رواية حبيسة قلبه المظلم كاملة بقلم سارة علي عبر مدونة دليل الروايات
رواية حبيسة قلبه المظلم الفصل الثاني و الخمسون 52
يتحرك داخل جناحه دون وجهة محددة ..
يتحرك يمينا وشمالا .. ذهابا وإيابا وهو يفكر فيما يفعله … في الخطوة القادمة …
يتذكر كلمات شقيقه الذي يدرك رغم كل شيء انه معه حق ..
معه كل الحق …
يجذب علبة سجائره حيث يسحب منها سيجارة يشعلها ثم بعد لحظات قليلة يطفئها بضيق …
عقله يفكر دون أن يصل الى نتيجة محددة …
كيف يتعامل معها ..؟! كيف يكسبها في صفه ..؟!
والأهم كيف يمكنه أن يحيا معها حياته القادمة وهو الذي ما زال لا يراها سوى طفلة ..؟!
طفلة لا يمكنه أن يتعايش معها او يستوعب طفولتها مهما حاول …
ألقى سيجارة ثانية في سلة المهملات بضيق ثم هوى بجسده فوق السرير يتأمل السقف بشرود حانق …
هو في ورطة .. ورطة حقيقية …
حياته باتت مرتبطة بطفلة قادمة في الطريق ..
طفلة لا يمكنه تجاهل وجودها …
طفلة من صلبه .. طفلة تمثل جزءا منه شاء أم أبى …
طفلة يدرك جيدا إنها ستثير حميته ما إن تصل الى هذه الدنيا …
طفلة ستملكه رغما عنه ودون وعي منها …
وهناك الى جانب الطفلة جيلان …
زوجة مع وقف التنفيذ …
جيلان الصغيرة الذي لم يرها زوجة يوما ولم تتحرك غريزته نحوها ولا مرة حتى الآن …
حتى بعدما حدث ونالها بتلك الطريقة الحقيرة وسط استسلامها المؤلم له ..
حتى بعد تلك الليلة لم تتحرك حتى غريزته نحوها ….
ما زال لا يراها كأنثى حقيقة بعين رجل يرغب فيها او حتى يرغب في أن تشاركه حياته ….
هو لا يراها من هذا المنظور مهما حاول أن يفعل …
كيف يشرح لمن حوله هذا ..؟!
كيف يخبرهم بحقيقة إن جيلان لم تتخطى حاجز ابنة العم الصغيرة التي وجد نفسه مجبورا على الزواج منها ..؟!
لا ينكر انه بات يتعاطف معها …
ضميره يؤنبه لأجلها …
ولا ينكر انه بات لا يكرهها او ينفر منها لكن هذا لا يعني انه يتقبلها كزوجة ….
هو لا يراها هكذا ولا يعتقد انه سيفعل يوما ولكن ماذا عن طفلته …؟!
هل سيمنحها حياة مشتتة بين أبوين منفصلين …؟!
وهل سيتحمل أن تحيا بعيدا عنه والأسوء أن تحيا في كنف رجل آخر فجيلان صغيرة الآن ولكنها ستكبر وبالتأكيد ستلتقي بالشخص المناسب يوما ما وهو بدوره لن يستطيع منعها من الارتباط لإنه سيكون أنانيا حينها والأسوء انه لا يستطيع أن يطالبها وقتها بطفلته لانه لن يؤذيها وحدها بل سيؤذي طفلته ايضا …
اعتدل في جلسته وهو يتأفف بحنق …
لم كل شيء بهذا التعقيد ..؟!
لم يحدث هكذا معه دائما …؟!
هل هو تعيس الحظ الى هذه الدرجة ..؟!
مالذي كان سيحدث لو لم تحمل جيلان طفله في تلك الليلة اللعينة …؟!
لم تكن هناك مشكلة حينها ..!
كان سيطلق جيلان بعد فترة كما اتفق مع أخيها وكل شيء بعدها كان سيعود الى نصابه السابق وحينها سيرتاح بل الجميع سيرتاح …!
مسح على وجهه بضيق محاولا أن يتجاهل هذه الأفكار فالوقت فات حقا على التفكير في ذلك …!!
جيلان تحمل طفله بكل آسف وهو بات مرتبطا بها رغما عنه …
نهض من فوق السرير متوجها نحو النافذة يتطلع الى الحديقة الخارجية بشرود وعقله يفكر من جديد …
قرر أن يذهب الى جناحها ويتحدث معها قليلا …
ربما يصل الى شيء ما هذه المرة …
ربما يجد نقطة مشتركة بينهما ..!
خرج من جناحه متوجها الى جناحها ليطرق على الباب بخفة فتفتح الباب له فورا بملامح واجمة لتنظر إليه بدهشة فيهتف :-
” هل أنت بخير …؟!”
تأملته لوهلة بنفس الوجوم قبل أن يتفاجئ بها تبتسم وملامح وجهها تنفرج كليا وكأنها وجدت ظالتها به …
جذبته من كفه تخبره :-
” من الجيد إنك أتيت …”
وقف بجانب سريرها يتأملها وهي تتحرك بعيدا عنه تحمل دفترا وقلما ثم تتقدم بهما نحوه لتمد يدها بالدفتر والقلم له …
تناول الدفتر والقلم منها وهو يسألها بحيرة :-
” لماذا تعطيني إياهما …؟!”
أجابت بابتسامة واسعة :-
” ستكتب لي الواجب …”
اتسعت عيناه مرددا بعدم استيعاب :-
” ماذا ..؟!”
سارعت تجلس على السرير مرددة بجدية :-
” الاستاذ يريد مني كتابة القصيدة عشر مرات كي أحفظها جيدا وانا متعبة للغاية …”
أكملت وهي تمط شفتيها بضيق :-
” الحمل يتعبني ولا يمكنني الكتابة حقا …”
أكملت برجاء طفولي :-
” انت لست متعبا … يمكنك أن تكتبه بدلا مني …”
هم بالرفض لكنه تراجع وهو تذكر قراره ومحاولاته للتقرب منها فتنهد وهو يهتف مرغما :-
” حسنا يا جيلان … سأكتبها وأمري لله …”
ابتسمت بفرحة وهي تجذب الكتاب الموضوع جانبها على السرير وتفتحه له حيث الصفحة التي تحوي القصيدة …
مدت يدها بالكتاب وهي تخبره :-
” أكتبها عشرة مرات … ”
تناول الكتاب منها يتأمل القصيدة المكونة من عشرة أبيات شعرية ليتنهد بملل مفكرا إنه لم يكن يطيق الواجبات المدرسية أبدا بل كان دائما ما يتملص منها ويبحث عن شخص ما يكتبها نيابة عنه …
تارة يستعين بشقيقه راجي ومرات كثيرة كانت همسة تكتب واجبه بدلا عنه بل في احدى المرات طلب من الخادمة ان تكتب الواجب له رغم رفض والدته الشديد لذلك لكنه لم يكن يهتم ويفعل ما يريده كعادته …
حمل الاغراض وتوجه نحو الكنبة وجلس عليها …
بدأ يكتب عندما سمعها تحذره :-
” لا تنسى أن تكتب بخط جيد …”
ثم نهضت من مكانها وتوجهت الى الغرفة الداخلية ليتأملها هو بحنق قبل أن يعاود النظر الى الدفتر مرددا بغضب مكتوم :-
” هذا ما كان ينقصك يا مهند …”
ثم بدأ يكتب القصيدة قبل أن يجدها تخرج وهي تحمل معها مجموعة من اوراق الرسم البيضاء لتضعها فوق السرير ثم تعود مجددا وتجلب ألوان الرسم خاصتها ليهتف بضيق :-
” على أساس إنك متعبة … أراك مستعدة للرسم بل ومتحمسة ايضا …”
منحته نظرة متعالية وهي تخبره :-
” الرسم شيء مختلف … الرسم لا يتعبني بل يمنحني متعة لا مثيل لها … لكن الجهلة امثالك لن يفهمون ذلك …”
” جهلة …”
تمتم بها مدهوشا بينما تحركت هي نحو سريرها بلا مبالاة وجذبت الالوان ليهتف بحدة خافتة :-
” لو لم تكوني حاملا لتصرفت معك بالطريقة التي تستحقينها وحينما ستدركين كيف يتصرف الشخص الجاهل …”
مطت شفتيها بلا مبالاة ليزفر انفاسه بقوة وهو يذكر نفسه مجددا ان عليه أن يهدا وأن يكون صبورا معها …
عاد يكتب القصيدة رغم غضبه الذي يجاهد ليخفيه كي لا ينفجر في وجهها بينما أخذت هي ترسم بحماس وغرقت كالعادة في رسمتها حتى مرت حوالي ساعة انتهى بها مهند من كتابة القصيدة لعشر مرات متتالية …
نهض مهند من مكانه ومعه الدفتر ليضعه امامها مرددا ببرود :-
” كتبت الواجب … ولكن لا تعتادي على هذا …. عليك أن تكتبي واجباتك بنفسك فهذا يعتبر غش …”
سحبت الدفتر متجاهلة حديثه لتتأمل المكتوب فتجحظ عيناها مرددة :-
” ماذا هذا …”
رد ببساطة :-
” هل أصبتِ بالعمى …؟! هذه القصيدة التي أردت مني كتاباتها …”
نهضت من مكانها تهتف بغضب :-
” بشع … خطك بشع جدا …”
” عفوا …”
تمتم بها مدهوشا لترفع الصفحة في وجهه تخبره :-
” ما هذا الخط …؟! لم أرَ خطا أبشع منه في حياتي ..”
