رواية ولما قالوا دي صبيه الفصل الرابع 4
اللهم إني أستودعك بيت المقدس وأهل القدس وكل فلسطين. اللهم ارزق أهل فلسطين الثبات والنصر والتمكين، وبارك في إيمانهم وصبرهم. اللهم إنا نسألك باسمك القّهار أنْ تقهر من قهر إخواننا في فلسطين، ونسألك أن تنصرهم على القوم المجرمين.
اللهم اشف جريحهم، وتقبّل شهيدهم، وأطعم جائعهم، وانصرهم على عدوهم. اللهم أنزل السكينة عليهم، واربط على قلوبهم، وكن لهم مؤيدا ونصيرا وقائدا وظهيرا. سبحانك إنك على كل شيء قدير؛ فاكتب الفرج من عندك والطف بعبادك المؤمنين.
____________________
4
و لما قالوا دى صبية
الفصل الرابع
بعد مرور يومين ، قام نادر بمهاتفة فرح لابلاغها بتحديد موعد الفحوصات التى حددها منصور ، و اتفق معها على المرور عليها بعملها لاصطحابها معه الى المشفى
و عندما و صل اليها و استقلت معه سيارته قالت : انت دلوقتى لما تعمل الفحوصات تضمن منين ان منصور ما يعرفش ان انت اللى هتعملها مش انا
نادر : كل حاجة بتمشى بالفلوس
فرح : ايوة بس اسمك هيبقى موجود على الفحوصات
نادر : ماتشيليش هم الكلام ده ، انا هتصرف فى كل حاجة
فرح : و لما انت ممكن تتصرف ، ليه واخدنى معاك ، ما كنت تعمل الكلام ده لوحدك
نادر : انا ابويا مش اهبل ، و لو بصيتى وراكى ، هتلاقى عربية زرقا ماشية ورانا ، ابويا باعت اللى يأكدله ان انتى فعلا رايحة معايا المستشفى
لتلتفت فرح الى الخلف ، لتجد بالفعل سيارة تسير خلفهم فيقول نادر : ياريت تتعدلى عشان مايفهمش اننا خدنا بالنا ، و تقدرى تتابعيه من المراية اللى جنبك
لتلتفت فرح معتدلة بجلستها و هى تتابع تلك السيارة بعينيها و تقول : و ايه اللى مخليه يعمل كده
نادر : لانى قبل ما اجيلك عند حسن هددته انى هحكيلك على كل حاجة ، و طبعا بناءا على ماضيه معاكى كان متأكد انك لما تعرفى هترفضى ، فلما انا اروح اقول له فى نفس اليوم انك وافقتى ، رغم فرحته الا انه برضة ما ادانيش الامان على الاخر
فرح : طب ماهو معنى كده أنه ممكن يطب علينا فى اى لحظة
نادر : لا .. ماتقلقيش من الناحية دى ، اصل انا حطيتله العقدة فى المنشار
فرح : مش فاهمة … عملت ايه يعنى
نادر بسخرية : قلت له انك موافقة على الفحوصات و كمان العملية لو الفحوصات طلعت سليمة ، بس بشرط انه لا يحضر ده و لا ده
لتلمع عينا فرح باحساس بالنشوة و الانتصار على منصور و هى تقول : و وافق على الشرط ده
نادر : ما يقدرش يرفض ، ده عاوز يتعلق و لو بقشاية
فرح بفضول : طب و نبيل
نادر بتنهيدة حزينة : نبيل عارف احنا هنعمل ايه ، انا ما بعرفش اخبى عليه حاجة ، و لا هو كمان بيعرف يخبى عنى حاجة
فرح بصدق : ان شاء الله تطلع الفحوصات تمام ، و تعملوا العملية و يخف و يبقى زى الفل
نادر بامتنان : ايوة بالله عليكى ، كل ما ييجى على بالك ادعيلة
فرح : من ساعة ما اتعرفت عليك و حكيتلى الحقيقة و انا بدعيله … و بدعيلك انت كمان
نادر بعدم تصديق : بعد كل اللى حصل لك من بابا
فرح بتنهيدة : و انتو ذنبكم ايه ، بالعكس .. انا شايفة ان انتم كمان اتظلمتم بسببه ، ما تزعلش منى ..طريقة تربيته ضيعت مستقبلكم
