رواية ثري العشق و القسوة كاملة بقلم اية العربي عبر مدونة دليل الروايات
رواية ثري العشق و القسوة الفصل التاسع و العشرون 29
ألقاها في سيارة geeb سوداء وركبا ينطلقان وخلفهما سيارة أخرى معبأة برجال ميشيل المسلحين .
انطلقوا بسرعة نسبية في طرقات القرية المعرجة لتتبعهما سيارات رجال صقر الذين كانوا ينتشرون حول القرية .
لتكن تلك النقطة لصالح ميشيل هذه المرة فأهل إيطاليا أدرى بأزقتها ، ربمَا لم يكن ميشيل يعلم بهذا البيت الذي اتخذه صقر مخبئاً له ولكن في العموم هو يحفظ إيطاليا عن ظهر قلب ، درس خريطتها جيداً وهذا كان من أهم نقاط عمله مع المافيا .
ظلت السيارات تطارد بعضها وتصدر الأبواق بصخب وسط أهل القرية الذين يحاولون تجنبهم كي لا يصطدمون بهم ، حتى وصلوا إلى الطريق العام ليبدأ رجال صقر بمحاولة إطلاق النار على إطارات السيارتين ولكن السائقان كانا ماهران في القيادة لدرجة تؤهلهما لتفادي الطلقات .
ظلا هكذا يتبادلون الطلقات في محاولة من رجال صقر إنقاذ سيدتهم وإلا فهم هالكون .
أسرعت سيارتا ميشيل لتبتعدا مسافة مناسبة وفجأة خرجت سيارة نقل كبيرة من طريقٍ فرعي لتقطع السير على سيارات رجال صقر بعدما مر رجال ميشيل .
بعد ذلك وبعدما ابتعدت سيارات ميشيل ترجل من فيها وسحب هذا الضخم نارة الغائبة عن الوعي ليحملها وتتدلى على ظهره متجهاً بها إلى تلك المروحية التي تنتظرهم ، حيث كانت مستعدة للإقلاع بفعل قائدها وها هي تعلو لتغادر قبل عبور رجال صقر ووصولهم إليهم .
❈-❈-❈
كان يجلس ميشيل ينتظر الخبر اليقين بتأهب ، رن هاتفه فأجاب متلهفاً وجمود :
– هل هي بحوزتك ؟
أجاب الرجل بتباهي :
– أجل سيدي ، هي معنا الآن ونحن في المروحية وخلال بضع دقائق سنصل :
ضحك عاليا يشعر بلذة الانتصار وهو يتخيل ملامح صقر من الآن ليقول بجمود معهود به حتى في أوقات سعادته :
– حسناً ، أنتظرك يا بطل .
أغلق واتجه للخارج يستعد للقاء تلك التي استطاعت أن تبدل صقره الجارح إلى طائر الكناري الرقيق ليلقنها درساً لن تنساه .
❈-❈-❈
كانت سيارة صقر تسير في طريقها الجبلي ، كان يمكنه الوصول أسرع عبر مروحية ولكنه لم يرد لميشيل أن يعلم موقعه لذا فهو اختار الطريق الجبلي ليصل لتلك القرية .
ليحاول مجدداً الاتصال بها بعد أن عبر هذا الطريق الذي يعد خالياً من شبكات الاتصال ولكنه تفاجأ بهاتفها مغلق .
تشنجت أنفاسه وهو يحاول الاتصال على أحد رجاله والذي تم قتله منذ قليل فلم يجبه مما زاد من غضبه وتأكيد مخاوفه .
احتدت ملامحه واشتعل جسده وهو يتصل بآخر ليجيب الحارس قائلاً بأسف وهلع :
– سيدي لقد اختطفوا زوجتك .
سقطت تلك الكلمة على صدره كريحٍ صرصرٍ عاصفة أطاحت بكل مكنوناته وبعثرت قلبه ، أغلق الهاتف ونظر للأمام بصمت ، يلعن نفسه ، هو فقط المذنب الأول والأخير في تلك القصة ، هو الأناني الذي أدخلها في وكر الذئاب ، هو الذي ظن أنه قادراً على حمايتها وظن أنه ذكاءهُ سيساعده هنا ولكن أحياناً تخدعنا الظنون ، ليشعر بعدها بجسده كما لو كان يحترق حياً ، جسده ينصهر ويريد إحراق الجميع ، ليتقلب بين بردٍ ونار .
أشار للسائق بالتحرك والدوران والعودة ثم تناول هاتفه وطلب رقم ميشيل الذي لم يجبه ، يحاول مرات ومرات ولكن لا جواب .
ليقرر الاتصال على ماركو الذي أجابه فقاطعه صقر قائلاً بحدة وغضب :
– أقسم إن كنت قد خنتني لأقتلك وأقطعك وأطعم لحمك للكلاب ، لقد اختطفوا زوجتي ، أحاول تصديق أنك بعيداً عن كل ما يحدث ، وإلا لن أرحمك مثلهم .
ليتغاضى ماركو عن كل هذا ويعلم شعوره في تلك اللحظة ويعلم مدى عشقه لها ويتساءل بترقب :
– اهدأ وقل لي أين أنت ؟ ، أعدك بأنها لن تتأذى ، أولم تضع هذا في الحسبان ؟
نعم ربمَا وضع هذا الاحتمال وكيفية التعامل معه ولكن حدوثه بالفعل يجعله في حالة فوضوية كأبٍ اختطفت ابنته ، هو على علمٍ برجال ميشيل وما يمكنهم فعله بها ، لذا تحدث بغضب لن يهدأ أبداً حتى يعيدها آمنة قائلاً :
– أنا في طريق العودة إلى قصر موراكو كي أنزع أحشائهم بيدي .
