Ads by Google X

رواية ثري العشق و القسوة الفصل السابع و العشرون 27 - بقلم اية العربي

الصفحة الرئيسية

     رواية ثري العشق و القسوة كاملة بقلم اية العربي عبر مدونة دليل الروايات 


رواية ثري العشق و القسوة الفصل السابع و العشرون 27

 
في طريقه هو وماركو إلى منزل الصحراء بعد أن تركها نائمة ، المدة المسموح بها لإنهاء أعماله والعودة إليها هي فترة نومها .
تحدث وعينه على الطريق :
– قم بالاتصال بميشيل الآن .
أومأ ماركو وأخرج هاتفه ليهاتف ميشيل وبالفعل أجاب بعد ثوانٍ قائلاً بجمود وغضب خامد بسببِ فشل خطته للمرة الثانية :
– ماذا هناك ؟
تحدث صقر بثبات وهدوء :
– أظن أنك فهمت ماذا تعني هي لي ، تلك محاولتك الثانية لقتلها ، ويبدو أنني كلما هددتك تماديت لذا انتظرني ، أنا آتٍ إليك .
تحدث بنفس الوتيرة ولكن أقل غضباً بعدما علم بقدومه :
– حسناً سأكون في انتظارك .
أغلق ماركو وتساءل بترقب :
– هل ستذهب إلى إيطاليا ؟
تحدث بثبات وغموض :
– سنذهب معاً ، أو ربما سبقتني أنت أولاً .
أومأ ليكملا طريقهما حتى وصلا بعد وقتٍ .
ترجلا سوياً ودلف حيث كان ينتظرهما عدداً لا بأس به من الرجال وليونيل الذي ما إن وقعت عينيه على صقر حتى أدرك أن نهايته قد حانت .
اقترب منه صقر ثم كشر عن أنيابه قائلاً بفحيح حارق :
– هل ستدخل بنفسك أم أجعلهم يجلبوك كما نتعامل مع الخونة .
كان يقف يشبك كفيه أسفل معدته وينظر أرضاً بصمت ، لا يقوى على النظر له ليقول صقر بجمود :
– أدخلوه .
سحبه رجاله للداخل ثم قاموا بتقييده على أحد المقاعد ليدلف هو وماركو إلى الغرفة .
تحدث صقر لأحدهم متسائلاً بترقب :
– أين الشجاع ؟ .
اتجه أحد رجاله إلى إحدى الغرف يجلب منها عُمر الذي ينتظر لقاء صقر بفارغ الصبر والغضب .
يمشي ببطء وهناك ضمادة تغطي مكان الإصابة وعينيه تنظر تجاه صقر بغضب بينما الآخر يبتسم باستفزاز .
أجلسه رجل صقر على مقعد مجاور لهذا الليونيل لينطق عُمر بجرأة وثبات وغضب عاد يتملكه :
– إنت مين ؟ ،، وعملت في نارة إيه ؟
تحولت نظرة صقر من الاستفزازية إلى الجحيمية وهو يقترب منه ويقبض على خصلات شعره بقوة قائلاً بفحيح مخيف ولهجة مصرية :
– اسمها ميجيش على لسانك مرة تانية لو باقي على حياتك .
نزع عُمر رأسه بعنف من قبضة صقر يطالعه بحدة ولم يؤثر تهديد صقر به حيث تابع بثبات :
– لو آخر يوم في حياتي بردو هحاول اخلصها من واحد مجرم زيك .
نظر له بعمق ، تعجب لثباته وجرأته وعدم خوفه منه ، تساءل بحدة وسخرية :
– وأنت مين علشان تخلصها مني ؟
تحدث عمر بثبات برغم تألمه من جرحه :
– أنا أخوها اللي اتعهدت احميها بأي تمن .
ضيق صقر عينيه لثوانٍ يستوعب جملته ثم نظر حوله ليجد المكان معبأً برجاله ، مد يده يسحب عمر من ذراعه ليوقفه ويجره خلفه والأخر يحاول نزع ذراعه ولكنه لم ينجح حيث دلفا غرفةً خاليةً جانبيةً وأغلق صقر بابها ينظر له بجمود قائلاً :
– احكيلي إزاي أخوها ؟ .
لم يجبه عمر ، لا يجب أن يبوح بسرها ، واستشف صقر ذلك ليقول له بوضوح :
– انا عارف إن ناردين مش بنت الدقاق .
تفاجأ عمر من معرفته ليتابع صقر بتربص :
– أنت مين بقى ؟
زفر عمر مطولاً ، حسناً لقد انكشف الأمر إذاً لذا تحدث بثبات :
– أنا أخوها من الدار ، وأنا اللي اتعهدت إني احميها من وقت ما كانت لسة طفلة عندها 9 شهور ، بس هي سافرت مع أهلها وانا صغير ومعرفتش اعمل حاجة ، رجعت تاني مصر ورجع عهدي بحمايتها تاني ، بس لمّا أنت دخلت حياتها وخدعتنا إنك بتحبها اطمنت وقولت إنت تقدر تحميها ، لكن دلوقتي أنا هحميها منك على أد ما أقدر ، ولو أنت راجل بجد متتحماش ورا سلاحك وواجهني بنفسك .
