رواية ومجبل علي الصعيد كاملة بقلم رانيا الخولي عبر مدونة دليل الروايات
رواية ومجبل علي الصعيد الفصل العشرون 20
في سيارة ليلى ومعتز
لاحظ معتز شرودها طوال الطريق ونظرات الحزن التي لاحت داخل عينيها منذ أن ذهبت معهم إلى القاهرة وتعرفت عليه.
أخطأت
ما كان عليها الوقوع في حب ذلك الشخص الذي لن تجني من ورائه سوى الآلام، تعاطف معها بشدة لكن ليس بيده شئ ليساعدها به
تساءل لما كتب على أولاد جمال أن يعيشوا عذاب الحب المستحيل فسألها بتعاطف
_ أمچد عامل إيه دلوجت؟
تطلعت إليه وهى على شرودها
_ زي مـ هو مفيش جديد.
_ ليلى انتي لو فضلتي على حالتك دي جدامهم أمك مستحيل تهملك ترچعي تاني وابوكي وجتها مش هيجولها لا
تنهدت بتعب ونظرت من نافذة السيارة ليهز رأسه بيأس منها فسألته دون النظر إليه
_ جاسر عامل ايه مع سارة؟
اجابها بحيرة
_ والله مـ انا خابر ايه قصته معها بالظبط بس لو زي مـ بيجول انه رايدها خلاص ربنا يسعده
_ وعمك منصور مجاش؟
هز راسه بنفي
_ لساته مـجاش بس چدك بيجول انه ممكن ياچي النهاردة او بكرة بالكتير
اندهشت ليلى من عدم مجيئها وعادت تسأله
_ معقول يبقى فرح بنته وميجيش!
رد معتز بحيرة
_ اني بردوك مستغرب، ومش عارف الچوازة دي هتم على أيه، ده إن تمت أصلًا.
عادت ليلى إلى المنزل لتجد الجميع يستقبلها بحفاوة مما جعلها تتناسى احزانها قليلًا وبدأت في الأندماج معهم تلفتت حولها وهى تسأل
_ أومال فين سارة ومصطفى؟
نزل مصطفى الدرج وهو يقول يجيب بهدوء
_ انا مصطفى وانتي أكيد ليلى
أكدت ليلى وهى تنظر إليه بابتسامة
_ أكيد طبعاً مفيش غيري في البيت ده.
تقدم منهم ليقول بمرح
_ خلاص مش هتبقي لوحدك سارة هتكون معاكي على طول
تلفتت حولها
_ اومال هى فين؟
أجاب حازم بمزاح
_ عاملة عروسة ومكسوفة منينا
وكزته وسيلة في كتفه ونظرت لليلي
_ هى فوج في اوضتك أطلعيلها
استأذنت منهم وصعدت إلى غرفتها وطرقت الباب حتى أذنت لها سارة بالدخول
ولجت ليلى لتجدها جالسة على الفراش في وجوم مما جعلها توقن بأن هناك خطب ما، فما تراه على ملامحها يؤكد ذلك، فسألتها بمرح
_ سارة مش كدة؟
نظرت سارة إليها ورسمت ابتسامة على وجهها وهي تجيب
_ وانتي أكيد ليلى
رحبت بها بحفاوة ثم جلسوا على الفراش
فتحدثت سارة باعتذار
_ معلش بقى اخدت اوضتك
_ عادي ياحبيبتي ولا يهمك المهم مبسوطة معانا
لاح الحزن على ملامحها لكنها أجابت بصدق
_ ندمانة بس إني معملتش كدة من زمان وجيت عشت وسطيكم، وقتها كانت حاجات كتير آوي هتتغير.
