رواية في الحلال (كاملة جميع الفصول) حصريا عبر دليل الروايات بقلم رقيه طه
رواية في الحلال الفصل السادس والاربعون 46
عطر فمك بذكر الله الا بذكر الله تطمئن القلوب 💞
46/47
الحلقه السادسه والأربعون ( وقبل الأخيره ) :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مــــر إسبوع تلو الآخر وإزدادت التجاوزات الهاتفيه بين هند وخالد بشكل كبيــر ،
ومع زياده التجاوزات إزدادت أيضا آلام هند ، فقد تحولت حالتها من مجرد شعور بتأنيب الضمير إلي شعور دائم بالإختناق والإحتقار ، كانت تستيقظ في الليل علي العديد من الكوابيس وأيضا تجد نفسها تبكي بلا سبب بل وتنهار من البكــاء ، شعرت أنها تكره ذاتها بحق ولم تعد تري أحدا أو تخرج من غرفتها إلا للضرورة ..
كلما كانت تتحدث مع خالد وتخبره بما تشعر به من ذنب كان يضحك منها ساخرا ويكمل ما كان يفعله ، رغم ضعفها أحيانا إلا أنها دائما ماتشعر بالوجع فور إنتهاء مكالماته ..
ظــلت علي هذه الحالة عدة أسابيع حتي وصلت إلي كره مكالماته ، لم تعد تستطع رؤية إسمه علي هاتفها أو حتي لقائه ، لم تعد تستطع أيضا رؤية إسلام وكانت دائما ما تتصنع النوم عند حضوره ..
ظلت تفكر كثيرا في طريقة تحاول بها الإحتفاظ بخالد وأيضا تتحاشي حالة الشعور بالذنب تلك ولكنها لم تجد ، أصبحت تحدثه تلك الفتره بلا روح ، تحدثه فقد حتي لا يغضب ولكنها لا تشعر بشئ سوي المراره والوجع ، كانت في بعض مكالماتها له تغضب عليه أو ربما تصرخ أو تغلق الهاتف في وجهه ولكنها تعود مرة آخري وتعتذر وتكمل ما كانت تفعله ، مرت عليها الآيام وكأنها سنوات من الألم والإستحقار والضياع ..
ولكنها في يوم من الأيام وأثناء محادثتها له لم تستطع الصمت والتحمل أكثر من ذلك لأنها ضغطت علي ذاتها كثيرا وهو مازال مسترسلا في حديثه العفن ، صرخت به بأعلي صوتهـــــا قائله :
- خـــــالد كفايه بقي كفـــــــايه ، أنا تعبت وكرهت نفسي وكرهتك وكرهت الدنيـــــا كلها ، عماله أقولك همـــوت وإنت مش حاسس بحاجه ، عماله أقولك حاسه إني هدخل النار وإن خلاص ربنا مش هيغفرلي وإنت برضو ولا هامك حاجه ، عمالة أقولك مش عارفه أطلع من اوضتي ولا أحط وشي في وش أهلي وإنت برضو ولا حاسس ، إيـــــــه بقي حرام عليك حـــــــــرام
إرتمت علي فراشها وقالت بتعب :
- نفســــي أرجع هند بتاع زمان بقي ، نفسي أرجع بعرف أضحك وأهزر تاني ، حـــرام عليك بجد إرحمني وساعدني ، ده أنا كانت أكبر مشاكلي إني بسمع أغاني وأسلام بييجي يزعقلي ، دلوقتي بقيت مقرفه أوووووي أكتر من اللازم ، كرهت نفسي أوووي ومبقتيش عارفه أبص في المرايه أصلا ، كرهت مكالماتك يا خالد ومبقيتش طايقاك ، بجد تعبت أوووووي إرحمني بقي ، قولتلك مليـــون مره نتكلم عدل وإنت مفيش فايده ، قولتلك تعبانه ومش مرتاحه وإنت برضو تقول عادي ، قولتلك كرهت نفســـي وإنت برضو مش حاسس بحاجه ، حـــــــرام عليك يا أخي إنت إزاي ما بتحسش أوووي كده ، انا تعبت ومبقتيش قادره أستحمل كلمه كمان منـــــــك ، يــــــاريتني ما كنت عرفتك ولا إتنيلت حبيتك ولا إتنازلت علشان أي حاجه ، يــــاريتني كنت سمعت كلام إسلام وريحت نفسي وريحتك ، بجـــــد يا خالد وده آخر كلام عندي ، يأما نتكلم عدل زي البني أدمين يأما كل واحد مننا يروح لحاله ، انا خلاص شويه كده وكنت هموت نفسي أصلا بما إني كده كده داخله النار بس برضو خوفت ، يــــــــــــــــــــارب بقي تعبت