شرد صقر في حديثه ، إذاً هذا قضى معها طفولتها ، هذا عاهدها منذ الصغر ، إنه محظوظٌ إذاً ، ولكنه ابتسم ساخراً على ثقته العالية بنفسه ، أعجبه ثباته برغم ضعف موقفه ولكن حقاً أيظن أنه قادراً على حمايتها منه ؟ ،، نظر له مطولاً يفكر ويفكر ثم تحدث بغموض :
– اسمع كلامي وركز فيه كويس أوي .
نظر له عمر بغضب ولكن بدأ يتنبه عندما بدأ صقر يتحدث .
بعد وقتٍ خرجا سوياً إلى الصالة ليعود عمر إلى مكانه بينما وقف صقر أمام هذا الخائن ثم أخرج سلاحه من جيبه ولف حوله كاتم الصوت قائلاً وهو يضعه على رأسه ويستعد لإطلاقه :
– والآن أخبرني ، هل أطلق عليك ثم آمرهم بالانقضاض على عائلتك من صغيرها إلى كبيرها ؟ ، أم تنفذ ما آمرك به ؟ .
تفاجأ ليونيل من عرضه ، هو يهدده بعائلته الذي خانه لأجلها ؟ ، ويعلم جيداً أنه قادراً على تنفيذ تهديده ، ليردف دون إهدار المزيد من الوقت في التفكير قائلاً :
– حسناً سيد صقر ، سأنفذ ما تطلبه .
ابتسم يردف بثقة :
– كنت أعلم هذا ، والآن حان وقت زراعة شئ مميز أسفل جلدكما ، كي أضمن عدم خيانتكما لي .
لم يفهم عمر حديثه إلا عندما أشار للجرّاح قائلاً :
– هيا أيها البروفسير ، تعلم ما عليك فعله .
أومأ له وتحرك تجاه ليونيل ليبدأ في قص قميصه حتى ظهر ذراعه كاملاً ثم مسح على منطقة العضلة بقطنة بيضاء مغمورة بمطهر طبي ثم وضعها على الطاولة وتناول مشرطه الطبي ليقوم بعمل شق صغير في طبقات جلد ذراعه تسبب في تسرب الدماء منه وتألم ليونيل ولكنه لا يبالي ليكمل بعد ذلك ويتناول شيئاً ما يشبه شريحة الاتصال ولكنها معقدة أكثر ثم قام بغرسها أسفل طبقات الجلد بحذر وتركيز تحت أنظار صقر ليقوم بعدها بضم طرفي الجلد ولضمهم بخيط سحري رفيع حتى أغلقه ثم وضع عليه لاصقاً طبياً .
نظر صقر إلى ليونيل قائلاً :
– أتعلم ما هذه أم لم تصل لها بعد ؟ ، إذاً دعني أخبرك أن تلك شريحة إلكترونية ذكية والمتحكم الوحيد بها هو أنا ، كل خطواتك وتحركاتك ومكالماتك سأعلمها ، حتى وإن فكرت في نزعها سأعلم ، حتى أفكارك سأعلمها ، لذا فأنت مأمور بما سأخبرك به .
نظر ليونيل إلى صقر قليلاً ثم أومأ له بثبات لينظر صقر نحو عُمر ثم يلتفت إلى الجرّاح مجدداً قائلاً :
– والآن حان دور الثاني .
أومأ وتحرك بطاولته صوْب عمر الذي انتفض معترضاً ولكن هذا بالطبع لن يعيق صقر فيمَ نوى .
خرج بعد وقتٍ هو وماركو ثم أشار لأحد رجاله الذين يقفون في الخارج قائلاً :
– خذ المدعو عُمر وأوصله إلى المكان الذي يريده .
أومأ الرجل وتحرك صقر مع ماركو يستقلان السيارة ، ركباها وانطلقا ثم سأله ماركو قائلاً :
– إلى المنزل ؟
نظر صقر للأمام بثبات وتفكير ثم تحدث بغموض :
– لا ، هناك ما يجب أن نفعله قبل العودة إلى المنزل .
❈-❈-❈
في شقة عفاف .
يجلس سامح ينتظر شقيقته نهى التي أخبرته أنها ستأتي إليه لتصطحبه معها إلى صقر .
تجاوره زينب وابنته ريما اللتان ستذهبان معهما أيضاً .
بينما تجلس عفاف تتحدث مع ريما تتحدث معها الصغيرة عن بعض مهارات الروضة التي تعلمتها .
طُرق باب المنزل فوقف سامح يتجه نحوه يفتحه لتظهر نهى ببشاشة وجهها حيث ابتسمت مردفة وهي تلج إلى الداخل :
– سلام عليكم ، أزيك يا سموحة .
رحبت به واتجهت ترحب بوالدتها ثم زينب ثم دنت تقبل الصغيرة ثم جلست تتحدث بأنفاسٍ لاهثة من أثر صعود الدرج قائلة بنبرة تغلفها السعادة :
– سبت الأولاد مع محمود وجيت ، إحنا أكيد مش هنتأخر صح ؟
تحدث سامح بهدوء ورتابة قائلاً وهو يتحرك يجلس أمامها :
– أيوة يا نهى مافيش تأخير طبعاً بس هو إنتِ كلمتيه الأول ؟
تحدثت وهي تهز رأسها قائلة :
– رنيت عليه كتير يا سامح بس موبايله مقفول ، وحتى ناردين مراته هي كمان موبايلها مقفول ، حتى أنا أستغربت وقلقت عليهم ، بس كلمت مامت ناردين وهي طمنتني ، علشان كدة نروح ونسأل عليه لو لقيناه يبقى خير ، وبصراحة أنا شايفة إن الأحسن تبقى مفاجأة .
