رواية ثري العشق و القسوة كاملة بقلم اية العربي عبر مدونة دليل الروايات
رواية ثري العشق و القسوة الفصل الثلاثون 30
ربّما يُجبرنا أشخاصاً مذنبين على اتباعهم وتقبلهم وحبهم برغم كل خطاياهم .
ربّمَا أجبرونا على انتشال كل مشاعرنا ونبضاتنا وخيوط أفكارنا نحوهم
نعم أُجبرنا بإرادتنا على مشاركتهم دوماً في أقصى لحظاتهم سعادة إلى أدنى قهرهم وحزنهم
حتى باتت الحياة مستحيلة الآن ونحن على قيدها حزناً على فراقهم .
نارة صقر الحارجي .
❈-❈-❈
بعد أن سقط جسد صقر أرضاً واحتضنته دماؤه وقُتل رجاله بينما البقية استطاعوا تأمين سيدتهم مع عُمر حتى دلفوا المطار .
وقف هذا المقنع ينظر له ثم نظر عبر الهاتف الذي كان يبث لميشيل كل ما يحدث وقال مترقباً بجمود بعد أن نزع قناعه ليظهر التجهم على ملامحه بينما هناك وميض حزنٍ في عينيه :
– والآن ماذا نفعل به ؟
تعمق ميشيل في ملامحه ثم قال مستفسراً بغضب :
– أراك حزيناً عليه .
تنفس بعمق ليجيبه بجمودٍ مماثل :
– هو من اختار نهايته ، والآن لا داعي للثرثرة وأخبرني ماذا افعل به .
ابتسم ميشيل بشر وتحدث وهو يفرد ظهره على مقعده بانتشاء :
– اسحبوا جثته إلى مقابر العائلة ، وادفنوه ليرقد مجاوراً لوالده الغبي ، وليكونا كلاهما عبرة لمن يخون ميشيل .
تأهب جسد الواقف يسمعه ثم أومأ بثبات وتحدث :
– حسناً كما تشاء .
ليردف ميشيل مجدداً بقسوة :
– وبث لي أيضاً دفنه ، أريد أن تراه عيناي وهو يتوارى تحت التراب لأطمئن .
أومأ الآخر وأعطى الهاتف إلى أحد رجاله ثم انحنى يحمل جسد صقر على كتفه ويخطو به نحو سيارته .
ألقاه في الخلف وأغلق الباب والتف مسرعاً نحو جهة القيادة يستقلها ويقود بدون حراسة بعد أن نزع الهاتف من يد الرجل وأخذه معه كي يبث الحدث إلى ميشيل .
❈-❈-❈
بعد عدة دقائق .
انتفضت نارة من مقعدها تصرخ باسمه قائلة بفزع :
– صـــــقــــــر .
كان عُمر يجاورها والطائرة في طريقها إلى مصر بعدما أقلعت سريعاً .
حاول تهدأتها بملامح حزينة قائلاً :
– نارة لو سمحتِ اهدي .
نظرت له باستنكار ثم نظرت حولها بجنون لتحل وثاق حزامها الآمن من حولها ثم حاولت القيام فترنح جسدها ليسرع عُمر إليها محاولاً منعها وهو يقول :
– نارة من فضلك اقعدي مكانك الطيارة دلوقتي في الجو ، كدة هتدوخي .
لم تعِرهُ أي اهتمام كأنه لا يُرى واتجهت تتمسك بالمقاعد وتخطو نحو باب الطائرة بملامح مذعورة ودموعها تنزلق بغزارة وجسدها بالكامل يرتعش وتنادي بوهن مرددة اسمه ، جسدها بكل ما به من عروقٍ وشرايين وأوردة يغلي وينتفض ويصرخ مستنكراً موته ، مجرى تنفسها أصبح كسم الخياط فباتت أنفاسها شبه معدومة .
تبعها عُمر يحاول تهدئها ويبتلع لعابه بقلق على حالتها مردداً بحزن :
– نارة لو سمحتِ ارجعي مكانك وحاولي تهدي علشان خاطري .
التفتت صارخة بانهيار في وجههُ :
– إنت ميييين ، مييين إنت ، أنا عايزة صقر ، لازم ارجع أجيبه ، صقر مش هيموت ويسيبني ، صقر عاااايش وانت خلتني اسيبه هناك لوحده .
قالتها مستنكرة بعيون جاحظة باكية وقلباً يتهاوى ليحاول عمر انتشالها من هذه الحالة قائلاً بنبرة حزينة :
– كان لازم أعمل كدة وإلا كانوا هيقتلوكي إنتِ كمان ، لازم أأمنك زي ما صقر كلفني ، هو اللي طلب مني كدة .
هزت رأسها بذهول لا تستوعب ولا تتقبل هذا الحديث ثم تركته وتابعت طريقها بترنح نحو باب الطائرة حتى وصلت إليه ومدت يدها تعبث به وتحاول فتحه وهي في حالة هيستيرية شديدة ظنّا منها أنها تستطيع ، كل ما تريده الآن هو العودة إليه وجلبه معها ، أخطأت حينما فقدت وعيها هناك ، وبرغم قفل الباب المتين الذي يستحيل فتحه بواسطتها إلا أنها كانت تقاوم لتفتحه .
