Ads by Google X

رواية اوصيك بقلبي عشقا الفصل السابع و الثلاثون 37 - بقلم مريم محمد

الصفحة الرئيسية

  رواية اوصيك بقلبي عشقا كاملة بقلم مريم محمد عبر مدونة دليل الروايات 


 رواية اوصيك بقلبي عشقا الفصل السابع و الثلاثون 37


 
“أنتِ بحاجة لطفلٍ يا حبيبتي !”
_ مراد
وقفت تجلي بقيّة الصحون بذهنٍ شارد، رغم إنها ليست مضطرة للقيام بهذا، فهناك مغسلة مخصوصة تقوم بذلك عنها، لكنها كانت بحاجة لعملٍ تلهي نفسها حتى لا تتذكر تفاصيل النهار المؤرقة لعقلها و نفسيتها !
والديّ زوجها، جدته، لقد غادروا قبل ساعةٍ فقط، و لا زالت تستعرض أمام عينيها ما يضايقها حقًا، لا زال السيد “محمود” غير راضيًا عن زواج إبنه منها، ظهر ذلك في طريقته الجافة معه و معها، بالأخص في جملته التي قالها قبل المغادرة مباشرةً : “المرة الجاية نيجي نبارك في حفيدنا. شدي حيلك بس يا.. عروسة!” !!!
شعرت حينها بأن قلبها تفتت لمليون قطعة، بالكاد أمسكت دموعها، حتى خالتها بدت منزعجة كثيرًا من الوضع، إنها خالتها !
كيف تكون هكذا معها !؟
كانت لتتفهم لو أنها تزوجت من غريبٍ، و لكن، أمه.. إنها شقيقة والدتها، إنهما من دمٍ واحد، إنها في مقام أمها، كيف !!؟؟؟؟
الوحيدة التي أبدت لها القليل من العطف هي الجدة “نازلي”.. إنها امرأة مدهشة
جميلة حتى و هي في هذا العمر، طيّبة، حنونة، لم تجرحها بكلمة أو بنظرة حتى، و قد أثنت على طعامها و شكلها، لا تعلم لولا دعمها هي و “مراد” ماذا كان سيحدث لها بحلول الآن !!؟
-إيمي !
وقع الصحن الزجاجي من يديها في الحوض لحظة إتيان صوته من خلفها، أمسك “مراد” بكتفيها باللحظة التالية و تمتم بلطفٍ يطمئنها :
-إيه يا حبيبي ماتخضيش. ده أنا ..
سمعها تتنهد بقوةٍ، ثم تطرق برأسها و هي تستند بيديها إلى الحافة الرخامية، كان يعي بالضبط ما يحدث معها، لذلك بقي يلازمها، مد يده مغلقًا صنبور المياه، ثم أدارها في مقابلته، لف ذراعه حول خصرها و بيده الحرة رفع ذقنها ليجعلها تنظر إليه …
-ممكن أعرف إيه الحالة دي ؟ .. تمتم بصوتٍ خافت و هو يأبى قطع إتصالهما البصري لحظةً واحدة
أحسّت “إيمان” بتردد أنفاسه الدافئة على بشرتها، مع شعورها بيداه تلمسانها، كان هذا الاحتواء أكثر من كافٍ ليشجعها على التحدث إليه.. ففتحت فمها و صارحته بحزنٍ بَيّن :
-زي ما قلت لك يا مراد. جوازي منك لسا مش مقبول بالنسبة لباباك و خالتي. احساسي كان في محله ..
عبس قائلًا بجدية :
-بصرف النظر عن إيه إللي خلّاكي تقولي كده. أيًّا كان السبب. لازم تعرفي حاجة واحدة بس. أنا راجل راشد. مش معنى إن امي و ابويا موجودين إنهم يتحكموا فيا و في حياتي. أنا اختارتك. أنا إللي هاعيش معاكي عمري الجاي كله. زي ما انتي قررتي تبدأي معايا من جديد و سيبتي حياتك إللي فاتت كلها أنا كمان قررت زيك. مايهمكيش من حد. أي حد مش عاجبه دي مشكلته. أنا و انتي لبعض. انا و انتي بس بنتشارك الحياة دي. أمي و أبويا شوية و هايرجعوا مكان ما جم.. فهماني يا إيمان ؟
