رواية القاسي الحنين الفصل الرابع عشر 14
الفصل الرابع عشر
خرجت فرح وهى مصدومة وحزينة من ردة فعل حازم ، فهى بالفعل قلقة للغاية عليه ، كانت فقط تريد الاطمئنان عليه ، لقد تغير كثيرا الفترة الماضية معها، يعاملها برقة شديدة ، واحترام متبادل، لماذا هذه الثورة الكبيرة ، أتسألين لماذا وكل شئ كان أمامك ، لابد وأن تلتمسي له العذر ، من الواضح جدا أن هذه الفتاة صاحبة ماض سئ مع حازم ، لابد وأن تعذريه.
فرح بصوت عال: لا مش هعذره.
"برده بتتكلمى مع نفسك بصوت عالى"
رفعت نظرها ووجدت صاحب الصوت هو حازم، نظرت له بحزن وأدارت وجهها عنه .
اقترب منها حازم وجلس على الكرسي المقابل لها ، تنهد بحزن شديد ، أحست فرح به وبحزنه، رفعت عينيها وبالفعل كان الحزن مرسوما على وجهه ثم نظرت أدارت عينيها عنه.
حازم برقة: فرح ، بصي لى لو سمحت.
فرح ناظرة له: أيوة.
حازم : أنا بجد آسف ، مكنتش أقصد أنفعل عليك بالشكل ده.
فرح بهدوء : أنا بس كنت جاية أطمن عليك.
حازم بابتسامة : عارف والله ، حقك عليا متزعليش منى.
فرح : مفيش حاجة والله خلاص.
حازم : مش مصدق.
فرح بابتسامة: طيب أعمل إيه عشان تصدق.
حازم : تقومى معايا دلوقت ، وأعزمك عالغدا .
فرح: لا ملوش لازمة خالص، والله مش زعلانة.
قام حازم من مكانه ، وأمسك حقيبتها ، وذهب عندها ، وأمسكها من يدها لكى تنهض.
حازم : يلا قومى بقى.
أحست فرح بقشعريرة تسرى في وجدانها ، نظرت ليدها وهى بداخل يده ، ثم رفعت عينيها تنظر داخل عينيه بحب شديد ، أحس حازم بإحراج شديد مما فعله، ترك يدها بهدوء شديد ، وحاول أن يخفف من حدة ما فعله.
تنحنح حازم : احم، يلا يا فرح ، يعنى يرضيكي كل يوم أتغدى ووشى في وش فارس وكريم.
ابتسمت فرح له ابتسامة عشق ووله وهيام، وردت عليه بصوت خافت.
فرح بصوت خافت: أوك.
تجلس فرح مع حازم ناظرة إلى ماء النيل ، شاردة فيما يحدث لها وبما تشعر به تجاه حازم ، هى تشعر بمشاعر جديدة عليها ، تحاول أن تفهمها ، هى فى حالة من التخبط الشديد ، بس الشئ الوحيد الذى تفهمه ومتأكدة منه هو أنها سعيدة معه وبقربه.
حازم : حلو منظر النيل.
فرح : جداااا.
حازم : ده مكانى المفضل ، على طول هنا.
فرح : مكان جميل فعلا.
أشار حازم لعامل الطلبات لكى يأتى.
العامل : تحبوا تطلبوا إيه؟
حازم وفرح معا : مكرونة.
نظرا الاثنان لبعضهما وابتسما ابتسامة كبيرة ، أملى حازم للرجل بقية الطلبات وانتظرا حتى يأتى الطعام.
حازم : شكلك من عشاق المكرونة زى.
فرح : بحبها جدااا ، أكلتى المفضلة.
حازم : واضح إننا شبه بعض في حجات كتيرة.
فرح بابتسامة : ههههه واضح كده.
انتهى حازم وفرح من تناول طعامهما .
حازم : فرح بجد أنا آسف على إللى قلتله ليك النهاردة ، أصل أنا انصدمت لما لاقيتها في وشى ، دى أكتر حد آذانى في حياتى، دى شيطان.
فرح : يااااه ،للدرجة دى .
حازم: وأكتر من كده ، دى كانت شغالة في شركة الحج فى الحسابات ، معرفش إزاى قدرت توصلى مع إنها كانت موظفة عادية ، ضحكت عليا وخلتنى مش شايف غيرها ، حبتها جدا مع إنها مش شبههى زى ما أنت شفتى طريقة لبسها .
