رواية حلم كاملة بقلم سارة مجدي عبر مدونة دليل الروايات
رواية حلم الفصل الثامن 8
وصل أحمد إلى بيت حُسن ليجدها تقف هناك بجسدها الممشوق و فستانها الأزرق الذي يظهر مفاتنها لعينيه بجمال و إغراء و رقه حين وقف أمامها لتصعد إلى الكرسي المجاور له و أبتسمت و هى تقول
– هاي يا بيبي
– أهلاً ياقلب البيبي
و قبلها على وجنتها بحب لتقول هى بدلال
– هنروح على فين يا بيبي
أدار محرك السيارة و هو يقول
– على الشالية بتاعي فى الساحل … و ده يا قلبي بقى محدش يعرف عنه أى حاجة
داعب وجنتها بأطراف أصابعه و أكمل باستفهام
– بس مقولتيليش عملتي أيه فى عدنان
إبتسمت و هى تسترخي على الكرسي وقالت
– متقلقش هو كمان مسافر … عنده شغل غيري
و ضحكت بصوت عالي ثم قالت
– ياااااه يا أحمد أخيراً نرتاح شوية من عدنان و الكبارية و الزباين
نظر إليها بابتسامة صغيرة و قال
– أوعدك اليومين دول هيبقوا بالعمر كله
أعتدلت تمسك يده و قبلتها بدلال و داعبت باطن يديه بأنفها ثم قالت
– متعرفش محامي يكون شاطر كده يطلقني من عدنان
نظر إليها باندهاش ثم قال
– أول مره أعرف إنك عايزة تطلقي من عدنان
وضعت يديه على وجنتها و بدأت فى إغماض عينيها كقطة صغيرة يداعب صاحبها فروها الكثيف بدلال ثم قالت بصوت يحمل الكثير من الحزن و البكاء المصطنع
– أنت عارف يا أحمد عدنان بيعمل فيا أيه . و بيجبرني على أيه ، بعدين أنا مش بحب غيرك و مفيش حاجة بتمناها فى حياتي قد أنى أعيش قربك أنت الشخص الحنين إللى بيحبني و بيخاف عليا
أقترب منها يقبل جبينها سريعاً ثم عاد بنظره إلى الطريق و هو يقول
– نوصل يا قلبي و نتكلم براحتنا و أوعدك أنفذ كل إللى أنتِ عايزاه
أبتسمت بدلال و أغمضت عينيها و أراحت رأسها على الكرسي باسترخاء ثم فتحتها تنظر إليه بحب ثم ضغطت ذر مشغل الموسيقى و رفعت الصوت على أقصاه و بدأت بالتمايل على النغمات و تغني معها بصوتها الذي يخترق كل حواسه و يصل إلى قلبه مباشرة ناسياً ربه الذى يراه يفعل الفواحش و يمارس الزنا و ناسياً أبنته التي تصارع الموت و ناسياً أسم عائلته التى أصبحت فى الوحل
~~~~~~~~~~~~~~
ظلت حلم تصرخ بهستيريا كبيرة و راغب يحاول تهدئتها بمساعدة والدته حين خرجت نوار سريعاً تنادي الطبيب و حين كان يحاول راغب إمساك يديها تزيد فى صراخها حتى قالت رقيه بصوت عالي
– أبعد يا راغب أبعد
ليتراجع إلى الخلف مزهول من صراخ والدته عليه و لكن الحالة التي عليها حلم لا تسمح الأن لأى عِند أو إظهار أى مشاعر أو حب
تراجع إلى مكانه الذى كان يجلس فيه لكنه ظل واقف ينظر إليها بعيون حزينه متألمة
دلف الطبيب و مساعديه و طلبت الممرضة من الجميع أن يغادروا الغرفة لكن راغب ظل واقف مكانه لا يريد التحرك
يشعر بالخوف … يرى الخسارة أمام عينيه يريد أن يقترب منها يصرخ فى وجهها لماذا ترفضين حبي لماذا لا ترحمين قلبي الذى يتسول حبك و يرجوا قربك و يتمنى وصالك
ظل واقف فى مكانه و الطبيب يحاول السيطرة على حالة حلم و إعطائها حقنه مهدئة حتى بداء صوت صراخها فى الهدوء و بدأت كلماتها تتضح
– بكرهك بكرهك … هو إللى قتلها … هو إللى قتلني
خرج الطبيب من الغرفة ليلحق به راغب رغم أن جسده و روحه لا يريدان مفارقة جانبها
وقفوا ثلاثتهم أمام الطبيب الذى قال بأقرار