هتف بتجهم :-
” هل تعلمين شيئا …؟! الخطأ ليس منك بل من الأبله الذي ساعدك وكتب لك الواجب ..”
ثم صاح بها :-
” هاتيه …”
مدت له الدفتر بارتباك ليأخذه ويمزق الصفحات التي كتب عليها بقوة قبل أن يتجه بالصفحات ويرميها داخل سلة المهملات ثم ينظر لها مرددا بتحفز :-
” والآن اكتبي واجبك حالا …”
همت بقول شيء ما ليقاطعها بحدة أجفلتها :-
” لا تفتحي فمك بكلمة واحدة …. نفذي ما قلته … هيا …”
لعنته داخلها وهي تتجه نحو الدفتر تسحبه وتبدأ في كتابة القصيدة ليتأملها ببرود لثواني قبل أن يتحرك خارج الجناح ويغلق الباب خلفه بعصبية جعلتها تنتفض من مكانها رغما عنها …
(صورة)
غادر جناحها بعصبية متمتما مع نفسه :-
” صغيرة .. حمقاء … بلهاء …. اللعنة عليّ أنا … أين كان عقلي في تلك الليلة …؟!”
لم يتوقف عن صب جم غضبه على نفسه وهو يدلف الى جناحه يسحب هاتفه ومفاتيح سيارته مع محفظته ثم يتحرك خارجا من الجناح متجها الى الطابق السفلي ليجد والدته تنادي عليه فيلتفت اليها مرددا بنفاذ صبر :-
” نعم ماما … ماذا هناك …؟!”
سألته زهرة وهي تتقدم نحوه :-
” العشاء بعد قليل … اين ستذهب …؟!”
اجاب بجدية :-
” سأخرج قليلا وربما اتناول العشاء مع صديق لي ….”
سألته وهي تلمس جانب وجهه بحنو :-
” انت بخير ، أليس كذلك …؟!”
تنهد وهو يخبرها :-
” أحاول أن أكون كذلك …”
ثم ربت على كفها الموضوع فوق وجنته يخبرها بإبتسامة :-
” لا تقلقي علي …”
عانقته بمودة وهي تخبره :-
” لا يمكنني التوقف عن القلق عليك وعلى أشقائك ….”
ثم ابتعدت عنه وهي تردد :-
” انتبه على نفسك … حسنا …”
تنهد وهو يهز رأسه بصمت ليتحرك خارج القصر بعدها فيجد أثير ابن عمته يدلف بسيارته الى داخل كراج القصر ومعه شقيقته فيشير له ان يتوقف مكانه وهو يتقدم نحو سيارته ليفتح أثير النافذة وهو يسأله :-
” ماذا هناك …؟!”
ألقى مهند التحية على ابنة عمته ثم أخبرها بعدها :-
” الجميع في الداخل .. اذهبي اليهم واتركيني مع شقيقك …”
مازحته :-
” انت تطردني …”
هتف ببرود :-
” شيء كهذا …”
تنهد أثير وهو يخبرها :-
” ادخلي انت و اتركيني مع ابن خالك المبجل …”
” حسنا ..”
قالتها وهي تخرج من السيارة متجهة الى داخل القصر بينما سارع مهند يأخذ مكانها يخبر ابن عمته :-
” انطلق بنا حالا ..”
سأله أثير :-
” الى اين ..؟!”
أجابه مهند بسرعة :-
” الى النادي الليلي الذي ذهبنا اليه قبل عام … قبل سفرك …”
” حسنا …”
قالها أثير وهو يتحرك بسيارته عائدا من حيث اتى .. خارج القصر …
بعد مدة من الزمن كان مهند يجلس على احدى الطاولة مع أثير الذي سأله وهو يرتشف مشروبه الكحولي :-
” ما بالك يا مهند ..؟! ”
تمتم مهند وهو يرتشف من مشروبه :-
” لا يوجد شيء مهم … فقط اشعر بالملل و …”
” والمسؤولية …”
قالها أثير بجدية ليزفر مهند انفاسه بتعب وهو يومأ برأسه ليضيف أثير :-
” ومالذي أجبرك على هذه المسؤولية يا مهند …؟!”
تمتم مهند بسخط :-
” حظي الاسود …”
كتم مهند ضحكته قبل ان يقول :-
” انا لا أعرف كيف تم زواجك من جيلان لإنني كنت خارج البلاد ولكن دعني أخمن … هل خالي من أجبرك عليها كي يضمن بقائها معنا …”
أجاب مهند بإختصار :-
” شيء كهذا ….”
هز أثير رأسه متفهما عدم رغبة مهند في خوض الحديث بهذا الموضوع فعاد يرتشف مشروبه ليسأله مهند بإهتمام :-
” وماذا عنك …؟! ألا يوجد جديد …؟!”
رد اثير بصدق :-
” لا يوجد شيء لا تعرفه ….”
اكمل وهو يخبره :-
” والدتي غاضبة منك ومن خالي وزوجة خالي ايضا …”
تمتم مهند بسخط :-
” وما الجديد ..؟! والدتك دائما غاضبة من الجميع …”
ضحك أثير بخفة وهو يضيف :-
” بسبب جيلان … تعتبر ما حدث جريمة في حق فتاة صغيرة … ”
” وانت ما رأيك ..؟!”
سأله مهند ببرود ليهتف أثير :-
” من الأفضل ألا تسمع رأيي …”
أكمل بعدها بصدق :-
” ولكني أتمنى أن تستمر علاقتكما بعدما تأخذ مسارها الصحيح …”
” علاقتنا ..!!”
قالها مهند بتهكم ليرفع أثير حاجبه وهو يسأله :-
” انت لا تنوي تطليقها فعليا .. أليس كذلك …؟!”
اجاب مهند بحيرة :-
” لا أعلم ….”
زفر أثير أنفاسه بضيق قبل ان يقول :-
” لا تفعلها يا مهند … هناك طفل بينكما … ناهيك عن كونها ابنة عمك و انفصالك عنها سيسبب شرخا في العائلة …”
” أنت أيضا تفكر في العائلة … أصبحت تتحدث مثل راغب …”
قالها مهند ساخرا ليخبره أثير بثقة :-
” لإننا مهما حاولنا التمرد والتملص من العائلة لن ننجح … نحن ننتمي لها شئنا أم أبينا …”
زفر مهند أنفاسه بضجر وهو يتناول مشروبه مجددا قبل أن يتجمد مكانه وهو يراها تقف بعيدا عنه ملتصقة بالحائط تتأمله بعينين باكيتين …
هتف بعدم تصديق :-
” تقى ..!!”