لذا أسرع عُمر يمنعها ويضطر لنزع يدها من على مقبض الباب قائلاً بنوعٍ من الحدة :
– مينفعش اللي بتعمليه ده ، كدة هتأذي نفسك ، الباب مش هيتفتح متحاوليش .
نزعت يده من عليها حتى أن أظافرها جرحت يده قائلة بنبرة يشوبها الجنون وهي تحاول فتح الباب :
– ابعد عنــــي ، محدش يقرب لي ، ابعدووووا عني ، أنا عايزة صقر ، صقر عااايش .
قالتها بعد أن أتى رجلاً آخراً من رجال صقر ليمنعها ولكن عمر أوقفه بيده ليبتعد ثم التفت ينظر مجدداً إلى نارة قائلاً بنبرة مترقبة :
– نارة أنا عُمر ، من الدار يا نارة ، فاكرة الدار ؟ ، ماما لبنى ، أنا عُمر أخوكي .
لا يعلم لمَ قالها الآن ولكنه ربّما أراد أن يشغل عقلها بأمرٍ كبيرٍ كهذا بسبب ما أصابها .
وبالفعل تعمقت فيه لثواني بصدمة ودموع لم تتوقف ثم ما لبثت أن تخلت عن هدوئها اللحظي وعادت تردف بنبرة منكسرة مترجية يملؤها الحزن :
– هات لي صقر يا عُمر ، صقر عااايش ، رجعني ليه مينفعش اسيبه ، أرجوووووك رجعني عنده هجيبه ونرجع .
كانت تتوسله لذا تنفس بعمق ثم أومأ يحاول تهدئتها قائلاً :
– طيب اهدي وخلينا الأول نرجع مصر ونشوف هنعمل إيه .
تحولت نظرتها المنكسرة إلى أخرى وحشية وهي تقول بشراسة وجسدها ينتفض بعنف :
– مش هرجع ، مش هرجــع من غيـــــــــــره ، رجعووووني عنده وسيبوني معاااااه ، محدش ليه دعوة بياااا ، محدش ليه دعوة .
التفتت تحاول مجدداً فتح باب الطائرة لذا لم يجد عمر مفراً من أن يفعل ما نوى حيث مد يده نحو رقبتها عند نقطة يتقنها حيث شريانها السباتي وضغط عليه بإبهامه ضغطةً مبهمةً فضعفت حركتها وغابت عن وعيها وساعده في ذلك حالتها الانهيارية القوية لذا فأسرع يساندها ويسحبها معه عائداً بها إلى مقعدها في الطائرة .
مددها عليه ولف حولها حزام الآمان ثم اعتدل ينظر لها بأسف وشرود .
❈-❈-❈
في مقابر عائلة موراكو
وصل هذا الغامض بسيارته وتوقف يترجل ثم تناول الهاتف من جيبه وأعاد الاتصال على ميشيل بمكالمةٍ مرئية فأجاب ميشيل بغضب قائلاً :
– لمَ تأخرت ؟ ، أين كنت ؟
تحدث الآخر بجمودٍ وملامح مقتضبة :
– هل تريد أن يكشف أمري ؟ ، كنت أحاول الهرب من دوريات الشرطة يا هذا ، ولا تحتد عليّ مرةً أخرى ، والآن أخبرني ماذا أفعل ، أنا هنا بمفردي معه ولا أعلم أماكن القبور .
تنفس ميشيل يحاول أن يهدأ ثم تحدث :
– حسناً احفر له قبره بجوار والده ووالدته ، ستجد إسم مارلين موراكو أمامك ، ليرقد بسلام .
قال الأخيرة ثم ضحك بنبرةٍ شيطانيةٍ لعينة تمثله ليزفر الآخر وترجل يحمل الهاتف ويخطو بين قبور موراكو حتى توقف عند قبر مارلين موراكو وقبراً آخر يجاورها ليعلم على الفور أن هذا قبر ناصر والد صقر .
انحنى يتناول فأساً وضعت للحفر هنا وبدأ يحفر حفرةً مجاورةً بعد أن وضع الهاتف جانباً يبث ما يحدث إلى ميشيل الذي يتابع بدقة وتمعن .
❈-❈-❈
هبطت الطائرة على أرض مصر .
سحب عمر هاتفه وأعاد تشغيله ثم هاتف آسيا بعد قرارٍ قد اتخذه لتأتي إليهما فهي الوحيدة التي ستحتاجها نارة الآن .
أجابت آسيا بترقب قائلة :
– إزيك يا عُمر ، أخبارك إيه ؟
تحدث يجيبها بنبرة حزينة قائلاً :
– آسيا هانم ، ممكن تيجي على العنوان اللي هبعتهولك دلوقتي ، وياريت متتأخريش ، لأن نارة معايا وفاقدة وعيها .
