رواية تراتيل الهوى الفصل الحادي والعشرون 21
البارت 21
انطلق تاج بسيارته إلى مكان لقائه بروفان، كان طوال الطريق يركز بصره على الطريق والأفكار تعصف برأسه عن كيف سيتمكن من إخبار روفان بزواجه وكيف ستكون ردة فعلها، اشتدت يده على عجلة القيادة بسبب توتره، نفخ بضيق قبل أن يزيد السرعة ليصل في الوقت المناسب ويرتب الأفكار والحديث في عقله ويأمل أن تمر تلك المقابلة بأقل الخسائر الممكنة.
وصل للمكان قبل الموعد بدقائق فركن سيارته ثم هبط ليدخل إلى المكان ويختار طاولة بعيدة عن الأنظار يجلس عليها وينتظر وصول روفان.
كان شاردًا ينظر إلى الأرض حين وقع عليه ظل فرفع رأسه ليجد روفان أمامه، كانت جميلة ترتدي فستان من اللون الأزرق الداكن وتضع زينة وجهها بإتقان كالمعتاد.
نهض عن مقعده وهو يبتسم لها ويمد يده، نظرت روفان ليده بعدم رضى وقالت بعتاب: يعني ده استقبالك ليا بعد كل المدة دي؟
تقدمت نحوه وتعلقت يديها بكتفيه وهى تقبل خده، أبتعد تاج بانزعاج حاول أن يخفيه وأشار لها بأن تجلس.
جلست أمامها وهى متعجبة من تصرفاته وبروده معها.
بقى تاج صامت يفرك يديه بتوتر حين قاطعت روفان الصمت قائلة بتعجب: مالك يا تاج مش على بعضك ليه؟ وساكت كدة ليه؟
ازدرد ريقه بتوتر قبل أن يجيب: فيه حاجة مهمة عايز أقولك عليها يا روفان.
ابتسمت بحماس وهى تنحني للإمام ناحيته: أكيد قولت لمامتك على موضوع جوازنا صح؟
هز رأسه بالنفي فعقدت حاجبيها بحيرة: أمال فيه إيه؟
أغمض عينيه للحظة قبل أن يفتحها وهو يحدق إليها بثبات ويُصرح أخيرا بجدية ممزوجة بالحسم: أنا اتجوزت.
عقدت روفان حاجبيها بشدة وهى تحدق إليه بعدم استيعاب كأنه يتكلم حديث بلغة غريبة عنها قبل أن يصدر عنها ضحكة عظم تصديق.
قالت بسخرية: أ... أنت إيه؟ إيه الهزار البايخ ده يا تاج؟
أجاب تاج بنبرة قوية لا مجال للشك في جديتها: ده مش هزار يا روفان أنا فعلا اتجوزت من فترة.
حدقت إليه روفان بعيون متسعة وقد عجزت عن الرد لثواني قبل أن تضرب يديها على الطاولة بعنف وهى تنهض منحنية نحوه وعينيها تقدح شرارًا من الغضب الشديد والانفعال مسيطر على قسمات وجهها: أنت أحسن لك تكون بتهزر يا تاج! أنت اتجوزت؟ اتجوزت حد غيري؟ يعني كنت بتخدعني وبتضحك؟؟
تنهد تاج لأنه يعلم أن الأمر لن يكون سهلًا وحاول الإجابة بهدوء لأنه يقدر صدمتها: لا مكنتش بخدعك روفان وربما شاهد عليا بكدة بس فيه ظروف اضطرتني اتجوز صدقيني أنا مخونتكيش.
هزت رأسها بإنكار وهى لازالت لا تصدق ما سمعته حتى حتى قالت بلؤم وعينيها تلمع بالجنون وملامح الاشمئزاز تسيطر على وجهها: أكيد مامتك الحرباية دي هى اللي خليتك تتجوز علشان تبعدنا عن بعض ما أنا عارفة خبث الأمهات!
انتفض تاج من مكانه فورًا وهو يصيح بها بحدة:روفان! الزمي حدودك إيه دخل ماما في الموضوع دلوقتي؟
أكملت روفان بحقد: أكيد محبتش أنك تتجوزني وكان لازم تتجوز قريبتك علشان هى ترضى أنا عارفة خبث ولؤم الأمهات ده كويس أوي!
تحكم تلك في غضبه بصعوبة قصوى وهو يقبض على يده بشدة وقال بنبرة تحذيرية: آخر مرة هقولك خدي بالك من كلامك ومتجيبش سيرة ماما بالطريقة دي تاني أنتِ فاهمة؟
صرخت به بقهر: أمال عايزني أعمل إيه لما أعرف أنك اتجوزت! علشان بس اتأخرت عليك شهر تتجوز!
