Ads by Google X

رواية الحب اولا الفصل الثامن و الثلاثون 38 - بقلم دهب عطية

الصفحة الرئيسية

   رواية الحب اولا كاملة بقلم دهب عطية عبر مدونة دليل الروايات 


 رواية الحب اولا الفصل الثامن و الثلاثون 38

شعرت بتشنجات قوية تداهم امعائها فامتعض وجهها
المًا…ويدها تتحسس بطنها وهي تئن بوجع شاعره بثقل حاد في رأسها….
فتحت عينيها ترمش بجفنيها عدة مرات… حتى اتضحت الرؤية امام عينيها مستلقيه على فراش صغير في غرفة فارغة مظلمة يتسرب منها بصيص النور من خلال عقب الباب بالخارج….
حاولت داليدا التحرك لكنها وجدت نفسها مقيدة بالحبال يداها وساقيها مربوطين باحكام…
زمجرت بغضب متشنجة وهي تحاول حل العقدة
باسنانها…. لكنها فشلت…حاولت باستماته لكن في
كل مرة تفشل فشل ذريع…..
خارج جدار الغرفة المغلقة عليها كان يقف عادل يشعل سجارةٍ محشوة برائحة نفاذة كريهة….صاح بحقارة على المتصلة…
“لو نطقتي بكلمة ياهدى… هتروحي في ستين داهيه
وهتلاقي فضحتك بجلاجل في الصعيد كله…وشوفي
بقا عمامك ممكن يعملوا فيكي إيه…لما يعرفوا انك
ماشيه على حل شعرك مع اي واحد يقولك هتجوزك…”
انتحبت هدى باكية بحرقة وهي تتوسل
إليه بارتجاف….
(بالله عليك ياعادل قولي عملت فيها إيه… احنا
اتفقنا انك هتقابلها في الكافية تتكلم معاها للمرة
الأخيرة قبل ما تسافر… متفقناش على الخطف..
انت ضحكت عليا وعليها…. حرام عليك لو جرالها
حاجة هي ولا اللي في بطنها هيبقا ذنبها في
رقبتي….)
ضحك عادل ضحكة صغيرة محتقرة للحديث
ثم عقب بأسلوب بذيء…..
“اللي يسمعك كده ياهدى يقول انك بتخافي ربنا..”
صاحت هدى بغضب مرتعشة بخوف…
(ايوا بخاف….مش معنى اني غلط غلطة عمري واتساهلت مع واحد كلب زيك يبقا دا معناه اني اشترك في الجريمة دي…انا مكنتش أعرف ان
دي نيتك من ناحيتها….)
قالت بتهدج وهي تبكي بهسيترية…
(والله لو كنت أعرف مكنتش خطيت عتبة بيتها
حتى….. يارب أعمل اي بس يارب…)
اسكتها عادل بصرير غاضب بالوعيد…
“أسمعي ياقطة قبل ما أقفل معاكي واسيبك
تولولي…هقولك كلمتين هما الخلاصة لو سلطان
عرف اي حاجة من اللي بينا والله ما هرحمك وهفضحك في الحته كلها وعند اهل ابوكي
كمان… فأعقلي كده وحطي لسانك جوا بؤك..
ولا من شاف ولا من دري…..سلام ياهدهد.. ”
أغلق الإتصال والهاتف نهائيًا… ثم أطفأ السجارة
في المرمدة ونظر صوب باب الغرفة المغلق..فالتوى
ثغره في ابتسامة جانبية ماكرة وهو يتجه إليها بخطوات متلهفة لرؤيتها…. فاخيرًا أصبحت تحت
قبضة يده ولن يقدر اي مخلوق على إستردادها
منه….
دلف عادل الى الغرفة واشعل الأنوار رآها جالسة
على الفراش مقيدة بالحبال كما تركها مستيقظة
تنظر اليه بقرف يحوي الصدمة بعد ان تجرأ على خطفها وسجنها هنا معه…..
“أنا هنا ليه….انت عايز مني إيه بظبط….”
صرخت بها داليدا بصوتٍ جهوري مرتعب…
فاتبسم عادل بسعادة و عدم اتزان…وهو
يجيبها بمنتهى الهدوء….
“انتي هنا في مكانك….مكانك الحقيقي جمبي..
ولا نسيتي اتفقنا زمان..نهرب ونتجوز من ورا
أهلك..”
من بين اسنانها قالت بثبات…..
“دا كان زمان….بس انا دلوقتي ست متجوزه
وحامل وبحب جوزي…وانت بقيت بنسبالي
ولا حاجة….”
رمقته داليدا بازدراء…..نتج عنه صراخ قوي منه
امام وجهها الشاحب….
“ااااانا كــل حاااااجة……انا اللي حبيتك مش
هو….هو عملك إيه….. عملك غسيل مخ…..”
صرخت هي ايضًا في وجهه دون خوف
منفجرة بقوة….
“وانت مالك…سبني في حالي بقا…انا ما صدقت
حياتي بقت أحسن معاه….لي عايز تخرب عليا…”
“وبمنتهى الغباء دخلت هدى في اللعبة…لعبة على نقطة ضعفها ووعدتها بالجواز…خلتها تثق فيك وتمشي وراك مغمضة وفي الآخر بقيت تبتزها برقم عمها والصور اللي معاك أنت اي ياخي….اي القرف ده….إزاي كنت مغشوشة فيك زمان بالشكل ده….”
صاح عادل بحدة وضغينة…
“انا دخلت هدى بينا عشان ارعبك كل دقيقة
واعرفك اني هفضل موجود في حياتك وقدام عينك…أشوف غيرتك عليا…وندمك انك سبتيني..”
أعترف بالحقيقة فكانت هدى مجرد أداة للتسلية
ليرعب داليدا بفكرة وجوده الدائم من حولها…حتى يثير غضبها وغيرتها وعندما بدأت تفشل الخطة
ولم تهتم لأمره فكر باستخدام هدى كمصيدة
يصل بها الى داليدا…..والان هي بين قبضة يده
ولن يفلتها ابدًا !!….
ابتسمت داليدا بسخرية محتقرة اياه وهي
تعقب بتهكم…
“ندمي وغيرتي ؟!!…انت عايش في الوهم انا مش غيرانه عليك انا قرفانه منك….والندم اللي بتكلم
عنه دا لاني في يوم حبيت واحد زيك…مقرف
ومعندكش نخوة ولا دين…..”
“داااااليداااااا…..”صرخ عادل وهو يقبض على
فكها معتصرة بقوة المتها ورغم ذلك قالت أمام
عيناه بجسارة…..
“هتعمل إيه هتضربني هتقتلني…أعمل كده وخلصني….سلطان مش هيسيبك… والمرادي
مش هيرحمك….سامع مش هيرحمك….”
ابتسم عادل وهو يقول بمكر….
“مش هيلحق يادوللي…..انا وانتي هنسافر بكرة
هنسافر عن طريق البحر…..”
تجمدت اطرافها وتخدر فكها المًا بين قبضة
يده وهي تنظر اليه بغير استيعاب….
فاوما عادل براسه وهو يترك فكها ويربت على
خدها برفق….
“ايوا هنسافر…انا وانتي اي رأيك في المفاجاة
دي…انتي الوحيدة اللي اختارتها تسافر معايا
وتفضل جمبي العمر كله….”
انتابها حالة من اللا وعي لبرهة حتى قالت
بصوتٍ ميت….
“بس انا مش هسافر معاك….ومفيش حاجة في
الدنيا هتجبرني أسافر معاك…”
ازدادت ابتسامته بشاعة معلق وهو ينظر الى
بطنها البارزة قليلا… “فيه…. اللي في بطنك….”
وضعت يدها تلقائيًا بخوف على بطنها تحمي
طفلتها….فقال عادل بشرٍ أسود…..
“لو عايزة اللي في بطنك يعيش وحملك يكمل
يبقا هتنفذي كلامي…..”
صاحت بانفعال متشنجة…..
“انت عاااايز إيه مني بظبط…. انت مجنون…”
لمس وجنتها هامسًا بلوعة…
“مجنون بحبك يادوللي…… مجنون بيكي….”
ابعدت وجهها عنه والدموع تتجمع في مقلتيها
مرتعبة من القادم….
فأنتصب عادل في وقفته يضع يده في جيب
بنطالة وهو يقول بخبث….
“أسمعي لو هتنفذي كلامي بالحرف الواحد… أوعدك
اننا أول ما نوصل بلدنا الجديدة…. هكتب اللي في بطنك بأسمي…. شوفتي بقا انا بحبك قد إيه…”
رمقته بقرف وهي تقول بتمرد….
“اللي في بطني هيكتب باسم أبوه… وانا هخرج
من هنا….حد يلحقني ياعاااالم…حد يلحقني… ”
صرخت مستغيثة بصوتٍ عالٍ…فالتوى فم
عادل وهو يقول ببرود…..
“صوتي براحتك إحنا في حتة مقطوعه مفهاش صريخ ابن يومين….. تحبي أصرخ معاكي..”
نظرت له بملامح جافلة غاضبة ورائحته المقرفة باتت تقلب معدتها أكثر من اللازم فلم تتحمل دقيقة
أخرى انحنت على الجانب الاخر تتقيأ أرضًا….
زم عادل شفتيه بأشمئزاز وهو يلقي عليها نظرة أخيرة قبل ان يخرج من الغرفة مغلق الباب خلفه تاركها تعاني الويلات وحدها….
جلس عادل على الاريكة ثم أشعل سجارته وهو يرجع ظهره للخلف باسترخاء..فسمع صوت رنين
اتصال يصدر من حقيبة داليدا القابعة بجواره
مسكها وأخرج الهاتف منها فرأى أسم سلطان وصورته تنير الشاشة….
جاشت مراجله بالغضب والغيرة.. واشتعلت عيناه بالحقد… أغلق الإتصال وألقى الهاتف على الاريكة
بعصبية….
سبه عادل بكلمات نابية وهو ينفث من سجارته
ذات الرائحة النفاذة الكريهة….
ثم لمعة عيناه فجاة بخبثٍ وهو يقدم على خطوة شيطانية ربما ستكلفة الكثير فيما بعد !!…..
أرسل له رسالة على هاتف داليدا..محتواها
كالتالي….
(احنا مبقناش ننفع مع بعض ياسلطان…انا رجعت
لعادل….عادل الوحيد اللي حبيته ومكنتش مجبورة
أكمل معاه زيك….انا هسافر معاه…هسافر وهبعد
دا الأحسن لينا كلنا…..)
ضحك عادل بانتشاء ضحكة جهورية وهو يغلق هاتفها نهائيًا….
فارتجف جسد داليدا بالداخل بهلع مزدرية
فور سماعها صوت ضحكاته البشعة….فاغمضت عينيها بقوة وانسابت دموعها بحسرة وندم….
ليتها اخبرت سلطان منذ البداية ما كانت اعطت لهذا
الحقير فرصة للنيل منهما بهذا الشكل….
ماذا سيحدث في الصباح كيف ستسافر قسرًا؟!..
………………………………………………………
كان يقف بين العمال في قلب المصنع الذي سيتم افتتاحة قريبًا….
والعمال مستمرة من حوله على قدم وساق…الكل
يعمل بنشاط وهمة وهو يوزع المهام عليهم ويباشر الوضع مشرف عليهم…
تنحى جانبًا….زافرًا نفسًا خشن حاد وهو يرفع الهاتف من جديد على اذنه مجري اتصالا بأخته التي ردت على الفور…..
(ايوا ياسلطان ياحبيبي….عامل إيه…..)
رد سلطان بتافف قلق…
“الحمدلله يأميرة انتوا فين…برن على داليدا مش
بترد لسه مخلصتوش….”
اتى صوت اميرة متعجبًا….
(مخلصناش إيه…انا في البيت ياسلطان داليدا
مش معايا أصلا….)
انعقد حاجباه سائلا…..
“راحت تشتري الهدوم مع جنة يعني….”
قالت أميرة بتوضيح…..
(جنة بتذاكر في اوضتها…احنا مخرجناش النهاردة
داليدا اتصلت بينا واجلت المعاد….)
انقبض صدر سلطان بالقلق وهو يقول….
“اجلته إزاي انا لسه مكلم امك وقالت انها
خرجت هي وهدى….وانا افتكرت انك معاهم… ”
قالت أميرة بنبرة معاتبة….
(يمكن راحت هي وهدى…اخص عليها إزاي ما تاخدنيش معاها ومن امتى هي وهدى صحاب ؟!..)
تافف سلطان وهو يشعر بعدم الارتياح للأمر
برمته…..
“يعني هي مع هدى دلوقتي…طب هاتي رقم هدى
دول لحد دلوقتي مروحوش البيت والوقت اتأخر..”
قالت أميرة بتريث…..
(اطمن ياسلطان الغايب حجته معاه….خد الرقم
أهوه…..01….)
وقبل ان يجري اتصال برقم هدى…اتت رسالة من داليدا فتحها بلهفة وعيناه تجري على الكلمات
باهتمام وسرعة…..
سرعة كانت كالصاعقة ضربت سائر حواسه وشلت اطرافه فتجمد مكانه كتمثالا عملاق بلا روح خالٍ
من الحياة….
قد امتدت الأرض به ودارت من حوله بسرعة…
فجلس على أقرب مقعد يراه…
وأعاد القراءة بنظرة جامدة باهتة المعاني…..وصدرٍ يضيق.. يضيق به حتى الموت وكأن الهواء انسحب من بين رئتاه من شدة الغضب الذي افترس جسده
بخبثٍ كالمرض المميت….
ان وقوع الخبر عليه كمن تلقى مدفعية نارية
سقط على أثرها ميتٍ كانت دفعة مدمرة..
دفعه تشبه القصف الذي يداهم فجأة ديار
الأحرار قاتلًا مدمرًا أهلها دون وجهة حق…
ظلم وافترى…
كُتِبَ في رسالة انها مستنكرة حياتهما الزوجية
وانها أجبرت عليها منذ البداية والان تريد ان
تنهي الأمر على حين غرة…معترفة بوقاحة بانها عادت الى حبيبها السابق وستسافر معه….
ورغم الألم وهول الصدمة التي ضربته في
صميم القلب…..
