Ads by Google X

رواية في الحلال الفصل الثاني عشر 12 - بقلم رقيه طه

الصفحة الرئيسية

 رواية في الحلال (كاملة جميع الفصول) حصريا عبر دليل الروايات بقلم رقيه طه

رواية في الحلال الفصل الثاني عشر 12

عطر فمك بذكر الله الا بذكر الله تطمئن القلوب 💕
12\13
الحلقه الثانية عشر :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عـــاد إسلام إلي منزله والحزن يملأ قلبه ، دخل غرفته وجلس علي حافة الفراش لبعض الوقت ، لم يكن يتوقع هذا الرد القاسي من فاروق ، كان يعتقد أنه سيجد الحل عنده ، كان يتوقع أن يستطيع فاروق أن يريح قلبه ويساعده علي التخلص من مرارة الذنب التي تلاحقه ولكن حدث العكس تماما ، فحزنه قد زاد أكثر وأكثر .
نهض من فراشه محاولا تغيير حالته ، ذهب إلي الحاسب الخاص به وقام بفتح حسابه علي موقع الفيس بوك ، وجد العديد من رسائل ومنشورات التعزيه ، ووجد أيضا سبعة وثلاثون رساله من ســـاره ، لم يستطع أن يقرأهم لأن حالته لم تكن تسمح بذلك ، 

ولكن بعث لها رسالة لتطمئن عليه :
- ازيك يا ساره ؟ معلش مكنتش بفتح الأيام اللي فاتت دي علشان صديق عمري توفي ونفسيتي تعبانه شويه ومش قادر أكلم حد ، انا قولت أطمنك بس ، متقلقيش عليا وإدعيلي

كـانت سارة تجلس علي حاسبها في هذا الوقت وعندما وجدت رسالة من إسلام كادت أن تقفز من مكانها من الفرحه وكتبت بلهفه :
- أخيييرا يا إسلام رديت ، قلقتني عليك اوووي ، ربنا يرحم صاحبك ، شد حيلك وطمني عليك

تنهد بضيق عندما شاهد رسالتها وذلك لأن حالته لم تكن تسمح بالحديث مع أحد وكتب بتعب :
- انا الحمد لله كويس ..
- طيب صاحبك ده مات إزاي وحصل إيه طمني ؟

شعر بالإختناق عندما شاهد جملتها الأخيره وأحس وكأن المشهد يحدث أمامه مرة آخري فكتب بضيق :
- معلش مش قادر أتكلم دلوقتي خالص يا ساره ، انا قولت بس أطمنك عليا ، مع السلامه
وقبل أن تتحدث مره آخري وجدته قد أغلق الموقع بالفعل ، تنهدت بغضب وأغلقت حاسبها أيضا
_______________
في صباح اليوم التالي
 طرقت والدة إسلام باب غرفته فلم يجيبها فقامت بفتح الباب بخفه ودخلت لتوقظه فوجدته مستيقظا بالفعل وينظر لها بوجه خالي من أي تعبير فتبسمت بحنان وقالت :
- مش ناوي تروح الجامعه برضو يا إسلام ؟

وضع الوساده فوق رأسه وقال بعدم إهتمام :
- مش مهم !

أزاحت الوساده عنه وجذبته من قميصه بشده وقالت بحزم :
- لأ هتروح

ثم أخذت تصرخ في وجهه قائله :
- فــوق لنفسك كده وقوم يلـــا شوف مستقبلك الإمتحانات قربت ، هتضيع نفسك بإيديك وفي الآخر صاحبك مش هيستفاد حاجه برضو

ضحك إسلام بسخريه وقال :
- مستقبلي !! طيب ماهو كمان محمد مستقبله ضاع ؟!

إتسعت عيناها من الغضب وقالت بصوت حاد :
- صاحبك مستقبله مضاعش ولا حاجه ، ده قدر ومكتوب عند ربنا ، وأنا قولتلك قبل كده لو عايز تساعده بجد تعمل إيه وانت مسمعتش الكلام ، يبقي بلاش بقي تعيش دور الحزين وتناملي في السرير بالإيام زي الولايا

شعر إسلام بالغضب الشديد ولكنه حاول إنتقاء كلماته لأنه يتحدث مع والدته وقال بضيق :
- يعني إنتي شايفه إني بعيش الدور ؟ شايفه إني فرحان في موته وعامل نفسي زعلان يعني ؟ ماشي يا أمي شكرا

تنفست بعمق وجلست علي طرف الفراش وقالت بهدوء :
- أنا عارفه إنك زعلان عليه فعلا وإن محمد مكانش زي أي صاحب ، محمد كان أخوك وكان إبني انا كمان ، بس اللي انت بتعمله في نفسك ده مش هيرجع حاجه يا إسلام !