أومأت له و قد رقت نظرتها الدامعة، راح يمسّد على خدّها هامسًا بحنان :
-أنا دلوقتي مش عايزك تفكري أي حاجة سلبية. إحنا كويسين. أنا و انتي سوا و معانا لمى. بكرة هايبقى أحسن.. عارفة انتي هاتبقي كويسة إمتى يا إيمان ؟
نظرت له بتساؤلٍ و قد ملأها الفضول، ليبتسم و هو يدنو لاثمًا شفتها العلية و يغمغم :
-لما نخاوي لمى ! لما تخيبي مني بيبي مش بس هاينسيكي الماضي. ده هاينسيكي اسمك من مسؤوليته هو و أخته !!
نجح أخيرًا بانتزاع تلك الضحكة الملعلة منها، اتسعت ابتسامته و هو يرى نتيجة جهوده تثمر أمامه، أخذ يراقبها بحبورٍ و قد انتبه مجددًا لذلك الرداء المنزلي الذي ترتديه منذ مجيئ والديه و جدته
إنه أشبه بالثوب، بلون اللافندر و قد زركش به، قصير، بحمالاتٍ رفيعة، كانت فاتنة للغاية فيه …
-بس انتي تعبتي إنهاردة أوي ! .. قالها ماسحًا على رأسها :
-من حقك ترتاحي بعد المجهود ده. يلا تعالي معايا على الأوضة ..
و أمسك بيدها، لكنها قبضت على كفه مستوقفة إيّاه و هي حقًا لا تدرك نواياه :
-لسا عندي شغل هنا. و هاوضب الغدا بتاع بكرة
أنهى “مراد” النقاش بصرامةٍ :
-سيبي كل حاجة. أنا بكرة هاكلم عم رضا البواب يخلّي مراته تيجي تنضف لك. و لو على على الغدا نطلبه من برا أو نخرج ناكل برا. مش هاتعملي أي حاجة تاني الليلة دي أو بكرة خلاص انتهى !
أذعنت “إيمان” لرغبته مبتسمة، هذا الدلال و الاهتمام اللذان يصبّهما عليها صبًّا منذ زواجهما، إنها حقًا ممتنّة …
مشيت معه يدًا بيد وصولًا إلى غرفة النوم، و كانت ستخلد إلى النوم بالفعل ما إن استلقت على الفراش، لكنه أزاح الغطاء عنها متمتمًا :
-أنا قلت هاتريحي آه. بس مافيش نوم دلوقتي. لسا الليل طويل يا حبيبي !
رفرفت بأجفانها و حدقت فيه مطولًا، و رغم إنها تشعر بالتعب، لكنها أبدت موافقة على تلميحه قائلة :
-إللي انت عايزه. طيب أدخل أخد شاور ..
أمسك بمقدمة ساقها حيث يقف و قال :
-زي ما انتي. انتي زي الفل. خليكي بس مرتاحة. هاجيب حاجة و راجع لك
انتظرت بمكانها كما قال، فقط راقبته و هو يتحرك بالغرفة و شاهدته يلج إلى حجرة الخزانة و يغيب للحظاتٍ، ثم عاد حاملًا في يده قنينة شفافة ملصق عليها إحدى العلامات التجارية، لكنها لا تعلم ما طبيعتها …
-عايزك تفسّي دماغك خالص بقى ! .. قالها “مراد” بلطفٍ ناقد حركة يديه النزقتين و هو يزيل عنها الرداء الآن
شخصت “إيمان” بعينيها غير متوقعة تصرفه، لكنها لم تفزع على أيّ حال، إنما سألته باستغرابٍ :
-انت بتعمل إيه يا مراد !؟
خلع كنزته من رأسه ليتشعّث شعره الأسود اللامع تحت ضوء الغرفة الخافت، ثم جاوبها مبتسمًا بخبث :
-ماتقلقيش. لسا مش دلوقتي.. الأول بس نفك عضلاتك. حاولي تسترخي بس
