Ads by Google X

رواية ومجبل علي الصعيد الفصل الثلاثون 30 - بقلم رانيا الخولي

الصفحة الرئيسية

     رواية ومجبل علي  الصعيد كاملة بقلم رانيا الخولي عبر مدونة دليل الروايات


 رواية ومجبل علي  الصعيد الفصل الثلاثون 30

 
وقف عمران بأحفاده وباقي العائلة أمام منزل سالم الذي أمر رجاله بفتح بوابة القصر على مصراعيه
لاستقبالهم
دلف الجميع بهيبة وشموخ ووقف سالم يستقبلهم أمام البوابة الداخلية وهو يقول
_ أهلًا ياحاچ عمران نورت بيتي
اقترب عمران منه وهو يتسند على عصاه وقال بثبوت
_ فينه حفيدي
ترجل سالم الدرج ليدنو منه أكثر وتحدث بإباء
_ موچود بس اني راضي ذمتك وعارف إنك بتجول الحج ولو على رجبتك
ينفع اللي عمله حفيدك ده؟
رد عمران باحتدام
_ حفيدي مـ عاش في الصعيد ولا يعرف عادته، غلط وخابرين زين بس إنك تبعتله رچالتك يضربوه وحتى لما يخبط على بابكم تكرروها في دي غلطة كبيرة جوي
نظر سالم لرجال عمران وقال بتسويف
_ واني چيتلكم وجلتلكم أمنعوا ولدكم لجيته بردك چاي يتهچم عليا في بيتي، عايزني اعمل ايه ياحاچ؟
وبعدين اني مبعتش رچال يضربوه مهران هو اللي عمل إكدة يعني شغل عيال بلاش نجعوا احنا فيه
مهران دي بنت عمه وخطيبته ولقى حد بيتعرض ليها فطبيعي رد يكون عنيف شويتين.
يعلم عمران جيدًا بأنه محق في كل كلمة نطق بها وان حفيده هو من أخطئ من البداية لكنه تحدث بحدة
_ ولدي كان چاي يتفاهم معاكم مكنش چاي يتهچم زي مـ بتجولوا، ومهما كان ده ضيف وجف على بابكم والضيف مهما كان ليه واچبه وإن معچبكش كلامه يبجى اخد واچبه ويتفضل مع السلامة، لكن انت سمحت لرچالتك يمدوا يدهم عليه للمرة التانية، فلو سامحنا في الأولى مش هنسامح في التانية
_ لا ياجدي مفيش داعي لكل ده
كان هذا صوت مصطفى الذي خرج من البوابة الجانبية فأسرع إليه حازم ومعتز يتأكدوا من صحته ودنى منهم ليسالوه بلهفة
_ انت زين حد منهم مد يده عليك؟
هز رأسه بالنفي وقال بهدوء
_ لا انا كويس متقلقوش
وقف امام جده وأكمل
_ جدي انا مش عايز اكبر الموضوع ولا اعمل عداء بين عيلتين
تحدث عمران باستنكار
_ بس دول مدوا يدهم عليك.
نظر إلى مهران ثم تطلع إلى جده وقال
_ لا محدش منهم مد ايده عليا انا جاي اقول كلمتين ليهم وهنمشي على طول.
تقدم من سالم وقال بهدوء
_ انا جاي اطلب منك ايد حفيدتك وانا تحت امرك في اللي تطلبه.
تطلع سالم إلى الرجال من حولهم وقال بمكر
_ هو ينفع بردك إن واحد غريب ياچي يطلب بنت من ولد عمها وخطيبها؟
اجاب احد الرجال
_ اديك جولتها غريب وميعرفش انها مخطوبة، وده طلب يا توافج يا ترفض
وقال الآخر
_ صُح كلامك واليد اللي تتمد على ولد كبيرنا لازمن تنجطع
تحدث جمال برزانه
_ يعني طلبنا مرفوض؟
أومأ سالم بجمود
_ بالظبط اكدة، اني معنديش بنات للچواز.