ثم نظرت له بإبتسامه وقالت :
- طول عمركم كنتوا بتتمنوا تكونوا مهندسين أد الدنيــا صح ؟ صاحبك مات بس إنت لسه عايش يبقي المفروض تحققله حلمه وتبقي إنت المهندس اللي بيشتغل بضمير ويخدم بلده فعلا زي ما كنتوا بتتمنوا !!

ظهرت ملامح الحزن علي وجهه وقال بتأثر :
- وصاحبي برضو كان بيتمني إننا نكون أحسن من كده ، كان بيتمني إننا نقرب من ربنا شويه ونعيش عدل بدل الإستهتار اللي كنا فيه ده ، ومات قبل ما يلحق يعمل حاجه

ثم ضحك بسخريه وقال مستنكرا :
- أحققله حلمه ده كمان إزاي بقي ؟!!

عقدت ذراعيها أمام صدرها وإبتسمت بثقه وقالت :
- تحققله حلمه إنك تكون إنسان بجد بيتقي ربنا ، تعمل بنصايحه اللي كان دايما بيقولهالك علشان الثواب يوصله ، تدعيله ، تطلع صدقه عنه ، تعمله أي حاجه تنفعه وهو ميت , فهمت ؟

أومأ برأسه إيجابا فأمسكته من كفيه وقالت بحماس :
- طيب يلـــا

نظر لما متعجبا وقال :
- يلا فين ؟!!

قالت بإصرار :
- هتروح الجامعه دلوقتي
أ
فلت يديه منها بهدوء وقال بلا مبالاه :
- مش دلوقتي .. بعدين

إزداد إصرارها وصرخت به قائله :
- أنا قولت هتروح دلوقتي يعني هتروح دلوقتي ، مش هسمحلك تضيع تعبي وتعب أبوك السنين دي كلها ، هتيجي علي أخر سنتين وتضيع ؟ لأ يا بابا إنســـــي ، يلـــا قوم فز

زفر بضيق وقال :
- يا أمي خلاص سيبيني في حالي دلوقتي طيب ، هبقي هروح الإسبوع الجاي إن شاء الله

أمسكته من ذراعيه وجذبته للخارج بشده وقالت بصرامه :
- لأ دلوقتي ، إخلص

- لا حول ولا قوة إلا بالله ، يا أمي طيب بكره طيب ، أنا مش طايق نفسي والله
- قولت هتقوم دلوقتي يعني هتقوم دلوقتي ، إخلــص بقولك !

نهض من مكانه مستسلما وفتح خزانته وقام بإرتداء ما رأه أمامه وذهب إلي الجامعه ، كانت الساعه الواحده ظهرا ولم يكن يعرف هل مازالت المحاضرات مستمره أم إنتهت في ذلك اليوم ، أخذ يتجول في كليته بلا هدف حتي وجد بعض من أصدقائه يأتون إليه من كل حدب وصوب ويأخذونه بالأحضان ويقومون بمواساته ، أخذ يحدث نفسه بكره :

- آل وفاكرينك أعز صديق ليه وجايين يواسوك كمان ؟!! والله إنت ما تستاهل تكون صاحب أصلا
أ
خذ شادي صديقه يربت علي كتفه بحنان ويقول مطمئنا إياه :
- طبعا إنت عارف إن الإمتحانات قربت ، والإسبوع اللي فات ده أخدنا المقرر والملغي ، فأنا بإذن الله هقعد معاك في الوقت اللي يعجبك ونعلم سوا علي اللي هييجي في الإمتحانات ، وشد حيلك يا بطل وخليك قوي كده ، ربنا يريح قلبك

نظر له بإمتنان وقال :
- ربنا يخليك يا شادي ، ماشي بإذن الله بس بعدين بقي علشان دلوقتي مش قادر

