رواية بين الحقيقة و السراب كاملة بقلم فاطيما يوسف عبر مدونة دليل الروايات
رواية بين الحقيقة و السراب الفصل السادس عشر 16
انتهت من محاضرتها وخرجت من الجامعه وجدت السياره التي اتفق معها جميل توصلها ذهابا وايابا من الجامعه لقلقه الشديد عليها والإتفاق معه ان يمشي في اماكن عامه ،
وصلت الى الفيلا متوجهه الى المكان الذي تمكث به دون ان يحيد نظرها يمينا او يسارا ،
واذا بها تتفاجأ بيد تسحبها بسرعه رهيبه الى الجهه الخلفيه من الحديقه،
شدت يديها بعنف وهي تشيد بعينين غاضبتين:
_انت ازاي يا دكتور تتجرا تمسك ايدي وتجرني بالشكل ده انت جرى لك حاجه ؟
التقط أنفاسه ونظر اليها مرددا بغرام :
_قلب الدكتور وروحه مش حرام عليكي اللي انتي بتعمليه فيا ده ؟
اهتزت من نظرته وقلبها بات يدق من طريقته ووجهت بصرها للاسفل واجابته بتوتر:
_هو انا عملت ايه يعني علشان تشدني بالمنظر ده؟
كان ينظر اليها وكأنه يحفر معالم وجهها الذي استوحشه كثيرا ،
ويسمع كلماتها ويدونها في قلبه وكأن حرمانه من كلامها الموجه اليه بات مفقودا وهتف بلوع:
_هنت عليكي تسيبيني شهرين بحالهم ولا كلام ولا سؤال ولا بتردي على التليفون ولما بترجعي من الجامعه ما بتخرجيش من الأوضه بتاعتك خالص،
وتابع بعتاب:
_ قد كدة رحيم مبقاش فارق معاكي ،
أنا بتعذب يامريم وقلبي مش متحمل جفاكي .
ابتلعت غصتها بمرارة وأردفت بقلة حيلة:
_ لو تعرف قد ايه إحساسك ده ميجيش نقطة في بحر من إحساسي ،
واسترسلت حديثها ودموع عينيها بدأت بالنزول:
_ طيب انت بتدخل بيتك بتقعد وسط أخواتك ووسط عيلتك بينسوك مريم شوية ،
أما أنا بدخل بين حيطان المكان ده بقاسي وحدي وبمسح دمع عيني لنفسي وبداوي وبطبطب علي قلبي لنفسي ،
صدقني لو قلت لك شعور اليُتم قد إيه قاسي وموجع مش هتتصور ،
وضيف عليهم شعور الوحدة وشعور الخوف من إللي جاي .
حزن داخله لأجلها ، ود لو يخطفها بين أحضانه كي يخفف عنها ،
ود لو يمسك كف يداها ويقبلهم اعتذاراً لها مراراً وتكرارا علي حديث والدته الذي سبب وجيعتها وآلم روحها ،
ود لو يهرب بها في مكان يعيشا به سويا بعيدا عن الزمان والمكان وتطوقهم غابات النسيان ،
تحرك من مكانه ووقف قبالتها وتحدث وهو يحاول تهدأتها:
_ ليه كده ياحبيبتي بتعذبي نفسك وتصعبيها عليكي .
رفعت مقلتيها الدامعتين وهتفت بمرارة:
_ ما باليد حيلة وحبيبتك جار عليها الزمان وحتي الإنسان مرحمهاش .
أخذ نفسا عميقا ثم زفره بهدوء وتحدث بأمل:
_ صدقيني بعد المحن منح وربنا مش بيبتلي إلا عبده إللي بيحبه ،
وأنا شفت فيكي الصبر إللي يهد الجبال متيأسيش .
شبكت يديها بتعب واردفت:
_ بس مبقاش فيا حيل والجبل هزه الريح يارحيم .
اقترب منها وردد بوله:
_ الله اسم رحيم من بين شفايفك وحشني أوي يامريم.
اهتزت من طريقته ونظراته واعتراها الخجل الشديد ثم تحمحمت ونطقت بتوتر:
_ وقف قلبك يارحيم علشان وجع البعاد ميبقاش مر .
علي نفس نظرته المشتاقة وبنفس طريقته المسحورة بها أكمل:
_ قلب رحيم وروحه وعمره وكله بيقول لك مفيش فراق ومفيش بعاد ومسيرك هتستقري هنا .
أنهي كلامه بغمزة من عيناه ويداه استقرت نحو قلبه مما جعل وجهها يكسوه الحمرة من الخجل الشديد ولم تقدر أن تتفوه ببنت شفة ،
أما هو أكمل :
_ وحشتني شفايفك وهي بتنطق بحبك يارحيم .
أحست بأنهم علي وشك الإقتراب من الخطر بسبب وحشتهم لبعض فابتعدت عنه قليلاً ورددت:
_ علي فكرة إللي إنت بتقوله ده حرام وقربك مني حرام ووقوفنا هنا لوحدنا حرام وكل كلمة قلتها لي ونظرة بصتهالي مش من حقي ولا حقك اهدي بقي من فضلك.
خرج من حالة الوله التي اعترته جراء قربها بسبب كلماتها ونطق بقلة حيلة:
_ أعمل إيه مانتي إللي بعدتي وأعلنتي عصيانك عليا وأنا مبقتش عارف أركز في أي حاجة بسببك .