بدأ يستعيد اتزانه والمتبقي من عقله وهو يشكك
في هوية المرسل…فداليدا مستحيل ان تفعل
هذا به من أرسلها له….لم يفهم مشاعرهما أو
حبهما أو الظروف التي مرا بها….ظروف وخلافات جعلتهما في نهاية المطاف يستدلا على درب الحب معًا !….
من أرسلها أراد ان يصيبه في مقتل بغباء منقطع
النظير…..
وهو لن يكون ضحية لتلك العبة الرخيصة…سيصل
الى صاحب الرسالة الحقيقي وسيمزقة اربًا لكن قبلها
يجب ان يعرف اين هي….
آخر شخصٍ كانت معه….آخر شخصٍ رأته قبل ان تختفي……
تمتم الإسم وعيناه تتحول لجمرتان من
اللهب المتقد…”هدى؟!….”
رفع الهاتف على اذنه مجري اتصالا برقم داليدا وكما
توقع أغلق الهاتف بعد إرسال الرسالة التي كانت
الهدف منها اقتلاع الروح عن الجسد…
بعد فترة كان يجلس في سيارته النصف نقل في
مقعد القيادة تحديدًا كان يدخن السجائر واحده
تلو الآخر يحرق صدره ويتلف اعصابه بها…
كان ينتظر نزول هدى من العقار….ينتظر على صفيح ساخن خبر يبرد نار قلبه عن حبيبته…زوجته التي اختفت فجأة تاركه له رسالة فارغة من سجيتها….
كتبها شخص أراد ايلامه بقدر عشقه لها….لماذا يثق
بها الى هذا الحد؟!….قد تخطى معها الكثير وعشقها حتى النخاع فلم يتوقع ان تكون الثقة بقدر العشق
الذي يكنه لها !!….
إرجع راسه للخلف مهمومًا ساند على ظهر المقعد وعقله يدور في دهاليز شديدة الضيق موحشة
بظلام الشياطين..
سمع هدى تستقل السيارة بجواره قائلة بصوتٍ
انتبه لرنة القلق به….
وكأنها تعرف لماذا هو هنا….وعلام سيسأل؟!…
“خير….ياابن خالي…”
اعتدل سلطان في جلسته ناظرًا اليها بتأهب
قبل ان يقول بتريث….
“خير…..انتي مكنتيش مع داليدا النهاردة
بتشتروا هدوم…”
ارتبكت هدى بشكلا ملحوظ جعل الشك يزداد
إتساع نحوها……
“داليدا….داليدا….لا أنا مشوفتهاش النهاردة….”
لفظت الكلمات بسرعة مخفضة جفنيها تخفي
الحقيقة المسطرة في عينيها المرتبكة….
هتف سلطان بصوتٍ حاد….
“ازاي مشوفتهاش….انتي خرجتي الصبح معاها
امي شافتكم من فوق السطوح….وانتوا
ماشيين سوا…. ”
توسعت عيناها قليلا وهي تجد انكارها اوقعها
في بركة من الوحل….فادعت التذكر قائلة…
“اه…..اه اصل احنا الصبح…..خرجنا قعدنا شوية
سوا وبعدين خدنا بعضنا وكل واحد راح في
حته….”
حافظ سلطان على رباطة الجأش متريثًا متحدثًا
بقدر الهدوء والصبر المتبقي لديه…..
“هدى…..في حاجة غلط….انتي مخبية عني إيه
داليدا لحد دلوقتي مروحتش البيت وتلفونها مقفول…وانتي آخر واحده كنتي معاها….أكيد
عارفه هي فين…..”
أسبلت هدى جفنيها قائلة بمناورة…
“معرفش هعرف منين يعني ياسلطان…انا زي
زيك…قابلتها شوية الصبح وبعدين خدت بعضي
ورجعت البيت وهي روحت….”
سالها سلطان ببعض الأمل…
“يعني ممكن تكون في البيت دلوقتي….”
“معرفش…..يمكن… “وخزها ضميرها بشدة وهي تعطي الأمل له باحتمال معدوم !…
اهتزّت جفونها بتخوف وهي تراه يرفع الهاتف على
اذنه بملامح صخرية جلية بالقساوة..لفظ بصوتٍ
هادئ….
“ايوا ياحاجة اي الأخبار….”
هوى قلب هدى ارضًا من شدة الذعر بعد ان رفع سلطان عيناه القوية عليها يداهم كذبها بشراسة ساخرًا منها ومن تمثيلها الرديء……
تابع سلطان بصوتٍ رخيم….
“داليدا…..لا انا وداليدا هنبات النهاردة عند عمي اه
عزمنا على العشا…هنقضي السهرة معاهم وهنرجع
الصبح….في رعاية الله….سلام….”
رفعت هدى حاجبها متعجبة….فقال سلطان لها
بهدوء ما قبل العاصفة…..
“تصوري مرجعتش البيت لحد دلوقتي…ومش عند
اهلها كمان…انا لسه مكلم أبوها وسألني عنها…تفتكري
راحت فين….”
اشاحت بوجهها للنافذة هاربة من هذا التحقيق
المكثف فهي لن تصمد كثيرًا ؟!!….
“معرفش انت ليه بتوجه ليا انا السؤال ده..انا معرفش هي راحت فين…..”
قال سلطان بشك….
“بس انا حاسس انك عارفه كل حاجة…وخايفة
تقولي….”
انفعلت هدى بتوتر ملحوظ وهي تقول…
“هخاف من إيه…..قولتلك اني قابلتها الصبح
وبعدين على الضهر كده كل واحد روح بيته….”
سالها بهدوء….
“وكنتوا فين بقا في الكام ساعة دول…”
بلعت ريقها قائلة بخفوت….
“رحنا كافية….قعدنا فيه شوية وبعدين…روحنا..”
لفهما صمتٍ مشحون بتوتر فلم يرد سلطان عليها اكتفى بنظر اليها بملامح واجمة جافية ونظرة
عيناه تجردها من كذبتها الواهيه…..
قالت هدى بعد فترة بمواربة…
“انا كان نفسي اساعدك بس انا بجد معرفش عنها
حاجة….يمكن ترجع الغايب حجته معاه…..انا هطلع بقا لحسان عمتك هتقلق كده…”
انهت هدى حديثها مستعدة للخروج من السيارة
وهي تتنفس الصعداء….لكنها وجدت الباب موصد عليهما…نظرت اليه برهبة…..
“اي ده أفتح الباب ياسلطان…في إيه….”
فقد سلطان ذرة الصبر المتبقية لديه زمجر
بهجوم وهو يمسك يدها بقوة…
“في اني لازم أعرف مراتي فين….ودتوها فين بظبط…”
حاولت هدى نزع يدها وهي تقول بضيق….
“انت بتجمعني بمين…قولتلك معرفش عنها
حاجة…سيب ايدي…”
اثارت حفيظته أكثر من اللازم فأحتد عليها
بصوتٍ جهوري….
“انتي عارفة كل حاجة ياهدى….عنيكي فضحاكي وكلامك في حاجة غلط شوية تقولي مشفتهاش
وشوية تقولي اه قبلتها وروحنا علطول…وشويه
تقولي قعدنا لحد الضهر…..اي الحكاية بظبط
فاهميني…وبلاش تلعبيني وتعالي معايا دغري
من غير لوع…..”
ارتجفت بهلع بين يده وبدأت تبكي ضائعة بين الحقيقة والكذب تتأرجح بينهما بعذاب…
حتى صرخ سلطان في وجهها وهو يسالها
للمرة الأخيرة…. “انطقي……داليدا فين…..”
سالت دموعها وهي تعترف برثاء..
“داليدا مع عادل هيسافروا بكرة الصبح…”
تركها سلطان فجأة وبدا يحدق بها بغباء وقد
توقف العالم من حوله لفترة زمنية عويصة بها
ظلت تتردد جملة هدى في اذانه كضربة صاعقة رعدية احرقته كليًا حتى بات رماد على أثرها……
سألها بعد لحظة صمت كانت الاشد والاصعب
عليه…..
“عادل ؟!…وانتي تعرفيه منين وازاي وصل لداليدا..”
انفجرت هدى في البكاء ولم ترد عليه فصرخ
سلطان بنفاذ صبر زجرها كالاسد الجريح….
“من غير عياط…..انطقي…….انطقي عشان
افهم…..”
ارتدت بظهرها للخلف بخوف ثم هزت راسها إليه
بضعف وبدأت بحرج تعترف بكل شيء دفعة
واحدة…
“حاضر…. حاضر… هحكيلك….هحكيلك كل حاجة
بس ورحمة بابا انا مكنتش أعرف انه هيعمل كده فيها…ولا فيا…انا أضحك عليا….واستغلني من
الأول عشان يكدها ويضايقها بوجوده….ولما
ملقاش منها رجا…قال يبتزني عشان يقدر
يضغط عليها عن طريقي وتوافق تقابله…”
نظر لها سلطان مبهوتًا صامتًا…فتابعت
هدى بنواح مرير…..
“قبلناه في مكان عام…..وانا كنت معاها زي ما
اتفقنا….و عمل فيلم خلاني أخرج من الكافيه
عشان يسحبها لبرا ويخدرها ويخطفها…عشان
يسافروا زي ما قالي النهاردة في التلفون…”
تحدث سلطان بنفاذ صبر وصدره يشتعل
كمرجل ناري حارق…..
“واحده واحده….انا عايز افهم من الاول…إزاي
قبلتي عادل واي هو اللي بيهددك بيه خلى داليدا
تقابله من غير ما ترجعلي ولا تعرفني باللي
بيحصل معاكم….”
قالت هدى وهي تحني راسها بخزي….
“هحكيلك…هحكيلك من الأول خالص…من
أول ما كلمته…وداليدا شافتنا في الجنينة..”
…………………………………………………………..
وكما تصنع القصائد شعراء مؤرخين على مر العصور تدرس كلماتهم وتحلل معانيها….تصنع المرأة كذلك الحب في قلب رجلا عاصٍ….يظل عقله الصلب
يدور في فلكها مستنكر الهوى وقلبه ولهان بها…
هيمان القلب عاشقًا لها….سلبته العصفورة على
حين غرة فاضحى ملكا لها وحدها…..
ثمة متعة في رؤيتك بجواري في كل مكان تقع
عيناي عليه…وكأنكِ تحلقي من حولي هنا وهناك
بخفة وجمالا تخطي بحذائك الأنيق أرض مكتبي
بينما أشعر انا انكِ تسيري على حافة قلبي فاخشى
عليكي فجأة من السقوط فاقترب وأعانق خصرك
من الخلف اقبلك ثم تتدللين مبتعدة عني متحججه بالعمل…
اليوم لم أقدر على الاقترب منكِ.. انتِ تشنِ الخصام بيننا وتبتعدي عني بعيناكِ الفيروزية مقتصرة الحديث بيننا باقتضاب وبوجهٍ عابس…..
نكتشف في البعد مقدار الحب…مقدار الهوس بمن
كان اختيارنا لباقية العمر….الخصام مرهق للقلوب
لكنه علاج مقوي للعلاقات او ربما العكس…
فـبه نكتشف هوايتنا وحقيقة المشاعر المتبادلة
بيننا….
كم خصام مر علينا وكنتِ متكبرة عنيدة أمامي تريدين ان تثبتِ لي انكِ الأقوى والاكثر تحملا
في البعد….الن تلين رأسك اليابس وتعترفي
انكِ لم ولن تقوي يومًا على الفراق…والعناد ماهو
إلا وسيلة تختبئ مشاعرك خلفها حتى لا تظهري
ضعفك أمامي…..
أريدك ضعيفة تعترفي انكِ تنتمي الي قولا
وفعلا..
أريدك ان تتخلصي من هواجسك.. من عقدة الدسوقي التي تسيطر عليكي تاركة آثر مشوهٍ
في روحك المسه بوضوح…..
تخنقك عقد الماضي أعلم حبيبتي…فهي تعذبني جراء التفكير بها….فكوني الأقوى معي وليس بدوني !..
ترك القلم من يده فجاة فاصدر رنة مزعجة جعلتها
ترفع عينيها عن الملفات اليه…
رأته يمسح على وجهه بضيق ويبدو عليه الحنق
والاستياء…..
خفق قلبها بلوعة اليه فهما متخاصمين لأيام ترفض
التحدث معه بعد آخر نقاش حاد حدث بينهما..كالعادة
اختلفا في وجهات النظر وعدم موافقته على رغبتها
جعلها تشن عليه الخصام رافعه الاسياج بينهما…
تنحنحة وهي جالسة مكانها على الاريكة الجلدية
على بعد مسافة منه تعمل عليها منذ ان تخصاما
بعد ان كانت في بعض الأحيان تعمل وهي جالسة
بجواره…. او على ساقه…..
تخضبة وجنتاها فجأة متوردة بينما هو رفع عيناه القاتمة الجذابة ككل شيء به ينظر إليها…فبلعت ريقها ازاء نظراته وقالت بثبات….
“تحب أعملك قهوة….”
رد سليم بجفاء وهو يشيح بوجهه عنها…
“شكرًا…لو عوزت هطلب من البوفية…مش
عايز أتعب سيادتك… ”
جزت على أسنانها بضيق وهي ترمقه بحنق عائدة
للأوراق بيدها بنظرة محتنقة…
وضع سليم يده على سطح الطاولة فلمس اصبعه
الغبار فتافف بضيق وهو يسحب منديلا ورقي ويمسح على سطح الطاولة مكانه سائلا اياها
بضجر…..
“مين اللي نضف المكتب ده الصبح…”
ردت كيان بايجاز…… “أنا…”
قال بوجه عابس مقتضب….
“أول وآخر مرة تعمليه….”
سالته بحاجب مرفوع…..”ليه بقا…..مالوا ؟!!..”
قال بتبرم يشع النظرات القانطة عليها…..
“كأنه متنضفش….مفيش ضمير عندك خالص في
اي حاجة تخصني…”
جفلت ملامحها من هذا الحديث وضاقت
عيناها بغيظٍ بالغ….
“والله…انت شايف كده…عمتا انا اي حاجة
بعملها بضمير سواء ليك أو لغيرك….”
زم سليم فمه قائلًا باستفزاز….
“لغيري ماشي….لكن بتيجي عندي انا وبيتعدم
من جواكي….”