إبتسم بتفهم وقال :
- اللي يريحك ، أنا موجود وفي الخدمه دايما

صمت للحظات ثم نظر له وقال متسائلا :
- هو في محاضرات النهارده تاني ؟

أومأ برأسه نفيا وقال :
- لأ أخر محاضره لسه خارجين منها حـــالا ، تعالي بكره بقي علي السكشن بتاع 9 الصبح علشان بعده هنطلع علي المكتبه نجيب منها شويه مذكرات مهمين كده
- ماشي يا شادي بإذن الله ، بعد إذنك

تركه إسلام وسار بإتجاه باب الجامعه بسرعه كبيره ، خرج من الباب وإتخذ أول وسيلة مواصلات وجدها أمامه وعاد إلي المنزل علي الفور ، دخل منزله فسألته والدته عما فعل فقص عليها ماحدث وذهب لغرفته لينام مرة آخري
______________
وعلي الجانب الآخر بكلية التربيه خرجت سلمي مع صديقاتيها من أخر محاضرة لهن في ذلك اليوم ، جلست تتحدث معهما قليلا بخصوص ماحدث هذا الإسبوع ومايجب أن يفعلونه للخروج بأفضل نتيجه من إمتحانات آخر العام فتنهدت قائله :

- وبكده يا حلوه إنتي وهي عرفنا كل المقرر اللي علينا والمفروض بقي نذاكر ، السؤال هنا بقي : هنذاكر الحاجات الغريبه دي إزاي ؟

إبتسمت هند بمرح وقالت :
- زي ما عملنا السنه اللي فاتت بالظبط ، هنقعد نقرأ في الحاجات الغريبه دي ونحفظهم صم ونروح نكبهم في الإمتحان وخلاص

أخذت تحرك رأسها يمينا ويسارا بعدم رضا وقالت :
- بس انا مش مقتنعه بالحكايه دي يا هند ، يعني إحنا كده مش بنستفيد حاجه من كل اللي بناخده ده

نظرت لها هند بلا مبالاه وقالت :
- هو ده نظام التعليم في بلدنا يا سلمي ومفيش عندنا حل تاني

رفعت سلمي حاجبها وقالت بتفكير :
- لأ أكييد في حل ، وأنا بإذن الله هوصله

ثم جذبتهما من ذراعيهما وقالت بحماس :
- يلا نروح بقي يا عيال كده هنتأخر
______________
قرر إسلام مواصله الدراسه في الجامعه كي يجتاز فترة الإمتحانات بسلام ، كان كالآله يذهب ويعود بلا روح ، يستيقظ من نومه في الصباح الباكر ويذهب إلي الجامعه لحضور المحاضرات ويجلس في فترة مابين المحاضرات وحيدا لا يريد التحدث مع أحد ولا يريد أن يراه أحد ، يجلس في مكان لم يجمعه بمحمد كي لا تزيد جراحه ، يعود لمنزلة فيذهب للنوم .. يستيقظ من نومه ويظل جالسا أمام كتبه ومذكراته يذاكر بعض الوقت ويتذكر محمد وذكرياته في البعض الآخر وظل هكذا حتي نهاية فترة الإمتحانات ..
أما عن سلمي فهي أيضا قد إنشغلت بمذاكرتها وإمتحاناتها وحفصه أيضا ولم يتحدثا مع بعضهما البعض إلا قليلا
____________
إنتهت الإمتحانات وعاد كل إلي حياته ، أخذت سلمي تستعد لخطوتها القادمه في التغيير ، بينما إسلام كان يقضي معظم يومه في النوم هروبا من واقعه المؤلم وذكرياته مع محمد التي تلاحقه دائما وتجعله يكره ذاته ويكره كل يوم كان يقابل فيه إحسان محمد بإساءة حتي ضاع منه ،

 جلست سلمي تحدث حفصه لأول مره بعد إنتهاء الإمتحانات فكتبت بحماس وسعاده :
- هيييييح بقي خلصت إمتحانات وفضيتلك يا حجه ، خلاص مبقاش في أي حاجه تشغلني عن مواصلة طريقي

