رواية ولما قالوا دي صبيه الفصل السادس 6
اللهم إني أستودعك بيت المقدس وأهل القدس وكل فلسطين. اللهم ارزق أهل فلسطين الثبات والنصر والتمكين، وبارك في إيمانهم وصبرهم. اللهم إنا نسألك باسمك القّهار أنْ تقهر من قهر إخواننا في فلسطين، ونسألك أن تنصرهم على القوم المجرمين.
اللهم اشف جريحهم، وتقبّل شهيدهم، وأطعم جائعهم، وانصرهم على عدوهم. اللهم أنزل السكينة عليهم، واربط على قلوبهم، وكن لهم مؤيدا ونصيرا وقائدا وظهيرا. سبحانك إنك على كل شيء قدير؛ فاكتب الفرج من عندك والطف بعبادك المؤمنين.
____________________
6
و لما قالوا دى صبية
الفصل السادس
فى صباح يوم مشرق ، و بعد مرور خمسة اشهر على بداية العمل الرسمى بالمشفى الخاصة بكامل ، كانت الامور تجرى على طبيعتها ، فالجميع كانت مجرى حياته تسير بروتينية معهودة
فابراهيم و منصور يمضيان بعملهما كالمعتاد ، و عادل و فاطمة تسير حياتهما بتؤدة و محبة
اما نادر و نبيل فقد انحرف خط حياتهم بعدما تعرض نبيل لما تعرض له فى مرضه و شدته ، فبعد ان استقرت الحالة الصحية لنبيل ، و بعد ان حضر مع اخيه حفل افتتاح المشفى ، قررا الذهاب الى الاراضى المقدسة لاداء مناسك العمرة ، و بعد عودتهما قررا محاولة تعويض مافرطا فيه من مستقبلهما و دراستهما
و قد كان ، فقد التزما بالجد و الاجتهاد حتى استطاعا تعويض جزء ليس باليسير من دراستهما باحد المعاهد و ها هما قد التحقا بالامتحانات حتى جاء اليوم الاخير من امتحاناتهما و عند خروجهما من المعهد ، وجدوا فرح تقف مستندة الى سيارة نادر بالخارج و هى تلتهم شئ ما
فاقترب منها الشقيقان بمرح من خلفها حتى انقض نادر على مابيدها و دسه بفمه و هو يقول بصياح : انتى واقفة هنا بتاكلى و احنا محتاسين جوة بقالنا ساعتين ، ده بدل ماتفرغى نفسك للدعا ، بقى هى دى الوصية اللى وصيناكى بيها
نبيل و هو يحتضن فرح بذراع واحد و يقبل رأسها : انا متاكد انها دعيتلى عشان انا حاسس انى حليت كويس
لينظر نادر بذهول لفرح قائلا : يا نهارك مش فايت ، انتى دعيتى لنبيل بس و مادعيتيليش انا كمان
فرح بانزعاج : معنى كلامك ده ايه بقى ، انك ماجاوبتش كويس
نادر و هو ينفى برأسه يمينا و يسارا : لا ، انا مش حاسس انى حليت كويس ، انا حاسس انى حليت كويس جدا
لتبطش به فرح موكزة اياه فى كتفه و هى تقول : يا اخى حرام عليك .. وقعت قلبى
ليقبلها نادر بوجنتها و هو يداعبها قائلا : سلامة قلبك يا قلبى
فرح باستفهام : يعنى اتطمن على التقدير
نادر : ماتقلقيش ، ان شاء الله هنجيب التقدير اللى نقدر بيه نكمل فى الكلية
فرح بسعادة : ايوة كده فرحتونى ، طب ياللا بينا بقى احسن انا جعانة اوى و مهبطة ، و حتى البسكوت اللى كنت باكله جيت سيادتك و استوليت عليه ، و كمان لسه هنعدى على محمود ناخده من عند المدرسة