نادر بحزن : و ازعل منك ليه ، انتى عندك حق ، بس فى الحكاية دى بالذات ، مش بابا بس اللى غلطان ، انا و نبيل كمان غلطنا
ماما كانت دايما تنصحنا اننا ناخد بالنا من مستقبلنا ، بس احنا استسهلنا ، و قررنا نرمى كل حاجة ورا ضهرنا و نتمتع بالدنيا و بس ، لكن لما حصل اللى حصل ، حسينا ان ربنا بيدينا اشارة اننا نشوف الحقيقة بعنينا ، و ان الدنيا دى مش دايمة لحد ، لا كبير و لا صغير
تعرفى انا و نبيل اتفقنا على ايه
فرح : على ايه
نادر : إن شاء الله لما نعمل العملية و يخف ، هنروح سوا نعمل عمرة و ندعى ربنا انه يسامحنا و يهدينا
فرح : ان شاء الله خير ، ربنا كريم
عند وصولهم الى المشفى لاحظت فرح ان السيارة الزرقاء المتتبعة لأثرهم قد توقفت على بعد منهم و ترجل منها شخص ما و هو مستمر فى مراقبتهم فقالت : طب هو ممكن يدخل ورانا
نادر و هو يتقدم منها : تعالى ندخل بس و ما تشغليش بالك … انا هتصرف
ليدلفا معا الى المشفى ، ليتجه بها نادر سريعا الى درجات السلم ليصعد بها الى الطابق التالى و يصطحبها بعد ذلك الى المصعد ليذهب الى المكان المخصص لعمل تلك الفحوصات ، و دلف الى الداخل بصحبة فرح ، فوجدته يختلى بالطبيب لبضع دقائق ثم يعود الى فرح قائلا .. كله تمام ، هتنتظرينى هنا و اللا هتيجى معايا
فرح : هاجى معاك
ليغادرا المشفى بعد ثلاث ساعات من الفحوصات الشاملة لنادر ليلمحوا قائد السيارة الزرقاء جالسا بالسيارة فى انتظار رؤيتهم ، ليقول نادر بتهكم : اهو لسه قاعد مكانه ، شكله خاف يروح يقول له اننا زوغنا منه
فرح : طب ياللا بينا عشان انت شكلك باين عليه الاجهاد
نادر و هو يدير السيارة : انا مابحبش جو المستشفيات اصلا
فرح : اومال بقى لما الفحوصات تطلع ان شاء الله و تبقى مطابقة هتقعد فى المستشفى ازاى
نادر : بس هى تطلع مظبوطة .. و بعد كده يحلها المولى ، انتى بس قولى يارب
فرح : يارب
نادر : انا عارف انى تقلت عليكى ، بس كنت عاوز اطلب منك طلب تانى
فرح : خير
نادر : لو ربنا كتبلى أنا و نبيل الخير و قمنا منها بالسلامة ، عاوز نبقى اخوات بجد
فرح بابتسامة : ان شاء الله تقوموا بالسلامة
عند وصول نادر الى المنزل ، كان منصور بانتظاره على جمر من النار ، و ما ان رآه حتى هب من مكانه قائلا بلهفة : ها طمننى .. عملت الفحوصات كلها
نادر : ماتقلقش ، كل الفحوصات اتعملت ، و مستنيين النتيجة
منصور بتفاؤل : عندى امل انها تطلع مطابقة
دولت بقلق : هى اختك صحيح موافقة على العملية يا نادر
ليقول نادر بتعاطف مع امه : ماتقلقيش يا ماما ، ان شاء الله الفحوصات تطلع مطابقة ، و ساعتها مافيش حاجة هتمنع العملية ان شاء الله ، و نبيل هيخف و هيبقى زى الفل
دولت بأمل : يارب يا ابنى يارب
و بعد ثلاثة ايام يقوم نادر بمهاتفة فرح مرة اخرى و هو يبكى بشدة و يقول : الفحوصات طلعت مطابقة يا فرح ، هنعمل العملية خلاص ، الدكتور حدد معادها بعد بكرة ان شاء الله
فرح بتأثر بمشاعر اخيها : ان شاء الله تقوموا بالسلامة
نادر : سامحينى يا فرح هتعبك ، لانى هحتاجلك معايا اليومين دول انتى و كامل ابن عمى ، انتو اللى هتساعدونى انكم تبعدوا بابا تماما على ما العملية تتم
