رواية حلم كاملة بقلم سارة مجدي عبر مدونة دليل الروايات
رواية حلم الفصل الثالث 3
خيم الصمت على الجميع لعدة ثوانى حتى وقف راغب و نظر إلى والدته و قال
-أنا هخرج بس أجيب حاجة وأرجع على طول
أومئت بنعم ليتحرك سريعاً لينفذ ما فكر فيه عله يخرجها من تلك الحالة سريعاً رغم يقينه من صعوبة ذلك .. لكنها تبقى محاولة من أجلها و إن لم تنجح سيجد غيرها فعقله الذى لا يفكر إلا بها سوف يبتكر الكثير من الأفكار
بعد أن غادر راغب وقفت نوار هى الأخرى و قالت
-هطلع أطمن عليها و أتصل بجنة تيجى تقعد معاها شوية يمكن حالتها تتحسن
وقفت رقيه وهى تقول ببعض الحزن
-ربنا يروق بالها و يصلح الحال .. و أنا هروح أشوف الغدا
و توجهت كل منهم لتقوم بما قالت … فى هذا الوقت كان راغب يبحث عن كل أنواع الشوكولاته بعد أن أحضر زهور القرنفل التى تعشقها ولفهم جميعاً بشكل مميز
أنتهى و توجه مباشرة إلى البيت و ظل ينظر و يتلفت حوله .. لا يريد أن يراه أحد .. تكفى نظراتهم له منها المشفق و منها اللائم و منها من يخبره كم هو مسكين .. و أيضاً هو لا يريد أن تعلم هى أنه هو من أحضر لها تلك الأشياء يكفى أن تشعر هى ببعض الشك أنه هو .. ذلك يكفيه و فقط .. وضع الأغراض أمام غرفتها و طرق الباب عدة طرقات و أبتعد سريعاً حين أستمع لصوت خطوات على السلم دلف إلى غرفته سريعاً و لكنه ظل يراقب الوضع من خلف بابه .. ليجد جنة تقترب من باب غرفة حلم وقفت تنظر إلى تلك الأغراض الموجودة أمام باب غرفة حلم ثم أنحنت تحملهم و طرقت الباب عدة طرقات و حين لم تجد إجابة فتحت الباب و دلفت
أغلق باب غرفته و توجه إلى كيس الملاكمة من جديد و بداء فى ضربه و لكن تلك المره بأبتسامة واسعة فهو يعلم الأن أن حلم سوف تبتسم و تعود إلى طبيعتها
*************************
ظلت واقفة عند الباب تنظر إليها ممدده على السرير فى وضعية الجنين أقتربت من السرير و وضعت الأغراض على طرفه أسفل قدمى حلم .. و أقتربت منها و جلست بجانبها تداعب خصلات شعرها .. رغم كونهم أصدقاء منذ كانوا أطفال إلا أنها لا تعلم الكثير عن حياتها .. حلم قليلة الكلام .. لا تتحدث عن عائلتها أو عن ما تشعر به .. أو سبب تلك الحالة التى تحدث لها من وقت لآخر
ظلت تداعب خصلات شعرها السوداء و هى تقول بابتسامتها التى ترتسم دائماً على وجهها ولا تغيب إلا نادراً
-أنا عارفة إنك صاحية يا حلم
فتحت حلم عيونها لتظهر غابات الزيتون التى تسكن عينيها و نظرت إلى صديقتها الوحيدة التى تبتسم ببشاشة
و أعتدلت جالسة دون أن تقول أى شئ لتقترب منها جنة تقبل وجنتها و هى تقول ببعض المرح
-بحب خدودك المقلبظة دى رغم إنك رفيعة و شبه خلة السنان لكن عندك خدود تتاكل أكل
لتبتسم حلم إبتسامة صغيرة .. لتكمل جنة من جديد و بنفس المرح
-قولى يا بنتى طريقة عمل الخدود المقلبظة عيب عليكى احنا أصحاب
لم تتمالك حلم نفسها و بدأت تضحك بصوت عالى .. لدرجة أن صوت ضحكاتها وصلت لذلك الذى يقف فى النافذة يحاول أن يطمئن عليها و حين سمع ضحكاتها أبتسم بسعادة و قفز فى مكانه يمسك ذلك العمود الحديدى و بداء يرتفع و يهبط حتي برزت عضلات ذراعيه .. وحين أنتهى توجه إلى سريره و تمدد عليه براحة و هو يتنفس الصعداء و أغمض عينيه براحة و قلب مطمئن