نادر : طب ماتيجى نتغدا برة ، انا هعزمكم ، و اهو نفرفش محمود
فرح : لا ، اخواتك مستنيينك عشان مايزعلوش ، و بعدين زمان احمد خلص الامتحان بتاعه هو كمان و طلع على عند ندا على طول
نبيل : طب خلاص ، نروح النهاردة لندى ، و نتفق على يوم تانى نخرج مع بعض و نتجمع فيه كلنا سوا
ليقوم نبيل و نادر بمهاتفة امهما لطمأنتها عليهم بعد الامتحان ، و ابلغاها بانهما سيتوجها مع فرح الى منزل شقيقتهما و تقضية باقى اليوم بصحبتهم
و فى الطريق اثناء توجههم الى منزل ندا ، سمع نادر رنين هاتفه و عندما قام بالرد وجد ابيه ، ليتبادل النظرات مع نبيل قبل ان يجيب قائلا : السلام عليكم ، ايوة با بابا
منصور : انت فين انت و اخوك
نادر : احنا خلصنا الامتحانات و ………
منصور بحدة : عارف انكم خلصتوا الزفت ، و عارف انكم مع الدكتورة اللى بقيتوا معاها طول الوقت و ناسيين انى ابوكم و ليا حق عليكم ، ممكن افهم انتو رايحين معاها فين و ليه
نادر بهدوء و هو يحاول كبت رد فعله : ابدا يا بابا ، بس حسن و حسين و اخواتى البنات عازمينا على الغدا فى بيت ندا عشان يحتفلوا بينا اننا خلصنا الامتحانات
منصور بسخرية : و من امتى بتضحوا بشلة النادى و رحلة السخنة فى اخر يوم امتحانات
نادر بابتسامة : لا ما خلاص يا حاج ، توبنا الى الله
منصور : طب مش انا و امكم اولى من اللى انتو رايحين لهم دول
نادر بتنهيدة : انتو الخير و البركة طبعا يا بابا ، حاضر ، بكرة ان شاء الله هنقضيه كله معاكم
منصور بحدة : و ليه مش النهاردة
نادر : لانه كان اتفاق و وعد من اسبوعين فاتوا ، و لان الايام جاية كتير ، فماحبكتش يعنى
منصور بغضب : خليكوا ورا الدكتورة اللى سايقاكم و معصياكم عليا ، و لما اشوف اخرتها معاكم
ليغلق منصور الهاتف بغضب بوجه نادر الذى لم يقم بأى رد فعل سوى انه اكمل حديثه و كأن منصور مازال على الخط قائلا : حاضر يا بابا ، هسلم لحضرتك عليهم كلهم ، مع السلامة .
ليدس نادر الهاتف فى جيبه مرة اخرى و ينظر لفرح قائلا بمرح : ها يا دكتورة ، عاملة ايه بقى
فرح بابتسامة و تنهيدة : عاملة نفسى مش واخدة بالى
نادر باستفهام : مش واخدة بالك من ايه بالظبط
فرح بسخرية : من التليفون اللى اتقفل فى وشك يا ابن منصور
نادر بمرح و هو يدلك وجهه : ايه الاحراج ده ، انتى سمعتى
فرح : الحقيقة منصور حنجرته قوية و تخرم اجمد طبلة ودان فيكى يا بلد
نبيل : حقك عليا يا فرح ، ماتزعليش منه
فرح و هى تنظر لنبيل بحب : حقى عند ربنا يا حبيبى ، و انا مش زعلانة منه على فكرة
نبيل بطيبة : طب ماتنسى اللى فات يا فرح ، و تعالى نبتدى صفحة جديدة ، ايه رأيك ، احنا من ساعة ماعرفناكى و احنا حسينا ان فاتنا كتير اوى ، واعتقد ان بابا كمان اكيد هينبسط لو …...
