Ads by Google X

رواية فطنة القلب الفصل الثامن عشر 18 - بقلم سلمى خالد

الصفحة الرئيسية

 رواية فطنة القلب الفصل الثامن عشر 18

اللهم إني أستودعك بيت المقدس وأهل القدس وكل فلسطين. اللهم ارزق أهل فلسطين الثبات والنصر والتمكين، وبارك في إيمانهم وصبرهم. اللهم إنا نسألك باسمك القّهار أنْ تقهر من قهر إخواننا في فلسطين، ونسألك أن تنصرهم على القوم المجرمين. 

اللهم  اشف جريحهم، وتقبّل شهيدهم، وأطعم جائعهم، وانصرهم على عدوهم. اللهم أنزل السكينة عليهم، واربط على قلوبهم، وكن لهم مؤيدا ونصيرا وقائدا وظهيرا. سبحانك إنك على كل شيء قدير؛ فاكتب الفرج من عندك والطف بعبادك المؤمنين.

____________________

فِطْنَة اَلْقَلْبِ

«قطوف الياسمين»


بقلم سلمى خالد " سماسيموو"


سبحانك اللهم بحمدك سبحان الله العظيم

اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد


الفصل الثامن عشر

(وَعَاشِرَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ)


سار بخطواتٍ مهرولة داخل المشفى، يبحث بعينيه اللتان تآكلتا من الخوف على مازن، رأى مازن يقف جوار غرفة يتحدث إلى الطبيب ليسرع نحوه يردف بقلقٍ:

_  ماذا حل بقطوف؟!

استدار مازن لصوت خاله القلق، في حين اجابه الطبيب بصوتٍ هادئ:

_ اهدي يا شيخ مهران المدام كويسة ومفهاش حاجة، هو جرح بس براسها والتواء بسيط برجليها هيروح علطول وأنا بلغت الاستاذ مازن على دوا ويعمل إيه عشان تخف علطول.

تدخل مازن كي يهدئ من خوف خاله:

_ اهدي يا خالي قطوف كويسة، وهخدها دلوقتي ونروح.

نظر إلى مازن يردف بصوتٍ حاد:

_ ماذا حدث كي تصاب هكذا؟!

:_ في موتوسيكل جه بسرعة علينا وتقريبا كان قاصد لأنه خبط قطوف وسبنا وجري علطول.

اجابه مازن بهدوءٍ، في حين ضيق مهران عينيه بتفكيرٍ، ثم قال بنبرة غامضة:

_ حسنًا أذهب واحضر زوجتك.

كاد مازن أن يغادر، ولكن اوقفه مهران متمتمًا بكلماتٍ عجيبة:

_ يجب عليك الحذر يا بني.. فالأيام القادمة ليست سوى عاصفة لا نعلم ماذا سيحدث بها!

نظر له مازن بدهشةٍ، يتردد حديثه بأذنه مجددًا، ولكنه تحرك نحو الغرفة كي يحضر قطوف ويغادر سريعًا للمنزل.

*****

سار مازن بخطواتٍ هادئة نحو قطوف، يجلس جوارها بهدوءٍ، ثم مد يده يلامس هذا الجرح الموجود بجبينها، يشعر بندمٍ مما حدث لها، فتحت قطوف عينيها بعدما شعرت به، تنظر للندم داخله، ثم قالت ربما تزيل حزنه:

_ مش هتقولي برضو ليه بتحب مناجاة القمر؟

نظر لها مازن ثم اجابها بهدوءٍ:

_ عشان هي الوحيدة اللي وصفتني صح.

قطبت قطوف جبينها تتساءل مجددًا:

_ وصفتك صح إزاي؟!

تنهد مازن بأنفاسٍ مضطربة، ثم قال:

_ عشان كنت كل يوم استنى والدي يرجع وميرجعش.. سبني بوقت كنت محتاجة فيه.. وقت أي ابن بيستمد طاقته من أبوه.. فأنا كنت طول الوقت بكلم القمر بليل واسأله هو والدي بيكلمك ويسألك عني زي ما أنا بسأل عنه... ولما القمر يختفي افتكر شكل ابويا وهو بيمشي ويسبني.

شعرت قطوف بأنها بحاجة لمعرفة مازن، ليس هو الشخص الذي يضحك ويمارس حنانه على الجميع، بل يوجد شيئًا منكسر داخله لم يراه أحد، قاطع تفكيره يده التي حملتها بخفةٍ، شهقت بصدمةٍ، تردف بتوترٍ ممزوج بحرجٍ:

_ أنت بتعمل إيه نزلني دلوقتي!

رفع مازن حاجبه، يردف بسخريةٍ:

_ وهتمشي إزاي؟!

نظرت له بحنقٍ، تجيبه بصوتٍ مغتاظ:

_ ملكش دعوة نزلني.

:_ لاء.

قالها ببرودٍ يسير بها نحو الباب، في حين صرخت قطوف تدفعه بيدها كي ينزلها ولكن أمسك مازن بها جيدًا يردف بهمسٍ جوار اذانها:

_ أثبتي عشان مش هنزلك يا قطوف، ومتخلنيش امشي بيكِ لحد البيت كده.

