Ads by Google X

رواية سند الكبير الفصل الرابع 4 - بقلم سعيد شيماء

الصفحة الرئيسية

  رواية سند الكبير كاملة بقلم سعيد شيماء عبر مدونة دليل الروايات 


 رواية سند الكبير الفصل الرابع 4

بكل قوتها تضرب على باب تلك الغرفة الذي وضعها بها أسيرها ثم اختفى، رأت بالكثير من المسلسلات الرجل الظالم و كان يراودها سؤال هل يوجد على أرض الواقع أناس بتلك الطريقة !!!! و ها هي ترى أرض الواقع بسهولة…

عائلة بالكامل لا يوجد بداخل أحدهم القليل من الرحمة، عالم آخر بعيد كل البعد عن عالمها البسيط، أصاب جسدها الإرهاق لتجلس على أرضية الغرفة باكية أين هي صافية لا تعرف؟!..

ضمت ساقيها إلى صدرها تسيطر على ارتجاف كل جزء منها، صوت أقدام رقيقة تقترب من باب الغرفة جعلها تنتظر طوق النجاة بترقب، فتحت الباب فتاة بأوائل العشرينات بجمال شرقي أصيل و على وجهها ابتسامة مشرقة..

اقتربت منها مردفة بقلق :

_ بتعيطي ليه يا مرات أخويا؟!.. حد زعلك في الدار و الا إيه…

انتفضت وعد بجنون صارخة :

_ مرات أخو مين أنتي كمان هو أنا ناقصة مصايب، العيلة دي شكلها كلهم مجانين في بعض…

شهقت الأخرى قائلة :

_ بس اسكتي أحسن يسمعك سند و الا ستي الجدة وقتها مش هيطلع عليكي نهار، أنا بس قولت اجي أطمن عليكي مكنتش اعرف إنك مش طايقة حد فينا..

أزالت وعد دموعها بابتسامة ساخرة ثم ردت عليها :

_ و أطيق حد منكم ازاي و أنتوا خاطفيني، سبيني لوحدي لو سمحتي…

ظهر الحزن على تعبيرات الأخرى قبل أن تقول بتوتر :

_ أنا آسفة همشي و مش هاجي هنا تاني، كان نفسي بس نبقى أصحاب مش أكتر، حقك عليا…

قلبها لعين به حنان يغطي العالم و يفيض، عضت على شفتيها قبل أن تردف بتردد :

_ استني أنا آسفة مكنتش أقصد أزعلك، طيب قوليلي أنتي مين عشان نتعرف على بعض…

عاد الإشراق إلى وجه شقيقته لتشير إليها بحماس متجهة إلي باب الغرفة تغلقه ثم جلست بجوارها على الأرض مردفة :

_ أنا همت أخت سند الوحيدة لما عرفت أنه ناوي يتجوز تاني فرحت أوي و جيت أتعرف عليكي…

ساعة كاملة من النقاش و المرح و عقل وعد واقف عند جملة واحدة “يتزوج ثاني” هذا الرجل متزوج و ربما لديه أطفال، لطالما حلمت بفارس أحلامها و ها هي تسقط من أرض الأحلام إلى كارثة الواقع..

إعجابها به من أول لقاء أو لنقول عناق يسقط بكل ثانية جزءا منه، بهتت معالمها…

يوم وقوعها بالغرام يكن بحب رجل قاتل متزوج لا يشبهها بأي شيء…

دلف الغرفة بطلة مميزة من أول طقمه الصعيدي الرائع إلى رائحة عطره التي تأخذ من رائحة جسده الكثير، نظرت إليه بطرف عينيها و هو يضم شقيقته التي ركضت إليه قائلة :

_ صباح الخير يا سندي…

أبتسم إليها قائلا :

_ صباح النور على أجمل بنت في كفر عتمان، قلب أخوها بتعمل إيه هنا بقى؟!..

أشارت إلى وعد بابتسامة طيبة قائلة :

_ كنت بتعرف على وعد يا كبير و طلعت طيبة أوي، هو أنا ممكن أخدها عندي الأوضة بدل ما تقعد هنا لوحدها…

قبل رأسها بهدوء مردفا :

_ دلوقتي روحي افطري و شوية و نيجى وراكي يلا….

أغلق الباب خلف شقيقته و عينه تأكلها ، يود معرفة ما يدور بداخلها و ربما ما بداخله هو، لماذا بعد ما رأته و تخطت حدودها معه يحتفظ بها؟!.

