Ads by Google X

رواية بلا حب الفصل التاسع عشر 19 - بقلم سوكه

الصفحة الرئيسية

 رواية بلا حب (كاملة جميع الفصول) حصريا عبر دليل الروايات بقلم سوكه

رواية بلا حب الفصل التاسع عشر 19


بارت١٩
ليه انا؟! 
كانت تتأمل وجهه عن قرب في ضوء القمر الهادئ المتسلل من شرفة غرفة أمها وابيها ولا تملك جوابا محددا لسؤاله
كان حائرا تائها، يريد ان يفهم لماذا احبته هو بكل ما فيه من عيوب قد تقتل اي حب وتدمر اي بيت، هو نفسه لا يفهم لماذا يسألها! ربما يتمنى ان تمده اجاباتها بحبل نجاة يعينه على التغلب على ضعفه ويجبر كسره، يتمنى ان تخبره بانه انسان فيه من المميزات التي تجعل الاخرين يتقبلونه، تخبره بانه جدير بالحب
كانت تعلم بحاجته لعودة الثقة، لكنها ايضا تدرك انه لابد له من ان يؤمن بانه بحاجة للعلاج ليتغلب على مشاكله وعيوبه، والكذب او المبالغات لن تساعده بل قد تصرفه عن العلاج فيسوء الامر
ابتسمت له بعذوبه ووضعت كفها في منتصف صدره: عشان ده
انت مش احسن حد، ولا انا، فيك عيوب كتير، وانا عيوبي اكتر منك، ازمتك جواك ومحتاجة علاج، وانا ازمتي اني كنت محتاجة لده.. لقلبك
قبل ما اعرفك مكنتش قادرة اقبل نفسي، ولا ارضى بحياتي، مكنتش قادرة اعيش في البيت ده ولا ادخل الاوضة دي، كنت عاوزه اهرب من كل حاجة
لكن وانا معاك، دخلت الاوضة دي ونمت فيها وانا مش خايفة، عشان انت جمبي، رجعت احب البيت اللي عشت واتربيت فيه وافتكر كل ذكرياتي، 
حتى لو عشت هنا او رجعت معاك مصر، كنت محتاجة لده
كنت محتاجة لحسين، عشان اقدر ارجع نجاة
لم تمنحه اجابة تشفي حيرته، لكنها  منحته حبا اقسم ان يحارب نفسه كي لا يضيعه
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،، 
في الايام الاولى له في القرية، بدأ يتعرف على اهلها الذين ياتون زائرين هم وعائلاتهم للترحيب والتعرف بزوجها القادم من مصر
وكانت مضطرة ان تعود لعملها بعد ان غابت عدة ايام انتزعتهم من اجازاتها لتبقى الى جواره، فمنذ ان عاد اليها وهو لا يغادر البيت، بل يبقى اغلب الوقت نائما او في محاولة للنوم، كانت كل ما تخشاه ان يعاوده الاكتئاب، لذلك فضلت ان تبقى الى جواره ولا تذهب لعملها، لكنه الح عليها ان تنزل للعمل كي لا تزيد من شعوره بانه عبء عليها او قيد في عنقها
لم تساله علام ينتوي ولا ماذا سيفعل لحل مشكلته، فضلت ان تدعه يهدأ ويفكر ويبادر ويختار ماذا سيفعل
عندما ذهبت للمدرسة كانت تفعل كل ما بوسعها لتنهي عملها مبكرا لتعود الى البيت حتى لا يبقى ساعات طويلة وحده وهي تأمل ان يكون لازال نائما كي لا يطول عليه الوقت وهو وحيد
أيام قضتها تجري ما بين المدرسة والبيت والمدير منحها كل التسهيلات التي تطلبها وهي تحاول قدر جهدها ان تسدد وتقارب وتفعل ما بوسعها كي لا تقصر في عملها ولا بيتها
في هذا اليوم عادت مرهقة من المدرسة، ودخلت مباشرة تبحث عنه في غرفة النوم ولم تجده فيها ولا في البيت كله، انقبض قلبها بشدة واتصلت به لكنه لم يرد بل رفض المكالمة
 أعادت الاتصال عدة مرات ولم يرد حتى اغلق الموبايل، فصاحت بغيظ: فيه ايه!! 
بقيت تدور في البيت قرابة الساعة تكاد تجن وموبايله مغلق، حتى اتصل بها اخيرا وطمانها بانه في السوق يشترى بعض الملابس وسيعود
لم يتوقع ابدا ثورة الغضب التي قابلته بها عند عودته: ليه مقولتليش انك هتخرج!! واما بكلمك مبتردش على التليفون ليه
وقف امامها مندهشا ثم شعر بالغضب وقال: ليه!! المفروض اخد اذن منك لما احب اخرج!!
صاحت وقد اعماها الغيظ: اومال عاوزني الف ادور عليك في البلد كلها وانت غريب مش من هنا ولا عارفه جرالك ايه
