رواية وختامهم مسك كاملة بقلم نور زيزو عبر مدونة دليل الروايات
رواية وختامهم مسك الفصل الثامن 8
بعنـــــــوان “زواج”
كانت “زينة” جالسة فى مكتبها بالطابق الخاص بالأدارة وتفكر فيما حدث، أصبحت تمتلك الجزء الأقل رغم مجهودات المبذولة فى االعمل، أخذت نفس عميقًا من العجز عن فعل شيء أمام “تيام” الغريب كليًا عن العمل هنا والآن هو يملك الجزء الأكبر والأحق فى إدارة هذا المكان، جاء مساعدها “متولي” رجل فى الثلاثينات من عمره يقول:-
-أطلبلك قهوتك يا أنسة زينة
هزت رأسها بلا رافضة كل شيء، جلس “متولي” أمامها وقال:-
-ما لك؟ فى حاجة مضايقاكي
نظرت له ببرود شديد غاضبة لكن لا تملك شيء تفعله حتى تنفث عن غضبها، قالت بهدوء:-
-أنت شايف اللى بيحصل ميضاقيش، لتكون زى زين وجابر فاكر أن تيام هيستسلم، بالعكس أنا واثقة أن فى أى لحظة هنلاقيه داخل علينا بأى واحدة وهيقولك دى مراتي عشان بس يأخد التركة، كرهه لزين كفيلة بأنه يعمل كدة
تنحنح “متولي” بهدوء ثم سأل بفضول شديد:-
-هم ليه بكرهوا بعض كدة؟
تنهدت “زينة” بهدوء ثم قالت:-
-الخلاصة فى المقارنة، مقارنة الأهل بينهم وزين أحسن منك وأنت أسوء وهكذا فبدأ الكره من هناك وانتهي مكان ما إحنا موجودين، لو كانوا الأهل يعرفوا أن المقارنة وأنك تقلل من واحد قصاد التاني هتزرع كره وغل وحقد فى قلوبهم مكنش عملوها من البداية
هز “متولي” رأسه وعينيه تحدق فى وجه “زينة” ثم قال:-
-وحضرتك هتسكتي على كدة؟ هتفضلي واقفة محلك سر فى السكرتارية مجرد أيد للى فوق يقولك تعالي كدة واعملي كدة
حدقت بوجه “متولي” ثم قالت بضيق شديد:-
-أيوه أبدأ بقي فى بخ سمك فى عقلي… قوم يا متولي هاتلي قهوة وأتأكد من ترتيبات الحفل
أومأ إليها بنعم ثم وقف من محله ليفعل ما تريده، تمتمت بضيق شديد بعد أن فتحت اللابتوب الخاص بها:-
-مكار …
_________________________
أستعد “زين” إلى هذا الحفل الذي أنتظره كثيرًا وسيرفع من قيمة الفندق والأسهم به، عقد رابطة عنقه بصعوبة وخرج من غرفته ليجد “جابر” فى أنتظاره وقال:-
-كل حاجة تمام أنا أتأكدت بنفسي
سار الأثنين معًا إلى حيث غرفة “ورد”، طرق “زين” الباب لتخرج “ورد” إليه مُرتدية فستان أسود طويل بأكمام وترفع شعرها للأعلي بدبابيس الشعر وغرتها الطويل على جانبها الأيمن، ترتدي كعب عالي، أخذ “زين” يدها فى ذراعه ببسمة مُشرقة من موافقتها على مشاركته للحفل والحدث الأهم له كرئيسًا للقرية، قال بلطف:-
-أيه الحلاوة دى
تبسمت بخفة إليها ليأخذها وذهبوا معًا إلى قاعة الحفلات، دلف الأثنين وخلفهم “جابر” الذي يبتسم للجميع برحب وبدأ يقدم لهم “زين” كرئيسًا للقرية ويضحك معهم حتى صعد مدير الشركة يلقي كلمته وقال:-
-خلوني فى البداية أشكركم على قبول الدعوة ومشاركة كل شخص فيكم للذكرى الخمسين لشركتنا دا شرف كبير ليا، وأحب أشكر كل شخص تعب فى تجهيز الأحتفال دا من أنسة زينة وأستاذ جابر اللى تعب جدًا فى تحقيق رغباتي عشان المكان يطلع زى ما فى خيالي وطبعًا كل دا بقيادة الرئيس….