توقفت قطوف عن الحرك، تنظر له بأعينٍ مغتاظة، يتلون وجهها بخجلٍ ممزوج بغضب، ثم أشاحت بوجهها بعيدًا، في حين علت بسمة ماكرة على وجه مازن، فتح الباب بخفةٍ وما أن خرج من الغرفة حتى شعرت قطوف بحرجٍ شديد من رؤية الممرضات لها، دفنت وجهها بكتفه، مرددة بصوتٍ حانق:

_ أمشي بسرعة يا مازن.

ضحك على طريقتها، وقال ببرودٍ:

_ لما ابقى سواق معاليكِ ابقى ازود السرعة.

ضغط قطوف بيدها على كتفه، تعلن عن غضبها الحاد منه، ولكن لم تستطع الحديث بسبب هذا الوضع الموجودة به، بينما ابتسم مازن بتسليةٍ ثم سار بها حتى وصل لسيارة مهران ووضعها بها ثم انطلق عائدين إلى المنزل.

*****

_ ايه اللي حصل للبت!

قالها ياسين يرى مازن حاملًا قطوف على ذراعيه، طرقت قطوف على كتف مازن قائلة بحنقٍ:

_ اوقف كده دقيقتين ياسطا.

رفع مازن حاجبيه بغيظٍ، في حين نظرت قطوف إلى ياسين قائلة:

_ ايه بت دي شايفني بلعب معاك.. أنت بتكلم أخصائية نفسية!

:_ بملحقين ياختي.. أخصائية نفسية بملحقين دا أنتِ مبتفهمش في البني آدمين.. أنا مش عارف مين حمار ادالكِ الشهادة دي؟!

قالها ياسين بسخطٍ، لتشهق قطوف بغيظٍ، مرددة وهي تطلع لمازن:

_ ما ترد عليه ولا مش هتجيب حق مراتك!!

رفع حاجبه باستنكار، ثم قال وهو يسلط بصره نحو ياسين:

_ بعد إذنك يا ياسين هنطلع.

سار بها نحو الأعلى، في حين صرخت قطوف بحنقٍ متمتمة:

_ مش هتجبلي حقي هجيبه أنا.

:_ طب ما تسكتي بدل ما اقوله إنك ناجحة بتلت ملاحق بجد!

قالها مازن ببرودٍ، في حين جحظت عين قطوف بصدمة تنظر له بتوترٍ متمتمة:

_ عرفت منين؟!

علت بسمة ساخرة ثغره، ثم قال:

_ مصاريفك أنا الي كنت بروح وادفعها وعرفت انك ساقطة.

تلون وجهها بحرجٍ، متمتمة:

_ طب استر عليا بقى.

رد ساخطٍ:

_ اتنيلي تعرفي تتنيلي.

عبست ملامحها بحنقٍ، بينما أغلق مازن باب غرفته ووضعها على الفراش بلطفٍ كي لا تتأذى، فتح مازن حقيبة الدواء واخرج منها بعض حبة دواء صغيرة واحضر لها الماء كي تتناولها، وبالفعل تناولتها بهدوءٍ، ثم أحضر المرهم الخاص بقدمها، وكاد أن يضع القليل ولكنها اوقفته بحرجٍ:

_ لاء استنى أنا هعملها.

تعجب مازن من رفضها، ثم قال:

_ أنتِ خايفة؟!

اشارت بالنفي، ثم اجابته بنبرة تحمل الحرج:

_ لاء.. بس مينفعش يعني تحط رجلي على رجلك كده!

ابتسم مازن لها بحنو، ثم جلس على الجانب الأخر، يضع قدمها على قدمه برفقٍ، يردف وهو يضع القليل المرهم:

_ وإيه اللي خلاه مينفعش.. لما أنتِ تعملي قصد وتحطيها في وشي ممكن نقول قلة ذوق آه.. انما أنا اللي واخدها وحطتها عشان علاج ليكِ.

بقت صامتة وهي تراه يلف قدمها برفقٍ، لم تشعر بألمٍ، ربما كان دفء يديه منعها من التألم، انتهى مازن من لف قدمها، ثم نظر لها قائلًا بهمسٍ حنون:

_ أنا عاهدت إني اعاملك معاملة يرضاه الله ورسوله.. وأنا بجتهد حتى لو جوازنا دا لسه على ورق... في النهاية أنتِ مراتي..

ثم اقترب بوجهه لها حتى أصبح همسه صغير للغاية يصل لأذنها فقط:

_ وحبيبتي.

أغمضت قطوف عينيها، يتلون وجهها بخجلٍ واضح، في حين ابتسم مازن وهو يتراجع إلى الخلف يردف بحنو:

_ جعانة!

فتحت عينيها تتطلع له، ثم اجابته بصوتٍ خافت:

_ آه.

تحرك نحو الأسفل كي يحضر لها الطعام، في حين وضعت قطوف يدها على صدرها ما أن شعرت بدقات قلبها تزداد بطريقةٍ عجيبة كلما اقترب منها.

مر وقت بقت هي شاردة به، وشعرت برغبتها في صنع شيئًا له، وطرقت برأسها فكرة استحسنتها، ليقطع هذا الوصال دلوف مازن مرددًا:

_ بصي مرات خالي عملت الصينية دي... لما عرفت إنك تعبانة.

نظرت قطوف لما على الصينية لتتسع عينيها وهي ترى دجاجة كاملة مسلوقة فقط، وإلى جوارها بعض من اللسان عصفور، هتفت قطوف بصدمة:

_ دا التواء.. امال لو نزيف كان إيه اللي حصل!