تأكدت ليلى بوجود أمرًا تخفيه بداخلها مما جعلها تسألها باهتمام
_ يعني انتي وافقتي على جاسر عشان تفضلي معانا ولا لإنك فعلًا مقتنعه بيه؟
لا تعرف لما شعرت بالراحة تجاهها وكانت تود أن تفيض بما تعانيه لكنها لم تستطع فتجيب بإبتسامة لم تصل لعينيها، وهى تقول بصدق
_ بصراحة الأتنين، أولًا لإن جاسر فعلًا أى واحدة تتمناه، هو صحيح عصبي حبتين” شردت بخيالها ” بس راجل يعتمد عليه، تقدري تقولي سند بمعنى الكلمة حتى لو على حساب نفسه.
تذكرت نظراته المبهمة لها لا تعرف إذا كانت لوم أو عتاب
_والسبب الثاني إني عايزة أفضل هنا ودي الطريقة الوحيدة اللي هتخلى بابا يسيبني معاكم.
التمست ليلى الصدق في مشاعرها فسألتها بتوجس
_ مش هـ تحني في يوم للعيشة في المدينة والأجواء دي؟
هزت راسها بالنفي وتحدثت
_ أنا من النوع اللي بحب الهدوء و أجواء الريف، وجو العيلة والحياة دي، يعني لو فاكرة اني مش هقدر أكمل فـ بقولك متقلقيش.
ابتسمت ليلى بسرور وربتت على يدها وهى تقول بسعادة
_ طيب انا هدخل أخد شاور سريع كدة واطلع اجهز أحلى عروسة نورة البيت والنجع كله.
هزت سارة رأسها بابتسامة عريضة ودلفت ليلى المرحاض.
في الأسفل
كان الجميع على قدم وساق لأجل الحنة التي أقامها جمال في حديقة منزله إستعدادًا لتلك الليلة
طرق الباب ليفتح جاسر كعادته ويتفاجئ به أمامه
لم يبدي أى رد فعل على ذلك البركان الذي يفور بداخله
وخاصةً عندما وجده ينزع نظارته الشمسية وهو يلقي السلام بهدوء
_السلام عليكم، انت أكيد جاسر.
أومأ له جاسر محاولًا التحلي بالصبر حتى يمر ذلك الزفاف وأشار له بالولوج
_ وعليكم السلام أيوة أنا، أتفضل
ولج منصور وبداخله رهبة من ذلك المكان الذي غاب عنه أعوام عديدة
ليتسمر مكانه وقد أنخفق قلبه وهو يرى والداه أمامه وقد الجمتهم الصدمة وجعلتهم غير قادرين على النطق وهم يروا فلذة كبدهم بعد طول غياب أرهق كلاهما
كانت لغة النظرات هى السائدة في تلك اللحظة
نظرات تحمل العتاب لذلك القلب الذي رحل دون حتى وداع، وترك خلفه قلوب تتحرى شوقًا لرؤيته
لذلك العقل الذي سعى خلف الأنانية وحب الذات
ساد الصمت بين الجميع
عمران يحاول بصعوبة بالغة الثبات أمام تلك الرغبة التي تحسه على أن يتناسى كل شئ وينعم بتلك اللحظة التي حلم بها وتمناها بشدة.
لكن لن يبادر بذلك حتى يرى مبادرته هو.
أما جليلة فقد شعرت بقدميها كالهلام ولم تستطيع الوقوف أكثر من ذلك لتخونها قوتها الزائفة وتسقط على المقعد وهي تقول بولة
_ ولدي.
أسرع الجميع إليها ولكن تلك المرة يد منصور كانت الأقرب إليها
_ أمي
جثا على ركبتيه أمامها وسألها بلهفة
_ أمي إنتي كويسة؟
تساقطت دموعها وهى تنظر إليه بإشتياق وعينيها تمر على ملامحه بلوعة، رفعت يدها لتمريرها على ملامحه وكأنها تتأكد بأن العين لم تخطئ وها هو ذا قابعًا أمامها بعد تلك الأعوام التي بكتها خفية كي لا تحزن أباه الذي كان أيضًا ما إن تأتيه الفرصة حتى يأن قلبه شوقًا لولده.
