Ads by Google X

رواية بلا حب الفصل السابع عشر 17 - بقلم سوكه

الصفحة الرئيسية

 رواية بلا حب (كاملة جميع الفصول) حصريا عبر دليل الروايات بقلم سوكه

رواية بلا حب الفصل السابع عشر 17

بلا_حب
بارت١٧
اخذت تدور في البيت الخالي تمسح الجدران بيدها وذكرياتها تردد اصوات الاموات والاحياء، الان تشعر بقلب امها وهو ينفطر لبعد ابيها، الان فقط تعلم كم كانت تحبه وقتلها غيابه، انه الشوق الذي يحطم الفؤاد والوحدة التي تسحق الروح
غابت كل الاصوات من عقلها الا صوت د. ميرفت :مش هتقدري يا نجاة، مش هتقدري تعيشي لوحدك، انتي محتاجة لحد يحسسك انك عايشة، تتخانقوا تتصالحو مش مهم تقطعوا بعض مش مهم تحبوا بعض تكرهوا بعض مش مهم
المهم تحسي انك عايشة، بتحبي وتكرهي وتزعلى وتفرحي، حسين بكل مشاكله وعيوبه وجنانه
هو الوحيد اللي حسسك انك عايشة
ابتلعت الدواء المهدئ ومعه غصة في حلقها نزلت على قلبها تحرقه، هل اخطات بترك زوجها والهروب للبلد، هل كان عليها ان تمنحه فرصة ثانية، ماذا لو اختار غيرها!! ومن هي بجوار حبيبته السابقة او الفتاة التى تسمى رنا، نظرت في المرآه وتحسست ملامحها والهالات السوداء تحت عينيها، وبدا لها وجهها قبيحا بشعا، فانقبض قلبها ب شي دة وابتعدت عن المرآة، عاشت عمرها كله وهي على يقين ان لن يحبها احد ابدا، فنساء القرية جميعا ينظرن اليها ويمصمصن شفاههن، وكم من مرة سمعتهن يتهامسن مشفقات، بانها لن تجد عريسا ولن ينظر لها احد
فلماذا يحبها حسين!! لماذا ينظر اليها وحوله الجميلات يختار من بينهن ماشاء
تتذكر اليوم الذي دبرته سارة لهما ليلتقيا في النادي ويراها وتراه، بمجرد ان راته شعرت بقلبها ينفتح له، ولم تصدق حقا انه قبل بها، كان الامر اشبه بمعجزة، او هي بركات صلاة الاستخارة ان جعل شاب مثله يوافق على الزواج منها
ضاق صدرها عندما تذركرت ما حدث بعدها وما فعله في ليلة زواجها
اخرجها من ذكرياتها صوت اشعارات الموبايل، فتحت الواتساب وحدقت في الشاشة طويلة وقد تجمدت كل خلية في جسدها وتباطات انفاسها
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،، 
ضاقت به الحياة بكل ما فيها، جرى الى سيارته وركبها وانطلق، عندما رأى الشاب مسئول الصيانة ملقى على الارض وحوله العمال ومعهم حسن يحاولون افاقته، 
فكرة وحيدة سيطرت تماما على تفكيره
انه مجرم يستحق العقاب
وجوده في الحياة صار عبئا على كل البشر، من يعرفهم ومن لا يعرفهم، امثاله يجب ان ينفوا من الارض ليرتاح الناس من افعالهم الخرقاء وتصرفاتهم المجنونة
لم يستجيب لنداءات حسن وهو يصرخ عليه ان ينتظر ولا يتحرك من مكانه
لقد ارتكب لتوه جريمة وعليه ان يدفع ثمنها، ولن يدع حسن يحمل هم حماقاته ويحل له مشكلاته التي صنعها بيديه، ان كان حقا رجل فعليه تحمل تبعات افعاله
اوقف سيارته امام قسم الشرطة ودخل مسرعا يطلب تقديم بلاغ ليعترف فيه على نفسه بما ارتكب
وصل حسن الى قسم الشرطة بمجرد ان اتصل الضابط بالمصنع وابلغهم بالأمر بعد ان حصل على رقم تليفون المصنع من النت، فحسين فقد موبايله، وكعادته اخذ حسن على عاتقه حل الموقف، ورغم محاولات حسين للاعتراض، وكلامه المستمر عن انه يجب ان ينال عقابه، لكن حسن اسكته ودخل للضابط الذي تلقى البلاغ ليحل المشكلة 
ولم يصدق حسين عينيه عندما وجد الشاب مسئول الصيانة يدخل القسم ومعه بعض العمال، وتم حل المشكلة وديا مع وعد من حسن بتعويض الشاب تعويض كبير مرضي له