انتفضت آسيا من مجلسها تردف بلهفة وعدم استيعاب :
– نارة ؟ ، فين ومعاك إزاااي ، وليه فاقدة وعيها ؟ ، عُمر إنت بتقول إيه فهمني .
تنفس بعمق وهو ينظر نحو نارة الراقدة لا تعي شيئاً وتحدث :
– يا آسيا هانم هحكيلك كل حاجة بس تعالي الأول لو سمحتِ ، هبعتلك العنوان حالاً .
أغلق معها وأرسل لها موقعه فتحركت في الحال ولكن لحقتها مايا التي استمعت إلى جزءٍ من المكالمة قائلة بلهفة :
– ملها نارو يا مامي ، ملها أختي ؟
سقطت دموع آسيا وهي تقول بنبرة متحشرجة وتلعثم :
– عُ عُمر بيقول ، بيقول إنها ، إنها معاه وفاقدة وعيها ، مش عارفة فيه إيه يا مايا ، هو بعتلي مكانهم تعالي نروحلهم حالاً .
اندفعتا سوياً نحو الخارج تستقلان سيارة آسيا التي باتت تقود مندفعة كي تصل إلى ابنتها الغالية لتعلم ماذا حدث ولمَ هي فاقدة للوعي وكيف وصل إليها عُمر ! .
❈-❈-❈
انتهى هذا الواقف من حفر حفرةٍ مناسبةٍ تجاور قبر ناصر الجارحي ثم حمل الهاتف مجدداً ينظر نحو ميشيل الذي بات يتابع بملل حيث قال :
– هيا الآن أرِني جزئي المفضل ، ادفنه بجوار ناصر الخائن ، ليذهبا سوياً إلى الجحيم .
أومأ الآخر وتحرك نحو سيارته يفتح بابها الخلفي ثم انحنى يلتقط جسد صقر ويرفعه مجدداً إليه يحمله على كتفه بهدوء ثم خطى به نحو القبر وانحنى ينزله ويضعه داخله برفق ثم اعتدل يقفز خارجه ويتجه نحو الهاتف حيث ناداه ميشيل قائلاً بتشفي وترقب :
– أرِني وجههُ .
زفر الآخر ولف كاميرا التصوير نحو وجه صقر المستقر داخل القبر فظهرت ملامحه الشاحبة أمام أعين ميشيل ، عاد بذاكرته إلى عدة سنوات ، نفس شحوب وجه ناصر آنذاك حينما قتله بدمٍ بارد ، نفس ملامحه ، نفس عقابه ، والآن نفس طريقة دفنه .
ليقول بقسوة وقلبٍ صنع من خليطٍ صلب كخرسانةٍ خصصت لبناء قاعِ الجحيم قائلاً :
– والآن ألقي التراب عليه حتى يختفي أثر صقر الجارحي من الوجود كما أخفيت أثر والده ، ثم عد سريعاً فهناك مهمة أخرى تنتظرك في مصر .
أومأ له بملامح ثابتة وحادة وأردف :
– حسناً ، سأدفنه وألقاء بعد قليل .
وضع الهاتف مكانه مجدداً ثم تحرك نحو القبر وحمل الفأس وبدأ في غمرها بالتراب ثم رفعها يلقي ما بها فوق جسد صقر وميشيل يتابع بملل وهو يتذكر لحظة هجوم صقر عليه ليبتسم بتشفي وملامح انتقامية لعينة إلى أن قرر أن ينهي الاتصال بعدما أتاه اتصالاً من مجهول قطع المكالمة المرئية .
❈-❈-❈
بعد وقتٍ وصلت آسيا ومايا إلى المطار الذي هبطت به الطائرة حيث أسرعتا نحوها وهما تريان عمر يقف ينتظرهما .
توقفت آسيا أمامه متسائلة بلهفة :
– بنتي مالها ، إيه اللي حصلها ؟
كانت مايا تنظر له بصدمة وتعجب لا تعلم ماذا يحدث وكيف أتى عُمر إلى هنا وماذا حدث ، بينما هو زفر بعمق ثم تحدث وهو ينظر لها بعيونٍ مجهدةٍ قائلاً بحزن :
– ناردين غايبة عن الوعي ، أنا طلبتلها الإسعاف وهما جايين حالاً .
جن جنونها وتركته حيث أسرعت تصعد الطائرة وتبحث بعينين متلهفتين عنها حتى وجدتها ممددة على إحدى مقاعد الطائرة وبالفعل غائبة عن الوعي .
اقتربت منها وقد ظهرت دموعها الغزيرة وهي تناديها بحنو :
– نارو ، حبيبتي اصحي أنا جنبك أهو ، اصحي ياعمري واحكيلي إيه اللي حصل ؟
أما في الخارج فقد اقتربت مايا من عمر ببطء متسائلة بترقب وحزن :
– عمر ممكن تفهمني فيه إيه بالضبط ؟
نظر لها بعمق ، لابد من إخبارهما بكل ما لديه ، لذا تحدث بنبرة جادة :
– تعالي معايا .