– أنا مش فاهم سبب للى حصل بس من الواضح أن المريضة بتعاني من أنهيار عصبي أنا أديتها مهدئ و أما تفوق هبعت لها الدكتورة النفسية من الواضح أنها محتاجة مساعدة
صمت .. إدراك .. وفهم و نظرة أخرى من رقيه لولدها تذكره بما أخبرته به سابقاً
– صاحى و لا نايم
– لا نايم يا ست الكل و روحى هى إللى بتكلمك
أجابها بمرح أضحك رقيه و هى تدلف من الباب و أغلقته خلفها و هى تقول
– عايزة أتكلم مع أبني شوية ينفع ؟
جلس جوارها على الأريكة و أنحنى يقبل يديها و هو يقول
– هو أنا أطول يا ست الكل … تحت أمرك طبعاً
ربتت على كتفه و هى تقول بحب كبير
– ربنا يبارك ليا فيك و فى أخواتك
صمتت لثواني كان هو ينظر إليها و بداخله يشعر أن ما تريد التحدث عنه يخص حلم … و أنهم على وشك المشاجرة ككل مره لكنه اليوم سوف يتحاور معها يحاول أن يوصل لها مشاعره و يوضح لها ما بداخل عقله من أفكار تجاه حلم
نظرت إليه رقيه و قالت
– أنا عارفة إنك عارف أنا عايزة أتكلم فى أيه ؟
أومىء بنعم … لتقول من جديد
– طيب و أخرتها يا راغب
أخذ نفس عميق و أعتدل ينظر إليها و قال و عيونه تظهر مدى حبه و وجع قلبه
– عارف إن الطريق لقلبها صعب و يمكن الكل يشوفه مستحيل بس قلبي مصدق أنى هوصل عقلي بيطمن روحى و بيقولي كمل
أخفض رأسه ينظر أرضاً ثم أكمل قائلاً
– تعرفي يا أمي أنا ساعات بفكر أيه إللى خلى عمي كده .. و محدش من عيلتنا زيه … و بعدين أرجع و أقول لنفسي طيب ما يمكن أنا أكون زيه فى يوم من الأيام … و أرجع ألوم نفسي
أعتدل ينظر إليها من جديد و قال
– خليني أحاول للآخر يا أمي
– أنا فاهمة كل إللى أنت بتقوله يا أبني بس أنا أم و عايزة أطمن عليك
قالتها رقيه ببعض الأستسلام
ثم قالت
– بس أنا عايزة أقولك أن مفيش أمل من حلم و أنت بتجري ورا السراب و مصدق أنه حقيقة
ثم وقفت لتغادر الغرفة و كان ينظر إليها حتى وقفت عند باب الغرفة و نظرت إليه و بقلب أم قالت
– ربنا يروق بالك يا إبني و يسعدك
عاد من أفكاره ينظر إلى والدته و لفت نظره أن نوار تجلس على إحدى الكراسي تبكى
فنظر إلى أمه باستفهام لترفع كتفيها بلا فائدة
~~~~~~~~~~~~~~
يقف أمام النافذة الكبيرة ينظر إلى تلك الأرض الواسعة أمامه بأشجارها العالية الكثيفة و اللون الأخضر المنتشر فى كل مكان ينظر إلى ذلك الظلام الذى بداء ينتشر فى كل مكان كذلك الظلام الموجود داخل قلبه
من يوم خرج من عند الطبيبة تخبره أنه غير قادر على الإنجاب أغمض عينيه يتذكر حواره مع الطبيبة
– خير التحاليل كويسة مش كده ؟
تركت الطبيبة الأوراق من يديها و نظرت إليه بوجه غير مفسر ثم قالت
– تحاليل مدام نوار كلها سليمة و مفيهاش أى مشكلة
أبتسم و هو يقول بسعادة
– الحمد لله … الحمد لله طيب و التحاليل بتاعتي ؟
صمتت الطبيبة قليلاً ليشعر أن هناك شىء ما … قطب بين حاجبيه و هو يسأل من جديد
– التحاليل بتاعتي يا دكتورة
أخذت نفس عميق ثم عدلت من حجابها و قالت بأسف
– شوف يا أستاذ غسان حضرتك عندك تشوه فى الحيوانات المنوية … كمان عددهم أقل من المعدل الطبيعي بكتير جداً … أنا آسفه بس حضرتك متقدرش تخلف
ظل ينظر إليها دون أستيعاب … ينظر إليها و كأنه ينتظر أن تتحدث و كأنه لم يستمع إلى حديثها التي قالته منذ قليل … رمش عدة مرات ثم قال
– أيوه يعني أنا عندي مشكلة و محتاجة علاج ؟