_ ولدي
قبل منصور يدها بحب وهو يقول
_ كيفك ياأماي؟
تطلعت إليه بولة وعيناها تجول ملامحة التي تحفظها عن ظهر قلب مهما غيرته السنين
_ زينة مادام شوفتك ياولدي
أحتضنته جليلة بكل الشوق الذي أرقها أعوام وأعوام وكلما جذبته إليها كلما زاد الشوق إليه
التفت ذراعاى منصور حولها لينعم بذاك الدفئ الذي أفتقده كثيرًا منذ أن رحل
وأكتشف أنه هو الخاسر الوحيد من بينهم
ابتعد عنها كي ينظر إلى والده الذي لم تسعفه قدماه على الوقوف فمال عليه يقبل يده ورأسه
_ كيفك يابوى؟
لا يعرف عمران لما صوب نظراته إلى جمال وتذكر ما عاناه بسببه لكن جمال أشار له بعينيه أن يتناسى كل شيء فأجابه بلهجة رغم العتاب الذي تحمله إلا إنها أيضًا تحمل شوقًا وولعًا له
_ الحمد لله ياولدي زين.
نهض منصور من أمام والده ليجد جمال ذلك الدرع الذي يتحامى به الجميع وأولهم هو
ابتسامته التي تبث الراحة والطمأنينة في داخل من يراها فيشعر في تلك اللحظة أنه مهما عَلَى وكبر سيظل دائمًا ذلك الصغير الذي يأخذ أخاه دائمًا درعًا له.
لم يتغير بل زاده الشيب صلابة وقوة، وكلما كبر كلما زاد وقارًا وشدة.
كانت تلك اللحظة بينهم خاصةً بحديث القلوب فيبادر ذلك القلب الصافي باحتضانه وهو يتحدث بصدق
_ نورت النجع ياخوى
أجابه منصور وهو يحتضنه بشوق
_ منورة بناسها
توجه بنظره إلى جاسر الذي يرمقه بجمود وتحدث
_ ازيك ياجاسر
اومأ له بجمود وتحدث بثبات
_ أهلًا بيك في نچعنا
حمحم جمال بإحراج من راعنة ابنه وقال برجاحة
_ تعالى لما اعرف على الباجى
لم يختلف حال توأمه عن حال جاسر وأبيهم يقدمهم له
أما مصطفى فقد صافحه ببرود لم يعده به من قبل
فسأله
_ اومال أختك فين
أجابت وسيلة تلك المرة
_ فوق مع ليلى في اوضتها
اومأ لهم ثم جلسوا جميعهم إلا جاسر الذي أستأذن منهم كي يرى العمال بالخارج.
❈-❈-❈
خرجت ليلى من المرحاض وهى تحاول تجاهل اشتياقها له وقلقها عليه، فحتى الآن لم تهاتفه مرة واحدة
خرجت لتجد سارة كما تركتها جالسة على الفراش في وجوم
يبدوا أن حالها ليس بأفضل حال منها
تظاهرت ليلى بالمرح وهى تقول
_ ايه ياعروسة هتفضلى قاعدة كدة
رفعت عينيها لتنظر إليها وقالت
_ أعمل أيه؟
اندهشت ليلى وجلست بجوارها على الفراش
_ النهاردة حنتك يابنتي وكلها ساعتين بالكتير وهتلاقي البيت مليان ناس جاية تبارك، ولو شافوكي بالحالة دي هيقولوا إننا خاطفينك
لم تستطيع الثبات أكتر من ذلك وبدأت العبرات تتجمع داخل مقلتيها
لم تتحدث ليلى بل جذبت رأسها داخل أحضانها وربتت على رأسها بحنو
أما سارة فقد كانت تبكي بشدة على كل شئ، على صدمتها في والديها وتخليهم عنها في أكثر الأوقات احتياجًا لهما وعلى صديقتها التي غدرت بها وتركتها لأخيها ليستحل عرضها على زوجٍ فرضته الأيام عليها، مجبرةً عليه ومجبرًا عليها
أزاحت ليلى خصلاتها عن وجهها وتطلعت بها تسألها بريية
_ مالك ياسارة؟ أحكي وأنا أوعدك انه هيفضل سر بيني وبينك.
