ضحكت “ورد” وهى تسير على الممشي الخشبي يسعادة وعينيها تحدق بـ “تيام” الي يقف على اليخت مع السياح يتحدث معهم عن المكان، قالت بجدية:-
-معرفش يمكن إصراره أنه ينتصر على زين، مش هتصدقي أنه جاب دبلة ولبسها وبقي كل ما يشوف بنتها بتعاكسه بيقولها أنه متجوز… بقي ماشي يذيع خبر جوازه منك فى اليوم عشروميت مرة تقريبًا
جلست “مسك” على الأريكة وهى تضع الكوب الأسود على الطاولة بدهشة مما تسمعه وكيف تبدل حاله خلال شهر واحد فارقها فيه، تمتمت بخفوت وهى ترتشف القيل من الكوب:-
-أشك!!
سمعت “ورد” كلمتها لتحول الأتصال إلى مكالمة فيديو حتى تجعله تراه وهو يعمل بحزم مع الأجانب فوق اليخت فتبسمت “مسك” فور رؤيته يعمل ويتحدث معهم من بعيد، أدارت “ورد” الكاميرا إليها لتري بسمة “مسك” فقالت بحماس:-
-قفشتك! أيه دا يا هانم؟ أنتِ بتحبي من ورايا ولا أيه؟ ولا أيه سر السعادة دى ها؟ أعترفي
توارت بسمتها وتحولت لوجه حاد ثم قالت بجدية:-
-خليكي مكانك وأنا هجي أعتراف لك فيس تو فيس
-هههههه لا خلاص مش عايزاك تعترفي
قالتها “ورد” بخوف طفيف من مقابلة هذه الفتاة التى ستخبرها بيدها عوضًا عن لسانها إذا تقابلا الآن، تبسمت “مسك” من جديد بخفوت ثم أغلقت معها الأتصال وولجت إلى “غزل” تطمئن عليها ثم رحلت إلى المستشفي لتبدأ يومها فى العمل بين المرضي…..
____________________________
(المدينة الزرقاء blue city)
عاد “تيام” من البحر مع الغروب مع مجموعة من الأجانب ومعه “ورد” و”فادي” ومجموعة من الغوصين الأخرين، أتجه إلى غرفته وبدل ملابسه بعد حمام دافئ وأرتدي بنطلون أسود وقميص أسود، وقف أمام المرآة يصفف شعره ليرى القلادة الموجودة حول عنقه وبها تميمة حظه رصاصتها كما أسمها، مسكها بأنامله ثم أخرج هاتفه وأتصل بها من جديد ولم يصل لها الأتصال فكان يعلم أنها وضعت رقمه فى قائمة الحظر، تبسم على هذه الفتاة المتمردة وعنيدة. هجرته “مسك” وحظرته فقط لأنه غادر دون أن يودعها رغم أنها من كانت تطلب منه دومًا الرحيل وحينما لبي طلبها خاصمته، لا يفهم هذه المرأة حقًا ومثلها من النساء اللاتي يتفوهن بما لا يريدن….