فرح : أنا استغربت فعلا إنك ممكن تعرف حد بالشكل ده.
حازم : الكل قال لى كده ، بس أنا كنت مغيب لحد ما غدرت بيا.
أخذ حازم يتنفس بصوت عال دليل على انفعاله الشديد عندما تذكر ما فعلته به.
فرح : لو مش قادر تتكلم بلاش.
حازم : لا أنا محتاج أتكلم ، بقالى حوالى سبع سنين كلام فى قلبي ، سرقت عقود شراكة كانت ما بينا وبين شركة إيطالية كنا هناخد التوكيل بتاعها ، وطبعا ده خلانا نخسر التوكيل وتخسر التعامل مع الشركة دى في المستقبل .
فرح : عشان كده مش بتشتغل فى شركة والدك.
حازم : أيوة : ده أنا حتى رافض آخد أى أرباح من الشركة لحد لما أدفع قيمة الشرط الجزائي.
فرح : بص هقولك على حاجة ، كل واحد فينا بيقابل شخصية في حياته بتأثر عليه تأثير سلبي ، وبتغير مننا كتير ، بس الشاطر إللى يقوم بسرعة ، لإن الناس دى متستاهلش إننا نقع عشانها.
حازم : عندك حق ، أنا فهمت الكلام ده متأخر .
فرح : المهم إنك فهمته مش مهم امتى.
حازم : طيب دى حكايتى ، أنت إيه حكايتك؟
فرح بمشاغبة: حكاية إيه؟ أنا بلا حكايات.
حازم : إزاى ده أنت لسه قايلة إن كل واحد فينا بيقابل شخصية سلبية .
فرح بحزن : أكيد فى ، بس مشكلتى إنى مش عارفة أتكلم أصلا ولا قادرة.
حازم بإشفاق: هيجي اليوم واللى تتكلمى فيه ، صدقينى ، بس لما يجي اليوم ده أتمنى إنى أكون الشخص إللى احكيلك.
فرح بأمل : أكيد.
حازم : نطلب الحلو؟؟
فرح بابتسامة : نطلب الحلو.
عند أمل
يدق جرس الباب ، قامت أمل واتجهت نحوه لكى ترى من ، استغربت لأن لا أحد يأتى لزيارتهم ، وفرح عندما تعود تفتح بمفتاحها.
فتحت أمل وصدمت عندما وجدت الطارق.
أمل بصدمة : صالح؟!!!
صالح: ازيك يا أمل ؟
أمل بجمود : الحمد لله.
صالح : مش هتقوليلي اتفضل ولا إيه؟
تركت أمل الباب مفتوحا واتجهت للداخل ، دخل وراءها صالح وأغلق الباب خلفه ثم ذهب وجلس بجانبها فابتعدت عنه.
صالح: ياااه ، مش طايقة تقعدى جنبي حتى .
أمل : راجع ليه ؟
صالح: وحشتونى .
أمل بسخرية : إيه ده بجد ؟
صالح : مش مصدقة ولا إيه ؟
أمل : أنا أصدق أى حاجة ممكن تحصل إلا إننا وحشناك.
صالح : إزاى يا أمل ده أنت مراتى وعشرة عمرى وأم بنتى.
أمل : وأنت صونت عشرة العمر دى فعلا.
صالح : يا أمل أصل أنا ....
أمل بمقاطعة : مش عاوزة أسمع منك أى تبرير ، خلص وقت الكلام ده ، قولى عاوز إيه ؟
صالح : مش عاوز حاجة ، كنت محتاج أشوفكوا.
" واحنا مش محتاجينك في حاجة "
كان هذا رد فرح عليه ، لقد عادت للتو وسمعت هذا الحوار الدائر بينهما.
صالح محتضنها: فرح حبيبتي وحشتينى.
فرح بجمود : شكرا.
صالح : هو إيه إللى شكرا ، ده بدل ما تقوليلي وحشتني يا بابا.
فرح بسخرية: توحشنى لو كنت بحس إنك أبويا ، أنت طول عمرك سايبنا، ماما هى الأب والأم إنما أنت لا ، كل إللى عملته في حياتك معانا كوم واللى حصل منك السنة اللى فاتت ده كوم تانى.
صالح : يا بنتى أنا من حقى أتجوز.
فرح : وماله براحتك ، بس ملكش دعوة بينا ، تقدر تقولى رجعت ليه ؟
صالح : جيت أشوفكوا لو محتاجين حاجة.