تنهدت بضيق وأردفت بإبانة:
_ هو أنا السبب ظروفي وظروفك مينفعوش مع بعض وبحكم الجميع ،
وتابعت بشرود وتيهة:
_ أنا لو عليا أعيش معاك في أوضة في الحلال ويجمعنا ببعض الحب الهادي الجميل لكن وأه من كلمة لكن .
بعينين حادتين هتف بتصميم:
_ لكن مين دي !
مفيش حاجة غير اني مش هبعد ولا هستسلم بس عايز منك وعد بالصبر ياعمري .
أخذت نفسا عميقا ووعدته :
_ أوعدك إن قلبي هيفضل ملكك وإن مهما طال العمر مفيش غيرك وهستناك .
قالت كلماتها وتركته وهي تهرول من أمامه مسرعة ودقات قلبه تدق بعنف شديد ،
أما هو ابتسم وهدئ من مجرد لحظات في قربها وميثاق من لسانها ،
نظر سماءا وهو يدعي ربه بتمني :
_ اللهم اكتبها لي واجعلها من نصيبي ،
اللهم إني عبدك جاء اليك متوسلا راجياً كرمك أن تجمعنا في الحلال الذي لانرضي سواه ،
أنهي دعاؤه وجلس علي الكرسي الموضوع سائحا في الملكوت وهائماً في عشق المريم ،
وتردد في أذنيه مقولة قد قرأها لمحمود درويش:
“لا أنت بعيد فأنتظرك ولا أنت قريب فألقاك.
ولا أنت لي فيطمئن قلبي ولا انا محروم منك فأنساك.
انتِ في منتصف كل شئ.
وفجأة سمع صوت رقيق خلفه يردد:
_ ياه ده إنت عاشق ودايب وهيمان يارحيم .
نظر خلفه وابتسم مجيبا:
_ القلب له أحكام وحكمه عليا قاسي أووي وهو الحرمان.
جلست بجانبه وأشادت بنصح:
_ ربك قلبه كبير وصدق الحكمة ”
فلما استحكمت حلقاتها فرجت وكنت أظن أنها لاتفرج ”
متيأسش وخليك مصمم على هدفك طالما متأكد من حبك وإنه مش مجرد تعلق .
رفع حاجبيه باندهاش وتسائل:
_ هو ازاي أعرف إنه حب ولا تعلق ؟
ابتسمت ومسحت علي كف يديه بحب وتحدثت :
_ هسألك شوية أسئلة وبعد ماتجاوب هتكتشف بنفسك تمام ؟
أشار برأسه مرددا:
_ ماشي اسألي وأنا كلي أذان صاغية.
تحمحمت وبدأت بالسؤال الأول :
_ قبل ماتشوفها وعينك تيجي في عيونها لأول مرة كان ساعتها إحساسك هو نفسه إحساسك لما عيونك شافت غيرها صدفة ؟
أجابها بنفي :
_ عمري ماكنت بركز لو عيني جت في عين حد صدفة أما معاها من أول نظرة اتخطفت وبقيت أسير عيونها .
حركت رأسها بابتسامه وتابعت استفساراتها قائلة:
_ طيب إيه إحساسك لو شفت دموعها ؟
أجابها بحزن بدا علي معالم وجهه:
_ ببقي عايز أخذها بين أحضاني وبيبقي هاين عليا أسرق دمع العين منها ويسكن عيني ولا أنها تبكي .
تنهدت بعمق لإجابته التي توحي بأنه وصل إلي منتهي العشق وأكملت:
_ إيه شعورك لو حسيت إنها في لحظة ممكن متكونش ليك وتبقي … كادت أن تكمل تساؤلها إلا أنه وضع إبهامه على فمها مانعاً إياها أن تكمل هاتفا بتصميم:
_ لاا متكمليش أهون عليا أدخل قبري ولا أنها تكون لغيري حرام عليكي.
حزنت لأجله ونطقت بتأكيد:
_ إنت مش بتحبها يارحيم ، إنت عديت مراحل الحب بكتيير وبجد ربنا يعينك علي ندبات الزمن لحد ما توصل لحبك .
سألها بتيهة:
_ تفتكري هقدر علي ماما أنا مش عايز غضبها ولا زعلها .
ربتت علي ظهره وطمأنته :
_ متقلقش ياحبيبي كلنا معاك وهنقف جمبك وهنساندك في موقفك وهنحاول نقنعها .
ابتسم براحة وردد بامتنان:
_ متتصوريش كلامك معايا ريحني قد إيه وطمني شوية من بركان القلق إللي مش بينيمني الليل ياريم .
اعتدلت من جلستها وقالت بمحبة:
_ ربنا يخلينا لبعض ياحبيبي ونعيش أحسن أخوات ودايما قلب واحد ودايما سند لبعض .
__________________________________
في منزل راندا حيث تمكث سما ابنتها في غرفتها ممسكة هاتفها وتتحدث الفيديو كول مع صديقتها وهي تسألها:
_ يعني يارودي أعمل كدة وهتشيرني ولا هتعب علي الفاضي وخلاص ؟
شجعتها. زميلتها قائلة بتأكيد:
_of course don’t worry
هخلي the followers عندي كلهم يتابعوكي ومتقلقيش ظبطي إنتي المحتوي بس واظبطي نفسك علي الأخر وخلي تقنية الفيديو عالية والأيفون إللي معاكي إمكانتياته عالية جداً استغليها صح .
