Ads by Google X

رواية نهج الغرام الفصل الخامس 5 - بقلم داليا احمد

الصفحة الرئيسية

  رواية نهج الغرام كاملة بقلم داليا احمد عبر مدونة دليل الروايات 


 رواية نهج الغرام الفصل الخامس 5

-أنت هتخطب..!!

هتف بنبرة ساخطة:

-وأنتِ كنتي عملتي إيه ها؟؟ لو كنتي وافقتي كان زمانا اتجوزنا من بدري

أغمضت عينيها بألم وهي تهز رأسها بعنف نافية:

-عشان مينفعش..مينفعش اوافق خالص وخصوصا ان بابا رافض

-قالك لو عايزة خلاص موافق… لكن أنتِ وقفتي قدامي وقدام جدك و اعمامك و باباكِ وقولتي مش عايزة اتجوزك…بعد ما كنا متفقين يا ميرا… كنا قبلها متفقين اني هروح اتقدملك واقف قدام أي حد عشانك بس انتي توافقي تتكلمي…متخافيش…تدافعي عن حقك…

طالعته بصدمة وقالت بقوة من بين أسنانها:

-وكنت اوجعه؟؟ بابا قالي كده عشان مش عايز يشوفني مكسورة..بس انا شوفت في عينيه وجع كبير اوي..شوفت ان كل حاجة هتروح

تأوهت عندما اعتصر ذراعيها ليقربها منه قائلا:

-وانتي بقى عايزانا نتجوز بس في السر بمعرفة امي وأخواتي وابوكي وامك..لكن لأ كله الا ده..انا عايزك تبقي مراتي قدام العالم كله..مش اهلي بس..عايز اشوف فرحتك زي كل البنات..مش عايزك تيجي يوم والاقيكي مكسورة او حد يبصلك وكأنك عملتي حاجة غلط

نفضت ذراعيها منه وهي تبتعد قائلة بنبرة باكية:

-عشان انا مش زي كل البنات يا مروان..ولا اهلي زي كل الناس..عشان جدي شايفي ان انا مينفعش اتجوز واحد برة عياله الولاد عشان هما اللي شايلين اسم العيلة لكن انت عشان ابن بنته شايفك من برة العيلة وهما أولى عشان بابا مخلفش غيري..حتى لو كان ابن بنته برضو لا..عشان اهلي فاكرين انهم هياخدو الأراضي والفلوس معاهم في القبر..انا تعبت..تعبت من كل القرف والظلم ده..مش ذنبي ان امي معرفتش تخلف غيري ولا ذنبي ان ابويا راجل عنده ضمير وبيحب امي ومش عايز يتجوز غيرها..اكتشفت أن الدنيا عايزة الواحد يبقى ظالم ومفتري عشان يعرف يعيش وياخد حقه

ربت على وجنتيها وهي يمسح دموعها:

-ميرا اهدي..انا اسف بس انا كمان تعبت..انا مش صغير يا ميرا..انا بقى عندي 27 سنة..والعمر بيعدي وحبيبتي مش عارف اتجوزها..ومتوقع أنها في اي لحظة هتروح مني..وانتي مش موافقة على شرطي..وامي عايزاني اتجوز وابطل ابص ورايا

ابتسمت بحزن وهي تجيبه بنبرة حازمة:

-يبقى اسمع كلام عمتو..واحنا فعلا لازم نبعد..لازم نبعد خالص عن بعض يمكن ننسى..بابا وعمتو عندهم حق احنا مش لبعض..وحبنا ده مستحيل يكمل..

______________________

في المساء

كان الجو في منزل مروان متوتراً. بمجرد عودة جومانة من دروسها، سادها جو من التوتر والغضب..وكانت والدتها تحاول تهدئة مروان بشأن ما سيفعله مع سليم..حسنًا، إنها قلقة على سليم .. وتخاف من غضب مروان عليه.. أنهى مروان مكالمته الهاتفية فسألته أمه بلهفة:

-عرفت هو فين؟

قال بتمالك اعصاب:

-برة وجاي

ارتفع حاجبيها لتسأله باستغراب:

-برة فين بالظبط؟ قالك هو فين يعني؟

صرخة انطلقت منه بحدة:

-معرفش..اسيب انا شغلي واقعد ادور وراه اشوفه رايح فين وبيحضر كل دروسه ولا لأ..انا تعبت من الولد ده..انتي متخيلة الاسيستنت بتاع مدرس الكيميا يكلمني يقولي انه مبيحضرش بقاله فترة وانه محضرش الامتحان والمدرس اداله مدة شهر يمتحن وبرضو اتهرب ومراحش..لحد ما اتصل بيا وقالي اخوك ميجيش تاني..وده احسن مدرس كيميا في إسماعيلية..يوريني بقى هيروح لمين ومين هيقبله وخلاص الترم ده قرب يخلص والامتحانات داخلة خلاص..اكيد ماشيلي مع عيال فاشلة فالح بس يروحلي النادي بانتظام بحجة التدريب

-يا مروان ما كل الشباب في سنه بيروحوا النادي..وبعدين انت ايه دورك ها؟ كل اللي بتعمله انك بتديله أوامر والاوامر دي مبتنفعش مع واحد في سن مراهقة أو بشخصية اخوك..من يوم ما ابوك مات وانت قررت تبقى مسؤول عن اخواتك..وتشيل معايا المسؤولية والأمانة دي..قرب منه..خليه يقلل النادي بطريقة مناسبة وهادية مش بالزعيق والعصبية

قاطع حديثهم صوت سليم :

-انا جيت

التفت الأثنان نحو سليم الذي كان بالصالة و لم يشعرا بدخوله.. بينما واصل سليم كلامه:

-انا عارف انا بعمل ايه..نجحت ولا سقطت انا اللي هتحمل نتيجة افعالي

اجابه مروان بعصبية:

-يا بجاحتك يا اخي..مش مكسوف من نفسك..ده بدل ما تبقى راجل وتشيل مسؤولية معايا..بس هستنى ايه من حتة عيل..لسة بياخد مصروف مني

-والله بقى ده من فلوس ابويا

صوت مروان كان مستهزئاً و هو يقول:

-ابوك؟؟ ابوك فين معلش؟ ابوك مات وانا اللي بشتغل وشايل الحمل كله لوحدي..ما تقوليله يا ماما ابويا كان سايب الشركة ازاي؟ قوليله الشيكات اللي كانت لازم تتدفع في ميعادها..قوليله السنة اللي راحت مني في الجامعة عشان اقدر اوقفها تاني واسدد الشيكات وفلوس الموظفين..وانتوا كنتو لسة عيال..وادي النتيجة!

ثم اكمل بحدة وهو ينظر لكلا من سليم و جومانة:

-اذا كنت فاكر ان انا هدخل حد فيكم جامعة خاصة ف ده مستحيل يحصل..عشان بس متقعدش تتدلع وتتمرقع وتيجي تقولي دخلني يا مروان جامعة خاصة..الجامعة دي يدخلها اللي كان بيذاكر وبيتعب فعلا واتظلم في تصحيح ولا نقص درجات غصب عنه..لكن واحد زيك مقضيها وبيتهرب من دروسه يبقى يتحمل نتيجة غلطه بس جامعة خاصة انسى

-انا اصلا بحضر كل دروسي وانت عارف.. بس حصل حوار كده معايا وكان بقالي كام يوم مروحتش درس الكيميا وبعدين حاضر هرجع احضر تاني واذاكرها

-المستر بتاعك حاولت معاه عشان يرجعك قالي بشرط انه بعد أسبوعين يجي يمتحن الامتحان اللي هو كان عامله وخلع منه..ولو مجبتش فيه درجة حلوة مش هيدخلك عنده تاني وابقى دور بقى على مدرس تاني وتبقى ضيعت اشطر مدرس كيميا في إسماعيلية

حديثه الأخير هبط على سليم كدلو ماء بارد ليرد بصدمة:

-نعم؟؟أسبوعين ايه..أسبوعين!!!

________

سمعت صوت رنين الهاتف وأيقظتها من نومها في منتصف الليل.. أجابت بصوت نعسان بعد أن رأت اسم المتصل سليم.. ولم تتلق إجابته، بل استمعت إلى صوت تنفسه المضطرب لتعرف أنه ليس بحالة جيدة.. ولم تفهم ما كان يحدث له فهو لا يتصل بها في ذلك الوقت..

