Ads by Google X

رواية انت سندي الفصل الخامس عشر 15 - بقلم ايمان سلامة

الصفحة الرئيسية

  رواية انت سندي كاملة بقلم ايمان سلامة عبر مدونة دليل الروايات 


 رواية انت سندي الفصل الخامس عشر 15

دخل صالح حجرة المكتب متوكأً علي عصاه في تؤدة  وهدوء ظاهري لا ينم عن ما يعتريه من قلق وتحفز دخل خالد وهشام وشمس وراءه المكتب 

صالح: تعالوا اقعدوا هنا قدامي 

لم يسبق لشمس أن دخلت حجرة المكتب حجرة واسعة يتوسطها مكتب شيك مصنوع من خشب الابانوسي ومطعم بالنقوش الذهبية يوجد صالون جلدي ومكتبة هائلة عامرة بكتب في كافة المجالات وان كان اغلبها كتب قانون .. يبدو ان خالد يعمل خلال تواجده بالمنزل هنا في مكتب والده 

جلس صالح علي احد مقاعد الصالون الجلدي ممسكا عصاه بكلتا يديه   واضعا ذقنه علي يديه في هدوء  وجلس الثلاثي حوله

صالح: كنت هتضرب اخوك يا خالد؟

خالد: انا اسف يا بابا حضرتك عارف اني عمري ما افكر امدي ايدي علي اي حد وخصوصا هشام بس اصله قال كلام … سكت خالد وخفض رأسه في اسف

صالح: وانت يا هشام بتطرد بنت عمك من بيتي وكأن البيت ده مالوش صاحب.. ولا اكمني مبقتش زي الاول خلاص اعتبرتني مش موجود 

هشام: بعد الشر علي حضرتك يا بابا ..ما عاش ولا كان اللي يفكر في حضرتك كدة ..حضرتك صاحب  البيت ده وكبيره  وهتفضل كدة طول حياتنا

صالح مكملا حديثه وكأنه لم يسمع جملة هشام: وانتي  يا بنت اخويا كنتي حتمشي من البيت كدة منغير ماتقوليلي ولا حتي تعبري عمك الراجل اللي اكبر من ابوكي طب ياستي كنتي استني سلمي عليا قالها بسخرية وهو ناظر امامه دون النظر في وجه احد منهم

خالد : بابا شمس ملهاش ذنب ..نظر لها بحزن هي صحيح غلطانة انها كانت هتمشي بس ا…

قاطعه صالح  وهو يزأر غاضبا : كلكم غلطانين انت غلط لما سبت نفسك لغضبك و كنت هتمد ايدك علي اخوك لولا ان ربنا بعتني في الوقت ده مش عارف ايه اللي ممكن كان يبقي حاصل دلوقتي ..وانتي غلطي لما استصغرتي عمك وقررتي تاخدي بعضك وتمشي وكأنك كنتي بايته في فندق ولا بايتة عند ناس ميهمهمش امرك هيصحوا الصبح يلاقوكي مشيتي هيكملوا حياتهم عادي كانهم لا شافوكي ولا عرفوكي ولا كانك جيتي ..اما انت يا هشام .. اشار صالح لابنه الاصغر بغضب عارم انا كأني باصص لواحد معرفوش مش ابني اللي انا كبرته وربيته

ابني اللي شوفته راجل وحملته أمانه وقبل عليا وعلي نفسه انه يرجع يعاملني زي المغفل ويفهمني انه مقدرش يوصل لحاجة ..طب ولما عرفت وكنت بتسافر بعدها برضه عشان تجبلي اي اخبار عنهم كنت بتعمل ايه بتسافر تتفسح مع صحابك وتيجي تستغفلني 

صعق هشام  عندما ايقن ان والده سمع كل ما دار بينهم وتجمعت الدموع في عينيه لم يخطر بباله ابدا ان يغضب والده لهذا الحد بل انه لا يوجد لديه في الدنيا احب من والده وعمته واخوه هم كل ما لديه من الدنيا بعد موت امه ولا يريد فقدانهم