كانت مترددة مما ستخطوا عليه فقالت لزميلتها بتراجع:
_ بصي فكك من الحوار ده أنا مش هعرف أعمله وأنا أصلاً بتكسف من خيالي .
اندهشت صديقتها وردت باعتراض:
_ يعني أنا بقالي أسبوع سايبة متابعيني واتفرغت لك علشان عمالة تزني زي النحلة ورايا ورايا علشان أعلمك وفي الاخر تقولي لي فكك !
Oh my God, it’s a joke .
مطت شفتيها كالأطفال وأردفت بعيون حائرة:
_ خايفة يارودي الله ! أول مرة أعمل كدة وكمان خايفة من ماما ومش عارفه هتوافق ولا لا.
استدعت الهدوء وأكملت بتحفيز :
_ يابيبي عيب عليكي إنتي في الأمان ،
وبعدين هو إنتي بتعملي حاجة غلط ده إنتي بتسلي وقتك وكمان هتكسبي A lot of dollars وهتبقي مشهورة جدا ،
وساعتها بالتأكيد مامتك هتفتخر بيكي جداً.
وظلت تحادثها عن مميزات تلك الفيديوهات وأكلت عقلها بالكامل وأغلقت الهاتف معها ،
وأمسكت هاتفها وبدأت في صنع الفيديو كما علمتها تلك الفتاة ،
ونفذت الخطوات بحرفية وبعد تقريبا ساعتين جلست تشاهد الفيديو بانبهار فهي حقا صنعته بمهارة تجذب الإنتباه إليها ،
ثم أرسلته إلي تلك الفتاة وهي تكتب تحته:
_ ها ايه رأيك بقالي ساعتين بعمل فيه ومشيت علي الخطوات بالظبط ؟
استلمت رسالتها علي عجاله وشاهدت محتواها وحقا انبهرت من صنع يداي تلك السما وبعثت لها بانبهار :
What a beauty, it’s so amazing?
بجد بهرتيني ياسمكة .
ابتسمت سما علي انبهارها وسألتها:
_ علشان تعرفي بس إني بفهم بسرعه ،
قولي لي بقي أنشر بنفس الطريقة إللي علمتها لي ؟
أجابتها مسرعة:
_ يالا علطول وأنا مستنياكي وهظبط لك الرؤيا وهعمل لك sharing عندي .
ضغطت على زر النشر علي موقع التيك توك وريلز وباقي المواقع التي أملتها عليها وأعطتها اللينكات الخاصة بها ،
وعلي الفور قامت الأخري بالشير فهي تمتلك نصف مليون متابع ،
وعلي الصعيد الأخر وبالتحديد في أحد الملاهي الليلية يجلس مهاب وبيده ملفوفا من السيجار المحشو وأمامه اثنان من أصدقائه يعلمونه كيف يتناوله ،
وبالفعل بدأ بتناوله وسحبه إلي صدره وما إن وصل إلي مجري تنفسه حتي سعل بشدة وجحظت عيناه من شدة السعال ،
وبعد أن هدأ نظر إليهم قائلا برفض وهو يناولهم الملفوف:
_ لا يا عم البتاع ده صنفه عالي أووي وأنا مش حمله مالها السيجارة العادية ده انا لحد دلوقتي بشرق منها.
أجابه واحداً منهم وهو يسحبها داخل أنفاسه بتلذذ ويخرجها مرة أخري:
_ ده إنت كدة بقي مش بتفهم!
ده المزاج العالي يابني وصنف فاخر من الأخر ،
وتحدث الأخر وهو يحتسي من الشيشة مرددا بتوهان :
_ بقولك ايه سيبك من الواد ده وتعالي اشرب معايا حجرين علي الجوزة ،
حاجة كدة يامعلم أخر رواق وهتعمل لك أحلي اصطباحة تنسيك مرار أبوك وأمك.
انزعج بشدة وبهتت ملامحه فور أن ذكره بوالديه والمرار الذي يحياه بينهما مرددا وهو يخطتف الملفوف ويتجرعه بغشم :
_ وليه ياعم تفكرني بالسيرة الغم دي وتضيع الاصطباحة الجاحدة دي !
تصدق إنت مش كويس خالص ياعمهم .
تحدث الأخر نادماً:
_ تصدق عندك حق ماهو كدة يعملوها الكبار ويقعوا فيها الصغار ،
اشرب ياصديقي علشان تنسي .
_________________________________
كانت راندا تتحدث مع والدتها في الهاتف قائلة باستنكار:
_ مريم مين دي إللي ابنك بيحبها وعايز يخطبها ويجيب لنا العار !
ابنك شكله اتجنن ياماما عقليه واقفي قصاده وارفضي بكل قوتك إحنا مش ناقصين بلاوي.
تنهدت فريدة بحزن عميق وأردفت بقلة حيلة:
_ هو أنا قادرة عليه ولا هو ولا باباكي إللي بيشجعه وواقف في ضهره ومقويه عليا وأنا هنا باكل في نفسي من الحسرة .