صعدا سوياً على متن الطائرة ثم اقتربا من آسيا التي تحاول إيقاظ نارة ولم تفلح لذا نظرت نحو عمر متسائلة بحدة :
– فهمني حالاً إيه اللي بيحصل هنا وبنتي حصلها إيه ؟
ابتلع لعابه ثم تحدث بتوتر وهو ينظر إليها تارة وإلى مايا تارة :
– صقر اتقتل ، خاله بعت حد وراه وقتله قبل ما ندخل المطار ونرجع مصر .
شهقت آسيا وجحظت عيناها بصدمة وذهول وباتت تهز رأسها باستنكار دون نطق حرف فقد عقدت الصدمة لسانها .
أما مايا فتقف غير مستوعبة ما سمعته وما يحدث وحال شقيقتها حيث نظرت لها ثم اقتربت تحاول إيقاظها قائلة وهي تربت على وجنتيها بنعومة :
– نارو ؟ ، فوقي يا نارو .
تململت نارة تنظر لهما بذبول ثم ما لبثت أن عاودت تنتفض وتنظر حولها بجنون باحثةً عنه ، وقفت تبعدهم عن طريقها وتتحرك بخطواتٍ مبعثرة هنا وهناك وتناديه علّه يجيبها .
أسرعت آسيا نحوها تحاول تهدئتها قائلة :
– نارو اهدي ، اهدي يا حبيبتي .
لم تستطع منعها حيث كانت في حالة من الضياع لذا التفتت تنظر نحو عُمر الذي يقف مكتوفاً الأيدي وقالت غاضبة :
– إيــــــــــه اللي حصــــــــل ، حد يفهمني بنتي مالها وجوزها فيــــــــــن ؟
نزلت دموع مايا في هذا الموقف الغريب الذي لا تستطع تفسيره بينما اتجه عُمر نحو آسيا وعينه كُبت على نارة التي تبحث عن صقر في أرجاء الطائرة كأنها فقدت عقلها دون نطق حرف .
تحدث بنبرة خالية الوفاض قائلاً :
– صقر كان رايح إيطاليا علشان ينهي أعماله مع عيلته ، لإنهم كانوا بيشتغلوا شغل غير قانوني ، بس لما خاله عرف خطف ناردين وهدده ، وطبعاً صقر قدر يرجعها بس خاله بعت ناس وراه وقتلوه قدامنا .
انسحب قلبها حزناً على ابنتها وعلى زوجها بينما اندفعت نارة نحوه بعدما استمعت إلى حديثه قائلة بعيني أنثى صقر جريحة تقول بحدة وهي تضرب صدره بلكمات من قبضتي يدها :
– صقر عااااايش ، صقر مماتش ، أنت السبب ، خلتني أسيبه لوحده هنااااااك ، رجعني عنده حالااااا .
لتعود لضعفها وتبعد يديها بعدما استنفذت طاقتها ثم انكمش وجهها بملامح متألمة وبدأت تمسح بكفها على صدرها تملس عليه ظناً منها أنها تستطيع إطفاء تلك الجمرة المشتعلة به قائلة برجاءٍ وضعف وحزنٍ شديد وهي تنظر في عين عُمر :
– علشان خاطري يا عُمر رجعني ليه تاني ، هو عايش صدقني مماتش تعالى نرجع تاني ناخده من وسطهم ، كدة هيموتوه فعلاً .
كانت آسيا تقف عاجزة ترى انهيار ابنتها بحالة مشابهة لها حيث باتت على وشك الانهيار هي الأخرى ، بينما اندفعت مايا نحوها تعانقها فجأة بقوة وتبكي بكاءً حاداً قائلة :
– كفاية يا نارو ، اهدي وتعالي نروح ، اهدي وكل حاجة هتتحل .
هزت نارة رأسها وهي تعانق شقيقتها بقوة وتردف بصوتٍ واهن ودموعٍ مستفاضة :
– صقر عايش يا مايا ، عايش صدقيني ، قولي لعُمر يرجعني أجيبه يا مايا ، قوليله هو هيسمع منك ، قلبي محروووق يا مايا مش هقدر أعيش من غيره .
ليرتخي جسدها بين يدي مايا وتفقد وعيها مجدداً لا تقوى على الصمود لذا أسرعت مايا تصرخ باسمها وركض عمر وآسيا يساندانها بحزنٍ شديد وقد أتى الإسعاف أخيراً كي ينقلها إلى المشفى .
❈-❈-❈
حل الليل على الجميع ، ليلاً يبدو حزيناً على غير عادة ، يحمل في طياته الكثير ، يشهد على غضبٍ وحسرةٍ اتحدا معاً ولن يمحيهما سوى الدماء .
في قصر موراكو
وقف ميشيل وسط عائلته يحتسون نخب مقتل صقر ، كان هذا آخر خيار وصل إليه بعد الذي فعله به .
