Ads by Google X

رواية سجن العصفوره الفصل الاول 1 - بقلم داليا الكومي

الصفحة الرئيسية

 رواية سجن العصفوره (كاملة جميع الفصول) حصريا عبر دليل الروايات بقلم داليا الكومي

رواية سجن العصفوره الفصل الاول 1

صوت زقزقة عصفورة علي نافذة غرفتها ...صوت المذياع المفتوح علي اذاعة القرآن الكريم...صوت ابيها سلطان وهو يوقظها كما اعتاد ان يفعل يوميا تغلغلوا لاعماق عقلها وهى نائمة....
- قومى يا بنتى ...اصحى عشان تفطري جهزتلك الفطار....
هبة فتحت عينيها بكسل.. شاهدت والدها يقف علي باب غرفتها ....قفزت من فراشها فورا ...: كدة يا بابا لية بس تعبت نفسك ..مش كفاية تعبك طول النهار في شغلك وتعبك في البيت بعد ما بترجع...تطبخ وتكنس وتنضف وبترفض مساعدتى ليك في شغل البيت عشان ازاكر ...كمان بتحضر الفطار وتصحينى ..طب سيبنى يوم اخدمك انا
سلطان : يا حبيبتى انا سامعك طول الليل سهرانة بتزاكري ...كان لازم احضرلك الفطار واصحيكى 
هبة غادرت السريربنشاط ...مالت علي كف والدها وقبلتة في امتنان ....
والدها عم سلطان ...كل حياتها ...من يوم وفاة والدتها وهى تلدها وليس لديها أي احد سواة في الدنيا ...والدها كما يقولون (مقطوع من شجرة). ..
وحيد بدون عائلة او أي اقرباء حتى من بعيد ...ووالدتها ايضا كانت كذلك حتى عندما تزوج سلطان من فتاة طيبة القلب تحبة ..القدر القاسي لم يمهلة وقت للسعادة واخذها منة يوم ولادة بنتهم الجميلة هبة ...اسماها هبة لانها هبة من الله اعطاها اياة ليعوضه بها عن حرمانة من زوجتة الحبيبة...هدية السماء الية... انارت ايامة القاحلة برقتها وجمالها...
- يلا يا هبة ...الفول هيبرد دة انا عاملهولك يا حبيبتى زى ما بتحبي ...
- حاضر يا بابا هصلي واجى