انتبه أثير الى ما قاله فاستدار نحو الجهة التي ينظر اليها ليجدها هناك فيهتف بضيق :-
” ماذا تفعل هذه هنا …؟!”
ثم هم بالنهوض ليوقفه مهند وهو يخبره :-
” اجلس مكانك … سأتحدث معها …”
ثم نهض من مكانه متقدما نحوها ليرى اللهفة واضحة على ملامحها وفي عينيها وهي تهمس بإسمه :-
” مهند حبيبي …”
جذبها من ذراعها وسحبها خارج المكان قبل أن يدفعها بقوة وهو يسألها :-
” ماذا تفعلين هنا يا تقى ..؟! لا تقولي إنها الصدفة …”
تمتمت بسرعة وهي تتقدم نحوه :-
” كلا ليست صدفة … كنت أراقب القصر وعندما وجدتك تخرج مع قريبك قررت اللحاق بك … انا اشتقت اليك كثيرا …”
ثم حاولت عناقه ليدفعها بنفور وهو يتأملها هيئتها الغريبة قليلا وملامح وجهها الشاحبة تماما والهالات السوداء تحت عينيها ليهتف بها بحدة :-
” ألم يحذرك راغب من التقرب مني مجددا ..؟!”
قالت بسرعة :-
” لا يهمني راغب وما يقوله … ما يهمني هو انت …”
هتف ببرود :-
” ما قاله راغب كان قراري يا تقى … هو قال ما أردته أنا …”
هزت رأسها نفيا تعارض حديثه :-
” كلا ، هو راغب من قالها وهددني … هددني بالابتعاد عنك لانه لا يحبني … يراني غير مناسبة لك …”
” وهو معه حق …”
قالها بثبات لتهمس بصوت مرتعش :-
” ولكنك تحبني …”
ثم تقدمت نحوه تهم باحاطة وجهه بين كفيها :-
” تحبني يا مهند مثلما أحبك …”
قبض على كفيها قبل أن تصلان الى وجنتيه يهدر بها :-
” لا تلمسيني …”
ثم أكمل وهو يدفعها مجددا بنفور :-
” ابتعدي عني يا تقى … ”
صاحت باكية :-
” ماذا جرى لك يا مهند ..؟! هل راغب يجبرك على ذلك أم والدك ..؟! مهند انت تحبني …”
قاطعها بنفاذ صبر :-
” كلا انا لا احبك … لم أحبك يوما ولن أفعل … انت كنت مجرد مرحلة في حياتي … مرحلة تشعرني بالقرف من نفسي كلما تذكرتها …”
” مرحلة … !!”
تمتمت بها مدهوشة وهي تضيف بأسى :-
” انا كنت مرحلة في حياتك يا مهند …”
أومأ برأسه وهو يضيف :-
” نعم مرحلة حقيرة أتمنى لو امحيها من ذاكرتي …”
صاحت باكية :-
” لماذا تزوجتني اذا ..؟! لماذا فعلت بي هذا ..؟! لماذا قلت انك تحبني …؟!”
رد بقسوة :-
” كنت حمارا … وعلى العموم زواجك مني كان لمصلحتك انت … انت كنت المستفيدة الوحيدة منه … ”
هتفت ساخرة :-
” حقا …؟! ومالذي استفدته من تلك الزيجة ..؟! ”
رد مستخفا بها :-
” مكان اقامة واموال وغير ذلك .. أم نسيت إنك لولاي كنت ستبقين بالشارع ….”
هزت رأسها تخبره برفض :-
” انت لا يمكن ان تكون مهند حبيبي الذي اعرفه …”
هتف بها بنفاذ صبر :-
” افهمي .. انا لست حبيبك ولن اكون …”
ثم قبض على ذراعها يخبرها بتحذير :-
” اياك ثم اياك أن تظهري أمامي مجددا وإلا ستجدين نفسك جانب والدك لكن في سجن النساء …”
دفعته وهي تخبره :-
” انت حقير …”
جذبها من خصلاتها يصرخ بها :-
” لم يتبق سوى عاهرة مثلك تتحدث عني بهذه الطريقة وتشتمني …”
ركض أثير نحوه وسحبه مرددا :-
” ماذا تفعل يا مهند ..؟! سوف تفضحنا …”
ثم هتف بها :-
” غادري حالا ولا ترينا وجهك مجددا …”
مسحت دموعها بأناملها وهي تخبره بتوعد :-
” سأغادر الآن يا مهند ولكنني أعدك إنني سأرد لك ما فعلته وقريبا جدا … أقرب مما تتصور …”
ثم تحركت مغادرة المكان بحقد وتوعد يتابعها مهند بعينيه المشتعلين وجواره يقف أثير يطلب منه أن يهدأ ….
أنهت اتصالها مع شقيقتها وجلست لوحدها تتأمل الفراغ المحيط بها بصمت …
صمت لم يستمر سوى لثواني قطعه صوت بكاء احد الطفلين ….
نهضت من مكانها بسرعة واتجهت الى داخل الغرفة لتجد المربية تحمل كريم الذي بدأ هو وصلة البكاء كما توقعت ….
تقدمت نحوه تهم بحمله عندما بدأت شقيقته في البكاء هي الأخرى فتنهدت بتعب وهي تتحرك نحوها وتحملها داخل أحضانها محاولة تهدئتها …
تأملت نانسي الصغيرة التي توقفت عن بكائها بعد لحظات لتطبع قبلة خاطفة فوق وجنتيها وهي تهدهدها عندما سارت نحو المربية تتأمل كريم الذي نام مجددا بين ذراعيها فتبتسم بحنو وهي تلمس خصلات شعره الكثيفة الغامقة بخفة …
صدح صوت رنين جرس الباب فأشارت للمربية إنها ستفتحه لتتحرك والطفلة بين ذراعيها الى الباب حيث فتحته لتتجمد في مكانها وهي ترى صلاح أمامها ….
بهت صلاح لوهلة وهو يتأمل الطفلة الصغيرة المحمولة بين ذراعيها …..
لم تكن ملامحها ظاهرة لكنه استطاع تمييز لون شعرها الغامق قليلا ….
تنحنح مرددا بارتباك :-
” مرحبا نانسي ….”
” اهلا صلاح …”
قالتها نانسي بخفوت قبل ان تضيف وهي تفسح المجال له للدخول :-
” تفضل ..”
تأملته وهو يتحرك الى الداخل ونظرات عينيه تحاوط الصغيرة رغما عنه لتضمها داخل أحضانها أكثر وهي تغلق الباب ثم تتجه نحوه لتجده ما زال واقفا مكانه فأخبرته :-
” اجلس يا صلاح … سأعيد كاميليا الى غرفتها وآتي فورا …”
هز رأسه بتفهم وهو يجلس على الكنبة واسم طفلته يتردد داخل اذنه …
أسمتها كاميليا بينما أسمه الصبي كريم ….
تنهد بصمت متجاهلا تلك النغزة داخله عندما رأى الصغيرة وعندما نطقت هي اسمها …
حاول ألا يفكر في ذلك وهو يخبر نفسه إنه أتى هنا ليتحدث معها وينهي الأمر ….
وجدها تتقدم نحوها فتأمل ملامح وجهها المتعبة قليلا فيسألها :-
” كيف حالك ..؟!”
ردت بعدما جلست قباله :-
” بخير وأنت ..؟!”
رد بجدية :-
” بخير ….”
أومأت برأسها قبل أن تباغت بالقول :-
” أنا أعلم إنك تريد العودة الى البلاد ….”
هتف مبررا :-
” لا يمكنني البقاء هنا اكثر … انا لا أفعل شيئا هنا وأعتقد إنني أتممت ما أتيت لأجله …”
” معك حق ….”