تساءل ماركو بترقب :
– حسناً ، أين عمر ؟
تحدث بجمود برغم النيران المندلعة في صدره وفي رأسه يُحيك ألف سيناريو لنهايتهم جميعاً :
– هو حيث ينبغي أن يكون ، الكل في مكانه عدااااا زوجتي .
قالها بصوت حاد وهو يتخيل تعرض رجال ميشيل لها ولمسهم لها وإيذائها ليندلع كالبركان الذي شارف على تدمير المدينة .
ليردف ماركو ببرود مستفز :
– إهدأ واسمع جيداً ما لدي ، يجب علينا قطع هذا الطريق تماماً بعد عبورنا .
❈-❈-❈
في منزل والد زينب .
تجلس والدتها على المقعد المتحرك وتجاورها ريما الصغيرة حيث جاءت مع زينب اليوم لترى جدتها ، بينما زينب ترتب المنزل ككل أسبوعٍ .
كان بحوزة الصغيرة دفتر رسم وقلم تدون فيهما ما يأتي على عقلها ، والجدة تنظر لها ولرسمها بحب وتملس على خصلاتها الناعمة بيدها .
بعد ثوانٍ بدأت تتضح معالم رسمة الصغيرة حيث رسمت عدة أطفال يجلسون بشكلٍ عفويٍ في ركنٍ وفي الركن الآخر من الصفحة رسمت شخصاً يرتدي بدلة سبايدرمان ويقبض بيده على رجلٍ آخرٍ يبدو شريراً من ملامحه التي رسمتها الصغيرة بتلقائية .
تعجبت الجدة من الرسمة حيث أنها توقعت أن تلك الرسمة تحمل وراءها قصةً معينةً وربما كانت قصة اختطاف الصغيرة التي تعلمها جيداً .
تساءلت الجدة بحنو وترقب قائلة :
– ريما حبيبة تيتة ؟ ، مين دول يا قلبي ؟.
قالتها وهي تشير على هؤلاء الصغار المرتصين بجانب بعضهم ، زفرت الصغيرة ومالت بوجهها نحو اليمين وهو تتطلع على الرسمة وتحدثت مستعيدة تلك الأحداث بنبرة منزعجة :
– ده أنا يا تيتة ودول الأطفال اللي كانوا معايا في بيت الأشرار لما كانوا عايزين يموتونا .
تألم قلب الجدة لحديث صغيرتها وعلمت أنها لن تنسى هذا الحدث أبداً ثم عادت تتساءل بعدما لاحظت هذا البطل ظناً منها أنه شرطي قائلة :
– وده الضابط اللي خرجكوا من هناك ، صح يا عمري ؟ .
هزت رأسها معترضة تردف بنبرة واثقة برغم صغر سنها :
– لا يا تيتة ده عمو صقر ، عمو صقر هو اللي جه قبل الشرطة وقالنا متخافوش وهو اللي قبض على الأشرار ومشوا ، بس أنا لما شوفته تاني عرفته إنما هو معرفنيش بس أنا رسمته هنا زي سبايدر مان لأنه بطل خارق .
تعجبت الجدة من هذا الحديث ونادت على ابنتها زينب لتستفهم قائلة :
– يازينب ، زيينب .
جاءت زينب من الداخل حيث كانت ترتب لها غرفتها قائلة بأنفاسٍ لاهثة وحنوٍ وهي تطالعها :
– نعم يا ماما ؟ .
تحدثت الجدة بترقب وهي تشير على رسمة الصغيرة :
– تعالي شوفي ريما راسمة إيه وبتقول إيه ؟
اقتربت زينب من صغيرتها ونظرت في رسمتها بتعمن وقد علمت المقصود بها ولكن لم تستدل على هوية البطل لذا رفعت وجهها تنظر لوالدتها قائلة بغمزة مستترة :
– أيوة يا ماما شوفتها ، ريما شطورة ورسومتها كلها جميلة ، دي كمان راسمة الكلاس بتاعها وأصدقاءها في الصف .
ابتسمت الصغيرة لوالدتها ولكن تحدثت الجدة بمغزى قائلة :
– بنتك بتقول إن الراجل اللي لابس لبس البطل ده يبقى عمها صقر ، هو اللي أنقذها يومها .
تنبهت زينب لهذا الحديث المكرر للمرةِ الثانية أمامها ثم نظرت لابنتها قائلة بنبرة مترقبة :
– هو إنتِ متأكدة يا ريما إن ده عمو صقر فعلاً ؟ ، مش يمكن حد شبههُ ؟
هزت الصغيرة رأسها معترضة وقالت بتأكيد وثقة وعيون تشبه عيون عمها :
– لاء يا ماما هو عمو صقر ، أنا عارفاه كويس بس هو نسيني ، أنا عارفاه لإن هو اللي قالنا منخافش ومسك الأشرار قبل الشرطة ، علشان كدة أنا رسمته زي سبايدر مان .
تنفست زينب بعمق واعتدلت في وقفتها تنظر لوالدتها بشرود وتدبر ، تفكر في الأمر ، تعلم ابنتها جيداً وبمَ أن الصغيرة تؤكد على نفس الكلام فهي من المؤكد تقصده ، ولكن هناك سؤاليين مهمين .