يبدو أنه ظنّ دوماً ووثق في العلاقة التي شيدت بينهما ، يبدو أنه توهم أن صقراً خاضعاً له وسيظل دوماً تحت جناحه ، ولكن ما رآهُ منه اليوم محى كل ظنونه ليقرر القضاء عليه ، فهو ووالده سواء .
تحدث داروين بعد أن تناول كأسه في جرعةٍ واحدةٍ قائلاً :
– والآن دعنا نولي مهام صقر لابني سام ، تعلم أنه الوحيد الذي يستحق ذلك .
نظر له ميشيل بغضب وتحدث بجمودٍ عاصف :
– وهل أنت كبير العائلة لتقرر ؟ ، أنا هنا من يقول ويقرر ويفعل ، ومن سيتولى مهام صقر هنا أو في مصر هو ماركو .
غضب داروين وتحدث معترضاً وهو يشير لابنه الغاضب بعدم التدخل قائلاً :
– كيف هذا ؟ ، هل ستثق في إبن العـ.اهرة هذا ؟ ، هل أنت غبي ؟
أخرج ميشيل سلاحه من خصره وفي أقل من ثانية كان يصوب على تمثالٍ فخاري وضع مجاوراً لداروين جعله ينفجر فتنبه كل فردٍ وهو يقول بجمود :
– أنا لا أثق في يدي ، كما رأيت كنت أود قتلك ولكنها خالفتني وفجرت التمثال بدلاً عنك ، لذا فأنا لا أثق في أحدٍ قط ، ولكن الأنسب الآن هو ماركو ، هو من كان يجاور هذا الخائن ويعلم كيفية العمل مثله ، هو من سيمرر لنا شحناتنا بأقل خسائر ، ما يهمنا أولاً وأخيراً هو المال ، لذا فلن أخسر فلساً واحداً بعد الآن ، سأسعى لامتلاك دول الشرق ووضع حكمها في قبضتي ، سأسعى لأصل إلى عرش الزعيم ، لذا فالأمر منتهي ، هل فهمتم جميعاً .
تحدث الجميع في نبرةٍ واحدةٍ معلنين عن موافقتهم بقراره حتى لو لم ينل إعجابهم ورضاهم .
أما هو فشرد قليلاً يفكر في أمر تلك التي فرت هاربة وعادت إلى وطنها ، عليه أن ينهي أمرها في الحال ، فهي رأته وعلمت عنهم الكثير لذا فالوقت ليس في صالحه ، ليرسل من يقتلها قبل أن تخرج من صدمتها وتفضح أمرهم .
❈-❈-❈
في منزل سامح ليلاً وبعد أن عاد بزوجته من منزل أهلها ورؤوا عفاف أثناء مرورهم .
تجلس معه أمام التلفاز بعد أن نامت الصغيرة ، كان يتابع مباراة كروية مسجلة بانتباه وهي تفكر كيف تبدأ معه حواراً عمّا علمته .
حمدت ربها عندما انتهى الشوط الأول لتسرع بالحديث قبل بداية الشوط الثاني قائلة :
– سامح كنت عايزة أكلمك في حاجة .
تنبه لها ولف نظره إليها متسائلاً بترقب :
– خير يا زينب إيه اللي حصل ؟
زفرت بعمق ثم بدأت تفرك كفيها وتحدثت بنبرة متوترة :
– كان معاك حق يا سامح ، الظاهر كدة إن اللي أنقذ ريما يوم الحادثة دي هو صقر فعلاً ، ريما النهاردة عند ماما رسمته وهو لابس بدلة سبايدر مان وكانت متأكدة إن هو ، وقالت إنها شايفاه البطل بتاعها لإنه أخد الأشرار ومشي وقالهم متخافوش ، إنت عارف ريما وبمَ إنها متأكدة أوي كدة يبقى كلامها صح ، بس عمل كدة ليه وإزاي وليه أنكر ؟ مش عارفة ، اللي أعرفه إنك لازم تقابله وتتكلم معاه بصراحة وتفهم منه ، أظن ده حقك .
مسح على فمه وفكه بيده وتنفس ثم تحدث بشرود :
– أنا كنت حاسس ، يومها أصلاً هو اتوتر شوية بس أنا عديت الموضوع وقلت يمكن علشان أول مرة يشوفنا والبنت قالت كدة فجأة ، بس نهى قالت إنها كلمته وعرفته اللي حصل وهو طلب منها صورة لريما وبعتتله ، كل ده أكيد مش صدفة ، كمان أنا مش ناسي إن صقر إيده طايلة ويعرف ناس مهمة ، بس أنا خايف من حاجة يا زينب ، خايف منها أوي .
نظرت له بعيون متسائلة فتابع بقلق :
– أبويا اتقتل على إيد عصابة في إيطاليا ، الخوف ليكون صقر ليه يد مع الناس دي ، ساعتها يبقى بجد ربنا يستر .