رفعت حاجبيها باستنكار ورددت بملامح حاده:
_ بقولك إيه ياماما كفايه علي البنت دي كدة واتكلمي معاها بهدوء وقولي لها تمشي هي خلاص مش خلصوا من الموال بتاعها إللي ابنك بلانا بيه ده .
ضربت فريدة علي صدرها وأردفت باستنكار:
_ يانهار ملهوش معالم ايه الكلام إللي إنتي بتقوليه ده !
ده أنا لو عملتها أبوكي يطلقني فيها ،
وتابعت بتهكم:
_ متتصوريش مانعني عنها حتي بالنظرة وإنتي عارفه باباكي اتقي شر الحليم إذا غضب .
لوت فمها بامتعاض وقالت:
_ معلش بقي اتحمليها شويه كمان قدرك ونصيبك، بس افضلي زني علي ودان رحيم إنتي عارفة الزن أمر من السحر .
تنهدت فريدة بضيق وهتفت باستفسار:
_ أمال سما ومهاب فين مش سامعة لهم حس ؟
أجابتها:
_ سما بتذاكر في أوضتها من بدري وقافلة علي نفسها ،ومهاب بيذاكر مع واحد صاحبه.
تحدثت إليها فريدة باستنكار:
_ ايه ده ! الساعه داخلة علي ١١ من امته بتسيبي مهاب برة الوقت ده كله ؟
نظرت في الساعة المعلقة على الحائط ونطقت بهدوء:
_ عادي ياماما مش متأخر بردو وبعدين مهاب كبر ومبقاش صغير إني أخاف عليه وأقفل عليه ،عايزة أدي له مساحة من الحرية شوية.
اندهشت والدتها من حديثها ورددت باستنكار:
_ازاي الكلام ده لازم تعرفي ان ابنك دخل مرحلة الشباب ولازم تخلي بالك منه ،
وأكملت بتحذير:
_انت كنتي محوطاه ومخليه بالك منه على الاخر لازم ترجعي تتعاملي معاهم زي ما كنت قبل كده وتخرجي من اللي انت فيه ده بقى وتفوقي قبل ولادك ما يضيعوا منك .
لوت فمها بلا مبالاه وهي تلوح بكتفيها:
_انا مربيه ولادي كويس ما تاخديش في بالك يا ماما هما عمرهم ما يعملوا حاجه غلط ،
وتابعت وهي تسألها عن ريم:
_ايه الاخبار ريم هتعمل ايه في قضيتها شكل المحامي اللي هم جايبينه ابن جنيه، وحماتها طلعت ست مفتريه ملقوش الا ريم الغلبانه ويعملوا فيها كده .
تنهدت فريده بحزن وأردفت بتمني:
_والله المحامي دي بابا جايبه من اكبر المحامين في اسكندريه انتي عارفه بابا له اصدقاء كتير ومعارف ،
ان شاء الله هو بيطمننا ان من حقها الولايه .
هزت راسها وتحدثت بسخط:
_بس حماتها الهي ينخفي اسمها وصورتها كاتبه في المحضر بتشكك في أخلاقها وافترت عليها بالجامد قوي .
احتدت عينيها بغضب واجابتها:
_ربنا سبحانه وتعالى هيرد كده في نحرها وباذن الله هيبرأ بنتي من التهم البشعه اللي مسجلاها عليها وحسبي الله ونعم الوكيل فيها وفي ابنها .
وظلا يتحدثان في عده اشياء تخص الجميع .
__________________________________
استيقظ مالك من نومه بعد ليله عصيبه قضاها وهو يحاسب نفسه حسابا عسيرا على تسرعه في الزواج من تلك الجوليا ولم يسمع نصيحه والدته ورماها عرض الحائط ،
تململت في تختها تمد يدها تبحث عنه وما ان وصلت يداها ناحيه صدره ابتعد كمن لدغه عقرب ،
اندهشت من حركته وقالت:
_ليه ياحبيبي كده معاملتك متغيره معايا من امبارح وسبتني وخرجت من غير ما تعرفني أنا عملت إيه وقعدت مستنياك كتييير ورجعت متأخر ،
واسترسلت بنبرة اعتراضية حزينة:
_ معقول في واحد يسيب مراته يوم صباحيتها زي مابتقولو كدة في مصر ؟
رأي انه لا مفر من الهروب ولابد من المواجهه بما يؤرق صدره وسالها بنبرة اتهام:
_انا اللي اعرفه عنك انك اتربيتي مايقرب من نص عمرك في مصر وبعدين سافرتي بره كان عندك حوالي 12 سنه ده غير انك مسلمه طبعا ممكن اعرف ايه اللي غيرك وخلاكي نسيتي دينك واتطبعتي بطبع الغرب ووصلتي للدرجه دي ؟
الى الان لم تفهم ما يقصده وسألته متعجبه:
_ oh my God
ما تقول على طول يا مالك انا عملت ايه انا مش فاهمه حاجه خالص؟
بعينين قاتمتين نظر إليها وأجاب:
_اظن انك قلتي لي انك ما اتجوزتيش قبل كده وانا اول واحد يعقد عليك عقد جواز؟
اشارت براسها بالموافقه واكمل هو بحدة:
_ممكن اعرف ايه اللي انا حسيته امبارح ده انك مش بنت يا هانم وتقريبا دي مش اول علاقه ليكي !
