رواية تربصت بي اعين قاتلة كاملة بقلم سارة نبيل عبر مدونة دليل الروايات
رواية تربصت بي اعين قاتلة الفصل الخامس 5
رفع تميم الملعقة نحو فمه وعندما قاربها منه توقف قليلًا … ثم نمت بسمة غريبة على فمه ووضعها مرةً أخرى تحت أنظار غفران التي تراقبه بإبتسامة عذبة مُعذبة..
تسائلت بهدوء وكأنها فعلًا لا تعلم محتوى الطعام:-
– مأكلتش ليه..
ابتسم تميم وقال بهدوء أكثر:-
– افتكرت مكالمة لازم أعملها ضروري..
كررت بتعجب:-
– مكالمة!!!
– أيوا مكالمة .. يعني أكلم حد على الموبايل .. تعرفيه.؟
– اسمع عنه .. ممكن تفرجني عليه..
قالتها بحماس طفولي .. فحرك تميم رأسه وهو يُصر على معرفة الأمر برمته..
أخرج الهاتف ووضعه أمامها وأخذ يشرح بهدوء عن محتوياته واستعمالاته تحت حماس غفران واستماعها الجيد..
علقت بإنبهار:-
– دي حاجة عظيمة أووي .. والأنترنت دا حاجة أخر جمال يعني..
– بس يا غفران هو رأس الخراب والمشاكل ودمار ناس كتير … احمدي ربنا إنك ماختلطيش بعالم التكلونجيا لأن زي ما هي لها مميزات لها عيوب وعيوبها كتيرة أووي.
– يعني إزاي .. هي وحشة كدا يعني..
– مش بالظبط .. الموضوع طويل يطول شرحه..
وأكمل تميم:-
– بعد إذنك هصلي المغرب..
هتفت بلهفة وترجي:-
– ممكن طلب .. بس وافق عليه .. هتوافق عليه.!.
ابتسم على براءتها ورقّ قلبه لها فقال:-
– اطلبي وأنا لو أقدر على تنفيذه أكيد هوافق..
قالت بتردد:-
– ممكن أقف بس ومش هتحسّ بيا اتفرج عليك وأشوفك وإنت بتصلي .. هتفرج بس..
في الحقيقية اندهش لكن تسائل ببعض القلق:-
– إنتِ المرة إللي فاتت أغمى عليكِ لما شوفتيني بصلي .. صح!!
يعني ممكن المرة دي يحصلك حاجة..
– لا لا .. متخافش أنا نفسي أشوفك حقيقي من جوايا..
تبسم وبهدوء وخشوع بسط سجادة الصلاة ووقف بإتجاة القِبلة ورفع كفيّه مُرددًا تكبيرة الإحرام بصوتٍ طويل تلاعب على أوتار قلب غفران وتدفقت أشياء من الفِطرة النقية لديها..
لم يرف جفنها وظلت أعينها الواسعة متفتحة كالزهور وهي تراقب أدق التفاصيل…ترقرق الدمع بعينيها دون أن تدري وداهمتها رجفة سارت بأرجاء جسدها فحاوطته بذراعيها..
ارتعشت شفتيها كالأطفال وظلت تحاول النطق وهي تُردد بنبرة باكية أسقطت دموع تميم الساجد:-
– الله أكبر … الله وأكبر .. يعني هو كبير..
الله أكــــــبــــــر..
ثم جلست على ركبتيها خلف تميم وحاولت تقليده ووضعت جبهتها على الأرض وهي تُردد بجهل وصوت مرتفع:-
– الله أكــــــبــــــر..
انتهى تميم من الصلاة ومسح دمعة لا يعلم ما سرّ ذرفها لكن لا يعلم ما الذي كان بنبرتها وهي تردد “الله أكبر” .. شيء غريب .. أهو تيهة .. لا لا ..
إنها إســـــتـــــــغـــــــاثــة .. إستغاثة للملك..!
لكن من ماذا، ومِن مَن؟!!!
التفت ليجدها على هذه الوضعية وخصلاتها منتشرة حولها .. ابتسم ووثب قائمًا ثم هتف وهو يستدير ينظر من الشرفة وهو يعلم خطأ وجودها هكذا في غرفته..
– من شروط صحة الصلاة ستر العورة .. والمرأة ليها ملابس خاصة بشروط قال عليها الإسلام..
قامت واقفة وتسائلت بحيرة وهي تنظر لملابسها:-
– طب ما أنا لابسه أهو !!
– لا .. ثوب المرأة المسلمة بيكون ساتر لجميع الجسد .. يعني مفيش أي جزء منها ظاهر .. ملابسها مش قصيره ولا شفافة ويكون فضفاض .. كمان شعرها يكون متغطي.. ودا إمتثالًا لقول الله : (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ).
تسائلت بإنبهار:-
– يعني ربنا هو إللي قال كدا صح..!!
– أيوا طبعًا..
– يبقى لازم نسمع كلامه..
وأكملت بحيرة وهي تنظر لنفسها:-
– بس هما قالولي البنت بتلبس كدا..