فرح : ههههه ، لو الاحتياج محتاجين كتير، كنت محتاجة لك لما وقفت فى الشارع لوحدى ومش لاقية حد يروحنى، كنت محتاجة لك تحمينى من أى حد يضايقنى ، كنت محتاجة لك لما أمى تعبت ومش عارفة أتصرف لوحدى لولا راجل غريب عنى هو إللى وقف معانا ، ده دور الأب بس للأسف أنت جاى متأخر.
وقف صالح والدموع في عينيه ، لا يستطيع أن يرد على ابنته فهى محقة ، لا يستطيع أن يلومها في أى شئ.
صالح: مش هقدر ألومك ، بس كل إللى محتاجه منك إنى أشوفك كل فترة ، وكل شهر أنا بزود فلوس في حسابك في البنك عشان لو احتاجتوا حاجة.
فرح : قلتلك مش محتاجين حاجة ، وفر فلوسك للعروسة الجديدة.
تجمدت الكلمات على لسانه ، فشخصية فرح هى نتاج تربيته ومعاملته لها ، ثم اتجه ناحية باب الشقة وخرج منها.
ارتمت فرح في حضن والدتها تستمد منها القوة التى تتظاهر بها ، فهى من الداخل ضعيفة جدا ولكن لا مجال لها سوى القوة.
في الشركة
فارس: هتسافر مؤتمر الغردقة ولا إيه؟
حازم: آه طبعا ، ده جايلنا دعوة مخصوص ، واهى دعاية للشركة .
كريم : وأهو تغيير جو.
حازم بتردد: بفكر آخد فرح معايا بما إنها مسؤلة العلاقات العامة.
فارس غامزا لكريم: ملهاش لازمة يعنى طالما احنا إللى مش منظمين المؤتمر.
كريم : آه فارس عنده حق.
حازم بحدة : لا لا أنا عارف بعمل إيه، وخلاص أنا اتفقت معاها وبلغتها. ثم تركهم حازم وفر بعيدا عن أصدقائه.
كريم ضاحكا : شكلك وقعت يا سي حازم.
فارس : بس على الله ميكابرش.
فى الغردقة
صعد حازم وفرح كلا منهما لحجرته .
حازم : هتنزلى على معاد العشا؟
فرح: آه ، هرتب حاجاتى وأنزل.
حازم: أوك.
تجلس فرح في شرفة غرفتها ، تنظر للبحر كأنها تتحدث معه.
فرح لنفسها : وافقتى ليه يا فرح وأنت عارفة إن ملكيش لازمة تحضرى ، كده خطر ، ماشية ورا مشاعرك وده غلط ، بس هو أكيد حاسس بحاجة من ناحيتي وإلا مكنش اتغير في معاملته مش معايا بس ده مع كل الناس ، أروى قالتلي إنه اتغير مع الكل ، طيب وبعدين اتكلم معاه ولا أعمل إيه ؟ مش عارفة أفكر ، الأول لازم أحدد نوع المشاعر دى إيه ؟
يوم المؤتمر
تجلس فرح بجانب حازم وتتابع فعاليات المؤتمر ، كان حازم يجلس بجانبها غير منتبه لما يحدث ولما يقال ، كان يشعر بصداع شديد وإرهاق كبير ، بدأ تعبه يزداد ، وبدأ نفسه يضيق عليه .
حازم بتعب : فرح ، أنا مش قادر أتنفس هخرج بره.
فرح بخوف: في إيه استنى هاجى معاك.
لم ينتظرها حازم حتى تأخذ حقيبتها وخرج مسرعا ، خرجت فرح تبحث عنه وجدته يقف بعيد ، جرت عنده.
فرح : مستر حازم قولى حاسس بإيه ؟
حازم بصوت ضعيف : مخنوق ، وصداع جامد ، حاسس بخنقة كبيرة.
فرح بذعر: طيب استنى هجيب لك كرسي.
كادت أن تبتعد فرح ولكن أمسكها حازم بيده وبدأ يتحدث بصوت يكاد مسموعا وعيون ما بين النوم والاستيقاظ.
حازم : متسيبنيش.
فرح بصراخ: حازم.
ثم سقط على الأرض مغشيا عليه 😭
( يا عينى عليكوا مش بلحق أفرحكوا💔 )
•تابع الفصل التالي "رواية القاسي الحنين" اضغط على اسم الرواية