نهضت كيان عن الاريكة معانقة الملفات بكلتا
يداها وهي تقول بانزعاج…
“انت بتحاول تستفزني…بقالك فترة بتعمل كده
…انا هروح على مكتبي أحسن…”
اولته ظهرها وسارت للأمام والدموع تترقرق
في عيناها….فقال سليم من خلفها بوجوم…
“مع سلامة…..كمان نص ساعة ابقي ابعتي
المذكرات اللي في إيدك عشان ابص عليها….”
دلفت الى مكتبها الخاص والتي لا تدخله إلا نادرًا
كان مكتب انيق فخم الطراز…اختارت كل قطعة به بتأني وبعناية فائقة بمساعدة متخصصين الديكور
كما فعلت في مكتب سليم…..
جلست خلف المكتب واضعه الملفات أمامها….
ثم مسحت دموعها وهي تسند وجهها على يداها شاردة الذهن في ماحدث بينهما منذ ايام….
انهت المكالمة مع اختها وخرجت من الشرفة
الى غرفة النوم تمسح دموعها بعد ان علمت
سبب هروب اختها من بلد لأخرى….
فالبداية كانت سعيدة من أجل المسابقة والنتائج التي وصلت إليها فقد حجزت مقعدها في النهائيات
على حد قولها…..لكن وحدتها وهروبها من البيت
دون ونيس في رحلتها قتل الفرحة داخلهن….
جلست كيان على الفراش تتنهد بتعب شاعرة بوخزة
مؤلمة في صدرها تحثها على السفر الى اختها والوقوف بجانبها في تلك المحنة…..
فحتى ان كانت الرحلة بحثٍ عن الحلم وتحقيق
الذات يبقى بين ثنايا القلب قروح ملتهبة بالوجع
..اختها هربت خوفًا على نفسها وزوجها من خطط والدهم…
هربت لأخر بلاد المسلمين كما يقال….وحدها…
ولج سليم لداخل الغرفة فوجدها على وضعها
شاردة بعينين تمتلئان بالدموع….
أقترب منها سليم من الحافة الأخرى وسحبها الى احضانه سائلا بقلق….
(مالك ياحبيبتي…بتعيطي ليه..اي اللي حصل…أختك
كويسة…..طمنيني ياكيان اي اللي حصل…)
قد علم سليم بالامر وسبب سفر شهد المفاجئ..فكان
جالسًا عندما حدثها حمزة في الهاتف وهي لم تقوي على إخفاء التفاصيل عنه….باتت تثرثر كثيرًا في الاونه الأخيرة ويعرف الكثير عن حياتها الماضية والحالية….
وكلما حاولت ان تخفي عنه شيءٍ يستدرجها بمكر
حتى تكن امامه ككتاب مفتوح….
أهو من يدفعها للتحدث بالحيل….ام هي التي تنتظر السؤال حتى تندفع كنافورة المياة دون توقف !..
ليست جيدة في المناورة واخفاء الحقائق مثل اخوانها….ورثا من والدهم الحذر مع الأقارب
قبل الاغراب….وورثت هي من امها الاندفاع
والضعف في الحب التي تخفيه بصعوبة عنه !…
قالت كيان ببكاء….
(شهد صوتها مش عاجبني…حاسه انها مضغوطة
بسبب المسابقة دي….)
ربت سليم على كتفها بحنو قائلا…..
(طبيعي ياحبيبتي المسابقات اللي من النوع ده…بتبقى صعبة مش سهله خالص…غير انها
بتبقى شوو عشان تبسط الناس اللي بتتفرج
وتحمسهم للحلقات الجاية….)
قالت كيان بوجوم….
(عارفه….بس انا صعبان عليا تبقا لوحدها كده من
غير ما نبقا معاها….)
ابعدها سليم عابس الوجه بتساؤل…
(وانتي هتعمللها اي يعني ياكيان…هتطبخي
مكانها؟!…)
هزت راسها وهي تمسح دموعها…
(لا مش كده…بس وجودي معاها هيكون حاجة معنوية ليها….)
ازداد العبوس وانعقد حاجباه معقبًا….
(كان الاوله ان اخوكي اللي يفكر في موضوع
السفر ده مش انتي….)
احتجت كيان مدافعه عن اخيها….
(مين قالك انه مش بيسعى ان يخلص أوراق
سفرة بس للأسف عنده مشاكل في الورق
مش هتخلص قبل تلات شهور….وشهد في
أقل من شهر هترجع….زي ما قالتلي…)
رد سليم بملامح رصينة….
(خلاص اصبري لحد ما ترجع….)
جحظت عيناها بدهشة محتدة بغضب…
(انت ليه اناني كده ياسليم… بقولك اختي بتمر
بمحنة وواضح من صوتها انها تعبانه…)
جاشت مراجله بالغيظ….
(والمفروض اني اعمل اي ياكيان…)
قالت كيان بأمر…..(نسافر طبعا…)
حل عقدة حاجباه وارتفعا للأعلى بغضب…ثم
زجرها بتهكم….
(نسافر؟!!… هو انا تحت أمرك… شايفاني عاطل يعني
معنديش مسئوليات هسيب شغلي وابويا ومصالح الناس اللي متعلقه في رقبتي انا وانتي ونجري نسافر…. عشان نبقا مع أختك…)
هتفت كيان بحدة…
(اختي في ظرف طارئ…. انت مش فاهم…)
قاطعها سليم وهو يقول بصلابة…
(لا انا فاهم أختك انسانه طموحة سفرت عشان
تغامر بحلمها….من حقها تبقا لوحدها… مش لازم
كلكم تكونوا فوق راسها يعني…)
إنسانة طموحة؟!!…وهل من يعمل في وطنه ليس
بطموح من وجهة نظره ؟!…
شعرت انه يقلل منها….معظم في أختها أمامها
دون ان يدرك انه لفظ بمخاوفها تلك الفترة…
لم تغار من شهد ولن يحدث هذا ابدًا….لكن
الكلمتين كانا بمثابة قذيفة انفجرت في
احشاؤها فجأة….
تغاضت كيان عن الأمر….متبرمة من اسلوبة الفظ
معها….
(أسلوبك مش حلو… انت ليه بتكلم كده فيها إيه
لو سفرنا وكنا معاها…. نطمن عليها…)
اصر سليم يقول بغلاظة….
(اطمني عليها في التلفون…. كلميها على النت..
بقا في كذا وسيلة تطمنك عليها….)
عقدة كيان ذراعيها امام صدرها بعناد…
(والله لو انت مش عايز تسافر عشان شغلك.. انا
بقا هسافر لاختي…..)
مالى عليها يسالها بنظرة خطرة…..
(يعني إيه… هتكسري كلامي؟!!..هتسافري من
ورايا…)
ارتدت للخلف بخوف منه قائلة
بتريث….
(فين من وراك ده… مانا بقولك اهوه انـ..)
قاطعها سليم بنبرة شديدة الخطورة….
(مفيش سفر ياكيان أسمعي الكلام… أختك مش صغيرة هي أكبر منك وادراى بمصلحتها عنك….)
احتدت امامه بعناد وتحدي….
(يعني إيه…هتمنعني عنها… انتي ليه اناني كده..
اي حاجة تخص اخواتي بترفضها….)
علت ملامحه الصدمة غير مصدق هذا الاتهام
الاهوج….
(اللي يسمعك يقول اني ربطك بسلاسل… انتي علطول معاهم…. امتى منعتك عنهم.. انتي اللي
مش واخده بالك انك بقيتي ست متجوزة
وعندك مسئوليات أهم….)
اندفع لسانها بالكلام كرصاص…
(مفيش حاجة أهم من اخواتي ياسليم….)
عضت على لسانها فجأة….فتبادل سليم النظرات
الحادة معها حتى قال بسخرية سوداء….
(معنى كلامك اني مش مهم عندك…اضفت
لحياتك بالغلط مش كده؟!….)
رمشت بعيناها وهي تقول بحرج….
(دا مش قصدي…. انت بتمعن الكلام كده إزاي..)
رفع سليم يده يمنعها عن إضافة حرف أخرى
وهو ينهي النقاش بحزم….
(الموضوع خلص ياكيان ومش هنتكلم فيه
تاني..مفيش سفر لا معايا ولا لوحدك…انتهينا…)
وقتها تشاركا الفراش البارد بمشاعر تحترق بالغضب
والغيظ وكلا منهم يولي ظهره للآخر تاركين مساحة
فارغة موحشة بالخصام…..
مسحت دموعها وهي تعود من تلك الذكرى على صوت باب المكتب رفعت عيناها لترى الساعي
يدلف إليها بتهذيب معه صنيه تحوي على كوب
به عصير من المانجو….
فلانت شفتيها الحزينة بابتسامة صغيرة خاطفة
فهي تعلم انه من أرسلها… لكنها ارادت ان تتأكد
من هذا الساعي العجوز الذي يعمل لديهم منذ
ان أفتتح سليم مكتبه الجديد… لأجل بدا صفحة
جديدة معها ومع الحياة…
وظف بعض من المحامين الجدد في مكتب مشترك
وأصبح لديه سكرتير في مكتبه المجاور.. ام هي
فأصبح لها مكتب خاص أنيق لكنها تعمل في مكتبه
دوما…. لا تعلم اهي مجرد إضافة لهذا الصرح المذهل
الذي يزهو يومًا بعد يوم ام انها عنصر مهم بينهما؟!..
عادت مجددًا الى الهلوسة وقلة الراحة… عقلها قارب
على الانفجار… انها تقحم نفسها في اشياء تافهة ومقارنات حساسه…..
“مين بعت العصير دا ياعم حميد…. انا مطلبتش
منك حاجة….”
سالته كيان برقة…فأجاب الرجل وهو يضع
الكوب جوارها….
“الأستاذ سليم طلبه مع قهوته…وقالي ادخله لحضرتك….”
ابتسمت بارتياح تشكره….
“شكرا ياعم حميد تعبتك معايا….”
“تعبك راحة ياست هانم…”خرج الساعٍ مغلق الباب خلفه تاركها وحدها وعلى شفتيها ابتسامة منتشية
كلما أخذ خطوة نحو رضاها تشعر بمنتهى السادية
براحة لأنها لم تتنازل عند الخصام ولن تفعل !!..
مسكت هاتفها وارسلت إليه رسالة شقية…
“شكرًا على عصير المانجا جه في وقته…
عفوت عنك…”
اتت رسالته بعد فترة قصيرة…..
(بس انا مطلبتش العفو ياسمو الملكة….العصير انتي
اللي طلبتيه قبل ما تخرجي من المكتب…)
كتبت بحاجب معقود….
“ازاي يعني انا مطلبتش عصير….”
اتت رسالة جادة….
(طلبتي وانتي معايا لما طلبت القهوة من حميد
في التلفون…)
شكت لوهلة في نفسها فبدات تفكر ثم كتبت
بحنق بعد ان فهمت لعبة التخفي الذي يمارسها
عليها….
(انت عايز تجنني…اذا كان انا من شوية كنت عايزة أعملك قهوة….إزاي بقا طلبت قدامي قهوة..لا وانا كمان طلبت عصير….انت بتألف عشان متعترفش
انك بعت العصير من نفسك…)
اتت رسالته بسخرية يشد لجامها بقوة….فهي كالفرسة الجامحة لا تتوقف عن استفزازه…..
(وانا قولتلك اللي حصل واضح ان الذاكرة بتاعتك
بعافية….ياسمو الملكة….كملي شغلك وابعتي المذكرات في أقرب وقت بلاش لكاعه…)
لاحت الصدمة على وجهها وهي ترسل
بدهشة….. “انا بتلكع !!!….”
لم يعرها اهتمام مما جعلها تضرب على المكتب
بغيظ مغمغمة بامتعاض….
“انا بتلكع ياسليم….بيكدب وبيألف عليا…متكبر يعترف انه مهتم وان هو اللي طلب العصير
بنفسه وبعته ليا…..”
بعد ساعتين تقريبًا…دلفت الى مكتبه من جديد
وبعد الاستئذان خطت على بساط مكتبه وبين
يداها الملفات عيناها ارضًا تعد الخطوات
تقريبًا !!…
من يراها يظن انها موظفة رزينة مهذبة في التعامل
مع مديرها…واجهة مخادعة لعصفورة شرسة وعنيدة… وصاحبة أكبر عقل صلب يود تكسيره….
أسبل سليم جفنيه عنها مركز مع الموكل الذي
يجلس امامه على الجانب الاخر من المكتب
يتحدث بجدية معه عن قضية جديد سيوكل لتوليها….
وقفت كيان امامه قائلة باحترام…
“الملفات اللي طلبتها يا أستاذ سليم….”
امرها سليم بمنتهى العملية وهو يشير
على الاريكة….
“استني هنا شوية ياستاذة كيان….”
اومات كيان براسها وهي تجز على اسنانها جالسة
بهدوء…بينما هو يبتلعها بنظراته القوية…
ابتسم الموكل الذي يراقب تعاملهما المتحفظ
السلس في العمل فقال باعجاب….
“حقيقي اللي يشوف حضرتكم ميصدقش خالص انكم متجوزين….ومن فترة قصيرة كمان.. ”
نظر الموكل لسليم وتابع بعفوي…
“عجبني أوي تعاملك في الشغل…وانك بتفصل
عن حياتك الشخصية فيه…”
ابتسمت كيان واطرقت براسها…متذكرة قبل ان
يشن الخصام بينهما كانت تجلس على ساقه
بين ذراعيه يقبلها تارة ويعبث بيده الوقحة تارة أخرى…وكان حينها يدرسا أحد القضايا الهامة !…
رأى سليم ابتسامتها الخفية وعلم الذكرى التي تحملها بين ثناياها فهو بات يحفظها أكثر من
نفسها….
عاد للرجل يتحدث بجدية وحزم وعيناه تذهب
اليها خلسة…..
“انا أهم حاجة عندي القوانين والانضباط…أكتر
حاجة ممكن تستفزني ان حد يمشي عكس
المألوف…..إلا اختراق القوانين… دا مبدأ… ”
رفعت كيان عيناها الفيروزية اليه مشدوهة…فالتقط
سليم عينيها بنظرة تزيد الشوق اليه أضعاف…وتزيد
ندم البعد اطنان…..
نهض الموكل من مكانه مغلق زر السترة
وهو يقول ببشاشة….