أومأ جمال برأسه ثم نظر إلى مصطفى وقال بأمر
_ يلا جدامي
هم مصطفى بالمعارضة لكنه منعه بحزم
_ جلت يلا
كل ذلك يحدث وهى تراقبهم من الأعلى
كانت عينيها قد تورمت من شدة البكاء وقلبها يدق بعنف خوفًا مما هو آتي
ظلت تتطلع إليهم وهم ينسحبون بهدوء وصعدوا سياراتهم وانطلقوا بها
سقطت على الأرضية مستنده بظهرها على الحائط تبكي بقهر
فقد ضاع كل شئٍ بين ليلةً وضحاها
حبها الذي طرق قلبها دون استأذان، ومستقلبها الذي تمسكت به بكل مـ أتيت من قوة حتى رضخوا لها
والآن أصبحت حبيسة تلك الجدران التي تضيق عليها حد الاختناق.
❈-❈-❈
كانت سارة تزرع الغرفة ذهابًا وإيابًا من شدة قلقها
أما وسيلة فكانت تقف في الشرفة تنتظر عودتهم على جمر ملتهب
هى تعرف زوجها جيدًا رغم طيبته لكن عندما يغضب يتحول لآخر اكثر شراسة
لكن الشئ الوحيد الذي يطمئنها هو وجود والده معه لن يستطيع التفوة بحرف في وجود والده.
لكن هى تعلم جيدًا بأنه لن يصمد إن اشتد الجدال معهم، وتلك العائلة لا تهاب أحد.
أما جليلة فقد كانت تضع يدها على قلبها خوفًا على زوجها واولادها، تعلم سالم جيدًا وانه لن يستطيع فعل شئ في وجود عمران
لكن هى الوحيدة التي تعلم ضغائنه من زوجها
لم يخرج عشقها من قلبه رغم مرور كل تلك الأعوام ورأت ذلك في عينية حينما صادفته وهو يخرج من منزلهم.
ذكرت محاولته التخلص من عمران حتى ذهبت إليه تناشده أن يتركه دون المساس به
تتذكر نظراته التي كانت تنظر إليها بعشق يناچي قلبٍ لا يبالي به، لأنه ملئ بعشق روحٍ لا ترى غيرها
حاول كثيرًا أن يجتث ذلك الحب من قلبيهما لكنه لم يستطيع
عرض عليها أن يضع كل ما يملك بين يديها لكنها أبت ذلك وترجته أن يتركهم هانئين بحبهم.
استسلم في النهاية وتركها ترحل
لكن لم يرحل حبه لها من قلبه.
وظلت تدعوا ان يعودوا إليها سالمين.
توقفت السيارات أمام المنزل وترجل منها الجميع مما جعلهم يتنهدون براحة
دلف عمران وخلفه اولاده وقد ظهر الغضب واضحًا عليه
دلف مكتبه بعد أن سمح لجمال ومصطفى فقط بالولوج مما جعل قلب جليلة ينقبض بخوف
تقدمت من جاسر تسأله بقلق
_ عملتوا ايه؟
جلس جاسر على المقعد بتعب ورد باقتضاب
_ متجلجييش احنا حلينا الموضوع وإن شاء الله خير.
نظر إلى اخويه وقال
_ روحوا انتو استنوا ليلى جدام محطة الجطر زمانها على وصول
اومأ كلاهما وذهبوا دون النطق بشئ ثم نظر إلى سارة التي ترمقه بقلق بالغ لا يعرف ماهيته.
في الداخل
أغلق مصطفى الباب خلفه ليواجه عين جده وعمه التى تنظره بغض جحيمي لن يسلم منه فكان جمال اول المتحدث إذ سأله بهدوء قاتل
_ عاچبك اللي حُصل ده؟
ارتبك مصطفى وتحدث بتلعثم
_ انا معملتش حاجة غلط أنا حبيتها وكنت عايز اتقدم مش اكتر
تقدم منه جمال وعينيه كجذوتين نار وقد انتهى ثباته عند تلك اللحظة مما جعل مصطفى يرتد للخلف عندما هدر به
_ بعد اللي عملته ده وبردك مبتعترفش بغلطك.