لِمَ أخفى صقر تلك الحقيقة وكيف أنقذها من الأساس ؟
ولتعرف الإجابة عليها التحدث إلى سامح كي يتحدث مع صقر في هذا الأمر .
❈-❈-❈
هبطت المروحية فوق سطح القصر وترجل منها هذا الضخم يحمل نارة التي ما زالت غائبة عن وعيها بفعل المخدر ، تتدلى بين يديه كأنها ورقة في مهب الريح .
تحرك إلى مدخل القبو ونزل درجات السلم حتى وصل إلى ممرٍ طويل فتحرك به ليدخل غرفة داخلها غرفة أخرى بها فتحة درج سري لا ترى إلا عندما تفتح .
دلف منها ونزل الدرج ليجد ميشيل في انتظاره .
وقف أمامه يحملها بينما نظر لها ميشيل بتفحص وابتسم وهو يمرر إصبعيه على ملامحها وخصلاتها التى تمردت من أسفل الحجاب بعدما انزاح بفعل حركة هذا الضخم .
تحدث بوقاحة :
– تبدو فاتنةً حقاً ، ربّمَا ألتمس له العذر قليلاً .
ضحك رجله قائلاً بنبرة شهوانية مماثلة :
– وهذا ما تحدثنا به سيدي عندما كانت معنا في المروحية .
نظر له ميشيل بغضب يشير بإصبعه للداخل فاعتدل هذا الضخم وتحرك بها يضعها على سرير يتوسط تلك الغرفة السرية التي يغلب عليها اللون الأحمر حيث يستخدمها ميشيل في تعذيب ضحاياه .
وقف ميشيل ينظر لها بتأمل ثم التفت قائلاً :
– قيدها وغمم عيناها قبل أن تستيقظ ، لدي ما سأقوله لها .
أومأ له وتحرك يفعل ما أمره به بينما هي كالأموات لا تعي شيئاً .
بعد وقتٍ بدأت تتململ لتنتفض فجأة برعب عندما أدركت الحقيقة المرعبة التي وقعت فيها ، تحاول النهوض ولكن منعتها يديها وقدميها المكبلين من الحركة ، عينيها أيضاً مغممة .
لتبكي وتصرخ بصوتٍ واهن وهي تحاول فك قيودها ، حالة من الرعب والهلع والظلام والضعف تسهّل على الشيطان عمله حيث تراكمت الأفكار في رأسها .
ليكن شاهداً على كل ما تشعر به هذا الذي يجلس يتابع رعبها وصراخها بانتشاء وسعادة .
اعتدل ليقول ببرود وقسوة :
– كلما حاولتِ التحرر من قيودك تألمتي أكثر ، لذا كفي عن الحركة أو تابعي الصراخ لأتلذذ .
صوته بغيضاً يسرب الرعب إلى أوردتها ، لتتوقف عن الصراخ وتحاول استكشاف أي شيءٍ حولها ولكن دون جدوى .
توقف ميشيل وخطى باتجاهها حتى توقف أمامها وشعرت هي به وهو يقول بتشفي :
– أراكِ لا تقوين حتى على الصمود ، وتظنين أنكِ قادرة على التغلب عليّ وعلى قوة موراكو ؟
كانت ترتعش ، قلبها كاد أن يتوقف ، كل ما بها ينتفض خوفاً ، وهو غير موجود ، إذا لا آمان ، لذا تساءلت بصوتٍ مهزوز :
– أين صقر ، أريد زوجي .
ضحك بنبرة يتمثل فيها شر العالم ثم أردف بجمود :
– سيصل بعد قليل ، فقط مسافة الطريق ولكن دعيني أخبركِ أمراً ما ، ما تحاولين ترتيبه هو بالأساس لوحةً مبعثرةً ، إن رتبت لن يتأملها أحداً ، اللغز يكمن في بعثرتها ، لذا فأنتِ لن تفلحي ، لأنكِ مجرد معجبةً نظرت لها من بعيد ، أما أنا فهو الرسام الحقيقي لها ، أنا من صنع تلك اللوحة التي يتأملها الجميع ، لذا فالوحيد القادر على ترتيبها هو أنا ، فهمتِ أيتها البلهاء .
تعلم مقصده تماماً ، تعلم أنه يقصد صقر ، لقد ظنت أن الأمر انتهى ولكن ما حدث معها ونبرة هذا الرجل المرعبة يثبتان لها أنها كانت لا تفقه شيئاً عنهم .
لتتحدث بتلعثم وذعر :
– ابتعد عني ، أنا أريد صقر .
وقف يردف وعينيه تسير عليها قائلاً بعيون زائغة ونبرة مستهزأة :
– حسناً يا فاتنة ، لننتظر مجيئه إذا ، ولتعلمي أن مكانته عندي عاليةً جداً وإلا لكنتِ الآن في قاع الجحيم حيث يتغذى رجالي على بقاياكِ .
أنفاسها تكاد تتوقف وفي حالة هلع حاد من حديثه ، جاء رجله يسرع للداخل ويخبره بلهاثٍ قائلاً :
– سيدي لقد وصل صقر .
– ﭢوووو ، لقد وصل في وقتٍ قياسي ، يبدو أنكِ تمتلكين قدرة رهيبة على جذب الرجال .
