Ads by Google X

رواية حجر الشيطان الفصل الثاني عشر 12 - بقلم ندي ممدوح

الصفحة الرئيسية

  رواية حجر الشيطان كاملة بقلم ندي ممدوح عبر مدونة دليل الروايات 


 رواية حجر الشيطان الفصل الثاني عشر 12

الحياة لا تعطينا كل ما نحتاج، ربما حفنة من السعادة والكثير من الأحزان لن يرضا ألا من كان على يقين بالله أن بعد كل هذا البلاء عوضٌ جميل سينسينا مرارته، البلاء يأتينا فجأة نعم، ربما في فقدان عزيز .. أو خسارة حبيب .. او خذلان من قريب .. ربما في المال او الأولاد .. وربما مرض يطرحنا على الفراش لسنون كثيرة ، هنيئًا لمن علم أن الموت أتٍ.. آتٍ لا محالة وذاك أختبار نجاح وخسارة .. إذ نجحت فحبذا لك الجنة و طوبي لك .. اما إذ خسرة فياحسرة عليك وأسفي .. تنقلب حياتنا فجأة .. كما انقلبت حياتي بغتة ، لا بأس لقد ران في قلبي فقدان الشغف .. الأمل والأهم هدفي .. هدفي الذي لطالما سعيت لأجله كثيراً ها هو شخصًا واحدٌ غريبٌ يكدر حياتي ويسلبني أمني وأماني وهدوء حياتي .. انتابني الهرب طبعًا لكن كيف للمرء أن يهرب من أقداره...

كنت ما زلت أنتفض ربما قلبي يرتجف وروحي باتت زبيحة أحسُ أني احيا في كابوس، الرعب يحيطني من كل جانب، ما زال منظر ما رأيت يفجعتي، حين اطلقت صرخة فزع وانا اتقهقر للخلف وقد تجمد دمي في شراييني، ما هذا يا الله ؟ منظر لم أتصور يومًا ان اراه حتى في أحلامي ، رجال تتناثر فوق بعضها يغرقهم الدماء بشكل بشع .. وددت لو اختفي حملقت بهم وقد انخلع قلبي وتيبست قداماي وشلت اطرافي، صرختي جعلته ينتبه فجأ ركضًا واقفًا أمامي يحيل بيني وبين ذاك المنظر لم يتوقع أن منظرهم قبع في مقلتي وأبت اهدابي ان تبثقه، أغمض عيناه في عنف كأنه يعاتب نفسه على تركي لثوانٍ معدودة وحيدة، فتح جفناه في بطأ وهو يهمس في قلق لم ادري كنهه :

- خديجة أهدائي .. أهدائي فقط تنفسي بأنتظام ليس هناك شيء مخيف هذا لا شيء فقط اهدئي.. تنفسي هيا تنفسي..

بدأت اتنفس في هدوء كما قال أبذل قصاري جهدي حتى اطرد ذاك المنظر من خيالي لكنه ترك اثرًا بي .. أثرًا مرعب مخيف من كان يتخيل ان يحدث كل هذا ؟ تلك كلها امورٌ مستترة في ضمير الغيب لا يعلمها إلا الله..

خرجت معه من هذا الجانب وقد ذادت شهاقتي دون دموع ، بقت الدموع عالقة في اهدابي وابى كبرياءي أن يحررها ويرَ ضعفي ..

جلست محملقة في الفراغ لم استمع لكمة مما يرردها حتى ناولني كوبًا من الماء تجرعته برعشة ...

بعد ما هدأت نفسي قليلًا أودعني عند أخته ورحل فجأة خيم علينا السكون مليًا دون ان يقطعه أحد .. وأخيرًا تكلمت كـ المترددة :

- خديجة .. هل أنتِ بخير ؟

هززت رأسي دون ان انبس، فوضعت كفها على منكبي واقتربت جالسة مني تكاد تلتصق بي وهمست بلطف وهي تمسد على ظهري بحنو :

- أتمنى ذلك ما رأيتيه ليس هينًا .. لكن اعتبري نفسك رايتي مرضى حدث لهم حدث وتوفاهم الله!

بالطبع الأمر ليس هينًا ومن يظنه هين ؟ انا الآن في جحر مجموهة من المافيا اسروني قسرًا لانقذ لهم أخيهم ولا ادري ماذا سيكون مصيري معهم .. هل سِتركوني؟ لا أظن ذلك البتًا؟

أفقت من شرودي حين قالت تطمئني كأني صفحةٌ مقرؤه امامها :

- سترحلين من هنا اعدك ستتابعي حياتك ايضًا وستنسى كل ما مررتي به.

قُلت فجأة خاطر يخيفني :

- وماذا لو مات آجار هذا هل سأرح.......

لم أتمم عبارتي حيثُ انتابها سُعال فجاة افزعني وما ان هدأ حتى بدأت تلتقط انفاسها بصعوبة وهي تلهث بشدة، فهلعت وأنا انتصب واقفة لوهلة لم اعرف ما عليّ فعله كاني نسيت اني طبيبة، سرعان ما بدأت أعاونها على تكوير قبضة يدها وتقريبها من فمها، وسئلتها سريعًا عن بخاختها فهي تبدو مريضة ربو .. اشارة لي على حقيبة يد فأفرغت ما فيها وبت اقلب محتوياتها حتى وجدتها واعطيتها لها، دقائق وبدأت تعود لطبيعتها لكنها كانت ساهمة .. وخُيل لي أنها دامعة العينين، فجلست بجوارها وكـ طبيعة قلبي بدأت أمسح على خصلاتها بحنو حتى وان كانت شخص غريب يستحوذني شعور أنها لطيفة السريرة .. بغتها بسؤال حيرني :

- أنتِ تخافين أن تفقدي آجار.

عُلق سؤالي بالهواء واعتقدت انها لن تجيب لكنها قالت بعد برهة :

- بل .. أخشى أن أخسر احدهم إذ كان آجار أو اراس او أبى او أخي آركان الذي غادرنا!.

سئلت في دهشة :

- هل لديكم اخ آخر .. هل مات ؟

قالت في بسمة بها مرارة وهي تهز رأسها:

- لا لم يمت لكنه بعيد للغاية وقريب ايضًا اقرب قريب ربما.. لكنه تركنا يعيش بمفرده لا نعلم عنه شيء.

سئلت في بهت وقد أشفقت كم الحزن الذي يقبع في قلبها واحسست انها تود البوح ربما لم تجد من ينصت لها فوجدت الفرصة وانا أفضل مستمعة:

- لماذا يعيش بمفرده ، لِمَ ليس معكم يا هنا؟

نظرت في عيني وهي تبوح :

- أخي يعمل في الأستخبارت اي انه كان لأنه انفصل من عمله .. لم يرد العيش مع..

تبسمت هازئة واضافت :

- مع إناس يسفكون الدماء يعملون في السلاح!

ضيقت عينيها لوهلة وتابعت وكأن هم الحياة باتت تحملها على منكبيها :

- أخي آركان اقوانا وأطيب منا جميعًا دائماً ما كنت احسه ابي وليس اخي.. اتعلمين ؟

كادت ان تجهش في البكاء لكنها تماسكت وتابعت وهي تشير لي بالبخاخة التي ما زالت تقبع في قبضتها :

- هذه اول مرة تنتابني الحالة واجد احد بجواري قلق متلهف لنجاتي!

- أليس لديك أحد اخت أو أم مثلًا ؟

- بلا، معي أمٌ وليس لدي أخت .. لكن في احيانًا كثيرة أود ان تكن عائلتي جميعها بجواري لا لشي الا انهم خائفون عليّ أود أن اتذوق طعم العائلة حين تكون بالقرب بقلبُ نقي ، حين كنت اذهب للمشفى ليس معي احد بالطبع أخوتي وابي في اعمالهم وأمي في البيت كنت أشعر بالخنقة واحسد المريض الذي تجتمع حوله كل عائلته..