فرح بفضول : عاوزنا نعمل ايه
نادر : هقول لك
………
كان منصور يجلس بصحبة نبيل بغرفته ، بينما كانت دولت تعد حقيبة نبيل ببعض المستلزمات التى سيحتاج اليها لدى مكوثه بالمشفى ليستمعوا الى رنين جرس الباب ، ثم يأتيهم نادر بعد دقائق مستدعيا اباه لملاقاة ابراهيم و كامل
ليذهب منصور الى الخارج لملاقاتهم بترحاب قائلا : اهلا يا ابراهيم .. نورت ، ثم قال ساخرا ، نورت يا دكتور ، اخيرا قررت تدخل بيت عمك
ابراهيم : ازيك يا منصور ، احنا جايين نتطمن على نبيل
ابراهيم : اهو خلاص بيجهز عشان هنروح على المستشفى بعد شوية ، عشان يبتدوا يحضروه للعملية
كامل : معلش يا عمى ، انا هوديه انا و نادر و بابا ، و هنفضل معاه لغاية العملية ما تتعمل و اما يخرج من اوضة العمليات بالسلامة ، يبقى حضرتك تقدر تجيله
ليهب منصور من مكانه منتفضا و هو يقول بغضب : ايه الهرى اللى ابنك بيهريه ده يا ابراهيم ، ده مين ده اللى هيمنعنى انى احضر عملية ابنى
كامل بهدوء : اللى اعرفه ان كان فى شرط من البداية و حضرتك وافقت عليه
منصور : هو عشان جاريتها فى التخاريف بتاعتها على ما تعمل الفحوصات هتفكر انها هتمشينى على كيفها
كامل : هى برضة كانت متوقعة كده ، و عشان كده هى مستنية منى تليفون و على اساسه هتحدد ان كانت تطلع على المستشفى و اللا تطلع على المؤتمر الطبى اللى معمول فى شرم
منصور بحدة : انت بتهددنى يا كامل
كامل ببرود : انا ما بهددش حد يا عمى ، انا مجرد بوصل رسالة بامانة شديدة ، زى ما هوصل لها الرد بنفس الامانة
نادر : هو يعنى يا بابا لو حضرتك روحت المستشفى هتدخل اوضة العمليات ، خليك هنا معزز مكرم و اول العملية ما تخلص هيجيلك تليفون تيجى على طول
ابراهيم : و انا مش هسيبه يا منصور ، هفضل معاه و جنبه انا و كامل ، ما تقلقش
ليأتيهم صوت دولت باكية : طب و انا كمان ما اروحش معاه
كامل بتعاطف : صدقينى هيبقى افضل لك
نادر : و بعدين ما انا كمان هبقى معاه و مش هسيبه لاخر لحظة ، ده انا حتى طلبت من الدكتور انى ابقى معاه فى اوضة العمليات و هو وافق
كان منصور ينظر اليهم جميعا بغضب كامن فى صدره و هو يدب بيديه على جانب مقعده بغل و قال : بقى كده يا بنت فاطمة ، بتنتقمى منى و بتربينى … فاكرة نفسك بتمسكينى من ايدى اللى بتوجعنى ، لكن معلش .. كله سلف و دين .. صبرك عليا بس لما العملية تخلص و اتطمن على ابنى
لينظر اليه كامل فى ازدراء و يقول : طب و الله كويس انك عارف ان كله سلف و دين يا عمى
ثم نظر الى نادر و قال : ياللا يا نادر .. هات اخوك و حصلونا على تحت ، هنروح المستشفى بعربيتى
و عندما ذهب الجميع ، جلست دولت باكية على بعدها عن ابنها فى تلك اللحظات الحاسمة ، و كانت تنظر لمنصور بحزن و هى تحمله من داخلها كل ما يحدث للجميع
اما منصور فكانت النيران تتآكل فى صدره و هو يزداد حقدا على فرح و ينتوى لها اشد العقاب
وصل الجميع الى المشفى و اصر نادر على ان يكون بغرفة منفصلة عن اخيه خوفا من ان يفاجئهم منصور بالحضور فى اى لحظة ، فمكث ابراهيم بصحبة نبيل بغرفته كمرافق له ، اما كامل .. فقد تواصل مع الطبيب الجراح الذى سيقوم باجراء العملية لمتابعة كل التفاصيل