كان الجميع فى حالة من الصمت يستمعون إلي هذه الكلمة، تبسمت “زينة” بعفوية مع ذكر أسمها وهى تقف على طاولة مع سيدة أعمال وترتدي فستان أزرق طويل بأكمام وتلف حجابها الفضي وكعب عالي وتبسم “زين” مع كلمته لكن سرعان ما تلاشت بسمته حينما قاطع كلمة المدير صوت رجولي قوي يعرفوا الجميع جيدًا يقول:-
-تيام الضبع
ألتف الجميع إلى باب القاعة وكان “تيام” واقفًا يرتدي بدلة سوداء وقميصًا أبيض اللون ويصفف شعره للأعلي ويربط عنقه برابطة باللون الأحمر تتناسب مع فستان “مسك” الذي تقف جواره وتتبأطأ ذراعه، مُرتدية فستان أحمر لامعة طويلًا وله ذيل طويل يزحف خلفها وبقط لديه طبقة أخري من الدانتيل كالعباءة المفتوحة فوق أكتافها وتزحف خلفها على الأرض وترتدي كعب عالي وشعرها مُصفف على الجانب الأيسر يظهر عنقها وحلق أذنها بوضوح من جهة الأيمن وتضع مساحيق التجميلن تقف بثقة وشموخ جواره وهو يحمل فى يده الأخري مكبر صوت يتحدث به، أقترب “جابر” بذعر من إفساده لحفل مثل هذا مهمًا لوضعهم بعد أنتشار كم الفضائح التى حدثت مُؤخرًا فى القرية وهمس فى أذنه:-
-أنت بتعمل أيه؟
تبسم “تيام” وعينيه لا تفارق “زين” الذي يقف مُشتعلًا من الغضب هناك محله وقال بثقة:-
-بسترد ملكي
قالها ووضع يده على صدر “جابر” بورقة ثم تقدم للأمام بها يقول:-
-خلوني أعرفكم بنفسي…
نظر “جابر” إلى الورقة وصُدم عندما كانت قسيمة زواجه بـ “مسك” من المأذون ليخبره بأنها زوجته على شرع الله وعقد قرآنه عليها رسميًا لتصبح زوجته شرعًا وقانونًا وقد حقق الشرط الذي وضعه جده العجوز حتى يصبح رئيسًا والآن هو الرئيس قانونيًا لأمتلاكه الحصة الأكبر وتنفيذًا لوصية جده الرئيس السابق …
بدأ “تيام” يتقدم إلى الأمام نحو المنصة ويتحدث فى الميك بكبرياء شديد قائلًا:-
-أنا تيام الضبع الحفيد الأكبر لعبدالعال الضبع… اه نسيت أقدم لكم دكتورة مسك حرمي المصون
قالها بثقة وعينيه تنظر إلى “زين” كأنه يخبره بأن وقته قد حان ليستلم العرش رغمًا عنه، أقترب “جابر” منه بغضب شديد وقال هامسًا فى أذنيه:-
-تعال معايا
رمقه “تيام” بأندهاش من لهجته فى الحديث كأنه يأمره ليتابع “جابر” بهدوء:-
-تعال معايا بدل ما اخليهم يجبوك غصب … أنا مش هتعامل معاك على أني شغال عندك
نظر “تيام” إلى رجال “جابر” الذي يقفون بعيدًا فى أنتظار إشارة واحدة منه ليقول:-
-متقلقش أنا مش هبوظ الحفل، مفيش عاقل بيبوظ حفل تتويجه يا جابر
صعد على المنصة و”مسك” جواره صامتة تراقب الجميع بعد خبر زواجه، “زينة” التى اشتعلت غيظًا وغادرت المكان فور ذكره إلى زواجهن زين” الذي كان على وقف الأقتراب لأفتعال شجارًا أمام الجميع لكن ما اوقفه يد “ورد” التى تشبثت به وهمست فى أذنيه قائلة:-
-أهدأ
ترك “تيام” يدها وأتكئ بذراعه على المنصة الخشبية أمام الميكرفون وقال ببسمة غرورية وغطرسة تقتل كل من رهان على هزيمته وسقوطه:-