رق قلبي لحالها وتخيلت لوهلة حياتي دون عائلتي يا الله انا لا شيء دونها انا صفر ليس له وجود فحمدت الله كثيرًا ولهج قلبي بشكره.

فجأة استمعنا لطلق نار ففزعت ودب الهلع روعي، بينما هي تبسمت بمرح وانحنت فجأة لتنهض بمسدسين، ودون ان تلتفت إلي قالت :

- ادخلي عند آجار يا خديجة ولا تخرجي!

كدت ان ارفض تركها بمفردها، لكن ضرب النار أنهال علينا فجأة فدفعتني تجاه الغرفة حتى اغلقتها عليّ وقفزت سريعًا خلف أحدى النوافذ وبدأت تطلق عليهم بمهاردة ادهشتني كنت ارقبها من خلف الزجاج فـ الداخل .. أنين خافت جذب أنتباهي فـ التفت فوجدته آجار بدأ يفيق هرولت نحوه ورحت افحصه بينما تساءل هو قاطبًا حاجبيه :

- من أنتِ ؟

- الطبيبة خديجة.

قُلتها وانا ما زلت افحصه فسكن لثوانِ قبل ان يقول فزغًا ما أن تنبه لطلق النار بالخارج :

- ماذا يحدث؟

أجبته :

- لا ادري هجم رجال على المكان وهنا بالخارج!

ضيق عيناه وهو يسئل في قلق:

- بمفردها ؟

هززت رأسي فكاد ينهض متلهفًا قلقًا لكنه سقط مكانه من اثر الدوار وسنادته سريعًا وانا اقول على عجل :

- ابقى مكانك اين تذهب ما زال جرحك لم يلتئم!

حاول النهوض مجددًا وقال :

- لا يجب ان اخرج لن اتركها بمفردها.

ثبته من كتفيه هادرةً فيه :

- لا تتحرك يا بُني ما بك انا طبيبتك وهذا امر سمعت؟

قُلتها في عصبيه، وعجبي حين اغلق عيناه كانه مستمعتًا بتعنيفي وامتثل لكلامي، فُتح الباب وقالت هنا من خلفي :

- خديجة .. أنتما بخير!

اومات برأسي وخرجت وراءها بعدما امرت آجار الا ينهض من مكانه فبطاعة ادهشتني هز رأسه في خفوت وهو مغلق العينين في أرهاق.

بالخارج ثمة رجال ينقلون الجثث، لماذا أشعر اني أعتدت الأمر، وكان أراس يقف مواجهًا لرجلٌ آخر يبدوا كبيرًا في العمر ربما قرب عمر ياسين وعثمان!

حاولت ان استشف ما يقولون لكن لم استطع، نادتني هنا فجلست بجوارها فبت قريبة منهما و صلني صوتهم!

« لا تخبرني انك حقًا تخاف ان يصيبه اذى؟»

قالها اراس بأعيُن تطلق شرار، فرد عليه الآخر في نبرة هادئة :

-هل تسئل اب إذ كان قلقًا على ابنه ام لأ؟

قال اراس في تهكم :

- أبيه ؟! اين هذا الأب لا ارَ؟

كاد الآخر ان يتجاوزه ليمر، وقال :

- اراس اتركني اريد ان أطمئن على ابني!

دفعه أراس للخلف غير عابئ بكبر سنه وغمغم في حدة :

- لن تراه يا هذا .. ارحل يا ماهر من هنا وكن بعيدًا عنه والا اقسم لك بأني سأجعلك تتمنى الموت ولن تجده!

اطبق ماهر اهدابه محاولًا مسك أعصابه وقال :

- اراس سأراه وارحل! ولن اأتي مجددًا؟

لم ينتظر الرد وانما اندفع للداخل لكنه تصنم حين سئله اراس في غموض :

- هل يعرف آجار انك لست أبيه ؟

أستدار ماهر في تؤدة وقال بتروى :

- يعلم .. يعلم يا اراس كل شيء.

همس أراس بجوار أذنه بلهجة كالفحيح :

- إذن لا تقترب منه يا هذا.

جز ماهر على أسنانه وقال :

- آجار يتيم يا أراس أنا جئت به من الملجأ.

أشار له أراس بـ أذراء ليطمئن على آجار.

_ لم امكث طويلًا معهم وعودة مجددًا لحياتي، وكأن شيئًا لم يكن ، لكن بداخلي ظل أثر كل شيء قابعٌ في حناياي، لم يظهر اي منهم امامي مجددًا لكن دائمًا كنت أشعر بشبح يلاحقني أينما ذهبت، من السكن للمشفى والعكس ، حتى أنتهت فترة تدريبي وعدت إلى أهلي و وطني التي لا أحس ألا بالأمان فيها، لم اروى لأحد شيء مما حدث، وبات كل ما حدث في نفسي كأنه خيالي لم يعد له أثر، حتى ذاك اليوم الكئيب الحزين الذي تحطمت فيه كل أحلامي وتكسر فيه قلبي وتفطر، وتصدعت روحي ...

أعجب بيّ شاب طبيب كان في ذات القسم الذي أعمل به، حاول أكثر من مرة محادثتي لكني كنت أصده وأتجاهله ، وسرى في نفسي شيءٌ لطيف لم أعشه قبلًا، هذه اول مرة يهتم بيّ شاب، يعلم الله اني كنت اغض البصر دائمًا واحافظ على قلبي .. جاء لخطبتي و وافقت وكان متعجلًا لزفاف بحجة أنه حصل على وظيفة بمرتب مجزي باحدى البلدن، كان فقط شهرًا .. شهر لم نتحادث ولم نتقابل وان جاء لبيتنا كان معنا اخي خالد او أبي وكان نقابي يسترني دائمًا، وكانت كلماتنا مقتضبة مختصرة .. وأقترب يومُ الزفاف كان ثمة وخزة في قلبي غريبة لم تنتابني قبلًا كأنها تحذرني من حدث مجهول سيحدث، ولكني فسرتها بأنه قلق فقط..

كان الجميع يجهز للعرس الكل على قدم وساق كان الشباب يهتمون بالزينة واجواء الحفل برمته، وكانت فرحتي في اوجها وخاصةً حين عاهدني أننا سنحج قريبًا .. كان شاب مهذب وخلوق جميل الطلة مرح النفس لكن ... منظر المرأ أحيانًا يكون مرآه تعكس ما بداخله ... فخلف المظاهر الحسنة تقبع النفوس الخبيثة، وليس كل جميل جميل السريرة ربما مجرد مظهر فقط...

كان يقترب الوقت وتذداد دقات قلبي وتوتري .. فستان الزفاف الأبيض كنت أطل منه كـ البدر في ليلته بينما نقابي ذادني جمالًا وكأني كوكب دري طل في ليلة من ليالي الدادي .. بكاء والدتي والفتيات الممزج بالفرح حطم قلبي ولم اتخيل اني ساغادر واتركهم .. كان كتب الكتاب والزفاف في يوم واحد، انقطعت الانوار فجأة بعد انتهاءي من الزينة وصرت جاهزة فخرجوا جميعًا ليروا ما حدث، ورحل الفتيات منهم من ذهب للمساعدة ومنهم ومنهم من تركني ليعلم متى سيكتبوا الكتاب، ظللت اذكر الله وانا في افرك في اصابعي حتى شهقت فجأة صارخة وانا اتوثب حين لاح ليّ شبح رجل يلج من الباب كدت أرتعش ولا ارَ أي بصيص نور بينما الشبح يتقدم حتى أصبح قريبًا مني... يا إلهي إنه هو ( أراس) ما الذي أتى به .. ظلام .. ظلام حالك أبتعلني بغتة وكان آخر ما رأيته وجهه، وآخر ما التقطته اذنايّ كان صوته الغاضب :

- لن تكوني لغيري يا خديجة......


