رواية نهج الغرام كاملة بقلم داليا احمد عبر مدونة دليل الروايات
رواية نهج الغرام الفصل الثاني 2
سمع شكري صوت جرس الباب فخرج من غرفته ليلتقي بزوجته أمل خارجةً من المطبخ، فقال بانزعاج:
-ايه يا امل مش سامعة الجرس مفتحتيش ليه؟
أجابته امل بهدوءٍ:
-سامعة بس كنت مشغولة في المطبخ والبنات كانوا واقفين معايا بيساعدوني بس قولتلهم يطلعوا يجهزوا.. ويدوب لسه مخلصة حالا
رد شكري بتفهم :
-طيب اطلعي استعجلي البنات عشان بيلار تشوف عمتها وولادها وانا هفتحلهم.
-حاضر
اتجهت للدرج في الطابق الثاني من الشقة فهم يسكنوا بشقتين متصلتين ببعض، وذهب شكري يفتح الباب للضيوف، ابتسم في وجوههم بفرحٍ مُرحبًا، ثم عانق أخته قائلا:
-أهلا..يا سعاد اتفضلي
دخلت اخته “سعاد” ثم ابتسم شكري وهو يمرر يده على كتف ابنها الاكبر مُرحبًا:
-باشمهندس مروان
دلف مروان وبادله الابتسامة الجادة كعادته، ثم نظر إلى ابنها الثاني الأصغر الذي انقض عليه في تحية رجالي:
-سليم..اللي كان واحشني جدًا
نظر لچومانة العابسة خلف ظهر أخيها فقال برقةٍ:
-چوچو حبيبة خالو
ابتسمت جومانة بمرحٍ وهي تدخل آخر واحدة:
-ايه يا خالو دايما أنا آخر واحدة تسلم عليا كده
غمز لها سليم قائلًا بغيظ:
-سليم بيغطي على كل حاجة يا بنتي
رمقه شكري بغيظٍ ثم اقترب يقبلها من وجنتيها ويعانقها بفرح:
-وهو انا اقدر برضو..ده أنتِ اللي فيهم
-بكاش يا خالو
شكري وهو يدخلهم غرفة الجلوس:
-سيبك من الواد ده وطمنيني عليكي.. عاملة ايه في مدرستك الجديدة؟
جلس كل من سعاد ومروان على الأريكة وسليم وجومانة في مقاعد منفردة مقابلةٍ لهم.
قالت سعاد بهدوءٍ محذرة ابنها:
-مروان افردها شوية مش عايزاهم يقولوا جاي غصب عنه، عايز بنت خالك تقول ايه لما تشوفك اول مرة وانت قالب وشك جد كده.
رد مروان بضيقٍ:
-مش فاهم انا ايه لازمتي؟ انتي عارفة ان انا مش عايز ادخل بيت خالي ولو عايزني بقابله برة ولولا بس انك اصريتي نشوف بيلار وتشوفنا مكنتش جيت.
زفرت سعاد بحنق ٍ قائلةً:
-انا مش فاهمة هتفضل لحد امتى كده؟ يا حبيبي كل حاجة بتتغير عادي، وبعدين انا جايباك عشان تشوف بنت خالك مدحت..البنت لازم تشوف اهلها وتتعرف عليهم.
ابتسم مروان متصنعًا لينهي ذلك النقاش اللعين:
-تمام كده اي أوامر تانية؟
أومأت سعاد بضيقٍ فهي تعلم أن لا فائدة من الحديث مع مروان في ذلك الموضوع .
قاطع شكري صمتهم قائلًا لجومانة:
-دخلتي مدرسة ايه يا چوچو؟ عشان سمعت انك كنتي هتنقلي
قالت جومانة بحماس:
– روحت المدرسة اللي كانت فيها ميرا
قال شكري متذكرا:
-ايه الصدف دي..بيلار بنت خالك قدمتلها فيها برضو.
جومانة وهي تتذكر شيئًا ثم اتجهت عيناها لأخيها وهي تقول لخالها بقلقٍ:
-تصدق يا خالو انا عندي صاحبة في مدرستي الجديدة لسة متعرفة عليها اسمها بيلار برضو..نفس الاسم كمان.
قال شكري بتساؤل:
-اسمها بيلار ايه؟
-لا مش عارفة انا لسة متعرفة عليها امبارح بس.
ضحك شكري قائلًا:
-عمومًا بيلار زمانها نازلة دلوقتي ولو مطلعتش هي يبقى كده كده هتتعرفي عليها وتبقى صاحبتك برضو.