زفر بضيق ، كان يريد أن يعلم صقر أولاً خشيةً من رفضه له ووضعه في موقف مخجل ، ولكن نظرت له زينب وتحدثت بهدوء :
– خلاص يا سامح مافيش مشكلة ، بمَ إن نهى مش عارفة توصله فخلينا نروح وتقابله ومهما كان رد فعله تبقى إنت عملت اللي عليك .
أومأ بترقب ثم وقف يردف :
– تمام ، يالا بينا .
❈-❈-❈
في غرفة مايا .
تجلس منشغلة بالتفكير في عُمر الذي اشتاقت له ، حزينة على عدم مبالاته في السؤال عنها ، كلما حاولت خلق الأعذار له وجدت صوت غريمتها الداخلي يعنفها قائلاً لو ود مهاتفتك لفعل مهما كانت الصعاب .
ليعود الحزن يعتلي ملامح وجهها لذا فهي تقوم برسم لوحة عن فتاة ترتدي قناعاً ضاحكاً وهي في الحقيقة تبكي .
رن هاتفها فوقفت تخطو تجاه الكومود لتتناوله وترى اسم المتصل .
جحظت عينيها حينما لمحت اسمه وقد تناست كل ما فكرت به وأسرعت تفتح الخط وتجيب بنبرة مشتاقة وهي تجلس على مقدمة الفراش :
– عُمر ، عامل إيه ؟.
تحدث عُمر بحب وحنو بعد أن أوصله الحارس إلى شقته وصعد ودلفها ثم جلس وتناول هاتفه الذي كان بحوزة رجالِ صقر ثم قرر مهاتفتها وها هو يجيب بحب وجرأة غير مسبوقة بعد أن التهمه الاشتياق :
– وحشتيني يا مايا .
انفرجت أساريرها وتفاجئت من كلمته ثم تحدثت بهيام وسعادة غير مسبوقة :
– وانت كمان يا عُمر وحشتني أوي ، وكنت زعلانة منك أصلاً علشان مكلمتنيش كل ده ، بس خلاص نسيت الزعل ، إنت كويس ؟
زفر مطولاً بشرود يتذكر ما مر به وما أخبره به صقر وما هو قادم ثم تحدث بمراوغة جديدة عليه :
– أنا كويس جداً ، بس حصل حوار كدة مع صاحبي بعد ما أبوه مات وأهل أبوه كانوا عايزين ياخدوا أرضه منه وكان لازم أقف معاه .
تحدثت بحنو ولهفة متسائلة :
– وبعدين ؟ ، حصلك حاجة ؟
تحدث بملامح حزينة نسبةً لكذبه عليها ولكنه مجبر حيث قال :
– يعني جرح بسيط كدة في صدري بس الحمد لله عدت على خير .
شهقت بهلع وتحدث وهي تنتفض قائلة :
– إنت بتقول إيه يا عُمر ؟ ، جرح في صدرك إزاي ، ومين ده الهمجي المتخلف اللي مد إيده عليك .
ابتسم عليها ثم تحدث بحنو قائلاً كي يحوز على إعاجبها :
– متقلقيش أنا بردو ظبطتهم ، المهم دلوقتي أنا نفسي أشوفك .
تحدثت بحب وعيون لامعة قائلة :
– وأنا كمان ، نفسي أشوفك جداً ، هترجع إمتى ؟
أجابها مترقباً :
– أنا جيت شقتي دلوقتي وصاحبي معايا نزل القاهرة يخلص ورق ويومين كدة وهرجع معاه تاني ، هاجي أشوفك واطمن عليكِ وعلى آسيا هانم قبل ما ارجع معاه .
تحدثت معترضة بتملك وخوف قائلة :
– لاء يا عمر مش هترجع هناك تاني ، كفاية اللي حصلك .
تحدث بتروي يخفي السبب الحقيقي قائلاً :
– مش هينفع يا مايا ، يرضيكي اتخلى عن صاحبي في محنته وهو وحيد ؟ ، مش طبعي وانتِ عارفة كدة .
تنفست مطولاً بعمق ثم تحدثت بقلق حياله :
– عارفة ، عارفة إنك شهم وبتحب تساعد الناس كلها ، بس أنا قلقانة عليك .
تحدث مطمئناً بحب :
– متقلقيش كلها كام يوم وأخلص الموضوع ده وارجع علطول ، المهم دلوقتي أنا هقفل معاكي علشان أقوم أغسل وأغير هدومي وأجيلك علطول .
تحدثت بحماس وحب :
– تمام بس أنا هروح أشوف نارو لإنها وحشتني ، هي جت النهاردة ، مش هتأخر هناك ، هرجع علطول .
تنفس بارتياح بعدما علم بعودة نارة سالمة وشرد يفكر في حديث صقر الذي دار بينهما في منزل الصحراء لتناديه مايا وتنتشله من أفكاره قائلة :
– عُمر ؟ ، إنت معايا ؟
تحمحم وتحدث بتروي قائلاً بحذر بعدما تذكر أمر الشريحة :
– تمام يا مايا ، روحي شوفيها وأنا كدة كدة ورايا مشوار كنت ناسيه هخلصه وجاي ، علشان كمان كيتي وحشتني .
تحدثت مايا بنبرة هائمة :
– كيتي تحت في الجنينة بتلعب ، خلاص أنا هروح ولما تيجي رنّلي ، يالا سلام .
