رواية نيران العشق و الهوي الفصل الثامن 8
كانت بغرفتها جالسة على الفراش تعانق وسادتها وتبتسم ببلاهة وتتردد في ذهنها جملته “أنا مش هتجوز غير ندى” فيطرق قلبها كالطبول ويتراقص فرحاً..
وتتمنى من أعماق قلبها ان يكون هذا واقع عاشته وليس كابوساً تفيق منه بعد برهة من الزمن..
طرقات خافتة على باب غرفتها، جعلت جسدها ينتفض بفزع.
فقالت بهدوء وهي تترك الوسادة وتعتدل في جلستها:
_أدخل..
دلفت فتحية وجلست بجانبها قائلة:
_أيوب طلبك للجواز يابتي.
ردت ندى بصوت مبتهج:
_عارفة يما، ده أنا هموت من الفرحة.
قالت فتحية بعجل:
_بعيد الشر عنك يابتي..وصمتت قليلاً ثم تابعت:
_أنتي طبعاً موافجة عليه.
ردت ندى بتهكم:
_ودي عاوزة سؤال يما.
أمسكت فتحية يدها وقالت بهدوء:
_أنا أمك مش عدوتك، وعاوزة مصلحتك جبل اي حاجة.
قالت ندى بقلق غزا قلبها من حديث والدتها:
_و أنا عشان أنتي أمي سامحتك، فـ جولي يما الكلمتين المحشورين في زورك.
أذدردت فتحية لُعابها وقالت بتريث:
_أيوب مش مناسب ليكي يابتي.
سحبت ندى يدها بحدة قائلة:
_يعني العمدة هو اللي كان مناسب يما، أنتي عاوزة أيه تاني مني، ليه هتحرميني من فرحتك ولا كأني ضرتك.
هتفت فتحية بحنق :
_أسمعي أمه طبعها صعب، ومش بتحبك، وهطين عيشتك، انا باصة لجدام يابتي.
ردت ندى ببرود:
_انا هتجوز أيوب مش أمه يما، وكلنا عارفين مين أيوب وجد إيه عيحبني…
وصمتت ندى لتلتقط يد والدتها تضمها بين راحتيها واسترسلت برجاء:
_يما متقفيش في وش سعادتي، مش عاوزة أمي تكون هي السور الفاصل ما بيني وبين فرحة قلبي
.
هزت فتحية رأسها وقالت بتريث:
_ماشي يابتي جرارك وانتي المسئولة عنه، مبروك عليكي ياحبيبتي.
ابتسامة زينت ثغر ندى وضمت والدتها بسعادة قائلة:
_مش عارفة أجولك إيه يما، بس أنا فرحانة جوي.
ربتت فتحية على ظهرها بحنو قائلة:
_ربنا يسعد جلبك يابتي.
••••••••••••••••••
بمنزل سيدة
جالسة إعتماد ومصطفي وسلمان بصالون منزلها البسيط المتواضع..
تحدث سلمان قائلاً:
_بصي ياسيدة من غير لف ولا دوران أحنا جايين نطلب إيد ورد بتك لـ مصطفى ولدي.
وتحدثت إعتماد:
_وبتكم جمال وأخلاق ومتربية على أيدنا، ها جولتي إيه.
هتفت سيدة بهدوء:
_واحنا مش هنلاجي زي مصطفى بيه ياست اعتماد، بس أنتي عارفة الرأي رأيها هشوفها ورد عليكم.
تقدمت منهم ورد وهي تحمل صينية عليها أكواب العصير لتقديمها لهم..
وقامت بوضعها على الطاولة الصغيرة بالمنتصف.
لتقول إعتماد:
_أهي ورد جات أهي جولي يابتي موافجة على جوازك من مصطفى.
قالت ورد بجمود:
_لا ياست إعتماد، مجيتكم فوق راسي بس مش موافجة.
استقام مصطفى واقفاً وهو يقول:
_ليه يا ورد إيه اللي حصلك.
عقدت ورد ساعديها وردت قائلة:
_زي ما سمعت يامصطفى بيه، مش موافجة، أنت من طريق، وانت من طريق تاني خالص.
قال مصطفى باندهاش:
_يعني إيه الكلام ده ياورد.
وثب سلمان قائماً وهو يقول:
_يعني اترفضت ياولدي جوم بينا خلينا ، ده نصيب.
استقامت إعتماد قائلة:
_استهدوا بالله بس ياچماعة أحنا هنمشي دلوج، تكون ورد فكرت كويس وتبجا تدينا خبر سيدة على جرارها الأخير.