توقفت أفكار جومانة عند دخول ميرا وبجانبها زوجة خالها وهي تحيط كتف فتاةٍ ترتدي فستانّا ورديًا وشعرها مرفوعٌ للأعلي، ابتسمت سعاد بسعادةٍ شديدةٍ وهي تعانقها وصافحت مروان باحترام، وما أن اقتربت من جومانة لتلاحظ بيلار عينيها المتسعة بصدمةٍ وبجوارها ذاك الشاب الصغير صاحب الدراجة النارية الذي صدمها بالخوذة بينما كانت ملامحه لا تقل صدمةً عن شقيقته لتسمعها تقول بذهولٍ:
-بيلار هو أنتِ طلعتي بنت خالي؟
قاطعتها امل بتعجب فهي تعلم أن بيلار لا تعرف أحدًا من عائلة والدها باستثناء ميرا ومعتز:
– انتوا تعرفوا بعض؟
قالت جومانة بفرح:
-دي بيلار اللي كنت لسة بحكي لخالو عنها.
رد شكري بدهشةٍ:
-بجد دي اللي معاكي في المدرسة
ثم أكمل:
-طيب كويس يعني مش هتحتاجو تتعرفوا على بعض من الاول.
احتضنت جومانة بيلار الذاهلة وهي تقول:
-بجد انا مش مصدقة..انتي طلعتي بنت خالي اللي كانت عايشة في امريكا
كل هذا وسليم ينظر بصدمة ودهشة لما يحدث أمامه ، التفتت بيلار له وهي مازالت مصدومة لتقطع شقيقته ذلك الصمت قائلةً بارتباك:
-ده سليم اخويا طبعا اللي شوفتيه امبارح
أومأت بيلار بإدراك وهي ترمقه بنظراتٍ ناريةٍ، لتتفاجأ بسليم يمد يده جاذبًا يدها يقبض عليها بقوة مصافحًا إياها
مرحبا بابتسامةٍ مرحة:
-اهلا يا بنت خالي
همست بكلماتٍ مرحبةً بدورها وهي تحاول جذب يدها منه ، فتركها مع غمزةٍ مرحةٍ قائلًا:
– أخيراً عرفت اسم السينيوريتا الحقيقي ايه … أصل جومانة مكنتش عايزة تقولي
عقدت حاجبيها بذهولٍ من تصرفاته الجريئة، فقررت تجاهله وجلست بجانب ميرا.
نظرت سعاد تجاههم بابتسامةٍ:
-يعني انتوا طلعتو في مدرسة واحدة وسليم في المدرسة اللي جنبكم
التفت سليم ينظر إلى والدته هاتفا بحماسٍ:
-صدفة حلوة بجد..انا لازم اخد بالي بقى من بيلار كمان عشان لو حد عاكسها أو ضايقها.
ابتسمت سعاد بفخر:
-طول عمرك شهم يا حبيبي
ضحك مروان قائلًا بنبرةٍ ساخطةٍ:
-طول عمرك واخدة فكرة غلط عنه.
ارتفع حاجب جومانة باستنكار هامسةً بسخريةٍ لسليم:
-طب قول لنفسك بقى الكلام ده يا سولي
إلتوت زاويتا شفتيه قائلًا بضيقٍ:
-ايه يا جماعة هو كلكم عليا ولا ايه؟
ثم تحولت ملامحه للبراءة فأضاف وهو ينظر إلى بيلار بغمزةٍ مرحةٍ:
-وبعدين هي قريبتي يعني لازم احميها لو حد ضايقها ولا ايه؟
ضاقت عينا بيلار باستغراب:
– I doubt it “أنا أشك في ذلك”
صاح سليم متذمراً :
– حرام عليكم خليتوها تاخد عني فكرة غلط
ضحكت شقيقته قائلة:
– يا سولي هي مش محتاجة تاخد…هي خلاص عرفتك كويس
رد بنبرة فخر يذكرها:
– اوعي تنسي اني اخدت تكريم جائزة الطالب المثالي على الادارة
أومأت جومانة بابتسامة ساخرة:
– جائزة الطالب المثالي دي اخدتها بالرشوة مالهاش تفسير غير كده
التفت إلى بيلار وهو يشير إلى جومانة قائلا:
– دي مش اختي دي من أعداء النجاح سيبك منها
سألته بيلار بجدية:
– أنت اخدت جائزة الطالب المثالي ؟
اومأ بنبرة حزينة :
– اه والله السنة اللي فاتت.. بس چومانة اختي بتنكر ولا بتفتخر بيا كده
ابتسمت له قائلة:
– be proud of yourself “كن فخورا بنفسك”
صاح سليم بسعادة:
– انا ربنا نصرني بجد… الحمدلله السنيوريتا قالت كلمتين حلوين في حقي
رددت بدهشة:
– سنيوريتا !