ترجل للأسفل وطلب من أحد الموظفين أن يحضر له شريحة أتصال جديدة حتى يتصل بها، دلف إلى المطعم وطلب عشاءه، جلست “ليلة” على الطاولة المقابل له وعينيها تحدق به فجاءها النادل وقال:-
-تطلبي أيه؟
-زيه
قالتها بهدوء ويدها تشير على “تيام” ليرفع حاجبه إليها بغرور وكبرياء قاتل لكنها قابلت تعجرفه ببسمة دلالية، تحاشي النظر إليها بضيق ونظر بهاتف يتفحص حساب “مسك” على الأنستجرام ومعظم الصور ألتقطت لها داخل ندوات طبية أو المستشفي بزي الأطباء والجراحة ليبتسم بعفوية على جمالها رغم جديتها الصارمة فى الصور فلا تملك صورة واحدة تحمل بسمة عفوية، تطلع بعينيها الرمادتين وأناقتها بهذه الصورة وهى تستسلم شهادة الداكتورة من جامعة أمريكية بالخارج ووجهها حاد؛ أدرك سبب فخرها بنجاحها ورأسها المرفوع دومًا بسبب ما وصلت غليه فى هذا السن، أوشكت على الثلاثينات من عمرها ولم تهتم بسن الزواج كبعض الفتيات بل كان أهتمامها الوحيد والأول هو نجاحها لذا حققت هذا النجاح بإصرار وعناد يليق بها، بدأ يترك إعجاب على كل صورة حتى صورة فنجان قهوتها وضع عليه إعجاب، توقف عن فعل ذلك عندما تلقي مقابل إعجابه ومتابعتها حظرًا منها للتو، أندهاش من صرامة هذه الفتاة وقرر أن يذهب إليها غدًا ليعاقبها على ما فعلته للتو …
قاطع غضبه منها جلوس “ليلة” على طاولته دون أذن منه فرفع نظره إليها بصدمة ألجمته وقال بأشمئزاز:-
-أيه دا؟
-ممكن أقعد معاك شوية
قالتها “ليلة” بنبرة لطيفة لتُدم من رده حين قال بغلاظة ونبرة قوية:-
-ما أنتِ أترزعتي خلاص، وهوفر عليكي وهقولهالك تاني أنا متجوز
قالها ورفع بنصره الأيسر الذي يحمل دبلة زواج، نظرت “ليلة” إلى بنصره بهدوء ثم رفعت ذراعيها تعقدهما على الطاولة ثم قالت بسخرية:-
-وهي فين مراتك دى؟ فى واحدة عاقلة برضو تبقي متجوزة القمر دا وتسيبه كدة لوحده وتمشي
تبسم “تيام” بغرور وقال بفخر بزوجته الجميلة:-
-مش هرد عليكي عشان واحدة رخيصة زيك مش هتفهم
ترك لها الطاولة والمكان كاملًا وغادر لتستشيط “ليلة” غيظًا من هذا الرجل الذي يشبه لوح الثلج، أنطلق فى طريقه إلى سيارته وقبل أن يصعد أعطاه الموظف شريحة الاتصال التى طلبها، أخذها وصعد إلى سيارته ثم أنطلق بطريقة إلى القاهرة حيث زوجته المتمردة؛ لا يخشي القيادة ليلًا ولم ينتظر حتى الصباح…..
_____________________________
وصلت “ورد” على الشاطئ بعد أن وصلها رسالة من “زين” يطلب لقاءها لتصدم عندما رأت “زين” قد أعد لها مكانًا رومانسيًا، والشموع المُلتهبة تغرس فى رمال الشاطئ على الجانبين تصنع لها ممشي حتى تصل إلى أرضية خشبية مربعة بزواياها الأربعة يوجد أعمدة خشبية بها ستائر بيضاء تتطاير وترفرف مع الهواء البارد ومصنوع قلب من الورد الأحمر على الأرضية الخشبية كبير ويقف “زين” بداخله مُرتدي بدلة رمادية ويصفف شعره وكان مُتأنق على أكمل وجه، أقتربت منه بدهشة وقلبها يرفرف فرحًا مما تراه ونبضاته تتسارع وأوشكت على التوقف من وهل الفرحة التى أصابتها، شعرت كأنها طير مُحلق بين السماء والأرض من سعادتها، وصلت إليه والشموع مُستمرة مع خطواتها وتحيط بالقلب الوردي لتصنع قلب أكبر حولهما، تمتمت “ورد” بلطف وبسمة تنير وجهها أجمل من إنارة هذه الشموع:-
-أيه دا؟ كل دا عشاني
تبسم “زين” وهو يأخذ يدها فى يده ثم قال:-
-وقليل عليكي يا وردتي
ضحكت بعفوية عليه ولمست وجنته بيدها بدفء ثم قالت:-
-تعبت نفسك يا حبيبي.. وكمان بدلة
ضحك على أناقته اكثر وقال بعفوية وزمجرة وهو لا يُطيق هذه الملابس:-
-ساعة واحدة، ليكي ساعة يا وردتي
ضحكت “ورد” أكثر ثم نزعت عنه رابطة عنقه التى تقيده وتخنقه أكثر ثم قالت:-
-بس أنا بحبك وأنت كاجوال يا زين مش محتاج تلبس ليا رسميتك وتخنق نفسك، أنا بحبك وأنت على طبيعتك
نظر إلي عينيها وضربات قلبه تضرب ضلوعه الصلبة بقوة وكأن هذا القلب يرغب بأن يخرج من هذا السجن الذي يعيش به ويذهب إلى “ورد”، أبتلع لعابه بتوتر شديد ثم لمس وجنتها بيده بلطف وقال بنبرة هامسة ناعمة:-
-وأنا بحبك يا وردتي وعشان بحبك ….