❈-❈-❈
حل المساء في ڤيلا صقر
حيث اتجهت آسيا لترى ابنتها بعدما علمت بقدومها ، تجلس معها بعدما استيقظت نارة منذ قليل ولم تجده .
تنظر لها بقلق ، فابنتها شاردة ووجهها شاحباً برغم أنها تحاول إخفاء ذلك ،، تساءلت آسيا بقلق :
– مالك يا نارو ، عرفيني بس إيه اللي حصل ؟ ،، هتخبي عن ماما ؟ ، إنتِ وصقر اتخانقتوا ليه ؟ ، وإيه اللى يوصلك إنك تسيبي البيت وتمشي ؟
تنفست نارة بعمق ثم تحدثت بهدوء وملامح باهتة وهي تجاهد كي لا تظهر المزيد من حزنها :
– أبداً يا ماما ، صدقيني الموضوع مش مهم ، المهم إن أنا وصقر حلينا الأمور بينا والدنيا بقت تمام .
زفرت آسيا توميء ، إذا هي لا تريد التحدث واحترمت هي ذلك مردفة :
– تمام يا حبيبتي ، بس اعرفي أني دايماً معاكى وعمري ما هتخلى عنك أبداً ، ولو في يوم حصل وزعلتي مع صقر تيجي عليا علطول وأوعي تروحي مكان تاني ، متتخيليش أنا كنت هموت من القلق إزاي وأنا معرفش عنك حاجة .
اتجهت نارة تعانقها بقوة ، ظلت في عناقها تستمد منه الطاقة وآسيا تبادلها وتربت على ظهرها بحب وحنو ، لتلتمع عينيها تأثراً وهي تقول :
– ربنا يخليكي ليا يا ماما ، وأنا أسفة أني قلقتك عليا ، بس كان من الأفضل إني أبعد لإن صقر مكنش هيسبني عندكوا .
ابتعدت آسيا عنها ثم تمسكت بكفيها تبتسم وتردف بحنو :
– لأنه بيحبك ، بيحبك أوي ، وليه حق يحبك ، بنتى مافيش زيها ، مافيش في عقلها ولا حنيتها ولا تفاهمها ، أنا فخورة بيكِ أوي يا نارو .
انحنت نارة تقبل يدها بحب ثم اعتدلت تردف بتأثر مماثل :
– أنا اللي فخورة إن حضرتك أمي .
ابتسمت آسيا بينما رن جرس الباب الداخلي للڤيلا فوقفت نارة تفتحه لتجدها مايا تصرخ وتعانقها باشتياق مردفة :
– نااااارووو ، وحشتيني أوي .
بادلتها نارة تبتسم بسعادة ، حقاً هما إنتشلتاها من حزنها وطاقتها السلبية التي راودتها ، ظلت مايا متعلقة بها كالأطفال لتردف نارة بحب وابتسامة :
– مش هتعقلي أبداً .
ابتعدت عنها تردف بسعادة :
– أعقل إيه بس ، مكونتيش تشوفي الجنان الحقيقي اللى كنت فيه لما اختفيتي إنتِ وعُمر ، والحمد لله ظهرتوا سوا .
انتبهت نارة لجملتها لتسأل بترقب :
– هو عُمر ظهر ؟ ،، شوفتوه ؟
هزت مايا رأسها تردف بهدوء :
– لا مشوفتوش ، بس كلمني في الموبايل من شوية وجاي .
أومأت نارة وزفرت بارتياح لتنظر لهما بعدما حلت عليها السعادة قليلاً قائلة :
– طيب الحمد لله ، إيه رأيكوا بقى لو نعمل حفلة شوي برا في الجنينة لحد ما صقر ييجي .
صفقت مايا بحماس مؤيدة بعدما غمرتها السعادة لعودة نارة وعُمر بينما هزت آسيا كتفيها تردف بهدوء :
– معنديش مانع .
أومأت وتحدثت برتابة :
– تمام أنا هطلع اكلم صقر ، وإنتِ يا مايا طلعي اللحوم المتبلة من الفريزر .
أسرعت مايا تركض نحو المطبخ بينما صعدت نارة غرفتها وتناولت الهاتف الخاص بها والذي زودهُ صقر بشريحة اتصال بعد عودتهما لتجلس على مقعد جانبي في غرفتها وتحاول الاتصال به..
بعد ثوانٍ أجاب بحب قائلاً :
– أهلاً جميلتي ، أعلم أني تأخرت ولكنني في طريقي إليكِ ، أتودين شيئاً ما ؟
أردفت بهدوء وحب :
– لا ، انتظرك ، ماما ومايا هنا وسنجهز لحفلة شواء في الحديقة إلى أن تأتي .
أومأ يردف بحب وترقب :
– حسناً ، ولتهاتفي صديقتكِ خديچة لتأتي هي أيضاً .
قالها وهو ينظر صوْب ماركو الذي يقود بينما شعرت نارة بالضيق لفهمها مغزى حديثه ، ربمَ استشفت إعجاب ماركو بها وتعمده السكن جوارها ، ولكنها لا تتمنى لصديقتها ما عاشته ، خصوصاً خديچة فهي أنقى وأرقى من أن تعرضها لأي سوء ، وماركو هذا لا يناسبها تماماً وتراهُ عابثاً دوماً لذا تحدثت بثبات :
– لا داعي لذلك ، هي لن تقبل أن تأتي لإنها تنام مبكراً .