-فى الحقيقة رغم كوني الرئيس لكن منكرش أن الحفل المدهش دا كان بفضل زين ابن عمتي والمدير العام للمكان بسبب أنشغالي بجوازي … عريس بقى وكدة
ضحك الجميع برحب على عكس “زين” الذي أغلق قبضته بقوة محاولًا كبح غضبه قدر الإمكان قبل أن يضرب هذا الرجل أمام الجميع والكاميرات التى تصور الحدث كاملًا، نظر “جابر” إلى “تيام” بغضب سافر ورفع يده يشير إلى رجاله وقبل أن يقتربه أوقفهم “تيام” بكلمته يقول:-
-enjoy everyone ، وأنا بقي هروح enjoy مع زوجتي الجميلة
ترجل عن المنصة بنفسه قبل أن يسحبوا رجال “جابر” بالقوة كما فعلوا سابقًا، خرج بها مع “جابر” إلى مكتبه الذي ضرب المكتب غيظًا من تصرفات هذا الرجل وقال:-
-أنت مش هتبطل عمايلك دي؟
جلس “تيام” على الأريكة بغرور ورفع قدمه على الأخري ثم قال:-
-عملت ايه؟ حققت الشرط .. وزى ما أنا كنت مجبور على تحقيقه، حضراتكم مجبورين تحققوا الوصية وتبطل أنحياز لزين
نظر “جابر” إلى “مسك” التى تقف تراقب ما يحدث ثم قال:-
-أنتِ يا دكتورة مسك، أنتِ اللى تعمليها!! واحدة بمكانتك وعلمك وأحترامك تتجوز دا
-ألزم حدودك يا جابر أنا متحملك بمزاجي
قالها “تيام” بنبرة غليظة، تبسمت “مسك” بهدوء إليه وقالت مُجيبة على سؤاله:-
-معتقدش أن ليك الحق تتدخل فى حياتى ولا تقولي أختار مين شريك حياتي وأتجوز مين، أنت مش واصي عليا فياريت متديش لنفسك مساحة وحدود أنا مدتهالكش
تبسم “جابر” بسخرية على هذان الأثنين وثنائي الغرور والقوة هذا ثم قال بثقة حاقدًا بهما الأثنين:-
-معلش أسمحولي أتطفل شوية وأتخطي الحدود، أنا اه معرفش أتفقتوا على أيه مقابل الجوازة الصورية دى… لأن أكيد مش الغرام اللى جابوك على بوزكم لكن أحب أقولكم أن نقبكم طلع على شونة
نظر “تيام” له بأستغراب من هذا المثل الذي ذكره “جابر” ونظرات أنتصاره وقوته، تابع “جابر” بثقة بعد أن جلس على المكتب بغرور قائلًا:-
-أحب أقولك أن من صدمتك من الشرط مسمعتش الوصية كاملة… لتكون فاكر أن عبدالعال بيه وأنا مكنش عارفين أنك تقدر تجيب واحدة وتتجوزها بسهولة
وقف “تيام” من مكانه باندهاش وقال:-
-قصدك أيه؟
نظر “جابر” له ببسمة ساخرة وعينيه تلمع بالأنتصار على هذا، قال بجدية صارمة:-
-الوصية بتقول أن حضرتك تتجوز بنت بنوت وفى ذكرى زواجكم الأولي تستلم الميراث، بمعنى لما تتم سنة يا تيام به لأن الغرض من الوصية مش أننا ننجوزك جواز صوري لكن عشان نصلح حالك ونعدلك
أتسعت عيني “تيام” على مصراعيها من هول الصدمة التى الجمته وهكذا “مسك” التى اصبحت زوجته على أتفاق شهرًا واحدًا والآن المدة ستكون أضعاف……
_________________________
ضرب “زين” مكتبه بغضب سافر من “تيام” فربتت “ورد” على كتفه بلطف وقال:-
-اهدأ يا زين، مش جابر طمنك، وبعدين أنا قولتلك قبل كدة دا ورثه وحقه شرعًا سوى يحافظ عليه أو هيرمي فى البحر، دا حقه وورثه من جدك زيك بالظبط