ثم قال بحماس
– مفيش مشكلة مستعد أخد أى دوا أو لو حتى محتاج عملية كمان معنديش مشكلة
هزت الطبيبة رأسها بلا ثم قالت موضحة بأسف
– للأسف يا أستاذ غسان … مفيش علاج ينفع مع حضرتك النسبه إللى موجودة قدامى أقل بكتير … بكتير جداً على إننا نشتغل عليها علشان تزيد
صمتت لثواني ثم قالت من جديد موضحة بشكل أكبر
– أحنى بنعمل التحاليل علشان نتأكد من سلامة الحيوانات المنوية و كمان عددها و نسبة التشوه و للأسف نسبة التشوه واصله تقريباً ل ١٠٠٪و عددهم أقل من ١٠٪ بأختصار حضرتك عقيم و بشكل تفصيلي أكثر عدد الحيوانات المنوية المنخفض هو أقل من 15 مليون من الحيوانات المنوية لكل ملليلتر من السائل المنوي أو أقل من 39 مليون لكل قذف. و النسبة الموضحة فى تحليل حضرتك أقل من كده بكتير و كمان يجب أن تكون الحيوانات المنوية فعالة وقادرة على الحركة إذا كانت حركة الحيوانات المنوية أو فعاليتها غير طبيعية، فلن يكون الحيوان المنوي قادراً على الوصول إلى بُوَيضة و الحيوانات المنوية فى تحليل حضرتك مصابه بتشوه كامل بنسبة ١٠٠٪… أنا آسفه بس مفيش أمل
لم يأخذ التحاليل و الأوراق منها خرج من العيادة لا يشعر بنفسه قدماه تتحركان لكنه لا يستطيع تحديد إلى أين يذهب عينيه تتجمع بها الدموع و لأول مره فى حياته يشعر بالضعف يشعر بقلة الحيله رفع عينيه إلى السماء و بداخله إحساس أن أبواب السموات و الأرض قد أغلقت فى وجهه … لم تعد قدماه تحملانه ليجلس أرضاً و دون شعوراً منه بداء بالبكاء كالأطفال بصوت عالي و هو يضم ساقيه إلى صدره و ظل على حاله لفتره طويلة يتجاهل هاتفه الذى لم يتوقف عن الرنين … يتجاهل نظرات الناس التى تمر من أمامه و يتجاهل من حاول منهم المساعدة … هدء صوت بكائه و بداء عقله يستوعب ما هو فيه … يستوعب الخسارة الكبيرة نوار ستتركه مؤكد لن تظل معه … لا يوجد أمل فى العلاج أو الإنجاب … لا يوجد فرصة له معها … سوف تتركه أو يمكن أن تظل معه لكنها دائماً ستجده السبب فى حرمانها من أن تكون أم … ستكون معه كونها تتفضل عليه حتى لا يظل وحده أو لأنه أبن عمها … و من المحتمل أن تجبرها العائلة على البقاء فى جميع الأحوال سوف يخسر نوار … إذا لم يخسرها بكليتها سوف يخسر روحها و قلبها الكبير الحنون سوف يخسر حبها له و نظرة الأحترام فى عيونها
وقف على قدميه و هو يقول
– لأ .. لأ مش هيحصل أبداً … مقدرش أخسرها مقدرش
نظر حوله ليكتشف أنه قد أبتعد كثيراً عن عيادة الطبيبة و عن المكان الذى ترك فيه سيارته … أوقف سيارة أجرة حتى تعيده إلى سيارته و عقله يرتب الأفكار … ماذا سيقول لها … هل يخبرها أن العيب منها و أنه سوف يبقي عليها معه لأنه يحبها … أم يخبرها أن لا مشاكل صحية لديهم و إن الأمر متروك للوقت و إيرادة الله
عاد من أفكاره على إحساسه بتلك الدمعات الساخنة التى تسيل فوق وجنتيه ليشهق بصوت عالي و هو ينظر إلى السرير الذي يجمعهم يومياً … و اليوم خالي منها … ينظر إلى مأذرها المعلق الذى يحمل رائحتها المميزة توجه إليه و أخذه يضمه إلى صدره بقوة و شوق و توجه إلى السرير تمدد عليه و المأذر بين ذراعيه يضمه كأنه يضمها و يشم رائحتها و همس قبل أن يغرق فى النوم
– أنا آسف يا نوار … آسف .. آسف
- يتبع الفصل التالي اضغط على ( رواية حلم ) اسم الرواية