اجاب بتسويف
_ والله ياعمي انا كنت رايح اتفاهم معاهم….
قاطعه جمال بان جذبه من تلابيبه وصاح به
_ إلا الناس دي جلتلك الناس دي مـ بترحمش ومسمعتش كلامي، ودلوجت بعد مـ شهدوا الناس علينا لو كررتها مرة تانية هيجتلوك ومحدش هيجدر يغلطهم حتى
تحدث مصطفى بألم
_ بس انا بحبها.
_ ملجتش غير دي وتحبها!
اقترب منهم عمران كي يجذبه من بين يديه وقال
_ أهدى ياچمال خلينا نتكلموا بالعجل
صاح جمال
_ هو خلى فيها عجل، خلصت البنات جدامه ملقاش غيرها؟!
نظر عمران إلى مصطفى وقال بحزم
_ الحديت اللي هجوله ده مش هكرره تاني
البنت دي تشيلها من دماغك نهائي وأي غلطة هتعملها تاني حسابك هيكون معاي، أبوك ميعرفش حاجة عن اللي حُصل بس لو اتهورة مرة تانية هخليه ياخدك من أهنه ويحبسك كيف الحريم في البيت لحد ما ترچع لعجلك، فاهم ولا لأ؟
لم يجيبه مصطفى مما جعل عمران يشتد غضبه
_ رد عليا فاهم ولا لأ
أومأ مصطفى كي يهدئه وتحدث باقتضاب
_ فاهم.
رغم الشك الذي اعتمر قلبه إلا إنه لن يستطيع فعل شئ
_ اطلع اوضتك دلوجت والصباح رباح
خرج مصطفى من المكتب متجهًا إلى غرفته ولم يستمع لنداء أحد، حتى وصل إليها واغلق الباب خلفه بحدة.
اقترب القطار من البلدة وليلى تائه في أحزانها
تناجي شوقها الذي لا يرحمها ولا يرئف بها
ماذا ستفعل الآن؟
لن تستطيع العودة إلى القاهرة بعد ما حدث، لن تبقى في مكان يذكرها به
لكن كيف ذلك وكل شئٍ حولها يذكرها به حتى منزلها
ااااه من روح اضناها الهوا…
ويسألونني عنك فماذا اقول…
هو نور عيني وفرحة عمري وعشق روحي هو حلمي الجميل الذي لم يكن لي في واقعه نصيب…
ويسألونني عنك فأقول…
هو عشق قلبي وروح فؤادي هو فرحي الذي زراني في العمر مرة ولم يعد.
هو ساكن روحي وأسير نبضي هو أجمل من رأت عيني هو أطيب روح سارت في جسدي ومرت في حياتي هو مجري دمى هو نبض قلبي ووتين فؤادي هو اشراقة أيامي…
ولمعة عيني هو الغائب الحاضر هو مصدر إلهامي…
هوعمري وسكوني وشغفي الدائم وجنون روحي هو حلمي الدائم هو دعوة قلبي للربِ هو ما يتمناه القلب وتعشقه الروح هو فرحي وحزني ودمعي وضحكاتي…
هو أقرب من انفاسي واغلى من روحي هو حلمي الجميل وحبي الضائع فهل سيذكرني ويذكر أيامي …
لكن ما سيبرد قلبي أن أراه سعيدًا حتى لو كان مع غيري ( رشا صابر )
توقف القطار لتترجل هى بخطوات ضائعة
وشرود جعلها غير واعيه لما يحدث
أما ذلك الشاب فقد كان ينظر إليها مندهشًا من حالتها
فقد تعدت الساعة الواحدة صباحًا وهى تخرج من محطة القطار وحيدة مما جعله ينتهز الفرصة ويتقدم منها يسألها
_ ياآنسة انتي هتمشي لوحدك كدة في وقت زي ده
اخرجها صوته من شرودها مما جعلها تتأفف بضيق وقالت باقتضاب
_ ميخصكش
رغم اسلوبها الاذع إلا إنه لم يستطيع تركها ترج وحيدة
_ طيب اسمحيلي اوصلك حتى
لم تعد تتحمل تطفله اكثر من ذلك واستدارت إليه لتوبخه قائلة
_ يخصك في ايه انت، مليكش صالح
رفع حاجبيه بصدمة وردد حديثها
_ مليكش صالح! انتي من الصعيد؟
ازداد حنقها منه وفضلت تركه افضل من ذلك
خرجت من محطة القطار لتجد اخويها في انتظارها
أسرعت بالذهاب إليهم لتنقبض قلوبهم ما إن رؤها بتلك الحالة سألها معتز بلهفة
_ مالك ياليلى في ايه؟
أشارت لهم بالصمت وقالت باقتضاب
_ تعبانه بس مفيش حاجة
لم يريد أحد الضغط عليها وتركوها تدلف للسيارة خوفًا من إجابة سؤالهم
أما ذلك الشخص فظل ينظر إلى السيارة وهى تبتعد حتى اختفت من امامه.