ألتف “زين” مُنفعلًا ووجهه يشتعل كاجمر الناري وقال:-
-أديله شقايا وتعبي يا ورد
-دا حقه يا زين، واللي أسس القرية ورأس مالها كله من حر مال جدك مش أنت، متنساش أنك كنت بتأخد مرتبك مقابل شغلك هنا، هو أنت لو كنت اشتغلت مدير عام فى أى مكان تاني مكنتش هتجتهد عشان ينجح ويكبر… بالعكس كنت هتجتهد ومستحيل وقتها تفكر أنك تمتلك المكان عشان تعبت فيه
رفع “زين” حاجبه للأأعلي مُتعجبًا رد “ورد” كأنها ترحب بـ “تيام” وتتخذ صفه ليقول بضيق:-
-أنتِ معايا ولا معاه؟
-أنا مع الحق، أسأل أى حد وروح لأى شيخ وهيقولك أن دا حقه.. بغض النظر عن إنه يستحقه ولا لا
قالتها بحزم شديد، تأفف “زين” ساخطًا على “تيام” ووجوده فى حياتهم، أقتربت “ورد” تأخذ يده بين يديها وقال:-
-زين! أنت طول عمرك حقاني وعمرك ما قبلت بجنيه واحد حرام ودا اللى خلاك أفضل منه بشهادة الكل مش بالفلوس، بلاش الثروة تغيرك لأنك لو أتغيرت أنا أول واحدة هتخسرها لأني مستحيل أقبل أعيش مع جوزى وأكل من ماله حرام بتاع حد تاني
نظر “زين” إليها فى صمت، أومأت إليه بحب رغم ما تعيش به بداخلها لكنها لن تتركه وحيدًا يستسلم لشيطانه ووسواسه..
_________________________
أخذ “تيام” السقيفة بالطابق الأخير ومع “مسك”، جاءت الخادمة إليها وقالت:-
-أحضرلك العشاء، أصل تيام بيه مش هيرجع دلوقت دا سهراته صباحي
نظرت “مسك” إليها بهدوء وقالت:-
-أنتِ أسمك أيه؟
أجابتها الخادمة بلطف وبسمة عافية على وجهها تظهر طيبة قلبها:-
-خدامتك طاهرة
-طيب يا طاهرة، أعمليلي فنجان قهوة بالحبهان وبعد كدة متعمليش حساب تيام على حاجة تخصني
قالتها “مسك” ببسمة خافتة إلى هذه السيدة، أومأت إليها بنعم، سمعت “طاهرة” صوت المصعد لتذهب إلى هناك مُعتقدة بأن “تيام” عاد باكرًا من أجل “مسك” لكنها صُدمت عندما رأت رجل غريبًا عنها فقالت بجدية:-
-أنت مين؟ ومين سمح لك تطلع هنا
حدق “غريب” بوجه ابنته بغضب سافر وكأنه على وشك قتلها فى الحال بعد أن رأي صور للحفل الذي حدث وصورة ألتقطت لها مع “تيام” تخبر العالم بأسره بزواجها منه، دفع “طاهرة” بيده وتقدم للأمام قائلًا:-
-أنا أبوها
وقفت “مسك” من مكانها بصدمة ألجمتها من قدوم والدها إلى الغردقة من القاهرة ووجهه يحمل عاصفة هلاكية قادمة إليها فقالت بأرتباك:-
-روحي يا طاهرة
دلفت “طاهرة” إلى الداخل فنظرت “مسك” إلي والدها بقلق وتوتر سافر ثم قالت:-
-بابا أنا …
نزلت صفعة قوية منه على وجهها أسقطتها مرة أخري على الأريكة ووقف جوارها ثم مسك شعرها بقوة وقال:-
-بابا أيه بقى؟ هى حصلت تتجوزي من ورايا يا مسك… أنتِ تعملي كدة أمال سبتي أيه لبنات الليل
تألمت من قبضته بحزن شديد يتملكها لأول مرة يرفع يده عليها أو يضربها حتى لو بأصبع واحدًا لكنها كانت تعرف بأنها أخطأت فى فعلها، رغم أنها كانت مجبرة حتى تعرف من فعل بأختها هذا وجعلها طريحة الفراش، قالت بصوت خافت:-