انا بجد انصدمت صدمه عمري .
اهتز فكها بابتسامه جانبيه وهتفت:
Exactly, what is the problem?
انت عارف انا عشت سنين عمري ما بين ايطاليا وامريكا والحاجات دي عاديه هناك انت معقوله من اللي بيفكروا كده ؟!
اعتدل بوقفته وانتصب وهو ينظر داخل عيناها مرددا بهجوم:
_بيفكروا كده!
انا متعرف عليك فين بقى لي اكتر من اربع شهور ما لمستش ايدك حتى ما اخدتيش بالك من نقطه زي دي !
وتابع بنفس الهجوم:
_واشترطت عليكي انك هتلبسي الحجاب وافقتي ممكن اعرف وافقتي بناء على ايه وانت اصلا ما طلعتيش زي ما كان في بالي وكنت مفكر ان انا اول راجل في حياتك ؟
رفعت احدي حاجبيها متعجبة:
_هو حياتي اللي فاتت من حقك تحاسبني عليها اصلا او تتدخل فيها؟
هو انا كنت حاسبتك على ماضيك اللي عشته قبلي علشان تحاكمني ؟
تحمحم كي ينظف حنجرته وتحدث بملامح جادة لملامح وجه مكفهرة ارتسمت رغما عنه:
_هو الماضي بتاعك اصلا ازاي ما حاسبكيش عليه وهو شيء متعلق بعقيدتي وايماني مش مجرد تفاهات هعديها ؟
اهتزت قدميها برفض لحديثه وتحدثت بنبره اعتراضيه:
_بس كده حرام وظلم انك تحكم عليا بمجرد علاقه حصلت قبل كده مرتين او ثلاثه وكانت بمحض المجتمع وعاداته اللي انا كنت عايشه فيه وبابي طبعا كان مديني الحريه الكامله في شخصيتي ،
وتابعت بتهكم:
_ممكن اعرف بقى ايه اللي هيضايقك في علاقتنا من ناحيه الموضوع ده احنا بدانا مع بعض صفحه جديده وليك انك تحاسبني من بدايتها وما تقلبش في دفاترك القديمه عشان مش هتفيد بحاجه بل بالعكس هتضرنا احنا الاتنين ومش هنبقى مستريحين .
اربع ساعديه وأولاها ظهره مرددا بحزن:
_للاسف انا مش من النوع اللي اقدر انسى حاجه زي دي انا راجل شرقي جدا وما اقبلش ان مراتي اللي اتجوزتها عملت علاقات قبل كده مع راجل قبلي في حدود غير شرعية.
ذهبت ووقفت قبالته وتحدثت باستفسار:
_ طيب ممكن اعرف ايه الحل دلوقتي لمشكلتنا دي ؟
ضيق نظرة عينيه ثم رمقها بنبرة هادئة :
_ مفيش غير حل واحد ياجوليا انتي طالق .
اتسع بؤبؤ عينيها وابتلعت لسانها من أثر الصدمة ولم تعد قادره علي التفوه ،
فقط تنظر له نظرات مختلفة من الخذلان والعتاب واللوم ودموع عينيها تنهمر بغزارة وحرقة قلب تعذب في عشقه سنوات ،
عندما رأي حالتها احتضن كتفيها وتحدث شارحاً بنبرة حنونة:
_ عايزك تعرفي ان العيب مش فيك انت للاسف المجتمع اللي انت اتربيتي فيه هو اللي وصلك للدرجه دي،
العيب في انا ان في كل مره هبص جوه عينيكي هشوف الحاجه اللي عمري ما اقبلها وهيبقى في حاجز كبير قوي ما بيني وما بينك وبكده هظلمك وانا مش عايزه اظلمك معايا يا جوليا ،
وتابع حديثه بحزن :
_انا مش هقدر اقبل حاجه زي دي لو كنتي صارحتيني بيها من الاول كنت على طول انسحبت وفضلنا اصدقاء وبنا شغل وخلاص .
علت شهقاتها ومن بينها هتفت بأمل:
_ طب ما انت كنت متجوز قبل كده اعتبرني كنت متجوزه وصدقني عمري ما هعمل حاجه تضايقك وكل حاجه كنت بتقول لي عليها بتضايقك ما كنتش بكررها ارجوك يا مالك اتراجع عن قرارك انا ما اقدرش اعيش من غيرك .
ما أن انهت كلماتها التي أنهكت قواها فألتقطت أنفاسها بصعوبه،رمقها بدون أي تعبير نظراً لأنه عالم بطباع نفسه جيدا أنه لن يقدر ،
وأجابها بهدوء:
_ للأسف الشديد مش هقدر هظلمك معايا وهظلم نفسي ، وخلي بالك اننا نتواصل مع بعض كاصدقاء وتفضل علاقتنا محاوطها الاحترام ولا اننا نعيش في مكان واحد وعلاقتنا هتفتقد الثقه والامانه واللي معاهم هياخدوا الاحترام .
واسترسل وهو ينظر إلي المكان:
_انا هسيب لك الجناح وهاخد حاجتي وهنقل جناح تاني مش هبلغ حد بطلاقنا الا بعد شهرين على الاقل وما تقلقيش هقول ان دي رغبتك انتي لأنك ما قدرتيش تتاقلمي على طباعي .