شهقت بهلع وقالت :
– مش ممكن يا سامح ، انت بتقول إيه ؟ ، لاء أكيد فيه حاجة غلط ، مش انت كنت بتقول إن عيلة مامته عيلة غنية جداً ومعروفة في إيطاليا ومعروف إن عندهم مصانع عربيات وليهم فروع في دول كتير ، إيه بس اللي هيوصلهم للعصابات والناس الشر دول !.
زفر بقوة ونظر لها بعمق ، يخشى أن تكون تلك العائلة ذاتها هي من تدير هذا التنظيم الارهابي ، فكلما تعمق في الحقائق من حوله استنتج هذا ، حتى أن هذا يفسر له لمَ أنكر صقر حقيقة إنقاذه لابنته ، ولكنه يخشى التحدث بمَ في خاطره حتى لا تهلع أو تخاف لذا فكل ما عليه هو التحدث مع شقيقه في الحال ، فهو الآن مدين له بحياة صغيرته .
❈-❈-❈
في إحدى مشافي المدينة
تجلس آسيا تجاور نارة الممددة على فراشٍ طبي ومعلق في وريدها كانولا تسرب لها محلولاً معلقاً على حاملٍ علوي بعد أن تبين أنها تعاني من انهيارٍ عصبي وضعفٍ جراء ما حدث .
تنظر لها آسيا بعيون باكية وتتمسك بكفها الخالي وتملس عليه بحسرة والأخرى نائمة لا تعي شيئاً أو ربّما فضلت الذهاب لدنيا الأحلام بدلاً عن الواقع .
أما مايا فتقف مع عُمر في الخارج الذي يحاول تهدئتها بعدما أصيبت بحالة بكاءٍ حاد ، يردف بنبرة حنونة :
– مايا لو سمحتِ بطلي عياط ، ناردين هتبقى زي الفل متقلقيش ، اللي حصل معاها مش سهل بردو هي دلوقتي محتاجاكِ جنبها .
كفكفت دموعها وتحدثت بنبرة متحشرجة حزينة :
– أنا مش مصدقة يا عمر ، مش قادرة أستوعب ، صقر يتقتل معقووول ، من أهله ؟ ، وقدام أختي ؟ ، طيب نارو هتتحمل اللي حصل ده إزاي ، هتقدر تكمل حياتها بعد كدة إزاااي ، دي عمرها ما هتنسى الحادثة دي طول عمرها ، أنا هقدر أساعدها إزاااي بس يا عُمر ، قولي .
كان يقف في حالة مشتتة ، لا يعلم ما عليه فعله ، نعم مايا محقة في حديثها ، كيف ستتحمل تلك النائمة كل ما حدث أمام عيناها ؟ ، كل ما يعلمه أنه لن يتركهن وسيظل داعماً وحامياً لهن ، هن الآن بحاجته أكثر لذا تحدث مجدداً بحب :
– خلينا نكون جنبها وحواليها الفترة دي ، منسبهاش خالص ، فترة صعبة وهتعدي وربنا قادر يهون عليها ، بس لازم نعمل حاجة يا مايا ، وأنا معاكي ومش هسيبك أبداً لا انتِ ولا ناردين ولا آسيا هانم .
نظرت له بحب وتحدثت بضعف يغلفه الحب :
– شكراً يا عُمر ، بجد شكراً .
تنفست بعمق لتتذكر أمراً ما حيث نظرت له قائلة :
– هو انت ليه كدبت عليا وقلت إنك هتسافر مع صاحبك ، وإيه اللي سفرك إيطاليا أصلاً ، احكيلي كل حاجة يا عُمر وإزاي رجعتوا ، فيه حاجات كتير مش قادرة استوعبها .
ابتلع لعابه وتحدث بهدوء يقص لها الجزء الخاص به قائلاً :
– هو بصراحة صقر كلمني قبل ما يسافروا وطلب مني أسافر معاهم علشان أأمن ناردين لإنه مش عايز حد من رجالته يتدخل ، وحكالي على وضع عيلته وأنا مقدرتش أتأخر طبعاً ، بس هو حذرني إن أي حد يعرف ، حتى هو قال إن لو لا قدر الله انصاب اخد ناردين واهرب وكان منظم معايا كل الاحتمالات اللي ممكن تحصل علشان كان أهم حاجة عنده إنه يأمنها ، كأنه كان حاسس باللي هيحصل .
تغاضت عن كذب ومراوغة عُمر السابقة وعاودت البكاء وهي تهز رأسها مرددة :
– نارو مش هتتحمل كل ده ، صعب عليها جداً ، أنا لو مكانها هموووت .
قالتها بانهيار ليلعن نفسه ويقف عاجزاً عن احتوائها ومكبلاً بوعوده .
❈-❈-❈
رأته في حلمها ورحلتها مع اللا وعي ، كان يقف في المكان الذي تركته به .
يطالعها بعيون آسفة وحزينة ، يطالعها بنظرات تطلب عفوها فقد أخلف وعده لها .