صمت خالد قليلا ثم قال :
- خلصتي كلامك ؟
إتسعت عيناها وصرخت قائله :
- يعنـــي إيه خلصتي كلامك ؟!! بقولك هموووت وإنت اللي عملت فيا كده ولازم تشوفلي حل تقولي خلصتي كلامك ؟!! عاوز إيه يا خالد هاه ؟ هتضحك عليا زي كل مره برضو ؟ هتاخدني علي أد عقلي تاني وتحاول تثبتلي إن اللي بنعمله ده عادي ؟ طب لو هو عادي أنا موجوعه كده ليه هاه ؟ لو هو عادي انا ببقي مكسوفه حتي أقف قدام ربنا في الصلاة ليه هاه ؟ لو هو عادي ببقي خايفه أمسك المصحف ليه هاه ؟ لو هو عادي انا حاسه إني هدخل النار ليــــــه فهمني ؟!! إنت السبب في كل ده ولازم تشوفلي حل يأما والله أقول لإسلام واللي يحصل يحصل بقي حتي لو هيقتلني مش مهم المهم أرتاح !
زفر بملل وقال :
- السيده الفاضله خضرا الشريفه ممكن تقفلي دلوقتي علشان مش عاوز أقولك حاجه تزعلك ؟ لما تهدي إبقي كلميني علشان قرفت من نكدك وزنك الأيام دي ، إستحملتك كتير يا هند بس بجد قرفت منك ، وهحاسبك بعدين علي كلامك وصوتك العالي ده معايا ، يلـــا إمشي دلوقتي !
ضغطت علي أسنانها بغضب حتي كادت أن تحطمها وقالت :
- خضرا الشريفه ؟!! بتعايرني يا خالد ؟ اه يا أستاذ خالد الشريف أنا كمان كنت محترمه وشريفه قبل ما أعرفك وكل اللي حصل ده كان بسببك ولو فضلت بإسلوبك ده كتير أنا هروح لإسلام وأقوله علي كل حاجه وأخليه يتصرف بقي ويريحني منــــــــك
ضحك بسخريه وقال :
- تروحي لإسلام ؟!! تصدقي خوفت وكشيت في نفسي ؟ إيه يا بنتي حتة العيل اللي هخاف منه ده ؟ انا مش بعمل حاجه غلط ومعنديش حاجه أخاف منها وحتي لو هخاف فمش هخاف من عيل أصغر مني !! روحي يا هند من قدامي ومتعصبينيش زياده عن كده علشان بجد مش عاوز أزعلك ، إنتي الأيام دي زنك كتر ونكدك بقي أكتر وانا إتخنقت منك ..
زفرت بضيق وقالت :
- اه طبعا لازم تتخنق مني ، ماهو أنا مبقيتش هند الطيبه اللي بتسمع كل كلمه وتمشي وراك ، دلوقتي بقيت وحشه علشان فكرت أتعدل شويه وأمشي صح ، عموما يا خالد أنا خلاص أخدت قراري وهقول لإسلام إني مش عايزاك وأخليه يفسخ الخطوبه دي ويريحني منك علشان بجد قرفت !
إبتسم ساخرا وقال :
- وماله يا ست هند ، وأنا كمان برضو هقوله علي كل حاجه علشان يعرف كويس أخته البريئه المتربيه علي الأخلاق والقيم !!
شهقت بخوف ممزوج بالذهول وقالت :
- هتقوله علي إيه ؟!!
إبتسم بمكر وقال :
- هقوله علي كلامك الجميل ده اللي كنتي بتقوليهولي ومفيش مانع برضو لو شاف كام محادثه من بتوعك علي الفيس أو سمع كام مكالمه حصلت بيننــا ، إنتي حبيبتي يا هنود وأنا بحب أسيبلك ذكري معايا دايما !