هتفت سيدة بخجل من تصرف أبنتها:
_أشوفها بس فيها إيه ونرد عليكم.
مر مصطفى اولاً من أمامهم بغضب واتبعه سلمان وإعتماد، تاركين سيدة وابنتها معاً.
جلست ورد على الأريكة بوهن وذرفت أعينها الدموع..
اقتربت منها سيدة وهي تجلس بجانبها وقالت بهدوء:
_هتبكي ليه دلوج، مش أنتي اللي رفضتيه، إيه اللي جرالك يابتي؟.
قالت ورد بغصة باكية:
_لو مشيت ورا جلبي يما أنا اللي هخسر، أهو شوفتي بعينك أمه مجتش معاهم، ولو وفقت هعيش الباجي من عمري في إهانة وأنا بسمع كلام أمه اللي زي الدبش.
ربتت سيدة على كتفها بحنو قائلة:
_لا عاش ولا كان اللي يهينك يابتي، وبعدين مصطفى هيحبك وهيشيلك جوة عيونه.
أردفت ورد قائلة:
_بس لأمتى هنستحمل، و لأمتى هيقف معاي فالنهاية دي أمه، أخاف نزهق ووجتها الحب مش هيفيدنا يما.
هزت سيدة رأسها بتفهم قائلة:
_وانا مجدرش أغصبك على حاچة يابتي الرأي رأيك ودي حياتك، بس منردش عليهم على طول خدي وجتك فكري كويس، العمر بيچري يابتي ومصطفى مش هيفضل مستني طول العمر.
غمغمت ورد بهدوء:
_حاضر يما هفكر.
•••••••••••••••••
دلفت إلى السرايا أمرأة بجلباب أسود وحجاب من نفس اللون وبجانبها فتاة في العشرون من عمرها، وشاب في أواخر العشرون ويحملون بأيديهم أكياس سوداء .
اقتربت منهم إعتماد قائلة:
_يا مرحب يا مرحب بيكم، خطوة عزيزة نورتونا…
عانقت المرأة والفتاة بود وصافحت الشاب قائلة:
_أهلا باللي هياخد الغالية مني..
ابتسم يسري قائلاً:
_الغالية هحطها فعيني وتيجي تشوفيها وجت ما تحبي.
راق لها حديثه فقالت إعتماد:
_أصيل كيف ابوك الحاج الله يرحمه، يلا تعالوا اتفضلوا.
جلسوا على الأرائك الخشبية المزخرفة بمنتصف ساحة السرايا.
ليقترب منهم سلمان وقال بعتاب:
_أهلاً بيكم شرفتونا، إعتماد يلا جايلة من شوي أنكم جايين ليلة كده كنتوا لاجيتم البيت كله هيرحب بيكم.
تمتمت المرأة بهدوء:
_انتو أهل الكرم كله، وتلاجي إعتماد سهت منها بس.
هبط أيوب من أعلى درجات السلم لتقول إعتماد:
أهو أهو عروستنا جه أهو.
عقد أيوب حاجبية وتقدم منهم قائلاً:
_أهلاً وسهلاً نورتونا.. ونظر لوالدته يحثها على التحدث ليعلم من هؤلاء.
قالت إعتماد بتوتر تجلى في نبرتها:
_لمؤاخذة ياست رشيدة أصل أيوب ولدي كان غايب ونسيت اجوله..
وأشارت على الشاب وتابعت:
وده ياولدي يسري ولد الحاچ نعمان الفايد و أمه الست رشيدة والجمر دي أخته إيمان، جايين يطلبوا يد أختك سهر لـ يسري.
صافح أيوب يسري بود قائلاً:
_أهلا بيك نورتنا..
ونظر لوالدته متابعاً:
_تعالي يما عاوزك على انفراد ثواني بس.
ابتسمت إعتماد قائلة:
_عن إذنكم البيت بيتكم ياجماعة وسلمان
جاعد معاكم أهو هشوف أيوب وراجعة.
قالت رشيدة بلطف:
_وماله ياخيتي إذنك معاكي،خدي راحتك.
مر أيوب و إعتماد من أمامهم ليقفوا جانباً ويقول أيوب بصوت منخفض:
_مجولتيش ليه من الأول، ازاي تعملي ِكده من غير شورتي،وتكسفيني جدام الناس.
ردت إعتماد باقتضاب:
_ياولدي وهو أنا جصدي برضه، أنا كنت هجولك يوم ما مشيت من البيت بسرعة.
هتف أيوب بحدة:
_هعديها عشان الناس دي، بس ليا كلام تاني معاكي.
_ماشي ياولدي بس روح هات أختك من فوق هي عند ندى هتتجهز.