أخذ نفس عميق براحة نفسية من رعبها هذا، خائفة و هذا يعطي له الكثير من القوة ليكمل ما بدأه معها، نزل إلى مستواها على ساق واحدة ثم بأحد أصابعه يرفع وجهها إليه بذقنها قائلا :

_ خايفة من إيه هو أنتي عملتي حاجة يتخاف منها؟!.. ده المفروض تكوني في سعادة و هنا يا عروسة…

بتحدي كبير ضربت يده من عليها، تستفزه و تقولها صريحة أنت ليس بالعالم بمفردك، أجابته من بين أسنانها :

_ السعادة و الهنا دول لما أبقى أخدت الراجل اللي بحلم بيه مش أنت، و أنا مش بخاف من حد إلا ربنا.. اللي زيك أكيد ميعرفش حاجة زي دي، لو أنت آخر راجل في الدنيا مستحيل أتجوزك ، بتعمل كل ده عشان خايف أبلغ عنك يا مجرم…

حملها رغما عنها و جلس بها على الفراش، مستمتعا جداً بالحديث معها حتى لو خطأ عليها، يرى بها المرأة الذي أراد أن تحمل طفله بداخلها، متأكدا أن هذا الطفل سيكون خليط رائع بين القوة و الذكاء…

أخذ شفتيها الصغيرة يضغط عليها بأصابعه هامسا :

_ تؤ أنا أضمن سكوتك بأكتر من طريقة غير الجواز و أسهلها الموت، بس أنا مستخسرك في الموت، اللي زيك لازم ييجي منها نسل الكبير ، عايز منك كل سنة عيل أو اتنين لحد ما توصلي لسن اليأس…

وقح و هذه الوقاحة جديدة عليها هي معتادة على الاحترام و التقدير من الجميع ، عضت أصابعه التي تضغط على شفتيها بقوة إلا أن هذا لم يزيده إلا إصرار ، قائلة :

_ نسل إيه و سن اليأس ايه يا قليل الذوق و الأحترام ، طالما مش عايز تقتلني بقى فأنا بقولك مش هتقرب مني إلا لما تمطر في شهر سبعة…

يضحك معها من أعماق قلبه، لعبة جديدة تعطي للحياة بعض اللذة، سارت عينيه على جسدها بالكامل يحفظه و ربما يتخيله على الطبيعة، جذبت شرشف الفراش على نفسها يشعرها كأنها عارية ليقول هو بنبرة صارمة قبل أن يخرج من الغرفة :

_ معاكي عشر دقايق عشان تكوني على الفطار تحت لو اتأخرتي ابقي استني الغدا… الساعة اتنين…

___________

بغرفة السفرة…

دلف في موعده مثل كل صباح ليجد جدته و شقيقته بانتظار قدومه، أشار إلى شقيقته بالجلوس جالسا هو الأخر على مقعده، دقيقة و جاء موعد الطعام ليبدأ بطعامه…

و بين كل حين و الآخر تراقب عينيه الدرج منتظرا قدومها لا يتمنى أن تتمرد حتى لا يعاقبها، ضيقت السيدة حكمت عينيها قائلة بعدم رضا :

_ إيه حكاية جوازك و حكاية البت اللي فوق دي يا سند؟!.. من امتا ليك في لعب العيال ده…

وضع قطعة من الفطيرة الساقطة بعسل النحل قائلا بهدوء :

_ من امتا سند الكبير بيلعب يا حاجة؟!… دي هتبقى مراتي و هتحمل نسلي و بيها هيكبر إسمى و إسم عتمان الكبير…

رغم بساطة حديثه و هدوءه إلا أنه كان حاد محذر ، تعلم حفيدها لذلك أردفت بقلق :

_ طول عمرك راجل و كبير، بس أنا خايفة عليك يا ولد الغالي من الموضوع ده، كبير الكفر هياخد بت من براه و كمان عايزها هي اللي تشيل نسلك…

أومأ إلى جدته قائلا :

_ أيوة يا جدة هي دي أم الكبير من بعدي و مرات الكبير من دلوقتي…

تدخلت همت بالحديث مردفة ببراءة :

_ أيوة يا جدة، دي طيبة أوي و كمان حلوة أوي عيالها من سند هيبقوا حاجة في الجمال ده مالهاش وصف…

ابتسم سند على طفلته و ابنته البكر التي مهما كبرت ستظل كما هي صغيرة، نظر إلى ساعته متبقي دقيقة على انتهاء العشر دقائق و بعدها سيتصرف معها…

وصل إليهم رنين حذائها على الدرج بخطوات مترددة، دلفت للغرفة مقتربة من المقعد المجاور لهمت إلا أن قاطعها بصوته :

_ بوسي كف الحاجة حكمت الأول و بعدين تعالي أقعدي على الكرسي ده…

أنهى حديثه و هو يشير إلى المقعد المجاور له، رفعت حاجبها باعتراض إلا أن نظرته كانت غير قابلة للنقاش، نفذت أمره مقبلة يد تلك السيدة لتضع كفها الآخر على رأسها بحنان قائلة :

_ تسلم تربيتك يا بتي أقعدي افطري بس بعد كدة الساعة 8 تكوني على السفرة…

أومأت بلا تعبير و ذهبت للجلوس بالمكان الذي أمرها به، هي أضعف من الوقوف أمام وجه تلك العائلة الآن.. بدأت تأكل ليقول هو :

_ الليلة هييجي المأذون و الفرح هعمله بعد فرح همت و حمد الشهر الجاي لما يرجع حمد من السفر، يعني عشان تاخدي عليا أكتر..