زفر ينظر لماركو الذي يجاوره واستمع لحديثها ثم قال :
– حسناً جميلتي ، سلام .
أغلق معها ونظر له قائلاً باستفزاز :
– زوجتي تخشى على صديقتها منك ، تراك سيئاً ومعها حق .
نظر له ماركو بحنق قائلاً باستفزاز مماثل :
– لست أسوء منك ، زوجتك تغار ، تخشى أن تحظى صديقتها بحياة أفضل من حياتها معك .
لوى صقر جانب فمه بابتسامة ساخرة يردف بثقة وثبات :
– نعم هذا ما تخشاه حقاً .
زفر ثم تابع بهدوء :
– حسناً ، سنجد لك حلاً ، وسأحاول أن أجمعك بها ، ولكن الآن دعنا نرتب لمَ سنفعله ، غداً يجب أن تذهب إلى إيطاليا وتتحدث مع ميشيل والعائلة .
أومأ ماركو قائلاً بترقب :
– أتعتقد أنه سيصدق ؟
تحدث صقر بثبات :
– هذا يعتمد عليك ، ستبذل قصارى جهدك ليصدق ، الأمر يستحق منك ذلك ، ولتصل إلى تلك المحجبة عليك فعلها .
نظر ماركو إلى الأمام بعيون يملؤها التصميم والإرادة بعدما حفزه صقر لفعل ما اتفقا عليه قائلاً بشرود وهو يتذكر ماضٍ مؤلم :
– ليس هذا الهدف فقط ، الهدف الأساسي هو القضاء على موراكو .
❈-❈-❈
في منزل بهجت والد خديجة .
تجلس العائلة حول مائدة الطعام يتناولون وجبة العشاء .
تحدثت نسرين والدة خديجة بترقب :
– فيه موضوع مهم كنت عايزة أفاتحكوا فيه يا بهجت إنت وخديجة .
ترقبت خديجة وكذلك بهجت الذي قال بعدما أنهى طعامه وحمد ربه :
– خير يا نسرين ، اتكلمي ؟
زفرت مطولاً ثم نظرت لابنتها ثم إلى زوجها قائلة بتوتر :
– داليا بنت خالي كلمتني النهاردة ، وكانت عايزة تيجي مع ابنها يحيى علشان يطلبوا إيد خديجة .
حبست خديجة أنفاسها بتعجب بينما اتجهت أنظار بهجت إلى ابنته ثم تحدث بهدوء :
– يحيى ؟ ، مش ده الشاب اللي كان مع خديجة في الجامعة ؟
أومأت نسرين بينما نظرت خديجة إلى والدها وتحدث بتوتر :
– أيوة هو يا بابا ، بس أنا بصراحة مكنتش بستلطفه .
أرادت نسرين فتح مجال إلى النقاش لذا تحدثت مستفهمة :
– ليه بس يا ديچا ؟ ، ده شاب طيب ومحترم وشغلته كويسة .
اعترض بهجت قائلاً بقلق :
– منعرفش كويسة ولا لاء يا نسرين ، شغل البنوك ده أنا بقلق منه ، خصوصاً اللي في مجال القروض .
تعجبت خديجة من سبب رفض والدها دون إبداء رأيها في تلك المسألة تحديداً وتحدثت باحترام :
– بابا أنا بقول لحضرتك إني مش بستلطفه ، ممكن حضرتك تفكر في النقطة دي ؟
تحدثت نسرين بنبرة مؤنبة :
– ليه بس يا خديجة ؟ ، ده شاب طيب وابن حلال ، مش يمكن لو شوفتيه واتكلمتي معاه ربنا يجعل بينكم القبول ؟
شعرت خديجة بالاختناق والضيق لذا تحدثت وهي على وشك البكاء نسبةً لأنها تحترمهما وتبرهما :
– هو انسان كويس جداً ومحترم بس يا ماما أنا مش أول مرة هشوفه ، أنا عارفاه بالفعل ومافيش بينا قبول أصلاً ، لو سمحتوا افهموني .
تحدث بهجت الذي ظهر الانزعاج على ملامحه قائلاً لينهي هذا الحوار :
– خلاص يا نسرين اقفلي على الموضوع ده وبلغي بنت خالك إن كل شئ قسمة ونصيب ، أكيد مش هنغصب على خديجة حد هي مش قبلاه .
لف نظره تجاه خديجة وتحدث بترقب ونبرة تغلفها الجدية :
– بس يا خديجة اتمنى منك قبل ما ترفضي حد إنك تفكري كويس يابنتي علشان منظلمش حد ، أنا لولا اتعراضي على شغله كنت سمحت إنه ييجي وتشوفيه وتتكلموا مع بعض ، يمكن فعلاً زي ما والدتك قالت ربنا يجعل بينكم القبول .
نظرت خديجة إلى والدها بملامح حزينة ثم تحدثت بهدوء يخفي تعجب :
– أنا مش بظلمه يا بابا ، زي ما قلت لحضرتك كل ما في الأمر إني مش حاسة بنحيته بقبول .
أومأ بهجت ووقف يتحدث بطريقة مستجدة عليه :
– تمام يا خديجة ، بس القبول والمشاعر دي يابنتي بتيجي بعد الارتباط مش قبله ، فهماني ؟
برغم تعجبها إلا أنها أومأت تردف بهدوء :
– تمام يا بابا .