لتقاطعه فرح بهدوء قائلة : بص يا حبيبى ، انت فهمت كلامى غلط ، انا اما قلت انى مش زعلانة منه .. ما كنتش اقصد انى قلبى صفى من ناحيته ، بالعكس ، انا اقصد ان احساسى من ناحيته ماينفعش يتوصف بالزعل ، لان احساسى اتخطى احساس الزعل بمراحل ، لكن اللى اقصده انه مابقاش يفرق معايا فى اى حاجة يعملها و لا فى اى حاجة يقولها
ليتبادل نبيل و نادر نظرات الخجل فى صمت فينا بينهما ، ليصلوا الى مدرسة محمود و يصطحبوه معهم الى منزل شقيقتهم
و عند وصولهم ، وجدوا الجميع بانتظارهم ، لتستقبلهم رحمة قائلة بفضول و لهفة : طمنونى الامتحانات اخبارها ايه النهاردة
نادر : انا بالنسبة لى تمام اخر حاجة
نبيل : و انا برضة الحمدلله
محمود : و انا راجعت الامتحان مع فرح و بتقول انى الحمدلله تمام
لتقبلهم رحمة و هى تقول ببهجة : عقبال النتيجة يا حبايبى يارب
لتجد فرح عمها ابراهيم يجلس بهدوء فتذهب اليه و تحييه و هى تقول : ازيك يا عمى ، مالك ساكت ليه كده ، لا اسكت الله لك حسا
ابراهيم بابتسامة هادئة : اهلا يا فرح يا بنتى ، عاملة ايه
فرح بمداعبة : زعلانة منك عشان مابتسألش عليا
ابراهيم : ازاى بقى ، ده انا حتى ببعت لك السلام كل يوم مع كامل
ليأتيهم صوت كامل من المطبخ و هو يقول بصوت عالى : و انا بوصل لها سلامك كل يوم يا بابا حتى اسألها
فرح بمشاغبة : ماحصلش ، طب انت النهاردة ماوصلتليش حاجة
ليخرج كامل من المطبخ و هو يرتدى مريول الطهى و يمسك بيده احدى ادوات الطهى و هو يقول : و هو انا جيت المستشفى اصلا النهاردة عشان اوصل لك حاجة
فرح و هى تنظر الى مظهره بمرح : مش عذر ابدا يا دكتور ، المفروض كنت اتصرفت و وصلت الأمانة ، و بعدين سيبك من كل الكلام ده ، انت ناوى تأكلنا ايه النهاردة
ندا و هى تأتى هى الاخرى من الداخل بنفس المظهر : استعدى يا بنتى ، ده كامل ناوى يشهيصكم النهاردة ، عامل شوربة كريمة بالمشروم انما ايه .. تجنن ، انا شكلى هخلصها قبل ما احطلكم الاكل
ليلتف الجميع حول المائدة و هم يتناولون طعامهم فى جو من المودة و المرح ، و لكن فرح كانت تلاحظ ابراهيم بين الفينة و الاخرى و هو يجلس بينهم شارد الذهن ، لتميل فرح على كامل قائلة : عمى ماله ، حاساه مش على طبيعته ، فى حاجة شغلاه و اللا لا قدر الله تعبان
كامل بتنهيدة هامسة : بقاله كام يوم على دا الحال ، على طول سرحان و بيفكر فى حاجة الله اعلم بيها
فرح : طب ماسألتهوش
كامل : كل ما اسأله يقوللى ماتشغلش بالك ، موضوع كده لما يحصل هبقى اقول لك
