رواية انطفاء قمر كاملة بقلم ملك الليثي عبر مدونة دليل الروايات
رواية انطفاء قمر الفصل الخامس 5
أغلقت سيليا الهاتف بغضب، ثم هبطت إلى الحديقة وهي تتنفس بعمق وتتذكر ذكرياتها التي تلاحقها.
شهقت بصدمه عندما رأت سفيان يقف خلفها بوجهٍ شاحب كَشحوب الأموات، وجسده يرتجف بشده، وينظر أمامه بشرود.
قالت سيليا بخوفٍ وتوتر من منظره: مالك يا سفيان في إيه؟!
لم يجيب عليها وظل يتطلع أمامه بشرود فأعادت بث سؤالها مره أخرى.
أجابها بعد عده ثواني برجفه: مات.
قالت له سيليا بخوفٍ يزداد، ودقات قلبها تتعالى: مين اللي مات؟
نظر لها سفيان والدموع تتجمع في عينيه: يامن، طفل عنده ١٠ سنين يا سيليا، موته بإيدي.
أمسكت سيليا يديه التي كانت ترتجف بشده وجذبته ليجلس على الأريكة بتوتر ثم قالت وهي ترى حالته بهذا الشكل محاولة تهدئته: إهدى وفهمني براحه إهدى علشان خاطري، قتلته إزاي!
قال سفيان بصوتٍ مرتجف: كان عنده مشكله في القلب، والعملية كانت ماشيه كويس، فجأة لقينا قلب بدأ يقف، ومعرفتش ألحقه، حاولت كتير يا سيليا والله، كان مخليني أوعده أنه هيخرج من العملية عايش، مش وفيت بوعدي يا سيليا، مشوفتيش منظر أهله وأنا بقولهم الخبر، مامته مكنش عندها غيره، مجرد ما قولتلها قعدت تصوت ومكنتش مصدقه وتقولي يامن عايش يا دكتور، معرفتش أنقذه يا سيليا.
كانت تستمع سيليا إلى حديثه والدموع تفر من عينيها بصمت، فقالت مقاطعه إياه بحزن وقلبها يتمزق على حالته تلك: أولًا: أنتَ مش ليك ذنب في الموضوع، أنتَ بنفسك قولت أنك حاولت كتير صح ولا لا؟
أومأ سفيان رأسه بحزنٍ فتابعت سيليا: يبقى ده قدره، وهو راح للي أحسن مني ومنك، خليك مقتنع بده كويس، ولو على أهله فربنا يصبرهم على فراقه، إهدى بقى والله مش ذنبك ده قدره.
أومأ سفيان رأسه بشرود فتابعت سيليا بمرح مصطنع محاولة التخفيف عنه: وبعدين إيه ده دكتور سفيان بذات نفسه قاعد معايا وبيحكيلي اللي مزعله كمان، هو أنتَ سخن ولا إيه؟
تنحنح سفيان بحرج ثم قال وهو يقوم: أنا أسف مكنش قصدي فعلًا ومعرفش ليه جيت حكيتلك أنتِ، بعد إذنك.
وقفت سيليا سريعًا ثم قالت: إهدى بس إهدى أنا حسدتك ولا إيه، وبعدين أنتَ ناسي زمان مكنتش بترتاح غير لما تحكي ليا كل حاجه، وأنا كنت بسمعك وأنا فرحانه و….
قاطعها سفيان بهدوء يعاكس حالته: اديكي قولتي بنفسك زمان، يعني فعل ماضي وإنتهى، دلوقتي حضرتك بقيتي مدام ومتجوزة وعندك زوج أكيد ميحبش كده.
قهقهت سيليا ثم قالت بحزن: زوج! سفيان أنا سيليا حبيبتك، سفيان أنا عمري ما حبيت حد غيرك، ولا عمري شوفتني عروسة لحد غيرك.
قال سفيان بحدة أخافتها: صح وجريتي من ورايا اتجوزتي، واكتفيتي بماسدج بس، فكراها ولا نسيتيها؟ لو مش فكراها أفكرك ده أنا حافظها
بعتيلي سفيان أنا خلاص هتجوز شاب محترم وكويس وبيحبني وأنا كمان بحبه اوي وفرحانه إني هتجوزه، أنا عمري ماحبيتك ولا هحبك يا سفيان إنتَ زيك زي أسر أخويا مش أكتر، فمتعلقش نفسك بيا وإتجوز وعيش حياتك، إنجوي.
كانت تطلع له بصدمه وظلت صامته عدة لحظات ثم قالت والدموع تتجمع في عينيها: أنا مبعتش كده والله العظيم، أنا الفون مكنش معايا أصلًا حتى اسأل….
قاطعها سفيان بغضب وصرامه: بس كذب بقى، أنا مش هسأل حد، أنا فعلًا كنت غبي علشان عيلة زيي تضحك عليا، كانت وخداني مجرد تسلية لوقتها مش أكتر، ثم تابع وقلبه يكاد يتحطم من الالم الذي به: سيليا هانم أنتِ دلوقتي ست متجوزة، ففوقي لنفسك وإعقلي وأعتقد أنتِ كبرتي على شغل التسلية بتاع زمان ده ولا إيه؟ وبصراحه كده أنا مش سفيان بتاع زمان اللي كان بيتضحك عليه من واحده مهزأه زيك.
أنهى حديثه وصعد إلى غرفته بغضب، بينما هي كانت تقف تستمع إليه بصدمه شديدة والدموع كانت تغرق وجنتيها.