“دا مبدأ يحترم….تشرفت بمعرفتك ياستاذ سليم
وان شاء الله القضية بتاعتنا تخلص على خير…”
نهص سليم كذلك يصافحة بحرارة عملية….
“باذن الله أطمن….أول بأول هبلغك بالجديد عن طريق سكرتير المكتب….لحد ما نتقابل تاني
ان شاء الله….”
اوما الرجل براسه مبتسمًا له ثم الى كيان وخرج
من المكتب مغلق الباب خلفه…
نهضت كيان من مكانها….ففوجئت بسليم امامها مباشرة وجهًا لوجه… قريب جدًا منها انفاسه الرجولية الساخنة تتسلل الى رئتاها دون
مقدمات مسبقة….
جفلت ملامحها مبتلعة ريقها وهي تشير بارتباك
على الملفات التي وضعتها على الطاولة…
“دي المذكرات اللي طلبتـ…..”
التقط المتبقي من حديثها بفمه ساحب خصرها
اليه بقوة حتى وقعت على صدره العريض القوي
وفي احضانه….
قبلها بنهم قبلة طويلة عميقة جعلت جسدها ينصهر
بين ذراعيه واعصابها تنهار من جرأة يده عليها…
تركها بعد لحظات ليست هينة من شدة لذتها
وعمقها عليها….
نظر لعيناها وهو يلهث مرجع خصلاتها المشعثة
بفعل اصابعه للخلف وهو يقول من بين لهاثه…
“فين المذكرات القانونية اللي طلبتها منك….”
رمشت بعيناها عدة مرات بخجلا وهي تلهث بين ذراعيه فاغرة شفتيها بغباء لذيذ…وعدم اتزان
بعد…
شهية جدًا كفاكهة طازجة تنادي الجائع لم يقاوم
أكثر من ذلك.. فرقتها وجمالها البري يثيرا رغباته فمالى عليها يلتقط ثغرها الأحمر باسنانه كقطعة التفاح يقضمها….في قبلة أخرى عميقة ثائرة بالعواطف..
أجمل مافي القوانين أن تخترق…وأجمل مافي
الحب الجنون…..
أطلق سراح شفتيها وهو يلهث ساندًا على جبهتها
ويداه تحتوي خصرها بهيمنة….
كانت تنهار بين يداه كليًا…موضحة دون كلام انها مغرمة… مغرمة حد الجنون…..وتشتاق حد
الهوس…
تنهدت كيان بلوعة لتراه يعيد الكرة
هامسًا بسؤال…
“فين المذكرات اللي طلبتها ياكـيـان….”
هل لهذا السؤال مكانًا هنا…. كيف ونحن في أحضان
بعضنا تسالني عن المذكرات القانونية….وتنسى قانوني أنا !…
اشارت بيدها على الطاولة دون حديث فلم تقدر
على التكلم أضحت فريسة للخجل الان بعد
أفعاله العابثة….
أبتعد سليم للخلف خطوتين واضعًا يده في
جيبه وباعتداد بنفس قال….
“روحي على مكتبك دلوقتي…وخليني اراجع
عليهم للمرة الأخيرة….”
اومات براسها دون كلمة وسارت مبتعدة عنه بخطوات أشبه بالركض….
…………………………………………………………….
في ساحة المعركة مشتدة بالنيران وصوت السكاكين
لا يعلو على ايقاعه أحد….
الروائح تمتزج ببعضها سيمفونية من الاوتار المشتبكة ينساق خلفها الفن والابتكار وفكرة
طاهٍ..
فنون الطهي لا تعتمد على طاهٍ بارع فقط..فنون الطهي كالقتال اعتمادها الأساسي على قائد ذكي مسيطر يعرف كيف يحرك النكهات ويوحد الاصناف
على سفرة واحدة دون خلل….
على الطاهي ان يصنع اطباق عصرية واضع ثقافة
وطنه بها…يضع معها الهوية والحلم ويكشف عن
موهبته للحكام ويقنعهم بها عند كل مرحلة
يخطوها في المسابقة…..
طاهٍ يجتهد بجد شغوف بالعمل يبذل قصارى
جهده حتى يصل الى غاية النجاح…
انتهى الوقت المحدد والضيق بنسبة لطهاة…الجميع
انهى اطباقه ومنهما من لم يحالفه الوقت بتزين
الطبق كما يجب….
فتقديم الاطباق بشكلا متناسق مزين بعصرية
كالوحة الفنية تمامـا نقطة تحسب للطاهي المحترف وان إهمل بها يهبط مستواه وحتى ان كان المذاق جيد….فكما يقال العين تأكل قبل الفم….
اخرجت شهد انفاسها بصعوبة وهي تتجه للصنبور
غسلت يداها بعد ان أخذ المساعدين الاطباق الى الحكام…..
تشعر ان انفاسها كانت مكتومة لمدة ثلاث
ساعات كاملة…
ثلاث ساعات كاملة طُلب منها تحضير ثلاثة اطباق متناسقة طبق مقبلات طبق رئيسي وطبق حلوى بتقنيات معينة احترافية لا يقوم بها اي شيف
عادي فقط من عشق فنون الطهي وتعمق
بجذورها لسنوات عديدة…
سحبت منديلا ورقي وبدأت تجفف يداها ومن
بعيد رأت الحكام يتناولا الطعام ويبدو على وجوههم علامات الرضا التام لكن هناك بعد الملاحظات البسيطة…
الملاحظات ؟!!…
انها في الأسبوع الثاني قد فازت الأسبوع الأول باعجوبة فقد بدأت الملاحظات الدقيقة على أقل نقاط في اطباقها مرددين النصيحة بان تتوخى الحذر فهي ممتازة في برز النكهات ورفع مستوى مذاق الاطباق لكنها أحيانًا تخطأ في نقطة او إثنين
حينها تكن النصيحة واجب نحوها….
تتمنى ان تفوز اليوم دون اي ملاحظات انها تعبت
كثيرًا واعطت كل جهدها في الثلاث اطباق حتى يخرجوا بمستوى عالٍ يليق بها…وباسم بلدها أمام الحكام الأجانب…..
انه النصف النهائي من المسابقة ان حجزت مقعد
بين الخمس مشتركين الباقيين سيبقى لها جولة
واحده فقط… ستكون الاصعب أكيد لكن من بعدها سيعلن اسم الفائز في الموسم الثاني…..
كل ما تبقى لها هنا أقل من عشرة أيام وتعود
للوطن اما بالفوز او بخيبة الأمل كما تتوقع…
أصبحت شهرتها على مواقع التواصل الإجتماعي
أسرع من النار في الهشيم…كل من يهتم بفنون
الطهي يتحدث عنها…الكثير يدعمها فخورين
بانها وصلت الى تلك المسابقة وفازت في الجولة
الأولى بامتياز رغم الملاحظات البسيطة بها…
البعض يتحدث عن الاطباق التي اعدتها في الجولة الأولى…وطريقتها الرائعة في تزين الاطباق….وعن جمالها وحسنها الراقي أمام عدسات التصوير ملفته
الانتباه لها دون مجهود يُذكر….
هناك أحد من معجبيها الجدد…رسام موهوب أرسل لها لوحة فنية هدية بصورةٍ لها بزي الطهي الأبيض..
لم ينسى حينها تفاصيل وجهها الإبي وابتسامتها وعيناها حتى انهُ لم ينسى (الانسيال) الذهبي
المكتوب عليه بالخط الفارسي
(سيدة الحسن والجمال..)
معظم المنشورات التي تقابلها عبر مواقع الانترنت تعلق على هذه الجملة…وعلى لون عينيها الامع الشبيه بحجر الكهرمان…. على حسنها الاخذ ورقتها الملكية….وهمتها وشغفها في الطهي…..
لم تشتهر اطباقها فقط جمالها لفت الأنظار وهذه
نقطة تحسب لها أمام عدسات التصوير التي ترصد
كل خطوة تقام في المسابقة عن القائمين عليها…
بعد فترة ليست بقصير أعلن فوزها منضمة الى
الفائزون…. مؤهلة معهم الى الجولة النهائية
الأسبوع المقبل….
وسيعلن حينها اسم الفائز بالموسم الثاني…..مزال
في المشوار باقية…..
ولكل مجتهد نصيب…..
………………………………………………………….
أوقف يزن سيارته بقلب مجمع سكني فخم أسفل بناية شاهقة ضخمة تعيش بها والدته مع اختها…..
ترجل من سيارته مغلق الباب من خلفه نزع النظارة
الشمسية عن عيناه وهو يدلف الى العقار…..
فتح باب الشقة بالمفتاح ونادى عليها وهو يتقدم
من غرفتها… “ماما….. ماما….. رافي……”
دلف الى غرفة والدته بعد الاستئذان فوجدها جالسة
في الشرفة تنفث في أحد السجائر الرفيعة التي
أصبحت لا تتركها من يدها في الاونه الأخيرة…
من يوم ان تم الطلاق بينها وبين والده وهي لم
تعد كما هي… دائما عصبية شاردة… احيانًا تنهار
وتبكي وهي تردد باستمرار….
(إزاي يطلقني…. إزاي أهون عليه… بعد كل اللي
عملته أخرج كده من غير ولا حاجة….)
هو مدرك تمامًا خسارة (إلهام) الأمر متعلق بالمال
والثروة الهائلة ليس إلا… وهذا احيانا يثير اشمئزازه
منها ففي فترة سابقة كان هذا كل ما يشغل تفكيره
مثلها لكن الآن الوضع اختلف…
ان منظورة للحياة تغير مائة وثمانون درجة
فالعيش في شارع الصاوي بدل حالة…أصبح
مدرك تمامًا للقيمة الحقيقة التي بين يداه….
بعد أن عمل مع شباب من عمره وسمع منهم
قصصٍ وأسباب دفعت بهما الى الكفاح والشقاء
في وقتٍ مبكر….
وقتٍ كان يلهو هو به هنا وهناك متمتع باموال
والده الطائلة واسم العائلة العريق……
شبابٍ كالورد انعم الله عليهم بصحة والرضا…
أبطالا بنسبة له فمنهم من يعيل أسرته ويعمل
ليلا ونهارًا لتوفير احتياجاتهم…ومن يعيل
والدته المريضة بعد ان تخلى عنه والده
منذ ولادته….
وهناك من يحلم ويسعى لتوفير تكاليف الزواج
كي يصل الى من تمناها قلبه بالحلال… داعي الله
في كل صلاة ان تكون من نصيبة بعد سنوات من الإنتظار المضنٍ والشقاء المستمر…
راى هذا بعيناه وسمع باذانه….فقد شارك معهم
بالكثير….بعد ان أمر عاصم بحزم ان ينضم اليهم
يأكل ويشرب معهم…وعند فروض الصلاة يصلوا جماعة…في الجامع القريب منهم….
أصبح واحدًا منهم…قد تناسى الشباب
انه صاحب مكان كـعاصم….تعاملا معه
باريحيه وفي حدود الإحترام….
لم يعرف يومًا إلا أصدقاء مرفهين مدللين أصعب شيءٍ بنسبة لهما حيرة كل عام في أيهما أفضل لقضاء أجازة الصيف خارج البلاد ام داخلها ؟!..
تغيير سيارات كل عام….والتفاخر بالعائلة
والممتلكات…
عاش طوال حياته مع أصدقاء من ورق اذا تعرض
أحد لاية انتكاسة كبرى مفاجئة يدير الجميع وجوههم تاركين السفن تحترق بمن عليها…
طالما الباقية بأمان !!…..
“يزن…..انت هنا من امتى ؟!….”
فاق من شروده على صوت أمه التي اطفات سجارتها ترمقه وهي جالسة على المقعد بشرفة الواقف على بابها…فتقدم منها يزن مقبل رأسها بحنو وهو يسالها…
“من شوية عاملة إيه النهاردة….”
زمت الهام شفتيها متعجبة من أسلوب ابنها المتغير
أصبح أكثر هدوء واتزان…..قليلا ما يبتسم او يمزح
كسابق….
تبدل حالة أصبح تعيسًا….مهموم….لم يكن يزن
مسعد الصاوي الذي تعرفه….
“انا تمام…..بس انت بقا مش عجبني…لسه
برضو مسبتش شغلك مع عاصم….”
جلس في المقعد المقابل لها قائلا
باستغراب….
“واسيبه ليه انا مرتاح في المكان…والناس
هناك كويسة جدًا….”
أحمر وجه الهام بغضب وهي تهتف
بغرور يشوبة الغل…..
“مرتاح إيه…انت مش صايغ…انت دكتور….انت
نسيت ولا إيه…وبعدين ناس مين دول اللي تنزل لمستواهم انت مقامك أعلى من كده… انت يزن
مسعد الصاوي…المفروض متكونش دي شغلتك
ولا تشتغل مع ناس زي دول….دا هما اللي المفروض
يشتغلوا عندك ويسعوا لرضاك… ”
برمت شفتيها وهي تخرج سجارةٍ من العلبة
وتشعلها بعصبية…مسترسلة بضيق….
“مش عارفه بجد اي اللي حصلك مانت كنت
أحسن من كده….”
رفع يزن حاجبه وهو ينظر اليها بحنق….ثم
عقب بصبرٍ…..
“وانا كده مالي يعني ياماما…مانا في أحسن حال أهوه…وبعدين ان لسه طالب في كلية طب….لسه مبقتش دكتور رسمي….ثانيا يالومي….الناس دول
مش عبيد دول بنادمين زينا….الناس اللي في شارع الصاوي دول عندي أحسن مليون مرة من اي واحد عرفته… ”
قالت الهام بتبرم….
“اللي عرفتهم ولاد عائلات ولاد ناس….”
هتف يزن دون تردد…..
“اللي عرفتهم بتوع مصالح…ومنظرة كدابة…”
نفثت الهام دخان سجارتها بغيظٍ…..
“منظرة كدابة !!…شوفت قعدتك في شارع
الصاوي وصلتك لفين….انت مش يزن ابني اللي أعرفه…انت ليه مش بتسمع كلامي انت حتى
رافض تيجي تعيش معايا…”
قال يزن بصبرٍ هادئ…..
“ما قولتلك ياماما اني مأجر شقة في شارع الصاوي….وقريبة كمان من الجامعة… ”
برمت إلهام شفتيها بتقزز…..
“شقة في شارع الصاوي….انا متخيلة شكلها
من غير ما توصفه….”