فرح بمرح : اوعى يكون ناوى يتجوز و عاوز يعملهالك مفاجأة
ليضحك كامل بخفة قائلا : و انا موافق
فرح باستغراب : بتتكلم جد
كامل : و ليه لا ، حقه ، بابا تعب معايا انا و اخواتى سنين على ماوصلنا للى احنا فيه ، و اعتقد انه لو حب انه يتجوز فعلا ماحدش فينا ابدا من حقه انه يعترض ، بس انا ما اعتقدش ان ده اللى فى باله ، واضح ان فى حاجة معينة بيفكر فيها ، يمكن حاجة فى الشغل
فرح : عموما انا بعد الغدا هبقى احاول اتكلم معاه
حسين بصوت عالى : ايه يا كامل انت و فرح ، ياريت مش عاوزين اى احاديث جانبية
حسن : ده انت حشرى اوى ، ماتسيبهم ياعم
حسين : اصلهم اكيد بيتكلموا فى الشغل ، حاكم انا عارفهم هم الاتنين ، يموتوا فى الشغل ، حتى وهم نايمين تلاقيهم بيحلموا بالعيانين بتوعهم
محمود : اهو انا ان شاءالله لما اجيب مجموع و ادخل كلية الطب هبقى اقعد فى النص ، عشان اتعلم بسرعة و اخد الكلية فى سنتين تلاتة بس
كلهم ضحكوا على كلام محمود و احمد قال : ياللا على البركة ، على الاقل بعد التخرج تلاقى مكان تشتغل فيه على طول
نادر : و احنا ان شاء الله اول مانجيب تقدير هنقدم فى كلية التجارة و بعد مانخلص البكالوريوس انا ناوى ان شاء الله انى اكمل دراسات عليا و اشتغل فى الجامعة
فرح بابتسامة : برافو عليك يا نادر ، ايوة كده ، و انت يا نبيل هتعمل كده برضة و اللا ناوى على ايه
نبيل : انا ان شاء الله ناوى اكمل زى نادر برضة ، بس حتة تدريس الجامعة ده مش فى دماغى ، انا ناوى امسك الشغل مع بابا ان شاء الله
حسن : و الله عين العقل يا نبيل ، و اهو على الاقل حد فيكم يبقى فاهم الدنيا رايحة فين و جاية منين
بعد الغدا ، اتجمعوا كلهم قدام التليفزيون ، و فرح راحت قعدت جنب عمها و مالت عليه و قالت له بهمس : بتفكر فى ايه شاغلك اوى كده و مخليك ساكت بالشكل ده
ابراهيم : ابدا يا بنتى ، ما انا معاكم اهو
فرح : هو انا يعنى مش عارفة حضرتك يا عمى ، لا طبعا ، انت فى حاجة شغلاك اوى و مش مخلياك معانا خالص
ابراهيم : ابدا يا بنتى ، ده انا حتى فرحان بلمتكم مع بعض ، انا بس اللى عندى شغل كتير الفترة دى و مش ملاحق عليه
فرح بعدم تصديق : شغل ايه ده يا عمى ، ده حتى حسن و حسين على طول مع حضرتك و مش سايبينك ، اوعى تكون تعبان بعد الشر و مخبى علينا
ابراهيم بنفى : لا يا بنتى .. انا الحمدلله زى الفل ، و بلاش تعملى دكتورة عليا ، انتى بس خدى بالك من نفسك و خدى بالك من كامل
فرح باستغراب : ماله كامل يا عمى