سلطان خرج من الغرفة ليصنع لها الشاي وهبة خرجت معة ودخلت الحمام توضئت وعادت غرفتها لتصلي......:"الحمد لله" 
مع كل فرض كانت تحمد الله علي حياتها وعلي والدها ... فهو تحمل كتيرا من اجل ان يربيها ويعلمها ... فشخص اخر في نفس ظروفة.. كان تزوج منذ زمن بعيد واحضر لها زوجة اب.. لكن هو فضل ان يعيش حياتة لها ... ضحى بكل شيء حتى لقمتة كى يعلمها ويوفر لها كل ما يستطيع توفيرة
بعد الصلاة هبة خرجت للصالة كى تتناول الفطور مع والدها الحنون....
........ 
ستة عشر عاما مرت على نفس المنوال ...سلطان يتفانى في دور الاب والام لها ...لم تشعر يوما بنقص في الحنان ...حياتهم البسيطة لا يوجد بها اي تعقيد ...بيتهم البسيط مكون من غرفتين وصالة صغيرة وحمام في منطقة شعبية في القاهرة .. ومع ذلك كان بالنسبة اليها نعمة من الله.. درع الامان الذى تتحامى فية ...حب ابيها يغطيها ...عم سلطان لم يبخل عليها يوميا بكل ما يملك.. حتى انها تتذكرجيدا الان تضحيه اخري تضاف الي لائحة تضحياتة التى لا تنتهى.... فعندما كانت اصغر كانت تراة يدخن السجائر وبعد ذلك لم تعد يراة يفعل ذلك... ثم ادركت انة ضحى حتى بمزاجة من اجل ان يوفر جنيهات السجائر القليلة لها
هذا ما ادركتة عندما كبرت .... الجنيهات القليلة اضيفت لميزانيتها هى.. عم سلطان بسيط الحال والمكانة وفر لها حياة معقولة من دخلة البسيط ..من عملة كفراش في شركة رجل ثري جدا ...هبة لا تتزكر بالتحديد متى بدأ سلطان بالعمل لدية لكنها بالتأكيد تتزكر التحسن الملموس في حالتهم المادية منذ ان بدأ سلطان ذلك العمل
- تسلم ايدك يا بابا الفول النهاردة جميل ..الحمد لله ..انا هدخل اجهز عشان معطلكش...هبة علقت علي فطور والدها اللذيذ برقة شديدة ودخلت الي غرفتها تجهزنفسها وتستعد للنزول الي مدرستها
منذ يوم دخولها الي المدرسة وسلطان اعتاد توصيلها حتى باب مدرستها ويعود في وقت الانصراف لارجاعها للمنزل مجددا ..حتى عندما وصلت لمرحلة الدراسة الثانويه سلطان ايضا كان يقوم بتوصيلها الي المدرسة... في البداية كان يرافقها علي قدمية فمدرستها السابقة كانت بجوار منزلهم تماما ولكن بعدما انتقلت الي المرحلة الثانوية والمدرسة اصبحت في حى اخر ...سلطان اصبح يعانى معاناة شديدة عند توصيلها من والي المدرسة... فميزانيتهم المحدودة لم تكن تسمح لهم ابدا بركوب سيارات الاجرة... لكن القدر الكريم تدخل ...فعندما علم صاحب العمل بمشكلتة اعطاة سلفة من راتبه تسدد علي اقساط مريحة ساعدتة علي ان يشتري دراجة نارية كانت كمعجزة لهم رحمتهم من ذل المواصلات العامة ...ومن ميزانية سيارات الاجرة الخرافية...
هبة دخلت الي غرفتها...ارتدت زى المدرسة الكحلي لمت شعرها الاصفر برباط رفيع وجعلتة علي شكل ضفيرة ...اخذت شنطتها وخرجت الي سلطان المنتظر بهدوء ... دائما سلطان كان ينتظرها بصبر ...لم يشتكى يوما من انتظارها ...اخبرها انة سينتظرها للابد حتى اخر يوم في عمرة سلطان كان دائما يزكر الموت ...كان دائما قلبة يحدثة انة لن يعيش طويلا وكان ايضا يبوح بتلك المخاوف لهبة التى كانت تشعر بالرعب من مجرد ذكر الفكرة ...فماذا ستفعل هى بدونة ...؟ هبة ركبت خلف سلطان الذى انزلها امام مدرستها واكمل طريقة الي عملة كالمعتاد...
ومثل كل يوم كانت تجدة في انتظارها قبل ميعاد الانصراف كى يرجعها الى منزلهم الصغير .... كان يقوم بالطبخ واعمال التنظيف اليومية بحب ويشجعها كى تزاكر ...امنيتة ان يراها مهندسة ...
سلطان وصل المدرسة قبل ميعاد الانصراف بقليل كعادتة انتظرها بلهفة البنات بدؤا في الخروج ... هبة كانت قادمة في اتجاهة مع احدى صديقاتها فرحتها التلقائية التي يلاحظها علي وجهها كل يوم عندما تراة تشرح قلبة تسعدة ...بنتة هبة الجميلة ... جميلة جدا ..شعرها اصفر وعينيها ملونة بلون عجيب ...لون بين الازرق والاخضر... كانت زوجتة الراحلة جميلة جدا وايضا تحمل نفس لون شعرهبة ولكن عيناها كانتا عسليتان...وكانت دائما تردد علي مسامعة قصة مشكوك في صحتها لولا الدليل الذى كان يراة في ملامح هبة الاجنبية " انا عندى اصول فرنساوية جدة جدتى كانت فرنسية رفضت تسيب مصر مع الحملة واتجوزت مصري .. " هبة بنتة جميلة جدا وضعيفة وهشة للغاية والمثير للدهشة انها نفسها لا تدرك مقدار جمالها الربانى النادر ...هبة من الله ولكن جمالها النادر وضعفها يرعبوة ...من لها غيرة في هذة الدنيا كلها...؟ ماذا لوحدث لة أي مكروة فلمن يتركها وقتها ؟...صوت رد علية من داخلة طمئنة...: اللي خلقها وخلقك احن عليها منك الف مرة .....

