رواية حلم كاملة بقلم سارة مجدي عبر مدونة دليل الروايات
رواية حلم الفصل الحادي عشر 11
تجلس و هى تفرك يديها بتوتر و قلق امام الطبيب الذى ينظر فى الاوراق و التحاليل بتفحص شديد و كان غسان ينظر اليها بترقب و بداخله يعتصره الالم من كثره لومه لنفسه و ضميره ينبهه الى الخطىء الكبير الذي يقترفه فى حقها من جديد يحاول منعه قبل حدوث ما سيهدم حياته كاملتا … و لكنه لم يدرك بعد ان تلك الخطوه لا رجوع فيها ابدآ … و ها هو بيديه يقطع جسر الرجوع … و حين ينكشف امره سوف يخسر كل شىء و لكنه سوف يبذل كل ما بيده و ما يقدر عليه حتى يظل الآمر سرًا
خلع الطبيب نظارته الطبيه و قال بهدوء
– تحاليل استاذ غسان كلها سليمه و مفيهاش اى مشكله
ابتسمت نوار بسعاده كبيره بسبب قلبها الطيب الحنون الذي ينحر قلبه الان دون ان يقطر منه قطره دم واحده
و قالت بصدق
– الحمد لله يا غسان
ثم نظرت الى الطبيب و قالت بأمل كبير
– طيب و التحاليل بتاعتي
نظر الطبيب اليها و قال بوضوح
– مدام نوار حضرتك عندك مشكله كبيره فى الرحم و الحمل هيكون صعب جدا .. بصراحه مفيش امل حتى مفيش علاج اقدر اوصفه ليكى
لتنحدر دموعها بصمت شديد نظراتها المصدومة و التى تحمل انكسار كبير جعلته يود ان يقتل نفسه الان قالت بصوت مبحوح
– يعني …. يعني ان انا انا تقصد اني
كان قلبه يؤلمه بشده هيئتها … دموعها ارتعاشه يديها و شفاهها كل ذلك يؤلمه … هذه هى افكاره لماذا الان يشعر بمراره فى حلقه و قبضه قويه تمسك بقلبه تعتصره صوت شهقاتها المكتومه يدها الموضوعه فوق معدتها الخاويه … كيف يقبل ان يجرحها و يكسرها بتلك الطريقه … كيف يصل كذبه الى تلك المرحله من البشاعه
صمتها دموعها نظراتها المصدومة و الغير مصدقه … و انكسار روحها
لم تستطع ان تتحدث … فقط نظرت اليه و ياليتها لم تنظر اليه … لو كانت النظرات تقتل لوقع الان مقتولًا
تجمعت الدموع فى عينيه و لكنها تحجرت داخلها كقلبه الذي اصبح كالحجاره او اشد قسوه … كان الطبيب يشاهد ما يحدث امامه بعيون بارده ويده تمسك داخل معطفه ذلك المبلغ المالى الكبير الذى اخذه من غسان حتى يخبرها كذبًا ان العيب منها و ليس منه ناسيا ان مايقوم به خيانه لمهنته و شرفها و ان الله يراه و يعلم ما قام به حتى لو لم تعلم نوار ابدا
~~~~~~~~~~~~~~~~
كان الصمت هو سيد الموقف داخل سياره غسان الا من شهقات نوار التى تلومه و تذبحه دون رحمه
و لكن لماذا يتألم اليس هذا اختياره … اليس هذا ما اراده … ان يجعلها تظل بجواره و بداخلها تتمسك به لاحتياجها له و لانه هو اختيارها الوحيد فقد و ان لا يكون هناك مجال للاختيار بالبقاء او الرحيل … لكن لديه عقبه واحده
اذا علمت العائله بما حدث سوف تبدء والدته بعرض فكره الزواج الثاني و هذا ما لن يسمح به ابدا و لم يقبله و يراهن نفسه ان يجعل حياتهم افضل بسبب ذلك الموقف و سوف يصلح الامر بينهم صحيح هو حرمها من ان تكون ام لكنه سيكون طفلها الاوحد و تكون هى طفلته الوحيده
