رواية بلا حب (كاملة جميع الفصول) حصريا عبر دليل الروايات بقلم سوكه
رواية بلا حب الفصل الثامن 8
صار حسين كطفل نكد لا يكف عن الزن، يناديها كل عدة دقائق ليطلب منها شيء هام او تافه لا فارق، لا يكف عن المناداة ولا الطلبات، وان تاخرت عليه بضع دقائق او كانت في الحمام او لم تسمعه، يغضب ويدير وجهه ولا يكف عن التافف ولا البرطمة
احيانا يثور واحيانا يصمت تماما ويرفض الرد عليها، ثم يعود فيعتذر وهي تقبل اعتذاره على الفور بكلمة: حصل خير
تحملته على مضض وعاملته كممرضة تعاني مع مريضها المشاكس وتصبر عليه مهما فعل، احيانا تحادثه بهدوء واحيانا تقسو واحيانا تفقد اعصابها ويعلو صوتها، لكنها لم تتخل عن اسلوبها الجاد الصارم في الحديث ولا الجدية في المعاملة، وبرغم انها تعتبره بعيد عنها، لكنها تقبلت واعتادت ان ترتدي في البيت بيجامة او قميص فسكوز قصير الاكمام ليسهل عليها عملها في البيت
ولم تجد حرجا ان تظهر امامه بشعرها الكيرلي وهي تجمع خصلاته في ضفيره او تلفه فوق راسها على شكل كعكه، ففي كل الاحوال هي تعتبر شعرها غير جميل
في البداية كان الامر صعبا للغاية على الاثنين، فهو فقد القدرة على فعل ابسط الاشياء التي يمكن ان يفعلها طفل وحده، ولا يتحرك فيه سوى يده اليسرى
وهي مطلوب منها ان تطعمه وتعطيه دواؤه والحقن وتغير له ملابسه بل وتغسل له جسده بطرق مبتكرة حتى لا يؤذيه الاستحمام
وتناوله اي شيء يطلبه، وتقرب اليه اي شيء يحتاجه، وتسنده الى الحمام لقضاء حاجته وتساعده على الجلوس والرقاد وحتى التقلب في فراشه
وبذلت جهدا خرافيا لتسيطر على خجلها الشديد من رؤيته عاريا او لمس جسده وهي تساعده في تغيير ملابسه او وهي تعطيه الحقنة
وهو يحاول السيطرة على غضبه ونقمته بعد ان اصبح مضطرا للاعتماد عليها اعتماد كامل في اي شيء وكل شيء، وكان احساسه بالعجز والحاجة لغيره يقتله
وما يزيد الامر سوء انهما يدركان جيدا ان تلك الفترة مؤقتة، وبعدها سيذهب كل منهما الى حال سبيلة
كان اصعب ما يواجهانه هو التعامل كغرباء حبسا معا في مركب غارقة، وعليهما الابقاء عليها طافية، والانتظار حتى موعد الخلاص
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
لم يكن له تسليه تلهيه سوى التليفزيون والموبايل، يقلب قنوات التليفزيون بلا تركيز واغلب الوقت عقله يهيم في كل وادي، وعندما يمل يلعب جيمز على الشاشة، لكنه بمجرد ان يبدا لعبه حتى ينتقل لغيرها، ولا يكمل لعبة لنهاية المستوى ابدا فهو لا يستطيع التحكم الكامل في اللعبة حيث لانه لا يستخدم الا يد واحده، وسرعان ما يلقي بذراع التحكم ويضرب بيده اليسرى ورجله اليمنى على الفراش بعصبيه،
ما كان يستطيع تحمل حياته الا بالمسكنات والمهدئات ولا ينام الا بالمنوم، وسرعان ما يعتاد على مهدئ ويصبح غير مؤثر، وتنتبه نجاة للامر عندما تزداد نوبات انفلات اعصابه ويشتعل غضبه على اتفه سبب ويصرخ بلا سبب فتتصل بسرعة بالطبيب ليبدل له الدواء او يزيد الجرعة
اعطته نجاة الدواء الجديد الذي بدله الطبيب، فبدأ يهدأ ويسترخي ويتغير سلوكه
لكنها لم تعرف الى اي مدى تغير الا عندما دخلت المطبخ تجهز العشاء، فسمعت صوته من غرفة النوم يضحك، فوقفت كالتمثال تحدق في الفراغ
كانت المرة الاولى التي تسمعه فيها يضحك منذ ان راته، كان الامر غريب جدا، فذهبت الى غرفة النوم ووقفت على الباب تتامله، فوجدته يشاهد فيلما في التليفزيون ويضحك بصوت عالى، وعندما رآها ضحك بطريقة غريبة وقال : تعالي اتفرجي معايا، مش عاوز اقعد لوحدي