– سنيوريتا بيلا..
تجاهلته لتنضم إليها جومانة لتجلس بين ميرا وبيلار فهمست بيلار بتساؤلٍ:
– انا نسيت اسألك امبارح بس هو انتوا توأم؟
-لا سليم اكبر مني بسنة هو عنده 16 سنة بس هو قدنا.. ماما كانت حامل فيا بعد ما ولدت سليم بـ 3 شهور وانا كنت داخلة المدرسة بسن بدري وهو داخل متأخر فبقينا قد بعض في الدراسة.
وفي أثناء ذلك كانت هناك عينان تتأملان بعضها خفيةً، تحمل كل منهم نظرات عتابٍ ،غضبٍ ، ندم.
وبعد دقائق أخبرتهم امل بأن العشاء جاهز.
________
بعد مرور عدة أيام..
ذهبت إلى أحد مراكز الدروس الخاصة بها، وأخبرتهم مساعدة المعلمة أن اليوم هناك مراجعة لواجبات المادة، لكنها بقيت مع مشكلة لم تستطع حلها ونسيت أن تسأل ميرا عنها. فتحت الدفتر والكتاب للموضوع وكانت تحاول حله، لكنها لم تتمكن من الوصول إلى نتيجة في النهاية. وفجأة، وجدت أحدًا يسحب منها الدفتر والقلم، وقبل أن تتمكن من الصراخ والصراخ على الدخيل، وجدت أنه الطفل الصغير، زميلها وقريبها “سليم”.
يفاجئها هذا الفتى بمدى جنونه وعفويته وكأنه صديقها؟!
زفرت بهدوء وهي تحاول تماسك نفسها:
– سليم please رجعه مكانه
ابتسم لها قائلا:
– ده ايه الادب ده يا جدعان.. مبتشوفيش اختي لو عملت معاها الحركة دي هتلاقيهم بيحوشونا من بعض
– سليم..
– لازم يعني ؟
صاحت به بغضب:
– سليم Don’t be silly “لا تكن سخيفاً”
– لالا وعلى ايه مش لايق مع الرقة دي نبرة الصوت اللي اتحول ده خالص ارجعي بقى للنبرة الرقيقة تاني…اتفضلي يا سينيوريتا
– ممكن تبطل تقولي كده
– اومال اقولها لمين يعني ؟؟ أنتِ سينيوريتا فعلاً
تنهدت بانزعاج:
– are you made? “هل أنت مجنون”
قولتلك بطل تقوله
وجدته يسلمها دفترها بأدب وتفاجأت أنه حل السؤال بكل سهولة..نظرت إليه بدهشة قائلة :
– ايه ده ؟؟ أنت ازاي قدرت تحلها؟؟
شمخ بأنفه بتعالي:
– عيب تسألي سليم سؤال زي ده !
سألته ببراءة:
– ليه عيب اسألك؟؟ هو انا قولت حاجة غلط؟
قهقه بضحكة قائلا :
– متاخديش الجملة بالمعنى الحرفي يعني… بصي انا هحلها قدامك تمام
وبدأ يساعدها في حل المسألة مرة أخرى أمامها ويشرحها لها أثناء كتابتها حتى فهمتها أخيراً وحلتها بنفسها.. صفق لها بيديه بحماس:
– لا الله ينور بجد ايه الشطارة دي كلها
ابتسمت بيلار بامتنان :
– سليم انت مش متخيل من الصبح وانا بحاول احلها ومش عارفة… I can’t thank you enough “لا اقدر على شكرك بما فيه الكفاية”
– العفو انا ماعملتش حاجة … أنتِ في أي وقت لو في مسألة وقفت معاكي قوليلي على طول
– How can I repay you?
“كيف أقدر أن أرد معروفك”
هز كتفيه ببساطة:
– نبقى أصحاب ! ايه رأيك؟
طالعته بذهول :
– أنت مُستغل
– حصل
_______
بعد مرور عامين.