قالتها بجدية وهي تضيف :-
” يمكنك أن تسافر يا صلاح … ”
لا يعرف لماذا وجد نفسه يسأل :-
” وأنت ..؟! والأولاد …؟!”
نظرت له بعينيها تتسائل عن سبب سؤاله ليهتف بسرعة :-
” يعني أريد أن أفهم مخططاتك للقادم … هل ستبقين هنا أم تنوين العودة .؟!”
سألته بتردد :-
” هل يفرق معك بقائنا هنا من عدمه ..؟!”
صمت ولم يتحدث لتضيف بوجع خفي :-
” أعلم إنك ترفض تحمل مسؤوليتهما …”
همس بصعوبة :-
” افهميني يا نانسي .. انا لدي نمط حياتي الذي يخصني … نمط حياتي لا يناسبه وجود طفلين ….”
أخذ نفسا عميقا ثم قال :-
” لم أكن أريد حدوث هذا و اخبرتك بصراحة إنني لا أستطيع تحمل مسؤوليتهما …”
قاطعته مكملة انه :-
” ولكنني أصريت على الاحتفاظ بها وبالتالي وحدي من سأتحمل مسؤوليتهما …”
قال بتردد :-
” انا سأتحمل مسؤوليتهما من الناحية المالية … سأصرف عليهما و …”
توقف يلاحظ الاستنكار في عينيها قبل أن تهتف بتجهم :-
” انا لا أحتاج للأموال .. انت تعلم إنني يمكنني تحمل جميع المصاريف التي تخصهما كاملة … ”
هتف بسرعة :-
” أعلم ….”
ثم أضاف بصدق :-
” ولكن هذا مسؤوليتي … وصدقا لن يؤثر علي ذلك بشيء .. دخلي الشهري من حصتي من املاك والدي كثير للغاية .. وهذا في النهاية حقهما علي …”
ظهرت نظرة ساخرة رغما عنها في عينيها تجاهلها وهو يضيف :-
” حتى لو لا أستطيع أن أعتني بهما بالشكل المطلوب وأمارس أبوتي كاملة لكنني على الأقل سوف أساهم بشكل ما في تربيتهما …”
” ولكنهما لا يحتاجان الاموال … ميراثي لوحدي يجعلهما يعيشان حياة مرفهة للغاية … ”
هتفت بها بصلابة وهي تضيف :-
” أن تتواجد قربهما ولو قليلا حتى هو كل ما يحتاجانه ….”
هتف بتردد :-
” حسنا ، انا بالطبع لن أختفي من حياتهما ولكن …”
توقف يأخذ نفسا عميقا ثم يضيف :-
” لا تنتظري مني أي شيء لإنني نفسي لا أعلم ما يمكنني فعله مستقبلا وما يمكنني تقديمه لهما … ”
أضاف بصدق :-
” انا عندما رفضت الطفلين لإنني أعرف نفسي جيدا … انا شخص لدي حياتي ولا رغبة لي في تغييرها ولا طاقة لدي لتحمل مسؤولية أحد … هذا ما جعلني أرفض قدومهما لإنني حينها سوف أظلمهما معي …. ”
همست بتردد :-
” ألا يمكنك أن تحاول قليلا …؟! انا لا أطلب منك شيئا صعبا الى هذا الحد …”
زفر أنفاسه ثم قال :-
” حتى لو حاولت … سأفشل … لن أكون الأب الذي يحتاجانه بل و يستحقانه …. ”
استرسل بصدق :-
” لكن مع هذا فأنا لا أرفضهما الآن .. لقد ولدا وانا مجبر على تقبلهما … في النهاية هما ولدي وسأحاول أن أمنحهما ما أمتلك …”
هتفت بوجوم :-
” المال ….”
قال بتروي :-
” بالطبع سوف أقوم بزيارتهما بين الحين والآخر إذا عدت الى البلاد ..”
قالت بتأكيد :-
” انا سأعود الى البلاد بالفعل … سوف أربي الطفلين في بلدهما …”
” حسنا ، الموضوع بات أسهل … أنتم ستكونون قريبون مني .. ”
قالها مبتسما بخفة قبل أن يضيف :-
” أعتقد ان الوضع بعد عودتكما سيكون اكثر بساطة …. ”
” يمكنك العودة يا صلاح الى البلاد … لا تقلق بشأننا … ”
قالتها وهي تجاهد لاخفاء خيبتها ليقول :-
” والدتي سعيدة جدا بحملك وهي تنتظر ولادتهما بلهفة شديدة …”
ابتسمت بتوتر دون أن ترد لينهض هو مرددا بسرعة :-
” انا يجب أن أغادر الآن … ”
نهضت بدورها تهتف بسرعة :-
” ألن تراهما قبل مغادرتك …؟!”
كانت محاولة أخيرة منها لتحرك القليل من مشاعره الأبوية نحو الطفلين …
تنحنح مرددا وهو يعبث بخصلات شعره :-
” حسنا .. ”
ابتسمت وهي تخبره :-
” تعال معي …”
سار خلفها مستسلما عندما دلف الى الغرفة التي وضعت بها الصغيرين ليقف قرب الباب بينما حملت هي أحدهما وتقدمت به نحوه تخبره :-
” هذا كريم .. الكبير ….”
انتفض قلبه رغما عنه وهو يتأمل الصغير النائم بين ذراعي والدته بسلام …
كان يمتلك خصلات كثيفة غامقة شعر لوهلة إنها تشابه خصلاته المجعدة …
لديه وجنتان ممتئلتان شهيتان للغاية وفم صغير مزموم بشكل لطيف جدا …
ابتسم وهو ينحني نحوه بتردد فهمست بأمل :-
” يمكنك أن تحمله إذًا أردت …”
قال بسرعة :-
” لا داعي لذلك .. ”
ثم مال نحوه اكثر ليمد أنامله يلمس خصلات شعره ثم وجنته ليهمس :-
” انه جميل ….”
طبعت قبلة فوق جبين الصغير ليتأملها وهو يشعر برغبة داخله في تقبيله هو الآخر لكنه تجاهل رغبته عندما تحركت نانسي تعيد الصغير الى فراشه ثم تحمل كاميليا والتي كانت مستيقظة بالفعل …
تقدمت نحوه وهي تحمل الصغيرة هذه المرة ليتأملها لوهلة مبهورا بملامحها الجميلة حيث تمتلك شعرا كثيفا غامق قليلا مقارب للون شعر شقيقها وبشرة بيضاء ولكن ما جذبه حقا هو لون عينيها الرائعتين حيث كانت تمتلك عينيه زرقاوين بلون ماء البحر والسماء ..
ابتسم مرددا بصدق :-
” إنها رائعة …”
همست نانسي وهي تداعبها :-
” نعم وخاصة لون عينيها …”
ابتسم وهو يميل نحوها يداعب وجنتها بأنامله …
تأملته نانسي بصمت ورغما عنها عاد الأمل ينبعث داخلها عندما رفع وجهه نحوها يتأمل النظرات الحانية في عينيه فترتبك ملامحها وهي تخبره :-
” سوف أعيدها الى سريرها …”
أومأ برأسه وهو يتابعها بينما تعيد الصغيرة الى سريرها يتابعها هو بتركيز وعينيه مسلطتين على ابنته حتى وجدها تتقدم نحوه مجددا ليقول وهو يتحرك أمامها نحو الخارج :-
” انا سأعود الى البلاد خلال اسبوعين بالكثير … ”
التفت نحوها يردد بحذر :-
” متى ما أردت يمكننا الطلاق …؟!”
تأملته بصمت لثواني قبل أن تهمس بإقرار :-
” ولكنني لا أريد الطلاق …”
هم بالرفض لتوقفه وهي تكمل :-
” سأبقى على ذمتك لفترة ما دون مطالبتك بشيء … من فضلك لا ترفض .. انا أفعل هذا لأجل الطفلين وكما أخبرتك فأنا لا أطالبك بشيء …”
تجهمت ملامحه لكنه لم يستطع الرفض فهز رأسه بصمت بينما ابتسمت هي له بامتنان وداخلها تتمنى أن تجدي محاولتها الاخيرة نفعا ..