********************
ظلت جنة تتحدث مع حلم و تحاول إخراجها من تلك الحالة حتى يطمئن أخواتها و عائلتها بأكملها رغم عدم عرفتها بذلك السر الكبير الذى يجعل صديقتها فى تلك الحالة إلا أنها ليست فضولية و لا تدخل فيما لا يعنيها و رغم ذلك قد أخبرت حلم أكثر من مره أنها مستعدة أن تستمع إليها و كأنها تتحدث مع نفسها
توقفت حلم عن الضحك حين وقعت عيونها على تلك الحقيبة و بجوارها ورود القرنفل لتنظر إلى جنة بأندهاش و قالت
-أنتِ إللى جايبه الحاجات دى؟
نظرت جنة إلى ما تشير إليه حلم و قالت بابتسامة واسعة مرحة و لطيفة
-و أنا من أمتى و أنا جاية أزورك بجيب معايا حاجة … سيد عيب متقولش كده أحنا أخوات و مفيش الكلام ده بنا
لتضحك حلم من جديد لتكمل جنة
-أنا لاقتهم على باب أوضتك يا هانم
لتنظر حلم إلى الأغراض من جديد .. و هى تشعر من داخلها أنه هو من أحضرها .. بل هى موقنه تماماً أنه هو و ليس أحد غيره .. لتنتبه من أفكارها على صوت صديقتها تقول من جديد
تلاقى حد من أخواتك جابهم ليكى أو غسان أو يوسف .. كل العيلة أصلاً بتحبك و كلهم قلقانين عليكي
أومئت حلم بنعم .. فهى لم تقص على صديقتها أى شئ يخص راغب .. راغب الذى يعشقها منذ كانت صغيرة هى تعلم ذلك .. و الجميع يعلمه .. و لكن تظل عقدتها كما هى .. أنه رجل .. رجل كاوالدها و إذا كان والده و أخويه عكس والدها فى كل شئ إلا أن ذلك ليس ضمان لأن يكون هو الأخر مختلف إذا كان والدها سئ الطباع فعمها رجل ندر وجوده إذاً ما الذى يمنع أن يكون راغب كما والدها و يختلف عن والده و أخويه .. غير كل ذلك هى لن تسلم قلبها و حياتها لرجل .. لن تعيش أسيرة رجل يتحكم بها و يقتل روحها تدريجياً .. حتى تنقطع أنفاسها عن كل الحياة لن تكون مثل والدتها لن تسمح أن تنتهى حياتها كما أنتهت حياة والدتها
أغمضت عينيها بقوة تحاول تجاهل تلك الذكرى التى تحاول أن ترتسم أمام عينيها كجميع ذكريات والديها السيئة التي تخيفها أكثر و أكثر و تجعلها تبتعد عن الرجال أميال و أميال
***************************
فى غرفتها بالعيادة المشتركة بينها و بين زوجها … كانت تجلس بعد خروج تلك المريضة التى حددت موعد سريع بسبب حالتها الحرجة و التى تنبئ بولادة مبكره لذلك قررت عائشة إرسالها إلى المستشفى و سوف تلحق بها .. لكنها أعطت تعليماتها للمستشفى بعمل اللازم معها حتى وصولها
طرقات على باب غرفتها ثم دخوله المحبب مع إبتسامته المحببة إلى قلبها فمنذ كانت صغيرة وقعت فى غرام إبن عمها الشاب الهادئ الخجول .. صاحب النظارات الطبية و الذى أستغنى عنها بعد إجرائه لعملية جراحية فى فترة مراهقته أعادت نظره لسابق عهده و جعلت وسامته تزداد خاصة بجمال عينيه الساحرة .. لم تشعر ذات يوم أنه ينظر إليها بنظره مميزة فهو كان دائماً صامت عيونه داخل أحد الكتب .. وذلك كان يؤلم قلبها خاصة و هى كانت ترى مطاردة غسان لنوار فى كل مكان .. و إظهار حبه لها و رغبته فى الأقتران بها طوال الوقت .. و كانت نوار هى من تخجل و تختبئ منه قدر إمكانها .. لكن يوسف لم يكن كذلك يوماً كان دائماً يتجنبها هى و أخواتها .. يجلس دائماً فى غرفته فى أبعد نقطة فى حديقة البيت الكبير ليكون بعيد عن لعبهم أو الأختلاط بهم الكتب العلمية هى فقط صديقته المقربة