❈-❈-❈
في حديقة صقر
تقف مايا تمسك بريشة مخصصة للتهوية على المشويات وتحركها يميناً ويساراً على المشويات التي وضعتها نارة على شواية الفحم .
بينما تعد نارة سفرة خارجية مرتبة وتساعدها في ذلك آسيا ، استمعت إلى صوت سيارة ماركو فأسرع الحرس بفتح البوابة لتعبر السيارة إلى الداخل .
توقفت وترجل صقر وماركو وتحركوا للجهة الخلفية من الحديقة حيث زوجته .
وصل صقر وصوْب أنظاره عليها حيث بدت أفضل من الصباح وهذا راق له جداً ليتجه إليها يحتضنها بحب ويقبل رأسها متسائلاً بهمس :
– تبدين بخير ، ترى هل يجب علي أن أغادر دوماً حتى تبتسمي ؟ .
رفعت وجهها تقابله ثم ابتسمت قائلة بصدق وثقة :
– يجب عليك أن تكون بخير دوماً حتى أطمئن .
ابتسم لها ثم اتجه ليرحب بآسيا ومايا التي نظرت له بحرج بعد ما فعلته ذلك اليوم ولكنه تجاهل الأمر فقط من لأجل نارة .
رحب بهن ماركو أيضاً واستعدوا للجلوس ولكن قاطعهم الحارس الذي جاء يضع عينه أرضاً قائلاً باحترام :
– سيد صقر لقد جاءت السيدة نهى شقيقتك ومعها شخصاً آخراً غير زوجها وسيدة وطفلة صغيرة .
تنبه صقر لحديثه وتحرك معه ليرى الضيف الذي شعر بهويته على الفور ، اتجه نحو البوابة ليجد نهى تقف ويجاورها شخصاً لأول مرة يراه ولكنه شعر به ، ابتسمت له نهى وتحدثت بحب قائلة :
– صقر ، عامل إيه يا حبيبي ، جبتلك سامح ومراته وبنته ، هو عايز يقابلك .
نظر صقر لشقيقه بعيون ثابتة وجسد ثابت ، أعضاؤه ثابتة إلا من هذا اليسار الذي ودّ لو ركض إلى هذا الواقف ولكن يمنعه جمود صاحبه .
يبادله سامح نفس النظرات بصمت ، تبادل نظرات وأفكار ، كلاهما لا يستوعب أن من أمامه هو شقيقه ، كلاهما يتعجبان من رؤيتهما لبعضهما ، ليشعر سامح بالحنين إليه ، ويبدأ يتوغله الندم على كل تلك المدة في الخصومة ، دقائق مرت وعيونهما لم تزح من على الآخر ، كلاهما يفكران في نفس الشخص الذي تسبب في هذا الجفاف ، كلاهما عادا للماضي عبر رحلةٍ عقليةٍ سريعة ، كلاهما ضائعان بين قرارات أبٍ أناني خلّف رحيله آلام يصعب محوها .
تحدث سامح أخيراً بعد تنهيدة حارة :
– أزيك يا صقر ، عامل إيه .
تحركت عين صقر تغادر سريعاً حتى لا يظهر تأثره ، نظر إلى تلك الطفلة التي تنظر له بتفحص يبدو أنها عرفته أو تحاول التركيز أكتر .
ابتسم لها ثم أشار للحارس بفتح البوابة ، فتح الحارس ودلفت نهى تسرع إليه وتربت على كتفه بحب قائلة :
– موبايلك دايماً مقفول وقلقت عليك وجيت لك هنا قالوا مسافر ،، عامل إيه يا حبيبي ؟
لم يكن يوماً من ذوي المشاعر إلا مع نارة فقط ، ولكن وجد نفسه يريد احتضانها ، لذا أسرع يخفي حنينه قائلاً بهدوء :
– أنا كويس ، اتفضلوا .
دلفت زينب تنظر صوْبه برهبة ، غموضه يرهب من يراه للمرةِ الأولى ، هيبته تستحوذ على انتباه الجميع .
لتمد يدها له قائلة بتوتر :
– أزيك يا صقر بيه ، أنا زينب مرات سامح .
مد يده يبادلها قائلاً بثبات :
– أهلا بيكِ .
ابتعدت خطوة للخلف تجاور سامح الذي وقف يتمسك بيد صغيرته التي ما زالت تتأمل صقر .
تقدم حتى وقف أمامه ، عاد كلٍ منهما يتفحص ملامح الآخر عن قرب ، ملامح صقر التي تشبه والده كثيراً ، بينما ملامح سامح تشبه والدته أكثر ولكن عيناه فقط بدت كعينِ ناصر .
قطع صمتهما سامح وهو يمد له يده ليبدأ بالسلام قائلاً مجدداً :
– أنا جيتلك علشان يمكن نعوض اللى فات ، عارف إني اتأخرت كتير ، بس الحق مش عليا صدقني ، كل واحد فينا شاف حاجات خلته يبعد أكتر ، وبمَ أني الكبير فأنت ليك حق عليا إني أجيلك وأبدأ معاك من أول وجديد ، وكفاية أوي اللي ضاع ، وحقك عليا .