إتسعت عيناها ووضعت يدها علي فمها وقالت برعب :
- خــــالد إنت بتقول إيه ؟!! مستحيل إسلام يشوف حاجه زي كده ؟!! وبعدين إنت إزاي تعمل حاجه زي كده أصلا ؟!! معقول إنـــــت منهم يا خالد ؟!!
نظر للمرآه بوجه خالي من أي تعبير وقال :
- منهم ولا مش منهم بقي متعيشيش الدور كتير ، أنا قولتلك قبل كده إنك داخله دماغي وهتجوزك ولو زهقت منك برضو أنا اللي هسيبك ، ولو حاولتي تتجنني وتعملي حاجه غير كده يبقي عليا وعلي أعدائي بقي وإبقي خلي أخوكي الشيخ يقيم عليكي الحد !
ثم ضحك ساخرا وقال :
- فهمتي يا هنود ؟ ولا أقول تاني ؟
أغمضت عينيها بخوف وتنفست بعمق وقالت :
- يعني إيه ؟ يعني يأما أوافق علي كل اللي إنت عاوزه يأما تقول لإسلام علي اللي حصل بينا ؟ معقوله بتكرهني اوي كده ؟
- أكرهك إيه يا هنود ده إنتي حبيبتي ، أنا بس مش عاوز أزعل منك علشان زعلي وحش ، خلينا كده حلوين مع بعض وبلاش تزعليني منك هاه ، وأنا اوعدك يا ستي إني هحاول أتمم الجوازه بسرعه جـــدا بس خليكي حلوه كده اومال !
زفرت بغضب وقالت :
- بطــل قرف بقي وبطل تكلمني بالإسلوب ده ، إنت إزاي مقـــرف ومابتحسش أوي كده ؟!! وإزاي انا مشوفتش الوش التاني ده الفتره دي كلها ؟!! إنت عــاوز مني إيه يا خالد ما تسيبني في حالي بقي !!
تنهد بملل وقال :
- يـــوه بقي يا هنود إنتي مبتزهقيش من السؤال ده ؟!! قولنا عجباني وداخله دماغي وهتجوزك ، بس يا ستي الموضوع بسيط ، يلـــا بقي روحي إرتاحي كده وروقي دمك ونتكلم بكره تاني ، مع السلامه
صرخت قائله :
- مفيــــــش بكره يا خــــالد مفيــــش بكره ، أنا خلاص قرفت منك وإعمل اللي تعمله بقي علشان أنا خلاص كرهت نفسي أصلا وبرضو لو إسلام موتني هيكون أهون عندي من الإحساس اللي انا حاسه بيه ده ، ومفيــــش مع السلامه ، ربنا ينتقم منك !
ثم ضغطت علي زر الإغلاق بعصبيه وإرتمت علي فراشها وهي تتنفس بصعوبه وتتألم حتي تعبت ونـــــامت ..
____________________________________
إستيقظت من نومها علي صوت هاتفها ، نظرت فيه بنعاس فوجدت إسم فاطمه صديقتها فأجابت علي الفور :
- السلام عليكم
إبتسمت قائله :
- وعليكم السلام يا هند ، إزيك عامله إيه ؟
تنهدت بحزن وقالت :
- الحمد لله ، إنتي أخبارك إيه ؟
- كويسه الحمد لله ، المهم أنا مش عارفه إتصلت بيكي ليه دلوقتي بالذات بس في حاجه جوايا عاوزه أقولها علشان أرتاح
قالت بلهفه :
- قولي
تنهدت بضيق وقالت :
- عاوزه أقولك لو خطيبك مش محترم إلحقي نفسك وإفسخي الخطوبه بسرعه وروحي إتخطبي لواحد من اللي كنت بقول عليهم معقدين دول علي الأقل هيحافظ عليكي ومش هياخد منك اللي هو عاوزه ويرميكي رمية الكلاب زي ما حصل معايا
إتسعت عيناها وقالت بذهول :
- رمية كلاب إيه ؟ إنتي إيه اللي حصل معاكي يا فاطمه إنطقــــي بســرعه
زفرت بملل وقالت :
- محصلش حاجه يا هند ، المهم أنا نصحتك وخلاص وإنتي حره ، وكمان هحاول دايما أدعي لسندس ترجع لخطيبها علشان يكون ضميري مرتاح وكفايه اللي حصلي بقي
قالت بخوف :
- يا بنتي حصلك إيه قولي ؟!!