وقف بها فى احدى اماكن الهادئه … و اعتدل ينظر اليها و مد يده يمسك يدها لتنظر اليه و الدموع تغرق وجهها و بدء صوت شهقاتها التى كانت تكتمها تعلوا و تملىء السياره ليضمها الى صدره بقوه و هو يقول
– اششششش اهدي يا نوار .. اهدي حبيبتي
وظل يربت على ظهرها برفق و حنان و عيونه تنظر الى السماء بدعاء صامت ان يعينه الله على ما هو فيه و يلهمه الصواب حتى يغلق ذلك الباب الى الابد
ظل يضمها بين ذراعيه لوقت طويل لم يستطع حسابه … حتى هدء صوت بكائها و بدأت فى الحديث من بين شهقاتها المتتاليه
– مش هخلف يا غسان مش هعرف اكون ام مش هعرف اجيبلك ابن يشيل اسمك .مش هسمع كلمه ماما مش هحس بيه و هو بيكبر جوايا مش هكون ام يا غسان مش هكون ام
كان يستمع لكلماتها و هو يعتصره الالم لكن قد سبق السيف العزل و لا مجال الان للتراجع و ذلك الالم ما سيجعلها دائما جواره تتمسك بطرف جلبابه الى اخر العمر
ابعدها قليلا عن صدره و هو يقول
– انتى بنتي و مش عايز عيال غيرك انا عايزك أنتِ و بس يا نوار أنتِ و بس يا حبيبتي
كانت تنظر ارضا و لم تستطع النظر الى عينيه و هى تقول
– اكيد هيخلوك تتجوز عليا … و الله هموت لو ده حصل يا غسان هموت
عاد يضمها من جديد و قال بصدق كبير
– و الله ما هيكون ليا زوجه تانيه غيرك ده وعد منى و انا عمرى ما خلفت معاكى وعد … انا راجل يا نوار مش عيل بكلمه يهدم ساعدته و حياته أنتِ عندي اهم من الف عيل
عادت تبكى من جديد و هو يربت على ظهرها بحنان ثم قال
– حاولي تهدي يا حبيبتي … ده اختبار من ربنا و احنى قد الاختبار ده و ايدي فى ايدك عمرنا ما هنفترق يا نوار عمرنا مش كده !؟
ظل يردد سؤاله الاخير عده مرات حتى اومئت بنعم و هى داخل حضنه تخبىء وجهها فى صدره ليقول بهمس
– عمرنا ما هنفترق ابدا
مرت دقائق كثيره و هم على نفس الوضع حتى هدأت نوار تماما ليقول هو
– يوسف عمال يتصل بيا مش عارف فى ايه خلينا نروح و الموضوع ده سر بنا محدش هيعرف عنه حاجه ماشي
نظرت اليه بعيونها الحمراء من شده البكاء ثم اومئت بنعم دون ان تنطق بحرف ليدير محرك السياره و انطلق بها و هو يفكر … اليوم اصبحت نوار اسيره فضله عليها و تكرمه بالبقاء معها و هى العقار التى لا تنجب عليه الان ان يطمئن هى لن تتركه ابدا
~~~~~~~~~~~~~~
فى نفس وقت حدوث ذلك كان يوسف يتصل بوالدته يطلب منها ان تساعد حلم فى ارتداء ملابسها و تحضر بها الى العياده حتى يفحصها زميل له حضر من العاصمه حتى يطمئنوا عليها لتقول له رقيه
– طيب يا ابني ما تجيبه و تيجى محدش من اخواتك هنا و هى كمان تعبانه
– يا امى فى كذا حد هيكشف عليه و كمان هو معندوش وقت كتير
اجابها يوسف و هو ينظر الى راغب بغضب شديد الذي ابتسم له بسماجه
– ماشي احنى جايين
قالت رقيه ببعض الاستسلام و اغلقت الهاتف ليقول هو لراغب
– بقا انا تخليني اكذب يا ..
و لم يكمل كلماته خاصه و هو يلقي اخيه بحامله الأقلام ليضحك. راغب و هو يقول
– معلش بقا يا دوك خدمه لاخوك الصغير
نفخ يوسف الهواء ببعض الضيق المصطنع ثم قال
– غسان مش بيرد على التليفون
رفع راغب كتفيه بمعنى لا يعلم و القلق واضح على ملامحه ليكمل يوسف قائلا
– تفتكر اللى هتعمله ده صح يا راغب ؟!