-يا بابا أنا هشرح لك
أبتعدت عنه بعيني باكية، تقابلت عينيها معه ونظرة الإنكسار والخذلان بهما بعد أن خذلته ابنته لتقول:-
-بابا
أقتربت منه دون أن تخشاه ربما تمتص غضبه وتنتشل منه هذا الشعور الذي جلبه من القاهرة إلى الغردقة لكي يصفعها، أخذت يده فى يديها وقالت:-
-أنا عارفة أنك زعلان مني وأنى غلطت لكن أنا عندي أسبابي
-أسبابك يا مسك، السبب الوحيد اللى يخليكي تعمليها من ورايا أنك تكوني فاجرة، وما شاء الله سمعة جوزك المصون سابقاه
قالها بغضب سافر ثم أخذ يدها فى قبضته يجذبها إليه بل أوشك على رفع جسدها النحيف فى قبضته عن الأرض وقال بغضب مُخيف:-
-السبب الوحيد اللى يخليكي تتجوزى واحد زى دا أنك تكوني غلطتي معه
نزل بصفعة أخرى على وجهها وعينيه تتقابل مع عينيها بينما تقطع “مسك” شفتها السفلية بأسنانها من الغضب حتى نزفت الدماء من قوتها، كان يعلم بأن ابنته لم تسمح لأحد بمسها أو أذيتها لكنها أيضًا عاجزة عن منعه وهذا ما يؤلمها، رغم قوتها ألا أنها لن تجرأ على رفع أصبعًا فى وجهه مُستسلمة لضربه إليها دون معارضة منه أو مقاومة، لم يتحمل نظرتها عجزتها وقلة حليتها أمامه فأستدار لكي يغادر لكنها هرعت إليه مصدومة من كلمته التى نزلت عليها كالنار تحرقها محلها وكيف يفكر فى أبنته بهذه الطريقة المقززة، تشبثت بذراع والدها بكلتا يديها المرتجفتين وقالت:-
-بابا أنا معملتش كدة والله أقسم لك أنى …
دفعها بقوة لترتطم بكتفها فى العمود الرخامي الموجود بمنتصف الردهة، حاصرها “غريب” فى الحائط وقال:-
-إياك تقوليلي بابا دى تاني أنا ماليش عيال، أنا خدت عزاءكي يا مسك وأتبرت منك ليوم الدين
لم تبالي لكلماته وتتألم من أنسداد ذراعها فجزء صخري محدب فى العمود على وشك أختراق عظامها، دفعها بعيدًا وأستدار مغادرًا ولم يبالي لها عندما فقدت قدمها توزانها عند الدرجات لتسقط أرضًا من فوق هذه الدرجات القليلة وأرتطم كتفها بالأرض لتتألم منه، هرعت “طاهرة” إليها تساندها فى الوقف لتمسك “مسك” ذراعها بألم وعينيها لا تفارق الباب حيث خرج والدها …..
______________________
صعد “تيام” إلى غرفته السابق مع فتاة جديدة ودلف بها ساكرًا لكنه ما زال فى وعيه، جلس على الطاولة وفتح زجاجة من الخمر لتجلس الفتاة جواره ووضعت يديها على كتفه ، تبسم بسعادة وأدار رأسه ينظر إليها وأقترب بحماس كي يقبلها لكنه توقف عندما رأي وجه “مسك” فى وجه هذا الفتاة، أبتعد عنها قبل أن يقترب وأبتلع لعابه بصدمة ألجمته من ظهور “مسك” من مخيلته، ذهب إلى الشرفة وأشعل سيجارته ونظر فى الخارج بغضب سافر لكنه شعر بيدي هذه الفتاة تعانقه من الخلف وتحيط بخصره فتأفف بضيق وهو لا يفهم تصرفاته ثم أبتعد وقال:-
-سوري
أخذ سترته من فوق الأريكة وغادر الغرفة بعد دخوله بنصف ساعة لأول مرة يتصرف على غير سجيته، أتجه إلى المصعد وضغط على زر الطابق الأخير حيث تعيش “مسك” معه ….