تملمت بيلار عندما وضعت يديها على كتب المواد التي باللغة العربية، إنها متأكدة من أنها ستحصل على درجات مقبولة في هذه المواد، وهي الآن في السنة الثالثة من المدرسة الثانوية.. وسوف تمتحن بهم…فهي اخذت إعفاء منهم في العامين الماضيين
على الرغم من أنها كانت تحضر دروس مكثفة للغة العربية وبمساعدة جومانة وسليم و شروق لها ولكن هي خائفة قليلا هذه السنة خاصة من اول امتحان لها بمصر في هذه المواد العربية
____
في كلية الهندسة وتحديدًا أمام مكتب دكتورة “رانيا”.
دقت على الباب بهدوءٍ عندما أذنت لها الدكتورة بالدخول.
-اتفضلي يا ميرا..عاملة ايه دلوقتي؟
جلست على الكرسي بعد أن سمحت لها الدكتورة بذلك.
زمت شفتيها بقلقٍ:
-الحمد لله يا دكتورة الموضوع عدى على خير بس الدكتور ده شكله مش هيسكت.
رانيا بعتاب:
-انا قولتلك قبل كده بلاش دكتور سامح الراجل ده بالذات محدش يقف قدامه انا عارفاه وحذرتك.
أجابتها ميرا بإنفعال:
-اهو اللي حصل بقى..انا ما مقدرتش اشوف حد محتاج مساعدة وما أتدخلش، ولما لقيته زعق للبنت انها لازم تشتري الكتاب بتاعه واحرجها قدام كل الطلبة معرفتش اسكت لاول مرة لقيتني برد وانا مش من عادتي ارد بس حسيت نفسي مكانها ورديت دافعت عنها وشكله هيستقصدني وانا عمري ما شيلت مادة في الجامعة وحضرتك عارفة انا كل سنة بجيب جيد جدا وتقديرات كويسة وطبعا بعد اللي حصل انا اكيد شيلت مادته.
اعتدلت رانيا على مقعدها وهي تقول:
-عشان كده انا بعتلك..وكده مفيش قدامك غير حل واحد.
-الحقيني بيه بسرعة..
عدلت الدكتورة نظارتها قائلةً:
-فيه مهندس له علاقات كويسة اوي مع الدكاترة هنا لان بينهم شغل و وسايط كتير والدكاترة بتتمنى أنه يخدمهم ويساعد معارفهم
هزت رأسها بتفكير وهي تقول:
-حلو اوي مفيش مشكلة انا كده كده كنت هاتدرب السنة الجاية ومفرقتش كتير من سنة بس معنى كلام حضرتك انه مش هيدرب اي حد عنده لو عنده كل المميزات دي.
أومأت برأسها وهي تقول:
-لا دي سهلة..لأنه كان طالب عندي وانا كنت عملتله خدمة زمان فهو اكيد هيردهالي، وطبعا عشان انتي غالية عندي ومن أفضل الطلبة القريبين ليا قررت اكلمه عليكي وهو هيعدي عليا بكرة وهفتح معاه الموضوع وان شاء الله هيوافق.
شكرتها ميرا وبعدها خرجت وهي تفكر بهذه الفكرة وتدعو الله أن ذلك المهندس يوافق على عرض دكتورتها الجامعية، وفي ذات الوقت هي تريد أن تجرب شيئًا جديدًا، التدريب والعمل خارج روتين الكلية والدراسة تحدي بالنسبة لميرا.
____
في الصباح..
كانت تجلس أمام مكتب الدكتورة رانيا متوترةً قليلًا، منتظرةً إياها أن تنهي حديثها مع ذاك المهندس الذي حدثتها عنه بالأمس.
حدثت نفسها قائلةً:
-انا نسيت امبارح اسأل الدكتورة على اسم المهندس ده مش مشكلة بقى ما انا كده كده هشوفه.
قاطع شرودها صوت رنين هاتفها ينبهها أن تدخل إلى مكتب الدكتورة.
دقت على الباب برقةٍ فسمعت دكتورة رانيا تأذن لها بالدخول.
فتحت الباب قائلةً:
-صباح الخير…
اشتدت بقية الكلمات في فمها حيث شعرت بقلبها يسقط عند قدميها عندما رأته أمام عينيها ، واتسعت عيناها تراجعت خطوة إلى الوراء كرد فعلٍ تلقائي .
همست لنفسها بنفي:
-لا..مروان مينفعش مينفعش خالص
- يتبع الفصل التالي اضغط على ( رواية نهج الغرام ) اسم الرواية