ابراهيم بحزن : العمر بيجرى بيه يا بنتى
فرح : العمر بيجرى بينا كلنا يا عمى ، بس ايه اللى يشغلك كده بالنسبة لكامل
ابراهيم بتنهيدة : كان نفسى اتطمن عليه قبل ما اقابل وجه كريم
فرح بانقباضة : ربنا يديك طولة العمر يا عمى ، ليه بتقول كده ، ده حتى دكتور كامل كل الناس بتحبه و بتدعيله
ابراهيم : كان نفسى اشوف له زوجه تكون هى اللى بتحبه و تراعيه و اشوف عياله زى اخواته
فرح بفهم : ان شاء الله تشوف احفاده كمان ، ثم اكملت بمرح .. انت بس دور له على عروسة حلوة كده و بنت ناس و ليك عليا اروح اخطبهاله بنفسى
لينظر لها ابراهيم بتمعن ثم يقول بخفوت : لو طلبتك ليه يا فرح تقبلى
ليعتلى الوجوم و الصمت على وجه فرح التى تنظر لعمها بصدمة دون اى تعليق ، ليكمل ابراهيم حديثه قائلا : انا نفسى اتطمن عليكى و عليه ، انتو اللى فاضلين ، و شايف ان مافيش احسن منكم لبعض ، صدقينى يابنتى مش عشان كامل ابنى ، لا ، بس انا شايف ان كامل اكتر بنى ادم فى الدنيا دى ممكن يصونك و يراعى فيكى ربنا ، و انتى كمان ، انا متأكد انك برضه هتصونيه و تراعى فيه ربنا
انا اتطمنت على اخواتك مع ولادى ، و بتمنى اتطمن عليكى انتى و كامل مع بعض ، رغم انى عارف ان يمكن يكون فى فرق سن بينك وبين كامل اكتر من الفرق اللى بين اخواتك و اجوازهم ، لكن ماهواش الفرق اللى يخوف
انا من فترة و انا نفسى افاتحك و اتكلم معاكى فى الحكاية دى ، بس كنت خايف تصدينى ، لكن لقيت ان سكاتى طول و الايام بتجرى ورا بعضها و هى واخداكى و واخداه
و رغم انى عارف ان يمكن تكون قلوبكم لسه ماولفتش على قلوب بعض ، لكن صدقينى يا بنتى ، العشرة بتولف القلوب اكتر بكتير من توليفة العشق اللى مش دايما بتدوم
مش عاوزك تردى عليا دلوقتى ، لكن عاوزك تفكرى ، و هسيبك شهر بحاله تاخدى و تدى مع نفسك ، و صدقينى .. لو رفضتى مش هزعل منك ، لكن تأكدى انك لو وافقتى ، هتبقى فرحتينى فرحة العمر كله
ظلت فرح تستمع الى عمها و هى فى حالة صمت شديد من تأثير المفاجأة ، عندما وجدته ينظر اليها و هو فى انتظار اى تعليق منها قالت بوجوم : يا عمى حضرتك عارف انى ما بفكرش فى موضوع الجواز ده من اساسه و مش فى دماغى
ابراهيم : عارف يا بنتى ، بس لامتى ، ماهو يعنى اكيد مش هتفضلى عمرك كله كده عايشة من غير راجل
فرح : و هو يعنى الراجل هيزودنى ايه ، بالعكس ، انا من غيره احسن بكتير ، بكبر فى شغلى و بتقدم فى مستقبلى من غير اى تدخل من اى حد ، انما لو اتجوزت ….