تنفست بعمق وباتت تخطو نحوه بهدوء وترقب ثم رفعت يمناها تشير إليه ، ودت نطق إسمه ولكن فمها كأنه ملتصقاً فلم تستطع النطق ، كان يتحدث إليها ولكنها لا تميز حديثه فلم تستطع السمع ، فقط عيناها تراه وهو يقف ينتظر قدومها وكلما اتخذت خطوةً نحوه ابتعد هو خطوات دون حتى أن يتحرك ، كأن الأرض هي من تتحرك تحت أقدامه .
تحاول أن تصرخ أو تسرع إليه ولكنها فجأة وجدت يد تسحبها للبعيد بينما هو سقط في حفرةٍ اخفته تماماً عنها ولكنها أخيراً استطاعت الصراخ لتنادي بصوتٍ حاد اخترق الجدران وهي تقول وتستيقظ :
– صــــقـــــــــر .
كانت تتنفس بقوة وسرعة كأنها كانت تركض أو تبذل مجهوداً مضاعفاً لتسرع آسيا تحاول تهدئتها مرددة بحزن وهي تربت على يدها وتحتوي رأسها :
– اهدي يا حبيبتي ، اهدي أنا معاكِ ومش هسيبك أبداً ، علشان خاطري متعمليش في نفسك كدة .
تحاول آسيا ولكن عبثاً ، تحاول أن تنتشلها من تلك. الحالة ولكن لا أحد يعلم حالتها وما تشعر به سوى الله ، هو الوحيد القادر على ربط قلبها وقد كان ، فها هي تنظر حولها بعيون لامعة وتائهة حتى استقرت على وجه والدتها لتعاود النوم مجدداً بعدما تأكدت أنها كانت تحلم به .
❈-❈-❈
في إيطاليا يقف ميشيل ينظر إلى ماركو ويبث فيه القوة قائلاً :
– الآن الأمر متروكاً لك ماركو ، كل ما هو ملكي سيكون لك يوماً ، كل امبراطوريتي ستكون باسمك ، سيعلو شأنك في البلاد وسيهابك الجميع ، كل ما عليك فعله فقط هو طاعتي ، هل فهمت يا صغيري ؟
رفع ماركو نظره إليه يطالعه بملامح نُقش عليها الحزن والجمود قائلاً بنبرة جليدية :
– ماذا تريد الآن ، أولم تنهي كل شيء ، هل هناك المزيد ؟
احتقن وجه ميشيل وتجهمت ملامحه قائلاً بقسوة :
– اعتدل يا هذا وإلا جعلتك تجاور صديقك ، ماذا دهاك ، أتحزن على كلبٍ خائن بعدما أطعمته بيدي وفتحت له ذراعيّ ، أتحزن على من باعك فقط من أجل إمرأة .
تحدث ماركو بنفس النبرة قائلاً :
– ماذا تريد الآن ؟
تحدث ميشيل بنبرة مسمومة هامسة :
– طلباً صغيراً يا بني ، ستعود إلى مصر وتعمل بنفس طريقة هذا الخائن ، وتمرر لنا الشحنات القادمة بحذرٍ وسلام ، وسأزودك برجالي وأدواتي .
زفر ماركو يردف بجمود :
– حسناً ، هل هذا كل ما في الأمر ؟
ابتسم ابتسامة تشبه ابتسامة الثعلب الماكر حين النظر إلى فريسته وقال بخبث :
– تلك الفتاة ، أصبحت خطراً علينا ، هي علمت عنّا الكثير لذا يجب قتلها ، أرسل أحدهم ينهي حياتها في الحال ، أو افعل ذلك بنفسك .
❈-❈-❈
في اليوم التالي صباحاً .
استعد سامح للذهاب إلى صقر كي يتحدث معه فيما نوى .
كانت زينب تهندم له ملابسه وتفكر بشرود في حديثه أمس لذا زفرت قائلة :
– سامح هو الكلام اللي قلتهولي إمبارح ده ممكن يكون حقيقي ؟
تنهد يطالعها ثم ابتسم وتحدث بنبرة هادئة ليطمئنها :
– أديني هروح اتكلم معاه وأشوف يا زينب ، واللي هعرفه هاجي أقولهولك ، تعالي نفطر بس لحد ما تيجي نهى .
تحدثت وهي تتحرك معه خارج غرفتهما قائلة بترقب :
– بيتهيألي لو روحت لواحدك أفضل ، يعني تتكلم معاه بأريحية ، يمكن هو مش عايز نهى تعرف ؟
زفر وشرد ثم تحدث بما يعتليه :
– يمكن معاكِ حق بس أنا لسة مش متعود عليه ولا على بيته يا زينب ، مينفعش أقرر من نفسي كدة أروح واتكلم معاه ، نهى واخدة عليه عني وهتسهل عليا الكلام .
أومأت له برغم عدم رغبتها في اصطحاب نهى علّ صقر لا يستطيع التحدث بأريحية عمّا فعل أمامها ، ولكن من المؤكد أن سامح لديه حاجزاً ما زال قائماً تجاه صقر .
بعد ساعة كان سامح يقود سيارته وتجاوره نهى متجهان إلى الڤيلا .