خرج حسين من القسم وبجواره حسن لا يكف عن الكلام ولا النصيحة لأخيه، لكن حسين لم يسمع كلمة مما قاله، فعقله لازال متمسكا بفكرة انه مجرم يستحق العقاب، ثم قفزت فكرة اخرى لعقله جاورت الفكرة الاولى ان لم يكن مجرم فهل هو مريض نفسي يحتاج لعلاج!! كما قالت نجاة
ربما نجا من الجريمة التي ارتكبها، لكنه اضاع امواله واموال اخيه
كل خطوة خطا يخطوها بنزيف من المال، كل خطوة بخراب، لم يعد الامر يقتصر على انه كتلة فشل تسير على قدمين، بل اصبح خطر على نفسه وعلى كل من حوله
افاق على صوت اخيه: يا حسين انا مبقتش قادر اجرى وراك 
التفت له ونظر في عينيه بندم شديد، يريد ان يقول له اسف سامحني، لكن الاسف لم يعد يجدي، انتهى رصيد الكلام وفقد فاعليته، وعليه ان يفعل شيئا، عليه ان يتوقف عن ان يكون حملا ثقيلا على راس اخيه وخسارة فادحة له
مد حسن الموبايل له: خد موبايلك، كان واقع في المصنع
لم يسمعه، التف وانطلق مسرعا الى السيارة واخوه حسن يصرخ عليه بكل ما في قلبه من غضب، لكن حسين كالعادة لم يسمعه وانطلق بالسيارة بجنون
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،.  
بعد أن تيقنت ان قصة زواجها انتهت تماما وما هي الا اسابيع او شهور وييأس حسين وتحصل على ورقة طلاقها، لم يعد لديها سوى عملها لتغرق نفسها فيه، كان افضل قرار اخذته بعد سلسلة القرارات الخاطئة التي ادت بها للعودة من حيث اتت
ادركت اخيرا ان لا مكان في العالم سيحتويها الا مكانها الحقيقي، الحل الوحيد لها الان هو ان تعود قوية وان تواجه مخاوفها لا ان تهرب منها
في القاهرة كانت كسمكة خارج الماء انقطع عنها الاكسجين فلم تعد تستطيع التفكير، كل ما كانت تقوم به هو حركات لا ارادية تحاول ان تبقى بها حية
الان عادت لبيئتها الطبيعية التي تعرفها وتألفها، عادت لأهلها وناسها، من يعرفونها جيدا ويحبونها ويعرفون قدرها، كانت حياة المدينة بالنسبة لها جحيما لا يطاق، غربة تقتل الروح، لم تخرج منها بعلاقة انسانية واحدة صحيحة، لا زوج لا صديقات، لا شيء
علاقات المدرسة كلها تنافس واحقاد، والكل ينظر لها كفلاحة زحفت للمدينة لتستولي على رزقهم منها، رغم انها لم تكن بحاجة لمزيد من المال، فراتبها من مدرستها القديمة يكفيها مع ايراد قطعة ارض صغيرة مستاجرة، وحياتها المادية تسير بشكل مرضي
كل ما كانت تبحث عنه هو ان تتعرف على ناس جدد تنسى بينهم ما مر بها 
لكنها ادركت اخيرا بعد كل تجاربها الفاشلة في القاهرة انها ما كان ينقصها ناس جدد، بل كان ينقصها ان تعيد علاقاتها بمن تعرفهم وتحبهم، بإخوتها واقاربها وجيرانها ومعارفها، بعد ان عاشت لوقت طويل وحيدة ومنغلقة على نفسها
كانت البداية هي قطع اجازتها الطويلة وعودتها لعملها الحكومي ولقد رحب مدير المدرسة بها، فهو يعرفها ويعرف سيرتها الحسنة في التدريس وكانت دائما العنصر النشط في مدرسته، من يحل المشاكل ويحمل الهم ويسد الثغرات ويعمل اكثر من عمل في المدرسة، بالإضافة الى ثقة اولياء الامور التامة بها، وقدرتها على حل الكثير من مشكلات الطلبة
وبمجرد ان عادت حتى استبشر بها خيرا انه وجد اخيرا من يلقي عليها بجزء كبير من الحمل الثقيل لمدرسة غاب عنها الكثير من المعلمين والكثير منهم ينفض يده من مشاكل المدرسة والطلبة وياتي فقط كزائر يثبت حضورا دون حضور حقيقي، لذلك وعدها انه سيسعى جاهدا لدى الادارة التعليمية ليجعلها وكيلة المدرسة رغم انه يعلم جيدا انها ستبذل كل جهدها بضمير في العمل ولن تتأخر عن الكبير ولا الصغير سواء كانت في موفع وكيلة او موقع معلمة عادية