إبتسمت حفصه وأجابت بنفس الطريقه :
- هييييح بقي وأنا كمان خلصت إمتحانات وإتشغلتلك

ضحكت بتعجب وكتبت :
- يعني إيه ؟

إبتسمت حفصه بتلقائيه وكتبت :
- مش انا قولتلك يا بنتي إن فرحي بعد الإمتحانات ؟

تذكرت سلمي حوارها السابق مع حفصه فشهقت بذهول ممزوج بالسعاده وكتبت :
- هو إتحدد خلاص ؟ طيب إنتي كنت بتقولي حصل مشاكل مع خطيبك ، قوليلي وصلتوا لإيه صحيح

- اه يا ستي إتحدد ، بعد 3 أسابيع إن شاء الله

صمتت قليلا ثم كتبت بحزن :
- إضطريت أوافق إني أسافر مع إيهاب الإمارات ، أنا مكنتش عاوزه أقولك علشان متزعليش وقولت أستني لما تخلصي إمتحانات بقي

شعرت سلمي بسعاده بالغه وكتبت بمنتهي الحماس :
- الف مليووووون مبارررررك يا حفصه ، فرحت اوووووي والله ، وبعدين عادي يا ستي هبقي أكلمك وإنتي هناك ، ربنا يسعدك

لم تكن تريد أن تكسر فرحتها في هذا الوقت بالتحديد ولكن لابد أن تخبرها ولا يوجد حل آخر ، ترددت للحظات ثم كتبت :
- سلمي .. أنا مش هينفع أتواصل معاكي وأنا هناك

انتفضت سلمي من مكانها وإتسعت عيناها وكتبت بخوف :
- ليـــه يا حفصه ؟ يعني إيه ؟!! يعني أنا كده مش هينفع أكلمك تاني ؟

إبتلعت ريقها بإحراج وكتبت :
- للأسف يا سلمي مش هينفع يكون عندنا نت في الأول كده لظروف ما عند خطيبي ، بس أنا برضو واثقه فيكي وعارفه إنك هتعرفي تكملي طريقك لوحدك بإذن الله

كادت أن تسقط دمعه من عين سلمي وكتبت بألم :
- يا حفصه أنا إتعودت عليكي خلاص ، وإنتي كنتي سبب في كل الخطوات اللي أنا أخدتها دي ، أعمل إيه من غيرك بعد كده بس ؟

أغمضت حفصه عينيها وتنفست بعمق وإبتسمت بإطمئنان وكتبت :
- بصي يا سلمي .. إسمعي الكلمتين اللي هقولهوملك دول وحطيهم حلقه في ودنك وأوعي تنسيهم أبدا
" اللي معاه القرآن والدعاء مش هيكون محتاج لأي إنسان ، هما دول سلاحك اللي هتقوي بيهم نفسك "

تنهدت سلمي بحزن وكتبت :
- مش فاهمه ؟

أرسلت لها وجه برئ وكتبت هامسه بحنان :
- من خلال معرفتي بيكي الفتره اللي فاتت دي لقيتك إنسانه بسم الله ما شاء الله قويه وقادره علي نفسك ، بس كنتي محتاجه حد يشجعك تكوني أفضل وإنتي بالفعل بدأتي في الطريق ده ، مهما حصل ومهما كانت العواقب اوعي تقفي او توقفي تقدمك ده علي شخص ، يعني انا هروح .. لكن سلمي هتفضل موجوده ولازم تكمل طريقها ..
إبدأي إقرأي في الجروب من جديد وحددي خطواتك بنفسك ، لما تحسي إنك تعبتي ومش قادره تكملي طريقك إستخدمي سلاحك .. معاكي الدعاء والقرآن
إفتحي المصحف وانتي بتقولي لـ ربنا يـــارب إبعتلي رسالة ، إبدأي دوري كل يوم علي رسالة من ربنا ليكي لحد ما توصليلها ، إدعي كتير اوووي ربنا يقويكي ويثبتك ، اوعي يا سلمي تستسلمي للشيطان واوعي حد يضايقك بكلمتين ويخليكي ترجعي عن هدفك ..
معاكي قرآنك ودعائك يا سلمي فاهماني ؟ معاكي سلاحك يا سلمي اوعي تتخلي عنه .

تسللت الدموع من عيني سلمي دون أن تشعر بهم ، كتبت كلمات الوداع لـ حفصه :
- حــاضر يا حفصه هحاول ، هتوحشيني

إبتسمت حفصه برقه وكتبت :
- يا بنتي أنا معاكي أهو ، لسه فاضل 3 أسابيع متقلقيش ، إدعيلي بس ربنا يصلح حالي وييسرلي أموري وبإذن الله أول ما الظروف تتظبط هفتح الفيس وأكلمك بس الله أعلم ده هيكون بعد أد إيه ! !