كمان مش عندي اللبس إللي بتقول عليه..!
يعني طول الفترة دي كلها وأنا بلبس غلط وأكيد ربنا زعلان مني..
كان تميم بقمة تعجبه .. فهو كان يعتقد أن تثور وترفض الثوب الشرعي كبعض أقرانها من النساء..
لكن لديها تصالح غير طبيعي بالرغم من أنها للمرة الأولى تسمع شيء عن الطريق الصحيح والإسلام..
لديها فضول وحب أن تعلم كل أوامر الله عز وجل..
– هما قالولك تلبسي كدا .. وربنا قالك تلبسي كذا..
يبقى تسمعي كلام مين..
أجابت بكل ثقة:-
– أكيد ربنا..
– يبقى تسمعي بقاا كلامه..
**********
عادت لغرفتها بعقل شارد وجلست على الفراش وهي تفكر بأشياء كثيرة..
فُزعت عندما وجدت الباب يُفتح بقوة ودخل والدها الغاضب..
– أيه إللي حصل يا غفران .. إنتِ مخلصتيش عليه..
في الحقيقة اندهشت ووقفت قليلًا تتذكر ما الذي عليها فعله .. وعلى ماذا يتحدث..!!؟
اهتز بدنها وقالت بإرتعاش وقد أدركت ما الذي كانت ستفعله:-
– أنا قدمتله الأكل ووقفت فترة قدامه بس هو صلى وبعدين كان عنده مكالمة .. وواضح عليه إنه مش زي الباقي إللي كان بيجوا هنا .. ومقدرتش أقعد عنده في الأوضة أكتر من كدا..
صاح محروس بغضب وهو يقترب منها بهجوم ويقبض على ذراعها بقسوة:-
– يعني أيه مختلف يا روح أمك .. كنتِ طفحيه بالعافية
دا شوية بيعملهم علشان يداري على نفسه .. هو في حد بيدخل هنا نضيف ولا أيه..
بقولك أيه يا بت إنتِ هتخلصي عليه بأي طريقة هو قعد أكتر من المدة إللي أنا محددها..
زاد الفزع بداخلها وارتعش جسدها وهي تشعر بأشياء كثيرة تتداخل بعقها وصور الد’ماء تُغرق الأرجاء وجُثث تملىء المكان..
كتير من التداخلات .. الضباب يُحيط بعقلها لكن وسط كل هذا يتداخل صوت تميم الهادىء..
خشى محروس تلك الحالة فوقف على باب الغرفة وصاح يُنادي:-
– فتحية .. إنتِ يا بت جيبي حقنة غفران بسرعة..
وصل الصياح لتميم الذي وقف على باب الغرفة وهو يرى المرأة التي تُدعى فتحية تُهرول نحو غرفة غفران وبيدها إبره تحتوي على مادة مجهولة..
وبالفعل أخذها محروس وغرزها بذراع غفران التي همد جسدها وعمّ الصمت الأرجاء..
عندما تطمئن محروس لهدوءها خرج وهو ينظر نحوها بغضب وأغلق الباب..
أنزوت غفران بزاوية الغرفة تضم ركبتيها لصدرها وأخذت أعينها تذرف أمطارًا من الدمع..
************
بغرفة تميم ليلًا..
كان يضع أمامه بعض الأدوات والمواد ومحتوى الطعام..
انتظر بعض الدقائق وأخيرًا ظهر ما كان ينتظره وما ظن فيه بمجرد الرائحة..
لكن لماااذا .. لماذا يريدون قتله.؟!!!
لماذا تفعل غفران هذا؟!
– كنت متأكد إن هي العُشبة دي .. بس ليه..!!
وفي ظلّ ما كان شاردًا تفاجئ بالغرفة تُفتح..
رفع رأسه ليُصدم بحالة غفران المرزية..
شعرها المشعث وأعينها الحمراء المنتفخة الباكية والتي يسيل دمعها كالشلال على وجنتيها..
وقف بلهفة وتسائل:-
– غفران مالك .. في أيه..
رفعت أعينها تنظر بداخل عينيه تريد نجدته، همست بنبرة مرتعشة خائفة:-
– تميم..
تمزق قلبه من نبرتها المرتعشة .. يشعر أنها أصبحت مسؤولة منه .. إنها بريئة جدًا .. زهرة مزروعة في كومة من الشوك..
إنها مثل الغارقة..
– نعم يا غفران .. في أيه..
همست برجاء وهي تشعر أن روحها تكاد أن تنفذ:-
– امشي من هنا يا تميم..
كان يعلم أن شيئًا ما يجبرها، استفهم بترقب:-
– ليه يا غفران .. ليه عيزاني أمشي..!
أجابت بما لم يتوقعه تميم:-
– علشان تاخدني معاك .. خليني معاك..
تــــمــيــم..
أنــــا بــحبـك … إنت تقدر تحبني.!
- يتبع الفصل التالي اضغط على ( رواية تربصت بي اعين قاتلة ) اسم الرواية