هز أيوب رأسه بنعم وذهب على مضص.
•••••••••••••
كانت سهر بغرفة ندى،جالسة أمام مرآة الزينة.
صدر صوت ندى وهي تمسك بيدها حجاب بلون اللافندر قائلة:
_ده ياسهر هيليق معاه.
نظرت لها سهر فكان زيها عبارة عن دريس بلون الأبيض مزخرف ببعض الفرشات من نفس لون الحجاب.
تمتمت سهر بهدوء:
أيوة هاتيه، خليني أخلص قبل ما الناس ما تيجي.
طرق أيوب على باب الطابق بالخارج ففتحت له “فتحية” الباب.. فقال هو:
_ سهر جهزت يامرات عمي.
ردت فتحية ببرود قائلة:
_جوة في أوضة ندى خبط عليهم وشوفهم.
دلف أيوب، وطرق على الباب..لتفتح ندى الباب فوقفت بصمت مبتسمة.
“وعند رؤيتك يبتهج قلبي كأنه يوم عيد، يأتيكِ مأخوذًا من نبضاته كأنه ولد من جديد، والشوق لعيناكِ يزيد، فهل لي ان أغفو يوماً بين يديكِ فأحيا من جديد.”
تعجبت سهر من تأخر ندى وعدم الأستماع لصوتها فاستقامت واقفة واقتربت عند الباب لتقول مبتسمة فور رؤيتها لـ أيوب:
_أيوب، جيت تاخدني.
عانقها أيوب بمحبة وهو يقول:
_لا، سي ياسري هو اللي هياخدك منا ياستي.
انفضلت عنه سهر ونظرت لـ ندى بمكر قائلة:
_وانا أجول الست ندى راحت فين، صدق اللي جال من لقى أحبابه نسى أصحابه.
وكزتها ندى ونظرت لها بحدة، فقال أيوب مبتسماً:
_ندى، هحكي مع سهر دقيقتين سبينا لحالنا.
اجابت ندى بخفوت:
_حاضر…
ومرت من أمامهم.
أمسك أيوب يد سهر وجلسا على الفراش فقال هو:
_مش عارف أمتى كبرتي والعمر عدى بينا، بس جوليلي مبسوطة موافجة من كل جلبك.
ردت سهر بمرح قائلة:
_والله لو حلو زيك كده يبجا هوافج.
قال أيوب بمحبة:
_محدش يجدر يجبرك على حاچة، لو مش موافجة جولي.
أردفت سهر:
_مش عارفه، بس أكيد مع الوجت هحبه، وكل أصحابي متجوزين ومعاهم عيال كمان، جعادي مالوش لازمة معاكم.
رد أيوب بحدة:
_أهو ده بحد ذاته غلط لو….
قاطع حديثهم دخول ندى وهي تقول:
_أيوب مرات عمي عــ تنده، يلا عشان الناس عايزين يشوفوا العروسة.
تمتم أيوب بخفوت:
_جاي أهو يا ندى.
وثبت سهرقائمة وهي تقول:
_هم بينا ياخوي ومتخافش عليّ لو فيه حاچة هجولك.
هز أيوب رأسه بتفهم وذهبا معاً.
•••••••••••••••••••
عند ورد تجهزت بثياب للخروج،و دلفت لوالدتها قائلة:
_يما أنا هروح أجيب شوية طلبات للسرايا لأن الحجة نعيمة رجلها تعباها شوي هتعوزي حاچة.
هتفت سيدة:
_ لا يابتي، ربنا معاكي ويستر طريقك.
غمغمت ورد بخفوت وهي تحمل حقيبة يدها:
_أفوتك بعافية يما.
غمغمت سيدة بهدوء:
الله يعافيكي يابتي.
غادرت ورد منزلها.. وأثناء خروجها كان يقف هشام مبتعداً عن أنظار عتمان، منتظر خروج أيوب، حتى رأى ورد، فأتبع خُطاها.
وما ان رأها تبتعد عن السرايا اقترب منها وهو يصيح قائلاً:
_لو سمحتي، ياست..
نظرت له ورد باندهاش قائلة:
_حضرتك عليا.
هز هشام رأسه بنعم.
لتقف هي مكانها متعجبة:
_خير في حاچة حضرتك تعرفني.
قال هشام:
_ انا شوفتك خارجة من سرايا وهدان، حضرتك شغالة عندهم.
عقدت ورد حاجبيها بتعجب قائلة:
_وانت أتسأل ليه، عاوز إيه!؟.