بدات تراودها الشكوك، فقالت: هاجيبلك العشا
اسرعت الى المطبخ وقلبها يخفق بقلق وكانما سيقوم من فراشه ويجري خلفها
وضعت طاولة السرير على ساقيه، ورصت عليها الاطباق وخرجت بسرعه من الغرفه لكنها عادت اليه عندما ناداها: نجاة، مش هتأكليني
قالت بريبة: الاكل سندوتشات، يعنى ممكن تاكل لوحدك
قال بكسل: والزبادي، اكليني زبادي، لو مأكلتنيش مش هاكل
لم تكن كلماته فقط التي تقلقها، بل صوته واسلوبه يقلقها اكثر، ومحاولته اكثر من مرة الاحتكاك بها وهي تطعمه وبدات تتوتر وهو يمسك يدها وذراعها عده مرات بيده اليسرى، وتاكد في عقلها ان الدواء الجديد له دخل بتغير حالته، واخذت تفكر كيف تتصرف، لكنه فاجأها بتصرف غريب جعلها تشهق بذعر ويتوقف عقلها للحظات
فقد امسك بذراعها ومال للامام ووضع رأسه على كتفها، ترددت الف مرة ان تبعده عنها، فهي تدرك جيدا انه ليس في وعيه وحالته ليست طبيعية، لكنها كانت خائفة من ان يتمادى او يفاجئها بشيء جديد، لكنه بدا هادئا واغمض عينيه وقال : نيميني، عاوز انام
ساعدته ككل يوم على الاستلقاء في وضع يريح جسده ويساعده على النوم، لكنها انتفضت مجددا عندما تعلق بيدها ووضعها على صدره وظل متمسكا بها وقال: خليكي جمبي لحد منام
كانت تعلم ان المنوم سيبدا مفعوله بعد قليل، فبقيت الى جواره حتى نام بالفعل وترك يدها
فانسحبت من الغرفة بهدوء وذهبت لغرفة الاستقبال واتصلت بالطبيب على الفور، وشرحت له الحالة بدقة، فقال بنفاذ صبر بعد ان مل من اتصالاتها المتكررة به، فلا يكاد يمر يوم الا وتتصل به تستشيره في حالة حسين وكانه المريض الاوحد لديه: انا مش فاهم انت عايزة ايه بالظبط، هو انا مفيش ورايا غيركم
قالت بجدية: يا دكتور الدوا الجديد خلاه غير متزن وبيتصرف تصرفات غريبة، عامل زي اللي بيحششوا ولا بيشربوا مخدرات
قال ساخرا: مايشرب مخدرات، وانت هتفرق معاكي في ايه
حاولت ان تتحكم في اعصابها لكن كلماته استفزتها بشدة، فصرخت غاضبة: يعنى ايه ما يشرب مخدرات!! ده كلام ده!! من فضلك غير الدوا واكتبله دوا تاني
زفر بضيق: مش بمزاجك يا مدام، انت تحمدي ربنا انى مكتبتلوش ترامادول، هو انت عارفه اللي في حالته بيحسوا بالم قد ايه من الكسور والجبس
لو سمحتي متتصليش بيا تاني الا لو فيه حالة طوارئ. سامعة!!!
وقفت متجمدة من الغضب بعد ان اغلق المكالمة في وجهها
كانت مضطرة ان تعطيه نفس الدواء في اليوم التالي، وكانت تراقبه جيدا لتستطيع ان تحكم هل هو الدواء ام شيء اخر بدل احواله
لكنها عاشت يوم عجيب، فحسين كان يتنقل من حالة الى حالة بشكل درامي عجيب افزعها
فمن الغضب، يتحول الى الهدوء المفاجئ، ثم يضحك فجاة بلا مقدمات، الى ان بكا بين يديها
وهنا لم تعد تحتمل فانتظرت الى ان استغرق في النوم ثم جلست في غرفة الاستقبال وارسلت رسالة عبر الواتساب لرقم د.ميرفت، الطبيبة النفسية التي كانت تتابع حالتها في الفترة التي فقدت فيها امها
ارسلت لها رسالة مقتضبة فيها صورة الدواء وطلبت منها ان تكتب لها البديل لانه يؤثر على الاتزان والتركيز
ارسلت لها علامات استفهام وسؤال: لمين ده
اجابت: مريض كسور في سن الشباب
كانت حريصة في كتابة كل كلمة حتى لا تثير حفيظة د. ميرفت، وتبدأ في استجوابها، وهي في حالة لا تسمح لها بتبادل الحوارات المرهقة
بالفعل ارسلت لها الطبيبة اسم البديل، وبالفعل استقرت حالة حسين، ولم يتكرر ما حدث
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
يتبع
•تابع الفصل التالي "رواية بلا حب" اضغط على اسم الرواية