بدات تعتاد الوحدة في بيتها، وتألف صدى صوته الذي يلازم اذنها ليل نهار وهو يناديها باسمها
قضت وقت طويل حتى تغلبت على عادة التلفت حولها كلما ردد عقلها صدى صوته وهو يناديها، وصارت تكتفي بالتوقف والشرود لحظات حتى يقتنع عقلها بأن الصوت ليس حقيقيا وانه صادر من نبع ذكرياتها، ثم تفتح الصور على الموبايل وتعيد النظر فيها وفي تفاصيلها فتمتلئ بالضيق والغيظ وتقضي تماما على صوته في افكارها وتستطيع التركيز في عملها
ذلك المساء كان الصوت في عقلها مدويا، لدرجة انها لم تستطع التركيز في تحضير دروس الغد، وذابت السطور في عينيها ولم تقرأ حرفا، أغلقت دفترها وفتحت صوره على الموبايل، لكن تلك الطريقة ايضا لم تعد تجدي وظل الصوت كما هو في عقلها
وضعت الموبايل في جيبها واخذت تدور في البيت تبحث عن شيء تفعله، فلم تجد، فالبيت مرتب والمطبخ نظيف
فكرت ان تصنع حلوى للعشاء، لكنها شعرت بطعم مر في فمها عندما تذكرت ان لا احد سيشاركها الطعام، فعافت نفسها الحلوى، وعدلت عن الفكرة
ارتدت اسدالها وخرجت من البيت بعد المغرب لتسقي احواض الزرع الملتصقة بجدرانه والشجر حوله، فقد كانت امها تحرص على ان يكون حول البيت خضرة وزهور، لكن الصوت لم ينطفئ من عقلها، بل أخذ يعلو وهي تكاد تجن، حتى انتفضت على جملة جديدة اخترقت أذنها: بنادي عليكي، مبترديش ليه
ظنت ان الجنون عرف طريق عقلها، فأخذت تتلفت وفوجئت به واقف خلفها، تجمدت كالصنم واخذت انفاسها تتسارع، أهو حقيقة ام خيال، هل دخل عقلها في نوبة هلوسة!! 
لكنه أيقظها من الصدمة: نجاة انا.. انا.. محتاج اتكلم معاكي
من نبرة صوته السريعة المتقطعة، وعينيه الزائغتين وحركات جسده المتوتر أدركت انه ليس في حالة طبيعية، وانه في مشكلة جديدة، نظرت خلفه فرأت سيارته وقد ترك بابها مفتوحا ففهمت انه في حالة فقد تركيز
انتفضت على صوت رنة موبايلها فردت على المكالمة لتسمع صوت حسن وهو يصيح بقلق شديد: نجاة، حسين مش لاقيينه، ركب عربيته ومشي ومحدش يعرف عنه حاجة، وموبايله مش معاه، انا عارف انه بيدور عليكي، لو جالك خليه عندك متسيبيهوش يمشي، حسين مش في حالته الطبيعية 
ادركت انها لن تستطيع ان تقول امامه ان من على الخط هو حسن، فهي لا تعرف ما المشكلة الجديدة التي تسبب بها، فتمتمت بكلمة واحدة واغلقت الهاتف: حاضر، حاضر 
قال حسين بتوتر بالغ: بقولك محتاج اتكلم معاكي
قالت بهدوء: طيب طيب، ادخل البيت وجاية وراك حالا
عدم رفضها الحديث معه ودعوته لبيتها جعل توتره يهدا بعض الشيء، فسبقها الى البيت، ووقفت هي تنظر للطريق يمينا ويسارا، حتى وجدت مجموعة من الاطفال والفتية يلعبون كرة القدم على مسافه من بيتها، فاشارت لهم بطول ذراعها فاتى ثلاثة منهم يتسابقون اليها، فكلهم تلاميذ في نفس المدرسة ويعرفون ميس نجاة ويحبونها، أملتهم بعض التعليمات فانطلقوا ينفذوها بسرعة، ثم اتصلت بالرقم الاخير الذي اتصل بها، واخبرت حسن ان حسين في بيتها، فقال باطمئنان: انا جاي حالا، متخليهوش يمشي مهما حصل
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،، 
دخلت البيت ووجدته جالسا على مقعد السفرة وراسه بين كفيه، حاولت الهرب للمطبخ وقالت بهدوء: دقايق هحضر العشا
صاح فجاة وهو ينتفض من على الكرسي: لا.. لا مش عاوز.. محتاج اتكلم معاكي