نداها بقلة صبر….. “ياماما….”
اندفع غضبها فجاة صائحة بتشنج…..
“بلا ماما بلا زفت….انت مش واخد بالك ان عاصم
ده بيستغلك مخليك تشتغل زيك زي أقل عامل عنده
مع انك ليك في المكان ده زيه تمام….ازاي سايبه يستغلك ويهينك….”
جز يزن على أسنانه وهو يقول بنبرة رغم
حدتها هادئه….
“مفيش اهانه ولا حاجة…عاصم عايز يعلمني ويشربني الصانعة….عشان بعد كده أقدر ادير
محل من محلات الصاغة بنفسي….”
سالته باقتضاب…. “هو قالك كده ؟!…”
اوما يزن براسه مؤكدًا….فالتوى فم الهام
متشدقة بضغينة…..
“بيضحك عليك….عاصم ده مش سهل دا تعلب
مكار…..أوعى تامنلوا يايزن دا عايز يلهف حقك
ويطلعك من المولد بلا حمص….”
أطفأت الهام سجارتها واشعلت واحدة أخرى بيد
ترتجف من شدة الانفعال والحقد….واسترسلت
امام عينا ابنها……
“وبعدين انت مكنش هدفك خالص تشتغل في الصاغة انت حابب الطب ودخلت القسم اللي
انت عايزة….إيه هضيع تعبك عشان الصاغة
والشغل في شارع الصاوي….”
أشاح يزن عيناه عنها وهو يقول بملامح
واجمة…
“مفيش مشكلة لو اشتغلت الإتنين الموضوع مش صعب هو مالي برضو وكار ابويا واجدادي…وبعدين
اطمني عاصم مش هياكل حقي…كان عمل كده بعد
اللي عرفه…بس هو اداني فرصة…ويمكن يسامحني مع الوقت….”
هتفت الهام بصفاقة والغل يشع من عيناها
الزرقاء……
“انت مغلطش يايزن…هي اللي تستحق الحرق…انا
مش عارفه هو ليه مطلقهاش لحد دلوقتي….تفتكر
عايز يرجع لها ؟!…”
وخزة ضميره عند ذكرها فقال لأمه
بحرج…

“معرفش حاجة عنها ومش مهتم….صفحتها
اتقفلت بنسبالي…كفاية اني كنت سبب
المشكلة اللي بينهم…وخسارتها للي في بطنها….”
قالت الهام بفحيح كالافاعي…..
“مش انت السبب طبعا هي اللي جابتوا لنفسها..
ماهي كانت داخله على طمع…عايزه تكون معاه
ومعاك…..حاجة مقرفة بجد….”
تافف يزن منها فهي تثير اعصابة و تذكره باشياء
يود لو ينساها ويمضي في حياته….
“انتي ليه بتفتحي بالقديم…مانتي عارفه
كويس ان الموضوع كان من ناحيتي انا…وهي مكنتش تعرف اي حاجة….”
ابتسمت الهام بسخرية…..
“انت بتصدق دا فيلم كانت عملاه عليكم انتوا الاتنين…لو كان كده مكنش عاصم فكر يطلقها…..”
قال بغلاظة….. “بس هو لسه مطلقهاش….”
قالت الهام ببرود….
“مصيره يطلقها…مش هيستمروا مع بعض
انا متأكدة….”
تنهد يزن بنفاذ صبر منهي النقاش…
“يستمروا أو لا….برضو الموضوع اتقفل بنسبالي..”
ابتسمت الهام برضا تام قائلة….
“ودا أحسن حاجة ياحبيبي…انه اتقفل بنسبالك…
عشان انا عيزاك في موضوع مهم….”
رفض يزن بشدة قبل ان تفتح الموضوع
مجددًا….
“متحوليش….انا مش بفكر في الجواز دلوقتي
غير لما أخلص درستي….”
قالت الهام بتملق ناعم….
“واي المشكلة لو قبلت البنت وعملنا فترة خطوبة
لحد ما تخلص درستك وتجوزها….دي بنت هايله
وباباها ليه منصب كبير في الدولة…ومامتها دكتورة جامعية….يعني عيلة مفيهاش غلطة… ”
رفض يزن بعناد ممتعض الوجه….
“فيها اني مبحبهاش…دمها تقيل…وتافهه…وللأسف
أهلها ناس مش مريحة….مش بحبهم….”
رفعت الهام حاجبها منزعجة….
“ولو محبتش دول هتحب مين…اوعى تكون بتفكر تجوز بنت أقل من مستواك…من شارع الصاوي ده
أنسى….”
قال يزن ببرود مستفز….
“انا لسه مقبلتش حد…بس اوعدك لو قابلت البنت اللي تخطفني من أول نظرة….هاخدك علطول عشان نخطبها من اهلها….”
هتفت إلهام بتسلط….
“ولد الموضوع ده مفهوش هزار….هتجوز اللي اخترهالك انا…”
هز يزن راسه مجيبًا….
“لا هتجوز اللي يخترها قلبي…دا لو فكر يختار…”
ابتسم بسخرية مريرة مشيحة وجهه الى المباني
الشاهقة والهواء المنعش من حولهما….
وقبل ان تفتح الهام فمها مجددًا دخلت اليها
رفيدة تقول بلهفة…..
“إلهام الحقيني….”
دخلت رفيدة الشرفة والهاتف في يدها وعندما
رأت يزن بصحبة أختها إبتسمت بمحبة الخالة قائلة….
“اي ده يزن عندنا….عامل ايه ياحبيبي…”
مالت عليه تعانقه فبادلها العناق قائلا
بتخمين….
“الحمدلله يا رافي…انتي لسه جايه من
برا ولا إيه….”
اومات براسها وهي تقول بجذل….
“اه كنت في النادي….كان عندي اسكواش…بقالك فترة مش بتيجي النادي… المدرب سالني عنك..
مختفي فين كده…”
هرش يزن في ذقنه قائلا…..
“مشاغل بقا يارافي….بس قريب أكيد هرجع
تاني…”
اومات له رفيدة بمحبة…وعادت بعيناها الى
أختها قائلة…..
“مش هتصدقي يالهام شوفت إيه النهارده….”
سالتها الهام بعدم ارتياح….
“خبر حلو ولا وحش…”
قالت رفيدة بحنق….
“خبر زي الزفت عن اللي اسمها شهد دي…”
سالتها الهام على مضض….
“ممم.. وفي جديد عنها بقا…عرفتي إيه….”
“شوفي ده…..”اعطاتها رفيدة هاتفها لترى
الهام صورة شهد على أحد المواقع الأمريكية
المعروفة…
اتسعت عينا إلهام…فنهض يزن بفضولا ووقف
خلف امه ليرى صورة شهد أمامه فبدأ بقراءة
الخبر بعينين مندهشتان….
تابعت رفيدة بحقد وهي تقول بصفاقة…
“شوفت الخبر بصدفة…معقولة واحده جربوعة
زي دي تتقبل في مسابقة عالمية…لا وكمان توصل للنهائيات شوفي كاتبين الخبر على موقع المسابقة..
والحلقة اللي اتصورت نزلت من شوية…”
كانا الأم وابنها في حالة ذهول وهم ينظروا
للصورة بينما اضافت رفيدة بنفسٍ حاقدة
“لو تشوفي الدجة اللي على السوشيال ميديا دي بقت تريند لمجرد انها مصرية قدرت تحجز كرسي
في النهائيات…وسط خمس متسابقين محترفين.. ”
سالها يزن فجأة….
“هي المسابقة دي فين يارفيدة….”
اجابته رفيدة بهدوء….
“في امريكا يايزن….بس مش محددين
موقعها بظبط….”
ارتفع حاجبه بصدمة…”يعني شهد سفرت؟!….”
اومات رفيدة برأسها….
“ايوا سفرت من ورا عاصم…..هما لسه مطلقوش
مش كده….”
اجابها بايجاز….. “لا لسه….”
ابتسمت رفيدة قائلة بلؤم….
“يبقا لازم يعجل بطلاق لما يعرف انها سفرت من وراه لا وكمان مستمرة في المسابقة من غير ما
تبلغه… بذمتك مش خبر زي ده يستحق انه
يطلقها….”
ضاق صدره بغيظٍ منهن فكانه يحيا في مؤمراة
ليس لها نهاية…وكلها لأجل الثروة واسم العائلة
اجابها بقنوط…..
“معرفش إحنا ملناش دعوة بيهم….”
تدخلت الهام بشراسة….
“انت ملكش دعوة….لكن رفيدة ليها كل الحق
ترجع حقها من تاني….”
نظرت الى اختها وقالت بأمر….
“الخبر ده لازم يوصل لعاصم يا رافي لازم…يعرف
انها بعملتها دي صغرته اوي قصدنا وقصاد العيلة..”
اومات رفيدة براسها قائلة بابتسامة
متشفية….
“دا أكيد….انتي ناسيه هو طلقني ليه عشان بس عملت إعلان مدته دقايق في استوديو قريب من
هنا….ياترى بقا هيتصرف إزاي معاها بعد ما سفرت
اخر الدنيا تشارك في مسابقة عالمية متشافه
للعالم كله….واسمها وصورها حاليا بقوا على
الميديا زي الرز…. دا غير البرنامج اللي بيتذاع
على المواقع أول بأول…..”
قالت الهام بعدم إهتمام….
“كل ده لصالحنا….يعني حتى لو كسبت المسابقة….مش هتيجي قد ثروة عيلة الصاوي…
مكسبها مش هيبقا زي عاصم الصاوي…”
زفر يزن بعصبية وهو يقول…..”انا ماشي….”
استدار يزن مبتعد عنهن وعن المؤامرات الحمقاء التي تثير اعصابة…..
هتفت الهام من خلف ظهره…
“ماشي رايح فين…. مش هتتغدى معانا….”
“شبعت…”قالها دون النظر اليها ثم صفق باب
الشقة خلفه…..
سالتها رفيدة بحيرة….
“هو ماله يزن يالهام…متغير اوي بقاله فترة….”
زمت الهام شفتيها بقنوط….
“مش عارفه يارفيدة…بس لو يزن فضل على الحال ده…هخسره زي ما خسرت مسعد…..”
رفعت عيناها للأمام قائلة بسوداوية…
“بنت عثمان وكريمة هي اللي دمرتني…وضيعت كل حاجة من ايدي…حتى ابني مسلمش من ايديها..”
…………………………………………………………..
ترجلت رفيدة من سيارتها الفخمة في قلب شارع الصاوي مباشرة أمام محل الصاغة الكبير….
بهيئة مبالغة دلفت الى الداخل تقرع الأرض بحذائها
العالٍ بخيلاء تسير وكأنها وطأة بقدماها مكانها….
عند دخولها رأت يزن يقف مع أحد الزبائن ويعرض
عليها مجموعة من المصوغات كي تختار منها…
كان جاد وراقي في التعامل وكأنه ينوم الزبونة
مغناطيسيّن مقنعها بالبضائع….التي نالت إعجاب
رفيدة فور رؤيتها رغم انها ليست مولعة بالذهب
بل ان الالماس غايتها دومًا……
شم يزن عطر انثوي جديد دخيلا في المكان فرفع
عيناه ليرى خالته أمامه تفف بكامل اناقتها وبعناية
فائقة الجمال ترتدي طاقم كلاسيكي بتنورة قصيرة
تكشف عن نصف ساقيها…..تاركه شعرها الكستاني حرًا على ظهرها…وكالعاده تضع افخم منتجات تجميلية باهظة لزينة وجهها…..
ابتسمت له رفيدة ملوحة بيدها برقة كي يفوق
من صدمة وجودها هنا…وفي الصباح الباكر ايضًا
فهو لم يراها منذ ان التقى بها آخر مرة في شقة والدته….
وبعد الحوار الذي دار عن مؤامرة جديدة لافساد
علاقة عاصم بزوجته والتي بالكاد أصبحت اضعف
من خصلة شعرٍ لبترها نهائيًا ؟!!…
سحب نفسًا خشنًا كاظم غيظة وهو يشير لأحد العمال ان يتولى مهمة البيع للسيدة…
أقترب من رفيدة سائلا بمرح طفيف…
“اي المفاجاة الحلوة دي يارافي….جايه تشتري
حاجة من هنا ولا إيه….”
قالت رفيدة بعجرفة….
“مكنتش مصدقة الهام لما قالتلي انك سبت الطب
وبقيت بتشتغل صايغ في شارع الصاوي…”
رد يزن بصبر وهدوء….
“مين قالك اني سبت الطب…انا لسه بدرس وبحضر الحمدلله محاضراتي أحسن من الأول كمان…وانا هنا
شغال في مالي….في كار ابويا وجدي….”
هزت راسها بعدم اهتمام سائلة وهي تلتفت
حولها…. “مفهوم مفهوم…. هو عاصم هنا….”
اشار بعيناه للطابق العلوي حيثُ المكتب… “فوق….”
“طب انا هطلع له….”قالتها رفيدة تنوي صعود
السلم المزخرف الفخم….لكن منعها يزن قائلا
بحزم…..
“مش لما ابلغه الأول انك هنا….”
اغتاظت رفيدة منه فقالت من بين أسنانها…
“بلاش تتعب نفسك….انا مكلماه في التلفون من
قبلها وعارف اني جايه….”
تسأل يزن باستنكار….
“بس انا بقا معرفش انتي جايه هنا ليه….”
قالت ببرود….”شغل….هكون جايه لي يعني…”
التوى ثغره متبرمًا….
“افتكرتك جايه تبلغيه بالمسابقة وسفر شهد
من وراه…”
لوت رفيدة فمها ببسمة صفراء وهي تنهي
النقاش معه بجفاء….
“انا من رأيي تروح تكمل شغلك يايزن….وتسبني
مني لعاصم….ولا هو عينك محامي وانا معرفش..”
خطت بحذائها العالٍ درج السلم تاركه رنة مستفزة
من خلفها تحكي عن سواد نفسها وعنجهيةٍ فارغة لأمراة تافهة تريد ان تبني حياتها على خراب
غيرها….
الم يكن يفكر مثلها قبل أشهر ؟!!…
والآن ماذا يعض على اصابع الندم….فقد أفسد
علاقة زوجية رائعة وفرق الأحبة وخسر أخًا لن تعوضه السنوات ابدًا….أخًا بات ينظر الى وجهه مضطر وعلى مضض يتحدث إليه !!..