ضحك مازن على طريقتها يضع الصينية إلى جوارها ثم بدأ قطع الدجاجة واعطاء قطوف منها، أمسكت قطوف بقطعة اللحم منه قائلة بحرجٍ:

_ أنا هاكل.. دي رجلي اللي فيها التواء مش ايدي.

:_ ياستي سبيني أأكل مرة من نفسي.

قالها مازن بمرحٍ، في حين تركت قطوف يده وبدأ مازن بإطعامها بحنانٍ، انتهى من اطعامها ثم كاد أن يحمل الصينية ولكن هتفت قطوف بأعينٍ مدمعة:

_ أنا بقالي مدة كبيرة أوي نفسي أشوف بابا.. وحشني أوي.. كان بيأكلني زيك كده.. وكانت دايمًا بحس بحبه برضو زيـ..

صمتت فجأة ولم تكمل حديثها، في حين ابتسم لها مازن يكمل الحديث بدلًا منها:

_ زي كده.

تمتمت بصوتٍ متوتر:

_ مقصدش الصر..

قاطعها يردف بدفءٍ:

_ متقصديش إيه! إني دايمًا بحاول احسسك بحبي ليكِ.. طب ما أنا بحبك يا قطوف.

اتسعت عينيها فجأة تنظر نحوه، في حين استرسل حديثه قائلًا بصوتٍ هادئ:

_ معرفش إزاي متعرفيش إني حبيتك.. بس دي الحقيقة حبيت البنت اللي مهما حصل بينا مسبتنيش وقاومت خوفها مني في وقت غضبي عشان تطمن عليا.. حبيت البنت اللي اختارتني أكون أمانها وقوتها.

بقت صامتة ولم تعلق، في حين شعر مازن بخجلها الظاهر، وأن تلك هي المرة الأولى التي تستمع لهذا الحديث، وبالأخص منه، نهض من مكانه وحمل الصينية، يردف ببعض التعب:

_ أنا هشيل الصينية واجي أنام.

حركت رأسها ولم ترد بكلمة، في حين غادر مازن الغرفة وهو يشعر بالسعادة من اعترافه أخيرًا بحبه لقطوف.

*****

صعد ياسين نحو غرفته، ولكن تقابل مع ميرفت التي بقت تتطلع له بحقدٍ دافين، منحها ياسين نظراتٍ مشمئزة مما تفعله، وتخطاها سيرًا لغرفته، ولكن تقابل مع مازن الذي يحمل الصينية، تمتم ياسين بتعجب:

_ ايه يابني كل دا منمتش دا إحنا هنصحى من نجمة بكرة عشان نشوف الأرض.. المفروض بكرة الزرع يكون كبر شوية.

نظر مازن لما بيده ثم قال:

_ هودي الصينية دي واجي.

حرك رأسه بايجابية، ثم نظر يمناه ويساره وهمس بخفوتٍ:

_ ولا بقولك أنا عندي مشروع دهب.. شيل اللي بايدك دا وتعالى معايا.

تعجب مازن من همسه وطريقته، ولكن اومأ برأسه وتحرك كي يضع ما بيده ثم عاد إلى ياسين وما أن فتح الغرفة حتى وجد ميزان بيده، تمتم مازن بدهشةٍ:

_ أنت بتعمل إيه؟ وجايب ميزان ليه؟ اوعى تكون دبحت جاموسة ابوك!

:_ جاموسة ايه اللي هنكسب منها دهب.. ما تفتح مخك شوية وبطل قاعده مع مراتك!

انقض مازن عليه يمسكه من تلابيب ملابسه مردفًا:

_ مالها مراتي ياض!

اتسعت عين ياسين بفزعٍ، متمتمًا:

_ أميرة بنت أُمرا أنا قولت حاجة!

تركه مازن ينظر له بجانب عينيه يردد:

_ بحسب.

:_ بس برضو بطل تقعد مع مراتك بقيت خشيم أوي.

قالها ياسين وهو يركض من أمامه، في حين ركض مازن خلفه يردف بغيظٍ:

_أنت يالا مش هترتاح غير لما افتحلك دماغك.

توقف ياسين يرفع يديه باستسلام، يردد:

_ خلاص ياعم.. مش عايز تشوف المشروع اللي هيكسبنا دهب.

نظر له مازن قليلًا وترك زجاجة البرفيوم  يردف بزمجرةٍ:

_ اخلص.

ذهب ياسين يفتح خزانة ثم أخرج حقيبة بلاستيكية كبيرة للغاية، تصدر ضجيجًا عالي، قطب مازن جبينه بتعجبٍ، ثم جحظت عينيه بصدمةٍ وهو يرى محتواها، ليردف:

_ هو دا مشروعك علب كنز فاضية وزعلان أوي إني بقول على جاموسة ابوك.

نظر له بحنقٍ، يردف بغيظٍ:

_ أنت عارف الكيلو بكام دلوقتي!

رفع مازن حاجبه باستنكار، ثم سأل بسخطٍ:

_ وجبتهم منين ان شاء الله!

ابتسم ياسين بفخرٍ قائلًا:

_ من الفرح.. أي فرح اشوفه ادخل ومعايا الكيس الأسود.. ادخل ابارك وألم الكنز وامشي.