_______________________
أخذت “مسك” حمام دافي ووقفت أمام المرآة تنظر إلى وجهها المُلتهب من صفع والدها لها ونزلت بنظرها إلى ذراعها ترمق التجمع الدموي الذي به وكدمة زرقاء، تنهدت بألم ثم خرجت من المرحاض وأخذت سترتها القطنية الطويلة وأرتدتها حتى تخفي أصابها، جلست فى الردهة على الأريكة وأحضرت “طاهرة” إليها كوب من المشروب الساخن، ظلت “مسك” محلها صامتة ودموعها تتساقط على وجنتيها من حديث والدها القاسي عنها لكنها مُجبرة على تحمله من أجل معرفة حقيقة ما حدث لتوأمها واختها “غزل”..
دلف “تيام” إلى السقيفة مُتذمرًا مما يحدث معه ولأول مرة يرفض فتاة فى عمره، رأها تجلس هناك فقال بضيق شديد من رؤية وجهها هناك وإفساد ليلته بسببها:-
-أنتِ لسه صاحية
لم تجيب عليه وظلت صامتة، تجاهلها وذهب إلى غرفته لكن أستوقفته طاهرة وقالت:-
-يا بيه..
-عايزة أيه؟
قالها بجدية لتتابع “طاهرة” بحزن شديد:-
-فى واحد غريب جه وفضل يضرب فى الدكتورة مسك…..
قاطع “تيام” حديثها الذي وقع عليه كالصدمة تقتله عندما هرع للخارج وأقترب من “مسك” حتى رأي وجهها جيدًا من شعرها المنسدل على الجانبين يخفيه ملامحها، صُدم “تيام” مما يراه، وجهها المتورم من الضرب وأحمر كقطعة فحم مُلتهبة من النار، فقال بأندهاش:-
-مين اللى عمل فيكي كدة؟
-مالكش دعوة
قالتها “مسك” بغضب سافر بداخلها وتضع مكعب الثلج على وجنتها وتسيل من قطرات المياه مع إذابته من حرارتها، تحدث “تيام” بغضب بعد جوابها الحادة ويجز على أسنانه مع حديثه هاتفًا:-
-تصدقي أنا غلطان ومتربتش أنى بسأل عليكي، يكش كان خلص عليكي اللى عملها
صعد الدرج مُتجه إلى غرفته تاركها محلها على الأريكة، أنزلت “مسك” الثلج عن وجنتها وبدأت فى البكاء بحسرة تقتلها رغم قوتها التى تصطنعها، ما حدث من والدها كالسكين الذي طعن قلبها ونحر قوتها من محلها، جهشت باكية من الوجع الذي يفتك بها ويفتت صدرها حتى أنفاسها على تقوى على الخروج، عجزها عن أستقبل كل هذا الكم من الضرب والدافع عنها نفسها وحديثه القاسي وأتهامه بتلوث شرفها كل هذا يقتلها من الداخل ويسلب قوتها..
وقف “تيام” على الدرج مُختبئًا يستمع لصوت بكاءها، فكر فى النزول إليها لكنه توقف محله بحيرة من لقائها، لم يرغب فى مواجهة ضعفها أو دموعها بل أراد أن تظل قوية أمامه ولا يجرح كبريائها برؤية دموعها، جلس على الدرج يستمع لبكائها خلسًا حتى توقفت عن نوبة بكاءها، ترجل الدرج وقال:-
-أنتِ لسه قاعدة
لم تجيب عليه، جلس جوارها بلطف يحدق بوجهها الذي زاد أحمرارًا من بكائها وعينيها التى تتلوث بدموعها اللامعة، قال بهدوء:-
-يا ويله لو أعرف هو مين اللى أتجرأ يعمل كدة.. مش خوف عليكي ولا حُب لكن أزاى جاله قلب يعرف أنك مراتي ويلمسك كدة من غير خوف.. يلعب مع كرامتى ورجولتى نهار اللى خلفوه شبه وشه
رمقته “مسك” بنظرة غليظة قوية ثم قالت:-
-إحنا اللى هنعيده هنزيده، ما قولنا متدخلش فى حياتى وبلاش كلمة مراتي اللى فرحان بيها وماشي تقولها على الفاضي والمليان دى
مسك “تيام” ذراعها يجذبها إليه بقوة قبضته غيظًا من كلامها الذي أشعل نيران غضبه بداخله لكنه صدم عندما صرخت “مسك” بألم قوي وأبعدت ذراعه عنها، تطلع بها وهى تمسك ذراعها بقوة من الألم، أدارها “تيام” له بقوة ورغم مقاومتها لكنه كان الأقوي ببنية الجسدية فصرخت به مُتذمرة:-
-أنت أتجننت!!