أغمضت عينيها بشدة وددت لم تمتلك الجرأة لتقص عليها ما حدث، لكنها حقًا لن تستطيع.
ابتعدت عنها قليلًا وهى تمسح دموعها
_ صدقيني مفيش حاجة بس أنا ماخيلتش إنهم هيتخلوا عني في الوقت ده، أنا فعلاً محتاجها.
ربتت على يدها وهى تقول بتعاطف
_ معلش محدش عالم بظروفهم وبعدين معتز قالي إن باباكي جاي النهاردة وأكيد مامتك معاه متقلقيش
يالا بقى قومي خدي شاور لحد ما اجهز لك الفستان اللي هتلبسيه
لم تنهض سارة فقامت ليلى بجذبها
_ يالا بقى مفيش وقت
ابتسمت لها بامتنان ودلفت المرحاض.
بعد وقت قصير خرجت سارة من المرحاض فوجدت ليلى تخرج الملابس من الخزانة فسألتها بحيرة
_ في أيه يابنتي؟
ردت ليلى بغيظ وهى تواصل بحثها
_ بدور على فستان بدل فستان العزا اللي انتوا شريينوا ده.
ظلت تواصل البحث حتى عثرت عليه في أحد الحقائب، فأخرجته بسعادة وهى تقول
_ أخيرًا لقيته
قامت بفرده على طول الفراش لتنبهر سارة بروعته وبلونه الاوف وايت الساحر.
_ قولى بقى ايه رأيك
هدئ انبهارها عندما لاحظت انه عاري الأكتاف والذراعين
_ الفستان ده جميل جدًا بس عريان آوي، وممكن عمو وجاسر ميوفقوش.
_ من الجهة دي اطمني مفيش حد من الرجالة بيدخل عند العروسة إلا جاسر ووقتها نخلي شال جانبك لو هتتكسفي منه.
قالت بتردد
_ بس…
قاطعتها ليلى بإصرار
_ مفيش بس الفستان طويل ومش مبين غير الاكتاف ومحلولة إن شاء الله، أنا أصلًا كنت اشتريته أون لاين لانه عجبني وقلت اخليه لأى مناسبة وجات خلاص أحلى مناسبة.
تطلعت سارة إليها بامتنان وقالت بحب
_ انا عشت طول عمري أتمنى أخت والحمد لقيتها أخيرًا
ابتسمت لها بود وقالت بصدق
_ بس احنا أصلاً أخوات من زمان وخلاص اتلاقينا.
انا هكويه بسرعة وانتي اختاري حاجة على ذوقك ليا لحد ما أخلص.
اومأت برأسها ونظرت إلى الملابس الموضوعة على الفراش وأخذت تختار منها.
❈-❈-❈
في المشفى
جلس فارس بجوار أمجد يتحدث معه عن أمور العمل وما توصلوا إليه فشعر بأمجد شاردًا وفي عالم آخر فتحدث بخبث
_ اللي واخد عقلك
نظر إليه أمجد ليسأله
_ هو مين اللي واخد عقلي؟
رفع حاجبيه وهو يجيب بمكر
_ طبيب الجلوب اللي همل مصر من غير وداع.
شرد أمجد وقد لاح الحزن على ملامحه وهو يقول
_ فراق أيام وعمل فينا كدة، ياترى بقى هى هتعمل أيه بفراق العمر كله
ألمه رؤية اليأس في عين صديقه وقال بثقة
_ إن شاء الله مش هيكون فيه فراق وهتعيش معاها العمر كله.
ابتسم بحزن وهو يقول بصوت يأس
_ مظنش، أنا حاسس إن النهاية قربت، وعشان كدة رفضت أني أشوفها قبل ما تمشي، كنت خايف تكون آخر مرة
تحدث فارس بتفاؤل
_ إن شاء الله مش هتكون آخر مرة، ليلى بنت حلال وتستاهل انك تقاوم عشانها
تنهد أمجد بتعب
_ هى تستاهل أكتر من كدة بكتير بس للأسف دي حاجة مش بإيدي
دلف والده ليتطلع إليه بسعادة بعد أن فارق غرفة العناية وتم نقله في غرفة عادية بعدما أصر على تركها.