🌿سبحان الله وبحمده 🌿


( العروسة اختفت)

( اختفت إزاي، راحت فين)

( دي اكيد هربت يا اختي بنات آخر زمان يمكن هربة مع واحد)

( أكيد غلطت مع واحد فـ هربت من الفضيحة)

سرى الهمز واللمز بين المعازيم كالنار في الهشيم ما أن علموا باختفاء خديجة المفأجأ، كان العريس لم يعرف بعد؟ ولم يأت بعد ..

البشر دائماً هكذا يقولون ما يحلو لهم ويحملون وزرًا دون ان يعرفوا السبب، دون ان يدكروا ما يحدث، يحيكون قصصًا من عقولهم وينشروها على هواءهم وكما يحلو لهم يخوضون اعراض الناس دون اهتمام .. يجرحون، يُجعون دون أهمية دون حساب دون شفقة، بعض الناس قلوبهم كـ الصخر او أشد قسوة لا يعلمون معنى الرحمة ها هم الآن لم يصمت الجميع ألا حين هدرت لمار بصوتها المهيب فغشاهم الصمت والسكون ...

عاد الجميع لللبحث عن خديجة وفجأة طلت ، من اين؟ وأين كانت؟ لا احد يدري علا الدف من حولها وهي تهبط الدرج متأبطه ذراع عمرو ذو الثغر الباسم والوجه المشرق، أجلسها برفق وتجمع حولها الفتيات، واقترب عمرو من العريس بجوار المأذون، وعقدة افواه المعازيم في حرج بيَّن، ما هم المأذون أن يبدأ وإذ بالعريس ينهض ضاحكًا في هستريا وهو يقلب كفيه ، تعلقت اعين الجميع عليه في صدمة وبهت شديد، هدأت نوبة الضحك التي انتابته وأرتكن على المقعد يجيل بعيناه في الوجوه حتى استقترتا على خديجة الساكنة في هدوء مبهم، وكتم ضحكه كادت ان تفلت منه وران ببصره على وجه عمرو الواقف يطالعه في زهول والصدمة تطلُ من عيناه، وأردف في تهكم :

- معلش يا عمي أنا أسف.

كتم بسمة هازئة وهو يضيف :

- هو انت فكرة اني ممكن اتجوز بنتك المعقدة دي؟

واشار بسبابته على خديجة، كور عمرو قبضته، وتحرك خالد وقد فار غضبًا لولا ان لمار جذبتع من ذراعه فبقى في مكانه، تحفز الشباب جميعهم في غضب، في حين راح ( طارق) العريس يدور بينهم وهو يقول في تهكم ممزوج بالسخط :

- يا جماعة انا مستحيل اتجوز بواحدة زي خديجة دا كان رهان وربحتة، وحدة معقدة كلام لأ خروج لأ تكلمني لأ تقعد معايا لوحدنا لأ اربعة وعشرين ساعة متكفنة خلف نقابها، أنا عاوز اتجوز وحدة نتكلم ونخرج من غير اللي على وشها دا الناس تفكرني متجوز وحدة قبيحة الجسم والشكل ..

هُنا واستشاط الشباب غضبًا وفي لمح البصر كانوا ينهالون عليه ضربًا حتى كاد ان يدركه الموت لقد ظن أنه سيفر هاربًا بعد هذه الفضيحة التي سينسبها لها... لكن هيهات كيف له هذا؟

أشار خالد بكفه لأبناء اعمامه بترك طارق فـ ابتعدوا، وأمسكه من مقدمة ملابسه ثم قال وهو. يغرس عيناه في عيناي طارق التي تقرحت من اثر الضرب :

-يا بني انت متأكد أنك راجل.. أنا بشك فيك!

ما هو طبيعي المرة متحبش غير مرة زيها.

هوى بقبضته على فكه في غضب وتابع :

- انا اختي أميرة تليق بامير زيها يا ... مش لاقي ليك لقب القبك بيه ..

ألقاه بكل قوته على احدى الطاولات ليتراجع الناس في صيحةً فزع، وهجم هو مجددًا عليه وصاح فيه وهو يقبض على عنقه :

- انا اختي رهان يالا.

كـ الوحش الضاري بات يلكمة دون هوادة والجميع يشاهد في سكون تام وربما خوف...

علا صوت خالد وهو يرفع طارق من الأرض :

- انت مكنتش اصلًا نازلي من زور لولا انها وافقت، بس نقول اي بقا الكلاب اللي زيك اخرتها بتبقى تحت رجل اميرتهم.

قالها وكان يلقي به تحت اقدام خديجة الثابتة في مقعدها دون حراك..

هجم حمزة فجأة عليه وهو يدفع خالد برفق وكال له اللكمات وهو يجأر :

- يالا انت عار على الرجالة اللي عايز يعرض مراته شرفه واسمه للناس دا ايه مش لاقيلك وصف...

لكمة بقوة فتلقاه معاذ فجأة وصوب له ركله طرحته ارضًا وهو يغمغم :

- اللي ضايق اميرتنا يالا يبقى دفن نفسه بالموت فما بالك باللي عملته.

صاح الناس مجددًا فصرخ فيهم خارج طاردًا ففروا هاربين ، في آون ذلك كان جسد طارق الذي لم يعد جسد، بين يدي مالك الذي تامل وجهه قليلًا وغمغم في اسف متصنع :

-يا عيني دول نسيوا نصيبي يلا ذيادة الخير خيرين؟

في لمح البصر كان مالك يحرك كفيه باللكمات في اماكن متفرقة في جسده بطريقه سريعة تثير الدهشة...

صمت ثقيل حل في المكان بعد صوت لمار الأمار ليتركوه واشارة لهم بالأبتعاد فبعدوا متحفزين بانفاس متلاحقة، مالت لمار على طارق وسحبته من ملابسه ليواجه عيناها الحادتين وغمغمت في خفوت مهيب رهيب :

- أنت فكرة بأنك هتهرب بعد عملتك ؟

ضحكت ساخرة وأسترسلت :

- يا بني اللي بيازي حد يخصني يبقى لازم يواجه اللي واجهته ده أنت ازتنا كلنا، بس عارف صعبان عليا!

صمتت هنيهة واردفت :

- عقليتك صغيرة معندكش مروءة ولا كرم ولا شهامة ولا غيرة على اهل بيتك وللي منك، أنت مفكر انك جرحتنا؟

صكت اسنانها وهي تهز رأسها في عنفوان، وقالت :

- احنا مبنتوجعش لكن بنوجع، أنت اللي هتعرف يعني ايه خديجة؟

روح اتجوز وعيش حياتك.

ثُم هزت كتفيها في حيرة :

- بس هتتجوز إزاي وأنت.... طب والله مش قادرة اقول عليك راجل لأني بهين الرجولة.

وفجأة أنتصبت وهوت بقدمها مرتكزة اسفل حزامة وغمغمت :

- ابقى اتجوز....