عندما وصلوا الي البيت ..هبة حاولت ان تساعد سلطان في تحضير طعام الغذاء...لكنة رفض كالمعتاد وامرها بلطف : ادخلي ريحى شوية عما اخلص...دة انا عامل ليكى النهاردة المسقعة اللي انتى بتحبيها 
هبة لطالما حاولت المساعدة لكنة كان دائما يرفض بحزم ويقول...: طول مانا عايش انا هخدمك بعيونى...ياة يا بابا تسلم لي وتسلم عيونك
في الواقع كانت حالتهم المادية (تعبانة) لكنها كانت حينما تستمع لحكايات البنات في صفها عن الضرب والاهانة والمعاملة السيئة التى كانوا يتلقوها في بيوتهم كانت بتحمد الله علي حياتها وعلي حب سلطان الذي غمرها والذى عوضها حتى عن حنان الام الذى لم تعرفة يوما...
اقتنعت ان الرزق ليس فقط نقود متوفرة وحياة مريحة انما الاهم ان يكون في شكل بيت مستقر واب حنون متفهم فما فائدة الاموال الكثيرة اذا لم تتهنى بها في حضن عائلة سعيدة ...ما كان ينغص عليهم هنائهم في حياتهم البسيطة هوانه في الفترة الاخيرة وخصوصا بعد احداث الثورة منطقتهم الشعبية امتلئت ببلطجية وشبيحة والذي فاق الاحتمال ان احدهم شغل الشقة الفارغة فوق سطوحهم.. وفي الليل كان يجمع اصحابة لعمل جلسات انس رائحة المخدرات والشراب مع ضحكات الساقطات التى تتسلل الي مسامع السكان كانت الروتين اليومى المعتاد علية طوال الليل في الفترة الاخيرة وللاسف لم يكن احد من السكان قادرعلي الاعتراض... هؤلاء البلطجية كانوا دائما يحملون الاسلحة البيضاء وحتى الاسلحة النارية في العلن ويهددون باستخدامها اذا ما تجرء احدهم وهم بالاعتراض علي الوضع وبالفعل لم يتجرأ احد علي الاعتراض...
حتى سلطان نفسة اكتفي بتكثيف حمايتة لهبة وتغاضى عن السفور الذى كان يحدث فوقة يوميا ...ضحكات السيدات الخليعة كانت تصل لمسامعة هو ايضا و كان يري عبدة وهو يصعد يوميا حاملا زجاجات الخمربفجور....الاتاوة التى كانوا يفرضونها علي السكان والبائعين دفعت بصمت ...فمن تجرء علي الرفض نال نصيبة من العنف ... فواجة التهديد ثم الضرب وحتى القتل ...
بعد الغذاء الشهى الذى اعدة سلطان لهبة ... هبة نهضت وبدأت في الاستزكار بكل همة كعادتها...هدفها الاوحد النجاح بتفوق كى تكافىء سلطان عن كل قطرة عرق بذلها في سبيلها...والدها المسكين اضاع عمرة من اجلها... من اجل تعليمها ...من اجل ان يلبي كل ما يستطيع من احتياجاتها ........... 
قلة الامكانيات جعلتها تزاكر بهمة اكبر فلا يوجد احتمال لان تاخذ الدروس الخصوصية مثلها مثل كل البنات في صفها ولكنها كانت متفوقة حتى بدون دروس ..الكثير من المجهود جعلها دائما الاولي علي صفها مما اثار غيرة البنات.......كانت دائما تري الغيرة في عيونهم والتى ارجعتها لمستواها العلمى لكن سببها الحقيقي كان جمالها الاخاذ...
بحلول الساعة الخامسة سلطان استعد للذهاب الي عملة ...الفترة الثانية من عملة تبدأ في الساعة السادسة مساء وتنتهى في التاسعة... صاحب الشركة كتيرا ما كان ياتى ايضا في الفترة المسائية وبصحبتة بعض الضيوف الهامين مثلة فهو احد اقطاب المال في البلد... سلطان كان يحرص علي اتمام عملة لارضاء رئيسة السخى معة وكان دائما يردد..: البية علي اد ماهو طيب وحنين بس دقيق في شغلة وبيحب الدنيا نضيفة ومتلمعة والبوفية عمران بكل المشاريب وحتى الساندوتشات الخفيفة عشان الموظفين ميحتاجوش حاجة من برة... في الماضي القريب قبل ان تعزل الست حسنية الخياطة جارتة وتهرب بجلدها من البيت كان يترك هبة معها ويذهب الي عملة في الفترة الليلية وهو مطمىن نسبيا عليها.. لكن الان بعد رحيلها اصبح مضطر لترك هبة وحيدة... الست حسنية طفح كيلها من البلطجية وقررت الرحيل خوفا علي بناتها من الوضع المخيف في المنزل والحارة...كان يذهب الي العمل وقلبة ينزف الدماء وكان يامرها بعدم فتح الباب مطلقا لاي سبب ....لكن لسوء حظة جمال هبة كان يزداد ويزداد كل يوم... ونظرات الحيوان عبدة المقيم فوقهم كانت تاكلها وهم في طريقهم اليوم الي المنزل عند عودتها من المدرسة لم يكن وجود سلطان معها رادع لة كى يخفض بصرة او يستحى فهو كان كائن بلا اخلاق تماما...