❈-❈-❈
خرج عمران من المكتب ليجدهم جالسين في الردهة فتحدث بأمر
_ والد ده ميخرجش من برة البيت لأي سبب من الأسباب لحد الأمور مـ تهدى ويرچع تاني للقاهرة
ثم تطلع إلى جاسر وتابع بامتعاض
_ وانت مفيش سفر تاني بالعربية تحت أى ظرف
فاهم ولا لا؟
أومأ جاسر باقتضاب
_ فاهم
وجه نظره لجمال
_ وانت تقنع ليلى أنها تنجل في المستشفى اللي أهنه بعد اللي حصل ده مش هجدر أغمض عينيه وهي بعيدة عنينا.
أيدت وسيلة رأيه
_ صُح حديتك ياعمي
قال لجاسر
_ خد مرتك واطلعوا اوضتكم
دلفت ليلى المنزل لتجد الجميع مجتمع في الردهة ويبدوا عليهم الانزعاج تقدمت منهم
_ السلام عليكم
رد الجميع السلام فتقدمت منها وسيلة تحتضنها بلهفة عندما لاحظت شحوبها وقالت بقلق
_ كيفيك يابنتي.
ابتسمت ليلى كي تطمئنها
_ الحمد لله بخير
نظرت إلى الجميع وقالت
_ معلش انا تعبانه من السفر وعايزة ارتاح
صعدت الدرج وصعدت سارة معها كي تطمئن عليها
وفور دخولهم
جلست ليلى على الفراش وقد انتهى ثباتها واجهشت فـ البكاء
اغلقت سارة الباب خلفها وجلست بجوارها تسألها بقلق
_ مالك ياليلى ايه اللي حصل
لم تجيبها وهى تخفي وجهها بين يديها ويزداد نحيبها
جذبتها سارة إلى احضانها تربت على كتفها وهى تهون عليها قائله
_ اهدي ياليلى كل حاجة هتتحل بس أهدي
ابتعدت ليلى عنها قليلًا كي تنظر إليها وقالت من بين شهقاتها
_ كان بيغشني وبيوهمني بالحب وهو مرتبط بواحدة تانيه.
لم تفهم سارة شيئًا منها وتحدثت بتعاطف
_ طيب بطلي عياط وفهميني ايه اللي حصل
قصة عليها كل شئ حتي خروجها من المشفى وساد الصمت قليلًا وسارة تحاول البحث عن كلمات تخفف بها نارها حتى استطاعت القول أخيرًا
_ كان لازم تصبري ياليلى لما يفوق وبعدين تواجهيه مكنش ينفع تمشي كدة على طول
نظرت لها بعدم استيعاب
_ عايزاني اعمل أيه؟ اقل من كرامتي اكتر من كدة واقوله انت كنت بتخدعني ولا لأ؟
اكدت حديثها
_ ايوة كان لازم تعملي كدة، انما هروبك من غير مواجهة هيحسسه انك اتخليتي عنه، انا بأكدلك انه فعلًا بيحبك وأكيد ده سوء تفاهم.