_ ربنا ياخدك…

همست بها بصوت لا يكاد يخرج من فمها إلا أنه سمعه ليقول و هو ينظر إلى طبقه :

_ و اه صحيح أنا بسمع حركة النملة…

تنحنحت هامسة بتوتر :

_ هو أنت.. أقصد حضرتك يعني متجوز؟!…

_ لأ.. مطلق خمسة قبلك ادعيلهم بالرحمة الست تطلق مني من هنا و عمرها يخلص من هنا كأن روحهم كانت متعلقة فيا… سبحان الله…

______________

مر الشهر عليها سريعا بين الخوف من القادم و التحدي الدائم له، شهر واحد كان كفيلا بقلب الموازين لتقع الطبيبة بحب قاتلها، عشقت أدق التفاصيل البسيطة به، تنتظر وجبات الطعام على أحر من الجمر حتى تجمعها به سفرة واحدة…

لم استسلمت لما هو قادم لتكون زوجته و أم نسله كما يريد، أسرته أصبحت أسرتها رغم معاملة زوجة عمه السيئة لها…

و ها هو آت اليوم المنتظر يوم زفاف همت على البشمهندس حمد الذي سيأتي بعد ساعات قليلة من السفر…

أغلقت باب غرفتها خلفها و هي تضم فستانها الجديد هامسة :

_ الفستان ده هيبقى الذكرى الوحيدة و الأخيرة بنا يا سند…

ألقت على نفسها نظرة راضية بالمرايا قبل أن تقول بتوتر :

_ أنتي قوية يا وعد و هتقدرى تعدي المحنة دي و تبقى أقوى، روحي له قولي اللي في قلبك كله يا عالم هنتقابل تاني و الا لأ…

خرجت للحديقة تعلم أنه سيكون بها ليتابع ما يحدث بحفل الزفاف، اقتربت منه بخطوات رشيقة هامسة بصوت وصل لقلبه :

_ سند…

نطقت اسمه من بين شفتيها، لحظات مرت و هو يقف كما هو يغلق عينيه و يردد صدى صوتها برنين إسمه مستمتعا، يا الله على الروعة و الجمال.. أعادت كلمتها لتخرج منه آه مستمتعة، سيطر قليلا على انفعالاته و دار بجسده لها مردفا :

_ خير يا دكتورة…

_ اسمي وعد…

قالتها بهيام واضح على ملامحها مثل الشمس لتبدأ دقات قلبه بالارتفاع هامسا :

_ مش فاهم…

ابتسمت إليه مردفة :

_ عايزة أسمع اسمي منك من غير دكتورة…

ابتسم إبتسامة ماكرة ملامح الخبث و العبث الرجولي أخجلتها، جذب طرف وشاحها إليه قائلا :

_ و الدكتورة عايزة تسمع إسمها مني ليه…

حرارة جسدها أصابتها بالتعرق إلا أنها صممت على إكمال حلاوة اللحظة، ابتلعت لعابها مجيبة :

_ هو لما القلب يدق في وجود حد و العين تلمع، ريحته تحسسك بالأمان و صوته يعالج كل جروحك يبقى ده ايه، لما جسمك كله يرتعش من لمسته مع إنه مبسوط بيها يبقى ده ايه ده؟!…

هو نفسه لا يعرف ما تصفه هي، نفس شعوره و نفس رغبته الملحة بالاقتراب منها، لسانه أجاب دون أن يسأل عقله أو ينتظر تفكيره :

_ يبقى ده حب…

_ يبقى أنا بحبك بحبك أوي يا سند و دي غلطة عمري كله…

فرت من أمامه بعدما أعطت إليه إعتراف مغلف بالندم و قلة الحيلة، اختفت بنفس اللحظة التي وضعت بداخله أول نبتة لقصة حب أنتهت، لم ترحل من أمامه فقط بل رحلت بلا عودة، تركت روحه معلقة بها و روحها معه تبعد عن هذا الحب المحكوم عليه بالإعدام من البداية….

بالمساء…

بالحديقة…

بدأت مراسم حفل زفاف الشقيقة الوحيدة لكبير الكفر، و الجميع في انتظار قدوم العروسين، أما هي استغلت الزحام و خرجت من الباب الخلفي ملقية عليه نظرة أخيرة بأعين باكية :

_ امشي يا وعد يلا امشي أنتي مش شبهه و لا هو كمان شبهك لأزم تمشي… شكله حلو أوي و هو بيرقص بالعصايا…

توقفت فجأة مع رؤيتها للغفير يقترب منها صارخا :

_ ست الناس لازم تدخلي جوا دلوقتي قبل ما سي سند يعرف إنك عايزة تهربي أنا خايف عليكي…

_ أنا آسفة…

قالتها قبل أن تأخذ أحد المقاعد الموجودة و تسقط بها على رأسه….

انتهى الفلاش باااااك….

_______________

google-playkhamsatmostaqltradent