لم تفهم ما يفعله بالضبط، إلا حين جاء و جلس القرفصاء عند قدميها، رفعت رأسها عن الوسادة لتنظر إليه و هو يمسك بالقنينة و يفتحها، ثم يسكب السائل الأحمر في كفّه بوفرةٍ، يضع القنينة جانبًا و يضم كفّاه سويًا كأنما يدعكهما و هو يقول مركزًا عيناه بعينيها اللامعتين :
-لازم قبل ما تحطي زيت المساج على جسمك تدعكيه في كفّك كده. عشان يسخن.. أول ما يسخن. تحطيه كده !
و حط بكفيه فوق مشطيّ قدميها صعودًا إلى ساقيها، هكذا صعودًا و نزولًا ببطءٍ، جعلتها لمساته تسترخي حقًا، و كأنه عازفٌ بارع، و هو يتنقل من جزء لجزء آخر من جسمها، مع كثافة انتشار رائحة الزيت الجّابة، كانت كناية عن رائحة الخوخ و المِسك، مزيج خطير، بحلول وصوله إلى نصفها العلوي و قد قلبها على وجهها ليدلّك ظهرها، لم تعد تشعر بأيّ تعب.. إنها فقط، مثارة …
-حاسة بإيه دلوقتي يا حبيبي !؟
إلتقطت أذنها صوته الرخيم من فوقها مباشرةً، و بخفةٍ الريشة إنقلبت على ظهرها لتواجهه الآن، فصار يطلّ عليها مبتسمًا بحميميةٍ، بادلته الابتسامة و خدّيها حمراوين مثل الخوخ الذي عطرها به، ثم قالت مطوّقة عنقه بذراعيها :
-حاسة إني طايرة فوق السحاب. هل ده منطقي ؟
أكد لها على الفور :
-منطقي جدًا. إللي مش منطقي بعد المساج و الراحة دي هو إللي هايحصل حالًا !
لم تسنح لها الفرصة لسؤاله، إذ أحسّت بيديه تسحبانها إلى عمق الفراش في طرفة عينٍ و ليست بحاجة أن تسأل بعد الآن، فنيته واضحة كل الوضوح، لم يسعها إلا مجاراته قدر استطاعتها و أن يعلو صوتها بالضحك المغري الذي يستخلصه منها بفنٍ …
_____
الصغيرة التي جافاها النوم بسبب ظلال الأشجار المتراقصة على حائط غرفتها الخاصة، لم تتمكن من الاستلقاء براحةٍ، كانت بحاجة ماسّة إلى أمها، فقفزت من سريرها بلا ترددٍ و ركضت عبر الردهة الطويلة لتصل إلى الغرفة التي تتشاركها أمها مع زوجها الجديد …
كانت ستدق الباب، لكنها تصنّمت بمكانها و هي تستمع إلى ضحكات الأخيرة، بدت لها سعيدة، من مجرد صوت ضحكها، تمامًا كما كانت في الصباح عندما نزلت من غرفتها و شاهدتها مع “مراد” في المطبخ و كأنه يدغدغها كطفلةٍ
ربطت “لمى” الفعل الذي هي مقدمة عليه بنتيجة فعلتها في الصباح، إذا قامت بازعاجهما الآن ستغضب أمها من جديد و ستصرخ عليها، لذلك لم تفعل، تراجعت “لمى” و الدموع ملء عينيها، جمعت كل مخاوفها و حزنها و انطلقت تجري إلى الأسفل، أضاءت غرفة المعيشة و شغّلت التلفاز على الرسوم المتحرّكة، ثم اندسّت في الأريكة ضامة ساقيها القصيرين إلى صدرها و هي تبكي في هدوءٍ
حتى لمحت بالصدفة هاتف والدتها الخلوي، لم تتردد و هي تمد يديها لتاخذه من فوق الطاولة أمامها، فتحته بسهولةٍ و نقرت على لوحة المفاتيح رقم جدتها، وضعت الهاتف على أذنها و دموعها تجري على خدّيها، لم تنتظر طويلًا حتى برز صوت الجدة …
-السلام عليكوا. مين !؟
-تيتة راجية ! .. خرج صوت الصغيرة مختنقًا بالبكاء :
-أنا. أنا لمى !

google-playkhamsatmostaqltradent