زفر يزن بوجوم وهو يعود ادراجه الى الزبائن
والعمل لعل العمل في هذا المكان يريح نفسه
كما يرتاح عندما يصلي الى الله ويبكي مستغفرًا….
“هاي ياعاصم….اي الأخبار…”
رفع عاصم عيناه عن الملفات بعد ان علم بهوية الصوت….
راى رفيدة أمامه…كما هي دومًا أمرأه كاملة الانوثة
جميلة مستفزة بجرأة عينيها وملابسها العصرية العارية…
أشار لها عاصم بالجلوس مقتضبًا…مقابلها بسلام
بارد كنظرة عيناه القاتمة لها….
“أهلا يارفيدة……نورتي الصاغة…”
جلست رفيدة على المقعد وهي تقول
بتملق….
“الصاغة منورة بيك…مع انها مش مقامك
خالص ياعاصم….”
سالها عاصم بملامح جافية….
“خير يارفيدة…قولتي انك عايزة تكلميني
في الشغل…..”
زمت رفيدة شفتيها وهي تقول على مضض….
“بصراحة انا عندي إعلان هيتصور قريب ومحتاجاك
تعملي طقم الماظ بموصفات معينة…..”
فتح عاصم الدرج واخرج ألبوم صور….قائلا
باقتضاب….
“دي عينة من الاطقم اللي عملتها قبل كده…شوفي
اللي انتي عيزاه ولو في حاجة عجباكي وعايزة
تعدلي فيها تمام….”
مسكت الالبوم وبدأت تشاهد أطقم المجوهرات
المختلفة الاشكال والالوان….قائلة باعجاب
وتودد….
“التصاميم تجنن…. فنان من يومك….”
رفع عاصم سماعة الهاتف يأمر العامل في
الأسفل….
“ابعت يابني فنجان القهوة بتاعي…وواحد
عصير برتقان فرش….”أغلق الهاتف ونظر الى
رفيدة….
التي استقبلت نظراته بظفر مغوي قائلة….
“لسه فاكر العصير اللي بحب اشربه…واضح انك
منستش اي حاجة تخصني….”
رمقها عاصم بعينا صقرية مهيبة قاطع
احلامها….
“ركزي كويس في التصاميم يارفيدة…واختاري
اللي يليق عليكي…”
قالت بلهفة وتملق….
“انا مفيش حاجة تليق عليا غيرك ياعاصم…”
تافف عاصم قائلا بنبرة خطرة مهيبة…..
“رفيدة…دا مكان اكل عيش….وملوش لازمه خالص الكلام ده….عشان دا لا هيقدم ولا هيأخر حاجة بينا…. حكايتنا انتهت بقالها أكتر من سنتين وانا
راجل متجوز حاليًا..”
أوغر صدرها بالضغينة….
“بس انا بقا سمعت انك هطلق….”
أجابها بنبرة هادئة….بحروف مشتدة….
“اللي بلغك غلطان…. انا مقدرش افرط في
شهد مهما حصل….”
لمعة عينا رفيدة بالكراهية….
“بس هي فرطت فيك لما قبلت تسافر من وراك
وتشارك في مسابقة زي دي….”
انعقد حاجبا عاصم بعدم
فهم….
“سفر اي ومسابقة إيه ؟!!…”
سال الرضا بين عروقها كماء أثلج صدرها وهي ترى
دهشته التي من خلفها عاصفة خطرة تنتظر فقط
نسمة هواء حتى تثور وتأخذ الأخضر واليابس
معها….
“اي ده انت متعرفش….انا مكنتش اقصد اوقع بينكم….انا كنت فكراك عارف… وان ده سبب
الخلاف اللي هطلقها عشانه… ”
طحن عاصم على ضروسه يزأر عليها بنفاذ
صبر…..
“رفيدة ادخلي في الموضوع اللي جيتي عشانه
وبلاش لف ودوران انتي عرفاني….”
ازدردت رفيدة ريقها وهي تراه تحول فجاة من
عاصم الصاوي الهادئ الرزين الى رجلا وحشي
مجرم ينتظر الفرصة المناسبة لكسر عنقها….
تماسكت بقدر المستطاع وهي تقول بجسارة
متشفية به…..
“والله الاجابات كلها على موقع(×××)هتلاقي اسم
مراتك وصورتها وسط مشتركين اجانب بيشاركوا
في مسابقة عالمية إسمها (××××)مراتك انضمت
للمسابقة من شهر فات ومش بس كده دي كسبت
جولتين في المسابقة وفاضل لها جولة أخيرة
ويعلنوا اسم الفائز…..”
بدت عينا عاصم تتسعان مشتعلتان كجذوتان
من لهب وهو مزال يستوعب كل حرف تنطق به…
وقد تشنجت ملامحه واربد غضبًا أسود
وهو يسمعها تتابع بلؤم داسه السم
بالعسل….
“ممكن تكسب وممكن لا….بس حتى لو خسرت
هي كدا كده كسبت شهرة واسم بعد الشهر اللي قضته في المسابقة….أفتح صفحات (×××××)
أخبار المشاهير وتريندات هتلاقي اسمها وصورتها
من ضمنهم..اللي بيتغزل في جمالها واللي معجب بمثابرتها ونجاحها في المسابقة قصاد أشهر الطباخين…..”
تطاير الشر من وجهه وعيناه….وصدره يضيق
من شدة الغضب والغيرة….فقالت رفيدة
بمراوغة الثعالب….
“انا مستغربة إزاي ولمدة شهر كامل متعرفش
حاجة عنها….ولا هي كمان بلغتك دا واضح
انها مشكلة كبيرة أوي….”
بملامح صخرية القى عاصم نظرة تشع قتامه
مخيفه عليها مما جعل رفيدة تتراجع ناهضة من مكانها فقد انهت المهمة التي اتت من أجلها…
ستتركه الان ينفث عن غضبه على أحدهما…تاركه المعبد ينهار فوق الجميع طالما هي تقف عند خط
الامان….
“عمتًا انا همشي دلوقتي وأكيد هنتكلم تاني في الشغل اللي هيبقا بينا….باي ياعاصم….”
خطت مبتعدة عنه….بينما بدا يتفصح الهاتف عبر
المواقع التي ذكرتها…وقد تأكد بالفعل انها خارج
البلد منذ شهر تقريبًا مشاركة في مسابقة معروفة على حد قول المواقع انها عالمية وهذا الموسم
الثاني لها….
وهجت حدقتاه بنيران السعير…
قد تركت كل شيءٍ خلفها وذهبت الى حلمها اللعين….دون ان تخبره…مستهينة بوجوده في
حياتها متعمدة اهانة رجولته بالتجاهل…
وليست المرة الأول التي توصل له رسالة صريحة
انه لا يعنيها قط….بانه لاشيء بنسبة لها…
كيف سولت لها نفسها ان تاخذ تلك الخطوة دون علمه….. ومع من سافرت وحدها…. ومن شجعها
على تلك الخطوة الغبية…
ازداد الغضب داخله أضعاف…قد ظنت ان السكوت
ضعف مجبر هو عليه…لكن من الان وصاعدًا سيريها كيف يجبر الانسان على أمر لا يُطاق ؟!!…
……………………………………………………………
في المساء كان جالسًا في الشرفة يشاهد عبر هاتفه آخر حلقة تم عرضها عن تلك المسابقة التي أصبحت
حديث كل من يهتم بفنون الطهي..ومن يفتخر بنماذج
مصرية تشتهر خارج حدود الوطن….
انتفخت اوداجه بالغضب مربد الوجه وهو يقراء تعليقات الغزل الموجهة الى زوجته وصورها المنشورة في كل مكان هنا وهناك معروضة
للعلن…
هل هذا هو الحلم التي كانت تتمناه شهرة واسعة وصور متناثرة هنا وهناك….بعضها من نفوس مريضة…واخرى هائمة بجمالها الأخذ….
أعلم انك سيدة حسنًا وجمالًا لكنك ملكي انا
انا وحدي من يحق له رؤية حسنك والتغزل
به….كيف يناديكِ الجميع بهذا اللقب وينظروا
الى عيناكِ ويقولوا بها أشعار….وانتِ على دراية
كاملة بان لا شعرٍ يعلو فوق شعر عاشق متيمًا
بكِ….
تشقي قلبي بعشقك….تشقي كبريائي بسرعة
نسيانك لي !!….
أجرى اتصالا عبر الإنترنت بها…..فور ان رآها
متصلة منذ دقيقتين…..
ضاقت عيناه بقسوة وهو يراها تجيبه بصوتٍ
كسول متعب….
(ايوا ياحمزة…)
لوهلة قد تعجب من ردها السريع عليه لكنه الان
تأكد انها لم تلاحظ اسمه لذا ردت بسرعة
البرق ظنًا منها انه اخيها….
قال عاصم بصوتٍ خشن…..
“لا مش حمزة يامدام…فوقي من نومك اللي بيكلمك جوزك عاصم الصاوي…شكلك نسيتي انك متجوزة
أصلا…ماهو لو حطاها في اعتبارك…هتعملي معايا
كدا ليه ؟!!…..”
شحب وجه شهد وهي تبتلع ريقها ثم استوت في نومتها جالسة على الفراش تاخذ انفاسها مضطربة
ونبضها يلعو بوجع ايقاعه منقوش بأسم الحبيب
وبرغم نبرة صوته المتجهمة الغليظة ارتجف
قلبها شوقًا إليه….اشتاقت إليه وكل يوم يعذبها ضميرها لعدم معرفته بالخطة الحالية…
لكن هو من قصها من حياته وكانها لم تكن
لماذا يلومها ويصب جم غضبه عليها الان
فهو من أخبرها في آخر لقاء بينهما انه يكرهها…واستبد بكونها ستظل زوجته
شاءت هذا ام ابت لن يتغير الوضع…
انهُ ارهقها وفاض فؤادها بالوجع…جعلها كجثة
من بعده منفطرة القلب فاقدة مذاق الحياة انها
تبغض هذه الحالة….حالة ان يكون الحب أولًا
مضنية للروح والقلب وكأن المرء يموت وهو
حيًا ويحيا وهو ميتًا !!..
اهذا هو الحب…ان ندور جميعًا في حلقة
مغلقة قاتمة تقتل عزمنا وتزيد شقاء قلوبنا
عند الهجر…..
ولكل بداية جميلة مولعة بالحب نهاية تعيسة
مشتعلة بالعتاب….
(عاصم……)
هذا كل ما نطقت به وكأنها تشعل خاطرها باسمه لتجد كلماتٍ تدافع عن موقفها امام غضبه
الجارف…..
هدر عاصم بعينين مشتعلان كجذوتان
من لهب…
“عاصم؟!…لسه فاكرة عاصم.. فين عاصم من
حياتك يامدام…بعد ما سفرتي وشاركتي في المسابقة بتاعتك…فين عاصم اللي عرف بصدفة زي الغريب دا انتي حتى مفكرتيش تبلغيني بعد ما سفرتي…..”
لم يكن لسانها حليفها فظلت صامته خائفة
مترددة مجمدة الاطراف متخيلة براكين
الغضب التي ستندلع فور رجوعها للوطن
مجددًا…..
لم يُطق عاصم صبرًا فصاح بسؤال
جهوري…..
“انتي فين في بظبط…في اي حته….”
سالته بتردد…..(بتسأل ليه…)
أجاب بصوتٍ تردد صداه بهيمنة …
“بسيطة…عشان نرجع بلدنا…وابدا احسبك بقا
على القديم والجديد….”
قالت شهد بحنق….. (تقصد إيه بكلامك ده….)
شن عليها حرب ضارية بالقول الحاسم….
“اقصد انك هتطلعي من المطار على شقتنا…غصب
عن عينك وعين اللي يتشددلك….”
قالت بعنفوان رافعه وجهها الابي….
(بعينك….احنا هنطلق….انت مش قولت انك
بتكرهني تبقا تطلقني ونخلص….)
قال عاصم ببرود….
“ومين قالك ان انا بقا بتاع طلاق….”
قالت شهد باستنكار….
(انت بتضحك على مين…ما انت طلقت قبل كده
مش جديدة عليك…)
علا وجهه تعبير غريبًا وهو يقول…
“مش جديدة فعلا….. مانا ناوي ارجع لها برضو…..واخليكم انتوا الاتنين على ذمتي…..”
وكانه دب في قلبها نصلٍ حاد جعلها تنزف
بالوجع هاتفه بتمرد مستهجنة….
(انت بتحلم لو مفكر اني هوافق على القرف ده…)
أراد بسادية ايلامها فقال باستفزاز….
“القرف ده هيعجبك أوي….لما اتجوز التلاته
والرابعة…..الصبر جميل يامدام….”
هاجت منفعلة بغيرة….
(انت بتستفزني….انت متعرفش انا ليه
سفرت أصلا….)
التوى فمه بسخرية قاتمة….
“هيكون عشان إيه….فلوس وشهرة….مش دا
كان هدفك من زمان….من اول يوم شوفتك فيه…
وده اللي بترسمي عشان توصليله… ”
ترقرق الدموع في عيناها وهي تعترف بمرارة…
(كان….بس مبقاش هدفي…..انا سفرت عشان عثمان
الدسوقي ضغط عليا…ارفع عليك قضية واجرجرك في المحاكم….بتهمة انك ضربتني لحد ما حصلي اجهاض…..كان هيشتري ذمم الناس وشهادت
مضروبة ويقف قصادك في المحكمة….كانت بس واقفه على توكيل مني للمحامي عشان كده سفرت بعد ما جتلي فرصة السفر….انا مقدرتش اقف
قصاده…)
لم يتأثر بحديثها قط…يراها حجة واهيه فوالدها نفسه غير قادر على الوقوف أمامه وان فكر وسولت لهُ نفسه ستكون الهزيمة مُسطرة على جبينة…
قال عاصم باستهزاء مرير….
“كان ممكن تيجي وتحكيلي…ساعتها انا هتصرف
وهحميكي منه….بس انتي مش بتعرفي تعملي
حاجة غير انك تهربي وتكدبي….”
سالت دموعها على وجنتاها وهي تقول
باستسلام…
(احنا حياتنا بقت صعبة مع بعض….عشان
خاطري خلينا ننفصل وكفاية لحد كده….)