هبطت هايدي درجات السلم متجهة الى صالة الجلوس لتجد والدتها تجلس هناك شاردة تماما …
تنحنحت مصدرة صوتا لترفع والدتها وجهها نحوه وهي تردد :-
” ماذا تريدين يا هايدي …؟!”
جلست هايدي جانبها تهتف بتردد :-
” ما بالك يا ماما …؟! لا أصدق إن خبر حمل نانسي أزعجك لهذا الحد …”
أضافت بخيبة :-
” وانا التي كنت أتأمل أن يخفف هذا الخبر من وطأة غضبك عليها …”
ارتسمت ابتسامة ساخرة على شفتيها وهي تهتف :-
” تقصدين ألمي بسببها ….”
قالت هايدي بسرعة :-
” ماما من فضلك …. نانسي لم تقصد أن تؤلمك …”
استدارت تهاني بكامل جسدها نحوها تخبرها بغضب :-
” هل تعتقدين إنني غبية يا هايدي …؟! انا كنت أدرك ما وراء هذه الزيجة لكنني تعمدت تكذيب نفسي … ”
سألتها هايدي بتوتر خفي :-
” ماذا تعنين …؟!”
” ما فهمته يا هايدي … كان لدي أمل بسيط أن يكون تفكيري ليس صحيحا ولكن ما أبلغتني به اليوم أكد لي مخاوفي السابقة … شقيقتك تزوجت ذلك الأرعن لإنها حامل … لإنها تحمل طفله …”
أشاحت هايدي وجهها بعيدا عنها لكن سرعان ما أدارته والدتها نحوها مجددا وهي تشير لها بإصرار :-
” أخبريني هيا … لا تخفي وجهك عني … اعترفي بتصرف شقيقتك الدنيء التي فضحتنا بأفعالها الخرقاء واستهتارها ….”
أبعدت هايدي وجهها من بين أناملها مرددة بجمود :-
” لم تكن في وعيها …”
انتفضت تهاني من مكانها تصيح بها :-
” ما زلت تدافعين عنها …”
نهضت هايدي تصيح بنفاذ صبر :-
” يكفي حقا … متى سوف تستوعبين إن ما يحدث سببه أنت …؟! ابنتك كانت تعاني لوحدها دون أن تدركي … ”
أضافت وهي تتقدم نحوها بقوة :-
” أين كنت وابنتك تمر بأزمات نفسية لا تعلمين عنها شيئا ..؟! أين كنت وأنت تلاحظين تصرفاتها الغبية كما كنت تنعتيها …؟! لماذا لم تحاولي التقرب منها ..؟! لماذا لم تتحدثي معها وتفهمي سبب ما تفعله …؟! لماذا تركتيها ضائعة تماما حتى سقطت في وكر صلاح ومنحته جسدها دون وعي منها …؟! ”
همست تهاني مصدومة :-
” انت تلوميني أنا يا هايدي … الآن أصبحت انا سبب ما فعلته شقيقتك …”
” نعم انت …”
قالتها هايدي بحدة وهي تضيف :-
” انت السبب … منذ وفاة والدي وحالة نانسي النفسية تدهورت … وانت تدركين ذلك جيدا … وبدلا من محاولة احتوائها والتخفيف عنها بل وملأ الفراغ الذي تركه والدي في حياتها كنت تتعمدين انتقادها والتعامل معها بحدة ورفض فقط لانها لم تكن بالشكل الذي تريدينه … فقط لانها لم تكن تشبهك وتتصرف و تفكر مثلك .. ”
توقفت للحظة تلتقط انفاسها ثم اضافت :-
” أنت أهملتها مما جعل وضعها يتأزم حتى باتت ترفضك بل تتجنب وجودك حولها والنتيجة إنها ضاعت … ضاعت بسببك انت قبل أي أحد …”
” انا لا اصدق إنك تحملين كل هذا داخلك نحوي …”
قالتها تهاني بعدم استيعاب لتبتسم هايدي بتهكم وهو تخبرها :-
” انت لم تر شيئا بعد … كل مرة اتسائل فيها عن سبب وصول نانسي لهذه الحالة لا أجد غيرك سببا لهذا … ”
ترقرقت الدموع داخل عينيها وهي تسترسل :-
” المشكلة إنك لم تستوعب اختلاف شخصيتها .. نانسي شخصية حساسة للغاية وعاطفية أيضا وبعد وفاة والدي واهمالك لها تحولت الى شخصية ضعيفة وهشة تماما و باتت تبحث عن العاطفة التي افتقدتها برحيل والدي … العاطفة التي عجزت أنتِ ان تمنحيها لها لإنك وبكل أسف لا تمتلكينها …”
صرخت تهاني بصوت جهوري :-
” يكفي …”
اكملت وهي تقبض على ذراعها :-
” انا لست سيئة الى هذا الحد .. صحيح انا قوية وحادة الطباع قليلا وربما ابدو لك ولها قاسية لكنني أحبكما أكثر من أي شيء … انت ونانسي و شقيقكما .. دائما كنت أسعى لتكونوا الافضل في كل شيء …لم يكن يهمني احد غيركم انتم الثلاثة …. ”
” حقا …؟! وهل أصبحنا كذلك …؟!”
سألتها هايدي بحسرة لتهمس تهاني :-
” انا لم أقصد التسبب بكل هذا … انا احب نانسي كثيرة … هي ابنتي الكبرى اولى فرحتي ولكن ….”
توقفت للحظات قبل أن تضيف بحسرة :-
” لم أكن أعلم إنها متخبطة داخلها الى هذا الحد … لم أدرك إنها تحمل كل هذا الضياع داخلها .. انا حاولت توجيهها دائما … طلبت منها أن تعقل مرارا ولكنها لم تستمع الي …”
اكملت بغضب :-
” وعليك ان تعلمي ان ما قلته لن يغير حقيقة ما فعلته … شقيقتك ارتبكت خطئا جسيما لا يوجد له مبررات …”
” وهي عوقبت على خطئها … نالت عقابها كاملا …”
قالتها هايدي بوجع وهي تضيف بدموع حارة :-
” دفعت ثمن خطأها الغير مقصود منذ اول يوم وما زالت تدفع …”
اخذت نفسا عميقا واكملت :-
” نانسي تحتاجك الآن اكثر من اي شخص آخر … ربما هي لا تعي ذلك لكنني أعيه … انت تجاهلتها منذ شهور وما زلت تفعلين … ”
همست تهاني بحسرة :-
” كيف فعلت هذا ..؟! كيف وصلت الى هذا المستوى ..؟! كيف منحت جسدها له ..؟!”
هتفت هايدي بنفاذ صبر :-
” أخبرتك إنها لم تكن في وعيها … افهمي من فضلك …”
اكملت برجاء :-
” من فضلك حاولي ان تفهمي ذلك … ابنتك تحتاجك … لقد انجبت طفليها منذ عدة ايام …”
تجمدت تهاني لثواني قبل ان تهمس بعدم تصديق :-
” طفليها …!!”
أومأت هايدي برأسها وهي تضيف :-
” كريم وكاميليا …”
رقت ملامح والدتها لثواني قبل أن تعود الى جمودها وهي تهمس :-
” يا إلهي …. ماذا فعلت بنفسها تلك الحمقاء … كيف دمرت حياتها هكذا …”
اتسعت عينا هادي وهي تهدر بعدم تصديق :-
” ماذا تقولين انت …؟!”
” أقول الحق … شقيقتك ارتبكت جريمة لا يمكن غفرانها … شقيقتك زنت يا هانم وليت الأمر توقف عند هنا … لقد انجبت طفلين نتيجة هذا الزنا …”
اوقفتها هايدي بحزم :-
” يكفي …”
ثم اضافت لاهثة :-
” اخبرتك انها نالت عقابها … نانسي كانت ستموت .. تعرضت لحادث خطير … حادث نجت منه بمعجزة … كانت ستموت لا محالة لولا رحمة الله بها … ”
هتفت تهاني :-
” ماذا تقولين انت …؟!”