تأفف هشام قائلاً:
_والله ياست أنا ما بعاكس، كل الموضوع أني عاوز أوصل لـ أيوب بيه، وجيت كذا مرة عشان أشوفه وبحس عتمان ده مش بيجوله أنه سألت عليه،جدتي عاوزة توصله؛عشان تبلغه حاچة.
ردت ورد حائرة:
_طيب ياسيدي انا وأمي الحجة سيدة شغالين عندهم، ممكن جدتك تعرف أمي،وشوف هي عاوزة توصل إيه وانا تحت أمرها.
هتف هشام بعجل:
_لا أنا بس عاوزك تجوليله ان فيه واحد عاوز يشوفك ضروري مسألة حياة أو موت، وممكن تجوليلي أسم حضرتك إيه عشان ابقا اجول لـ جدتي.
ردت ورد بضيق:
_لا مش هجول أسمي، وهوصل رسالتك لـ أيوب.
قال هشام بعجل:
_ربك يشهد على اللي جايله أنا مكدبتش عليكي في حاچة وربنا أعلم بنيتي.
صمتت ورد قليلاً، ثم قالت:
_اسمي ورد خلاص ِكده.
ابتسم هشام قائلاً:
_الله يراضيكي ياست ورد تشكري.
غمغمت ورد بخفوت:
_الشكر لله.
••••••••••••••••••
داخل السرايا، اقتربت منهم سهر وهي تقدم عصير الضيافة، وما ان أنتهت من توزيع الأكواب وضعت الصينية أعلى الطاولة فقالت رشيدة:
_تعالي ياعروستنا اجعدى جمبي.
جلست سهر بينها وبين أبنتها،فنظرت لها رشيدة قائلة:
_أخلاق وحلاوة،صح يا يسري.
رد يسري قائلاً:
_اللي تشوفيه يا أمي.
قال أيوب بتهكم:
_إيه يايسري هو أنت اللي هتتجوزها ولا حد غيرك.
وكزته إعتماد بجانبه سريعاً.
فقالت رشيدة:
_أصل يسري ولدى بيتكسف، مبيعرفش يعبر عن رأيه، على العموم أحنا موافجين وجاهزين من كل حاچة، الشجة جاهزة ناقصها عفشكم، واللي تقولوا عليه أحنا معاكم.
ردت إعتماد قائلة:
_خير البر عاجله، أحنا ليه نتأخر، طالما الكل مرضي يبجا نجيب دهب بعد بكرة.
مال أيوب على أُذن والدته قائلاً بخفوت:
_مسمعش حسك تاني يما، أنا مش كيس جوافة أهنا أنا وعمي جعدين أهو أحنا اللي نتفق، بدال ما اخدك من يدك واحبسك فوق لحد ما نخلص.
رمقتهم رشيدة بتعجب قائلة:
_إيه يا أيوب ياولدي في حاجه معاك.
رد أيوب قائلاً:
_لا، بس بجول لامي طالما خير البر عاجله يبجا أنا كمان أجيب دهب لخطيبتي، أهو يبجا كل حاجة رسمي.
وكزته أعتماد بجانبه ونظرت له بامتعاض، فغمز هو لها بعينه.
ونظرت رشيدة لأبنتها الجالسة بجانبها بتمعن، لتستقيم قائمة وهي تقول :
_طيب يا إعتماد نجوم أحنا نمشي، لينا زيارة تانية أن شاء الله.
ردت إعتماد قائلة:
_ما لسة بدري ياست رشيدة.
أردفت رشيدة بخفوت:
_بدري من عمرك ياحبيبتي، يلا فوتك بعافية.
عانقتها إعتماد قائلة:
_لينا كلام على المحمول.
غمغمت رشيدة بهدوء:
_وماله نبجا نتكلم، هموا بينا ياولد يلا.
••••••••••••••••
بمنزل الحجة زبيدة، جلس هشام على طرف فراشها وقص عليها مقابلته لـ ورد، وانهى حديثه قائلاً:
_أنا تعبت والله ياستي من أنتظار أيوب ده، أنا مش عارف إيه السر بينك وبينه، ياريت تجولي وتريحي نفسك.
قالت زبيدة بجمود:
_أنت تعرف ورد اللي جابلتها النهاردة تبجا بت مين.
رد هشام متعجباً:
_جالت اسم أمها سيدة، هيكون مين يعني؟!
هتفت زبيدة:
_ورد مش بت سيدة يا ولدي.
نظر لها هشام متعجباً وهو يقول:
_اومال بت مين ياستي؟
تمتمت زبيدة بخفوت:
_ورد تبقا بت إعتماد .
- يتبع الفصل التالي اضغط على ( رواية نيران العشق و الهوي ) اسم الرواية