جوليا تعشقه وتحبه بجنون ومن يعيش العشق الحقيقي لن يكره ولن ينتقم فتنهدت بحزن وتحدثت باقتضاب:
_ تمام يا مالك اللي تشوفه وطالما ده اختيارك وتصميمك انا ما اقدرش اعيش معاك غصب عنك .
هتف لها بنظرات حزينه :
_ أرجوكي متزعليش مني يمكن أنا فكري معيوب في وجهة نظرك بس أنا بحب الصراحة والوضوح جداً ومحبش أعيش بوشين ارجوكي سامحيني.
نظرت له نظرة مطولة وفجأة باغتته باحتضان وتمسكت برقبته وهي تردد بدموع:
_ سامحتك ياحبيبي ومقدرش غير إني أسامح .
اهتز جسده وأحس أنه ظلمها ولكن رحم الله امرئ عرف قدر نفسه ،
أبعدها عن أحضانه بهدوء ونظر لها مبتسماً ثم حمل حقيبته التي جهزها ليلا وترك لها المكان بأكمله وخرج بقلب خاسر في معركة جديدة من حياته ،
أما هي خارت قواها وانهارت بكاءا ، فهي لم تتهني بقربه ولا أن تتنعم في أحضانه ولا أن تمتلكه ولو ليلة وتحطمت أمالها وظلت تبكي سويعات إلي أن غفت مكانها .
أما هو ذهب إلي غرفة منفصلة له وحده وضع فيها حقيبته وكالعادة ذهب إلي البحر كي يلقي مايؤرج صدره إليه ويشكو له ندبة جديدة من ندوب قلبه ،
جلس ينظر أمامه وكأنه ينظر في اللاشئ مهموما ، حزينا ، شاردا كعادته وكأن الدنيا حرمت عليه الاستقرار ،
كان قلبه يحثه أن يسامح ويتخطي وعقله ينهاه أن لايفعل ويبتعد فهو أدري به من قلبه لن يستطيع وحدث حاله ناطقاً بوجع:
_ أما يادنيا أستحق أن أحيا سويا ويستقر طريقي المؤلم !
أما يازمان تهديني الأمان الذي أتمناه ولو قليلا وتمنحني ونيسا يسعى لقربي ملهم !
فأنا الحائر الشريد الضائع المتمني لشريك يحتضن قلبي المعذب في ظلامه القاتم .
وتذكر المقولة التي أيدت قراره بشدة
“عندما تركب القطار الخطأ حاول أن تنزل في أول محطة فكلما زادت المسافة زادت تكلفة العودة.
________________________________
انقضت الأيام علي أبطالنا مايقرب من أسبوعين أنهت فيهم مريم اختبارتها التي أفقدتها من وزنها كثيراً بسبب تركيزها الشديد في المذاكرة وأن لديها حلم لابد أن تصل إليه ،
وإيهاب غادر مصر وعاد إلى الكويت كي يكمل الستة أشهر المتبقية في عقد عمله ولن يرمي اليمين علي راندا تاركها تستشيط غضبا من عدم تطليقه لها مما أثار حفيظتها ،
ومهاب وسما انخرطا في طريق الضياع وعلي مشارف فقدان الحياة السوية التي عاشت والدتهم طيلة حياتها تبنيها فيهم وهي منخرطة في وجعها الذي يبني جسورا من الغلِّ في قلبها ولم تعد ترعى أبنائها كذي قبل ،
ورحيم ومريم فقط يمنحان بعضهم نظرات من بعيد لكي يطمئن كل منهما على الأخر وأنه بخير ،
ومالك عاد إلي مصنعه وعمله ينغرس فيهم بشدة كي ينسي تجربته الأخيرة ، وجوليا غادرت مصر ولم تعد تتحمل البقاء فيها دونه ، وأبلغ والدته فقط بانفصالهما دون الإفصاح عن السبب بعد أسبوعين من الانفصال مما أسعدها كثيراً وطمأن قلبها ،
واليوم تجلس ريم تمسك في يدها كتاب الله تقرأه بتدبر ،
أنهت قرائتها ونظرت إلى السماء داعية:
_ اللّهُمّ إلَيْك أَشْكُو ضَعْفَ قُوّتِي ، وَقِلّةَ حِيلَتِي ، وَهَوَانِي عَلَى النّاسِ، يَا أَرْحَمَ الرّاحِمِينَ ! أَنْتَ رَبّ الْمُسْتَضْعَفِينَ وَأَنْتَ رَبّي ، إلَى مَنْ تَكِلُنِي ؟ إلَى بَعِيدٍ يَتَجَهّمُنِي ؟ أَمْ إلَى عَدُوّ مَلّكْتَهُ أَمْرِي ؟ إنْ لَمْ يَكُنْ بِك عَلَيّ غَضَبٌ فَلَا أُبَالِي ، وَلَكِنّ عَافِيَتَك هِيَ أَوْسَعُ لِي ، أَعُوذُ بِنُورِ وَجْهِك الّذِي أَشْرَقَتْ لَهُ الظّلُمَاتُ وَصَلُحَ عَلَيْهِ أَمْرُ الدّنْيَا وَالْآخِرَةِ مِنْ أَنْ تُنْزِلَ بِي غَضَبَك ، أَوْ يَحِلّ عَلَيّ سُخْطُكَ، لَك الْعُتْبَى حَتّى تَرْضَى ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوّةَ إلّا بِك”
أنهت دعائها وقامت من مكانها وارتدت ملابسها السوداء فهي رغم انتهاء عدتها منذ شهر إلا أنها مازالت في حدادها علي عزيزها الراحل ،
وحملت حقيبتها وهبطت الأدراج بثقل ،
وجدت والدها ينتظرها بالأسفل ينظر لها بابتسامة مشرقة مرددا:
_ متقلقيش ياحبيبتي ولازم تعرفي أيا كان حكم المحكمة إن ربنا سبحانه وتعالى كل أقداره خير وإن رب الخير لا يأتي إلا بالخير .