ابراهيم مقاطعا اياها : مانتى مش هتتجوزى اى راجل ، و اديكى شايفة كامل تفكيره عامل ازاى ، طول عمره و هو مؤمن بالمساواة بين الراجل و الست و عمره ابدا ما هيقف فى طريق مستقبلك ، بالعكس ، ده اول واحد هيساندك و يشجعك انك تنجحى و تتقدمى
فرح باحراج : ايوة يا عمى بس …
ابراهيم : انا مش عاوز ردك دلوقتى ، انا عاوزك تفكرى على مهلك و تصلى صلاة استخارة مرة و اتنين و تلاتة ، و بعد اسبوعين من دلوقتى هكلمك و اسمع ردك
فرح بفضول : طب و حضرتك تضمن منين انى لو حتى وافقت ، ان كامل ممكن يوافق ، حضرتك كده بتحرجنى و بتحرجه
ابراهيم : عمرى ماكنت هفاتحك فى حاجة زى كده الا لو متأكد ان انتى بالذات طول عمرك و انتى ليكى معزة خاصة عند كامل ، يمكن حتى من يوم ولادتك .. لما صمم ان هو اللى يسميكى بنفسه
فرح بذهول : كامل هو اللى سمانى
ابراهيم بابتسامة : اومال ايه ، هو انتى اول مرة تعرفى
فرح : ايوة ، و حتى طول عمرى مستغربة و بقول مين اللى شاف ان الاسم ده يليق عليا وسط كل اللى حصل وقتها
ابراهيم بصوت مسموع : وقتها كانت امك الله يكون فى عونها حالتها حالة ، و خالك كان ملخوم بيها و باللى حصل ، و لما ابوكى طلب منى اطلع لك شهادة الميلاد ، كامل جه معايا المستشفى و شافك ، و صمم يسميكى فرح
كان الجمبع قد انضموا تباعا لمجلس ابراهيم و فرح بعد ان سمعوه و هو يقص على فرح تلك القصة ، فنظرت فرح لكامل بفضول و قالت : طول عمرى و انا شايفة ان ماليش اى علاقة باسمى ، و ماكنتش اعرف مين اللى سمانى ، و بما انى اخيرا عرفت ، ممكن تقوللى اشمعنى الاسم ده اللى اخترتهولى
كامل بابتسامة : لانى اما شيلتك فى المستشفى ضحكتيلى ، وقتها كنت لسه عيل و مش فاهم طبعا ان صحكتك وقتها مش ليا من اصله ، بس انا فرحت بالضحكة دى ، و يمكن كانت اول مرة افرح فيها بعد ما امى الله يرحمها ما ماتت ، و عشان كده سميتك فرح ، و الاسم عجب بابا و كتبك بيه
فرح : كنت دايما اسال ماما و اقوللها .. ليه اخترتولى الاسم ده ، فكانت تقوللى ما اعرفش مين اللى سماكى
كامل بمرح : و اديكى عرفتى ، ها ، هتعملى ايه بقى
فرح و هى تلتقط حقيبتها و تنهض متأهبة للانصراف : هاخد بعضى و اروح
ندا : ايه ده ، تروحى فين ، احنا لسه ماقعدناش مع بعض ، انتى جاية تاكلى و تمشى
نادر : ايه يا فرح ، انتى مش قلتى هنقضى اليوم سوا
فرح : معلش حقكم عليا ، بس حسيت فجأة انى محتاجة انام
ندا : طب ماتدخلى تناميلك ساعة كده و هبقى اصحيكى
فرح : لا ساعة ايه ، انا عاوزة انام و اتعمق فى النوم ، محتاجة استريحلى شوية ، انا بقالى كتير ما اخدتش راحة ، فعاوزة انام النهاردة اصحى الفجر
لينهض ابراهيم قائلا : خلاص يا اولاد سيبوها براحتها ، انا هاخدها اوصلها قبل ما ارجع على المكتب
كامل باستياء و هو يوجه حديثه لفرح : عاجبك كده ، اديها هتفركش ، ماتقعدى يا بنتى شوية و انا هنزل اوصلك
ابراهيم بحزم : خلاص بقى يا كامل سيبها براحتها ، و انتو يا اولاد كل سنة و انتم طيبين و ان شاء الله نتجمع تانى لما نتايجكم كلها تظهر و تفرحونا بإذن الله
كانت فرح تتقلب على فراشها بتوتر و قلق و هى تتذكر كلمات ابراهيم لها فى السيارة حينما قال : ماترميش كلامى من غير ماتفكرى فيه يا فرح ، و ماتخليش الدنيا تسرقك بزيادة يا بنتى ، العمر بيتسرسب من بين ايديكم و انتم مش دريانين ، الحقوا نفسكم قبل قطر الستر ما يفوتكم
لترد عليه فرح بتساؤل قائلة : و هو الستر كمان له قطر و وقت يا عمى