منحه نظرة ساخطة، يردف بسخرية:

_ الناس تحط جاتوه وحلويات.. ودا يحط علب فاضية ومتفعصة كمان.

:_ غور ياض من هنا جايبك عشان نبيع الشنط دي وأنت تقولي جاتوه.. أنا معايا اللي يجيب ايتوال نفسها.

ردد بها ياسين بفخرٍ ممزوج بسخطٍ، في حين حرك مازن رأسه يردف:

_ بقولك إيه أنا رايح أنام بدل ما اتجنن عليك.

اشاح ياسين بيده، متمتمًا باستهزاءٍ:

_ اتوكس مش عارف قيمة الحاجة.

****

عاد مازن إلى غرفته، فوجد قطوف قد غفت مكانها، ابتسم بهدوءٍ، وانطلق يزيح حجابها كي لا تختنق، ثم وضع هذا الغطاء الخفيف عليها، وانطلق يبدل ملابسه، وما أن انتهى حتى عاد إلى الفراش ينام جوارها، ينظر للأعلى بشرودٍ، يردد ببسمةٍ سعيدة:

_ وأخيرًا حياتك هتتغير.. وكله هيبطل يرفض وجودك.

دقائق ونظر على صدره ليجد قطوف تضع رأسها عليه، زحفت بسمة صغيرة لثغره، ثم أحاطها بذراعه ليغفو سويًا بنعيم الهدوء.

******

استمع لصوت طرقات خفيفة على الباب، سمح للطارق بالدلوف، ليجده زين يردف بتهذب:

_ فاضي يا بابا محتاج اتكلم معاك.

حرك مهران رأسه يشير له بأن يجلس أمامه، بالفعل تقدم زين بتوترٍ نحوه، جلس بصمتٍ، في حين تعجب مهران من صمته ليتسأل بدهشةٍ:

_ ماذا بك يا بني؟!

ابتلع زين حلقه، يردف بتوترٍ:

_ هو ممكن الإنسان يرجع يوجع قلبه تاني بنفس الغلطة اللي عملها زمان!

ضيق مهران عينيه، يردد بشكٍ:

_ وما نوع الألم الذي تتحدث عنه؟!

اجابه زين بصوتٍ متحشرج:

_ أنه يحب تاني!

تيقن مهران مما يعاني منه ابنه، واجابه بهدوءٍ:

_ ولِمَ ظننت أن الحب سيسبب لك ألم من جديد!

:_ تجربتي فيه هي اللي قالت!

اجابه بمرارةٍ مما حدث له، في حين أردف بتنهيدة:

_ وأنت لم تتعلم من تجربتك يا بني.

سلط زين بصره على والده، في حين نظرت مهران له يردد بحنو:

_ استمع لي يا عزيزي.. تجربتك السابق ليست سوى اختبار من الله عز وجل لك.. وحسن تصرفك ستأجر عليه.. ولكن لربما أرسل لك تلك الفتاة من القاهرة كي تصبح لك عوضًا عن مرارة ما تذوقت.. ليس بالضرورة أن تعيد تلك الذكرى مجددًا.

اتسعت عين زين بصدمةٍ، في ابتسم مهران بمكرٍ، يردد:

_ أتظن أنني لا أعلم!

:_ إزاي أنا معملتش حاجة تظهر إني معجب بيها!

قالها زين بدهشةٍ، في حين ضحك مهران، يشير عليه مرددًا:

_ أيها الطبيب ألم تدرس لغة الجسد عند الاعجاب.

عقد زين حاجبيه بتعجبٍ، في حين أسترسل مهران حديثه:

_ منذ أن رأيتها وظهر بريق بعينيك لها.. اخفيت ذلك وتجنبت رؤيتها، ولكن ليس من طباعك أن تصرخ على فتاة.. فلِم صرخت عليها وهي لم تفعل شيء!

اتسعت عين زين بصدمةٍ، يردد:

_ حضرتك شوفت دي!

حرك مهران رأسه بإيجابية، ليردف زين بعدما فاق من صدمته:

_ مش عارف يا بابا.. أنا فجأة لقتني بهجم عليها بالشكل دا.

ابتسم مهران لحيرة ابنه وكأنه شاب بالعشرين من عمره، ثم اجابه بحنوٍ:

_ لأنك احببتها.. نبُت بداخلك شيئًا لها لذا هجمتها، انظر يا بني رفضك لتكرار تجربة زوجتك جعل بداخلك رفض لهذا الحب الذي نبُت دون أن تشعر، لذا مع وجود فرصة سانحة لك ستهجم عليها لرفضك هذا الحب كي تثبت لذاتك أنك بالفعل لا تحبها وأن ما بداخلك ليس له اساس من الصحة.. فهمت.

نظر زين لوالده بإعجاب، يردف بنبرةٍ تحمل قليلًا من الذهول:

_ حضرتك جبت الكلام دا منين!

تعالت ضحكت مهران على حديث ابنه، يجيب بضحكٍ:

_ وهل هذا الشيب أتى علي بالفراغ.. بالطبع تعلمت مما مر بي ومن مشكلات الناس التي أحلها.

حرك زين رأسه بإيجابية، في حين تمتم مهران بسؤالٍ قاطع:

_ ماذا ستفعل!