كان عمرو جالسًا كـ الحجر، بينما ورد أغرق وجهها بالدموع والفتيات يتجمهرن حول خديجة، حتى سحبوها للأعلى وحين اغلاقهم الباب تعجبوا حين ولت وجهها عنهم وأبت نزع نقابها بعد معافرات نزعته وإذ بها غير خديجة تمامًا... صدمة واي صدمة طافت على وجوههم.. أين خديجة؟


🍁 سبحان الله العظيم 🍁


رويدًا رويدًا بدأت خديجة تفيق، تتطلعت حولها في تيهة وتلامست حجابها والقت نظرة على فستانها كأنها تتأكد من أنها مستورة تمامًا، أنتفضت كمن لدغة عقرب ما ان تذكرت ( اراس) فـ راحت تجيل بعينيها في الغرفة قبل أن يطل هو بملامح مكفهرة، لم تخلو من القلق وسئل ما أن لمحها قد أُفيقت :

- كيف حالك الآن؟

حدقت فيه بغل، كيف يسئلها عن حالها وقد خطفها توًا من وسط عائلتها دون ذرة خجل ؟ ومن عرسها الذي سيقام! ماذا سيقول عنها الناس؟

لا بد ان الجميع قلق عليها، أندفعت نحوه وصاحت فيه:

- كيف تجرؤ على اختطافي يا هذا؟ من الذي سمح بك، وكيف تفعل هذا... لا بد أن الجميع قلق لاجلي... ماذا سيقول عني طارق؟ ساتسبب له في فضيحة أن أغفرها لنفسي ابدًا.

رد ( أراس) في برود نافيًا :

- لا لن يشعر بغيابك أحد!

أجفلتها عبارته فرفرفت بأهدابها تستوعب كلماته ظنته جن، أنه يهزي لا محالة، ران عليها الصمت برهة قبل ان تهمس في هدوء :

- لماذا جئت بيّ إلى هنا؟

أشار لها برأسه لتتبعه ففعلت، فـ أشعل الحاسوب و وضعه أمامها في صمت مطبق، كادت تفور غضبًا لكنها كبحته وهي ترَ فتاة ترتدي ذات فستانها ونقابها وكل شيء تهبط الدرج مع والدها، فكادت تتحدث لكنه أشار باصبعه على فمه لتسكت فأمتثلت وحدقت في شاشة الحاسوب وشاهدت كل ما حدث، كانت الدموع تغرق وجهها لا تصدق كل ما مر، هل طارق كان خدعة ؟

كانت لعبة له؟! كان يرسم الفضيلة والخلق الحسن وكانه شيخ ليوقعها في فخة؟!

راق لها ما فعله فيه الشباب، لكن صُدمت! هل ثمة إناس حقًا قلوبهم جاحدة قاسية لتلك الدرجة كـ قلب طارق هذا؟!

بكت .. بكت بشدة وتركها هو تفرغ ما بجعبتها وقلبه يتفطر كمدًا، آه لو تعلم ما تفعله دموعها في قلبه، كـ الكي هيا تكويه وتتلظى.

كان يطالعها برفق و ود لو يضمها... لو يسحب الحزن القابع بداخلها ، أراد ان يخفي هذا الأثر من قلبها لكن كيف؟

كيف السبيل لقلبها اساسًا.

أيغضب ام يحزن؟ هل تبكي لرجل لا يعني للرجولة بشي، هل احبته خديجة.

معذور هو لا يدرك ولا يعرف ان قلب قلبُ خديجة غامر بالإيمان محفوف بالرضا له سياج باليقين لا يبكي إلا لله .. كانت تبكي نعم لكن حمدًا للرحمن المنجي نجاها من كربٌ عظيم وبلاء شديد، أنتشلتها عناية الله في لمح البصر من غياهب الضلال لنور الهدى،

تبكي فرحًا وقد تزينت حياتها مع طارق لو تزوجته؟

كانت ستتغير ستتحطم ربما نزعها من نقابها الذي هو تاجها، ربما حرمها من الأقتضاء بامهات المؤمنين، وأجبرها ان تكون كاسية عارية، او ربما ظل الرجل المطيع لله الذي لا يخطئ وهو يخونها ويخون الأمانة، ضحكت فجأة ضحكة ادهشته .. ضحكة ليست حزينة ضحكة مفعمة بالأمل .. ضحكة داعبت اوتار قلبه.

كان يتطلع للرجال الذين يصطفون بالخارج يستشف إذ تناهى لأحد صوتها ام لا.

نهضت خديجة وشكرته قائلة :

- اشكرك أراس لقد .. لقد انقذتني؟

سئلت في حيرة :

- كيف عرفت .. ولماذا خطفتني لا اعرف السبب للآن!

تنهد وهو يقف وقال في نبرة حادة ممزوجة بالحنو :

- علمت بطريقتي خديجة .. وخطفتك لأني أعلم ان وقع ما حدث بوجودك لن تنسيه وخاصةً والناس متجمعة يا حبيبة!

اتسعت عينيها وبدت عليها دلائل التفكير، قبل أن تسئله :

- أظن خطفتني لأنك تعلم أني لم اكن اقدر على تحمل ما حدث وانا اراه بأم عيني... لماذا فعلت هذا فيمَ يهمك حزني؟!

- يهمني .. يهمني كثيرًا يا خديجة؟

- لماذا تفعل معي كل هذا؟

- لأني اريدك...

قاطعته في حده وهي تتراجع للخلف:

- ماذا ؟

دس كفيه في جيبيه وهو يهز رأسه في برود مغمغمًا في بساطة :

- ستكونين ليّ .. زوجتي ولن تكوني لغيري؟

مادت بها الأرض فجأة وداهمها الدوار فـ انهارت على المقعد خلفها، لم تهتز له شعره وهو يقول في حدة :

- ستتزوجيني بـ رضاكِ او غصب عنك!

قالت في تلعثم وكانها في كابوس :

- أنت .. أنت مجرم!

أبتسم في مرارة واردف بتهكم :

- نعم عزيزتي، أنا أفعل كل ما لا يتخيله عقلك الصغير.

قالت خديجة بأعيُن غارقة في الدموع :

- وان رفضت!

هز كتفيه وقال :

- ستكونين سببًا في قتل كل عائلتك!

أنت تمزح!

قال اراس متعجبًا :

- امزح!؟ انا لا امزح يا روحي انا أنفذ!

أقترب من النافذة بمنظور وراح يتطلع من خلاله لشخص فوق احدى البنايات مع بندقية مزوده بمنظار متهيأً للأطلاق وجاهز،

أشار لها فدنت في بطئ وقدمين مرتعشين تناولت منه المنظار و وجههُ للشاب الذي يوجه البندقية إلى منزلهم الذي عاد له الجميع للتو، والآن فقط تنبهت أنها في منزل قريب من منزلهم للغاية كان لجار لا يأتيه ألا في الإجازات ... وقف خالد اخيها يروح ويجئ امام البوابة، بينما الشاب يتطلع باحدى عينيه من خلال المنظور المذود في البندقية وكفيه على وضع الاطلاق، كانت تتطلع تارة لأخيها وتارة للآخر وهزت رأسها في جنون وهي تبكي، قائلة بصوت متهدج مخنوق :

- لن تفعلها يا أراس هذا اخي، هذا مني انا افديه بروحي؟

رق قلبه وقال برفق :

- وانا لن أأذي روحك يا خديجة فأن اذيتك أأذي قلبي.

تمسكت ببصيص امل من كلماته فقالت في حذر :

- لن تأزيه؟

وضع كفيه في جيبي معطفه وهو يهز رأسه نفيًا، وقال :

- ولكن ليّ شروطي!