بصدمة قالت:

-سليم انت كويس؟ اول مرة تتصل في وقت متأخر كده..هي عمتو واخواتك بخير؟

صوته جاء مضطرباً هو يغمض عينيه قائلاً:

-انا مش بخير يا بيلار..وقعت في ورطة

ابتلعت ريقها و هي تريح رأسها على الوسادة :

-ورطة ايه؟

سليم بغيظ:

-الواد أسامة الواطي كلم مروان وقاله اني مجتش بقالي كام حصة واتهربت من الامتحان ودرويش رافض يدخلني الدرس تاني وقاله قدامي أسبوعين وامتحن الامتحان بتاعه تاني ولو مجبتش فيه درجة حلوة مش هيدخلني تاني

اجابته باندفاع:

-احسن تستاهل..عشان قولتلك يا سليم ذاكر واحضره وانت رفضت..وقولتلك هراجع معاك الدروس اللي مفهمتهاش

زفر سليم بضيق:

-ما انتي كنتي هتدبسيني اشرح لك انتي وصحابك عربي وانا الصراحة مبسلكش معاهم…لو انتي بس ماشي لكن هما لأ

-طيب ودلوقتي هتعمل ايه؟

-مش عارف هحاول اذاكر بقى

-خلاص وانا هساعدك

ابتسم سليم بقهر:

-ماشي وانا هلبس كده

بيلار بعدم فهم:

-ما انت اكيد هتلبس اومال هتيجي قالع؟

أغمض عينيه قائلا بحدة:

– بيلا تصبحي على خير

-مش فاهمة هو انا فهمت غلط؟

-لا ده قلش مصري ومتسألينيش يعني ايه قلش عشان مش قادر اشرح..باي

_____________

بعد مرور عدة شهور..

اول يوم امتحانات…

كان يصلي الفجر مع أخيه في المسجد القريب من المنزل..وبعد انتهاء الصلاة رفع يديه ودعا من قلبه:

-يارب استودعتك مستقبل اخواتي فجمله كما شئت..

خرج من المسجد مع أخيه، ليجده شارداً قليلا وملامحه جادة على غير عادته. وبمجرد دخولهم المنزل جلس في غرفة المعيشة، وبعد ذلك دخلت أخته وأمه.. وكانوا لا يزالون يرتدون إسدال الصلاة، وربت مروان على كتف أخيه قائلاً:

– انا فاكر اخر مرة زعقتلك فيها كنت متضايق عشانك…بس انت اثبتلي بعدها انك فعلا بتسمع الكلام وخايف على مصلحتك…

نظر إلى شقيقته التي جلست بجانبهم فوضع يديه على كتفيهم قائلا بنبرة حانية:

-قبل اول امتحان ليكم في الثانوية العامة انا عايز اقولكم اني فخور بيكم أوي و انتوا تعبتو لحد ما وصلتوا لليوم ده و أي نتيجة احنا هنفرح بيه

همست سعاد بتأثر:

-وانا واثقة انكم هتفرحوا و هتفرحونا

– يارب يارب

لتردف سعاد قائلة بتمني :

– احنا هنرضى باللي ربنا كتبه، والمجموع اللي هتجيبوه هنصاي ركعتين شكر لله عليه ونحمد فضله.. بس ربنا قال اسعى يا عبد وانا أسعى معاك وأنتوا سعيتوا وتعبتوا و ربنا هيقدر تعبكم ده

عانقتها جومانة بحب :

– شكرا يا احلى ماما في الدنيا … شكرا على انك بتطمنينا انتي ومروان

______

في الصباح…

ذهب كل من شكري مع ابنة أخيه.. بينما شعر بتوترها فهي ستؤدي امتحان اللغة العربية لأول مرة في مصر.. قبل رأسها وقال بنبرة مشجعة قبل أن تنزل من السيارة:

– بيلا يا حبيبتي مالك ..

– خايفة يا عمو… قلقانة اوي

– ليه بس يا حبيبة عمو…ادخلي الامتحان بقلب جامد واعتبري انك داخلة امتحان درس عادي…

– شكرا يا عمو انك موجود… كفاية انك وصلتني لحد الامتحان كمان

– عشان تطمني يا حبيبتي… وعايز اقولك حاجة قبل ما تدخلي الامتحان

ليردف قائلا :

– فكري في الشهر ده على أنه نهاية الرحلة، نهاية كل التعب، ودايما خليكي فاكرة ان مش السنة دي هي المقياس

ابتسمت له وهي تقبله من وجنته بتأثر

_______

يوم ظهور النتيجة..