و فى الصباح التالى .. وصلت فرح الى غرفة نبيل و دقت الباب ، و عندما سمعت الاذن بالدخول ، دلفت الى الداخل .. فوجدت نبيل فى ايدى بعض الممرضات و هن يجهزنه للعملية
اجل فقد ابلغوا منصور بموعد يلى الموعد الحقيقى باربع و عشرون ساعة ، و عندما شاهدته فرح ابتسمت و قالت : صباح الخير
ليلتفت اليها نبيل بوهن ، و لكنه ما ان رآها عرفها فقال بابتسامة : صباح الخير ، انتى الدكتورة فرح مش كده
لتقترب منه فرح بابتسامة قائلة : ايوة انا ، انا كنت فاكرة ان نادر بيبالغ لما وصف لى انت اد ايه وسيم
نبيل : نادر دايما عينيه حلوة ، و الظاهر انه طالع لك
فرح بمرح : لااا ، ده انت كمان لسانك حلو ، يبقى ليهم حق البنات يقعوا فيك
نبيل : خلاص بقى ، تبنا الى الله
فرح : ها … جاهز للعملية
نبيل : خايف اوى ، و كان نفسى اشوف نادر قبل العملية
فرح : ما تقلقش ، هتشوفه فى العمليات قبل التخدير
نبيل بابتسامة مرتعشة و عيناه تتلألأ بالدموع : طول عمرى اسمع عن اخواتى البنات ، بس عمرى ما جربت حنيتهم ، ممكن تحضنينى
لتنظر اليه فرح بصمت لبرهة ، ثم تتقدم منه و تقوم باحتضانه لتتفاجئ به و هو يضمها اليه بشدة و يبكى بنشيج قائلا : بالله عليكى لو حصل لى حاجة ، ابقى اسالى على ماما ، ماما مش وحشة ، بالعكس والله ، ماما طيبة اوى ، و عمرها ما وافقت بابا على اللى بيعمله
لتربت فرح على كتفيه و تقول : ايه اللى انت بتقوله ده ، انت هتقوم بالسلامة و هتخف و هتبقى زى الفل ، بلاش التشاؤم ده
لتبعده عن احضانها و تمد كف يدها لتمسح عبراته و تقول : كامل ابن عمك هيبقى معاكم فى اوضة العمليات ، و انا هستناكم برة مش هتحرك من مكانى قبل ما اتطمن عليكم ، ما تتأخروش عليا
ما ان اغلقت غرفة العمليات ابوابها ، حتى جلست فرح برهبة و هى تشعر بالخوف و ظلت تناجى ربها بنجاح العملية و ان يسلمهم و تطمئن عليهم ، لتشعر بيد تربت على كتفها ، و عندما وجدت عمها بجوارها ارتمت باحضانه باكية و هى تقول : طول عمرى مش مسامحاه فى اللى عمله فيا ، و النهاردة كرهى ليه زاد اكتر و اكتر عشان حرمنى من اخواتى طول السنين دى كلها ، ذنبنا ايه نتغرب عن بعض السنين دى كلها ، ذنبنا ايه يا عمى فهمنى
ابراهيم بحزن : ما لكمش ذنب يا بنتى ، اهدى انتى بس كده و تعالى نصلى و ندعيلهم ان ربنا يخرجهم لنا بالسلامة
احد عشر ساعة متواصلة ، استغرقتها العملية الجراحية كادت تودى بحياة نبيل اكثر من مرة لولا عناية الله ، حتى خرج كامل بصحبة الطبيب من غرفة العمليات ، لتسرع اليه فرح و رحمة و ندا و ازواجهم الذين انضموا لفرح و ابراهيم ، ليقول الطبيب باجهاد : العملية الحمدلله نجحت لكن دعواتكم الصادقة ان جسم نبيل يقبل الجزء اللى اتنقل له و مايعتبرهوش جزء غريب و يقاومه ، النتيجة الفعلية هتبان بعد اسبوع من دلوقتى ان شاء الله ان كان حصل تكيف و اللا لا ، و هيفضل فى الرعاية المركزة طول الاسبوع ده عشان يبقى تحت الملاحظة التامة
فرح : طب و نادر حالته ايه