إبتسمت قائلا :
- متخافيش يا هند ربنا سترها معايا المرادي والحمد لله إنها جات علي أد كده ، يلا معلش هقفل بقي علشان هنام ، مع السلامه
أغلقت فاطمه الهاتف علي الفور بينما ظلت هند تنظر لهاتفها بتعجب وتقول :
- هــــو إيه الحكايه بقي ؟ يعني أنا وفاطمه في يوم واحد ؟ هما كل المخطوبين بيحصل معاهم كده ولا إيه ؟ طب إشمعني إسلام وسلمي ؟!!
ألقت هاتفها ونظرت لسقف الغرفة وقالت :
- أعمــل إيه بس ياربي ؟ أنا مش مصدقه اللي خالد قاله ده أصلا ؟ معقوله علشان إتعصبت شويه وقولت كلام وأنا مش دريانه يطلع شايل جواه كل الحقد والقرف ده ؟ معقوله هو وحش اووي كده ؟ طب إزاي انا مكنتش واخده بالي من ده كله ؟ معقوله عرف يضحك عليا بكلامه ويخبي نواياه السيئه عني وانا زي الغبيه صدقته ؟ يـــــــــاربي هقول لإسلام إيه ولا هعمل إيـــــه بس ؟ يــــــارب دبرني انا مليـــش غيرك
_________________________________
- بس يا ستي وبكده يبقي رصينا كل الهدوم مكانها ، في حاجه تاني بقي ؟
قالها إسلام في صباح اليوم التالي أثناء ترتيب ملابس إبنته حياء التي ستنير الدنيا بعد عدة أيام بإذن الله ، إبتسمت سلمي بسعاده وقالت :
- لــــأ تمام اووي كده ، بجد مش مصدقه إني خلاص كام يوم وهولد بقي وأشوف بنتي اللي مستنياها من زمان ، ربنا يخليك ليــا يا إسلام بجد مش عارفه كنت هظبط ده كله لوحدي إزاي
جلس علي طرف الفراش وقال بسعاده :
- ويخليكي يا سلمي ، وبعدين إنتي تعبانه وجايبه أخرك أصلا وده واجبي ، يـــــارب بقي تطلع شبهي كده
ضربته علي يده بمرح وقالت :
- شبهك إيه يا إسلام حرام عليك ، إنت عاوزها تعنس جنبنا
رفع حاجبه قائلا بإستنكار :
- إنتي أد الكلمتين اللي قولتيهم دول يا سلمي ؟!!
ضحكت بخوف مصطنع وقالت :
- لأ يا باشا والله ما أقصد ، وبعدين هو حد لاقي عيال رخمين اليومين دول !
- ســــــــــــــلمـــــــــي
- خلاص وربنا ما أقصد ، روح هاتلنا الفطار بقي
نظر لها بتعجب وقال :
- فطار إيه ما إحنا لسه واكلين ؟!!