قام هشام من مجلسه ليسقط علي الأرض امام ابيه مترجيا اياه: يا بابا انا مفكرتش كدة ابدا ولا حتي فكرت  بيني وبين نفسي ان ابص لحضرتك البصة دي بالعكس انا كان كل هدفي احميك وابعد حضرتك عن اي مشاكل او انفعال لاني خفت عليك وعلي صحتك

صالح ساخطا: ليه شايفني رجعت عيل صغير ومستني انك تحميني ولا ما عشان تعبت شوية خلاص رجعت عيل صغير في نظرك وقررت تاخد القرار بدالي ماتحجر عليا احسن

انتشل هشام يد والده من موضعها علي العصا ليقبلها وهو يبكي : ابوس ايدك يا بابا انا مقدرش اسمع منك الكلام ده الله يخليك حضرتك عارف انك كل الدنيا عندي وانا والله ما فكرت كدة ابدا

صالح وهو مازال يزأر بغضب : مدام شايفني كبير اوي كدة يبقي كان لازم تيجي تقولي وتعرفني اللي عرفته وانا اللي اقرر واختار مش كدة برضه يا باشمهندس ولا انت خفت حد ييجي يقاسمكم في الميراث ؟

انتفض هشام صائحا: لا يا بابا والله لا ..انا مبفكرش  كدة ابدا وحضرتك عارفني كويس اوي حضرتك صاحب المال وصاحب كل حاجة انا ماليش اني اسأل حضرتك فيه

صالح: امال ايه اللي خلاك حتي متشورش اخوك الكبير وتاخد رأيه ايه اللي خلاك تكتم ع الموضوع وانت عارف اني بتنشأ علي خبر عنهم 

هشام : لاني خفت عليه والله يا بابا عشان عارف خالد شهم مش ممكن هيعرف ويقف ..كان هيحاول يدخلهم حياتنا وكان هيورط نفسه معاهم 

صالح: يبقي انت فعلا زي ما اخوك قال كنت خايف علي اسمك وسمعتك مش خايف عليا 

طأطأ هشام برأسه باكيا ولم ينطق بحرف

كانت شمس تراقب الحديث ببكاء صامت لقد هالها غضب عمها هذا الرجل الطيب الهاديء اصبح في لحظة كالاعصار . لم تفكر لحظة عندما قررت الذهاب في كل ماذكره عمها وكيف لها ان تدرك كيف يفكر الكبار ومن اين ستعرف الاصول لم تفكر سوا في ان تبتعد بلهيبها عن هذا البيت الجميل . تحدثت اخيرا بعد ان استجمعت شجاعتها : حتي لو هشام فكر كدة يا عمي فده من حقه  ده مهندس متفوق زي ماحضرتك قولت ليه مستقبل وخايف عليه ومن حقه يخاف علي صحة حضرتك وعلي اسمك وسمعتك اللي بنتهم في سنين وعلي سمعة اخوه المحامي اللي الناس بتلجأله في مشاكلها وبيثقوا فيه مكنش ينفع يحط اسمنا جمب اسمكم في اي جملة مفيدة  فيه حاجات كتير حضرتك متعرفهاش 

نظر هشام لها بدهشة لم يتوقع ان تدافع عنه هي بالذات

صالح ساخرا : وايه هي الحاجات اللي انا معرفهاش يا بنت اخويا ؟ مش كان واجب عليكي تيجي وتعرفيهالي بدل ماتاخدي بعضك وتمشي ؟