قالها ميشيل وهو يتمعنها فانكمشت في مكانٍ ما لتحاول بث الآمان لجسدها فهو الآن هنا ، إما أن يخرجان سوياً أو يموتان سوياً ولكن مؤكد لن يسمح لهم بمساسها .
نظر ميشيل إلى الرجل قائلاً :
– كمم فمها حتى لا تصرخ وتعال معي .
أومأ واتجه يكمم فمها رغم انتفاضها ومحاولة منعه ولكن بالطبع هي في موقف ضعيف .
تحركا للخارج وتركاها تواجه مخاوفها بمفردها داخل تلك الغرفة المخيفة فبرغم عدم رؤيتها لها إلا أن حدسها يخبرها أنها مرعبة وهي حقاً كذلك
ترجل هو ورجاله أمام قصر موراكو ليمنعه أحد الحرس قائلاً بصرامة :
– أنت بمفردك دون اصطحاب فرداً واحداً .
أشار إلى رجاله بالتوقف وهو في حالة يجتمع فيها قوة عشقه وغضبه معاً حيث بإمكانه هدم جدران القصر فوق رؤوسهم ولكنه يخطو ثابتاً .
توجه إليهم ليبدأوا بتفتيشه فلم يجدوا معه أية أسلحة .
برغم تعجبهم إلا أنهم أفسحوا له المجال فعبر نحو الداخل وتحرك صوْب المكان الذي سيجد فيه ميشيل ، القصر صمم ليكون كالمتاهة ، ممرات وأزقة كأنك في منجم أسفل باطن الأرض .
ليصل إلى تلك الغرفة التي يقف على بابها رجال ميشيل ينظرون له بتشفي وشماتة ، الكل بات يكرههُ فقط لأنه قرر الابتعاد عن عالمهم .
فتحوا له الباب ودلف ، وجد ميشيل يجلس على مقعده وخلفه رجلين بينما الغرفة معبأة في كل ركنٍ رجل يقف كالتمثال مستعداً في أي وقتٍ للاشتباك .
توقف أمامه وتبادلوا نظرات الكره بوضوح ليردف صقر بثبات برغم ما يشعر به :
– أين زوجتي ؟.
تحدث ميشيل ببرود :
– اطمئن ، لن يمسسها أحداً بسوء ، برغم أن ما فعلته بنا سيئاً للغاية ، ولكن تبقى هي زوجة صقر الجارحي ، ليست كغيرها من النساء .
يحاول أن يسحق غيرته حتى لا تكن شرارة حرقهم ليردف بثبات يخالف ثورته :
– لأراها بنفسي .
تحدث ميشيل وهو يقف قائلاً بتأكيد :
– مؤكداً ستراها ، ولكن دعني أولاً أخبرك أمراً ، وليكن كل شيء واضحاً ، خطة اختطافها كانت الأخيرة ، بعدما فشلت كل سبلي في عودتك إلينا ، لا أنكر أني تفاجأت من تنازلك عن كامل أموالك ، ولكن حين رؤيتها تقبلت ذلك ، لذا فهناك خيارين لك ، وأنت من ستقرر إحداهما .
– قُل .
قالها بعيون ثاقبة تكاد تخترق جسده ويدان قابضتان لو تحررتا لنزعتا قلبه واعتصرتاه بل وسحقتاه سحقاً .
ليردف ميشيل وهو يعاود الجلوس على مقعده واضعاً ساقاً فوق الأخرى :
– الأول هو أن تقنعها ببقائكما هنا مثلما أقنعتك هي بالتخلي عن عائلتك ، ستعيشان معنا في هذا القصر وتمحو من عقلك فكرة تخليك عنّا ، بل وسيكون ولاؤك الأول والأخير لنا ، وستكون هي لك وتحت سيطرتك ، وأظن أنك قادراً على ذلك كما عهدتك ، من المؤكد أنك تستطيع إخضاعها .
– والثاني ؟
تساءل بها صقر بثبات قوي ليتابع ميشيل ببرود وترقب :
– قتلها في الحال وأمام عينيك ، ومن ثم تسليمك للكابو كالخونة .
سحب نفساً طويلاً وعينيه لا تفارق عين ميشيل ، ثم نظر أرضاً لثوانٍ ليعاود رفع عينيه له ليرى ميشيل تلك النظرة كأنها للتذكير ، للتوعد ، نظرة تتكلم بتهديدٍ واضحٍ وصريح ، ليردف ميشيل متجاهلاً تلك النظرة التي ربّمَا أخافته :
– أمامك ٦٠ دقيقة لتقرر ، ٦٠ دقيقة مصيرية ، استرح وفكر جيداً .
تحدث مقاطعاً :
– لا داعي للوقت ، دعني أراها ، وليكن خياري هو الأول .
ضحك ميشيل عالياً يومئ قائلاً بتعجب زائف :
– أوه ، لقد تغيرت حقاً ، ظننت أنك ستجادل لخيارٍ ثالث ، ولكنك دوماً تفاجئني .
تحدث بنبرة غاضبة متجاهلاً نبرته :
– أريد رؤيتها الآن .
ليرد عليه بنبرة ساخرة :
– أوه أحب اللقاءات الرومانسية الممزوجة بالدراما ، ولكن لننتظر قليلاً حتى توقع على معاهدة ، لربما تلاعبت بي ، باتت ثقتي بك مفقودة .
– لأراها أولاً ثم أوقع .