- بدعيلك دايما والله من غير ما تقولي

- آخر حاجه بقي يا بطـــــل ، زي ما كنتي بتبعتيلي كل خطواتك وأنا موجوده ، إفضلي إعملي كده برضو حتي وأنا مش موجوده .. ممكن ؟
- كنت هعمل كده أصلا من غير ما تقولي ، لأن حتي لو إنتي مشيتي روحك هتفضل معايا .. ربنا يسعدك يا أحلي أخت في الدنيا
- إمسحي دموعك يا بت .. هتضربي

وضعت سلمي يدها علي وجنتيها فوجدت دموعها قد أغرفت وجهها بالفعل ، مسحت دموعها متعجبه وكتبت بذهول :
- إنتي عرفتي منين ؟!!
- حسيت :))
- ربنا يحفظك يـــارب
- ربنا يقربك منه أكتر ويجمعنا في الفردوس الأعلي اللهم آمين . معلش بقي هقوم دلوقتي علشان بجهز شويه حاجات كده  أستودعك الله الذي لا تضيع ودائعه
- مع السلامه يا حفصه
______________________
ظل إسلام علي هذه الحاله التي لا تتغير ، يستيقظ من النوم لينام مره آخري ، لا يعرف ماذا يفعل ، لا يجد طعم للحياه بدون رفيق دربه ، لا يعرف ماذا يفعل محمد الآن في قبره ، هل هو سعيد أم حزين ؟ هل قبره روضة من رياض الجنه أم حفرة من حفر النار ؟ هل طيبة قلبه وحبه لكل الناس سيكون سببا في دخوله الجنه ؟ ام أن الجنه أعدت لاناس يخافون الله بحق ويعيشون ويموتون علي طاعته ؟
تكاد رأسه تنفجر من كثرة التفكير فيضطر للنوم ليخرج من هذا العالم الملئ بالألم إلي عالم آخر لا يشعر فيه بشئ .أما عن والدته فهي لا تتركه أبدا ، تدخل عليه بين الحين والآخر وقلبها يعتصر ألما عليه ولكن ماذا تفعل ؟ فهو لا يريد أن يفعل شيئا سوي النوم .. قررت أن تحاول معه مره آخري وهي تدعو الله أن يستجيب هذه المره ، طرقت الباب طرقات خفيفه فلم يفتح كعادته فدخلت عليه ووجدته مازال مستيقظا وينظر إلي سقف الغرفه كما يفعل كل يوم ، 
نظرت إليه بحنان وقالت :
- إنت صاحي يا إسلام ؟

نهض من مكانه وإعتدل في جلسته وقال بإبتسامه خفيفه :
- اه صاحي

مسحت علي وجهه بحنان وقالت :
- عامل إيه يا حبيبي
أجابها بنفس الإبتسامه :
- الحمد لله

رفعت حاجبها بمكر ونظرت في عينيه بعمق وقالت :
- طيب ومحمد عامل إيه ؟
إزدادت ضربات قلبه عندنا سمع إسم محمد ونظر لها بذهول ولم يتحد ، 
أعادت عليه السؤال مره آخري وقالت بإصرار :
- بقولك محمد عامل إيه ؟

أجابها بنفس الدهشه :
- عامل إيه إزاي يعني ؟

إبتسمت قائله بتساؤل :
- تفتكر هو عامل إيه دلوقتي ؟

مط شفتاه للأمام وقال بضيق :
- مش عارف !

أمسكت كفيه ووضعتهما بين راحتيها وضغطت عليهما بشده وقالت :
- هو ممكن يكون محتاجلك دلوقتي يا إسلام .. لو عايز تساعده بجد يبقي حاول تغير من نفسك وتكون الإنسان اللي محمد كان عاوزه

أجابها علي الفور :
- منـا روحت لفــ ...
ثم قطع كلامه فجأه وإبتلع ريقه بأريحيه وقال :
- منا مش عارف أعمل إيه ولا أبدأ منين وكمان مش لاقي حد يساعدني .. أنا فعلا ندمت إني مسمعتش كلامه من الأول ، وخوفت أووي كنت أموت وأنا علي الحاله دي .. كمان خايف يكون دلوقتي بيتعذب ومش لاقي حد يساعده ولا يعمل له حاجه ، كل شويه أتخيل لو كنت أنا اللي موتت كنت هعمل إيه ؟!! مجرد التخيل نفسه مرعب