تتحدث نهى بكلماتٍ شتى كعادتها وسامح يستمع ويفكر ويرتب حديثه مع شقيقه .
كان طريقاً طويلاً بعض الشيء وأخيراً وصلا أمام الڤيلا .
صف سيارته وترجلت نهى وكذلك هو وتحركا سوياً نحو البوابة التي يقف خلفها الحرس .
تحدثت نهى بابتسامة عفوية قائلة :
– صباح الخير عليكوا ، ممكن نقابل صقر لأني كالعادة برن عليه وموبايله مقفول هو ومراته .
نظر لها الحارس بعمق ، تبدو لا تعلم بما حدث وبالخبر الذي وصل إليهم ليلة أمس ، لذا تحدث بنبرة ثابتة حزينة قائلاً :
– صقر بيه اتوفى امبارح ، البقية في حياتكم .
ضيقت عينيها تطالعه بعدم فهم وقد انسحب قلبها حتى وقع عند قدميها بينما جحظت عيني سامح قائلاً بحدة وصدمة :
– انت بتقول إيه يا جدع إنت ، اتوفى امبارح إزاي ، فين صقر ؟
نظر له الحارس المصري بأسف ثم تحدث باستفاضة وحزن :
– صقر بيه سافر إيطاليا هو والهانم علشان يزور عيلته بس امبارح وصلنا خبر إنه اتقتل هناك ، منعرفش أي معلومات غير كدة .
تشبح وجهه بمعالم الحزن فوراً بينما صرخت نهى ببكاء وهى تتمسك في القضبان الحديدية للبوابة قائلة باستنكار :
– لاااا ، انت بتكدب ، هو مش عايز يقابلنا بس هو جوة صح ، مش مهم نشوفه بس هو جوة .
لتلصق فمها بين القضبان وتنادي بصوتٍ عالٍ يغلفه القهر قائلة :
– صــقــــر ، يا صــــــــقـــــر ، يا صقر هنمشي بس رد عليناااا ، رد يا أخووووويا .
قالت الأخيرة ببكاء وانهيار فأسرع سامح المصدوم يساندها قبل أن تسقط ، صدمته جعلت لسانه مقيداً ، مات شقيقه مقتولاً كوالده ، الماضي يتكرر ويعاد ، مات شقيقه بعد أن رآه وأنقذ له ابنته من موتٍ محتوم ، قتلوه قبل حتى أن يشكره ويتحدث معه ، مات صقر بعد أن انقشعت غيمة العداوة بينهما ، لتسقط دموعه وهو يسحب جسد نهى الباكية ويساندها حتى عاد بها إلى السيارة وفتح بابها وأجلسها .
جلست وقدميها متدليتين للخارج تبكي وتنتحب وتهز رأسها بعدم تصديق ويقف سامح عاجزاً عن مواساتها .
وقف أمامها ثم رفع نظره نحو ڤيلا شقيقه ، وقف يتأملها وسبح بأفكاره للبعيد ، يتذكر جيداً اللحظة التي علم بها بموت ناصر ، لم يبكِ ولم يحزن بل تحول الحقد الذي كان يغمره تجاههُ إلى صقر ، بات كل قهره وحزنه وعجزه مجمعاً في قلبه نحو صقر ، ولكن الآن هو حزين ، هو يبكي ، هو يحبه لذا تسقط دموعه حزناً عليه ، الآن بات نادماً عن كل لحظة تأخر فيها في مصالحته ومعرفته ، ليته ترك العناد وبحث عنه ورافقه لعل القدر اختلف ، ليته تخلى عن قهره واصطحبه معه لعله كان الآن بينهما .
ازدادت دموعه حتى أصبح وجهه غارقاً فيها ، ونهى تبكي بنحيب وتنادي عليه بضعف وعدم تصديق ، لتكن حالتهما كحالِ من بنى بيتاً حديثاً وشيده بكل مدخراته لسنوات ثم فجأة استيقظ من نومه ليجد أنه جالساً بين حطامه .
❈-❈-❈
في المشفى التي ترقد بها نارة إلى الآن وتتغذى فقط على هذا المحلول المتصل بوريدها ، الكل حزين على حالتها الانهيارية تلك ولكن ربما النوم هو أفضل علاج لها الآن .
تركتها آسيا وتحركت نحو دورة المياة لتتوضأ وتؤدي فرضها .
فُتح باب غرفتها وتسحب أحدهم في الخفاء للداخل ، تحرك نحوها حتى أخفى ظله معالمها ليكشف عن ما في يده والتي لم تكن سوى إبرة تحتوي على سائلٍ معين .
كشف غطاؤها ووخزها داخل المحلول المعلق ودفع محتوياتها به دفعةً واحدةً ليندمج السائل الخارج منها مع المحلول الذي يتقطر إلى جسد نارة .
وقف يطالع ملامحها ويزفر قليلاً وينتظر دقائقاً فقط ليرى أثر فعلته .
- يتبع الفصل التالي اضغط على ( رواية ثري العشق و القسوة ) اسم الرواية