قالها بتصميم صارم جعل ميشيل يرضخ لرغبته ويشير إلى رجله الذي ناوله حاسوباً .
فتحه ميشيل ليلفه تجاه صقر حيث تظهر وهي منكمشة على نفسها ترتعش ، عينيها مغممة وفمها مكمم وأطرافها مكبلة ، ليعود بذاكرته لأول مرة رآها فيها ، كم كانت جميلة حيوية شفافة وجريئة والآن هي في أضعف حالاتها وأفزعها ، لذا فهو الآن شيطاناً ملعوناً .
تحدث يقول بنبرة جليدية :
– أحضر ما تود توقيعه .
أشار إلى رجاله مجدداً ليناوله أحدهم ملفاً القاه تجاه صقر قائلاً بجمود وقسوة بعدما تخلى عن بروده :
– وقع .
كان الملف ملقى تحت قدمي صقر ، انحنى بجذعه وعينيه عليه يتناوله ثم وقف يفتحه ودون أن يقرأ محتواه أخرج قلمه ووقع عليه ثم ألقاه عند قدمه وأغلق قلمه المميز يدسه في جيبه قائلاً بجمود :
– والآن ، لأراها .
وقف ميشيل مجدداً ينظر له بتشفي قائلاً :
– دعني آخدك إليها بنفسي .
تحرك نحو الخارج وصقر يتبعه ، يسيران والحرس أمام ميشيل وخلفه ، يعلم صقر جيداً أن ميشيل يخشاه ، يخشى غضبه ، لذا استخدمها ليسيطر عليه .
وصلوا إلى تلك الغرفة التي تسبق الدرج المؤدي لغرفتها ليتوقفوا بها ويردف ميشيل محدثاً رجله :
– اذهب واحضرها .
– إياك ولمسها .
قالها صقر بنبرة مخيفة ليتوقف الرجل وينظر لميشيل الذي أوقفه بإشارة من يده ثم نظر نحو صقر قائلاً :
– اهدأ يا فتى غيرتك حمقاء لا داعي لها ، فرجالي أفواههم مكممة لا يتناولون شيئاً إلا بأمري .
تحدث بنفاذ صبر وقد أصبح غضبه ظاهراً :
– أقسم إن لمسها أحدكم لثقبت رأسه .
أشار لهم ميشيل أن يفتحوا الباب السري ثم نظر له وهو يشير نحوه قائلاً :
– حسناً ، انزل بنفسك .
انطلق كالريح ينزل للأسفل ويتجه نحو هذا الممر المؤدي للغرفة التي تحتجز بها .
توقف أمامها وهو يراها تبكي وترتعش ، ليتجه إليها ويقف أمامها بروحٍ معذبة ، روحٍ أرادت أن تحيا معها في أمانٍ وسلامٍ فقط ، لتصل بها إلى تلك النقطة المظلمة ، كان عليه أن يحسب جيداً ويتوقع تلك اللحظة .
يقف صامتاً وهي تستشعر بحواسها وجود غريبٍ معها ولكن بعد ثوانٍ وبعد تأكدها أن من يقف ليس غريباً أبداً اتجهت يداها المكبلة تبحث عنه وهي تصدر صوتٍ يلحن إسمه دون نطق .
اغمض عينيه ومد يده نحوها ينزع عصبة عينيها دون النظر لهما ، ثم ينزع بيده كمامة فمها وعينيه ترى كل شئٍ بها سوى عيناها ، يخشى النظر لهما .
كانت تنظر له بتعمق كي يطالعها ، كي يخبرها أنها الآن بأمان ، كي ترى في عينيه نظرة تطمئنها ولكنه لم ينظر لها .
لتناديه بصوتٍ مهزوزٍ باكي وجسدٍ منتفضٍ وهو يحل وثاق يديها :
– صقر .
لم يتحدث بل كان يحاول نزع ذلك السوار البلاستيكي دون أن تتألم ليبحث حوله عن شئٍ حاد فلم يجد لذا انحنى يحاول قطعه بأسنانه وهي تبكي وتردف وعينيها عليه :
– صقر سنغادر الآن أجل ؟ ،، صقر انظر نحوي أرجوووك أنا خائفةٌ جداً ، أنا آسفة لأني لم أطعك وخرجتُ من المنزل ، أنا آسفة صقر انظر إليّ .
كانت تتحدث بكلماتٍ سريعة مبعثرة وهو منشغل بقضم السوار المتين هذا حتى نجح ونزعه عنها لتسرع في معانقته وتجهش بالبكاء داخل صدره .
تصلب جسده لثوانٍ ، تصلب بينما خانته ضلوعه وعانقتها ، لف ذراعيه حولها يحتويها كاملة ويهدهدها كي تهدأ ، يعتصر عينيه ويردد بعد صمتٍ طويل :
– لم أرد هذا ، لم أكن أريد هذا ، أنا الآسف هنا ، أنا من أوصلكِ إلى تلك الحالة .
ظلت متشبتةٍ به بقوة تبكي دون حديث وهو يربت على ظهرها ثم تحدثت وهي تعانقه :
– حسناً ، دعنا نرحل من هنا الآن ، هذا المكان يقبض على أنفاسي ، تعلم أنني أحبك بكل جوارحي لذا لا تعتذر ، كلانا أخطأ ، لنصلح الخطأ الآن ونغادر ! .