استمع لسؤاله، ثم زحفت بسمة صغيرة لشفتيه، يردف بنبرة تحمل القليل من السعادة:

_ هصلي استخارة واكلمها بشكل ودي كده عشان اتقدم.

حرك مهران رأسه برضاٍ، ليتقدم زين منه يقبل يده مرددًا:

_ ربنا ما يحرمني منك يا ولدي.

ربت مهران على كتف يردف بحنوٍ:

_ بارك الله فيك يا بني.

******

صباحًا..

استيقظت قطوف تشعر بحرارة أسفل رأسها، فتحت عينيها ببطءٍ تنظر لما هي عليه، لتجد رأسها تتوسط صدر مازن، لم تنتفض بكل مرة، بل بقيت مكانها، تدفن رأسه بداخله قائلة:

_ اوعى تسبني يا مازن.

:_ عمري ما هسيبك يا اوركيدا مازن.

قالها وهو يبتسم بمكرٍ، اتسعت عين قطوف بصدمةٍ، تنتفض من مكانها بوجهٍ يشع بحمرةٍ، تردد:

_ أنت صاحي!

ضحك مازن على طريقتها يردف بمكرٍ وهو ينهض:

_ ما أنتِ لو حطيتي حاجة أصفره في الأكل مش كان زمانك عاملة اللي نفسك فيه من غير ما أحس.

أشاحت بوجهها بعيدًا، في حين استدار حول الفراش ينظر إلى جبينها بفحصٍ، ثم عاد بنظره إلى قدمها يحركها بلطفٍ متسائلًا:

_ حاسه بوجع ولا قل شوية؟!

اجابته بخفوتٍ:

_ فيها وجع بسيط.

حرك مازن رأسه بتفهمٍ، ثم قال بصوتٍ حنون به حزم:

_ أنا رايح الأرض على الله أرجع ألقيكي اتحركتي من مكانك.

:_ نعم! طب أنا عايزة انزل تحت.

قالتها قطوف بحنقٍ، رد بصوتٍ يحمل برودٍ:

_ لاء.. مفيش نزول.. رجلك تخف تنزلي غير كده يبقى مفيش حركة.

:_ هقول لعمو مهران.

رددت بها في غيظٍ، ليبتسم مازن بمكرٍ، يهبط بجزعه العلوي كي يصل لمستواها قائلًا:

_ عمو مهران عارف أن طالما أنا قولت كده يبقى مش هيقولي حاجة.. لأني جوزك.

علقت نظرها بخاصته، تشعر بتوترٍ من نظراته لها ولكن لم ترغب بأن تبعد بصرها عنه وكأن عينيه بها طاقة تبعث الدفيء لها، اعتدل مازن من مكانه وانطلق نحو الخزانة يحضر ملابسه كي يغادر إلى الأرض.

****

غادر مازن مع ياسين وزين إلى الأرض ليباشروا عملهم، في حين فتحت قطوف الباب تعرج بقدمها نحو الخارج، إلى أن وجدت ملك أمامها، ابتسمت بسعادة تتمتم بحماسٍ:

_ ملك.. يا ملك.

استدارت لها ملك تنظر لها بقلقٍ مرددة وهي تقترب منها تساندها:

_ أنتِ بخير.. عايزة حاجة!

ربتت قطوف على يدها، تجيبها بصوتٍ خافت:

_ أنا بخير يا حبيبتي.. بس محتاجة خدمة صغيرة.

انتبهت لها ملك بجدية، في حين استرسلت قطوف حديثها ببعض الخجل:

_ عايزة عصيان صغيرة وورق ملون وشريطة ولزق وورق وصمغ.

قطبت ملك جبينها بتعجبٍ، متسائلة:

_ ليه الحاجات دي!

بللت شفتيها تجيب بتوترٍ:

_ اصل أنا عايزة أعمل هدية لحد.

نظرت لها قليلًا ثم ضحكت على خجلها، لتردف بمكرٍ:

_ خجلانة تقولي أنك عايزة تعملي هدية لجوزك.

تلون وجهها بخجلٍ، في حين ربتت ملك على كتفها تردف:

_ حاضر هجيبلك الحاجة وابعتلك ورد كمان تقعد معاكِ هي بتحب تعمل الحاجات دي.

ابتسمت قطوف بحماسٍ، ثم ساعدتها ملك على العودة إلى غرفتها وبالفعل انطلقت تحضر لها ما ترغب به، ثم ارسلت لها ورد وياسمين كي يساعدوها.

*****

:_ هو أنتِ اعترفتي لمازن بحبك ليه!

قالتها ياسمين وهي تقطع اللصق، في حين توقفت قطوف عن ضبط العصي الصغيرة ونظرت بشرودٍ:

_ أنا اعترفت لنفسي إني بدأت احبه.. بس لسه مش عارفة هل أنا وصلت للدرجة اللي تخليني أفضل مع مازن ومفكرش ببعده عني تاني ولا لاء! خايفة يكون حبي ليه مجرد بس إني اتعودت عليه بحياتي وأنه حنين عليا!

امسكت ياسمين بيد شقيقتها، ترفع العصي كي تلصق ببعض، تجيبها بصوتٍ حزين:

_ افهمي مشاعرك يا قطوف لو خسرتي اللي بتحبيه عمرك ما هتقدري ترجعيه تاني.