جف حلقها وهي تسئله في ترقب :

- ما هي

قالت والدموع تنساب على وجنتها بقهر ، فرد في برود متظاهر:

- لن تتزوجي يا خديجة أبدًا، سأرحل إلى بلدي لكن أخبارك ستأتيني حرحة بحركة لن تقبلي بأي احد، فهمتِ؟


🍃 سبحان الله العظيم وبحمده 🍃


في الوقت الحالي، كان معاذ في غرفة الكشف بعد ما سقط فوقه لوح خشب هرس قدمه، بقت ملك بالخارج تبكي في صمت ينهشها القلق، ويستبد بها، تضمها خديجة في حنو، لم يلبثوا طويلا واخبرهم الطبيب انه بحاجة ماسة لإجراء عملية لتمزق الأربطة.

كان شهاب مدير الشركة يقف قريبًا، يتميز غيظًا فقد فشل ما كاد أن ينفذه بسبب معاذ، أراد ان يختلي بـ ملك يحاول التقرب منها حتى تخضع له كان سيرشيها سيرقيها لمرتبة اعلى لتسلم له نفسها.

شيء ما بتلك الفتاة يجذبة ليس كالآتي يعرفهن، فهي بريئة وصادقة ربما بدأ يعجب بها وهذا ما لا يريده.

أقترب بغتها منهما وقال موجهًا حديثه لـ ( ملك) :

- ملك تعالي اوصلك في طريقي ومتقلقيش انا هرجع اطمن عليه؟

أسرعت خديجة في الرد بنبرة هادئة ليست مرتاحة لنظراته التي لم تروق لها :

- ملك هتفضل جنب معاذ اتفضل أنت!

جز (شهاب) على اسنانة مغمغمًا :

- انا بتكلم مع ملك!

نهضت خديجة غاضبة وادفت بادب :

- لو سمحت وجودك مش مسموح بيه هنا اتفضل وملكش دعوة بملك غير في حدود العمل.

طالعها بنظرة إزدراء من رأسها لـ اخمص قدميها قبل ان يبتلع إهانتها ويغادر.

.

لم يمض وقتًا طويلًا حين جاء عاصم مصابًا هو الآخر وارتجت المشفى بكل العائلة وقد علم الجميع باختفاء خالد المبهم.

في مكانٍ آخر يغشاه الظلام خالي من اي شيء إلا من مقعد خشبي موثوق القدمين ومكبل اليدين خلفه ، بدأ يأن في خفوت من أثر جروحه .. حرك رأسه في ثقل .. وتدريجيًا بدأ يرفرف بأهدابه يحاول تذكر ما حدث له .. أنتفض بغته معتدل الرأس يجوب بنظراته حوله ما هذا الظلام الذي يغرق فيه؟ أين هو؟ كل ما يذكره إصابة عاصم ولم يشعر بشيء بعدها .. تناهى لسمعه وقع اقدام تقترب، حاول وجاهد وهو يتفحص ذاك المكان على الأقل يعرف الباب الذي سيدخل ذاك المجهول منه... تكه بسيطة اخترقت اذنه فـ أسرع بغلق عينيه وأسند رأسه كما كانت .. أحس بخطوات تقترب وتقترب حتى بقت قريبة للغاية .. أنفاس كريهة لفحت وجهه تلاها صوت أجش يقول قريبًا من وجهه :

- خالد باشا هتنورنا هنا لحد ما تخضع لينا.

لم يستطع خالد التظاهر أكثر فـ ابتسم ساخرًا وقال في تهكم :

- لا والله، وانتوا مين بقا؟

قهق الرجل في انبساط تام وقال :

- احنا مين مش مهم تعرف يا استاذ خالد ولكن ....

غمغم خالد برفع حاجب :

- ولكن؟

أردف الرجل وهو يميل نحوه :

- هنرودك لحد ما تخضع لينا وتكون تحت طوعنا انت مطلوب جدًا يا راجل في كل حته .. وبما اننا قدرنا نجييك لحد هنا فمش بعيد نخليك زي الخاتم في صباعنا.

بصق خالد في وجهه، وقال :

- بتحلم يا كلب.

ضربه الرجل بلكمة قوية في فكة سالت على أثرها الدماء من جانب فمه، ثُم قال متهكمًا :

- بنحلم والحلم هنحققه وهتكون كلب لينا.

كان خالد يزوم في مكانة كوحشًا كاسر وهو يتحرك في عنف هادرًا بصوتٍ كالفحيح :

- أنت اللي كلب يا كلب.. الكلاب اللي زيك هيا بس اللي تقاتل بالطريقة دي.. واجهني كـ رجال لو راجل.

دفعه الرجل في حده من صدره وصوب نظراته في وجهه وقال :

- انا راجل غصب عنك يا عم ، انت وعيلتك كلها هنخلص عليكم واحد واحد.

- كان غيرك فلح!

وتبسم ساخرًا :

- يا راجل

قالها خالد بنبرة وبسمة ساخرة.. أثارت سخط الآخر فـ انهال عليه ضربًا، لكن خالد كان يضحك ليستفزه أكثر وهو يلفظه بكلمات ساخرة، فما تعب من ضربه وقف يلهث وخرج صافقًا الباب خلفه، عاد الظلام يكتنفه مرة أخرى، وحرك كفيه ربما يتخلص من قيده، طاف مجددًا حوله لكن الظلام كان ييتلعه فسكن مكانة، داعيًا الله أن ينجي عاصم....


🍂 اللهم إني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين 🍂


كانت تجلس بمقعدها المتحرك جار النافذة تتمأمل الخضرة حول منزلها، تستشعر بنخزة تنخر فؤادها.

- حبيبي عامل ايه؟

قالها رحيم وهو يقترب من وعد ملثمًا جبهتها فـ أستقبلته ببسمةٌ رائعة وهي تجيبه:

- بخير يا حبيبي الحمد لله.

أمسك بكفيها بين كفيه وهو يجثو امامها متسائلًا بقلق :

- مالك يا وعد حاسك قلقانة؟

ردت وعد يأعيُن خاوية يملؤها القلق :

- حاسه أن عاصم فيه حاجة!

تلقى رحيم دمعة كادت ان تفر من عينيها بسبابته وقال في ثقة :

- وان حصل .. اخواته معاه وعيلته كلها متقلقيش!

سطعت عيناها في بريق مطمئن وقالت باسمة :

- معاك حق هخاف ازاي عليه واخواته معاه.

غمز لها رحيم وأنتصب في وقفته واستند بظهره على النافذة وما زال كفيها قابعان بين كفيه في لطف، كانت وعد تتأمله بلمحة حزينة مشوبة بالألم .. فتنبه لها وسئل برفق :

- مالك يا وعد .. ليه الزعل تاني شايفه في عنيكِ؟

هزت وعد رأسها نفيًا:

- مش حزن .. بس أنا مديونالك بشكر!

قطب رحيم حاجباه حيرة وسئل مندهشًا :

- شكر! شكر إيه يا حبيبتي؟

غمغمت وعد وهي تبعد كفها لتضم هي كفيه بكفيها :

- شكر عشان فضلت جنبي ومتخلتش عني ومفكرتش ولا مرة تسبني، عشان ولا عيرتني ولا مرة بعجزي، عشان دايمّا كنت بتعاملني حلو وكأني بنتك بتهتم بيا وبعالجي وبنفسي، وبتخاف عليا وبتحتويني رغم تقسيري معاك.

ثبتت نظراتها في عيناه وهي تقول دامعة :

- بشكرك يا رحيم عشان ولا مرة حسستني اني وحيدة، بتخرجني وبتدخلني المطبخ عشان اطبخ وبتساعدني عشان محسش اني عاجزة بتعاملني كاني وحدة مش مشلولة.