ربما هي في حالة هلع لذا تتحدث دون استيعاب الحقيقة ، أما هو فتحدث دون حل وثاقه من حولها يقول بجمود :
– لن نرحل من هنا ناردين ، ويجب أن تعتادي على هذا المكان قليلاً .
ابتعدت ببطءٍ مميت تنظر لعينيه ، لا لن تصدق لسانه ولكن ستصدق عينيه التي أكدت لها جدية حديثه لتنصدم قائلة بصدمة تحاول استيعاب ما يحدث :
– لا أفهمك صقر ، كيف لن نرحل ؟ ،، هل تم احتجازنا هنا ؟
لف عينيه عنها ليقول بجديةٍ مطلقةٍ :
– لقد عدتُّ إلى عائلة موراكو ، وأنتِ أصبحتِ زوجة فردٍ منهم ، لذا فلن نرحل ، سنظل هنا دوماً .
هزت رأسها هزاتٍ متتالية لتردف پعدم تصديق :
– لاااا ، مؤكد تمزح ، أنت تكذب ، ألم تعدني بالخلاص ؟ ،، ألم تخبرني منذ ساعات أن كل شيءٍ انتهى وسنبدأ من جديد ؟ .
وقف يبتعد عنها ويردف بقسوة وجمود :
– والآن أخبركِ أنني عدتُّ إليهم ، تقبلي هذا حتى لا تصعبي الأمور علينا .
جن جنونها لتقول بهيستيرية وبكاء وهي تحاول الوقوف ولكن ما زال قيد قدميها قائماً :
– لااااا ، لن أتقبل شيئاً ، ولن أبقى هنا ثانيةً واحدةً ، أخرجني الآن ، أنت لستُ صقر ، أنت لستَ هو ، أخرجني من هنا الآن .
كانت تتحدث بصراخ واهتزاز وهو يطالع انهيارها بثبات انفعالي وصل لأقصى حدود تحكمه .
ليقول ببرود :
– حاولت ناردين ، حاولت من أجلكِ ولكن إما أن أقبل أو تقتلين ، لذا فلتكفي عن الصراخ ، من الآن وصاعداً نحن هنا .
تحرك يغادر الغرفة وتركها تنظر لأثره بذهول ، لا تصدق أبداً ، هل حقاً وافق على البقاء كي لا تقتل ؟ ، ولكنها الآن ميتةً ، بقائهما هنا يعني الموت ، لا في الموت رحمة ، بقائهما هنا يعني الجحيم ، لتجد نفسها لا تقاوم ، بل ظلت تحاول استيعاب حديثه بصمتٍ وتكورٍ كأنها عادت جنيناً ساكناً .
كان ميشيل يتابع من خلال الكاميرات هذا العرض الدرامي بتشفي وتباهي بذكائه وتخطيطه المذهل كما يراه .
صعد صقر وتحرك خارج الغرفة ليراه جالساً على المقعد ويتابع الحاسوب ، نظر له ببرود قائلاً :
– عملاً جيداً يا فتى ، هذا هو صقر ، لا مشاعر تحكمه .
وقف ينظر له بغموض ثم رفع عينيه على رجله الضخم الذي أتى بنارة ليقول بقسوة متسائلاً :
– أنت من لمستها ؟
نظر الرجل لميشيل ليتحدث بدلاً عنه ولكن ضحكة ميشيل صدرت لتؤكد لصقر أنه هو الفاعل .
صمت صقر لثوانٍ يخفض نظره أرضاً ثم عاد ينظر نحو ميشيل قائلاً بثبات :
– دعني أذهب إلى لحمام ثم أعود لزوجتي ، ولنبدأ أعمالنا غداً .
وقف يردف بحماس بعدما ظن أن صقر عاد إليه :
– حسناً ، سأنتظرك لنخبر العائلة بهذا الخبر السار .
خطى صقر خارجاً وتوجه عبر بعض الممرات يتجه نحو الحمام بينما أمر ميشيل رجله أن يتبعه وفعل .
دلف صقر الحمام ودلف خلفه الرجل ليتوقف عند الباب الرئيسي بينما تحرك صقر لإحدى المراحيض المغلقة ، خرج بعد دقائق ينظر نحوه قائلاً بخبث :
– لم تجبني على سؤالي ، هل أنت من لمست زوجتي ؟
كان يتساءل ويده تجد طريقها لجيبه ليجيب الرجل ببرود :
– هذا أمر سيدي .
وقبل أن يدرك الرجل أي شيئاً كان قلم صقر يخترق رأسه لتندفع الدماء بغزارة وسط جحوظ الآخر وهو يحاول نزع القلم ليترنح جسده يميناً ويساراً بعبث .
أخرج صقر سلاحاً من خصره محكوماً بكاتم صوتٍ ليصوب على قلب هذا الذي يدور فيسقطه أرضاً في الحال .
نظر له باشمئزاز ليلكمه بقدمه قائلاً بغضب :
– قلت لك سأخترق رأس من لمسها أيها الوغد .
مر من فوقه ليتجه نحو الخارج ويخطو عائداً إلى ميشيل بعد أن أخفى سلاحه الذي أخرجه من المرحاض والذي وضعه ماركو له كذلك وضع سكيناً حاداً معه وهي الآن بحوزته أيضاً .
وصل إليه حيث يجلس ميشيل وحوله رجلاً آخر ، نظر ميشيل خلفه وتساءل بترقب :
– أين رجلي .