كانت جومانة جالسة امام جهاز الحاسوب في الصالة وأمامها والدتها

سعاد بتوجس:

-ها يا جومانة مفيش أخبار يا حبيبتي؟

زفرت جومانة بضيق:

-لا لسة ربنا يستر النت الزفت دا مبيجمعش

دخل مروان في تلك اللحظة ثم قال :

-متقلقيش كده خير واللي يجيبه ربنا خير

جومانة بتوتر:

-خير اللي مكتوبلي عند ربنا هشوفه

رن هاتف مروان :

-أيوة يا علا

-سليم وجومانة عملوا ايه؟

-جومانة بتجمع في الشبكة مش بتجمع والنت تقيل اوي على الموقع وسليم عند خاله بس سايب رقم جلوسه

– طيب هات ارقام جلوسهم..انا جبتها لابن عمي من موقع كده وفتح

-حاضر هبعتهولك في massage

-تمام..متقلقش ان شاء الله خير

بعد مرور ربع ساعة..

رن هاتف مروان فأجابه بسرعة:

-أيوة يا علا

نظر كلا من جومانة وسعاد تجاه مروان بتوتر..فقالت جومانة بشك:

– شيلت تاريخ دور تاني صح؟

رمقتها والدتها بغضب:

-ايه الفال الوحش دا اسكتي..مروان ايه حصل؟

مروان بجدية:

– تمام شكرا يا علا .. يلا سلام

سعاد بلهفة :

-ايه حصل يا مروان؟

مروان بنبرة ساخطة:

-بنتك الدحيحة

-مالها

-جابت 75%

صرخت جومانة بسعادة عارمة:

– الحمد الله ياخي خضيتنى افتكرت شيلت تاريخ

مروان بسخرية :

-ودا ان شاء الله تدخلى بيه ايه !

ضحكت جومانة قائلة:

– كليات الشعب طبعا…

لتردف قائلة :

– وبعدين مين اللي كان بيقولي المجموع اللي تجيبيه يا جوجو و براحتك يا چوچو يا حبيبتي وانا معاكي ولا انت بقى بتخلع من الهدية اللي هتجيبهالي ها ؟؟

كتم مروان ضحكته قائلا :

– مفيش فايدة فيكي مبتنسيش ابدا

سألته أمه بقلق

-سليم عمل ايه جابتهاله؟؟؟

-ااه صحيح نسيتوني..سليم جاب 95%

والدته بفرحة عارمة:

-الحمد لله يارب..الحمد لله

مروان وكأنه تذكر شيء ما:

-اه صحيح..علا معزومة النهاردة على الغدا..بمناسبة نجاحهم

-طب وانت قررت ايه من حوار علا يا مروان؟

-علا متعرفش اني كنت عايز اخطبها اصلا وانا لما الاقي مفيش حاجة في دماغي غيرها هخطبها

______________________________________________

فى شقة شكري…

دخل سليم قائلا:

-صباح الخير

امل وشكري :

-صباح النور

جلس سليم وهو ينظر اليهم ثم قال :

-اومال فين بيلار

-في اوضتها ومعاها ميرا..اصلها متوترة عشان النتيجة والموقع لسة بيجمع

-مروان جابلي نتيجتي من موقع تاني

خاله بلهفة:

-بجد وعملت ايه انت وجومانة؟

-الحمدلله انا جبت 95% وجومانة 75%

امل بفرحة عارمة:

-مبروك يا سليم يا حبيبي

نهض شكري وهو يعانق سليم بفرحة :

-الحمدلله يارب..الف مبروك يا حبيبي

سليم وهو يهم بالنهوض:

-الله يبارك فيك يا خالي انا هطلع اقولهم وبالمرة اجيب نتيجة بيلار..بعد اذنك يا خالي

-اتفضل يا حبيبي وعقبالها يارب

_____________

في غرفة بيلار

جالسة امام اللابتوب والدموع فى عينيها وبجانبها ميرا تحاول ان تجمع الشبكة..سمعت طرقات على الباب

قالت بيلار بصوت خافت:

-ادخل

دخل سليم بأبتسامة:

-ها جبتوها ولا لسة؟

-لا الموقع مش مجمع..انت جبتها؟

-95 %

شهقت بيلار وميرا بسعادة:

-بجد مبروك يا سليم..الف مبروك

-الله يبارك فيكم

لاحظ بعض قطرات من الدموع على وجنتي بيلار فسألها بقلق :

-انتي مالك بس كنتي بتعيطي ليه؟

-خايفة اوى يا سليم من النتيجة

مسح دموعها المتبقية برقة:

-متخافيش انت عملتي اللي عليكي وبعدين تفائلوا بالخير تجدوه صح ولا ايه؟

-امممم صح

رن هاتف ميرا في تلك اللحظة فاستأذنتهم وخرجت لترد على صديقتها

سليم بهدوء:

-يلا نسمي الله قبل ما احط رقم الجلوس

فتح سليم الموقع وتسمر للحظات بدون حركة

بيلار وهي تغمض عينيها بخوف:

-ها عملت ايه؟

فتحت عينيها فجأة ونظرت إلى الشاشة لتجد مجموعها 84% فنظرت إليه بعينين غير مصدقتين .. دامعتين .. مرتجفتين..بينما هو يحاول تهدئتها..ففتحت الباب وخرجت بسرعة ثم دلفت إلى شرفة غرفة أخرى فارغة حتى لا تلتقي بعمها او زوجته

أسرع سليم خلفها وهي تهرول إلى الطريق المتجه لشرفة الغرفة:

-بيلار اقفي

سارت في طريقها وهي تأمره أن لا يذهب خلفها

-بيلار اهدي كده..

صاحت به :

– سيبني لوحدي

توقفت عن البكاء قليلا.. يعلم أن هذا كان حلمها.. يعلم أنها كانت متعبة في ذلك العام.. ويعرف كم أحبت تلك الكلية وكانت تتمناها..

أحاط خصرها بيديه، واقترب وهو يسند ذقنه على كتفها.

همست بقسوة:

-عايزة ابقى لوحدي

رد همستها بهمسة أجشة :

– مقدرش اسيبك

همست بحزن:

-كانت أمنيتي ادخلها !

كان يريد أن يواسي حزنها، فيما دفنت وجهها بسرعة في صدره وهي تنفجر بالبكاء…حتى عانقها بقوة وربت على ظهرها..

مسح على شعرها الناعم بحنان وهو يتركها تخرج كل آلامها…

-كل حاجة هتبقى بخير وهتعدي

– I really appreciateg it

“مقدر جدا مساعدتك”

_________

بعد مرور أسبوع..

طرقات على باب غرفة بيلار

قالت بيلار بصوت خافت:

-ادخل يا عمي

دخل سليم بأبتسامة بجانب خاله:

-طيب ينفع انا وعمك؟

جففت بيلار دموعها بعشوائية:

-سليم..ادخل

سليم بقلق :

-انتي كنتى بتعيطى ؟مش المفروض اتفقنا تيجي امبارح مع جومانة تعملي التنسيق بتاعك

اقترب منها عمها وهو يضمها لحضنه قائلا بحنان:

-بيلار..الثانوية العامة مش نهاية العالم..دي مجرد محطة من محطات قطر الحياة

اومأ سليم رأسه قائلا :

-صدقيني باقي الكليات متقلش قيمة عن طب ولا هندسة..لكن دي عادات وتقاليد..وده مش معناه اني بقلل من الكليات دي إطلاقا بس الناس دايما باصة ان دي كليات قمة واي حد دخل كليات تانية يبقى فاشل.. الثانوية العامة مش نهاية العالم نفس المواد اللى بناخدها كل سنة و بيزيد بس الضغط النفسى اللى علينا، ونبدأ ناخد دروس من شهر 7 لشهر 6 اللى بعده واننا لازم نبقى فاكرين كل التفاصيل الصغيرة اللى بتتشرح عشان الأمتحان مش هيجى غير من التفاصيل دى، و ممكن بردو بعد ما نذاكر يجي فى التصحيح مصحح ضميره ميت ينقصك عشان هو مش شايف أن إجابتك مش صح من وجهة نظره..ف انتي عملتي اللي عليكي وذاكرتي

-الخلاصة يا حبيبتي انك تكوني مؤمنة ان رب الخير لا يأتي إلا بالخير..حتى بعد ما مجموعك طلع اقل من هندسة ف

انتي حياتك مخلصتش ولسة قدامك الفرص و المجالات كتيرة عشان تثبتي نفسك

بادلت بيلار عناق عمها في تلك اللحظة وسمحت لاخر دمعة تنزل لكي تمحي كل آلام تلك المحنة..وكأن بحديثه هو وسليم محى كل شيء..فربت شكري على ظهرها بحنان وهو يهدهدها ويقول لها بعض الكلمات المطمئنة..

احتضنوا أبنائكم في تلك اللحظات..اخبروهم ان الحياة اتية لم ولن تتوقف في تلك اللحظة او اللحظات الاتية..اخبروهم ان النجاح الحقيقي هو الإرادة والقوة والعزيمة..اخبروهم اننا نتعلم كي نعيش ولا نعيش كي نتعلم..قولوا لهم ان اعظم نجاح ذلك الذي ينهض من القاع وليس الثبات على القمة..