سلطان دخل لهبة غرفتها قبل خروجة ..اعاد عليها جملتة اليوم وقلبة ينزف دما : نور عينى انا نازل متفتحيش الباب ابدا سامعانى
هبة هزت راسها بالموافقة فهى لم تكن بحاجة ابدا لتحذيرة ..من نفسها كانت تغلق الباب بالمفتاح وتجر خلفة اريكة كبيرة علها تحميها ...سلطان ودعها بعنية ونزل السلالم استعداد للمغادرة ... كان لا يزال في مدخل العمارة وقبل خروجة للشارع لمح عبدة البلطجى يجلس علي القهوة المقابلة للمنزل ويراقب المدخل بعيون مثل عيون النسر الجارح وكأنة ينتظر شيء ما... سلطان قلبة لم يطمئن ابدا بسبب جلوس عبدة بذلك الشكل ...جميع الفئران تدخلت وشكلت حرب ضارية داخلة استداروصعد السلالم مرة اخري... هبة فوجئت به يعود من جديد ...عندما سمعت الجرس كادت ان تموت رعبا ..لكنها عندما سمعت صوتة من خلف الباب ازاحت الاريكة وسمحت لة بالدخول :...بابا مالك خير حصل حاجة....؟
سلطان طمئنها وقال : انتى مخرجتيش من زمان ...مش عاوزة تغيري جو؟ هاتى كتبك وتعالي معايا زاكري في الشركة...
سعادة هبة كانت قصوى بقرارة...ليس فقط بسبب انها لم تخرج فعليا منذ اشهر ولكن بسبب خوفها الفظيع الذى كانت تشعر بة في كل مرة كان يخرج فيها سلطان ويتركها في المنزل ...كانت تستمع الى اصوات مخيفة خلف باب منزلهم وكأن احدهم يتعمد اخافتها ...لم تخبر سلطان يوما بما تسمعة لاسباب عديدة ربما اهمها خوفها علية من بطش البلطجية اذا ما حاول مواجهتهم ......
- ثوانى واكون جاهزة...
هبة دخلت غرفتها فتحت خزانة ملابسها ...من غير تفكير اخرجت فستان العيد وارتدتة بسرعة...كم تحب هذا الفستان فهو كان اخرهدية لها من طنط حسنية اعطتة لها وهى تبكى وتقول...: هتوحشينى.. علي عينى يا بنتى... بس الوضع بقي صعب انا خايفة علي البنات...ربنا معاكم يا بنتى وتنجوا انتم كمان ...الفستان دة انا خيطته ليكى عشان تفتكرينى ....انا دايما هسأل عليكى بس انا ربنا فتحها علي وعملت اسم مش بطال والناس بدأت تطلبنى بالاسم عشان كدة هقدر انقل من هنا...
هبة قررت ارتداؤة.. من يوم العيد وهي لم تخرج والفستان ايضا لم يري النور من يومها ...ايضا لابد وان تشرف اباها في عملة لابد ان يروا مجهودة الجبار في الاعتناء بها وحيدا...فهو يستحق ان يري الناس مجهودة ليعلموا انه لم يحرمها من أي شيء ابدا...فستان حسنية مصنوع من قماش منقوش حريري يغلب علية لون الزرع لة حزام ابيض عريض ...يصل لتحت ركبتها بشبرين يظهر جزء صغير من رجليها البيضاء الجميلة انتعلت صندلها الابيض الذى كانت ترتدية بحرص بالغ في مناسبات قليلة فهو رقيق للغاية ولا يتحمل شقاء المشي ...تطلعت لنفسها في المرأة ثم امسكت الفرشة وبدات تمشط شعرها الاشقرالحريري... سمعت صوت سلطان ينادىها بلطف ... 
- يلا يا هبة هتأخر ...بسرعة هبة لمت شعرها كذيل حصان في تموجات متمردة علي جانب كتفها الايسروحملت كتبها وخرجت تجري من الغرفة 
*********************************************

  •تابع الفصل التالي "رواية سجن العصفوره" اضغط على اسم الرواية 

google-playkhamsatmostaqltradent