ثم استرسلت حديثها بمرحٍ:

_ بس مازن هيفرح بالطيارة أوي.

_ تفتكري؟!

قالتها قطوف بقلقٍ، لتحرك ياسمين رأسها بإيجابية، صدع صوت ورد تردف بسعادة:

_ رسمت قلب يا ماما.. وحطيت اسمك جواه.

نظرت لها ياسمين بحبٍ قائلة:

_ وردتي خطفة قلبي.

ابتسمت قطوف لهذا المشهد وشردت بحياتها مع مازن هل يمكن أن تصنع عائلة لها معه!

******

أتت الساعة الخامسة عصرًا، وعاد ثلاثتهم من الأرض، ولكن قبل أن يدلف ياسين رأى مريم تسير مع والدتها وجدها وعمها يقتربون من هنا، اتسعت عينيه بصدمةٍ يردد:

_ ياواقعة مطينة بطين.

:_ في إيه؟!

قالها زين بتعجبٍ، في حين نظر له ياسين واتسعت عينيه بفجأة ثم قال:

_ زين أنت الوحيد اللي هتنقذني!

قطب جبينه بدهشةٍ متمتمًا:

_ من إيه؟!

أشار ياسين على القادمين من بُعد نهاية الشارع، ليردف بتوترٍ:

_ هفهمك بعدين.. بس أنا عزمت الناس دي لما وقعت في مشكلة معاهم وهما جم.. ميعرفوش إني مهزق بتاع كلام وبس.

أغمض زين عينيه، يردف بحنقٍ:

_ هو أنت ميعديش يوم غير بمصيبة، أنت اتخرجت إزاي من كلية الشرطة!

ابتسم ياسين بفخرٍ، يجيبه:

_ بالمصايب برضو.. المثل بيقول اعمل المصايب يا صايع يكش تفلح معاك يا ضايع.

علق مازن ساخرًا:

_ ومين اللي قال المثل دا!!

ابتسم ياسين بثقة مرددًا:

_ أعوذ بالله من كلمة أنا.. أنا.

:_ أنا مليش دعوة بالحوارات دي أنا ماشي.

قالها مازن وهو يسير للداخل، في حين اغتاظ ياسين منه لينحني على الأرض يحمل حجر متوسط الحجم يلقيه على مازن الذي تأوه بشدة، ابتسم ياسين بتشفي مرددًا:

_ نشان بصحيح يا سونا.

ركض مازن خلفه يزمجر بعنفٍ:

_ سونا.. اتصدق لأقولهم أنهم كانوا بيتحر..

قاطع حديثه يده ياسين الموضوعة على فم مازن، ليهمس ياسين بتوترٍ:

_ عايز ايه وتخرس!

ابتسم مازن بتشفي مجيبًا:

_ سبني أفكر.

:_ هو أنا هتجوزك ما تخلص!

زمجر بها ياسين، في حين ارتفع صوت مازن لزين الذي كاد أن يدلف ولكن اوقفه ياسين قائلًا:

_ فكر براحتك أن شالله سنة.. أنا يهمني راحتك برضو.

ابتسم مازن بانتقامٍ، ثم سار للداخل، في حين تمتم ياسين بغيظٍ:

_ اتفو على دا ذل يا اخي.

رأى اقتربهم منه، ليركض إلى الداخل مرددًا:

_ مازن.. استنى يالا الحقني.

*****

خرج مهران يستقبل الحاضرون، ولكن يريد أن يعلم من أخبرهم بالقدوم، ابتسم وهو يتقدم إلى جد مريم يردف بنبرة مرحبة:

_ مرحبًا بكم.

مد جد مريم يده يسلم برفقٍ، قائلًا:

_ تسلم يا شيخ مهران.

تقدم عم مريم وهو يردف بسعادة:

_ والله إحنا مبسوطين بالعزومة دي يا شيخ مهران.. يا زين ما خلفت ابنك ياسين عزمنا هنا وقال لزما يعمل الواجب طالما هو هنا.

نظر له مهران ثم سلط بصره على ياسين الذي نظر سريعًا بجهةٍ أخرى كي لا يرى غضب والده، ابتسم مهران لعم مريم يردد:

_ تشرفت بيكم.. هيا نكمل حديثنا بالداخل.

وبالفعل دلف الجميع، في حين همس ياسين بغيظٍ وهو يكاد يرغب بضرب بعمها:

_ اتصدق أن لو حشيت لسانك دا هكسب ثواب.. دا أنت راجل فتان.

سار إلى الداخل معهم ثم جلسوا سويًا بغرفة الصالون، بقي يختطف النظر إلى مريم من حين لأخر، يتمنى أن يتزوجها، لا يريد قيده هكذا، نظر إلى والده ثم اقترب منه هامسًا:

_ بابا جوزني بنتهم.

اتسعت عين مهران خشية من ان يستمع له أحد، ليردف من بين أسنانه:

_ لو لم تصمت سوف ازوجك بفتاة ستتمنى الموت بعدها.

ابتلع ياسين لعابه، ثم تراجع في حين اشارت لهما زينة بأن الطعام أصبح جاهزًا ويمكنهم الجلوس.

نست مريم حقيبتها واستأذنت بأنها ستحضرها وتأتي وبالفعل نهضت كي تحضرها، ولكن قبل أن تغادر غرفة الصالون وجدت ياسين أمامها، يردف بحبٍ:

_ عاملة ايه يا بومتي!