اقنعوهم ان كلية قمة وقاع ما هي إلا عادات وتقاليد..والصعود للقمة الحقيقية هو نجاحهم في الكلية..

احتضنوهم واخبروهم أنهم ادوا ما عليهم وما زال لديهم الكثير ليؤدوه..و احذروا ان تبكوهم فتبكوا عليهم..

__________________

بداية الدراسة لأول يوم جامعـة..

كانت واقفة امام الدولاب وهي تجهز ما ترتديه اليوم..دق باب حجرتها..فهتفت قائلة :

-اتفضل

شكري بابتسامة :

-حبيبة عمو عاملة ايه

زفرت بيلار بتوتر :

-عمو انا متلخبطة ومتضايقة ..مش عارفة هعمل ايه..

ربت شكري على ظهرها بحنان :

-لا متضايقيش خالص هو ده احساس طبيعي عشان اول يوم لكن بعد كده هيبقى عادي .. وهتتعودي

-طيب

شكري بتذكر:

-سليم كلمني .. وقالي انه هيجي معاكي عشان يوصلك اطمني يعني..وقالي متقلقش انا هوديها لغاية المدرج

عقدت بيلار جبينها بتذمر طفولي :

-عمو انا مش صغيرة ولا لسه فى مدرسة عشان يوديني لغاية المدرج

-عشان ابقى مطمن عليكي..ولا تحبي اروح انا معاكي؟

هزت بيلار رأسها بنفي :

-لا لا عشان شغلك..متقلقش سليم راجل وهيتصرف

شكري بسعادة :

-كبرتي يا حبيبتي وبقيتي عروسة زي القمر.. وخلاص دخلتي الجامعة..

نظرت بيلار باشتياق وألم إلى صورة والدها التي أمامها على التسريحة

تحشرج صوته قليلاً:

ـ الله يرحمه كان بيحلم باليوم ده.. وبيتخيلك وانتي نازلة الصبح أول يوم.. وراجعة له تحكيله عن تجربتك في أول يوم ليكي في الكلية.. الله يرحمه.. أكيد هو حاسس بيكي دلوقتي..

لم يستطع شكري إكمال كلماته فقد خنقته غصة شديدة وهو يتذكر شقيقه..تأمل تساقط الدموع على وجنتي بيلار ومسارعتها لتمسحها..

فربت على كتفها وهو يحاول التحكم في أحزانه وهو يناولها كارت فيزا بنكية:

ـ احنا هنحول اليوم نكد ولا إيه..كنت هنسى صحيح..انا حطيتلك فلوس فيها عشان تبقي تصرفي منها براحتك وقت ما تحبي

ابتسمت وهي تمسح بقايا دموعها وهي تهتف:

ـ شكرا يا عمو..ربنا يخليك ليا..وبعدين انا عايزاك تصرف من فلوس بابا..انت لحد دلوقتي مبتصرفش منهم خالص عليا

قاطعها بنفي:

-لا يا حبيبتي انا حاطط ورثه في وديعة في البنك وفاتح حساب ليكي بحط الفلوس اللي جدك بيبعتها من نصيبه فيه ولما تكملي ال21 تبقى حرة بيهم..وبرضو انا معاكي في اي حاجة..

قبلته من وجنته برقة:

-ربنا يخليك ليا..

__________

كان جالس منتظرهم على مائدة الطعام..وهو ممسك بهاتفه يتابع بعض الأعمال..

هتفت به والدته وهي تجلس بجانبه:

-أنت هتروح الشركة من دلوقتي يا مروان؟

وضع هاتفه فى جيب بنطاله :

-لا يا ماما هوصل جومانة الاول وبعدين هبقى اروح..عشان عندها محاضرة الساعة 8 وسليم و بيلار عندهم الساعة 10 مش هتروح معاهم

-طيب يا حبيبي خلي بالك منها

ركضت جومانة نحوه وهى تصيح :

-يلا يا مروان نمشي

مروان بسخرية :

-ما بدرى …

ضحكت جومانة قائلة :

– يلا عشان متحمسة

__________

بعد مرور ساعتين..

نزلت بيلار إلى الصالة .. و وجدت سليم واقف في انتظارها

-صباح الخير

نظر لها سليم بذهول..ثم سألها بتوجس:

– هو انتي رايحة فين ؟

– الكلية يا سولي

رمقها من راسها حتى اخمص قدميها..فكانت ترتدي بلوزة بيضاء بكتف واحد قصيرة..