و لكن و حين دلفت إلى نفس الكلية التى كان بها … تحول فجأة و أصبح يتقرب منها يتودد لها .. يطلب توصيلها و يعلم مواعيد محاضراتها و ينتظرها حتى يعيدها إلى البيت و لم يستمر الوضع كثيراً و طلب يدها من جدها و والدها .. و بالطبع هى وافقت وبشدة
أقترب منها و وقف خلف الكرسى الخاص بها و مد يديه يدلك فقرات رقبتها برفق لتغمض عيونها باسترخاء لتأثير لمساته على جسدها و روحها و كلماته تصل إليها تهدء روحها و قلبها
-أعصابك مشدودة كده ليه يا عائش ؟
أخذت نفس عميق فكم تعشق ذلك الأسم منه تشعره محبب إلى قلبها .. ولم تجيبه بشئ و هو يعلم أنها لن تجيب هو يفهمها أكثر من نفسها يعلم جيداً أنها و رغم قوتها إلا أنها تتجنب ذكر والدها بأى شكل حتى حين يحدث موقف كالذى حدث اليوم تتظاهر بكأن شئ لم يكن و تتعامل بشكل عادي لكن يظهر ذلك على جسدها كالأن .. يعلم جيداً كيف تجنب عقلها ذلك الألم .. هى لا تعتبر والدها على قيد الحياة .. لا تتحدث إليه و لا تتحدث عنه .. كحال شقيقتيها رغم أن لكل منهم و على حسب طباعها ردت فعل مختلفة خاصة بوالدهم لكنه يتألم أكثر على حبيبة قلبة
أستمر لبضع دقائق فى تدليك كتفيها و عنقها ثم تحرك خطوة واحدة و أدار الكرسى لتواجهه ليجلس أرضاً على ركبة واحدة و هو يقول بعشق كبير
-أنا خايف عليكى مجهده و وشك أصفر مالك يا عائش ؟ بلاش تخوفينى عليكى .. و لو على إللى
لتضع يديها على فمه تسكت سيل كلماته و هى تقول بابتسامة صغيرة
-يمكن تعب من الشغل أو مجهود زيادة
يعلم جيداً أنها لن تتحدث عن الأمر و هو لن يضغط عليها … لكنها أبتسمت بمشاغبة و أكملت قائلة
-يمكن محتاجة أجازة و دكتور قلبي يعملى مساج أسترخائى مميز
ليبتسم بجانب فمه و عيونه يرتسم بداخلها شقاوة الأطفال و قال بمشاغبة تشابه مشاغبتها
-يا خبر أبيض ده أنا مقصر خالص .. أستعدى النهارده هعملك مساج
و مد يده يلمس ساقها من أسفل الفستان .. صعوداً إلى الأعلى و هو يكمل
-هيريحك على الآخر .. و يخليكى تسترخى و بعده مش هتقدرى تستغنى عن المساج بتاعنا خالص يا فندم
أوقفت يديه التى تداعب ساقيها و قالت ببعض الغضب الواهن
-يوسف عيب أحنا فى العيادة .. أستنى لما نروح
ليضحك بصوت عالى و هو يرى تورد وجنتيها بخجل و حبيبات العرق التى نبتت على جبينها و أبعد يديه عنها و رفعها بجانب وجهه و هو يقول
-أوامرك يا برنسس
ثم وقف على قدميه و هو يقول
-هروح على مكتبى بقا علشان أنا سايب ثلاث حالات بره
لتقف هى الأخرى وحملت حقيبتها و هى تقول موضحة
-و أنا رايحة على المستشفى فى حالة ولاده و شكلها كده الموضوع كبير و خطير
ربت على كتفها و هو يقول بتشجيع
-و أنتِ قدها يا قلبى .. ربنا يوفقك يا حبيبتى