قال بضيق: لا، توديني الحضانة احسن لحد ما ترجعي من شغلك بدل ما اتوه ومعرفش ارجع
فتحت فمها وقد صدمها رده، فاختلط عليها الامر فلم تعد تفهم هل هي غاضبة منه ام من نفسها وتصرفها معه
تركته ودخلت المطبخ بخطوات سريعة وشغلت نفسها بإعداد طعام الغداء، واخذت تقطع البصل بالسكين وقد صارت اعصابها تشتعل نارا، فاصابعها تعمل بسرعة وبلا تركيز من الغيظ و تتخذ البصل ذريعة لتداري دموعها التي انهمرت 
وقف خلفها في المطبخ ولاحظ حركات يديها المتوترة وعصبيتها المفرطة، فأدرك انها في حالة توتر عنيفة، فامسك بكتفيها وهمس في اذنها: نجاة، انا آسف
التفتت فجاة لتندفع الى صدره وتتعلق به وتنهار في البكاء وتنتحب قائلة: انا آسفة، حقك عليا، مش قصدي، انا كنت خايفة عليك
ذاب قلبه لكلماتها ودموعها وأجل كل ما كان يريد قوله لوقت العتاب الهاديء في اخر النهار حيث يستطيع سماعها وتستطيع سماعه
وفي المساء قال: انا جبتلك هدية ونسيت اديهالك
تنهدت وامسكت بيده تضمها اليها وقالت بحنين: انا مش عاوزه هدية، انا بس عاوزه لما اتصل عليك ترد عليا، محتاجاك تطمني، انت متعرفش لما بلاقي تليفونك مقفول بيجرالي ايه
نظر لها بحب عميق ثم قال بعد لحظات: كنت عند الدكتور وانت اتصلتي في وسط الكشف
نظرت له بدهشة فقال: دورت في جوجل عن اقرب دكتور نفسي في المركز وروحتله
قالت باهتمام: وليه مقولتليش؟ وليه مستنتش اما اروح معاك
تنهد باسى: لانى مش عاوزك تتبهدلى معايا، المشوار ده لازم اروحه لوحدي، والطريق ده لازم اكمل فيه بنفسي من غير ما امرمط حد معايا
ادركت نجاة انه بالفعل محق وبحاجة ان يفعلها وحده لتعود له ثقته بنفسه، فسالته: طيب وقالك ايه
قال: اداني ادوية وقالي اني محتاج علاج سلوكي معرفي وحددلى معاد الجلسات، وأديني هتابع معاه لحد ما اشوف اخرتها ايه
لم تجد كلمات اخرى لتقولها له، كانت سعيدة جدا لهذه الخطوة وتتامل بها خيرا ونادمة جدا على ما فعلته به
قالت تحاول ان تغير من حالتهما النفسية: فين الهدية اللي جبتهالي، ابتسم واحتضنها وانشغل بها ومعها وانقلب الوقت للضحك والمزاح والثرثرة وهو يريها الملابس التي اشتراها لنفسه والسلسلة والعطور التي اشتراها لها
لا تتخيل كيف يمكن ان تكمل حياتها من دون ان يكون معها 
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،، 
في كل مساء يجاورها على الاريكة يضيع الوقت بملل في تقليب قنوات التليفزيون وهي بجانبه تصحح كراسات الطلبة واوراق العمل والتدريبات 
كان ضيقه يزداد يوما بعد يوم وقد عاد له شعور السجن الذي كان يشعر به وهو مصاب
ما بين كل دقيقة واخرى ينظر اليها وهي مشغولة بعملها، وهي تحاول جاهدة الانتهاء بسرعة لتتفرغ له
مل من التليفزيون والهاتف، واخذت عينه تدور في الغرفة بملل حتى استقرت على الاوراق التي تصححها نجاة، فتناول قلما من على الطاولة ورسم وجها ضاحكا بجوار الدرجة التي وضعتها نجاة بقلمها، ثم اخذ يضيف اليه تفاصيل فنية بمهارة جعلته ثلاثي الابعاد ذو شكل مضحك ورائع
ثم اخذ يكرر تنويعات على الرسومات اللذيذة مع باقي الاوراق حتى انتبهت نجاة اخيرا على ما يفعل
نظرت له بدهشة واخذت تتفحص الاشكال التي يرسمها وقالت : انت فنان، حلوين اوي، هيعجبوا الطلبة اكيد
ابتسم للكلمة، ثم قال: من ايام المدرسة وانا بحب ارسم الحاجات دي في الحصص المملة
سالته: انت كمان خريج تربية نوعية ومشتغلتش بالشهادة؟ 
قال باسما: اه، قسم تربية فنية، قدمت في مدارس خاصة بس كانوا مكتفيين، لحد ما يأست انى اشتغل
قالت بشرود وهي تقلب في الاوراق وقد سحرتها الاشكال التي يرسمها: انت لو قدمت في المدرسة بتاعتنا هيقبلوك على طول
ظهر على وجهه الاهتمام وسالها: تفتكري ممكن؟!! 