توقف عن الحديث وجثو على ركبته أمامها وأخرج من جيبه علبة مربعة صغيرة وفتحها ورفع رأسه إليها وعينيها لا تقوى على تحاشي النظر إليها أو النظر لشيء أخر بحضرتها، قال بنبرة دافئة:-
-أنا بحبك يا ورد… لا بعشقك ومعشقتش حاجة ولا حد قدك ولا غيرك وكل لحظة بتمر وأنتِ بعيد عن حضني بتكون سنة حتى وأنتِ معايا وعشان كدة أنا عايز حضني يكون بيتك وحضنك يكون سكنى الوحيد فى العالم دا … تتجوزينى؟
دمعت عينيها وهى تستمع إلى كلماته وجلوسه أمامها راكعًا يطلبها للزواج رغم كونها خطيبته وتحمل فى بنصرها خاتم خطبتهما، تساقطت دموعها فرحًا على هذا الرجل الذي كان عوضًا لها عن عائلتها التى فقدتها فى صغرها وسندها بعد أن كبرت على يديه وترعرعت أمام ناظره، تعلمت كل شيء معه وشاركته كل شيء بحياتها وكل ثانية كان “زين” بها ومعها، جلست “ورد” على ركبتيها اماه وأخذت وجهه بين يديها بحنان وعينيها تبكي فرحًا وسعادة تغمرها لم يتحملها قلبها فبكت عينيها ربما تفيض هذه السعادة للخارج وتستطيع التنفس من شدة سعادتها وعشقها الذي يفتك بقلبها الآن، شعرت بأنها تحتاج لـ “مسك” تضرب قلبها بجهاز إنعاش القلب الكهربائي وتصدمها حتى تعود للواقع من شدة حُبها لهذا الرجل، حدقت بعينيه التى تعانقها بدفء ينبعث منه الأمان والهوي الي غلبهما معًا وأسقطهما معًا فى دوامة من المشاعر الدافئة..
تحدثت “ورد” بنبرة خافتة:-
-أنت بتسألنى يا زين؟ أنت المفروض تقولي هتجوزك حتى لو غصب عنك… أنت مش أختيار فى حياتي يا حبيبي،أنت عمري كله، من يوم ما أتولدت وانا معرفش غير زين، أنا عمري يعنى زين، أنت نبضة قلبي اللى مليش خيار فيها وأكسجينى اللي بتنفسه من غير تفكير ولا أختيار
أخذ يدها التى تلمس وجنته ووضع بها خاتم الزفاف المصنوع من الألماس فوق خاتمها المصنوع من الفضي الذي ترتديه من أكثر من عشر سنة، أشتراه لها فى نجاحها فى الأعدادية ولم تخلعه من يدها نهائيًا وربما ما ساعدتها نحافتها التى ظهرت مع كبرها فعندما كانت طفلة كانت أسمن بكثير من وضعها الآن، وضع قبلة فى باطن يدها ثم رفع نظره إليها وعينيه تبتسم قبل شفتيه وقال:-
-أنا بحبك يا وردتي
-وأنا بعشقك يا عمري، أنت عمري كله يا زين
قالتها “ورد” بلطف ليضمها إليه بسعادة يشم رائحتها ويكاد يقسم لو كان للعشق للرائحة لأنبعثت منه رائحة “ورد” فقط ….