_ عامل ايه دلوقت ياأمجد؟
أجاب امجد بابتسامة لوالده
_ بخير يابابا الحمد لله
جلس على المقعد بجواره
_ يستاهل الحمد، اومال فين دكتورة ليلى مش شايفها النهاردة
_ سافرت الصعيد عشان فرح أخوها.
تذكر صابر أمر دعوتهم
_ اه صحيح دا جمال اتصل عشان يدعينا بس اعتذرت
قال أمجد بعتاب
_ ليه بس يابابا، كان لازم تروح.
ربت صابر على كتفه قائلاً
_ تتعوض إن شاء الله وتبقى الفرحة فرحتين
آمن فارس
_ يارب ياعمي ونشوف أخت ليها وتبقى تلاتة
ضحكوا جميعًا إثر دخول عصام الذي سألهم
_ بتضحكوا على ايه ضحكوني معاكم
قال صابر
_ بقوله شد حيلك عشان نخطبلك لاحسن العروسة تطير من إيدينا.
تابع عصام فحصه وقال بثقة
_ لا من الجهة دي أطمن انا ضمنها
نظر إلى أمجد وتابع بمكر
_ ولا أيه ياأمجد؟
رد فارس بمكر
_ شكله مالي إيده عـ الآخر
اقترح صابر
_ طيب ايه رأيك نروح نخطبها دلوقت وبعد العملية يبقى نعمل الفرح
نظر لعصام وسأله
_ هو هيخرج أمتى.
زم عصام فمه ونظر لصابر بعتاب، فما يقوله هو المستحيل بحد ذاته ويبدو أن أمجد يعلم حالته جيدًا إذ أجاب والده
_ لأ يابابا مينفعش اللي انت بتقوله ده، هنروح نقولهم أيه هحجز بنتكم لحد ما أشوف ابنى هيموت ولا يعيش، إن عاش خير وبركة وإن مات مش خسرانين حاجة!
اهتزت نظرات صابر فهو لم يفكر بتلك الطريقة، هو نظر للموضوع من جهة أنه رجل صعيدي ولا يقبل علاقة ابنه مع ليلى التي يعرف أهلها جيدًا ويريد ان تكون علاقتهم في النور
_ انا مفكرتش كدة كل الحكاية إني عايز علاقتكم تكون في النور ومن غير ما تحس بتأنيب ضمير إنك بتـ…..
قاطعة أمجد بثبات
_ بس أحنا مفيش علاقة بينا في الضلمة عشان نخليها في النور، كل الحكاية علاقة دكتورة بالمريض بتاعها، اه بحبها واتمناها تكون شريكة حياتي بس مش وأنا راقد على السرير؛ ومش وانا داخل بيتهم متسند
إن شاء الله لو ربنا كتبلي عمر هدخل البيت من بابه وانا ماشي على رجلي
تحدث عصام بجدية
_ كفاية كدة ياجماعة وخلوه يرتاح شوية
نظر إلى امجد وأردف
_ ياريت متفكرش فى اى حاجة غير صحتك
اومأ أمجد بصمت ثم خرجوا جميعًا من الغرفة
❈-❈-❈
دلف منصور غرفته ليجدها كما هى منذ تركها، لم يتغير بها شيء
مكتبه والكتب التي تركها عليه
فراشة وكأنه تركه أمس
خزانته، ملابسه التي تركها بها قبل سفره.
وقف ينظر إلى اربعة جدران شاهدوا آخر لقاء مع أخيه عندما طالبه بتلك النقود
وكم كان غـ……..