سارعت هايدي تجذب هاتفها وتفتحه حيث تبحث عن صورة التقطتها لنانسي فترة وجودها في المشفى اثناء غيبوبتها …
صورة شعرت انها سيأتي يوم وتحتاجها عندما تعرف والدتها الحقيقة وقد تأكد شعورها اليوم …
وضعت هايدي الصورة امام عيني والدتها التي هتفت بجزع وهي تتأمل ابنتها بحالتها المدمرة والاجهزة المحيطة بها :-
” نانسي … ابنتي …”
جذبت الهاتف من كف ابنتها تضيف بخوف :-
” كيف حدث هذا وهل هي بخير الآن …؟! هل أصبحت افضل .. اخبريني …”
تنهدت هايدي وهي تقول بينما تمسح دموعها :-
” يمكنك أن تسافري اليها وتريها بنفسك …”
نظرت تهاني لها لترى الرجاء الصريح في عيني هايدي وهي تضيف :-
” سأسافر لها خلال ايام باذن الله .. يمكنك أن تأتي معي …”
” سآتي معك … سأسافر اليها معك …”
قالتها تهاني وهي تعاود النظر الى الصورة بقلب ام مفطور خوفا على ابنتها …
وقفت جانب شقيقتها التي كانت تضع توقيعها على بعض الاوراق المهمة قبل أن تأخذها وهي تخبرها إنها ستعود الى مكتبها لإنهاء ما تبقى لها من عمل قبل ان تغادر الى المنزل …
ما ان خرجت مكتب شقيقتها حتى تجمدت كليا وهو تراه يتقدم نحوها بملامح كانت هادئة ثم سرعان ما تحولت الى اخرة نافرة …
تأمل جمود ملامحها بسخرية زينت وجهه لتتقدم نحوه تسأله بحدة :-
” ماذا تفعل هنا يا أكرم ..؟!”
أجاب ببرود :-
” وصلت الى البلاد مساء البارحة … وأتيت هنا بدافع الواجب بعدما أصاب عمي …”
عقدت ذراعيها امام صدرها تخبره بسخرية :-
” شكرا كثيرا يا اكرم ولكننا لا نحتاج زيارة وغد مثلك …”
هتف مستنكرا :-
” انظروا من يتحدث … الخائنة الوضيعة …”
اشتعلت عيناها وهي تتقدم نحوه تهمس بنبرة كالفحيح :-
” كيف تجرؤ وتتحدث عني هكذا ..؟! انت حتما جننت …”
هتف بتهكم :-
” انا اقول الحقيقة ليس الا …”
” كل شخص يرى الانسان بعين طبعه .. كلانا يعرف من هو الخائن الحقيقي يا اكرم … الخائن هو الذي ترك كل شيء خلفه وسارع يتزوج دون تمهيد حتى متناسيا ان هناك اخرى متعلقة به وكان يجمعه بها سنوات عشرة على الاقل … لن أقول حب لانني أصبحت اعلم جيدا انك لم تحبني يوما ولن تفعل …”
ثم همت بالتحرك بعيدا عنه عندما توقفت مكانها بعد ثواني وهي تسمعه يسأل :-
” صحيح ، كيف حال عمار …؟! ”
التفتت نحوه بعينين حادتين ليضيف وهو يرمقها بنظراته الهازئة :-
” لم يتزوجك كما توقعت … أخذ ما أراده منك ثم ألقاك بعيدا بعدها …”
تقدمت نحوه ببطأ قبل ان تقف امامه تسأله :-
” هل جننت يا هذا ..؟! هل تعي ما تقوله …؟!”
” هل سوف تكذبين مجددا …؟! ”
قالها بتهكم مرير وهو يضيف :-
” لا يمكنك الانكار بعد الآن …. لقد رأيت كل شيء بعيني … ”
صرخت بجنون :-
” عم تتحدث انت …؟! مالذي رأيته …؟!”
مال نحوها يهتف بقسوة :-
” رأيتك وانت بين احضانه .. تتبادلين القبلات معه بطريقة أثارت اشمئزازي ..”
تراجعت مبهوتة ليضيف :-
” وانا الذي كنت اتسائل عن سبب تأجيلك زواجنا دائما ثم سبب تغيرك علي وقرار انهاء الخطبة المفاجئ وغير ذلك … ”
أكمل ببؤس :-
” كنت أحمقا ولم ألاحظ سبب تصرفاتك وتقلبك المستمر والأهم إنني لم أفهم سبب رفضك المستمر لزيجة شقيقتك بل وطريقتك الغريبة في الحديث عن عمار وكرهك الغير مبرر نحوه …”
” كنت اكرهه لانه يؤذي ليلى …”
قالها بصدق ليهمس بسخرية مريرة :-
“بل لإنك كنت تحبينه وهو زوج شقيقتك .. شقيقتك التي سارعتِ لترتمي بين احضان من كان زوجها ما إن قررت الانفصال عنه … ”
” لا يمكن … انت كيف صدقت هذا …”
تمتمت بها بعدم استيعاب ليقبض على ذراعها بقسوة مرددا :-
” لقد رأيتك بعيني …. هناك من ارسل صورك لي … ”
أضاف بحسرة فشل في اخفاؤها :-
” حتى بعدما رأيت الصور كان هناك امل صغير داخلي ان تكون مفبركة لكن بعدما تأكدت من حقيقتها أدركت كم كنت مغفلا ….”
تساقطت الدموع من عينيها بينما ابتعد هو انها بنفور واضح وهو يضيف :-
” سأدخل وأرى ليلى واتحدث معها وأطمئن على احوالها واحوال عمي فمهما حدث هي لا ذنب لها في افعال شقيقتها ….”
ثم تحرك متجها الى داخل المكتب تاركا اياها لوحدها والدموع تتساقط بعينيها قبل ان تمسح دموعها بعدها بعنف وهي تردد بتوعد :-
” عمار …”
ثم تحركت بسرعة خارج الشركة وركبت سيارتها متجهة الى شركته …
لا تعرف كيف وصلت الى هناك وكيف اندفعت الى داخل الشركة ومنها الى مكتبه الذي اقتحمته بجنون يشبهها وهي تتقدم نحوه وتصرخ به :-
” كيف فعلت هذا ..؟! كيف ..؟!”
” ماذا حدث …؟؟ هل جننت ..؟!”
قالها وهو يحاول تهدئتها لتصرخ به :-
” نعم جننت .. بسببك انت جننت ….”
اضافت بانفعال :-
” لماذا تفعل هذا معي ..؟! لماذا دمرتني بهذا الشكل …؟!”
” مالذي تتحدثين عنه بالضبط …؟!”
سألها بتجهم لتخبره بأنفاس متلاحقة :-
” اتحدث عن اكرم وتلك الصور التي أرسلتها له …”
تجهمت ملامحه وهو يسألها :-
” هو من أخبرك عنها ..؟!”
صاحت به :-
” أنت من أرسلتها … لا يمكنني ان تنكر ذلك …”
تمتم ببساطة :-
” نعم انا من ارسلتها ولا انوي انكار ذلك …”
همست بتعب تمكن منها :-
” لماذا ..؟! لماذا فعلت هذا …؟! انت تعلم انها صور خادعة … اساسا انا لا اتذكر متى حدث هذا … لا اتذكر المرة التي قبلتني بها عنوة …”
أضافت بدموع حارقة :-
” اكرم بسببك تركني … وتزوج من اخرى ايضا … لماذا فعلت بي هذا …؟! لماذا …؟!”