ربتت علي كتفه وقالت بإبتسامه :
- يمكن كانت غلطتي إني محاولتش أغرس فيكم الدين من وإنتوا صغيرين ، كان كل همي تكونوا مبسوطين ومتفوقين وأفتخر بيكم قدام الناس , يمكن أنا غلطت يابني بس مش لازم إنت كمان تكرر غلطي ، دور علي الصحبه الصالحه اللي تعينك وشوف طريقك وإمشي فيه صح ، بلاش تبقي عايش كده وخلاص .. أنا لما شوفت خوفك علي صاحبك وإحساسك بالمسئوليه تجاهه قلت لازم أجي أكلمك ولازم إنت كمان تعمل أي حاجه تساعده وتساعد نفسك بيها

نظر لها بسعاده وقال بفخر :
- أول مره أشوفك بتتكلمي كده يا امي

تحسست وجهه بحنان وقالت هامسه :
- لما شوفت موت محمد خفت إنت كمان تضيع مني وربنا ميكونش راضي عنك ، لازم تلحق نفسك يا إسلام محدش ضامن عمره يابني
- طيب أبدأ منين يا أمي ؟ جايز لما أبدأ أحسن من نفسي شويه أحس إني إرتحت وبدأت أحقق وصيه محمد

عادت للخلف ونظرت إليه بتعجب وكأنها تذكرت شيئا ما وقالت بتفكير :
- صحيح يا إسلام مش إنت كنت بتقول إن محمد عنده واحد صاحبه كده متدين ؟ ماتشوفه يابني يمكن ياخد بإيديك

شرد إسلام قليلا وهو يتذكر توبيخ فاروق له ، تذكر أيضا عندما ذهب لمنزل فاروق ولكنه لم يعره أي إهتمام .. إنتشلته من شروده وهي تكرر كلامها فقال:
- لأ مش هينفع يا أمي .. قوليلي حل تاني

اخذت تفكر لثوان ومن ثم قفزت من مكانها بحماس وقالت :
- أنا إزاااي مجتش في بالي الفكره دي ، يابني الشباب الكويسين هتلاقيهم مواظبين علي الصلاة في الجامع ، حاول إنت كمان تصلي كل الصلوات في الجامع وبإذن الله أكيييد هتلاقي الصحبه الصالحه هناك

ثم نظرت إليه بعمق وقالت بصرامه :
- لأ مش حــاول ، ده إنت لازم تعمل كده

أُعجب إسلام بالفكره وقال بحماس :
- عندك حق .. أكييد هلاقي حد زي فاروق هناك
__________________
غادرت والدته الغرفه وقد اطمئن قلبه قليلا بعد حواره معها وأخذ يفكر في خطوته القادمه ولكنه سرعان ما أحس بالملل فذهب لإحضار الحاسب الخاص به ووضعه علي الفراش ، فتح حسابه علي موقع الفيس بوك ونظر نظرة سريعة علي قائمه أصدقاءه فوجد ساره متصلة الآن ..
وجد نفسه سريعا يغلق الحاسب مره آخري ، لا يعرف لماذا ؟ هل أصبح لا يحبها ؟ أم إنه لا يرغب في مزيد من الذنوب ؟ والأرجح هو الحل الثاني .. أخذ يفكر قليلا هل سيفتحه مره آخري أم لا ولكن قطع تفكيره صوت طرقات الباب ، ظل ينادي علي والدته وعلي هند عدة مرات لكي تفتح إحداهما الباب ولكنهما لم يسمعانه فقرر أن يذهب ليفتح هو ..
 فتح بإبتسامته المعتاده ولكن سرعان ما تحولت هذه الإبتسامه إلي حاله من الذهول
 وقال بصوت مختنق :
- مــــحـــــمــــــــد !!

لــ رقيه_طه
يتبع..............عطر فمك بذكر الله الا بذكر الله تطمئن القلوب 💕

  •تابع الفصل التالي "رواية في الحلال" اضغط على اسم الرواية 

google-playkhamsatmostaqltradent