انكر
لا لم يخطئ بشئ كل ما في الأمر أنه تمسك بحلمه ليس أكثر ولا أقل
نعم لم يخطئ وأكبر دليل على ذلك نجاحه ونجاح أخيه أيضًا، تعب قليلًا لكنه كُفئ بعدها
هكذا أخمد ضميره الذي عاد يستيقظ من جديد
فرغ حقيبته ودلف المرحاض ليقف أسفل المياه
وتذكر كلماته معها عندما اخبرها بذهابه لزفاف ابنتهم
فلاش باك
بعد انتهاء العزاء طرق منصور باب غرفتها ليجدها جالسة على المقعد بوجوم، فتقدم منها ليتحدث بجدية
_ انا مطر أسافر البلد عشان فرح سارة هتيجي معايا ولا لأ؟
لم يزيدها كلماته سوى إزدراء من ذلك الشخص الذي لا يهتم بأحد إلا بما يريد هو فسألته بهدوء
_ انت عرفتهم بوفات بابا؟
رد ببساطة
_ لأ لإن مينفعش أقول لهم وهى حنتها بكرة
نظرت إليه باشمئزاز لا تجد الكلمات التي تصف مدى الخزي الذي تشعر به تجاهه
_ وانت مستني أروح معاك أحضر فرح بنتي اللي أنا مش موافقه عليه وكمان وبابا ميت مكملش تلات ايام؟
تحولت ملامحها إلى بغض وكراهية
_انت ايه ياأخي معندكش دم
زم منصور فمه بغضب وهدر بها بتحذير
_ أحفظي لسانك ياإما….
قاطعته سمر بحدة
_ ياإما أيه! هتعمل ايه أكتر من اللي عملته
انا مخنتكش ياأستاذ انا بس كنت بأمن نفسي لأنك ملكش امان كل ما كنت أشوف قسوتك على أهلك كنت بخاف منك أكتر وعشان كدة كان لازم أأمن نفسي من غدرك
أنت فكرك إن مصدقة إن جوازة بنتك لابن أخوك ملكش غرد منها؟!
لأ أنا واثقة كويس وكوبس آوي كمان إن موافقتك دي وراها مصلحة، عشان توصل بيك الحقارة إنك تدخل بنتك فـ…..
صفعة قوية سقطت على وجهها كادت أن تسقطها أرضًا لكن يده التي جذبتها من خصلاتها منعتها من السقوط وقال بفحيف كفحيح الأفعى
_ أنا ساكت من بدري ومراعي حالتك بس إنها توصل لإهنتي فأنا أدفنك زي ما دفنت أبوكي، وزي ما قولتي مليش عزيز ولا غالي بعد مصلحتي، بنتك أنا ببعدها عنك عشان مش عايزها تبقى نسخة تانية مني ومنك
أما بالنسبة للمصلحة اللي من ورا الجوازة دي فيكفي أنها هتعيش في نفس المستوى اللي عايشة فيه وكمان من إنسان مش هيطمع فيها وهيصونها، أنا مسافر الصبح عايزة تيجي معايا أتفضلي مش عايزة يبقى براحتك
ازاحها من أمامه حتى سقطت على المقعد خلفها
وخرج منصور صافقًا الباب خلفة بحدة
باك
عاد منصور على صوت الباب فأغلق صنبور المياه وارتدى ملابسه وخرج من المرحاض ليفتحه
فيجد مصطفى واقفًا ينظر إليه بعتاب واضح
_ تعالى يا مصطفى
دلف مصطفى الغرفة منتويًا التحدث مع أبيه فيما عرفه، أشار له منصور بالجلوس وجلس بجوارة ليربت على ساقه قائلاً
_ انبسطت في الصعيد
أومأ مصطفى برأسه دون قول شيء وكأنه متردد هل يصارحه بما سمعه؟ لكنه يخشى أن يكون سببًا في ألغاء الزواج
مما جعله يتراجع ورد بإقتضاب
_ أكيد
أندهش منصور من وجومه وسأله بقلق
_ مالك في حاجة مزعلاك؟
الهدوء الذي يتحدث به جعله لا يستطيع الصمود أكثر من ذلك و…….
- يتبع الفصل التالي اضغط على ( رواية ومجبل ع الصعيد ) اسم الرواية