الطبيب بتنهيدة : نادر اتنقل الاوضة بتاعته دلوقتى و هيفوق فى خلال كام ساعة ان شاء الله ، و هيبقى كويس ماتقلقوش ، بس خليكم فاكرين ، نادر مضى على تعهد ان العملية على مسئوليته بالكامل ، لانى ما اخبيش عليكم متوقع اللى ممكن منصور بيه يعمله لما يعرف الحقيقة ، لكن انا اضطريت اطاوع نادر على اللى حصل لانى كنت شايف حالة نبيل و هى بتدهور يوم عن التانى
ابراهيم : ما تقلقش يا دكتور ، هو اما يشوفه كويس قدامه ان شاء الله هينسى اى حاجة تانية
الطبيب : اتمنى ، بعد اذنكم
ليتركهم الطبيب مع كامل و ينصرف ليقول ابراهيم : ايه يا كامل ، ساكت يعنى ، فى حاجة و اللا ايه
كامل : ابدا يا بابا ، بس حبيت ادى مساحة للدكتور يشرحلكم الوضع كله
حسن : شكلك تعبت اوى برضة يا كامل ، انا بقول تروح تستريح ، و انت كمان يا بابا ، روح استريح طالما نبيل هيبقى فى الرعاية
ابراهيم : و اسيب نادر لوحده
فرح : ماتقلقش يا عمى ، روح حضرتك استريح و انا هفضل مع نادر مش هسيبه
ندا : خلاص احنا ممكن نبدل مع بعض
فرح : لا يا ندا روحوا انتوا عشان الولاد اللى سايبينهم من الصبح مع ماما دول ، انا ما وراييش حاجة ، هبات مع نادر النهاردة ، على ما عمى يجيلى الصبح ان شاء الله عشان اروح الشغل
كامل منهيا الحوار : خلاص ، اعملوا زى ما فرح قالت ، و عموما انا كمان بايت هنا ، فماحدش يقلق
حسين : هتتعب يا كامل
كامل : يا ابنى انا اخدت على كده ، ياللا انتو بالسلامة
حسين : طب انا هروحهم و هجيبلكم اكل و اجيبهولكم
حسن : لا روح هات دلوقتى الاول و بعدين روح ، و انا هاخد ندا معانا على مانجيب العيال من عند طنط فاطمة
و بعد ساعة من الزمن ، كانت فرح تجلس بغرفة نادر تتابع مؤشرات شقيقها ، ليدلف اليها كامل و بيده حقيبة الطعام التى اتى بها حسين و يقول : ها يا فرح ، ايه الاخبار
فرح : الحمدلله ، مؤشراته تطمن ، بس يا ترى هيفوق امتى
كامل و هو يضع الطعام على الحامل المتحرك و يقربه من مقعدها : طب ياللا تعالى كلى ، زمانك واقعة من الجوع زيى ، و هو ممكن يفوق فى اى لحظة
فرح بامتنان : الحقيقة ايوة ، فعلا جعانة جدا ، ما اكلتش حاجة من ساعة ما خرجت من البيت
كامل و هو يفتح اغلفة الطعام : و مين سمعك ، و ريحة الكفتة جوعتنى زيادة
ليبدأوا فى تناول طعامهم بنهم ، و لكن قبل ان يكملوا طعامهم سمعوا صوت نادر و هو يقول بخفوت : يعنى سايبنى متبنج و بتاكلوا كفتة لوحدكوا
لتلتفت فرح بلهفة قائلة : حمدلله على السلامة
نادر و هو يبتلع لعابه بألم : عطشان اوى
ليتجه اليه كامل ليقوم بقحصه و الاطمئنان عليه ، و بعد برهة قام كامل بتقريب منشفة مبلله من فم نادر ، و قال : معلش استحمل شوية … و انا شوية كده و هطلب لك كوباية ينسون
نادر : و نبيل ، فاق و اللا لسه
فرح : لااا ، نبيل لسه بدرى عليه ، ما اعتقدش انه هيفوق دلوقتى
نادر : عاوز اشوفه
كامل : اولا انت لسه بدرى عليك على ما تقدر تتحرك ، ثانيا نبيل فى الرعاية المركزة ، مش فى اوضة عادية زيك ، يعنى ممنوع اصلا حد يدخل له ، لكن اوعدك انك اول ما تبتدى تشد حيلك هاخدك تبص عليه
نادل بفضول : بابا ماحاولش يتصل او يعمل حاجة
فرح : ااه صحيح
كامل : الظاهر انه اقتنع بكلام نادر لما كلمه الصبح و قال له ان الدكتور امر ان مايبقاش فى اى تليفونات محمولة قريبة منه و عشان كده كل التليفونات هتتقفل ، و انه هيبقى يفتحه بالليل عشان يطمنهم