شهقت برعبٍ من أن يراها أحد، في حين استرسل ياسين قائلًا:

_ قرأتي الجواب.

توترت مريم منه، ونظرت للأسفل تردد بتلعثم:

_ جواب إيه!

:_ نعم! مشوفتيش الجواب.. يعني اتحرشوا بيا على الفاضي!

قالها ياسين بزمجرةٍ، في حين اتسعت عين مريم قائلة:

_ اتحرشوا بيك!

_ مين اللي اتحرشوا بيه.

_أنت!

_ أنا امتى؟!

_ أنت لسه قايل كده!

_ لا أنتِ أكيد سمعتي غلط.. أمشي روحي على الأكل.. مغلطش لما سميتك بومة.

قالها وهو يسير عائدًا ملامحه عابسة بشدة، في حين وضعت مريم يدها على فمها تمنع ضحكتها بصعوبةٍ بالغة، ثم سارت عائدة إلى الطاولة.

*****

:_ اخيرًا رجعت!

قالتها قطوف بسعادة ما أن رأته يدلف، في حين بادلها مازن الابتسامة يشعر بقبولها الشديد له بحياتها، اردف وهو يجلس جوارها على الأريكة:

_ أخيرا جيت.. محتاجة حاجة!

حركت رأسها بنفيٍ، تتسع ابتسامتها، ثم أردفت بنبرة متحمسة:

_ غمض عينيك يا مازن.

رفع حاجبه بتعجبٍ، في حين امسكت بيده ووضعتها على عينيه قائلة بهمسٍ جوار أذنه:

_ أوعى تفتح.

ابتسم مازن لطريقتها الطفولية، وأردف بحنوٍ:

_ مش هفتح.

حملت قطوف بين يديها الطائرة الورقية ثم قالت:

_ فتح عينيك.

أزاح مازن يديه وتطلع لما بين يديها بصدمةٍ، ثم قال بدهشةٍ:

_ أنتِ عرفتي منين إني بحب الطيارة الورق!

ابتسمت قطوف بسعادةٍ من ردة فعله، ثم قالت مجيبة:

_ ياسمين قالتلي أنك كان عندك طيارة ورق بتاعت والدك واتكسرت وأنا عملتلك غيرها.

لحت بسمة حزينة على شفتيه، في حين حركت قطوف رأسها تنظر له بقلقٍ قائلة:

_ هي الطيارة مش حلوة؟!

حرك رأسه نافيًا، ثم اجابها بشرودٍ:

_ أنا الي كسرت الطيارة.. بابا زمان جبلي الطيارة الورق دي.. وأنا كنت بحبها أوي.. ولما شال شنطته فضلت أتحايل عليه يرجع بس مرضيش.. ورفض كل حاجة بقولها... وسبني ومشي.. وقتها استنيت كتير وهو مرجعش.. فكسرتها زي ما كسرني وأنا صغير واللي اتكسر مش هيرجع وأنا اخدت قرار إني عمري ما هرجع لأبويا تاني.

تأملت ملامحه الحزينة، لأول مرة ترى هذا الجانب منه، تمتمت بصوتٍ خافت:

_ طب هو محدش يعرف بالكلام دا؟!

ابتسم بحزنٍ على حاله، ثم أجاب:

_ أنا مليش صحاب أصلًا.

دُهشت من اجابته، لتسترسل حديثه بسؤالٍ آخر:

_ أزاي أنت..

قاطعها يجيب بنبرة نادمة:

_ زيّ زي أي شاب بيشوف اللي حوليه بيصاحبوا بيضحكوا.. فحبيت اجرب زيهم.. بس هل بنت منهم حكتلها تفاصيل الصغيرة دي.. الإجابة لاء.. وندمت على كل دا.

حركت قطوف رأسها بتفهمٍ، في حين أمسك مازن بالطائرة الورقية حتى رأى عليها ورقة مكتوب بها « أيها القمر المنير أنت الآن وحيدًا ولكن بسمائي أنت فقط الموجود»، قرأ مازن تلك الكلمات ثم ابتسم يرفع بصره نحو قطوف التي مدت يديها تداعب خصلات شعره بحنوٍ، همس مازت بصوتٍ خافت:

_ السما حضنت القمر.

ابتسمت قطوف بخجلٍ ولكنها فتحت ذراعيها، فوضع مازن رأسه على صدرها ينام وكأنه طفل صغير تداعب خصلات شعره بحنو حتى غفى مكانه، نظرت له قطوف بحزنٍ لِمَ مر به تردد:

_ ربنا يقدرني وأبقى عوض ليك.

*****

غادر الجميع بعد أن اتموا الزيارة، كاد ياسين أن يهرب إلى الأعلى، ولكنه تفاجأ بيد تمسكه من ملابسه من الخلف، أغمض عينيه وتجمد جسده، في حين تمتم مهران بصوتٍ حاد:

_ ألن تتوقف عما تفعله من مصائب!

استدار ياسين ينظر لعينيه المشتعلتان، ثم قال بتوترٍ:

_ اصل... أنا معجب بمريم!

قطب مهران جبينه بتعجبٍ، يتساءل:

_ من هذه!