التفت صقر يدعي النظر وهو يتقدم من ميشيل قائلاً :
– يقضي حاجته .
قالها مع حركة متقنة وذكية ويده تجد طريقها لنزع سلاحه مرة أخرى وهو يتوقف خلف ميشيل فجأة ليشهر السلاح في رأسه قبل أن يستوعب الحارس حتى .
صُدم ميشيل الذي أصبح تحت قبضته ليقول بجمود وذعرٍ تملكه :
– هل ستقتل والدك ؟
تحدث صقر بثبات وغضب وعينه على الحارس الذي يشهر سلاحه تجاهه ولكن إشارة ميشيل منعته :
– اخرس وإلا فجرت رأسك .
كان في أعلى لحظات تركيزه وثباته فالخطأ هنا مرفوضاً تماماً ، ليمد يده الخالية في سترة ميشيل وينزع عنه سلاحه ويصوب نحو الحارس دون تردد ويقتله فيسقط أرضاً ويبقى فقط ميشيل وهو .
تحدث صقر بثبات :
– والآن سنخرج من هنا سوياً ، أنا وأنت وزوجتي .
أوقفه يدفعه معه نحو تلك الغرفة التي تحتجز نارة بها ونزل الدرج معه وميشيل ينقاد صامتاً تماماً ومذعوراً .
وصل إليها فرأته وقبل أن تستوعب ما يحدث رمى لها سكيناً وهو يقول :
– اقطعي قيد ساقيكِ الآن وتعالي إلى هنا .
لم تجد وقتاً لتفكر فأسرعت تتناول السكين وتقطع هذا السوار لتحل قيدها وتترجل سريعاً متجهةً إليه مبتسمة وهي تقول بثقة :
– كنت أعلم أنك صقر ، كنت أعلم .
ليس وقته الآن نارة لنخرج من هنا أولاً ثم نتأمل عيون بعضنا البعض ، قال هذا بنظرته بينما نطق لسانه آمراً :
– كوني خلفي دائماً ، اتخذي من ظهري درعاً لكِ ولا تبارحيه .
أومأت له عدة مرات واتجهوا للأعلى ويده اليمنى تقبض على يدي ميشيل خلف ظهره واليسري تصوب السلاح على رأسه ليخطو في الممرات بحذر ويحاول التقدم بجنبه حتى تكن نارة تجاة الحائط ويتسنى له حمايتها ورؤية الجانبين .
تحدث ميشيل بغضب وتوعد وهو يراه ينجح في خطته :
– أنت تخطيت كل الحدود ، لن تنجو أبداً .
– اخرس .
قالها صقر وهو يخطو باتجاه الدرج العلوي ناحية سطح القصر ، بينما ظهر رجال ميشيل يحاولون إصابته ليردف بقسوة وهو يخفي نارة خلفه :
– انزلوا أسلحتكم وإلا فجرت رأسه الآن .
أسرع ميشيل يشير لهم برأسه خوفاً من تنفيذ تهديده فتوقفوا مرغمين بينما يتقدم صقر به حتى وصل إلى سطح القصر وقد علم جميع حراسه أن سيدهم بحوزة صقر ولكن رجلي صقر في الأسفل بدأوا بتبادل إطلاق النار معهم ليشغلوهم عن تتبعه وإصابته هو أو زوجته .
وقف على السطح وهي خلفه يدور حول المكان بترقب لظهور أي مسلح إلى أن أتت مروحية خاصة به وهبطت أمامهم ليردف بصراخ :
– اصعدي الآن .
أومأت وحاولت الصعود لتجد عمر يمد يده لها ، تعجبت ولكن لا وقت للدهشة لتصعد ويصعد صقر وميشيل معه وسط عجز رجاله وعائلته في خلاصه .
أقلعت المروحية سريعاً بهم لتبتعد عن القصر بعد دقائق ويزفر صقر أخيراً بارتياح .
نفض ميشيل أرضاً ونظر له بكره قائلاً :
– الآن يمكنني رميك من هنا أو تفجير رأسك ، ولكن للأسف لا يمكنني فعلها نظراً لحلفائك ، لذا فأنت معي إلى أن نصل في مكانٍ آمن .
نظر له ميشيل بكره وغضب وتوعد وهو ملقى أرضاً بينما نارة تنظر لما يحدث حولها بصمتٍ تام ، فقط لا تريد لعقلها أن يعمل الآن ، ما يهم أنهما خرجا من هذا القصر .
حلقت الطائرة إلى أن ابتعدت وهبطت بهم في مكانٍ مخصصٍ لها حيث ينتظرهم عدة رجال ومعهم سيارتين سوداوتين .
نظر صقر لقائدها قائلاً بجمود :
– أعده إلى قصره .
طالعه بحقد ثم ترجل وهو يتمسك بنارة وعمر يتبعهما واستقل هو وزوجته سيارة بينما استقل عمر الأخرى وغادروا على الفور .
عادت الطائرة تقلع بمشيل لتعيده إلى قصره .
بعد وقتٍ نزل من الطائرة على سطح قصره لتغادر وتركته في حالة غضب عارم يتحرك للأسفل حيث أسرع إليه رجاله يحاوطونه ويطمئنون عليه ولكنه كي يطفئ غضبه أسرع يلكم كل من تطوله يده .