تحولت ملامح تاج لملامح ثلجية لا تُظهر أي تعبيرات وقال ببرود: والله أنتِ لما اخيرك بيني وبين رحلة تافهة مع أصحابك وأقولك محتاجك تيجي بسرعة وأنتِ تختاري الرحلة التافهة يبقى ده اختيارك أنتِ!
نظرت له بعدم تصديق وهى ترد بغيظ: أنت كدة بتعاقبني علشان اختارت أروح مع أصحابي ومجيتش مصر!
قال بهدوء: لا بس يمكن لو كنتِ جيتي ساعتها وعرفتِ الوضع مكنتش اتجوزت أو على الأقل تتفهمي اللي أنا فيه.
قبضت على يديها وهى تمتع نفسها عن ضربه لشدة حنقها: أتفهم؟ لا حلوة النكتة دي أتفهم إيه!
نظر تاج حوله قبل أن يعيد بصره لروفان ويقول بأمر: اقعدي الناس بتتفرج علينا.
صرخت روفان بصوت أعلى مليئ بالغضب: متخليهم يتفرجوا علشان يعرفوا البيه اللي وعدني بالجواز وأول ما سافر اتجوز واحدة تانية غيري!
أخذ تاج نفسًا عميًقا حتى يتحكم في غضبه حدجها بنظرات سمرتها مكانها وهو يقول بجمود: الظاهر أني كنت غلطان لما فكرت أنك هتسمعيني على العموم واضح أنه مش هيبقى فيه مجال للتفاهم بيننا، أنا لاحظت في الفترة الأخيرة أد إيه شخصياتنا وأهدافنا مختلفة عن بعض وده اللي وصلنا لطريق مسدود بيننا، أنا بتمنالك السعادة في حياتك وتلاقي شخص يحبك وتحبيه أحسن مني، مع السلامة.
أخذ هاتفه ومفاتيحه عن الطاولة وهو يغادر مبتعدًا بينما روفان تصرخ به حتى يعود دون أن يلتفت لها حتى.
ضربت روفان الطاولة مرة أخرى بغيظ عيناها مليئة بالكراهية، تشعر بالمهانة لأن تاج تركها وتزوج أخرى عليها، من تكون تلك التي استطاعت الإيقاع به وأخذه منها؟ هل هى أجمل منها؟ مستحيل! هل هى أغنى منها؟ لماذا فضلها عليها؟ من هى في المقام الأول؟
همست من بين أسنانها بتوعد: أنا هوريك يا تاج، مش هسيبك تتهنى أنت واللي خدتك مني أبدا!
كانت سروة في المنزل تحضر الطعام حتى يعود تاج، شردت بأفكارها رغمًا عنها وهى تتذكر والدها، دمعت عيناها من الحزن وهى تتنهد والأسى يغمر قلبها، كما مرة شعرت بأن هذه الحياة لا تُطاق ولا تُحتمل حتى أنها دونت تلك الجملة في مذكراتها بعد الحادثة بفترة من شدة بؤسها، تتذكر تفاصيل ما كتبت تمامًا حين تكابلت عليها تلك الظروف خصوصًا حين علم والدها بحملها وردة فعلها، وتقرير زواجها من تاج وشعرت بأنها منبوذة من الجميع.
"لا تُحتمل هذه الحياة، لم أعد احتملها أو أتقبل وجودي بها".
كانت قد خطت تلك الكلمات بالضبط في مذكراتها بقلب يقطر ألمًا، ثم تذكرت تاج وابتسمت دون أن تشعر برغم قسوته عليها في البداية بسبب تصديقه لعصام إلا وأنه بعد انهيارها ومعرفته الحقيقة فهو يحيطها بكامل عنايته ودعمه.
سمعت صوت إغلاق الباب فتوترت لثانية قبل أن ترسم ابتسامة على وجهها وتخرج لتستقبله، ولكن قبلهد ذلك عدلت مظهرها وشعرها سريعًا حتى تتأكد أن مظهرها مهند دون أن تحاول فهم غايتها من فعل ذلك.
خرجت من المطبخ وهى تخطو نحو الصالة القريبة من الباب حتى وقفت مكانها فجأة، اختفت الابتسامة عن وجهها واتسعت عيونها بصدمة، شحب وجهها بشدة، و تسارعت دقات قلبها حتى شعرت بجسدها يرتعش وقدميها متجمدان مكانهما كأن هناك مغناطيس لا تستطيع أن تحركهما.
ابتسم عصام بخبث وهو يرمقها بنظرات انتفض لها قلبها: إيه يا حبيبتي مالك كدة؟ ده أنا حتى قولت أني وحشتك زي ما أنتِ وحشتيني علشان كدة حيت أشوفك.
بقلم ديانا ماريا.
توقعاتكم للبارت الجاي يا حلوين ❤️؟
ملاقيش حد كاتب لي تم في الكومنتات 🤌🏻
•تابع الفصل التالي "رواية تراتيل الهوى" اضغط على اسم الرواية