عقدت حاجبيها بدهشة
_ سوء تفاهم ازاي ووالده مـ انكرش كلامها، وبعدين انتي لو شفتي الثقة اللي بتتكلم بيها مكنتيش هتقولي كدة، وبعدين اواجهين مين وهو لسة في غيبوبة من آثر العملية، وادامه ولا شهرين عشان يقدر يتكلم ويتناقش
_ هو مش خلاص عمل العملية
_ اه عملها بس الموضوع مش بالسهولة دي، أمجد ادامه من ست شهور لسنة عشان يقدر يمارس حياته طبيعي
_ خلاص كنتي تسألي والده يمكن هو مقدرش يكدبها عشان ميحرجهاش.
هزت راسها برفض
_ مينفعش ياسارة لازم اخرج بكرامتي كفاية لحد كدة
ربتت على يدها
_ خلاص أهدي ومتزعلش نفسك وهو لو فعلًا بيحبك هيعمل المستحيل عشان يوصلك.
اومأت بصمت ثم قالت برجاء
_ بلاش تعرفي جاسر حاجة من اللي حصلت
قطبت جبينها بعدم فهم
_ انا مستغرفة اصلًا إن جاسر سابك تسافري، انتي عرفاه متعصب وبيغير أوي على أهل بيته.
ابتسمت بحزن
_ انتي لو شوفتيه وهو جايلي المطار كان هاين عليه يضربني بالنار ويخلص مني بس لما اترجيته وقلتله انت مجرب الحب وعارف ناره، بعدها سمحلي اني أسافر
انقبض قلب سارة خوفًا من أن يكون جاسر عاشقًا لأخرى لكنها لم تستطيع التفوة بحرف والتزمت الصمت..
❈-❈-❈
عادت سارة إلى الغرفة لتجد جاسر مستلقيًا على الارضية واضعًا ذراعه على وجهه ويبدو عليه التعب
فقد كان يومًا شاقًا على الجميع وهو لم يسترد عافيته بعد.
تقدمت منه بتردد لتقول بوجل
_ بلاش تنام على الأرض انت لسه تعبان ومينفعش، خليك انت على السرير وانا هنام في الأرض
تحدث جاسر باقتضاب
_ اني مرتاح إكدة، نامي انتي
لم تريد الضغط عليه وتركته لتدلف المرحاض بعد أن اخذت ملابس لها من الخزانة وأغلقت الباب خلفها.
نهض جاسر من مرقده وقد شعر حقًا بالألم يجتاح جسده من تلك النومة
لم يعد يتحمل الاستلقاء على تلك الأرضية الصلبة
نظر إلى الفراش وتذكر الليلة التي قضاها بجوارها وكم نعم تلك الليلة بنومًا هنيئًا لم ينعم بمثله من قبل.
لكن ماذا يفعل في مشاعره التي لا ترحمه وتطالبه بالتشبع من رحيقها
فـ بنظرة واحدة منها تجعله يرضخ لذلك العشق الذي حرمه على نفسه وعلى قلبه ليجابهه بضراوة كي لا يضعف أمامها
كلما قرر أن ينحي الماضي ويبدأ حياة جديدة معها يجد ظلام الماضي يسدل ستائرة السوداء أمامه فيرتد تلك الخطوة التي أقدم بها إليها
خرجت من المرحاض وهي ترتدي منامة من قطعتين وبدون أكمام لتخطف أنفاسه بعفويتها
هل تختبر صبره؟!
أم تزيد من عذابه؟
وقفت امامه تنظر إليه وكان لنظراتها اسأله تخشى البوح بها وهو يعلمها جيدًا همت بسؤاله
لكنه طمئنها
_ الحظ خدمه وملجتوش
الراحة التي ظهرت على وجهها جعلت الغيرة تنهش قلبه مما جعله ينظر إليها بضيق وقال باحتدام
_ ومالك فرحتي إكدة ليه؟
تطلعت إليه برهبة وردت بارتباك
_ لا مش فرحانة ولا حاجة، انا بس مش عايزاك تضيع نفسك عشان واحد ميستهلش
ضيق عينيه بشجب وسألها بانفعال
_ وانتي شايفة إن اللي حُصل ده يتعدى إكدة بالساهل؟
عادت إلى عينيها نظرة الانكسار مما جعلها تخفضها بخزي علمًا بأنه لن يغفر لها مهما فعلت
وسيظل الحزن ملازمًا لها والبعد سيكون مصيرهم حتمًا، لن يستطيع كلاهما الاستمرار في هذا العذاب.