توقف صقر ثابتاً ، فقط نظرات ولا شيئاً آخر ، يقلب حديثه في رأسه ، ويسأل نفسه سؤال يتكرر دوماً ، هل هو بحاجة إلى أخٍ أو عائلة ؟ ، هل يحتاج إليه حقاً ؟
أما نارة فبعد أن شعرت بتأخره تحركت لتراه لتجد نهى التي أسرعت ترحب بها وتخبرها بهمس أن هذا الواقف هو سامح شقيق صقر ، اتجهت نارة ترحب بزينب بود بعدما عرفتها نهى عليها ووقفت تنظر إلى صقر وسامح بترقب .
ظلت يد سامح ممدودة حتى ظن أن صقر لن يبادله ليقرر سحبها بحزن ولكن أسرع صقر يمد يده إليه قبل أن ينفذ سامح قراره .
يبادله السلام قائلاً بملامح هادئة تشوبها فرحة مخفية :
– أهلاً بيك ، إتفضل .
ابتسم سامح وتوغلت السعادة قلب نهى بينما نظر سامح لابنته قائلاً بالقليل من الراحة :
– سلمي على عمو صقر يا ريما .
مدت الصغيرة يدها بصمت فانحنى صقر يبادلها السلام بهدوء وابتسم لها ثم اعتدل فجاءت نارة من خلفه وجاورته قائلة بترحاب وود :
– أهلاً يا أستاذ سامح نورتنا أنا مدام ناردين صقر الجارحي .
ابتسم لها سامح يردف باحترام :
– أهلاً بيكِ ، اتشرفت بمعرفتك .
أومأت قائلة برتابة أمام عين صقر المتملكة :
– الشرف ليا .
نظرت للصغيرة تبتسم لها ابتسامة عفوية بينما تحدث صقر بهدوء وهو يلف ذراعه حول زوجته بتملك ثم أشار بيده الأخرى على الجهة الخلفية من الحديقة :
– اتفضلوا معانا .
دلفوا معه إلى الجهة الخلفية ليحضروا معاً هذا العشاء بعدما جلب الحرس المزيد من المقاعد وتوسعت الطاولة بأخرى .
كاد سامح أن يعترض على تناول العشاء ولكن لم يفلح ذلك مع إصرار صقر .
جلسوا جميعهم بعد أن تعرفوا على البقية وبدأوا يتناول الطعام لتتحدث ريما بصوت عالٍ أمام الجميع بعد أن تأكدت أنه هو نفس الشخص قائلة :
– بابي عمو ده هو اللى قبض على الناس الشريرة اللي خطفوني ، وقالي متخافيش .
نظروا جميعهم صوْب صقر الذي انكبت عينه عليها بثبات وهو يرتشف القليل من المياة ليخفي توتره ببراعة ويقول بابتسامة هادئة ونبرة متمهلة :
– خطف إيه ؟ ، واضح إن الطفلة بتحب تتفرج على المغامرات ، بس الأفضل ليها بلاش تتعود على الأفلام دلوقتي ، كويس أنها شبهتني بضابط أحسن ما كانت تشبهنى بحرامي .
ضحكوا عليه بينما انحنى سامح إلى ابنته يردف بهدوء وحنو :
– لاء يا حبيبتي ده عمو صقر أخويا .
نظرت له الصغيرة وصمتت وأكمل الكل طعامه عدا نارة التي كانت تقابله ، نظرت له بعمق وهي على يقين أن الصغيرة لم تكذب أو تتهيأ ، هو من خلصها وأعادها ، لتشعر بالراحة والآمان ويتجسد ذلك في نظرتها ، علم أنها تطالعه برغم أنه ينظر للجهة الأخرى ، ليقابلها بعمق ، نظرة كان فيها ألف حديث بينهما فقط ، قطعها برفع كوب العصير خاصته يشير لها كتحية فابتسمت له بحب وأكمل كل منهما طعامه .
بعد دقائق انتهى العشاء وجلسوا يتحدوث عن أمورٍ عامة .
استأذن سامح وأسرته حيث أخبرهم أن هذه الزيادة لمجرد تعارف فقط .
❈-❈-❈
بعد وقتٍ
في غرفة صقر
تجلس نارة على فراشها تنتظره إلى أن يخرج من الحمام ، بدأ اليوم بفزعها وخوفها وانتهى بالأمان والراحة ، لتشعر بتجديد الحب والعشق له .
خرج يرتدي شورت قصير ويجفف شعره بمنشفة أمامها ، تحركت عيناها لا إرادياً مع حركاته لتتعمق في تفاصيله وتنظر له بعشق وهيام وهو يدعي انشغاله بتجفيف شعره ولكنه يدرك جيداً نظراتها لذا فهو يتعمد لمس مشاعرها حيث بات يستعرض جسده أمامها بطريقة خبيثة تبدو تلقائية
نزع المنشفة وألقاها جانباً ثم إتجه يتمدد جوارها ويتكئ على الوسادة واضعاً ذراعيه خلف رأسه وعينيه مصوبةً على سقف الغرفة ليقول بعدها :
– هل تتأملين وسامتي ؟ .
ابتسمت عليه قائلة وهي تبعد أنظارها عنه :
– مغرور .
التفت يقابلها ويردف بثقة وفيضٍ من المشاعر :
– عيناكِ هي من تقول هذا ، أراها تتحرك على تفاصيل جسدي حتى أكاد أشعر أنها تلتهمني .
توغلتها نفس المشاعر التي افتقدتها معه حيث باتت كلماته تسلبها عقلها لتقول وهي تقضم شفتيها :
– ربما تود هذا فعلاً ولكنها تخجل .