ابراهيم بحكمة : الستر يا بنتى الناس بتحصره فى منظرهم قدام الناس و بس ، رغم ان الستر ده فى كل حاجة فى حياتنا ، فى الصحة و المال و العرض و فى حاجات كتير غيرهم ، لكن اهم ستر فى حياتنا هو ستر الجواز ، الجواز ستر للست زى الراجل بالظبط يا بنتى ، و ماهواش ستر من الغلط او الخطيئة بس … لا .. ده ستر من الزمن ، و الوحدة
كلنا فى صغرنا بنبقى متخيلين ان صحتنا و دنيتنا دأيمالنا ، و مابنبقاش واخدين خوانة من الايام اللى بتمر ورا بعضها و هى بتاكل من عمرنا يوم ورا التانى و من صحتنا معاها
البنى ادم لما بيكبر بيحتاج نفس و ونس معاه ، اسألينى انا يا بنتى ، انا الوحدة واكلة منى راقات و ماحدش حاسس بيا ، لولا انى حرمت على نفسى جنس الحريم من بعد مراة عمك الله يرحمها ، لا يمكن كنت اقدر اصمد السنين دى كلها ، يمكن ربنا عوضنى باخواتك و حنيتهم عليا ، لكن اوقات كتير ببقى نفسى اتساير مع حد من سنى يفهمنى و افهمه ، و نشكى لبعض وجعنا … فاهمانى يا فرح
لتتعمق فرح فى نومها و كلمات ابراهيم تتردد بين جنباتها
اما فى منزل ابراهيم ، فبعدما عاد كامل الى المنزل وجد ابراهيم جالسا فى الشرفة و هو يتأمل السماء بنجومها المتلألئة فى صمت شجى ، ليقول كامل فى مرح : يعنى انت سيبتنا كلنا هناك و جيت هنا عشان تستفرد بالقمر و النجوم و الجو الشاعرى ده لوحدك
ليلتفت اليه ابراهيم بابتسامة هادئة قائلا : حمدالله على السلامة يا ابنى ، ايه الاخبار
كامل و هو يلقى بنفسه على المقعد بجوار ابيه : مافيش جديد ، قعدنا شوية و بعد كده احمد و محمود استأذنوا عشان يمشوا ، فنادر و نبيل قاموا هم كمان و قالوا هيوصلوهم ، فاستأذنت انا كمان و جيت ، انما انت بقى .. لما انت مش راجع الشغل فعلا زى ماقلتلنا ، مشيت ليه
ابراهيم و هو يعيد نظره الى الفضاء : ابدا ، بس كنت محتاج اقعد مع نفسى شوية
كامل بمرح : اوعى تكون بتفكر تتجوز بجد زى مافرح قالتلى
لينتبه ابراهيم على ذكر فرح فيقول : ان كان عليا ، انا مش عاوز غير انى اتطمن عليك و عليها
كامل بفضول : تقصد فرح
ابراهيم بتنهيدة : ايوة فرح
كامل بريبة : و مالها فرح يا بابا ، هو فى حاجة حصلت انا ما اعرفهاش
ابراهيم بوجوم : انا اتطمنت على اخواتها البنات مع اخواتك ، و اتطمنت على اخواتك معاهم ، لكن انت و فرح ، حاسس انى هموت من غير ما قلبى يتطمن عليكم
كامل : ليه بتقول كده بس يا بابا ، ربنا يديك الصحة و طولة العمر
ابراهيم : يا ابنى انا كبرت ، و الاعمار بايد الله وحده ، و كان نفسى اتطمن عليك انت و فرح ، و من كتر ما اتمنيت انى اتطمن عليكن ، حلمت حلم غريب ، ومش عارف ازاى صدقته و مشيت وراه و خايف اكون اتسرعت فى اللى عملته
كامل : حلم ايه ده يا بابا اللى حلمته و ايه ده اللى اتسرعت و عملته
ابراهيم بخجل : حلمت ان انت و فرح اتجوزتوا ، و من ساعة الحلم ده و انا عمال ابنى فى امانى لدرجة انى مشيت وراها و فاتحتها النهاردة فى الموضوع ده
لينظر كامل الى ابيه ببعض الفضول قائلا : فاتحتها ازاى يعنى مش فاهم ، قلتلها ايه يابابا
ابراهيم بتنهيدة : عرضت عليها انى اخطبها ليك يا ابنى
كامل و هو لازال تحت تأثير الصدمة : خطبتلى انا فرح بنت اخوك ، دى اصغر منى باتناشر سنة يا بابا ، ده اخواتها الكبار متجوزين اخواتى الصغيرين
ابراهيم : الفرق اللى بينكم ماهواش كبير للدرجة دى يا ابنى ، انا كنت اكبر من امك الله يرحمها بخمستاشر سنة ، و ما اعتقدش ان كان فى حد فى سعادتنا و احنا مع بعض ، و رغم انك كنت لسه صغير وقت ما امك الله يرحمها ما ماتت ، الا انك اكيد فاكر كنا عاملين ازاى مع بعض
كامل : ايوة يا بابا بس فرح ….