قالت : اكيد طبعا، مفيش مدرس تربية فنية في المدرسة
فكر قليلا ثم قال: حلو اوي، انا موافق اجرب
رفعت رأسها عن الورق ونظرت الى وجهه فرات فيه الجد والاهتمام، فخفتت ابتسامتها حتى اختفت وتراجعت عن رايها بارتباك وقالت بقلق: معتقدش جو المدرسة هيريحك في الشغل، جو منافسه ومشاكل والعيال بتزوغ ومش هتعرف تتعامل معاهم
انطفا حماسه بعد ان ادرك ان ثقتها في حسن تصرفه منعدمة، وقال بسخرية مريرة: عندك حق، اي حاجة بعملها بتجيب مشاكل
حاولت ان تتكلم لكنه قام بسرعة ليخرج من البيت، فصاحت بقلق: حسين، رايح فين
قال باسى: هجيب عيش وبقسماط، يعنى... بحاول امثل دور راجل البيت
تركها تحترق بنار الندم وخرج، غطت وجهها بكفيها: ايه اللي انا هببته ده!! لا بقيت عارفة افكر عدل ولا اتكلم عدل!! هتجنني، هتتجنني يا حسين
لبست عباءتها وطرحتها وانطلقت خلفه، كانت تعتمد على ما قاله لها من انه سيتجه للفرن، فوقفت تنتظره هناك، تعلم انه بحاجة لان يتمشى وحيدا دون ان يشعر بها فوق راسه، لكن قدرتها على التحكم في مشاعرها صارت صفر، كانت تحاول جاهدة ان تسيطر على مخاوفها من ان يحدث له مكروه او يدخل في مشكلة يخرج منها منهزما فتزيد من حالته سوءا
راته اخيرا قادم باتجاه الفرن، وهو يرد التحية على بعض اهلها الذين تعرف اليهم في الايام الفائتة، ثم دخل الفرن واشترى بعض الاشياء وخرج، كانت تعرف وجهه عندما يكون شاردا حزينا، سارت خلفه حتى وصلت اليه، وقف لحظات ونظر اليها ثم عاد ينظر للامام وعاد يسير الى جوارها متجها للبيت، قالت برجاء: حسين، لو مش حابب العيشة هنا، انا هروح معاك لاي مكان تاني تختاره
سألها بعجب: ليه بتقولي كده!! 
قالت: يعنى، يمكن تكون متضايق عشان بلد فلاحين وانت مش متعود على العيشة الا في القاهرة
قال بأسى: المشكلة مش في القاهرة ولا في الريف، المشكلة فيا انا، الدكتور قالي ابعد مؤقتا عن الاماكن اللي بتحسسني بالفشل، وادور على حاجة جديدة اعملها
التفت لها وقال بلوم: بس يظهر اني مش هقدر طول ما مفيش ثقة 
انقبض قلبها من كلماته، وادركت ان ضعفها الشديد وخوفها عليه سيتحول لقيد له وعائق في سبيل ممارسته لحياته الطبيعية،راى دمعة ندم معلقة في عينيها، فأمسك بكفها واكمل سيره
فجاة اصطدم به شيء قصير من الجانب فرجع خطوة للخلف ثم وقف ينظر له ليجده قد تجاوزه الى نجاة، كان طفل قصير اسمر ذو شعر مجعد احتضن نجاة ولف ذراعيه حول خصرها، فضحكت وربتت على ظهره ومسحت على راسه
ضحك حسين من المنظر وسالها: ايه ده
قالت ضاحكة: ده جمعة
سمع صوت امراة تنادي جمعة، فانطلق الصبي عائدا من حيث اتى دون كلمة، فصاحت نجاة تسمعه قبل ان يختفي: متتاخرش على المدرسة بكرة يا جمعة
عادت تسير الى جواره وهو يقول ضاحكا: ممكن اعرف مين الاخ جمعة ده اللي اخد حضن مطارات واختفى
ضحكت نجاة بشدة وقالت: تلميذ في المدرسة عندي، بس زي العسل
قال متسائلا: مش انت بتدرسي لاعدادي وثانوي!! 
قالت: وسد خانة كمان في ابتدائي احيانا، بس جمعة ده حاجة تانية، امه تبقى قريبة مراة اخويا وكنت بديله درس كل يوم لحد ما... 
اكمل هو : لحد ما انا جيت!! يعنى حتى جمعه وقف دروسه بسببي
تجاوزت كل ما قاله واكملت حديثها عن جمعة: الولد ده يتيم، وعنده صعوبات تعلم ومتاخر في الكلام، بس انا بحبه اوي 
نظر لها نظرة خاصة: انا عارف الجملة اللي بعد كده، هتقوليلي بيفكرك بحد تعرفيه صح!!! 
اكملت الطريق معه حتى وصلت البيت وهي لا تستطيع الكف عن الضحك
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،

  •تابع الفصل التالي "رواية بلا حب" اضغط على اسم الرواية 

google-playkhamsatmostaqltradent