-أثبتي بدل ما أوريكي الجنان على أصله
قالها مُنفعلًا وبيده أنزل سترتها المفتوحة عن ذراعها ليُصدم عندما وجد كدمة زرقاء كبيرة تدل على تجمد الدم محله ويزداد ألمها بذراعها كاملًا، أبتلعت “مسك” لعابها بحرج من رؤيته لجرحها، تمتم “تيام” بصدمة حلت به:-
-ايه دا، مين اللى عمل كدة فيكي؟
رفعت سترتها القطنية بذراعها الأخر تخفي أصابتها عن نظره بصمت شديد ولم تجيب عليه، نظر إليها “تيام” ووجهها الذي يحمل أصابع أحد صفعها بقوة وغل يفتك به حتى خرجت الصفعات منه بهذه القوة وذراعها المصاب، جرح شفتيها، لا يعلم ماذا أصاب هذه الفتاة التى تحمل لقب زوجته رغمًا عنه وعنها وعن الجميع، جلس “تيام” يعالج ذراعها وكتفها الذي خلع من محله، أخبرته كيف يرد كتفها إلى وضعتيه ليرده على سهو وسط تعليماتها فصرخت بألم شديد، حدق بها وكانت ضعيفة مُنهكة ودموعها لا تتوقف فى جفنيها، رفع يده إلى وجنتها يجفف دموعها بأنامله بلطف، تطلعت “مسك” به بذهول من فعلته..
تقابلت عيونهم معًا فى نظرة من الصمت، أزدرد “تيام” لعابه بتوتر من هذا اللقاء الصامت وأخذ خطوة نحوها على الأريكة ويده تركت وجنتها ودموعها ومسك ذقنها بلطف بأبهامه وسبابته وأقترب أكثر منها مُستعدًا لسرقة هذه القبلة الأولى منها وعينيه تراقب رد فعلها الصامت وسكونها مُستسلمة إليه فتبسم بخفة ولطف إليها، أنفاسهما تعانقت مع قربهما الشديد وتلامست جبينهما معًا فتمتمت بنبرة هامسة إليه رغم حملها لتهديده:-
-إياك
أبتعد عنها بهدوء غاضبًا منها فبسببها تدمرت ليلته والآن تحذره من أن يقترب لها، تطلع بوجهها وقال:-
-أنتِ مراتي!!
نظرت إليه “مسك” بهدوء وقالت:-
-فى أحلامك… وفكر هتعمل أيه فى مشكلتك لأني أكيد مش هقعد على ذمتك سنة وأنا شرطي كان شهر واحد، كفاية أنى أتنازلت عن شرط وجيت أعيش معاك هنا
وقف من مكانه يحدق بها ثم وضع يديه فى جيوبه وقال بسخرية:-
-ما أنتِ قاعدة فى أوضتك وعمومًا متقلقيش أنا اللى مقدرش أعيش معاكي سنة
صعد إلى غرفته تاركها خلفه حزينة وباكية ولا يعلم سبب إنكسارها هكذا
ضرب “بكر” الهاتف فى الحائط بعد أن رأي صورتها مع “تيام” وخبر زواجها، صرخ بأنفعال:-
-إيهـــااااب … يا إيهااااب
دلف “إيهاب” إلى غرفته وكان مُستشيطًا غضبًا فقال بغيظ:-
-مش كنت عايز تخلص من تيام، أديني سمحت لك تخلص منه لكن إياك تقرب من مسك فاهم
أومأ “إيهاب” إليه بنعم بحماس شديد ثم خرج من الغرفة …..
__________________________
أمام قسم الشرطة أخذ العساكر الشاب الذي أعتدي على “ورد” من أجل نقله إلى النيابة لكن أوقفهم ضرب نار عليهم حتى سقط هذا الشاب قتيلًا قبل أن يعترف على من أمره وحرضه على فعل ذلك…..
- يتبع الفصل التالي اضغط على ( رواية وختامهم مسك ) اسم الرواية