فقال بنبرة ساخطة:

– كلية ايه دي اللي هتسمح بالبلوزة دي ؟؟؟

– سليم

انتفضت بقوة عندما سمعت صوته يقول بغضب :

– ايه الاستهبال ده متفقناش على كده؟ ولا انتي فاكرة نفسك لسة عايشة في أمريكا!

تلعثمت وهي تحاول الدفاع عن نفسها:

-مالها البلوزة دي one shoulder مرضتيش البس البلوزة التانية ال off shoulder

قاطعها سليم بسرعة تنم عن غضبه الشديد.. وهو يضغط على قبضته في محاولة منه للتحكم بغضبه :

-كنتي اعمليها وشوفي كنت هعمل ايه…

قاطعته بيلار باندفاع :

– في ايه يا سليم ؟؟

– في انك زي الشطورة كده اطلعي غيري البلوزة دي والبسي حاجة مقفولة..

عقدت ذراعيها على صدرها قائلة بعناد:

-لا بتهزر..مش كفاية بسببك غيرت حاجات في استايل لبسي..وكذا حاجة تقولي عليها لا لأ

-يلا يا حبيبتي غيري هدومك..و عموما عمي راح شغله اصلا..وبراحتك انا معنديش مشاكل مروحش الكلية من اول يوم… ولو عمتك سألت هقولها أنتِ السبب في غيابي اول يوم !

– أنت محدش بيعرف يغلبك أبدا

ابتسم سليم بانتصار :

– يلا يا سنيوريتا غيرى هدومك بسرعة

ضربته بيلار على كتفه بغيظ وهمست بخفوت وهي تتجه نحو السلم:

-رخم

بعد وقت قصير..نزلت بيلار وهي ترتدي بلوزة بنفسجي بكم طويل وبنطال ابيض..

-ها كده كويس؟

هز رأسه برضا:

-ايوه كده ارجعي بيلار المصرية..

زفرت بيلار بغيظ:

– رخم اصلا

-بعد كده كلامي يتسمع على طول علشان ميتقلبش عليكي

_______

بداخل الجامعة..وبالقرب من بوابة كلية الألسن..لاحظت بيلار دخول سليم معها

وقفت بيلار أمامه قائلة :

-طيب امشي انت بقى..خلاص عرفت المكان

سليم باعتراض:

-انا هاجى معاكى لغاية باب المدرج يلا..وهو انا هسيبك اول يوم لوحدك.. لا طبعا اطمن عليكي ونشوف جدول محاضراتك ايه والدنيا عاملة ازاي وهمشي..

عقدت حاجبيها بتذمر:

-سليم انا مش طفلة ..خلاص عرفت المبنى امشي انت

سليم بصرامة :

-بيلا أمشي قدامي..وبصى كده من اولها ..متكلميش حد خالص .. وملكيش دعوة بحد …

قاطعته بيلار بسخرية و قهر:

-سليم انت طول الطريق عمال تحفظني والله حفظت تحب اسمعلك؟

هتف سليم بجدية:

-شاطرة..

ضحكت بيلار:

– انا مش هسمح لحد يتعدى حدوده..يلا امشي ومتقلقش انا مش صغيرة ومش هسمح لحد يكلمني..

– لالا مش همشى غير لما اطمن عليكي..

-سليييم

هز رأسه نافيا:

-والله ابدا .. رجلي على رجلك

دخلوا إلى مبنى الكلية ودلف بالقرب من مدرج …

-هو ده المدرج بتاعك .. حفظتي مكانه

اومأت برأسها بشرود :

-اه تمام

لاحظ سليم نظراتها الممتعضة والضيق المرسوم على ملامحها فسألها قائلا وهو يعلم الإجابة جيدا:

-بيلار مالك؟

أدارت وجهها حتى تخفي الدموع التي ترقرقت في عينيها:

-مكنتش عايزة ادخلها..مش قادرة انسى ان دي مش حلمي

ادار وجهها قائلا وهو يمسح دموعها التي ترقرت قائلا:

-ليه باصالها كده .. مش احنا اتفقنا أن كل حاجة هتيجي هتبقى فيها الخير لينا… وبعدين كلية ألسن جميلة و أي حد يتمنى يدخلها و كلية قمة هيبقى فيها مستقبل حلو ليكي

– أن شاء الله

_________________

بعد مرور عدة أشهر…

في غرفة شكري

تنحنت امل قائلة :

-اتجوز يا شكري..صدقني انت لو اتجوزت ابوك هيلغي الشرط ده..ويمكن..