لانت ملامحها وشعرت براحة اجتاحت روحها لحديث ذاك الأب الحنون الذي وصل لأعماق قلبها وتوغل في روحها وأجابته:
_ متقلقش عليا ياحبيبي أنا ورثت منك حاجات كتيره أووي إن صاحب الحق لازم عينه تبقي قوية وميسبش البجح هو إللي تبقي عينه قوية ،
وتابعت بكلمات الأمل التي تخرج من فمها :
_ عمرهم ماهيقدرو يزعزعو إيماني بربي إللي اداني كل الحق إني أرفض جوازة زي دي ،
وطالما مبعملش حاجة تغضب ربنا فأنا إيماني بيه أكبر من أي عواصف تهدني.
ربت علي ظهرها ونظر لها نظرات فخورة بتربيته ،
وأشار إليها أن يستعدوا للمغادرة برؤوس شامخة مرفوعة في السماء لطالما قوت حالها برب السماء ،
وصعدا السيارة هي ووالدتها التي أبت بشدة أن تتركها ، وتبعهم رحيم بسيارته الآخر ،
ذهبت وهي تنظر من الزجاج الخلفي للسيارة تودع مريم التي تجلس بأبنائها بسعادة عارمة وذهبت الي المصير المجهول في قضية عمرها التي افتراها عليها أناس لايتبعون إلا الباطل وجعلوه منهجهم ،
بعد حوالي ساعتين من وصولهما الي المحكمة تأبطت ذراع أبيها بفخر ودلفا جميعا إلي القاعة ووجدوا تلك الشمطاء وولدها وزوجته يجلسون في المقاعد المتقدمه وبدورهم جلسوا في المقاعد المقابلة لهم ،
فكانت تلك الاعتماد تنظر إليها نظرات شر وتوعد ،
أما هي فلن تنظر ناحيتهم قط ولم تعتبر وجودهم من الأساس وكأنهم سراب غير موجود مما أربكها وجعلها تفقد الثقة قليلاً من قوة ريم التي رسمتها ببراعة علي وجهها ،
ولتعلموا ان النظرات القويه التي تلقوها في وجه عدوكم تربكه وتجعله غير واثق من نتيجه قراره ولوهلة انه خاطئ وانه حتما سيخسر وكل ذلك من نظره واحده تجعل المضاد لك يخاف بشده ويكاد قلبه يقفز بين قدميه وان السحر سينقلب على الساحر ،
وهكذا كانت نظرات ريم التي لم تنظرها لهم بل وجهتها في اللاشيء مما اربكهم ،
بعد دخول القضاه والإطلاع على اوراق الدعوه طلب من المحامي المسؤول عن رفع الدعوه بالمرافعه ،
قام بوقار وبدأ مرافعته:
_السيد القاضي نائب رئيس المحكمة، السادة قضاة المحكمة أتوجه إليكم برفع دعوة الولاية للسيدة اعتماد الجمال وصية علي أبناء ولدها نظرا لما قدمته لكم من أسباب قوية سوف تؤدي بمستقبل هؤلاء الأبناء مع والدتهم التي لاترعى الله فيهم ،
شكراً سيدي القاضي.
اطلع القاضي علي ملف الدعوة سريعا وراجع الأسباب الذي درسها من ذي قبل ثم طلب من محامي المدعي عليه بالدفاع ،
قام محامي ريم وأدي مرافعته بحرفية تثبت أن ريم وعائلتها في محل ثقة وأنها لم يسبق لها سابقة تخص الشرف كما ذكر في ملف الدعوة .
طلب المحامي الذي رفع الدعوه التحدث فأذن له القاضي فهتف :
_ سيدي القاضي إن جدة هؤلاء الأبناء وولدها حاضرين وتريد أن تتحدث إلي عدالتكم كي تأخذكم عين الرأفة بحال أم فقدت عزيزها وعلي مشارف الحرمان من أحفادها .