ضحكت قائله :
- ياعم ده لبنتك مش ليــــا ، عموما خلاص مش مهم خليها جعانه
إبتسم مؤكدا :
- أيـــوه خليها جعانه ، مش عاوزها تقلبظ أنا
- ماشي شكرا ، روح بقي شوف حالك علشان شطبنا
نهض من مكانه وقال ضاحكا :
- ماشي ياختي سلام ، متجيش تقولي عاوزه مساعده تاني هاه
__________________________________
خرج إلي الصاله وجلس علي الأريكه وأمسك هاتفه متصلا بفاروق وقال بشوق :
- السلام عليكم يا غالي
إبتسم فاروق قائلا :
- وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ، إزيك يا إسلام عامل إيه ؟ واحشني والله
إبتسم بإحراج وقال :
- معلش يا فاروق لو إتصلت عليك بدري كده بس بصراحه وحشتني وقولت أتصل أشوف أخبارك إيه
قال علي الفور :
- يابني بدري إيه الساعه 10 الصبح وبعدين مانت عارف إني بصحي بدري أصلا وبفضل قاعد والنهارده بقي أجازه والواحد مأنتخ علي الآخر ، يادوب هنزل في الجمعه وأوقات الصلاة وأجي أكمل راحه ، ربنا يقوينا علي الشغل ده بقي لحسن الواحد خلــاص الحمد لله يعني
- أيون صحيح قولي الأخبار عندك إيه ؟ يعني الشغل عامل إيه وعارف توفق بينه وبين البيت وطلبات مراتك وكده ولا إيه ؟
أومأ برأسه إيجابا وقال :
- أيوه الحمد لله ربنا بيقوي ، الشغل المرادي مش مرهق زي السفريه اللي فاتت الحمد لله ونهي لما بتحتاج كتب ولا حاجه بنزل أجيبها من الجامعه وأجي تاني علطول وأديني بحاول بقدر الإمكان أساعدها وأذاكرلها لما تكون تعبانه ومتضايقه وكده ، والله يا إسلام ربنا بيقوي الحمد لله ، أنا مكنتش فاكر إني هقدر أسد علي ده كله بس ربنا كرمني بقي وبنعافر أهو
إبتسم بأريحيه وقال :
- الحمـــد لله يا فاروق ، ربنا معــاك ويوفقك بإذن الله ، أنا كمان كلها كام يوم وبنتي تشرف للدنيا بإذن الله وهكون أب بقي ، ربنا يقدرني علي تربيتها علي الدين والأخلاق وبإذن الله تكون خير ذريه وتكون سبب في دخولي الجنه أنا وسلمي
- يــــــارب يا إسلام ويقوم نهي بالسلامه وأكون أب أنا كمــــان بقي
- إن شاء الله يا فاروق ، أنا متأكد إنك هتكون قدوه لأولادك ، ربنا يجمعنا سوا في الجنه يــــــارب
- آمين يــــارب
____________________________
إنتهي إسلام من محادثه فاروق وذهب علي الفور إلي المطبخ وأحضر بعض الطعام ودخل به إلي غرفته ، إبتسم لسلمي بحنان وقال :
- إتفضلي يا ستي الأكل أهو ، أمري لله قلبي طيب وصعبتي عليـــا
أمسكت منه الصينيه وأخدت تقلب في الأطباق الموجوده عليها وصرخت به قائله :
- فيـــــــن العيــــش يا إسلام ؟!!
رفع حاجبه قائلا :
- إنتي بتصوتي كمــــان ؟!! طب قومي بقي هاتي لنفسك أنا الغلطان
نظرت إليه بتوسل كالأطفال وقالت :
- اللـــه يخليك يا إسلام عاوزه عيش عاوزه عيش عاوزه عيش عاوزه ..
قاطعها بصراخ :
- خلــــاص ، إيـــــه بلعتي راديو ، هجيبلك عيش وكلي براحتك وغذي حياء كويس هـــاه ، كله بثوابه يا إسلام يابني معلش
ثم أحضر لها الخبز وجلس بجوارها وتنهد بعمق وقال مبتسما :
- إفتكرت حاجه دلوقتي فرحتني اوووي
نظرت له بلهفه وقالت :
- إيه ؟
تنهد ببهجه وقال :
- فاكره أول مره أخدت الولاد فيها الجامع علشان يصلوا معايا ؟ فاكره ساعتها لما قعدت أدعي ربنا كتير يعلق قلبهم بالمساجد ويكون ده في ميزان حسناتي ؟
أومأت برأسها إيجابا وقالت :
- فاكره طبعــا ، وهي دي حاجه تتنسي !