صاح عاصم بنبرة قاسية محتدة….
“لما اخد حقي منك….واطلع عليكي القديم
والجديد هبقا اطلقك…..انتي فين بظبط
ابعتيلي عنوانك…..”
رفضت شهد بعناد قائلة….
(لا مش هبعتلك حاجة…ومش هعرفك انا فين..
ومش هسافر ياعاصم غير لما أخلص المسابقة
ولما إرجع يحلها ربنا…)
عيل صبره منها فصاح بوحشية….
“كفاية لعب بقا… ولف ودوران وانطقي ياشـهـد….”
قالت شهد بصلابة مقررة….
(انا لا بلعب ولا بلف وبدور عليك…دي حياتي ومستقبلي وكفاية انك منعتني عنه زمان….ودلوقتي انا اللي بقولك هكمل….هكمل الطريق اللي قولت قبل كده عنه انه تافهه وملوش اي لازمة…..)
لفهما صمت مشتعلا بالغضب والانفاس العالية
بتحدي وعناد…..
قال عاصم بنبرة غريبة اربكتها بشدة….
“تمام كملي يعني هنهرب من بعض لحد امتى
يا أما هجيلك….ياما هتجيلي…..”
استسلام غريب اوقعها في ثقب أسود جعلها
تفكر مليًا فيما نطق به….فهو أكيد يدبر لأمر
ما…..
أغلق عاصم الهاتف في وجهها وهو يسب
ويلعن ضارب على سور الشرفة بقبضة يداه الفولاذية…
يشعر بالعجز بالغيرة وكبرياؤه يزأر في الزاوية
ببغض…..فلم يتبقى على الجولة النهائية إلا يومين فكيف سيوقف لمعان شهرتها كنجوم وهي تضوي كالبدر بين الجميع !!…
…………………………………………………………..
خرج حمزة من غرفة النوم وهو متأنق للذهاب للعمل
في المصنع ككل يوم يخرج صباحًا ويعود في المساء دون سلام أو حديث معها…..
حتى انه لا يأكل في البيت وكلما دعته للطعام يرفض
باقتضاب….مشيح بعسليتاه عنها… وكانه ينفر منها
“مش هتفطر….”
كالعادة دعته للطعام بعد ان اعدت فطور ملوكي
له…. فقال حمزة وهو يتجه الى باب الخروج
دون النظر اليها..
“مش هينفع….. متأخر…..”
قالت من خلفه بحنق بالغ….
“يعني ساعة الفطار متأخر وساعة الغدا مش
عايز…. وتقولي انا واكل قبل ما اجي…هو في
اي بظبط….”
توقف مكانه وهو يقول ببرود….
“والله السؤال ده تساليه لنفسك مش ليا….”
“استنى ياحمزة…”وقبل ان يتحرك وقفت
أمامه قائلة امام عيناه الشاخصة عليها..
“انا مش قادرة اعيش كده معاك….”
رد بنبرة صقيعية جمدتها….
“بكرة تتعودي زي مانا بدات اتعود على
العيشة دي….”
فغرت قمر شفتيها محتقنة الوجه….
“يعني انت عايزنا نفضل مع بعض كده…لا طيقين
بعض ولا قدرين نتكلم سوا….”
بملامح رصينة ونظرة باردة قال بفتور….
“انا لو عندي حاجة عايز اقولهالك…هقولها….وانتي
لو عندك حاجة انا مش ماسك لسانك اتكلمي….”
مدت يدها فجاة مداعبة زر قميصة وهي
تقول برقة….
“من بدري واقفه بحضر الفطار ده عشانك…
وفي الاخر تقولي مليش نفس…. ”
ثقلة انفاسه فجأة وهو ينظر الى شفتيها الوردية الهامسة باغواء ثم لبنيتاها المتسعتان بجمالًا
كحبتان من البُن المحمص الشهي….
بلع ريقه وهو يشيح عيناه عنها بصعوبة نازع
يدها عن موضع صدره……
“وانا قولتلك اني مش عايز أفطر…. كيان جايه
كمان شوية ابقوا افطروا سوا….انا متاخر.. ”
مسكت قمر ذراعه سائلة بتجهم…
“انت ملهوف كدا ليه على المصنع…. هو
المصنع ده في ستات…”
أجاب حمزة على مضض…
“في اتنين في الإدارة بتسألي ليه…”
وضعت يدها في خصرها محتدة بضجر…
“اه قولتلي… يبقا أكيد هتفطر مع واحده منهم….”
اجاب حمزة بنبرة خافته مقتضبة….
“هما بيعزموا فعلا من باب الذوق…بس انا
مبقاش ليا نفس للأكل ولا لأي حاجة تانيه… ”
رفعت حاجبها مبهوته….
“معناها كبير أوي الجملة دي؟!!…”
هز راسه بلا مبالاة….
“افهميها زي ما تحبي انا ماشي…”
ابتعد عنها فاتح الباب امام عيناها ليرى كيان تقترب
من باب الشقة وعندما راته تهلل وجهها بالفرح
لرؤيته…
“ميزو…. انت ماشي ولا إيه… مش هنفطر سوا..
دا انا جيبالك الفلافل سُخنة….”
قبلها حمزة وهو يعتذر برفق….
“لا انا متأخر افطري مع قمر… هي محضرة
السفرة من بدري…..”
نظر لقمر التي رمقته بغيظٍ وغيرة بينما قالت
كيان بحنو….
“طب حتى أصبر اعملك سندوتش سريع…”
“مش جعان ياكيمو…. يلا سلام….”ربت على
كتفها خارج من باب الشقة فقالت كيان
بلهفة تذكره…..
“حمزة متنساش تتفرج على المسابقة….”
ابتسم لها قبل ان يستقل المصعد….
“مش محتاج تفكريني….يلا ادخلي..”
اغلقت كيان الباب واقتربت من قمر قائلة
ببشاشة…..
“عاملة اي ياقمر….اي الأخبار…. مالك شكلك
مضايق… وحمزة كمان انتوا متخانقين ولا
إيه ؟!..”
نزلت دموع قمر وهي تجلس على أقرب
مقعد أمامها….فاقتربت منها كيان بقلق
تسألها….
“بتعيطي ليه دلوقتي احكيلي بس..واهدي
يمكن نلاقي حل…”
بعد فترة طويلة من الحديث مسحت قمر عينيها
من الدموع ثم القت المنديل امامها على الطاولة
وسط كومة بيضاء من المناديل المتناثرة….
وزعت كيان عيناها الفيروزية بين كومة
المناديل البيضاء المستهلكة وقمر الجالسة
جوارها بكآبة وحزن….
فضربت كف بالاخر وهي تعقب
بغرابة…..
“بذمتك دا كلام… بقا تساعدي الحرباية
دي تخرب عليكي….”
قالت قمر بصوتٍ خافت واهٍ……
“المكالمة اللي بعتتها فورت دمي…مبقتش عارفة
أعمل إيه ياكيان….”
هتفت كيان بنبرة مشتدة المعاني….
“متعمليش حاجة انا اللي هعمل…اللي إسمها
نجلاء دي مش هتتلم غير لما تلقيني فوق دماغها
زي زمان أصل انا وهي من زمان مكنش فيه بينا عمار… ويامه اتعركنا وفرجنا الناس علينا…سواء بسبب حمزة او غيرتها من شهد هي وامها الحيزبونه…”
منعتها قمر بتردد…..
“لا بلاش تدخلي في الحوار… الموضوع انتهى…”
قالت كيان بنظرة ونبرة صارمة….
“منتهاش دي هتفضل تحوم حولين اخويا لحد
ما توقعوا في شر أعماله… دي خبيثة وكل اللي
يهمها دلوقتي ترجعه ليها من تاني….”
لوت كيان فمها بتبرم مضيفة…
“أمال طبعا احلو في عنيها بقا… بعد الشقة والمصنع…. هتعوز ايه أكتر من كده….”
نظرت قمر امامها مفكرة بوجوم…فلكزتها كيان
فجأة تقول بنبرة حازمة…..
“وانتي ياهانم خفي شوية على الواد….انا مش مصدقة انه لحد دلوقتي ملمسش شعره منك..
إيه قعدين مع بعض زي الأخوات….مش فاضيين
من كتر المشاكل اللي بينكم….”
ارتبكت قمر قائلة بحنق…..
“اخرسي ياكيان وبلاش تكلمي في الحاجات
دي احترمي نفسك….”
لكزتها كيان مجددًا هادرة بنفاذ صبر…
“احترم نفسي ؟!!…ياشيخة اتنيلي احترام إيه
ونيلت إيه….اللي زيك كان زمان بطنها مترين
لقدام….ماهو لو كُنتي خدتي النصايح من داليدا
مكنش ده بقا حالك..”
لكزتها قمر تلك المرة محتدة….
“بقول اتلمي يا كيان…واقفلي على السيرة دي…”
قالت كيان بسخرية مغتاظة منها….
“هو دا اللي انتي فالحه فيه أقفلي السيرة دي..
بلا وكسة وخيبة…. الواد الستات بتحوم حوليه
برا…. وانتي جوا مصدره الوش الخشب….”
جزت قمر على اسنانها مزمجرة…
“هو اللي مصدر ياختي الوش الخشب مش انا..”
هتفت كيان بدفاع….
“ماهو لو لاقي دلع ياحبيبتي هيدلع….”
زمت قمر ثغرها بتهكم….
“انا بتكلم معاكي ليه اصلا…هدافعي عني
يعني..لازم تقفي في صف أخوكي…”
خففت كيان من حدتها قائلة….
“انا واقفه في صفكم انتوا الاتنين وبنصحك لمصلحتك….”
على صوت قمر بضيق…
“أيوا يعني عايزاني أعمل إيه….”
قالت كيان بصلابة….
“اللي كان المفروض يحصل بينكم من
أول يوم جواز….”
التوى ثغر قمر باستخفاف….
“وهو ده الحل للمشكلة يعني…”
زفرت كيان وهو تقول بصبرٍ….
“دي بداية الحلول انكم تقربوا وتصفوا من
ناحية بعض….اسمعي مني…وسيبك خالص
من اللي اسمها نجلاء دي…. انا اللي هبعدها
عنكم….خالص….”
……………………………………………………………..
وقفت امام المرآة تهندم الزي الأبيض المخصص للطهي…. اليوم الاخير في المسابقة للجولة النهائية
تنهدت وهي تخفي الهلات السوداء أسفل عيناها
بأحد الكريمات…. يومين كاملين تعيش الصراع
ليلًا ونهارًا بعد مكالمته الاخيرة لها وتهديده
الصريح…..
يشتعل صدرها بالغيرة كلما فكرة بانه على تواصل
مع تلك المرأة….تثور كالبركان عندما تعيد حديثه
عن رغبته في العودة اليها متزوجها هي وإثنين آخرين….
“ليه نفس يحب وياتجوز المعلم…”
قالتها بتبرم وهي تلعن قلبها المنفطر عليه وهو
الذي يفكر في اللهو مع ثلاثة نساء غيرها…..
بدات تمشط شعرها وعسليتاها غائمتان بالحزن والفقد..شهر كامل تعاني من الوحدة والارق من
كثرة المعافرة والتخطيط فكريًا وعمليًا للفوز…
حتى انها تعاني من العنصرية هنا…خصوصًا
المتسابقين معها نظراتهم وحديثهم يكشف
عن الكراهية والبغض لها…
فلم يروق لأحد شهرتها على الميديا ونجاحها جولتان كاملتان أمام أكثر الطهاة احتراف في فنون الطهي..
تنهدت باستياء فإن خسرت الجولة النهائية لن يكون
لفوزها السابق اي معنى..مجرد شهرة قصيرة الامد
طرق على الباب فسمحت للطارق بالدخول فقد
انتهت من ارتداء ملابسها وعلى وشك الخروج
الى مقر المسابقة….
دلف طارق اليها بحلة رسمية فخمة قائلا
بملامح بشوشة….
“صباح الخير ياصديقة الطفولة….”
استدارت اليه مبتسمة مجيبة…
“صباح النور ياطارق….بقالك يومين مختفي
كنت فين….”
اردف طارق وهو يجلس على حافة
الفراش…..
“كان عندي شغل واجتماعات مهمة….بس انا
معاكي النهاردة….جاهزة للجولة الأخيرة…”
زمت شفتيها بملامح محبطه….
“بصراحة لا….بس هحاول أكون جاهزة….
على قد ما اقدر….”
قطب طارق جبينة بتساؤل…
“مالك ياشهد…… شكلك مش عاجبني….”
قالت شهد بارتباك….
“متوترة شوية خايفة مكنش قدها….”
تحدث طارق بجدية وتحفز…..
“انتي قدها وقدود….الكل مبقاش ليه سيرة غير
شهد عثمان الدسوقي….البنت المصرية اللي
بتشارك في مسابقة طبخ عالمية…”
ابعدت وجهها عن مجال عيناه معترفة
بقنوط….
“الحقيقة ياطارق….انا بقيت مضغوطة اكتر من
الأول بسبب الشهرة دي….لدرجة انها عملت لي
مشاكل مع عاصم….”
رفع حاجبه مندهشًا ليقول بعد فترة بحنق….
“اه قولتيلي عاصم….طب واي المشكلة مانتوا كده كدا هتطلقوا ولا انتي غيرتي رأيك…”
ارتبكت وهي توليه ظهرها….
“أكيد مغيرتش رايي بس….بس انا….”
قال طارق بصعوبة وجفاء….
“بتحبيه….عينك بتلمع اوي مسافة ما تيجي
سيرته في اي حوار بينا….”
لم تقدر على اخفاء لوعة قلبها وهي
تؤكد….
“أكيد لسه بحبه يعني…دا كان أول حب
في حياتي….”
بنبرة غريبة قال طارق وهو ينظر الى
ظهرها…
“اديكي قولتي كان…انا من رأيي تركزي في حياتك
ومستقبلك الجاي… وتنهي اي علاقة ممكن ترجعك خطوة لورا…..دا رايي….”
احنت شهد راسها بهزيمةٌ مفكرة مليًا في
الأمر….
فقال طارق بنبرة واجمة….
“اللي بيحب بجد ياشهد لازم يحترم حلمك شغلك….كيانك….ويقبل بيكي كأنسانة مستقرة
حُرة….مش مجرد تحفة فنية في بيته….”