ابتسم لها وعينه سلطت على شفتيها المقضومة ليقول وهو يبتلع لعابه بأنفاسٍ تود لو تنقض على عنقها وتختلط بأنفاسها :
– لنطفئ الإضاءة إذاً ، حينها لن يكون هناك داعٍ للخجل .
وصلت مشاعرها لذروتها لتقول بهمس وتحشرج :
– أراها فكرةً جيدةً .
سحب جسده للأعلى إليها ليحاوطها كلياً ثم امتدت يده تغلق الإضاءة الجانبية ليعم الظلام المكان وليختفي الخجل ولتبدأ شفتيه في تناول وجبتها المفضلة بعدما صام عنها ليالٍ كانت بالنسبة له أعواماً من المشي في الصحراء ، بينما بدأت شفتيها تقبل ما كانت تراهُ وتعجب به منذ قليل .
يسقيها من أنهار عشقه ، مشاعراً متفجرة لكليهما ، لحظات لن تنسى ، نبضات تتراقص فرحاً بعودتهما ، وحبٍ حقيقي يتخطى كل الصعاب .
بعد وقتٍ تتمدد على ذراعه تتلاعب بأصابعها على وشمه بعدما أعاد تشغيل الإضاءة في الغرفة .
شارداً هو في نقطةٍ ما يفكر ، يشعر بالسعادة وكمال المشاعر ، أعطته من حبها ومشاعرها حتى امتلأ ، لذا فهو حقاً سعيد .
تحدثت هي بهدوء :
– يجب إزالة هذا الوشم صقر ، لأنك تمتلك أندر القلوب ، قلباً عاشقاً حتى الموت ، قلباً يفي بالوعود ، قلباً يصادق بإخلاص ، وقلباً لم يتحمل اختطاف طفلة أخيه وسعى لإنقاذها ، لذا يجب نزع هذا الوشم نهائياً .
مال يقبل جبينها قائلاً وهو يمسد بكفه على ذراعها ببطء :
– حسناً ، لأنتهي من عبء ميشيل وعائلته أولاً وبعدها أنا ملكٌ لكِ ، سأسلم أمورى لكِ ديريها كما يجب أن يكون .
تحركت لقلبه وقبلته بنعومة وحب لتقول وهي ترفع نظرها إليه بثقة :
– سنسلم سوياً أمرنا لله ، هو خير من يدير الأمور ولستُ أنا ، سنذهب إلى معالج نفسي أولاً ، ليرمم ندوب ماضيك ، ثم سنذهب سوياً إلى أحد شيوخ الأزهر ، ليفسر لك ما تريد معرفته عن الإسلام ، سنذهب معاً إلى حياتنا الجديدة .
يشعر بالسلام من الآن ، سلاماً نفسياً لم يجرب مذاقه من قبل ، هي حقاً نور حياته ، لذا قال بهدوء وسكينة :
– لنفعل ذلك إذاً .
زفرت براحة لتسأله بترقب وهي تتكئ على صدره :
– كيف أنقذتَ ابنة أخيك ؟ ،، وكيف عرفتُ مكانها ؟
تنفس بعمق ثم تحدث بهدوء وعينه توازيها ويده تغوض في خصلاتها :
– اختطفها أفراد تابعون لعصابة تجارة الأعضاء ، وليس من الصعب عليّ إيجادهم ، فالعصابات تحن لبعضها ، وحين ذهبتُ وجدت بحوزتهم الكثير من الأطفال ، كانوا يرتعشون خوفاً ، حينها وددتُ لو أنني فجرت رؤوس الخاطفين في الحال ، ولكنّي تمهلت إلى أن سحبتهم وذهبت إلى وكري ، ونزعت عنهم أعضائهم وتم إرسالها كي يستفاد بالنافع منها الطيبون .
برغم أن حديثه ذكرها بذلك المقطع وقد أدركت الآن سببه ولكنها أغمضت عينيها وتنفست بقوة لتتناسى ما رأته وتردف بدعابة كي يتجاوزا الأمر :
– حسناً دعني أخبرك شيئاً لأول ولآخر مرةً في حياتي سأفتخر أن زوجي رجل عصابات .
ابتسم لها ليسحب رأسها إليه ويقبل جبينها بعمق ثم زفر قائلاً بتروي وهدوء :
– والآن اسمعيني جيداً ،، يجب عليّ الذهاب إلى إيطاليا كي أنهي هذا الأمر ،، لذا فقد بحثت عن مكانٍ آمنٍ لكِ كي تذهبي إليه وتنتظرين عودتي .
شعرت بوخزة في قلبها فجأة وتسرب إليها خوفاً رهيباً لتقول وهي تهز رأسها برفضٍ قاطع :
– لن أذهب لأي مكان من دونك ، سآتي معك .
تعمق فيها بحب ثم زفر وتحدث بصرامة يغلفها الحنين :
– لن يحدث ،، لن آخذكِ إلى وكر ميشيل أبداً .
لتجيبه بصرامة مماثلة أو أشد قائلة بثبات :
– اسمعيني ناردين .
_ سنذهب سوياً ونعود سوياً ، لن أتركك أبداً .
قاطعته تقولها بإصرار تام لينظر لها بعمق وغموض وخوف ، ولكن لا مفر من ذلك .
أومأ لها قائلاً باستسلام لرغبتها :
– حسناً ، دعيني أحجز لكِ تذكرة طيرانٍ إذاً .

google-playkhamsatmostaqltradent