إتسعت إبتسامته وهو يقول :
- طيب فاكره لما روحت تاني يوم ولقيتهم مستنينني في الجامع علشان أديهم بلالين ؟ ولا فاكره يوم ما نسيت أجيب معايا حاجه وكانوا ناقصين يموتوني ، ولا فاكره لما قولتلهم إن الجوايز بقت علي صلوات اليوم كلها وبرضو لقيت شويه منهم بدأوا يواظبوا مع إن أغلبهم إتشغل ومبقاش ييجي ؟ ولا فاكره لما أحمد بذات نفسه بقي ييجي كل يوم وحب الصلاة في الجامع وبقي هو اللي بيقول لأصحابه ويشجعهم علشان يروحوا ؟
تنهد بسعاده وقالت :
- وفاكره كمان لما الحاج أبو أحمد إتصل بيك وقالك إنت عملت إيه في إبني ، وفاكره كمان لما جابلنا علبة الحلويات وشكرنا علشان الولد بقي بيعامله أحسن من الأول وبطل لماضه شويه ، وفاكره لما إنت مروحتش مره الجامع وأحمد جه زعل عليك وقالك بتقولنا علي الصلاة وإنت مبتصليش ؟!! وساعتها عرف إنك كنت في مشوار وصليت هناك
صمتت قليلا ثم قالت بحماس :
- أكتــر حاجه فاكراها أووي بقي إنك ثوابك عند ربنا هيكون كتيـر جــدا بإذن الله ، وإن شاء الله أحمد ده لما يكبر يفتكرك ويدعيلك علشان إنت اللي علمته الصلاة وحببته في المسجد ، وكمان ممكن تدخل الجنه بسبب الموضوع ده يا إسلام
أمسك يدها وربت عليها بحنان وقال :
- وأنا أكتر حاجه فاكرها اووي بقي لما لقيتك واقفه جنبي وبتشجعيني علي أي حاجه فيها ثواب ، واحده تانيه غيرك كانت هتقعد تقولي مرتبك صغير أصلا ومش مستحمل وهتروح ترميه لشويه عيال !! لكــن إنتي غير كل البنات يا سلمي ، إنتي واحده عاوزه تدخل الجنه وبتعمل كل اللي تقدر عليه علشان تنول رضا ربنا وبجد أنـــا فخــور بيكي فــــوق ما تتخيلي
إبتسمت بتأثر وقالت :
- الأكل الغالي ولا اللبس الماركات يا إسلام مش هيدخلنا الجنه !! لكن الحاجات الصغيره اللي بنعملها دي وخصوصا لما مرتبنا يكون صغير دي أكيــد ثوابها كبير أووي عند ربنا ، يعني عارف زي واحد مثلا يكون فقير ويطلع صدقه ، ده أكيــــد ثوابه كبير جداااا بإذن الله لأنه ممكن يقول أنا أحق بالفلوس دي وخلي الأغنياء هما اللي يتصدقوا .. الجــــنه جميــله أووي يا إسلام وتستاهل نتعب شويه علشان ننولها ، وفي الآخر برضو مهما عملنا هيكون قليل جـــدا بالنسبه لنعم ربنا علينا ودخولنا للجنه هيكون من رحمة ربنا بينا مش من عملنا ..
- يـــــــارب ننولها يـــــا سلمي يــــــــارب
إبتسمت سلمي بتمني بينما نظر هو لدبلته للحظات ثم قال مبتسما وهو يشير إليها :
- بقولك إيه يا سلمي ؟ أنا عاوز أقلع الدبله ، هتزعلي ؟
نظرت له بتعجب وقالت :
- ليه ؟
تنهد بطيبه وقال :
- حابب أتقي الشبهات علشان أكون مرتاح ، وبعدين مش حتة خاتم اللي هيربطنا ببعض بقي
ثم أمسك بيديها وقال بحماس :
- مش إحنا إتفقنا ندقق في كل تفصيله في حياتنا علشان مناخدش أي ذنب وإحنا منعرفش ، وافقي بقي يا رفيقتي للجنه وخليكي جدعه ..
أفلتت يدها بهدوء وقامت بخلع دبلتها وأعطته إياها وقالت برضا :
- إتفضل يا باشا ، ولا يهمك خـــالص ، أنا كمان بحب أتقي الشبهات في كل حاجه علشان أبقي متطمنه ، ربنا يجعله في ميزان حسناتنا بقي ^^
___________________________________
إستيقظت هند من نومها وظلت تفكر في كل ماحدث وتتساءل ، كيف لخالد إن يحمل بداخله كل هذا السوء ؟ وهل هو يحبها حقا ام ان غروره جعله يعتقد ان الفتاة التي يريدها سيحصل عليها علي الفور وإن لم تفعل وتستجب ستكون الفضحيه من نصيبها !! وكيف لها ألا تدرك ذلك مبكرا ؟ وماذا عن كلمات فاطمه ؟ هل هي حقا صادقه ؟ نعم يبدو أنها صادقه وأخيــرا إستفاقت من تفكيرها الخاطئ وذهابها وراء هواها ، ولكن ماذا ستفعل هند الآن ؟ هل تخبر إسلام بالأمر ؟ وماذا سيحدث بعدما يعرف ؟ وهل ستستطع والدتها تحمل سماع شئ كهذا ؟ وكيف ستعيش معهما بعد ذلك ؟ ظلت تفكر في الآمر كثيـــرا حتي ارهقت تماما ، نامت مرة آخري ثم إستيقظت فجأة علي كلمة إسلام التي قالها لها من عدة شهور :
" إبقي إقرأي برضو عن ضوابط الخطوبه علشان تعرفي هتعيشي الفتره دي إزاي "
إنتبهت فجأة وقالت ببريق أمل :
- طب وليه أعرفهم وأفصح نفسي لما ممكن أحاول أنا أدور علي أي حل للمصيبه بتاعتي دي من غير ما حد يعرف ، قدامي النت أهو ممكن أقرأ عن أي حاجه حتي التجاوزات اللي عملتها دي ونشوف حلها إيه في الدين ، يــــــــارب يكون في حل علشان تعبت !