ادارة شهد وجهها اليه بعينين ذاهلتين…
“واضح انك عرفت تفاصيل عني انا مقولتهاش؟!!…”
رد طارق بهدوء متزن…
“مش محتاجة تقوليها انا مسافة ما شوفته وعرفت
هو بيشتغل إيه بظبط…فهمت دماغه كويس..”
رمقته شهد بجدية قائلة بدفاع….
“بس عاصم مش وحش ياطارق…الفكرة بس
ان كل واحد ليه تفكير مختلف عن التاني…هو
شايف كده بحكم المكان اللي اتربى وعاش فيه….وانت ياسكندر شايف كده بحكم
عشتك هنا….”
قال طارق بوجهٍ عابس……
“في النهاية مش هتقدري تغيريه…نصيحة مني
الطلاق هو الحل الأمثل ليكم….”
تبادلت معه النظرات مبهوتة الملامح…حتى قالت
شهد له دون تعبير….
“احنا لازم نتحرك دلوقتي….عشان نلحق المسابقة
ولا انت عايزني أخسر….”
نهض من مكانة قائلا بتودد….
“خسارة إيه…السيزون ده بتاعك….اتفضلي قدامي
السواق مستنينا تحت….”
………………………………………………………
بدت مرتبكة قليلا بين الجمع المتواجد في مقر
المسابقة من مصورين ترصد بالعدسات المكان
من حولها….الى طاولة الحكام الأجانب الذين
بانتظار نتيجة مبهرة أكثر منها مرضية !…
يريدون مشاهدة جولة نهائية أشبه بحرب شعواء
مشتعلة….النكهات تدافع كالجنود بجسارة في
حرب المعركة….
ومن ناحية اخرى يقف خمسة مشتركين يدرسوا
قواعد الجولة الأخيرة والاطباق التي يجب اعدادها بتقنيات محترفة وإنجازها في وقتٍ ضيق….دون تهاون او تخاذل…فالغلطة الصغيرة تعني نهاية جسيمة !….
سحبت نفسًا مضطرب وهي تحسم أمرها بان تعد
اطباق من التراث المصري مضيفة بها بعض اللمسات
التي تجعل مذاق الطعام أشهى من المعتاد….
وهذا سيكون تنفيذة سهلا فهي لديها خبرة
واسعة في هذا المجال..
وبما انها ابنة البحر وعاشقة للاجواء الساحلية
قررت ان تطهو شيءٍ قريبًا من قلبها….
حانت منها نظرة على طارق فابتسم لها مشجع وهو
يقف عند أحد الزواية يتابع العرض الجبار الذي سيبدأ بعد ثواني…..ثلاثة….اثنان….واحد….
تحولت ساحة الطهي الى ساحة معركة بمعنى
الكلمة…. الكل يعمل بلا توقف محاول إنجاز
الاطباق المطلوبة في الوقت المحدد….
كانت هناك كوارث في ساحة الطهي من ينسى
الإناء على النار فيحترق كليًا.. ومن يهدر الوقت
في إعداد وصفة إتمامها يحتاج أضعاف هذا الوقت
ومن يبالغ في اعداد الاطباق على أمل ان يصل
للقمة بها وهو للأسف ينزلق دون ان يدرك…
أحيانا رغم اكتساب الخبرات الواسعة..والمهارة
فيما اعتدنا صنعه…يقيدنا الوقت وتوترنا الصغوطات والتفكير في النهاية…فتكن الغلطة الصغيرة بمثابة
نقطة رجوع للبداية !!….
عكسها هي بدت تعمل بتركيز وهدوء….مثلجة صدرها
رغم الاضطراب المستتر…جعلت مساحتها باردة عكس ما يحدث خارج حدود دائرتها….
بذكاء جعلت الحرب ضد نفسها وليس مع أحد من المشتركين…فإن كان التحدي بين ذاتك فالفوز
مرهون بنتائجك انت وليست نتائج من حولك !!…
آخر دقائق وتنتهي المسابقة ويتم الإعلان عن
الفائز بعد تذوق الحكام واعطاء الآراء….
بدت تزين الاطباق بشكلا عصري ودقة فنان
وكأنها ترسم لوحة فنية ثم عند الانتهاء و قبل ثوان رفعت عسليتاها على المشتركين لترى البعض يعلو وجهه الاحباط والحزن والآخر يبتسم بسعادة منتصر…والبعض راضي عن ما قدم… وآخر
متردد في إرسال الاطباق للحكام…..
لكن فات وقت التردد قد اتت الاشخاص المخصصون
لأخذ الاطباق ووضعها عند طاولة الحكام للتذوق..
حينها زفرت شهد بتعب للمرة الأخيرة…فاما ان
تجد نتيجة تعبها أو اللاشيء كما اعتادت من الحياة…السعي دون مقابل ؟!…
مرت الدقائق بطيئة متعبة للاعصاب…على جميع
الطهاة وهي معهم….تقف تنتظر نهاية الحلم…
مر شريط حلمها امام عينيها كفيلم سينمائي متقطع
من بداية حبها للطهي وتغيير نمط بعض الاطباق
بإضافة لمستها…الى التعمق والعشق في هذا المجال
حتى أصبحت دراستها عنه…وعند التخرج أحبت
ان توسع مجالها عبر الانترنت بتوصيل الطلبات
وعندما وجدت استحسان وآراء جيدة من البعض بدأت تفكر في فتح مطعم باسمها….
وتتولى الأحداث بخسارة بعد خسارة وصدمة
خلف الاخرى….حتى بتر الحلم بيدها محاولة
نسيان ما كانت تود الوصول إليه…
لكن الحياة أرادت ان تعطيها فرصة أخيرة فاستغلتها
كطفلة تائها وجدت عائلتها في الزحام…فتشبثت بهما
باكية تريد العودة للبيت….. تريد الأمن….
ياتي الحلم ليحيا بنا ومعنا مثابر الى النهاية…ثم
ينتهي الحلم الجميل بعد ان نرتدي ثوب النجاح
مبتسمين ملوحين له بالوداع….
نُطق إسمها فجأة فرن في أذان الجميع قبلها
فمنهم من اتسعت عيناه بصدمة مستنكرًا
فوزها… ومنهم من صرخ بغضب فاغر الفم
جافل الملامح….
ام هي فنظرت حولها بغير استيعاب مبهوته…فالمكان تحول فجأة الى ساحة احتفال….والحكام اقتربوا منها يهنئوها بالمصافحة وكلمات مباركة لطيفة….
اقترب منها طارق كذلك قائلًا بملامح
منبسطة سعيد لأجلها…
“مبروك ياشهد…تستحقيها وبجدارة…”
سالته في غمرة الحيرة…..
“انا كسبت بجد…..بجد كسبتهم؟!!…”
ضحك وهو يوما براسه مشاكسًا…
“بطلي عقدة الخواجة دي بقا…مستقيلة
بنفسك ولا إيه…..”
لسعة الدموع حدقتاها
معقبة….
“لا….بس مش مصدقة…”
قال طارق بجذل فخور بها…..
“لازم تصدقي….انتي نجمة السيزون التاني لمسابقة
(××××) لازم تصدقي وتفرحي….حققتي خطوة مهمة
في حياتك…وفي حلمك… ”
ضحكت شهد ولمعة عينيها بالدموع وبوجه مشرق بالسعادة بدأت تطلع على الجميع محاولة تصديق
انها بالفعل فعلتها وفازت….ربحت المسابقة…
مما جعل (الحمدلله)أول كلمة تنطق بلسانها
بعد ان إدراك العقل فرحة النجاح…..
على الناحية الأخرى صاحت كيان وهي جالسة
جوار قمر وهما يشاهدا البرنامج على الهاتف
عبر الموقع الذي يذيعه الآن مباشرة…..
“شهد كسبت ياقمر….كسبت….”
تهللت اسارير قمر وهي تقول بفرحة…
“كانت فظيعة وسطهم…هادية كده وراسية….
وعارفه هي بتعمل إيه بظبط….”
اومات كيان براسها فخورة باختها الكبرى وما
حققته من إنجاز في حلمها….
على جانب الاخر كان يجلس حمزة خلف مكتبه
البسيط في قلب المصنع يشاهد سعادة أخته
ودهشتها بعد إعلان النتيجة….زفر باشتياق
اليها هامسًا بحزن….
“اديكي حققتي الحلم ياشهد…بس وانتي
بعيد عننا…”
في مكان آخر كان يمسك عثمان الهاتف
بملامح متصلبة متجهمة وهو يرى ابنته
تلمع كنجمة ساطعة بين الجميع….الكل
يتهاتف للتصوير معها والمباركة لها…
فخورين بكونها أمرأه عربية اجتازت تجربة فريدة
من نوعها أمام جمع كبير من الطهاة مختلف الجنسيات الغربية….
رن في اذانه حوار كالناقوس جمع بينهما يومًا
كان حينها يقلل من شأنها ومن طموحها في هذا
المجال الذي كان يرى حدوده تنتهي في مطبخ
زوجها ليس إلا ! ….
قال بصوتٍ جهوري قاسٍ….
(وانتي فاكرة انك هتعرفي تحققي حاجة بنفسك واحده زيك آخرها تتجوز وتربي عيالها..والطبيخ
اللي فكراه هيوصلك للعالمية نهايته معاكي في مطبخ بيتك….كفاية عبط……وهبل…. انتي
مش هتعرفي تحققي حاجة بنفسك فوقي….)
هدم ذاتها وقتها فقالت بصوتٍ يتجرع مرارة
الحزن….
(لي مصمم تكسرني..ليه بتقلل من اي حاجة بحبها….المفروض انك أبويا…. المفروض
انك تدعمني تقف جمبي…. وتصدق حلمي…)
هدر وقتها بجمود ينهي النقاش اللعين…
(حلمك اهبل وتافه……. والشهادة والخبرة اللي بتكلميني عنها متوصلكيش لحاجة…. اخرتك
في مطبخ بيتك..)
أغلق عثمان الهاتف بعنف…وقد وعى على نفسه
قبل ان يقع في كبوة الندم !!…
……………….
بين الصحافة وعدسات التصوير كانت واقفة
يجاورها طارق بالوقوف معها يدعمها ويترجم
لها بعض الكلمات التي تتعثر بها من شدة
توترها بها…
كان قلبها يقرع بجنون وارتباك وهي تجيب على
هذا السؤال….وتتصور مع هذه….تحكي عن آخر
دقائق في المسابقه لحظة إعلان اسمها كفائزة
للموسم الثاني….تجربتها في المسابقة باكملها
هل اضافت لها شيءٍ….
تجاوب على الأسئلة بهدوء وبإبتسامة
رقيقة…. برعم الرقة الملكية يشع منها
ساحرة الجميع بحضورها…..
رفعت عيناها بلا أهداف مسبقة للأمام بين الاشخاص
المحاطه بها لتتسع عينيها فور رؤيته على بعد خطوات يقف بهيئة شامخة مهيبة أنيق يلمع من
شدة العناية بنفسه كما اعتادت ان تراه……
كان يشاهد ما يحدث بملامح جافية وعينين عاصفتين بهما ترى نهايتك الحتمية……وباي
حكاية مرعبة اوقعت نفسها ؟!!…
تشنج فكها وتعالت نبضاتها للسماء وهي تنظر الى طارق فبادلها الاخر النظرة بعدم فهم…حتى انتبه
الى خوفها والى ما تنظر….فرفع طارق حاجبيه جافلا للحظات حتى وجد عاصم يرسل له نظرة تكاد ان
تفتك به اربا….
بلع طارق ريقه بوجل متجاهلا عن عمد هذا المخلوق الغير ادمي في التعامل وحث شهد كذلك على تجاهل وجوده…..
لكنها لم تفعل فما داخلها ليس فقط خوف من ردة
فعله القادمة…هناك شوق أشعل قلبها بعد رؤيته
شيءٍ يناديه ان يقترب منها يشاركها فرحة
النجاح….
اشتاقت اليه بشدة….اشتاقت الى نفسها معه…
اشتاقت ان يضمها الى صدره بان يقبلها بحرارة
مناديها بسيدة الحُسن…..اشتاقت للحب معه
بعد قطيعة أشهر عنه…..
رأته يقترب منها بهالة الوسامة والشكيمة المشعة
منه وعيناه التي تحاصرها بهيمنة تكتسح فؤادها
بنظرة واحدة……
اختلج قلبها بين ضلوعها وانتفضت انتفاضة خفية
بعد ان وقف جوارها ورفع يده على حين غرة نحوها…
اغمضت جفنيها فجاة بقوة حابسة الانفاس
لبرهة بصدمة فهي تتوقع من تلك النظرات
النارية المتوعدة ردة فعلا غير آدميه منه..
اشتدت اعصابها أكثر عندما شعرت بكفه يحيط
عنقها من الخلف مقربها منه طابع شفتيه فوق
جبينها بقبلة دمغها بمشاعر عديدة عنيفة وهو
يقول لها بهمسًا شرس
“مبروك يامدام……”
فتحت عينيها اليه ليرى شمسان متوهجتان بجمالا
لحظة الغروب متشربتان بالخوف وهي ترمقه
بوجهٍ شاحب…
فسحبها عاصم من خصرها فجأة كالخطاف بذراع
واحده وامام عدسات التصوير التي ترصد المشهد ضمها الى صدره ومالى بالقرب من اذنها هامسًا
بتوعد عنيف…..
“اعرفي ان كل اللي عملتيه فيا كوم…وسفرك من ورايا ومع راجل غريب كوم تاني خالص…..”
ازدردت شهد ريقها بتخوف وهي تلفظ انفاسها بصعوبة على صدره….
بينما انسحب طارق من امامهما بضيق بعد ان رأى هذا العناق المتبادل… وتشبث شهد الملحوظ بزوجها
وكأنه الجزء المفقود في فرحة النجاح !!….
 

 رواية الحب اولا الفصل الثامن و الثلاثون 38 - بقلم دهب عطية
nada eid

تعليقات

تعليق واحد
إرسال تعليق
  • Tolin photo
    Tolin12 مايو 2024 في 6:43 م

    صحيح انا زعلانه من عاصم بس قدر يوقف جنب زوجتوا بالمرحلة النهائيه للمسابقه

    حذف التعليق
    google-playkhamsatmostaqltradent