فرح : طب ماهم زمانهم قلقوا
كامل : خليت بابا كلم عمى و طمنه ، و قال له ان نادر مش عاوز يسيب اخوه لوحده
نادر : لما احس انى قادر اتكلم كويس هبقى اكلمهم
كامل بتحذير : اعمل حسابك ان ابوك مش هيعديهالك على خير ، و كلنا هنيجى فى الرجلين
نادر : انا اللى يهمنى انى اتطمن على نبيل ، اى حاجة تانية دلوقتى ما تفرقش معايا
فى اليوم التالى ، و فى الثامنة صباحا ، كان نادر يغط فى نوم عميق من اثر الادوية المسكنة .. عندما دق ابراهيم بهدوء على غرفته ، ففتحت له فرح الباب على الفور ، و عندما وجد نادر غارقا فى النوم قال بهدوء : صباح الخير با بنتى
فرح : صباح الخير يا عمى ، كويس ان حضرتك وصلت بدرى
ابراهيم : انا هنا من ساعة تقريبا ، بس كنت بتكلم مع كامل و بتطمن منه على نبيل
فرح : نبيل الحمدلله فاق من البنج الفجر ، و حالته تطمن ، بس طبعا زى ما الدكتور قال ، لسه مش هنقدر نتطمن الا بعد خمس او ست ايام كده ان شاء الله
ابراهيم : ان شاء الله يا بنتى ، ربنا يتم فضله علينا للاخر ، ياللا انتى عشان ماتتأخريش على شغلك ، كامل مستنيكى فى العربية عشان يوصلك
فرح : ماشى يا عمى ، و ان شاء الله هرجع من الشغل على البيت اغير هدومى و اجيلك على طول
ابراهيم : براحتك يا بنتى ، ما تقلقيش روحك ، و لو حبيتى تريحى ريحى ، انا مش هسيب اخواتك لوحدهم
لتتجه فرح الى الخارج حتى وصلت الى سيارة كامل و جلست بجواره و هى تقول بهدوء : صباح الخير
كامل : صباح النور ، عاملة ايه ، مانمتيش عدل طبعا
فرح : لا عادى ما تقلقش ، اول ما اشرب فنجان قهوة هفوق على طول
كامل : يبقى نشربها سوا قبل معاد شغلك
ليصطحبها الى احدى الاماكن التى اصطف امامها بسيارته و طلب من شخص ما افطار وقهوة ، ليأتيهم ما طلبوا و هم فى أماكنهم ، ليتناولوا الطعام و القهوة فى صمت شديد ثم يتحرك كامل مرة اخرى باتجاه عملها ليقول فى ريبة : انا عارف من طبعك انك ما بتتكلميش كتير ، بس حاسك مش طبيعية فوق العادة ، فى حاجة حصلت واللا ايه
فرح : ابدا ، بس الصراحة لاول مرة احس انى خايفة منه
كامل بفضول : تقصدى مين
فرح : منصور
كامل باستغراب : و خايفة منه ليه يعنى ، هو فى ايده ايه يعمله عشان يأذيكى
فرح : مش ده قصدى
كامل : اومال تقصدى ايه
فرح : و انا سايبة نادر و ماشية عمى قاللى .. انا مش هسيب اخواتك لوحدهم
كلمة اخواتك لما قالها .. حسيتها وجعتنى من جوة ، يمكن معرفتى بيهم ماكملتش اسبوع ، بس حبيتهم اوى يا دكتور ، و حزينة من جوايا انى ما عرفتهمش و لا قربت منهم قبل كده
كامل : و هم لو كانوا حاولوا يقربوا قبل كده كنتى هتسمحيلهم بده
فرح بتيه : مش عارفة
كامل : طب برضة ده ايه علاقته بخوفك من عمى
فرح بنبرة حزينة : خايفة يبعدنا عن بعض او يحرمنا من بعض من تانى بقسوته و جبروته
كامل : متهيألى اخواتك مش هيسمحوا بده يا فرح ، و لو هم رضيوا بده و وافقوا عليه ، يبقى مايستاهلوش انك تفكرى فيهم من الاساس
فرح : بس انا حساهم يستاهلوا
كامل : يبقى خلاص ، تاكدى انه مش هيقدر عليهم