– معنديش حل تاني … دى اخر فرصه
اجابه راغب باستسلام و ضيق ليومىء يوسف بنعم ثم قال
– خلينا نشوف
مرت نصف ساعه و ها هم قد وصلا امام العياده لكنها مغلقه اتصلت عائشه بيوسف الذى اجابها
– ايوه يا عائش
لتقطب جبينها بحيره و اندهاش كيف يناديها بهذا الاسم و معه صديقه لكنها قالت
– انت فين يا يوسف احنى عند العياده و انت مش موجود
– معلش يا عائش اطلعوا استنوني فوق ما انت معاكى المفتاح يا حبيبتي
اجابها يوسف سريعا و هو ينظر الى راغب شرزاً ثم اكمل
– يلا هكلمك تاني
نظرت الى حماتها و قالت ما قاله لها يوسف لتنفخ حلم بضيق لتقول رقيه ببعض الهدوء
– خلونا نطلع محدش عارف ظروفه ايه
اغلق مصطفى السياره و اقترب من باب حلم و فتحه يساعدها على النزول و يدعمها فى صعودها الى العياده
مر اكثر من ساعه حين حضر يوسف الي العياده و هو يقول بأسف
– انا بجد اسف جدا بس حصل ظرف طارق لصاحبي و اضطر يمشي
ليقول مصطفي ببعض الضيق
– يعني تعبت بنت عمك على الفاضي يا يوسف و هي لسه خارجه من المستشفي
نظر يوسف ارضا و هو يقول
– انا بجد اسف يا حلم بس و الله غصب عنى
ظلت حلم صامته و لم تعقب على كلماته و لكنها حاولت الوقوف لتقترب منها رقيه و من الجه الأخرى مصطفي و غادروا العياده لتقترب عائشه من يوسف و قال
– بتكذب ليه يا يوسف ؟
رفع عيونه ينظر اليها لكنه لم يقول شىء لعده ثوان ثم قال
– خلينا نلحقهم
و تحرك فى اتجاه الباب لتظل هى تنظر الى ظهره ببعض الشك ثم تحركت خلفه بصمت
وصلوا جميعا الى البيت فى نفس اللحظه التى اوقف فيها غسان سيارته امام البيت
ترجلوا جميعا من السيارات ينظرون الى البيت المظلم بالكامل بحيره لكن عائشه كانت تنظر الى وجه اختها الذي لا يفسر اقتربت منها و هى تقول
– انت كويسه يا نوار ؟!
نظرت لها نوار بوجه شاحب و عيون تلمع من كثره الدموع لكن الاضائه القويه التى ستطعن من البيت جعلتها لا تجيب سؤال اختها
دلفوا جميعا الى البيت ليجده مزين بالزهور و الارض ايضا مغطاه باوراق الزهور و البالونات صاحبه الشرائط الملونه تحمل فى نهايه شرائطها و ورد القرنفل … و فى وسط كل هذا كان راغب يقف بهيئته الرجوليه التى تخطف الانفاس يحمل بين يديه باقه من القرنفل بها بعض الورود الجوريه الحمراء يرتدي بدله سوداء و مبتسم بسعاده كبيره
تركهم يتأملون ما قام به و بدء يقترب بهدوء و رفق حتى وقف امامها ينظر الى عمق عينيها دون ان ينتبه لوجهها الخالي من اى تعابير و مد يده فى جيب الجاكيت ليخرج تلك العلبه الزرقاء المميزه و فتحها ليظهر امام عيون الجميع خاتم ماسي رائع و مميز و كان الجميع ينظرون لهم بترقب و خوف و قلق مصدومين من كل ما قام به راغب و يشعرون بالخوف من رد فعل حلم
قال هو بصدق بعد ان جلس على ركبه واحده امامها
– حلم تقبلي تتجوزيني
لم تجيب بشىء و ظلت صامته تنظر اليه و هو على جلسته بين نظرات الترقب من الجميع خاصه بركات الذي يجلس فى مكانه المعتاد يتابع ما يحدث فى صمت أيضًا
ظل الصمت سيد الموقف لعده لحظات و بدء راغب ينظر اليها برجاء و توسل لتبتسم ابتسامه صغيره و هى تقول