سارت بجانبه ليغادرا غرفة مكتبها و توجه هو إلى مكتبه و دخل له إحدى المرضى و غادرت هى .. رغم إحساسها بالأرهاق و بأنها ليست بخير
*********************
جالس بداخل مكتبه فى الديوان رأسه مستريح على الكرسى و عينيه مغلقة بعد أن أنهى عمله و تأكد أن كل شئ يسير جيداً .. لا يشعر بالرغبة فى العوده إلى البيت أن إحساسه بالذنب يقتله .. منذ ذلك اليوم و أنقلبت حياته رأساً على عقب .. يحمل الأن فوق كتفيه ذنب كبير يعلم جيداً أنه حين يفضح سره لن يسامحه أحد و سيكون هو الخاسر الوحيد .. أن نوار هى عشقه الكبير .. من يوم وعى على تلك الحياة و هو يراها ملاك لديه جناحان أبيضان كبيران .. دموعها القريبة و سريعة النزول .. قلبها الحانى .. رقتها فى التعامل معه و كأنه إبنها و ليس أكبر منها بسنوات يتذكر حين كانت صغيرة خاصة بعد موت والدتها و كأنها أصبحت هى والدتهم .. رغم أن الفروق بينها و بين أخواتها ليست بالكبيرة معادا حلم إلا أنها و حتى تلك اللحظة هى الأم البديلة من بعد والدتهم
فتح عينيه ينظر إلى تلك الصورة الموضوعة على رف سفلى فى مكتبه خشيه من أن يراها أى من زوار الديوان .. يضعها هناك حتى يراها هو فقط
أبتسم لأبتسامتها الرقيقة التى تزين ثغرها و هو يتذكر يوم تزوجها لم يتحمل أن ينتظر حتى تنهى دراستها و تعهد لها و أمام الجميع أنه سيعينها على إكمال دراستها .. و أيضاً سيأجلون الإنجاب حتى تنتهى .. و دون أن يعلم أن الله قد قرر عنه أنه لن يكون أب أبداً
أغمض عينيه من جديد و هو يتذكر بعد أنتهائها من دراستها بأكثر من ثلاث سنوات و قد أوقفت وسيلة تنظيم الأسرة و لم يحدث حمل .. فجلست بجانبه ليضم يديها بيديه لتقول بخجل
-غسان
-نعم يا حبيبتى
أجابها و هو يقبل يديها المستريحة بين يديه .. لتبتسم بحب و عشق
-كنت عايزه أطلب منك طلب
نظر إليها بأهتمام و قال بثقه و ثبات
-نوار حبيبتى تأمر و أنا أنفذ بس
لتتّسع إبتسامتها الخجلة و تزداد تلك اللمعة العاشقة داخل عينيها لكنها قالت بخجل
-ربنا يباركلى فيك يا غسان .. و تفضل حنين كده عليا ديماً
ليقترب منها أكثر و قبل جبينها بحب و قال
-و يباركلى فيكى يا قلب غسان و روحه
ثم ربت على جنتها برفق و أكمل مستفهما
-عايزه أروح لعائشة أشوف سبب تأخير الحمل
أجابته بابتسامة مرتعشة لتختفى إبتسامته تدريجياً و أبتعد عنها قليلاً ثم قال
-نروح يا حبيبتى ..رغم أنى مش مستعجل على الموضوع ده .. و كمان خايف لما تخلفى تنشغلى عنى بولادنا و حبك ليا يقل
و عاد يقبل يديها مره أخرى ثم قال ببعض التوتر
-بس ليا عندك طلب ممكن ؟
أومئت بنعم سريعاً .. ليكمل هو سريعاً
-هنروح لدكتورة بس بلاش عائشة .. بلاش نخلى أى حد من العيلة يعرف أى حاجة عن الموضوع ده .. ممكن ؟
لم تتفهم سبب ذلك الطلب لكنها أومئت بنعم ليربت على وجنتها من جديد بابتسامة متوتره
عاد من أفكاره ينظر إلى صورتها من جديد و هو يقول
“أنا آسف يا نوار .. آسف رغم أنى عارف إن إعتذارى مش هيفيد بأى حاجة بس أنا آسف”
- يتبع الفصل التالي اضغط على ( رواية حلم ) اسم الرواية