شمس وهي منهارة في البكاء : كان نفسي .. كان نفسي اوي اجي واترمي في حضنك وافضل اعيط واحكي ..احكي كل حاجة وجعتني من يوم ما وعيت ع الدنيا كان نفسي ارمي حمولي عليك وانا واثقة وعارفة ان حضرتك هتقدر تسندني بس خفت ..خفت  علي قلبك الجميل مايتحملش اللي هتعرفه لما عرفت من عمتي ان حضرتك جتلك ازمة من فترة بسيطة مقدرتش ياعمي والله حضرتك مش عارف انا حسيت بايه اما اترميت في حضنك .. ارجوك يا عمي متظلمنيش ..انا مفكرتش في اي حاجة وانا بمشي غير اني ابعد بمشاكلي عنكم وكل اللي حضرتك قولته ميجيش في بالي لاني ببساطة كبرت لوحدي .. محدش علمني 

اقترب يونس منها بعد ان توقف بصعوبة وهو دامع العينين ووقف امامها بصمود ترك عصاه لتسقط ارضا فاجفلوا جميعا ونظروا له بخوف ان يسقط

وضع صالح سبابته علي قلبه مخاطبا شمس : القلب ده زي الصخر .. انتي متعرفيش شاف واتحمل ايه؟.. ولا يقدر يتحمل ايه؟.. عمك مش ضعيف يا شمس ويقدر يشيل حمولك وحمولكم كلكم انا لسة ما متش ..صالح الزهيري لسة بصحته ويقدر يحمي ولاده لاخر نفس في عمره وضع صالح  يده علي كتف شمس يدفعها برفق  للاسفل لتجلس هامسا :جايز اكون اتأخرت اني اسمعك لكن لسة مفاتش الاوان.. احكي كل اللي في قلبك يا بنتي ارمي حمولك علي كتف عمك العجوز ده وهتشوفي هو يقدر يعمل ايه

انهارت شمس بكاءا وهي تفرك يديها بقوة لا تعلم من اين تبدأ ونظرت لهشام باسف فهي تعلم انه لا يريد ذلك ولكنها لا تستطيع الكتمان اكثر من ذلك لقد اصابها عمها بالسلاح الاكثر فتكا بها: العطف والاحتواء 

ظلت شمس تحكي وتبكي وكأنها تتطهر من كل شيء: اول حاجة كان المفروض حضرتك تعرفها من امبارح اني جاية هربانة .. هربت من بيتنا لما بابا جوزني بدون علمي ولما روحت المحكمة عشان اشوف حل قابلت هناك خالد واتعرفنا وجابني معاه .. يمكن ده القدر والنصيب كان ممكن اروح القسم اعمل محضر أو اهرب ومفكرش اعمل اي حاجة لكن كأن ربنا بعتني المحكمة عشان الاقيه ويوصلني ليكم 

انهار صالح جالسا مع اول كلماتها فبرغم قوته لم يتخيل ان يفعل يونس اخوه ذلك  سألها بجزع وامك سابته يعمل كدة ؟  اماني مش ممكن تقبل بحاجة زي كدة سألها صالح لتجيب ماما اتوفت وانا عندي ٦ سنين واحد جه بيتنا كان عايز يموت يونس لكن ضربها بداله بالغلط 

اجفلوا جميعا علي صوت صابرين داخل الحجرة لا يعلموا متي دخلت وما الذي سمعته ولكنها صرخت بلوعة يا حبيبتي يا اماني انتي بتقولي ايه يا شمس ؟..بتقولي ايه؟

اجلس خالد عمته واعطاها الماء وحاول تهدئتها نظرت صابرين لشمس باكية انا كان قلبي حاسس ان انتي فيكي حاجة كنتي بتتنفضي في حضني وبتبكي لكن مفكرتش انك تكوني شايلة هموم للدرجة دي 

اشار لها صالح بعينيه لتصمت كي تكمل شمس ما بدأته فقد خاف ان تتراجع عن الكلام خوفا علي عمتها 