نهضت من مكانها علي الفور وجلست أمام حاسبها وكتبت في محرك البحث :
" حكم تجاوزات الخــــطوبه وكيفية التوبه منها "
ضغطت علي الزر فظهر أمامها العديد من النتائج ، فتحت بعضهم وظلت تقرأ عده فتاوي حتي وصلت إلي فتوي بها حديث النبي صلي الله عليه وسلم :
" كل أمتي معافى إلا المجاهرين، وإن من المجاهرة أن يعمل الرجل بالليل عملا، ثم يصبح وقد ستره الله عليه، فيقول: يا فلان عملت البارحة كذا وكذا، وقد بات يستره ربه، ويصبح يكشف ستر الله عليه " رواه البخاري ومسلم
قالت بتفكير :
- يعني انا كده المفروض مقولش علي اللي حصل بقي لان ربنا سترني وانا ماينفعش أفضح نفسي ، كمان الولد اللي سأل في الفتوي اللي فاتت وعمل أكتر مني بكتير الشيخ قاله مايقولش لحد ويتوب ويندم بجد من اللي حصل ده ويستر علي نفسه ، انا كمان المفروض أعمل كده ولا إيه ؟
ظلت تفكر للحظات ثم قررت العوده وقراءة كيفيه التوبه من جديد في الفتوي السابقه ، قرأت بصوت هامس :
" فالواجب عليك التوبة إلى الله بأن تندم على تلك المعصية وتعزم أن لا تعود إليها أبداً سواء مع تلك الفتاة أو مع غيرها، فإذا فعلت ذلك صحت توبتك وقبلت إن شاء الله تعالى، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: التائب من الذنب كمن لا ذنب له. رواه ابن ماجه. "
" التوبة تكون بالإقلاع عن الذنب والندم على فعله والعزم على عدم العود إليه، مع الستر وعدم المجاهرة بالذنب "
" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ "
" قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ "
" وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا "
" الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ "
" وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى "
" إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً "
وجدت هند دمعتها سقطت رغما عنها وقالت بتأثر :
- يـــــاه يــــــاربي علي كرمك ، بعد كل اللي عملته ده ولسه برضو قدامي فرصه أتوب ؟ لسه برضو ممكن أرجع زي الاول ويمكن أحسن ؟ لسه برضو ممكن تغفرلي وكمان تبدلي سيئاتي حسنات ؟ يــــــــارب خلاص انا قررت أتوب ، قررت أرجعلك يــــــارب لاني مليش غيرك ، قررت أسيب خــالد ده خالص لانه كان هياخد بإيدي للنار مش للجنه ، قررت أبقي إنسانه تانيه وأقرب منك وأعرف عن ديني أكتر ، قررت أقرأ وأفهم وأتطلع علي كل حاجه مش فاهماها وأبدا مع نفسي من جـــديــــد ..
