رواية وهام بها عشقا الفصل الخامس و العشرون 25 - بقلم رانيا الخولي
اللهم إني أستودعك بيت المقدس وأهل القدس وكل فلسطين. اللهم ارزق أهل فلسطين الثبات والنصر والتمكين، وبارك في إيمانهم وصبرهم. اللهم إنا نسألك باسمك القّهار أنْ تقهر من قهر إخواننا في فلسطين، ونسألك أن تنصرهم على القوم المجرمين.
اللهم اشف جريحهم، وتقبّل شهيدهم، وأطعم جائعهم، وانصرهم على عدوهم. اللهم أنزل السكينة عليهم، واربط على قلوبهم، وكن لهم مؤيدا ونصيرا وقائدا وظهيرا. سبحانك إنك على كل شيء قدير؛ فاكتب الفرج من عندك والطف بعبادك المؤمنين.
___________________
وهام بها عشقًا
رانيا الخولي
الفصل الخامس والعشرون
………..
انتفض كلاهما على صوت خليل الذي فاجأهم بوجوده
والسخط الذي ظهر على وجهه جعلها تتشبث بسليم دون ارادتها والخوف يفعم قلبها
أخفاها سليم خلفه وقلبه ينبض بعنف من هول الموقف وتمتم بارتباك
_ عمي ياريت متفهمناش غلط، مرح كانت….
قاطعه خليل بشراسة عندما نطق اسمها بتلك السهولة وكأنه معتاد على ذلك وقال لأحد رجاله
_ صالح خدهم على المخزن لحد ما اخلص المهمة وأرجع أصفي حسابي معاهم.
تقدم الرجال منهم ليأخذوهم لكن ما إن اقترب احدهم منها ليجذبها حتى وجد سليم يظهر انيابه وقد اشتعلت نيران غضبه فيغمغم بتهديد وهو يمسك يده بغضب جحيمي حتى كاد أن يدميها
_ إن مديت يدك هقطعهالك.
شعر الرجل بالخوف لعلمه بأن سليم رغم هدوءه إلا إنه لا يتحكم بغضبه وإن عانده فسيحدث ما لا يحمد عقباه.
تقدم منه صالح ليقول بهمس
_ اهدى ياسليم وتعالى معايا محدش هيلمسها.
التفت سليم إليها ليجد الذعر باديًا عليها وعيونها تنظر إليه بتساؤل ماذا سيحدث لهم
لم يهتم بشئ ولا بنظرات عمه التي تحرقهم بلهيبها كل ما يهمه الآن أن يغلفها بالأمان الذي هي بحاجته
_ متخافيش محدش هيقدر يأذيكي.
أراد بث الاطمئنان بداخلها رغم أنه يعلم عمه جيدًا لن يرحمهم ولن يبالي بشئ، لكن الأمل بداخله جعله يطمئن نفسه ويطمئنها فهذا قدرهم وعليهم الرضوخ له.
تجمعت العبرات داخل عينيها وتمتمت بخوف
_ أنا مش خايفة على نفسي قد ما انا خايفة عليك، انا السبب في كل ده.
رغبة ملحة طالبته بأن يأخذها بين ذراعيه كي يطمئنها لكن لن يستطيع فعلها كي لا يسكب الوقود على النار.
_ مش ذنبك ده نصيبنا ولو مت هيبقى أرحم بكتير من العذاب اللي عايش فيه وانتي بعيدة عني.
تساقطت دموعها بغزارة وهي ترى نظراته لها وكأنها الأخيرة فغمغمت ببكاء
_ لو جرالك حاجة مش هقدر اعيش ثانية واحدة.