كان منصور بمنزله بصحبة زوجته ، يكاد ان يذهب عقله من القلق على ابنه و الغضب من نادر لانه لا يستطيع محادثته ، و كلما زاد قلقه ، كلما زادت نقمته على فرح لاستطاعتها ان تبعده عن ابنه فى احلك الاوقات سوادا بالنسبة اليه
و اثناء غضبه وجد هاتفه يدق برقم نادر فقام بالرد على الفور قائلا بحده : هو انا يا زفت مش متفق معاك انك تكلمنى تطمنى كل شوية ، قافل تليفونك ليه كل ده انا مش فاهم
نادر و هو يحاول جاهدا ان ينقى صوته حتى يبدو طبيعيا : الدكتور مانع التليفونات فى الاوضة عند نبيل تماما عشان ما تأثرش على الاجهزة ، و انا ماسيبتوش لحظة ، و سيبت عمى يطمنك كل ما كان بيقدر يبعد عن الاوضة ، و ادينى اهوه كلمتك اول ما بقيت بعيد عنه
ابراهيم و هو يحاول السيطرة على غضبه : و انت سايبه مع مين
نادر : مع الدكاترة بيتطمنوا عليه
ابراهيم : و العملية هتبدأ امتى ، عاوز اجى بقى اتطمن على اخوك
نادر بتردد : الدكتور قال ان العملية بتاخد وقت طويل جدا ممكن يوصل لاكتر من عشر ساعات و العمليات هتبتدى بالليل متأخر و كمان مش هيخرج على اوضة عادية هيخرج على العناية المركزة ، يعنى كده كده برضة مش هتشوفوه و هو خارج من العمليات ، فممكن حضرتك تيجى بكرة تشوفه
ابراهيم بحدة : انت عاوزنى اقعد هنا و اخوك فى العمليات ، انا هاجى يعنى هاجى
نادر : بلاش تبوظ كل حاجة على اخر لحظة ، العند مامنوش اى لزمة ، حضرتك خليك عندك ، و انا ان شاء الله هطمنك اول ما اتطمن
لتختطف دولت الهاتف من يد زوجها و تقول بلهفة و هى تنظر لزوجها بغيظ دفين : ماتقلقش يا نادر ، ابوك اكيد مش هيعمل حاجة تأذى اخوك بعد كل ده ، انت بس طمننى عليك و على اخوك
نادر بابتسامة : احنا بخير يا ماما ما تقلقيش
دولت : و اختكم يا حبيبى .. كويسة
منصور بغضب : انتى فى ايه و اللا فى ايه ، خليكى فى مصلحة عيالك
دولت بامتعاض : طب على الاقل اتطمن عليها عشان مصلحة ابنك ، دى هتديله حتة من لحمها
ليختطف منصور منها الهاتف مرة اخرى و يقول لنادر : اول ما تدخلوا العمليات تكلمنى ، هبقى عندكم فى ساعتها
نادر : لو عرفت اكلمك بقى ، ربنا يقدم اللى فيه الخير ، ياللا سلام
و بعد ان اغلق الخط قال لعمه : انا مش فاهم انتم اخوات ازاى ، ايه كم العند ده
ابراهيم : مش سهلة عليه برضة يا ابنى ان يقعد مكانه و هو عارف ان اخوك داخل العمليات ، و خصوصا انه حس ان فرح بتنتقم منه
نادر : طب تصدق بقى ، انى حاسس ان ربنا عمل حكاية نبيل دى بالذات عشان انا و نبيل ينصلح حالنا و نقرب من اختنا ، و نفسى كمان نقرب من رحمة و ندا
ابراهيم : اهم زمانهم جايين يتطمنوا عليكم ، مامشيوش امبارح غير لما اتطمنوا انكم خرجتم من العمليات و الحمدلله بخير
نادر : بس انا كان نفسى بابا ما يجيش المستشفى قبل ما اقدر اقف على رجلى ، مش عاوزه يستفرد بفرح و يطلع عليها كل اللى حصل
ابراهيم : ما تقلقش على فرح ، فرح بميت راجل و انا و كامل مش هنسيبها
نادر : بس الافضل انها ماتبقاش موجودة لما ييجى يا عمى ، ابويا ماينضمنش
ابراهيم بتفكير : حاضر يا ابنى هكلمها و ابلغها
•تابع الفصل التالي "رواية ولما قالوا دي صبيه" اضغط على اسم الرواية