أطرقت برأسها فجأة تداري عن عيناه دمعها، فتأثر من كلماتها وفاضت عيناه ومال بغتة ورفعها بين كفيه لتشهق متفأجئة سرعان ما تبسمت ساكنة، وهو يجلس ويحتويها في احضانة، لاح شبح ابتسامة على شفتيه وهو يقول لها في رفق :

- دا واجبي يا حبيبتي إني اكون احتواء وسند ليكِ في الدنيا، يوم ما خدتك من بيت ابوكِ البيت اللي فيه دفى وأمان وسند من اخواتك و والدك، فيه اخؤات يشاركُكِ همومك وحزنك وفي أم بتخاف عليكِ من الهواء الطاير وتسهر جنبك وقت تعبك، يوم ما خدتك خدت امانة تشاركني حياتي واكمل بيها نص ديني فـ كان لازم أكون قد الأمانة وأكون ليكِ كل دول وأكتر.. أنتِ امانة وسكن في قلبي زي ما انتِ سكن ليا.

ترقرقت الدموع في مقلتاها وقد وقرت كلماته في قلبها الحارق فـ أثلجته...


🌾 لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين 🌾


وقف أراس صائحًا هائجًا أمام آجار الملفوف ذراعة في شاش من أثر رُصاصة أراس التي أصابتهُ في ذراعه حين كاد يطلق على حمزة :

- يا معتوه ما الذي كدت تفعله، كنت ستقتل الشاب يا بُني، أتدري من يكون هذا؟

دفعه آجار في حِدة من صدره بذراعه السليم هاتفًا في غضب جم :

- لا اعلم من يكون حتى تتطلق النار على صديقك من يكون اخبرني، هيا؟

أزاح أراس ذراعه في غضب وغمغم :

- إنه قريب الطبيبة خديجة يا معتوه! خديجة التي أنقذت حياتك.. وتدين لها.

سكن الأثنان برهة، رمش خلالها (آجار) عدت مرات مزهولًا لا يصدق ما تفوه به رفيقه، فـ حدق فيه مصدومًا وهو يهمس في توتر:

- حقًا؟

اكتفى ( أراس) بإشارة من عينيه، فصاح ( آجار) مبهوتًا :

- يا إلهي.

ثُم وجه بصره إلى وجه ( أراس) وتابع :

- طلب مني السفاح قتلة حين طلب مقابلتي و.......

قاطعه ( أراس) متسائلًا برفع حاجب :

- من الذي قابلك يا هذا؟! التمساح كيف؟

هز ( آجار) كتفه وردد :

- كيف ماذا يا أخي؟ اقول لك طلب مقابلتي وتقابلنا وطلب مني قتل حمزة وقتل كري......

بتر باقي عبارته حين صدحت قهقهات (أراس) بغته، فسئله قاطب الحاجبين مضيقًا عيناه :

- ما المضحك في هذا، لماذا تصر على إثارة جنوني؟

رنا إليه (أراس) ممسكًا بمنكبيه غارسًا عيناه في عينية، وقال في حدة وحزم :

- السفاح لا يظهر يا بُني لأيًا كان وخاصةً اعداءه يرسل رجاله فقط، أي ان الذي قابلته إحدى رجاله، السفاح يخطط لشيء ما، أظن أنه يخطف كريم فقط ليستدرج حمزة وأروى لسبب مجهول وليس من أجل تصميم وما شابه هذا الرجل يود ان يوقعنا في بعض واعتقد ان ثمة من وراءه.

حل منكبيه وعقد ذراعه وهو يضيف :

- عليك الآن أن ترد الدين للطبيية خديجة وتحافظ على سلامة حمزة وأروى.

كان ما زال يحدق فيه مزهولًا لوقت قصير بعد ان أنهى ما بجعبته، فـ اطبق جفنيه قليلًا يستعب ما أستتبع عليه توًا جملة واحدة، ثم قال :

- يا إلهي هذا السفاح داهية!

أفتر شفاه عن بسمة ماكرة متلاعبة وهو يتابع في أستمتاع :

- إذن لنواجه السفاح ليعود حمزة والفتاة بخير ونرد دين خديجة.

ساد الصمت بينهما لوهلة قبل ان يهمس ( اراس) لنفسه في تمنى :

- واتمنى ان تنجح هنا فيما كلفتها فيه.

_ لازمت أروى حمزة الذي بدأ يفيق تدريجيًا، وانتفض فورًا جالسًا حتى رآها تقبل نحوه في تلهف وخوف،فـ اطمئن قلبه انها بخير، سئل عما حدث، فقصت له ما جرى وعن تغيرهم المفأجأ معهما، فدُهش، وفكر قليلًا يجوب الغرفة بعيناه بحثًا عن مخرج حتى تبسم بظفر وعيناه معلقة على النافذة، نظر من خلالها للأسفل فوجد المسافة قريبة عن الأرض، فران لها قائلًا :

- أسمعي هننزل من الشباك تمام؟... هتنزلي الأول وانا وراكِ.

إتسعت عينيها وتجلى فيهما الأرتياب والأستنكار وهي تردد في خوف :

- لا لا أفتراض موت!

لوى شفتاه ساخرًا، وقال وهو يجز على أسنانه :

- اروى موت إيه؟ هتنزلي.

ألقت نظرة للأسفل فحثها على النزول ساعدها حتى باتت جالسة على حافة النافذة ساقاها متدلية للأسفل .. فقالت وهي تنظر له في ترجي :

- حمزة انزل انت الأول انا لا؟

مسح وجهه بكفه وهو يقول من بين اسنانه :

- يا اروى يا بنتي مفيش وقت اخلصي.

وفي لمح البصر كان يقفز في رشاقة جاذبًا إياها معه دون حتى ان تدرك ما فعله، وهوى بجسديهما على الأرض وكفه كان سريعًا للقبض على فمها حتى لا تصيح، لم يمهلها ان تستوعب ما حدث فما شال كفه حتى جذبها من ذراعها مهرولًا بها للخارج ذاك المنزل مستترًا في ظلام الليل.

فما إن باتا في مكان أمِن بعيد عن المنزل نسبيًا، راحت تدور حول نفسها صائحة بنبرة على وشك البكاء مضحكة :

- مجنون، مجنون رماني من فوق انا موت انا ميتة يا لهووووي اتكسرت مش عارفه ايه اللي حصل لي يا مرارك يا اروى يا حزينة يا فقرية.

لم يستطع كتم بسمة تلألأت على شفتية وهو يقول في خفوت :

- ممتيش لسه عايشة.

رمقته بنظرة نارية فقال في هدوء :

- انتِ متأكدة إنك دخلتِ شرطة ودربتي كويسة!

تخصرت وهي تجيبه في حدة :

- ليه ياخويا مشبهش ولا مشبهش!

ثم باغتتة في لكمة تفاداها في بساطة وهو يقول ضاحكًا :

-بس بس انا متاكد إنك في الشرطة خلاص.

رفعت رأسها في كبرياء وقالت :

- ايون كدا، هنروح فين؟

حاد ببصره نحو سيارته التي تركها مذ مجيئة وما زالت في موضعهة، واشار لها لتتبعه، وبعد أن استقرا بداخلها وانطلق قالت اروى :

- يا تري هو الشاب اللي جيه في الآخر انقذك ليه؟

أسترق نظرة سريعة عليها من المرآة ولم يجبها فضمت ذراعيها وسرحت مفكرة.