في غرفة سفيان.
أغلق باب غرفته وجلس على السرير بإهمال.
قال سفيان بغضب شديد: غبية يا سيليا غبية، وأنا غبي إزاي أروحلها وأنا بالحالة ديه إزاي.
ظلت سيليا مكانها لاتعلم كم مر عليها من وقت، جسلت مكانها تتذكر حديثه وهي تبكي بصمت تام.
بعد مرور بعض الوقت وقفت مكانها ومسحت دموعها سريعًا وقالت: لازم أعرفه الحقيقة، مش هفضل مخلياه واخد الفكرة الزبالة ديه عني وأفضل ساكته.
وصعدت إلى غرفتها تفكر ماذا ستفعل.
في الصباح.
كان الجميع يتحدث عن أمور الزفاف، بينما كانت سيليا تنظر إلى سفيان الذي يأكل طعامه بصمت.
قال أسر لسفيان بمرح: طبعًا سوفي حبيبي هيسمحلي أخرج مع ميران النهاردة.
أجابه سفيان ببرود: بعد سوفي ديه يبقى مسمعش صوتك ومافيش خروج في حته، إتهد أنتَ فرحك بعد يومين.
نظر أسر له بغيظ ثم أكمل طعامه.
قالت الجدة لسارة بحنان: باباكي هيرجع بكره من السفر يا سارة.
أجابت سارة بهدوء: تمام يا تيتة براحته.
صدع رنين هاتف أسر فقام بالرد.
قال أسر ببرود عندما سمع صوت المتحدث: الحمدلله، أه ومش هعزمك، اعزمك بأمارة إيه مس فاهم، لا لا ده كان زمان وأنا طفل صغير مش دلوقتي، تمام اتفضلي.
كان الجميع ينظرون إليه عدا جدته التي كانت تعلم من المتحدث، فنظر أسر إلى سيليا وأعطاها الهاتف ثم قال: مامتك عايزاكي.
نظرت سيليا إلى عز بتوتر فأخذ عز الهاتف وأجاب هو عليه بأن سيليا نائمة الآن ولا تستطيع التحدث معها.
قال أسر بغضب: أنتَ إزاي تقولها أنها نايمه وهي عارفه أنها صاحية وسمعاني وأنا بكلمها.
أجابه عز ببرود: هفهمك كل حاجه بعدين.
كان ينظر سفيان إلى سيليا الجالسة بتوتر ولم تأكل شيء منذ جلوسها.
قالت الجدة بحنان: مش بتاكلي ليه يا سيليا من ساعت ما قعدتي.
اجابتها سيليا بتلعثم: أبدًا يا تيتة أنا بس مش جعانه خالص مش عارفه ليه.
اومأت الجدة رأسها ثم نهضت ونادت سفيان؛ لكي يأتي لها.
في غرفة الجدة.
قالت الجدة لسفيان بهدوء يعاكس ما بداخلها: سفيان عايزه اقولك سر يابني بس توعدني إنك ماتقولش لحد.
أومأ سفيان رأسه بتوتر.
فاكملت الجدة حديثها: إنتَ عارف إن عمك جاي بكره، عارف مين اللي كان بيكلم أسر؟
أجابها سفيان ببرود: أه مامته، مانا عارف علاقته بمامته عامله إزاي.
قالت الجدة بتوتر: سفيان مع نزول عمك الدنيا هتبوظ، أنتَ متعرفش يابني إيه اللي حصل قبل كده علشان كنتوا صغيرين مش واعين لحاجه، عايزاك توعدني إن اللي هتسمعه مني دلوقتي ده مش هيأثر فيك بالعكس هيخليك تقوى علشان نعرف نتصرف كويس في المصيبة ديه.
نظر سفيان إلى جدته بتوتر ثم اومأ رأسه.
في غرفة سيليا.
كانت تجلس سيليا مع الفتيات يحتفلون بميران، فقالت سارة بمرح: بت يا سيلا عمرك ما جبتلنا سيرة عن جوزك ده، ثم قالت وهي تغمز لها: شكلك بتغيري عليه ولا إيه يا بت.
ابتسمت ميران على حديثها، ولكن سيليا كانت تفكر ماذا ستقول.
قالت سيليا محاولة التحدث بهدوء: أبدًا أنا بس انشغلت بالتحضيرات معكم ومحدش سألني عليه.
قالت سارة بتفكير: أنا شوفت صورته ساعت الفرح اللي مامتك بعتتها كان جينتل بصراحه، أكيد دلوقتي بقى أحلى من الاول.
نكزتها ميران ثم قالت بإحراج: اتلمي يا غبية سيلا أكيد بتغير.
ابتسمت سيليا ثم قالت: أنتِ هبله هو أنا هغير منك أنتُ يعني ده أنتِ أختي يابنتي.
ثم احتضنوا بعضهم البعض بسعادة وهم يتراقصون على كلمات الأغنية ببراعة.
في غرفة الجدة.
كان ينظر سفيان أمامه بصدمه عما سمعه من جدته.
قال سفيان بغضبٍ وهو يقف: إزاي كل ده يحصل وأنا معرفش، هو أنا مش عايش معاكوا في البيت ولا إيه.
حاولت الجدة التحدث معه لكنه استأذن منها وهبط إلى الأسفل بغضب.
ياترى إيه اللي الجدة قالته لسفيان؟ توقعاتكم يا قمرات.
لِـ ملك الليثي
- يتبع الفصل التالي اضغط على ( رواية انطفاء قمر ) اسم الرواية