ظلت شمس تحكي مامرت به خلال طفولتها كيف  اهتمت بها خديجة وكيف عملت بالتنظيف وكيف كان يونس يعاملها وكيف كانت تحافظ علي نفسها وتكافح من اجل يوم ان تتخرج وتأتي للقاهرة كانت العبرات تسيل من عيني صالح في صمت وهو ينظر لشمس بعينيه الجميلتين والحزن يكسو كل لمحة بوجهه حتي نطقت اخر كلماتها كان خالد منكس الرأس وكأنه هرب من النظر اليها حيث ان قلبه لم يعد يحتمل رؤيةالمزيد من  ألامها  .. هشام كان يبدو مصدوما وملامحه يملؤها الاشفاق فهو كان يتخيل شكل اخر للحكاية وقد اعتقد ان شمس اصبحت جزء من البيئة التي نمت فيها 

صابرين كانت تبكي بشدة بصوت مكتوم وتمسح دموعها 

صالح: اتحملتي كل ده بس عشان تخلصي جامعتك وتيجي 

شمس بثقة  : ايوة يا عمي كل اللي كان يهمني اني اتخرج واشتغل وابعد عن يونس خالص

صالح : وهو فين يونس دلوقتي 

شمس : معرفش عنه حاجة من بعد ما مشيت حس اني هربت.. محسش ..بس الاكيد انه حتي لو حس مش هيدور عليا بس غير عشان هيخاف من مأمون الراجل اللي جوزني ليه لانه راجل خطير جدا ومؤذي

هز صالح رأسه بفهم ثم قام للمكتب احضر ورقة صغيرة وقلم وضعهما امام شمس مربتا علي كتفها بحنان :

اكتبيلي عنوان بيتكم في اسكندرية

وقف خالد وهشام بفزع

خالد : حضرتك ناوي علي ايه يا حاج

صالح: ناوي اروح اشوف اخويا 

هشام: ايوة يا بابا لكن

صالح : ملكش دعوة انت خالص ..ولو عايزني اسامحك وانسي اللي انت عاملته ؟متحاولش تتدخل في الموضوع ده الا اذا كنت ناوي تساعد بنت عمك اللي انت طردتها امبارح منغير متعرف حتي فيه في حياتها ايه؟

نكس هشام رأسه خجلا وهزها بالموافقة

خالد : طيب يا حبيبي ممكن اجي معاك

صالح: لأ محدش هييجي معايا 

خالد : ازاي ده ؟ يا بابا بعد اذنك اعمل اللي حضرتك حابه واحنا معاك بس ع الاقل خلينا نكون مطمنين عليك وبعدين جايز عمي ميقابلش حضرتك زي ما حضرتك فاكر هو ممكن يكون تحت تأثير حاجة اخدها ويعمل حاجة لحضرتك

صالح : ساعتها يبقي ربنا بعتني ليه عشان ياخد حقه مني بعد السنين دي كلها

قال جملته الاخيرة ناظرا لصابرين التي بادلته النظرة دون ان تتدخل بالحوار او محاولة منعه من الذهاب 

اندهش خالد من الجملة الأخيرة وهو يحاول الفهم من والده وشمس تنظر لعمها بفضول

خالد : حق ايه يا بابا اللي لعمي عندك

صالح: يونس عمره ماشرب سيجارة حتي ولا كان ليه في الجو ده ..ده كان راجل بيدير شركة وليه اسمه وسمعته بين الناس ولو كان وصل انه بقي مدمن فأنا السبب 

اندهشوا جميعا وهم ينظرون لصالح في انتظار تفسير 

صالح : انا اللي وصلته للطريق المسدود ده انا اللي سبته لوحده واتخليت عنه وهو ضعيف لحد ماهرب وبعد وساب نفسه للقرف ده .. انا .. انا مش حد تاني انا

نظر صالح لصابرين معللا : احنا غلطنا زمان غلطة كبيرة اوي ولازم دلوقتي ندفع تمنها ونصلحها

google-playkhamsatmostaqltradent