اجابه بتوترٍ:

_ مريم بتكون بنت الحاجة نهاد القعيدة، وأنا معجب بيها وعايز اتجوزها من بدري.

كادت أن تزحف بسمة لثغر مهران، ولكن اوقفها يردف بحزم:

_ ليس مبررًا لكي تحضرهم لهنا دون علمي!

ابتلع ياسين لعابه، ثم قال برجاءٍ:

_ عشان خاطري يا بابا.. بص هقعد في الأرض الـ18ساعة اللي قولت عليهم بس جوزني مريم.

تعجب مهران من رجاء ابنه، ونظر لعينيه بتدقيق ليرى بهما حبًا لها، ابتسم له ولم يستطع كبح ابتسامته، ليردف بحنوٍ:

_ حسنًا سأتكلم مع جدها كي نتقدم لها في طلب يدها.

اندفع ياسين إلى حضن والده، يردف بسعادةٍ:

_ ربنا يحفظك ليا يا احلى أب في الدنيا.

قهقه مهران بصوتٍ عالي، ثم ضم ابنه بحبٍ قائلًا:

_ حفظك الله يا بني، ولعل الله يجعل بهذه الفتاة هداية لك.. اصعد وأخبر مازن أن يأتي بزوجته.

حرك ياسين رأسه، ثم صعد الدرج يردد:

_ آه لو تعرف اللي هيحصل لينا من بومتي.

****

صعد ياسين واخبر مازن بالنزول وبالفعل هبط مازن يساعد قطوف على النزول برفقٍ، حتى تجمعوا سويًا بالردهة، ردد مهران بصوتٍ هادئ:

_ اليوم لا يوجد قصة بس سنلعب قليلًا.. سأسألكم سؤال وأنتم تجيبوا وإن كانت اجابتكم صحيحة سوف تطلبوا ما تشاؤون مني.

تحمس الجميع للعبة،  ليردف ياسين بسعادة:

_ اشطا يا حاج قول بسرعة.

ابتسم مهران لهم بثقةٍ،  ثم قال:

_ هل يعرف احدكم كلمة سندوتش ولكن باللغة العربية!

عقد ياسين حاجبيه، يردف بتعجب:

_ سندوتش.. سندوتش هي هي.

حرك مهران رأسه بنفيٍ، في حين بقى الجميع يحاول أن يبحث عن الإجابة ولكن لم يستطيعوا، فكانت اجابتهم غير مقنعة تمامًا، ليردف مهران ببسمةٍ:

_ أخبركم أم ستحاولوا؟!

:_ نحاول إيه بس دا احنا بقالنا ساعة إلا ربع بنفكر في السؤال الأول بس.. امال بقيت اللعبة هنعمل إيه.. قول يا أبا.

قالها ياسين بيأسٍ، ليضحك مهران مجيبًا:

_ سندوتش باللغة العربية تعني شاطر ومشطور وبينهما كامخ.

جحظت عين الجميع، ليردف ياسين بسخطٍ:

_ يعني أنا اروح لواحد على عربية فول واقوله لو سمحت عايز اتنين شاطر ومشطور وكترلي الكامخ بقى.. دا هيفتكرني بشتمه بأهله.

منحه مهران نظرة غاضبة، يردف بحدةٍ:

_ امثالك لا يعرف قيمة اللغة العربية.

:_  يا بابا أنا بحب اللغة العربية بس مش لدرجة كامخ.. دا كده أوڤر في الحب.

ردد بها في محاولة لتبرير في حين حرك مهران رأسه بيأسٍ من ابنه، نظر مازن إلى ياسين ثم قال بعد هذا الصمت:

_ ابقى اعزمني يا ياسين على حتتين كامخ كده.

ضحك الجميع على حديثه، في حين نهض مهران يردف باستياء:

_ أنتم لن تقدروا العلم أبدًا.

تركهم يصعد لغرفته، في حين تركهم يلهون سويًا بالأسفل.

*****

ساعد مازن قطوف على دلوف الغرفة، ثم اخبرها أنه سيحضر بعض الفاكهة كي يتناولان سويًا بالشرفة، وبالفعل هبط كي يحضر بعض الفاكهة، ولكن تفاجأ بوجود والدته خلفه تنظر له باعين ثاقبة، قطب مازن جبينه بتعجب متمتمًا:

_  مالك يا امي عايزة حاجة؟!

:_ هطلق قطوف أمتى؟!

قالتها بجمودٍ تنتظر الإجابة، في حين نظر لها مازن يجيب ببرودٍ:

_ مش دلوقتي.

رفعت ميرڤت حاجبها، تردد بصوتٍ تفوح منه رائحة الشر:

_ دا أكتر وقت تكسرها فيه... ارمي عليها اليمين.

أغمض مازن عينيه يردف بصوتٍ مختنق:

_ مش هطلقها.. ارتحتي مش هطلق قطوف إلا لما هي تطلب الطلاق مني.. غير كده مش هسيبها.. وعن إذنك عشان مش فاضي.

تركها وصعد للأعلى في حين بقت ميرفت تشتعل عينيها بغضبٍ جامح، تهمس بفحيحٍ:

_ أنت اللي طلبت تشوف وشي التاني!

يتبع.

  •تابع الفصل التالي "رواية فطنة القلب" اضغط على اسم الرواية 

google-playkhamsatmostaqltradent