_____________________________
(مستشفي القاضي )
خرجت “مسك” من غرفة العمليات مُنهكة فى العمل، ليلًا تذهب لفحص “غزل” وصباحًا تأتي إلى المستشفي وقليلًا ما تنام، طقطق رقبتها يمينًا ويسارًا وهى تمد ذراعيها للأمام فى حركات دائرية، طلبت قهوتها من الكافتريا ثم أنطلقت فى طريقها، رأها “تيام” وهو يدخل من المستشفي بعد أن وصل إلى المنزل وأخبرته “بثينة” أن ابنتها بالمستشفي فجاء إليها، تبسم وهو يراها تسير هناك مُرتدية زى العمليات الأخضر بنطلون وتي شيرت بنصف كم فضفاض تدخله فى البنطلون وتضع البطلو الأبيض فوقهما، شعرها مُنسدل على ظهرها وترتدي حذاء رياضي أبيض، أخرج هاتفه ليتصل بها. رن هاتفها يقاطعها عن شرب قهوتها، أخذت رشفتها الأخيرة وألقطت بالكوب الورقي فى أول صندوق قمامة وتستقبل الأتصال من هذا الرقم المجهول فقالت بنبرة مُتعبة:-
-ألو
-أنتِ بتبلكينى يا مسك
قالها بجدية صارمة مُصطنعة، تبسمت بخفوت على صوته الذي ميزته جيدًا ثم قالت بحدة وغلاظة:-
-هو أنت؟ عايز أيه؟
تحدث بنبرة غليظة مُصطنعة وعينيه تراها أمامه:-
-هعوز منك أيه؟ أنتِ حليتك حاجة تتعاز يا مسك، والله لو في منك فايدة كنت عوزت
تأففت بغيظ شديد من كلمته وقالت ببرود شديد تكبح غضبها قبل أن تقتله:-
-دا رقمك!
أتاها صوت “تيام” عبر الهاتف وقدميه تسير خلفها عن بُعد:-
-اه
تحدثت “مسك” بحزم واضعة يدها الأخرى فى جيب البلطو الأبيض الذي ترتديه قائلة:-
-متغيرهوش تاني عشان خسارة وقتي اللى بيضيع فى البلوك مرة ثالثة
أنهت الأتصال بغضب من تصرفه ووضعت رقمه الآخر فى قائمة الحظر، وقفت أمام مكتب الأستعلامات لترى موعد الجراحات التالية لها، وقف “تيام” جوارها ووضع يده على كتفها لتمسك ذراعه وألوته بقوة لكنها صُدمت عندما رأت وجهه وتركته سريعًا، تبسم على أندفاعها وقال:-
-ايه لسانك مبيعرفش يسبق أيديك
ظل تحدق به بأندهاش من ظهوره الآن من العدم أمامها وأخذت الأوراق وذهبت بعيدًا عنه فأسرع “تيام” خلفها بحماس وقال بعفوية:-
-أستنى بس
لم تجيب عليه واخذت مسار غرفة العمليات بوجه عابس رغم أن بداخلها جزءً يرفرف فرحًا لرؤيته بعد هذه الفترة من الغياب ليقول:-
-مسك
-ايه اللى جابك؟
قالتها بصرامة ويدها تضغط على زر المصعد فوق أمامها مباشرة وقال بعفوية وعينيه ترمقها بسعادة وحب دافئ:-
-وحشتينى
رفعت حاجبها إليه بأندهاش من كلمته وبدأت قشعريرتها تضرب جسدها وثورة ربكتها تحتل عينيها مركزًا لقيام هذه الثورة، تنحنحت “مسك” بحرج منه وتحاشت النظر عنه بتوتر ودلفت للمصعد، تابع “تيام” بنبرة ناعمة وهو يدخل المصعد خلفها:-
-والله وحشتيني، وحشاني خناقك وصوت العالي وعصبيتك وضربك، وحشاني عنفك وجراءتك يا مسك