في صباح اليوم التالي كانا يتحركان لمكان لا تدرك كنهه ولكنها آثرت الصمت ولم تتفوه بحرف.. ركن السيارة فجأة عن بُعد لمنزل مهيب، وقال ملتفًا نحوها :

- أروى خليكِ هنا ومتخرجيش تمام؟

أومأت دون ان تنبس فترجل من السيارة وسار تجاه البيت ودار حوله ثُم ظهر فجأة امام الباب برفقة شاب طرق على الباب، بينما توارى ( حمزة) خلف الجدار، فُتح الباب وتحادث الشابان وبغتة برز حمزة من مكمنة ودفع الشاب المرافق له على الذي فتح الباب فـ أنطرحا الأثنان ارضًا فدفعهم بقدمه وهو يشهر سلاحه واغلق الباب خلفه، وَجَدَ اربع شباب أُخرى ما ان ابصروه بادروا برفع ايديهم فوق رؤسهم ثُم صاح حمزة فجأة، موجهًا حديثه للشاب والذي كان ذاته مدير الفندق :

- أين كريم يا هذا؟

أطرق المدير في صمت يأبى ان يبوح، فـ باغته حمزة بحركة سريعة إذ لف ذراعه حول عنقة ولصق فوهة المسدس في جبهته، وهدر في إنفعال :

- ستخبروني بكل شيء!

صرخ المدير صائحًا بهلع وهو يغمغم في تلعثم :

- ليس لنا ذنب في كل ما جرى يا هذا، لقد أُمرنا بفعل كل شيء بامر من السفاح، ام هذا كريم فهو بخير.

كز (حمزة) اسنانة وهو يسئله :

- من هو السفاح يا هذا؟ واين يُخفي كريم؟

أضطراب المدير قليلًا ورمى الشاب الذي باح بمكانة بنظرة حاقدة متوعدة وقال متلعثمًا :

- لا احد يرى السفاح ولا يعرفه هو لا يظهر لاحد ابدًا يجد طريقه دائماً ويراسلك.

طافت بسمة ساخرة على وجه ( حمزة) وهو يزجره في عنف :

- اين كريم؟

صمت ( المدير) تمامًا فشد (حمزة) ذراعه على عنقه اكثر فـ تمتم مخنوقًا :

-إنه في ...... على يخت خاص بالسفاح يُسمى......

أفلته حمزة واطرحه فوق الرجل وفر هاربًا فصاح المدير ان يتبعوه، كانت اروى تنتظره بالسيارة وهي تستعد للأنطلاق فما صعد حتى داست بنزين وانطلقت في سرعة.

كان حمزة يوجهها للطريق لمبتغاه، وقص لها بإيجاز ما سيفعلوه، أسئجار يخت وراح يشق طريقه في البحر وبالتحديد إلى حيثُ يخت السفاح، أوقف يخته عن مقربة من الآخر وراح يتطلع خلاله ويفحصه في دقة سريعة، إلتفت إلى أروى وامرها :

- هتفضلي هنا لحد ما اديكِ إشارة تقربي تمام.

- تمام، بس ... بس خلي بالك من نفسك.

اومأ في هدوء وهو يثبت انبوب الأكسجين على ظهره، وانهى سريعًا ارتداء ملابس الغطس، وقفز في رشاقة سابحًا نحو اليخت، حام حوله أكثر من مرة يكتشف ثغرات ويسد ثقوبه ويضع الخطة، تسلقه وبات بداخله فـ اسرع بالأختبأ من الحراس وهو ينحني مر شاب فأنتظر حتى اهداه ظهره وانقض عليه كاتمًا فمه وضغط على إحدى عروقه ليفقد الوعي مباشرةً وما هم بجذبه ليواريه وإذ بأخر يصيح لريفاقه بوجوده، ففي غمضة عين كان يخترق المسافة ويلكمة بقسوة عدت لكمات دون هوادة، لكمات متفرقة متتابعة طرحته ارضًا، تجمع الحراس حوله وشله حركته فـطفق يزوم في سورة من الغضب، كاد يحاول الإفلات منهم بشتى الطرق، لكن الكثرة تغلب الشجاعة، وهو كان كـ اسد جامح صعب رضوخة، ران الصمت كأنه رداء ألقى بعباءته فوقهم حين ارتفع صوت خطوات مهيبة مصحوبًة بصوب مهيب رهيب :

- أخيرًا جئت يا سيد حمزة، كُنا في أنتظارك يا رجل، طالت غيبتك وطال انتظارنا حتى مللنا.

بإشار بسيطة من أصبعه ترك الرجال حمزة الذي اعتدل فورًا مواجهًا ذاك الرجل الغمض ذا الحلة البنية ونظرات حادة تخلع القلب ولكن فيه فخامة تعبر عن زوق راقي، وقف كالطود واضعًا احدى كفيه في جيبه، ونظراته تتمعن في وجه حمزة وكذلك حمزة يفترسه بنظراته.

- أين كريم يا هذا؟

اومأ السفاح برأسه وطرقع بأصابعه وخرج رجلان يجذبان كريم الموثوق الذراعين اسفل ظهره، و وجهه امتلأ بالجروح، صر ( حمزة) على أسنانه غاضبًا ما ان رَ صديقه الواهن الذي لا يكاد يبصره من عيناه التي تحيطها الزرقان، هم أن يهرول إليه لكن السفاح خطى خطوة واحدة و وقف قبالته وقال :

- اين يا حبيب؟.. لم نتفق بعد!

- إتفاق ماذا؟

- إتفاق بسيط للغاية يا رجل، سيرحل صديقك على أن تُأسر أنت.

تبسم (حمزة) في عبث وخبث، وقال :

- ليكن هذا إذن، لكن ساطمئن اولًا على ذهابه؟

في برود قال السفاح :

- ليكن هذا يا بُني صديقك والفتاة لهم الأمان حتى يصلا لارض مصر ويأتي رفيقك الآخر.

توقع حمزة بانه أحدى أبناء اعمامه فهجم عليه، وكاد الحراس أن ينالوا منه لولا إشارة السفاح لهم بكفه، ثم نزع في برود كفي حمزة ودفعه برفق، وقال :

- كل شيء سيصير كما أريد يا حمزة حتى لا تخسر الجميع هُنا.

لم يجبه حمزة وإنما أقترب من سياج اليخت وأخرج شيئا ما من جيبه واطلقه في السماء ليصدر نور وكان يخت أروى يقترب، صعد عليه كريم بمساعدة اروى، وحين لم يقفز ( حمزة) وجهت إليه سؤالها قائله بخفوت :

- حمزة، يلا أنت...

قاطعها حمزة قائلًا في حسم :

- إمشي!

- لكن؟

- هذا امر إيها الملازم.

فاضت عيناها بالدموع وهي تهمس :

- خلي بالك من نفسك يا حمزة!

اوما حمزة قائلًا في ثقة :

- متقلقيش هرجع.

اهدته بسمة واثقة قبل ان يشير لها لترحل فأنصرفت مسرعة حتى تداوي كريم ايضًا الذي فقد وعيه.

بينما استدار ( حمزة)، ليقول السفاح :

-احسنت صنعًا يا حمزة.. والآن لنتصافح يا صاح. فـ ماهر بإنتظارك..

مد كفه لـ حمزة فمد حمزة كفه وما كادت تستكان في كفه حتى سحبه حمزة لاففًا ذراعه حول عنقه يعصره عصرًا، اما الآخر لم يقاوم الا بصورة بسيطة بدت لـ حمزة إنه مستسلم، بلا ربما اراد ذلك.