” لإنك لي … أخبرتك إنك ستكونين لي برضاك او غصبا عنك …”
قالها بثبات جعلها تقبض على قميصه تصيح به :-
” انت شيطان … لقد دمرت حياتي … انا بسببك خسرت الرجل الذي احبه … بسببك انت …”
قبض على كفها الممسك بقميصه يردد بصلابة :-
” انت لا تبكين عليه لانك تحبينه … انت فقط حزينة لانه نبذك بهذه السهولة وتزوج باخرى …”
حررت قميصها من قبضته تتطلع اليه بعدم استيعاب فيضيف بثقة :-
” انت لا تحبين اكرم … انت فقط وجدت به الرجل المناسب … أحببت اهتمامه الدائم بك وعشقه لك الواضح في كل تصرفاته … انت أحببت مشاعره نحوك فقط والآن تبكين لإن غرورك لم يتحمل ان يتخلى اكرم عنك بهذه السهولة بل ويستبدلك باخرى … ”
همست وهي تنظر اليه بذهول :-
” ماذا تقول انت ..؟!”
رد ببساطة :-
” اقول الحقيقة … الحقيقة التي ترفضينها …”
هتفت من بين اسنانها :-
” حتى لو كان ما تقوله صحيحا فهذا لا يمنحك الحق ان تفعل ما فعلته ….”
” انا يحق لي ما لا يحق لغيري بخصوصك انت يا مريم ….”
” انت مجنون ….”
قالها بجمود ليقبض على ذراعها يقربها منه مرددا بأنفاس حارقة :-
” مجنون بك … عاشق لك … متيم بك … ”
ابتلعت ريقها وهي تهمس بصعوبة :-
” لا يمكن .. مستحيل …”
” المستحيل هو الا تكوني لي .. المستحيل ان تكوني لغيري … هذا هو المستحيل الوحيد بالنسبة لي يا مريم …”
قالها وعيناه تنظران الى عينيها بقوة وثبات لتهتف برجاء :-
” ابتعد من فضلك … انت تؤلمني …”
تمتم بخشونة :-
” تألمي يا مريم فأنا تألمت كثيرا بسبب حبي وشوقي لك …”
دفعته بعيدا عنها بقوة وهي تتحرك راكضة بسرعة خارج المكان هربا منها ومن مشاعره المخيفة بالنسبة لها …
عادت الى منزلها منهارة كليا ….
قابلت ليلى التي وقفت قبالها تسألها بملامح متحفزة :-
” أين كنت …؟!”
ردت مريم ببرود :-
” ليس من شأنك ..”
ثم تحركت خطوتين قبل أن تقبض ليلى ذراعها وهي تكرر سؤالها بقوة اكبر :-
” اين كنت يا مريم ..؟!”
باغتتها مريم بالسؤال :-
” هل تحدثت مع اكرم …؟!”
” نعم ، واخبرني بكل شيء …”
قالتها لي بجمود لتسألها مريم بارتياع :-
” هل صدقته …؟!”
عقدت ليلى ذراعيها امام صدرها تخبرها بجمود :-
” انتظر سماعك اولا ….”
همست مريم بحشرجة :-
” انت لم تصدقيه بالتأكيد … لن تفعلي مثله و تصدقيه …”
هتفت ليلى بثبات :-
” انا حتى الآن لم أفعل ولكنني أبحث عن تفسيرا منك …”
قالت مريم :-
” لا تفسير لدي …”
ثم همت بالتحرك مجددا لكن ليلى وعادت تقبض على ذراعها تخبرها :-
” أخبرتك أن تتحدثي … أن تشرحي لي ما يحدث … مالذي يجمعك بعمار …؟!”
أجابت مريم ببرود :-
” يحبني … عمار يحبني يا ليلى …”
” أنت تمزحين …”
قالتها ليلى بعدم تصديق وهي تضيف بينما تقترب منها اكثر :-
” وانت ..؟؟ ماذا عنك ..؟! مالذي يجمعك به …؟!”
أجابت مريم بثبات :-
” حتى الآن لا يجمعني اي شيء ولكنني سأفعل قريبا ..”
” ماذا تقصدين …؟!”
سألتها ليلى بتوجس لتجيب مريم :-
” عمار سيدفع ثمن جرائمه بحقي بل بحقكم جميعا …”
صاحت ليلى بعدم تصديق :-
” هل جننت …؟! ما هذا الهراء …؟! ابتعدي عن عمار يا مريم … عمار مجرم مريض …”
قاطعتها مريم :-
” ولهذا يجب ان ينال عقابه …”
” ليس من شأنك …”
قالتها ليلى بنفاذ صبر وهي تضيف :-
” ابتعدي عنه ولا علاقة لك به …”
” وما فعله بي … لقد دمر حياتي … جعلني اخسر اكرم … ”
قالتها مريم وهي تضيف :-
” وليكن بعلمك عمار لن يتركني وشأني … عمار لا يحبني فقط وانما مهووس بي .. لقد أخبرني إنه لن يرتاح حتى يكون لي …”
” توقفي عن هذا الهراء … انت فقط ابتعدي عنه … لا تقتربي منه من فضلك …”
قالتها ليلى برجاء وهي تضيف :-
” لن أسمح لك بالاقتراب من شخص مثله …. ابدا يا مريم …”
تمتمت مريم بعناد :-
” انت لا يحق لك التدخل في حياتي …”
” عندما أراكِ تدمرين حياتك يحق لي التدخل حينها بل ومنعك عن تدمير حياتك …”
” حقا ..؟!”
رددتها مريم بإبتسامة هازئة وهي تضيف :-
” كان عليك أن تفكري بنفس الطريقة وأنت تدمرين حياتك … بأي حق تتدخلين في حياتي وقراراتي وانت منذ أول يوم تقررين وتنفذين لوحدك ..؟!”
همت ليلى بالقول :-
” انا كنت مضطرة ..”
قاطعتها مريم بقسوة :-
” انت كنت تمارسين دور الضحية بكامل إرادتك … إخترت أن تعيشي مع رجل دنيء كعمار الخولي لسنوات … حطمتي نفسك بنفسك … لا يحق لك أن تنصحيني وأنتِ أول شخص دمر نفسه بنفسه …”
أكملت وعيناها تقدحان شررا :-
” على الأقل أنا أفعل ما أفعله لسبب يستحق وليس لأجل عشق تافه لا يساوي شيئا .. انت بعتِ نفسك يا ليلى لعمار فقط تحت مسمى العشق والنتيجة لا شيء … صفر ..”
صفعتها ليلى على وجهها بقوة بينما نبرتها خرجت قوية جهورية بهذا الشكل لأول مرة :-
” إخرسي …”
ارتجفت ملامحح مريم وهي تجاهد لكبح دموعها عندما صرخت بجنون :-
” اضربيني يا ليلى … تصرفي بنفس حماقتك المعتادة …”
وجدت والدتها تتقدم نحوهما على صوت صراخها وهي تحمل الصغير بين احضانها لتنظر مريم اليها مرددة بسخرية :-
” ها قد جائت ماما ايضا … المضحية الاخرى … المضحية التي نست خيانة زوجها بمجرد أن خشيت فقدانه بل لتسامحه فورا والاسوء انها تعتني بطفليه من اخرى خانها معها …”
تجمدت ملامح فاتن وهي تستمع لحديث ابنتها الموجع بينما عادت مريم تنظر الى ليلى تخبرها :-
” وانت يا هانم …؟! وزواجك من كنان بدافع التضحية والامتنان …؟! تتزوجين من رجل لست مقتنعة به فقط لانه ساعدك عفوا ساعد عائلتك وانقذها من الافلاس … تكررين نفس الحماقة السابقة وان اختلفت الاسباب …”
لوهلة أرادت أن تصرخ بكلتيهما كي تتوقفان عن هذا الغباء والطيبة المنفرة …
مالذي يجبر على والدتها على رعاية ولدي المرأة التي دمرت حياتها بل حياتهم جميعا …؟!
مالذي يجعلها تحزن لهذه الدرجة على زوجها الخائن وتدعو له ليلا ونهارا ..؟!