– هو انت معندكش دم مش بتحس لأمتى هفضل اقولك انى مش هتجوزك و لا عمري هفكر فيك خلى عندك كرامه و ابعد عنى بقا
شهقات متتاليه … بين مصدومه و ساخطه و غاضبه وقف راغب ينظر اليها باندهاش لم يستطع الرد فقد الجمته الصدمه من كلماتها الجارحه
و كانت رقيه تنظر اليها بغضب شديد و حزن على حال ابنها خاصه و ما حدث حدث امام العائله بأكملها ارتسم على وجهها ابتسامه ساخره و تحركت لتغادر من امامه ليوقفها و هو يقول
– افتكرى انك انتى اللى بايدك جرحتي قلبي اللى كان بيحبك … و هنتي كرامتي … افتكري انك خرجتى نار جهنم و مش هرتاح غير لما تتعذبى فى جحيمها نار قلبى مش هتحرق غيرك انت يا حلم مش هتحرق غيرك
ظلت تنظر اليه بنفس نظراتها الساخره رغم خوفها و حزنها الشديد ليكمل كلماته
– افتكرى انى كنت بعشقك و كان نفسى تعيشى فى نعيم عشقى لكن أنتِ اللى اخترتى تدخلى برجلك جحيمى و بدل ما تدوقي النعيم هسقيقى من سقر عشقى
لتبتسم بسخريه اكثر و هى تقول بإستفهام مستفز
– و ايه بقا سقر عشقك ده ؟
– جحيم فراقى يا حلم جحيم فراقى
و تركها واقفه فى مكانها جسدها يرتعش بخوف و حزن و قلبها يتلوى الما فهى غارقه فى جحيم هواه منذ اول لحظه فهمت و وعت و شعرت بمعنى الحب و لكنها لن تعيش من جديد مأساه امها
غادر راغب البيت و لحق به كل من يوسف و غسان خوفا عليه و اقتربت عائشه و نوار منها ينظرون اليها بصدمه و رفض لما حدث لكن لم تتحدث اى منهم لكن رقيه لم تحتمل
لتقترب منها و وقفت امامها و قالت بقلب ام يحترق حزنا على ولدها
– ايه الجبروت و الجحود ده عملك ايه ابني علشان يكون ده ردك عليه … شايفه نفسك على ايه … فى غيرك بنات كتير تتمني ظافر رجله … و هجوزه يا حلم هجوزه بنت تسعده و تفرحه و تخلي ايامه كلها سعاده و تداوى جرح قلبه
ظلت رقيه واقفه تنظر الى حلم نظرات غضب تحمل الكثير من الكره ثم صعدت الى غرفتها و لحق بها مصطفي بعد ان ارسل نظرات حزن و اسف لحلم التى تنظر الى الامام بصمت تام و عيونها مليئه بالدموع ثم تركت أختيها و تحركت ببطىء شديد حتى صعدت الى غرفتها لتنظر عائشه الى نوار التى ابتسمت بسخريه و غادرت من امام اختها دون اى كلمه … ظلت عائشه تنظر حولها و هى تشعر بالاختناق من كل ما يحدث لها و لاخوتها و للعائله اجمع و كل هذا بسب والدها الذي لا يشعر بأحد منهم
اغمضت عينيها لثوان ثم فتحتها وصعدت الى غرفتها
ظل بركات جالس فى مكانه ينظر الى البيت الخالي من حوله و هو يقول
– اجني يا بركات نتيجه اخطائك و افعالك و سكوتك على اخطاء ابنك و ادى العيله اللى انت كانت خايف انها تتفكك اتفككت و ادي العيال كل واحد فيهم شايل فوق كتافه ذنب كبير ميخصوش افرح بقا باللى انت عملته … ضيعت دم دلال هدر و عيلتك كمان بتضيع … اتحاسب يا بركات اتحاسب و ادفع تمن اخطائك و ذنوبك
~~~~~~~~~~~~
يجلس ارضا مقيدًا دون ملابس ينظر الى من يقف امامه بخوف و جسده ينتفض خوفا و رعبًا
خاصه بعد ما حدث و لم يكن يتوقعه ابدا و الكفيل بالقضاء عليه الى الابد
- يتبع الفصل التالي اضغط على ( رواية حلم ) اسم الرواية