اضطرت ان تبقى معه في مكان واحد وجلست على الكرسي المقابل له لتبقى السفرة مسافة امنة بينها وبينه، وسكب هو الكلمات بغير ترتيب ولا نظام، كان يثرثر بلا هدف، فقط يحتاج ان يراها، ان يشعر بانها تسمعه، انها لازالت في حياته، وفي خلال حديثه كانت جملة واضحة تتكرر مرات كثيرة انا عارف ان عندي مشكلة
تركته يثرثر كما يريد دون ان تقاطعه او تقول اي كلمه، كان هدفها ان يمر الوقت حتى ياتي حسن ويحل الامر ويعيده للقاهرة، لكن بمرور الدقائق ادركت انها انزلقت من جديد في فخ التعاطف، وان قلبها سيتحرك له من جديد، وخاصة وانها لم تشفى بعد من اثر الفترة السابقة التي قضتها في بيته، ادركت انها لو استسلمت لذلك الفخ فلن تنجو، وقد تخرج منه بجرح اكبر من جرحها السابق، كانت تنفض راسها بقوة تحاول التخلص من تلك المشاعر التي باتت تحاصرها من كل اتجاه، وكلما ازداد كلاما ازدادت تعاطفا، وكان لزاما عليها ان توقظ عقلها وتخرج من ذلك الحصار سالمة قبل ان يغرقها حسين معه في مشكلته الجديدة 
فتحت الموبايل على الصور من جديد وبدات تقلب فيها وتنقل نظراتها بين وجهه وبين الصور، فتكون لديها شعور بالنقمة عليه والغضب من افعاله بدا يكبر ويصنع حاجزا بينها وبين التعاطف
بدا يتوتر من عدم اهتمامها به، من تبدل نظرة التعاطف في عينيها الى نظرة نفور وغضب، فبدا صوته يعلو: نجاة انت سمعاني
زمت شفتيها وامتلات نفسها بالنقمة، فبدا ينفعل بشدة عندما راها تتجاهله وتنظر في الموبايل، فصرخ كطفل غاضب وهو يشد الموبايل من يدها: سيبي الموبايل واسمعيني، فيه ايه اهم منى في الموبايل
كانت نقمتها قد وصلت للحد الذي تعجز عن السيطرة عليه، فادارت له شاشة الموبايل ووجهتها لعينيه فخرس لسانه وانتفض واقفا بانفعال عندما راى صورته على الشاشة وهو جالس على الاريكه ورنا تحتضنه
كان ينقل بصره بين الصور ووجهها الغاضب ولا يجد ما يقوله سوى حروف مقطعه وهو يحاول ان يتنفس بصعوبة: لأ... مش
كانت تلك كلمتنا تتردان على لسانه، حتى استطاع اخيرا الامساك بجملة مفهومة، فقال بصوت قتله اليأس: حتى.. حتى.. لو حاولت اقول انه مش حقيقي، محدش هيصدق
شرد ببصره بلا هدف وقال ببطء: ما.. مفيش.. مفيش حد
خرج من باب البيت ينظر يمينا ويسارا بغير هدى 
والقت هي بالموبايل على السفرة واخذت تفرك وجهها بكفيها، لا تكاد تصدق ما فعلته للتو، لقد خرج عقلها عن مداره، لقد افاقت على حقيقة مؤلمة، ليس حسين وحده من يرتكب الكوارث، بل هي ايضا
ان كان له عذره في انه غير متزن ويحتاج لمساعدة وعلاج، فما عذرها هي!! هل حقا كما تقول د. ميرفت لديها كبرياء واستعلاء يدفعها دائما لرد الاساءة بعشر امثالها!!! هل تحمل في داخلها اسوا صفات الشياطين دون ان تدري، الصفة التي لا مغفرة لها
سمعت صوت مفتاح تشغيل سيارته يدور ثم يقف اكثر من عشر مرات والسيارة لا تتحرك، كانت مطمئنة انه لن يتحرك بالسيارة بعد ان قام الفتية بما امرتهم به واحضروا ميكانيكي القرية ليفصل الموتور عن عمله
سمعته يضرب السيارة بغضب، ثم عاد اليها وهو يلهث والدمع يملأ عينيه وقال بصوت متقطع الانفاس: اف.. افتكرت.. انا.. انا.. جيتلك ليه
جيت عش.. عشان اقولك ان كلامك.. طلع صح
اخذ نفس عميق وحاول جاهدا السيطره على نفسه التي تتفلت منه: انا.. انا.. كنت عند الدكتور قبل ما اجيلك.. 
انا عندي.  
ADHD
,،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،

  •تابع الفصل التالي "رواية بلا حب" اضغط على اسم الرواية 

google-playkhamsatmostaqltradent