وشقيقتها الحمقاء …
ما زالت كما هي …
ظنت إنها تغيرت قليلا …
شقيقتها لا تدرك ما مقبلة عليه …
تتزوج رجل فقط بدافع الإمتنان …
رجل بات في نظرها بطلا بينما في الواقع هو لا يختلف كثيرا عن الرجال حوله …
رجل شرير وإن كان شره يحمل مبررات …
كانت تود أن تصرخ بها كي تتوقف عن هذا …
كي تستوعب إن العالم لا يسير بهذه الطريقة …
كي تخرجها من فقاعة المثالية التي ما زالت مصرة على البقاء داخلها ..!
لوت شفتيها ساخرة من هذا الوضع الغير مرضي مفكرة إن وحدها من ستنال حق الجميع وأولهم حقها هي …
وحينها فقط سترتاح بعدما تتخلص من ذلك المختل الذي تأكدت من مدى عشقه لها ..
عشقه الذي تحول الى جنون لا مفر منه وهي وحدها من ستقود ذلك الجنون وتتلاعب به كما تريد ..
“الحمد لله انني لست مثلكما ولن اكون … كوني على ثقة يا ليلى انني سأجعل عمار يدفع ثمن جميع افعاله … انا من ستدمر عمار وتنهيه كليا …”
” ماذا تقولين انت …؟! ”
صاحت بها فاتن وهي تتسائل بعدم استيعاب :-
” مالذي يحدث بالضبط …؟!”
التفتت ليلى نحو والدتها تخبرها :-
” ما يحدث ان ابنتك بحاجة لاعادة تربية ….”
ثم التفتت نحو مريم تخبرها :-
” انا السبب فأنا تهاونت معك … كان يجب أن أحاسبك على تلك الصور بعدما وضعتها عشيقة عمار امامي وهي تحذرني بسخرية مبطنة … تجاهلت الامر بكل غباء ولكن لا بأس يا مريم فإذا فشلت والدتي في تربيتك فانا بنفسي سأعيد تربيتك من جديد …”
” اي صور تلك التي تتحدثين عنها ..؟!”
سألت فاتن بنفاذ صبر بينما همست مريم بعدم استيعاب :-
” عشيقة عمار .. تقصدين بوسي …”
هتفت ليلى بتحدي :
” نعم بوسي … اخبربتني بوجود علاقة تجمعكما وجعلتني أرى صورا لكما تثبت من خلالها كلامها …”
تطلعت لها مريم مذهولة للحظات قبل أن تستوعب ما يحدث فتهمس بعدم تصديق :-
” كنان … كنان من فعل هذا ..”
بهتت ملامح ليلى وهي تسأل :-
” ماذا تقولين انت .. ؟! ما شأن كنان بهذا …؟!”
اشتعلت عينا مريم وهي تخبرها بجمود :-
” بوسي شريكة كنان في انتقامه من عمار …”
هتفت ليلى بعدم تصديق :-
” ماذا تقولين انت ..؟! اي انتقام الذي تتحدثين عنه ..؟! وكيف عرفت …؟!”
أجابت مريم بقسوة تخبرها بالحقيقة التي صفعتها بقوة :-
” لإنني كنت معهما .. كنت شريكة كنان … كنت اساعده في انتقامه من عمار….”
تجمدت ملامح ليلى لثواني قبل أن تهز رأسها نفيا وهي تتمتم برفض :-
” مستحيل ..انت تكذبين …. ”
” بلى ، انا لا اكذب … انا اعرف كنان قبلك بعدة شهور … كنا نخطط سويا .. بوسي الاخرى كانت تساعده وهي بالتأكيد أعطتك تلك الصور بعدما أمرها بذلك فهي لا تتحرك خطوة واحدة دون امره …”
” هل تستوعبين ما تقولينه …؟!”
قالتها ليلى بعدم تصديق وهي تضيف بدموع :-
” كنان كان يفعل كل هذا وانت كنت معه … كنت شريكته في اشياء لا اعلم عنها ولم تخبريني… ”
” خفت أن أخبرك … ”
قالتها مريم بوجوم لتندفع ليلى نحوها وهي تصرخ بها بغضب :-
” كيف فعلت بي هذا ..؟! كيف خدعتني …؟! كيف سمحت لنفسك بخداعي ..؟! لماذا يا مريم …؟! لماذا …؟!”
دفعتها مريم بعيدا عنها وهي تصيح بها بينما اخذت فاتن تبكي على حال ابنتيها :-
” لم يكن امامي حل اخر … هو أخبرني إنه يريدك حقا …”
توقفت عن حديثها وهي تلاحظ مدى الألم في عيني شقيقتها …
شقيقتها التي صرخت بها بقسوة ونفور ظهر على ملامحها بوضوح :-
” اغربي عن وجهي … لا أريد رؤيتك بعد الآن … ”
تساقطت الدموع من عيني مريم وهي تركض مندفعة خارج المكان متجاهلة صراخ والدتها خلفها حيث ركبت سيارتها وتحركت بها بسرعة مخيفة قبل أن تتوقف على جانب الطريق و تحمل هاتفها تبحث به عن اسمه لتتصل به فيأتيها صوته البارد بعد لحظات :-
” ماذا تريدين يا مريم …؟!”
” أين أنت يا عمار ..؟! أريد رؤيتك حالا …”
سمعت صوت انفاسه يتصاعد قبل ان يخبرها :-
” انا في شقتي القديمة لو تذكرينها …”
اغلقت الهاتف في وجهه وعادت تقود سيارتها متجهة الى شقته لتصل اليها بعد حوالي ربع ساعة …
صعدت الى الشقة وضغطت على الجرس ليفتح لها بعد لحظات فيتجمد مكانه وهو يراها بهذا الوضع المزري بينما تأملته هي بجمود لحظي حتى قالت :-
” هل تتزوجني…؟!”
كانت تجلس داخل سيارة صديقتها تراقب القصر من بعيد تنتظر خروجها في اللحظة المناسبة …
الحقير تخلى عنها وتركها وحيدة تصارع الحياة بعدما نال ما اراده منها …
تخلى عنها بكل بساطة بعدما تزوج من ابنة عمه .. الصغيرة الحمقاء والتي بدخولها حياته دمرت ما يجمعها به وفرقتها عنه …
هي التي أحبته بصدق ورسمت حياة كاملة معه فجاءت تلك الصغيرة لتسرقه منها …
كانت تضغط على مقود السيارة بكفيها عندما رأتها تغادر القصر أخيرا بجوار توليب صديقتها السابقة …
ابتسمت ساخرة وهي تتحرك خارج السيارة متجهة نحويهما لتتوقف توليب وهي تلاحظها …
تأملت توليب ملامحها الغريبة وهي تسألها بترقب :-
” ماذا تفعلين هنا يا تقى …؟!”
تجاهلتها تقى وهي تنظر الى جيلان التي انكمشت بجانب توليب قبل ان تتسع عينيها وهي ترى بروز بطنها لتضحك بطريقة غريبة وهي تعاود النظر الى توليب مرددة :-
ثم نظرت الى جيلان تخبرها :-
” انتظرتك طويلا يا صغيرة …”
” ماذا تريدين يا تقى ..؟!”
قالتها توليب وهي تنظر لها بقوة لتبتسم تقى بطريقة توحي بمدى اختلالها قبل ان تدفعها وهي تتقدم نحو جيلان وفي لمح البصر كانت تخرج سكينا حادة جهزتها مسبقا من تحت قماش بنطالها وتطعن بها جيلان في منتصف بطنها لتسقط الاخيرة ارضا بعد ثواني بينما وقفت هي مكانها تضحك بجنون تمكن منها متجاهلة توليب التي دفعتها بقوة وهي تصرخ بانهيار والحرس الذين سمعوا صراخها فركضوا بسرعة نحوها ليجدوا جيلان فقدت وعيها تماما وهي غارقة في دمائها
- يتبع الفصل التالي اضغط على ( رواية حبيسة قلبه المظلم ) اسم الرواية