هجم الحراس على حمزة الذي أخذ من السفاح ركنًا فتحمل عليه ورفع قدمه ليركل أحدهما في وجهه تلاها الآخر، وبحركة سريعة ادار السفاح ليقبض على عنقة فتوقف الرجال فورًا في عجز وعلت قهقات حمزة المخيفة قبل ان يتحدث قي غضب :

- من انت يا هذا .. ولماذا تفعل ذلك؟

لم يجبه السفاح فكرر سؤاله مرارًا حتى فاض به فأبرحه ضربًا بقبضته فجأة هجم عليه الرجل من الخلف وانهالوا عليه، وعلى حين غفلة كانوا يتساقطوا حوله واحدًا تلو الآخر فرفع رأسه لم يجد حوله أحد حتى السفاح اختفى وكان ذورق يحوم حوله ويقترب حتى قفز آجار وهو يقول :

- مفاجأة .. لماذا هربت يا هذا؟

- لماذا ساعدتني؟

كاد ان يجبه آجار لكن حمزة لم يمهله وهوى فجأة برأسه بحديدة تناولها في طرفة عين، فـ أمسك آجار رأسه وداهمة الدوار كـ الأعصار فسقط على ركبته منحني، غمغم حمزة غاضبًا:

- كنت سأغفر لولا أنك أقتربت من شيء لا يخصك.

كان يقصد اروى لا غير، هجم عليه ممسكًا بحفنة من خصلاته ورفع وجهه إليه صارخًا :

- لا تحلم مجددًا بلمس احدى اقاربي يا هذا.

شق ثغر آجار بسمة شاحبة وهو يردد في وهن :

- فلتبقَ كما أنت يا حمزة.. لقد وفيت بديني وهذا ما يهم وانت بخير يا فتى.

قالها في ثقل واغمض عيناه وسكن تمامًا.......


🌹 اللهم إنك عفو كريم تحب العفو فـ أعفو عني 🌹


خطوات رقيقة حادة راحت تقترب منه، فأطرق السمع لولا الظلام لكن ادرك فورًا من الآتي مختلسًا... أحس بكفين ناعمتان تفك قيده في رفق وعجل في آن واحد، فما ان حلت ذراعه حتى بدأ يفركما في ألم من أثر القيد... وانحنت الفتاة أمامه تفك ساقاه قبل ان ترتفع فـ امعن النظر إلى وجهها المُلثم فحصها بنظره سريعة، كانت غامضة بشيء محير .. وسئلها وهو يمط ذرعاه :

- أنتِ مين؟

لم تجبه فظن إنها خرسه، اشارت لها بكفها لتتبعه وسار خلفها في الظلام الدامس حتى انحنت اسفل الجدار وإذ به تظهر فتحه يتتخللها الضوء، قفزت في مهارة فتبعها ثم قفزت مجددًا مستندة بقدميها واخفت الفتحة تحت دهشته ..

وقفت امامه تنفض كفيها، فسألها مجددًا قائلًا :

- أنتِ مين، وليه ساعدتيني!

هزت الفتاة كتفيها وقالت :

- ليس مهم أن تعرف يا هالد.

رفع حاجبه مندهشًا وقد فغر فاه من فرط زهوله حين ركضت وكأن وحشًا مخيف يهرول خلفها كاد يلحق بها، لكنه وقف ساكنًا لوهلة يفكر في امرها، ونظر حوله وخرج كما خرجت واوقف سيارة ليعود لمنزله...

تعافى عاصم تمامًا اما معاذ فـ كان ما زال يلزم الفراش بسبب قدمه، وعاد حمزة وأروى .. وقصوا ما حدث للمار التي باتت شاردة مترقية تامن على الجميع قبل خروجه، تحولت تمامًا وغدا خوف الفقد يقبع بين ثناياها، اسم ماهر لا يخيفها الذي يخيفها انها لا تدري من يكون؟!


🥀 اللهم ارزقني حسن الخاتمة 🥀


خرج آجار من المنزل في هيبة متوجهًا إلى السيارة، لكن أراس ناداه من خلفه يستوقفه :

- آجار.

أستدار آجار وهو يزيل عويناته فتقدم اراس مغمغمًا :

- أين تخرج والصحافة تحوم حولنا منذُ أن ألقاك حمزة امام احدى المستشفيات.

نفخ ( آجار) في حنق مرددًا :

- انا لا اخشى صحافة أو غيره يا أخي وسأخرج.

انهى جملته واستدار مغادرًا قبل ان يتحدث اراس مرة أخرى، الذي رمقه في حنق أشد وهز رأسه في قيلة حيلة وعاد للداخل.

قاد آجار سيارته قاطعًا البوابة التي اغلقت خلفه وكاد ان ينحرف يمينًا حتى داس على المكابح وقد اتسعت عيناه حتى كادت تخرج من محجريهما، لقد توقفت دراجة نارية امام سيارته جعلت دقات قلبه تتوثب وفار جنونه فخرج صافقًا الباب وراءه في عنف هادرًا :

- امجنون انت يا هذا ختى تخرج أمامي بتلك الطريقة! ان كنت....

لم يتمتم عبارته إذ بصاحبة الدراجة أزالة الخوذة ونفضت رأسها ليتطاير شعرها فجأة ونظرت له بنظرة مرحة مغمغمة :

- اتعبتني يا سيد آجار ليّ وقت ابحث عنك من أجل الحوار.

قطب جبينه وهو يتساءل :

-حوار ماذا يا بنت؟

أسندت وجهها إلى كفها وهي تجيبه :

- حوار صحفي يا سيد ما بك.

رمقها في مقت وهو يشير لها في غضب :

- لا تثيري اعصابي واغربي عن وجهي.

ترجلت عن دراجتها واقفة امامه وهي تحرك الخوذة بين كفيها قائلة في تصميم :

- لقد تعبت حتى وجدتك ولن ارحل قبل ان أأخذ الحوار معك.

صك اسنانه وكظم غيظه وأستدار ليركب سيارته فوقفت امام السيارة تسد طريقه عاقدةً الذراعين، فقطب حاجبيه قبل ان يقود في سرعة لتبتعد فورًا في عنف سقطت ارضًا على ظهرها، واعتدلت سريعًا تتلفت حولها وهي تمسك ظهرها مغمغمة :

- معتوه أحمق، ولكني ساعمل القاء معك طالما اتيت لن ارحل بدونه.

وثبت سريعًا وصعدت دراجتها وادرتها لتحلق بها وما ان ادركته حتى اخذت تصيح بأسمه حتى فتح النافذة فبادرت صائحة :

- يـــــــــا سيد آجار انا عنيدة للغاية ولن ارحل قبل المقابلة ضع هذا في ذهنك ساتبعك حتى توافق فـ احسن لك ان تنفذ.

اغلق النافذة مجددًا في برود وركز بصره للطريق امامه.. كان يسمع صياحها لكنه لم يعبئ به ألبتّا.

راقه تتبعها له والحاحها على ما تريد، فانطلق دون وجهه ولوقت طويل وهي على حالها لم تيأس ولم تعود ادراجها قط.

كان يتبسم على صوتها الغاضب وهي تصيح فيه.

وعلى غرة تنبه لسيارة تلحق به فقطب حاجباه وخشى ان يصيبها مكروه بسببه، ففتح النافذة وصاح فيها :

- يا امراة أنطلقي بسرعة من هذا المكان .. هيا.

ضحكت ساخرة وهي تختلس النظرات إليه وتعيدها للطريق وتقول :

- انا لم اقطع كل هذا الطريق خلفك حتى في الآخر تخبرني ان ارحل.

جز على أسنانة هادرًا فيها :

- سافعل معكِ اللقاء يا بنت ارحلي حالًا.

قالها وهو يرمق السيارات بطرف خفي، لكنها نفت في عند وقالت في إصرار :

- إنسى لن اغادر قبل الم......

لم تكمل جملتها وإذ بطلقة نار مرت من جوارها لتصرخ، وصاح هو فيها :

- أسرعي هيا.....

كان قد اخرج مسدسه وهو يطلق من النافذة عليهم في حين سبقته هيا للأمام كان يحاول حمايتها .. لكنها ايضًا ابت الفرار وتركه فبعدما ظن أن عرض أقل

google-playkhamsatmostaqltradent