نزل إلى لأسفل مسرعاً ومنه إلى وكره ليتناول هاتفاً تابعاً له ويهاتف أحداً ما قائلاً بنبرة متوعدة بعدما أجاب الطرف الآخر :
– اثبت لي إخلاصك واقتل صقر الآن وقبل أن يعود إلى مصر .
رد الآخر عليه قائلاً :
– لا تقلق ، أنا أنتظره في المطار ، فصقر أصبح ورقةً خاسرةً الآن .
ابتسم بشرٍ يقول بخبث :
– إذا وثق لي قتله في بث مباشر ، أريد أن أراه ويراني وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة
تحدث الآخر ببرود :
– حسناً لك هذا .
أغلق معه وجلس ينظر نحو الأمام بابتسامة شيطانية ينتظر مقتله ، هو من أوصله لاتخاذ هذا القرار ، هو من بات يشبه والده لذا فنهايته ستكون مثله .
وصلت السيارتين أمام المطار الخاص وترجلوا منها جميعاً ليحاول صقر أن يسرع نحو الداخل وهو يسحب نارة خلفه وعمر يجاورهما .
وقبل أن يخطو صقر داخل المطار كانت هناك رصاصة خرجت من هذا الذي ظهر بسيارته فجأة وترجل هو ورجاله يحمل في يده سلاحاً وهناك آخر يتبعه يصور ما يحدث من خلال هاتف يسجل في بث مباشر ، وصلت تلك الرصاصة إلى مبتغاها .
طلقة واحدة وأصبح كل شيء ضبابي ، وهي تراه يترنح بعدما أصابت ظهره ، نعم استهدفت ظهر صقر الذي نظر لها نظرة متألمة لأول مرة ،، يودعها الآن بعدما وعدها أن لا يتركها ، هل سيخون كل وعوده ؟ ،، لا لا لا لن يحدث هذا ، لن يحدث وداع ،، لن تتركه ولن يتركها ،، هذا ليس بخيار وإنما هو قرار .
أسرع عمر إليه يسانده ويحاول مساعدته وهي تصرخ وتبكي باسمه ذاهلةً مما يحدث .
علم صقر أن لا مفر وأن لابد من دفع الثمن فنظر إلى عمر وبأنفاسٍ مهدرة أردف وهو يحاول الصمود إلى أن تغادر فقط ورجاله يشتبكون مع رجال هذا الرجل ليقول بأنين مؤلم وغضب :
– خذها من هنا ،، خذها حالاً ، إياك أن يصيبها أذى ، افعل كما أخبرتك .
برغم عدم معرفة عمر بحديثه إلا أنه فهم عليه بينما تشبتت نارة به بقوة عنيفة ،، تعانقه بجنون وتصرخ بهستيرية قائلة :
كان يتألم ، جسده بالكامل يتألم ،، قلبه وروحه ألمهما يفوقا ألم الرصاصة التي استقرت في الجهة اليمنى من ظهره وتنزف ، ومع ذلك أبعدها عنه بغضب وصرخ بصوت حاد في عمر الذي يقف متحفزاً :
– خذها حالاً من هنا .
نظر له عمر بيأس ثم نظر لهذا الملثم الذى يقترب منهم ويصوب سلاحه ونظر حوله ليجد رجال صقر يسقطون ، لا مفر الآن ، إن بقى مؤكد سيموتون ثلاثتهم ، لذا انتزع جسد نارة الذي كان ملتصقاً في صقر يسحبها من معصمها وهى تصرخ وتحاول التيبس ناطقةً باسمه ولكن قبضة عمر باتت فولاذية على هذا الجسد الضئيل فلا رجوع عن قراره وهى تصرخ وتتحرك بجنون كي تذهب إليه بعدما شاهدته يسقط أرضاً على ركبيته أمامها وعينيه لا تغادران عينيها .
وصل هذا المقنع إليه ووقف أمام وجه صقر ليحجب رؤيتها عنه والآخر يتبعه ويصور سقوطه ويبثه لميشيل الذي يجلس يبتسم بتشفي له بينما ينظر إليه صقر بعيون زائغة .
صوب المقنع سلاحه نحو قلب صقر بتركيز وإتقان تدرب عليه وأطلق رصاصته نحوه فاردتد أرضاً تندفع الدماء منه وسقطت معه تلك التي كانت تصرخ وتحاول الإفلات من قبضة عمر .
سقطت لم تحتمل ما رأته ، هل هذه النهاية؟ ، دوماً كانت تحلم بنهاية سعيدة بل ببداية سعيدة ، دوماً كانت تظن أن الخير سينتصر كما في الروايات ،، دوماً كانت على يقين أنها تستطيع انتشاله من تلك الظلمة ليعيشا في النور سوياً ،، هل كل ما تمنته وخططت له ضاع الآن ،، أين هي وأين هو وما هذا العالم المظلم وما تلك الحياة الكريهة ،، حسناً لتسقط الآن ،، لتستسلم لتلك الغمامة التي تريد أن تبتلعها ، لتفقد وعيها أخيراً علها تستيقظ على واقعٍ آخرٍ فلن تحتمل فقده ،،، لن تحتمل أبداً أن يفارقها ، وهذا ما حدث بالفعل وسقطت ليسحبها عمر على الفور إلى الداخل ويساعده رجال صقر المتبقيين كي يصعد بها على متن الطائرة الخاصة المتجهة إلى مصر لتعود بدونه بعدما أتت معه .
- يتبع الفصل التالي اضغط على ( رواية ثري العشق و القسوة ) اسم الرواية