تنهدت بحزن ممزوج بالثقه وقالت :
- انا عارفه يــــارب إني عملت حاجات حرام كتير لكن برضو عارفه إن كرمك ورحمتك اوسع ، انـــا خلاص هسيب خـالد يـــارب وواثقه إنك هتسترني ، واثقه في كرمك وعطفك عليــا وإنك زي ما سترتني وقت معصيتي هتسترني وقت توبتي ، انا خلـاص أخيـــرا حسيت ببريق أمل لما قريت الفتاوي دي ومش هسمح لنفسي أبــدا إني أتنازل تــــاني ، ساعدني يـــارب علشان أقدر أقول لإسلام يخلصني من الموضوع ده وإسترني ولا تفضحني ، يــــــــارب رجعـــالك ومش هتنازل تـــاني بإذن الله
ثم أغلقت حاسبها علي الفور ونهضت من مكانها لتتوضأ وتصلي ركعتين توبه لله كما قرأت في الحديث الشريف :
" ما من عبد يذنب ذنبا فيحسن الطهور ثم يقوم فيصلي ركعتين ثم يستغفر الله إلا غفر له، ثم قرأ هذه الآية: وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ " رواه الترمذي وأبو داود وأحمد
إنتهت من صلاتها وظلت تستغفر الله بكل صدق حتي أحست بالراحه بعض الشئ
__________________________________
بعد ثلاثة أيام قررت هند أخيـرا الإتصال علي إسلام وإخباره برغبتها في فسخ خطوبتها من خالد حتي ترتاح كلية ، تعجب إسلام في بداية الأمر من طلبها وحاول الإستفسار أكثر ولكنها كانت دائما ما تهرب من أسئلته وتجيب بإجابات مبهمه ، ظل يحاول معها ولكنه لم يصل لشئ فطلب منها أن تصلي صلاة الإستخاره مره آخري وبعد ذلك تخبره برأيها النهائي ..
إستجابت هند لطلبه وبالفعل أدت صلاة الإستخاره وأخبرته في اليوم التالي بإصرارها علي فسح تلك الخطبه لأنها لاتشعر بالراحه أبـدا من ناحية خالد ، كانت تشعر بالخوف قليلا من تهديد خالد ولكنها علي الفور كانت تتذكر ثقتها بالله فيطمئن قلبها ..
وفي نفس اليوم :
إتصل إسلام علي خالد وأخبره برغبته في مقابلته لمناقشه أمر هام ، أحس خالد بالغضب وتوعد لهند لأن مثلها لا تفعل بمثله هكذا وإلا ستندم ، وبالفعل حضرت هند لمنزل أخيها وأحضرت كل الهدايا التي أهداها إياها خالد وأيضا شبكته وكل شئ وقالت لإسلام بكل إصرار :
- خلصني منه بسرعه يا إسلام الله يخليك
تنهد بعدم فهم وقال :
- لو بس تقوليلي حصل إيه علشان أعرف أتصرف
قالت علي الفور :
- حسيت إن مش ده الزوج الصالح ليا يا إسلام ، وكمان أنا قولتلك إني صليت إستخاره ومش مرتاحه وبكرهه ، هـــاه فاضل إيه تاني ؟
نظر لها بتعجب وقال :
- بتكرهيه ؟ للدرجادي ؟ طيب قوليلي عملك إيه الراجل ده بس ؟
جلست علي الأريكه بتعب وقالت :
- مش عاوزه أتكلم في حاجه يا إسلام ، بعد إذنك خليه يمشي ويسيبني في حالي وخلاص
تنهد بإستسلام وقال :
- حاضر يا هند هريحك وطالما إنتي صليتي إستخاره ومش مرتاحه يبقي أنا مقدرش أتكلم ، وبإذن الله ربنا يرزقك باللي أحسن منه لأني كنت أتمنالك واحد أكتر من كده إلتزاما
إبتسمت قائله :
- إن شاء الله يا إسلام
___________________________________
غادر إسلام المنزل وظلت سلمي تتحدث مع هند في حالتها هذه الأيام وتعبها وهكذا بينما لم تستمع هند لأي شئ وظلت تفكر فقط في مايمكن حدوثه ، أحست بالتوتر قليلا فإستأذنت من سلمي وذهبت للغرفه الآخري وظلت تدعو الله أن يمر الموقف عـلي خيــر ..
بعدما يقرب من الساعه والنصف سمعا جرس الباب معــــا ، ذهبت كل منهما إلي الباب وفتحت سلمي بإبتسامتها المعتاده ولكنها سرعان ما صرخت بزعر وقـــــالت :
- إسلـــــام إيه اللي عمل فيــــــــك كده ؟!!
•تابع الفصل التالي "رواية في الحلال" اضغط على اسم الرواية