قال بنبرة غاضبة:

-يمكن ايه ؟؟ يمكن اخلف واجيب ولد عشان خاطر ايه؟؟؟ عشان خاطر فلوس واراضي؟

رمقته بنظرات قوية وقالت:

-عشان بنتك تبطل تتوجع..عشان تتجوز اللي بتحبه..ميرا اتغيرت أوي بعد ما مروان خلاص خطب علا من كام شهر

شكري بصرامة:

-وانا مش هتجوز..مش هعاند إرادة ربنا..مش هروح أتجوز واحدة عشان تخلفلي عيل وانا لا هحبها ولا هبقى عايزها..مش هتجوز عشان عادات وتقاليد وشروط ظالمة ابويا حاططهالي…جواز انا مش هتجوز يا امل ولو على جثتي

أغمضت امل عينيها قائلة بحزن:

-بعد الشر عليك..انا السبب في كل ده..لولا تعبي ده اللي جالي ومنعني من الخلفة تاني كان زماني جبتلك عيال تانية

قبل جبينها برقة :

-انتي زي الفل..مفيكيش عيب..وبالعكس انا عمري ما ندمت على اي حاجة ربنا منعها عني..بالعكس بحمده على فضله ونعمه..عندي احسن زوجة في الدنيا..واجمل بنت..وهي عندي بمليون ولد

ابتسمت امل بحنان:

-ربنا يخليك لينا وميحرمناش منك ابدا..بس قولي هتعمل ايه؟ والدك شارط ان ميرا لو متجوزتش حد من عيال عمها وطبعا عشان معتز بيتعامل معاها زي اخوها وهو أصغر من وجيه فهتتجوز وجيه..هيحرمك من الشغل عنده في الشركة ومن ورثك في الأراضي..او الحل التاني انك تتجوز وتجيب ولد زي ما اخوك عمل

– بفكر يا امل بحاول اشوف طريقة اخليه ميجوزش ميرا لوجيه عشان عارف انها لا بتحبه ولا عمرها هتحبه وانا عمري ما هظلمها..وبما ان مروان خلاص شاف حياته من كام شهر وده احسن حاجة عملها عشان ميرا تبطل تحط امل في مروان وده احسن

_________________

في مطعم مطل على البحر… توجهت ميرا إلى طاولة مستديرة… ثم جلست على الكرسي المقابل لوجيه… وعندما رآها بدأ يتحدث بلهفة:

ـ ميرا.. طبعا أنتِ طلبتي نتقابل عشان أكيد جدو استعجل باباكي عشان خطوبتنا بما انك خلاص قربتي تخلصي دراستك اهو..بس انا شايف اننا نعمل كتب كتاب معاها..

قاطعت ميرا ثرثرته في الكلام:

-وجيه.. استنى شوية

تنهد بقوة:

– اه معلش يا حبيبتي تشربي ايه الاول..

-انا مش عايزة اشرب حاجة يا وجيه..انا جاية عشان اتكلم مش اكتر

اندفع وجيه في الكلام مرة أخرى:

-انتي عارفة انا كنت مستنيكي تخلصي الكلية بتاعتك وفرحت لما جدو قال هنكتب الكتاب ونعمل خطوبة بعد امتحانات الترم الأول ليكي وخلاص الامتحانات كلها اسبوع وتخلص..و..

قاطعت كلاماتها وهو يحاول إفهامها ما يريد قوله:

ـ اسمعني بس يا وجيه.. أنا لازم أتكلم معاك في موضوع مهم..

فسألها بحذر:

ـ اتفضلي … ولا عندك اعتراض على اننا نأجل الخطوبة للترم التاني..بس الصراحة انا استنيت كتير اوي..

صممت قليلاً، وهي تحاول أن تجد طريقة راقية لتخبره أنها لا تريد الارتباط به حتى لا تجرح كرامته ورجولته.. كانت تعلم أن ما ستقوله خطأ، ولو علم والدها سيحزن بشدة بسبب ما فعلته، لكنها حتى لو لم تتزوج من مروان، فهي لا تريد الزواج من شخص لا تحبه..

– وجيه أنا مش جاية عشان اتكلم معاك في اتفاقات الخطوبة…انا جاية عشان…

وضع قدم على قدم وهو يشعل سيجارته وهو يخبرها بنبرة قوية:

ـ جاية عشان تقوليلي عن علاقتك القديمة بمروان مش كده ؟!

google-playkhamsatmostaqltradent