لم تجيبه بل انسحبت بصمت مطلق وتوجهت إلى الفراش لتستلقي عليه وهي توجه ظهرها له
❈-❈-❈
ظلت وسيلة مستيقظة وقد جفاها النوم حزنًا على ما يحدث معهم
فقد تبدل حال اولادها وأصبح الحزن ملازمًا لهم حتى في ضحكاتهم
_ مالك ياوسيلة في حاچة تعباكي؟
حاولت الابتسام كي لا تقلقه بعد ذلك اليوم الشاق الذي انهكه لكنها لم تستطيع، وتحدثت بما يجول بخاطرها
_ خايفة جوي على ولادنا، حاسه بيهم وبالحزن اللي بيداروه عني بس اني جلبي حاسس بيهم وبآلامه
_ ليه بتجولي أكدة، جاسر واتزوچ اللي رايدها وليلى حججت اللي نفسها فيه وخلاص السنة دي وهتتخرج وتبجى دكتورة وحازم ومعتز ميتخافش عليهم.
هزت راسها بنفي وقالت بحزن
_ لا ، مش دي ليلى بنتي اللي كانت الضحكة مـبتفارجش وشها ولا نقارها مع أخواتها كل دجيحة، بجيت دايمًا مطفية وسرحانة حتى وهى بتهزر عينيها بيبجى كلها حزن
وجاسر اللي لو دارى حزنه عن الدنيا كلها مش هيجدر يداريه عني
ابنك مش مبسوط ياجمال زي ماانتوا فاكرين
أني بحس بكسرته وبألمه
نظرت إليه بحزن وتابعت
_ جلبي شاغلني عليهم جوي.
راوده نفس إحساسها لكن لم يريد التطرق به كي لا يقلقها وقال بثبوت
_ اولًا جاسر ممكن يكون لسه مـ اخدش على مرته لإن زي مـ انتي خابر شافوا بعض اتزوچوا في أيام
فطبيعي اللي بيحصل بينهم، بس حجيجي نظراته ليها بتأكد انه بيجبها
هزت راسها بنفي وقالت بحزن
_ لا نظراته ليها كلها عتاب مش بس حب، أني متأكدة، في حاچة بينهم ومخبينها جلبي بيجولي أكدة.
بدأ الشك يتلاعب به وسألها بريبة
_ وليه متكلمتيش معها وعرفتي ايه اللي بينهم
_ سألتها كتير بس بتجولهم انهم كويسين ومفيش أى حاچة، بس بردك مش مصدجة.
تنهد جمال بيأس منها
_ اني واثق ان مفيش حاچة كل دي اوهام من خوفك الزايد عليهم.
تحدثت بتمني
_ ياريت ياجمال بدعي إن ربنا يخيب ظني.
❈-❈-❈
اشرقت شمس الصباح بعد تلك الليلة العصيبة التي مرت على الجميع بألم ومشقة
ليلى التي ظلت طوال الليل تبكي حبها الضائع
وتتردد كلمات تلك الفتاة في أذنها حتى الآن
وتتساءل بوجع
اكان يخدعها كل تلك الفترة ويوهمها بعشقٍ زائف وهو عاشقًا لغيرها.
لكن لم تجد من يجيبها لتظل تائهة في بحور الوصب الذي لا يرئف بمن يلقى به
وكلما احجبت خصلاتها وجهها يمد يده ليرفعها بتروي كي ينعم بملمسه الناعم ويضع خلف أذنها.
أما مصطفى فقد بات ليلته وهو يفكر في حل
كيف الوصول إليها؟
حتى توصل إلى حل أخير
وهو أن يوهم الجميع انه استسلم لكنه لن يتخلى أبدًا وسيظل خلفها حتى ينتشلها من بأسها…
 

google-playkhamsatmostaqltradent