ليقاطعه ابراهبم قائلا ببعض الحدة : بس ايه و مابسش ايه ، انا عارف انى جريت ورا حلمى من غير تفكير ، و عارف انى اتسرعت ، بس اللى مش عارفه هى ممكن تنسالى طلبى ده و تسامحنى و اللا لا
كامل بتردد : هى … هى ردت عليك و اللا سكتت و اللا ايه بالظبط اللى حصل
ليقص عليه ابراهيم كل ما دار بينه و بين فرح ، ليقول كامل : يعنى المفروض انك اديتها فرصة تفكر و تقول رأيها
ابراهيم : ايوة ، رأيها اللى انا عارفه و متوقعه من دلوقتى
كامل : و اللى هو ايه بقى ؟
ابراهيم : اكيد هترفض مش محتاجة كلام يعنى ، و اكيد بعد كده هتتعامل معايا انا و انت بحزازية و يمكن مع اخواتكم كمان
كامل بفضول : و ايه اللى مخليك متأكد اوى كده انها هترفض
ابراهيم بتنهيدة : طول عمرها و هى واخدة موقف من صنف الرجالة بحاله ، ده سبحان من خلاها تتعامل مع الكل و تتكلم و تضحك ، بس انا طمعت بزيادة و فكرتها ممكن تلين و توافق
كامل بشرود : طب مش يمكن توافق
لينظر اليه ابراهيم بفضول قائلا : انت عاوزها توافق
كامل بانتباه : الصراحة يا بابا ، انت عارف انى شايل من دماغى موضوع الجواز ، لكن لو فرح وافقت ، فانا كمان موافق
لينظر اليه ابراهيم و كأنه لا يصدق اذنيه و قال : انت بتتكلم جد يا كامل ، يعنى انت اخيرا قررت تتجوز
كامل : لا يا بابا ، ما قررتش اتجوز ، لكن موافق انى اتجوز فرح
ابراهيم بعدم فهم : يعنى ايه مش فاهم
كامل : مش فاهم ايه يا بابا ، انا كلامى واضح ، انا مابفكرش نهائى فى موضوع الجواز دلوقتى ، لكن لو فرح وافقت على اقتراح حضرتك فانا كمان موافق
ابراهيم : يعنى ايه ، هتتجوز تقضية واجب
كامل : لا يا بابا مش تقضية واجب و لا حاجة ، فرح انسانة صبورة و مكافحة ، دكتورة و مثقفة و يعتمد عليها ، عندها طاقة ايجابية تكفى جيل بحاله ، و فوق كل ده كله … قلبها كبير
يعنى باختصار شديد .. يوم ما افكر فى الجواز مش هلاقى احسن منها
•تابع الفصل التالي "رواية ولما قالوا دي صبيه" اضغط على اسم الرواية