ضربته بالملف على صدره من حديثه أمام ركاب المصعد فأخذ يدها فى قبضته بالإكراه وقال بعفوية:-
-فى ايه واحد بيقول لمراته وحشتيني
-تيام
قالتها بخفوت ونبرة هامسة إليه وعينيها تنظر للجميع وتبسم بعضهم على هذا الزوج الذي يخبر العالم بأسره عن شوقه إليها دون حرج، حرجت “مسك” منهم وتوقفت عن جداله أمام الركاب وشعرت يده تقل من ضغطه على يدها وتشابك إياها بحنان،خرج بعض الركاب واحدًا تلو الأخر فى كل طابق ولم يبقي سواهما، سحبت”مسك” يدها منه بأغتياظ وقالت بزمجرة:-
-أنت بتستعبط صح؟
صُدمت عندما كان جوابه عناقًا منه إليها وطوقها بذراعيه بأحكام حتى لا تفر منه وقال:-
-والله وحشتيني يا مسك
أزدردت لعابها بصدمة ألجمتها وأنتفض قلبها مُربكًا من هذا العناق، رفعت يدها لتسحبه من ملابسه من الخلف بعيدًا لكنه كان أقوى من سحبتها ويقيدها بذراعيه بأحكام ويستمع لصوتها تقول بتهديد:-
-أنت ناوي على موتك يا تيام
تبسم على تهديدها ودفن رأسه فى كتفها يشم رائحتها ويشعر بدفئها، تنهدت “مسك” بتذمر من فعلته وسكنت تمامًا بين ذراعيه مُدركة أن كل محاولاتها فى أبعاده ومقاومته فاشلة بسبب قوته الجسدية، تبسم بإشراق أكثر على هدوءها وتوقفها
عن الهرب من عناقه ليغمض “تيام” عينيه مُستمتعًا بهذه اللحظة معها و”مسك” تصطنع الصمود رغم أرتعش قلبها من الداخل وهى تستمع لصوت أنفاسه ودقات قلبه من هذا القرب حتى رائحته الرجولي تغتصب أنفها وتثير ربكتها وتوترها أكثر….
____________________________
(المدينة الزرقاء blue city)
صرخت “زينة” بغيظ شديد مُستشاطة غضبًا من هذا الرجل:-
-أخرس خالص كله من تحت رأسك أنت؟
-أسمعيني بس يا أنسة زينة؟
قالها “متولي” بجدية، ضربت “زينة” الملف الموجود أمامها فى وجهه بقوة غاضبة منه وبعد كل ما حدث ما زال يتحدث عن أفكاره الخبيثة لتقول:-
-أتكلم مرة تانية ولا أقترح حاجة تاني وهيكون موتك هو ردي عليك
تنحنح “متولي” بحرج خوفًا منها ثم أنحني لكي يجمع الأوراق المنثورة على الأرض وجزت “زينة” على أسنانه وعقلها لا يستوعب أنها فقدت كل شيء الآن وتفكير كيف تسترد ما سلب منها…..
غادر “”متولي” المكتب بخوف من غضبها وربما إذا ظل أمامها اكثر يطرده نهائيًا بهذه اللحظة ….
____________________________
خرج “بكر” من مقر النيابة بسبب محاميه الذي وضع كل شيء على عاتق “إيهاب” مساعده خصيصًا أن شركة غسيل الأموال تحت أسم “إيهاب”، لم يفرق محاميه كثيرًا عن قذرة “بكر” فتنفس “بكر” بهدوء وصعد إلى سيارته ثم قال بحزم:-
أجابه السائق بنبرة قوية قائلًا:-
-تيام الضبع …
تنهد “بكر” بهدوء وتوعد بالأنتقام من “تيام” ورد الضربة إليه بضربة قوية مُميتة تقتله هذه المرة ليحقق ما فشل “إيهاب” في فعله…….
- يتبع الفصل التالي اضغط على ( رواية وختامهم مسك ) اسم الرواية