أذنت لها المحكمة أن تتحدث باختصار ،
قامت تستند علي ولدها ورسمت علامات الطيبة الشديدة بدهاء على وجهها ونطقت بهدوء مغلف بالحزن المصطنع:
_ أنا جاية النهاردة وطالبة منكم ترأف بحالي ياحضرة القاضي ،
أكملت حديثها وهي تشير إلي ريم :
_ كانت السبب في كانت كل يوم تتخانق معاه وهو كان مهنيها بشهاده كل اللي حوالينا يا سياده القاضي وكان بيتمنى لها رضا ترضى اما هي قابلت الموده والرحمه منه بالعصيان وجابت له ساكته قلبيه خليته مات بسبب كلامها اللي زي السم اللي كل يوم كانت تقوله له ،
وفي الاخر عايزه تتجوز وتاخد ولاد ابني مني وهي كانت السبب في موت ابوهم انا مش عايزه منها حاجه تتجوز براحتها وتعيش حياتها براحتها الله يسهل لها ولها رب هو اللي هينتقم منها ويجيب حق ابن اللي مات بسببها ،
كل اللي انا طالباه ولاد ابني ما اتحرمش منهم مش كفايه ابني اللي مات وهي خرجت من بيته تشوف حياتها براحتها وتعيشها ولا كأن جوزها ميت قبل عدته حتى ما تنتهي ودي كانت طبيعه حياتها التسيب .
سالها القاضي:
_دلوقتي سؤال واحد يا ست تجاوبيني عليه انت دلوقتي بتشككي في اخلاقها انها ما تنفعش تبقى مسؤوله عن اطفال ايه دليلك على كده ؟
استدعت دموع عينيها التي احضرتها ببراعة وليده اللحظه وقالت:
_قدامك الدليل يا سياده القاضي ابني اللي مات وهو في عز شبابه بسبب كلامها اللي قالته ليه وحرقت قلبه وموتته ناقص عمر ،
وسلفتها هنا تشهد عليها باللي سمعته منها وخلته مات من الصدمه من كلامها .
ارتعبت هند ما إن ذكر اسمها واصبحت الكوره في ملعبها اما ان تركلها بمهارة ستتعب من أثرها قليلا ثم تستريح ، أو تحرزها في الأوت ومن بعدها ستلقي ملامات من فريقها وهم ” قلبها الذي سيحطم ، بيتها الذي سيهدم ، عمرها الذي سينتهي غيرة وألما ”
فكرت قليلاً بعد أن أشار لها القاضي أن تتحدث فقامت بنظرة خالية من أي مشاعر وأردفت بشهادة حق بعد أن تأكد القاضي من هويتها:
_الحق يتقال يا سياده القاضي ان ريم طول عمرها محترمه وبنت ناس وعمر العيبه ما صدرت منها ابدا وجوزها كان بيعشقها وهي كمان كانت بتبادلوا نفس العشق والحب وحياتهم كانت مستقره جدا ،
والموت ياسيادة القاضي ده عمره وقضاء ربنا منقدرش نعترض عليه .
اتسعت أعين الجميع اندهاشا مابين حامدا لربه علي شهادة الحق فكانت تلك الحامدة هي ريم وفي ذاك الوقت نظرت إلي إعتماد نظرة انتصار أحرقتها ،
أما زاهر ووالدته في موقف لايحسدون عليه موقف يُنظر لهم فيه انها افترت وطعنت في شرف زوجة ولدها وهي بشهادة كنتها عفيفة لاتعرف طريق التسيب كما ذكرت الأخري ،
كانت تود أن تنشق الأرض وتبتلعها ولا أن توجد في ذلك المكان لحظة أخري ،
تتوعد في داخلها أشد الويلات لتلك الهند الذي أكمل القاضي أسئلته :
_ يعني ريم جميل المالكي مرمتش لجوزها كلام يأذي نفسه ووصله للموت ،
ومكنتش امرأة متسيبة زي ماذكرت والدته ،
وتابع القاضي بتحذير:
_ وخلي بالك إنتي حالفة يمين تشهدي بالحق .
أخذت نفسا عميقا وأكملت :
_ ياسيادة القاضي أنا قلت إللي عندي أنا عاشرتها تمن سنين كانت فيهم مثال الشرف والعفة وعمرها ماكانت متسيبة أو خليعة أبداً ،
وأه اتخانقت هي وجوزها ليلة وفاته لكن خناقة بين أي راجل ومراته عادي وموته ده كان قدره من ربنا .
أغلق القاضي الملف الذي أمامه ناطقاً بالحكم وكل من ريم ووالديها يضعون يديهم علي قلوبهم راجين الله حكم العدل ،
أما اعتماد تيقنت أنها خسرت معركتها الثانية أمام تلك الريم وازدادت حقداً ووعيدا وكل منهم في ملكوته إلي أن انتهوا إلي كلمة القاضي:
_ حكمت المحكمة حضوريا برفض الدعوة المقدمة من السيدة اعتماد الجمال وصية علي أبناء ولدها لعدم كفاية الأدلة المقدمة لدي عدالة المحكمة ، رفعت الجلسة .
احتضنها ابيها فرحا ناطقين جميعاً:
_ ربنا برأك من التهمة الشنيعة بالظبط زي براءة الذئب من دم ابن يعقوب مبارك عليكي حبيبتى ولاية أولادك بحكم المحكمة كمان .
أما اعتماد فكانت في حالة يرثي لها وأخذها ولدها وخرجا من القاعة بسرعة رهيبة وتلتهم هند ترتعب خوفاً ورعبا من القادم ،
ولكن الذي يطمئن روحها ماتستند عليه وتحت قبضتها والتي ستجعلهم لايقتربون إليها وإلا ستقلب عليهم العالم بما في قبضتها .
يتبع…
- يتبع الفصل التالي اضغط على ( رواية بين الحقيقة و السراب ) اسم الرواية