جالت عينيه بملامحها التي حفرها بعقله وقلبه منذ أن وقعت عليها عيناه، أقسم حينها بأنه لن يجعل الدموع تعرف الطريق إلى عينيها
لكن القدر لم ينصفهم وحكم عليهم بشقاء كاد أن يزهق روحهم
رفع يده رغمًا عنه ومسح بأنامله تلك الدموع التي بللت وجنتها وغمغم بشجى
_ متخافيش
هدر بهم خليل ليأخذوهم لكنها تشبثت به ولم تبالي بشئ سواه
_ لأ سيبوه هو ملوش ذنب انا اللي هربت وهو كان بيمنعني
صاح بهم خليل بغضب
_ قلتلكم خدوهم
سحبها أحد الرجال من بين ذراعه وهم سليم بمنعه لكن باقي رجاله قيدوا حركته فصاح بهم وهو يحاول الإفلات
_ محدش يقرب منها
كانت تصرخ باسمه وهو يحاول الخلاص منهم لكن همس صالح بألا يقلق عليها جعله يستسلم لهم
لا يهم ما يحدث له الأهم هي، لم يعد هناك ما يخشى عليه بعد الآن، سيعترف بحبه لها ولن ينكره
لكن هي كانت تعيش أسوء كوابيسها وهي ترى الأحب على قلبها في خطر وهي سبباً رئيسياً فيه
وأخيها التي لا تعرف مصيره الآن
الدائرة تشتد عليها حتى الاختناق وشعرت برغبة ملحة في التخلص من تلك الحياة لكن مصيرها الآن بين يدي ذلك الرجل وهي تعلم علم اليقين بأنه لن يتوانى لحظة واحدة عن التخلص منها
ندمت أشد الندم على تهورها لكن قضي الأمر ولن يكون القادم منصفًا لها.
كان صالح يحدثه لكنه لم ينتبه له
كانت تشمل كل انتباهه والخوف يفعم قلبه عليها
أما خليل فقد تولى القيادة وهو يتوعد لكلاهما بأشد الانتقام وأخذها إلى ذلك المخزن البعيد فوق الجبل حيث لا أحد يستطيع الوصول إليها
ترجل من السيارة وهو يجذبها من شعرها وهي مستسلمة له
فتح الباب وألقاها بداخله
وزمجر بغضب
_ بقا بتخونيني يافاجرة مع ابن أخويا؟
كانت تبكي ليس خوفاً على حياتها فقد أصبحت لا قيمة لها بعد الآن فصححت قوله بألم
_ انا خنته هو معاك يوم ما وافقت على المهزلة دي.
صفعة حادة سقطت على وجهها اسقطتها أرضًا وصاح بها
_ وكمان بتبجحي ياتربية النعمانية.
اجابت بعناد رغم الدماء التي سقطت من جانب فمها بسبب شدة صفعته
_ أيوة لأنك كنت عارف انه عايزني ورايح معاك عشان تطلبني له، والآخر حقدك خلاك تختارني انا عشان تكسر حسين بس انت كسرت ابن أخوك وكسرت نفسك قدام رجلتك، عايز تقتلني اقتلني مادام دي الحاجة الوحيدة اللي هترحمني منك، بس صدقني هتعيش عمرك كله مرفوض من حياة كل اللي بتحبهم وأولهم أم سليم.
زاد الغضب بداخله وشعر برغبة ملحة في قتلها لكن ليس الآن عليه العودة للمنزل والاستعداد لتلك العملية وبعدها سينتقم منهم جميعًا
_ حظك خدمك إني مشغول دلوقت بس راجعلك
خرج من المخزن وذهب إلى منزله فيجد ابنه جالسًا برفقة شمس وقد رأى ابتسامته التي حرم من رؤيتها منذ ذلك الحادث
فتقدم منهم ليقول بلهجة لا تقبل نقاش
_ حضروا نفسكم عشان هتسافروا بكرة
اندهش ماجد وسأله
_ بكرة ايه؟ احنا ميعادنا آخر الأسبوع
_ قلت السفر بكرة، كل حاجة جاهزة ومفيش داعي للتأجيل.
ثم نظر إلى آمال وتحدث بأمر
_ وانتي تعالي ورايا.
اندهشت آمال من حدته معها فذهبت خلفه كي تعرف ما حدث
وما إن دلفت خلفه المكتب حتى تحدث بحدة
_ اقفلي الباب
قطبت جبينها بدهشة لكنها طاوعته واغلقت الباب
ثم تقدمت منه لتسأله
_ في ايه ياخليل؟
تحدث متهكمًا وهو يتقدم منها
_ كنتي عارفة وبتستغفليني زيهم؟
رمشت بعينيها لا تستوعب معنى حديثه
_ وضح كلامك لو سمحت انا مش فاهمة انت بتتكلم عن أيه
غمغم من بين اسنانه وهو يقترب منها
_ ابنك اللي ربيته وكبرته جاي يرد الجميل بأنه يخوني مع مراتي
انقبض قلبها خوفًا وهمت بالانكار لكنه غمغم بتحذير
_ اوعاكي تكدبي لإني وقتها هعتبرك شريكة معاهم.
زادت انقباضات قلبها حدة وتمتمت برهبة
_ بس ده مش حقيقي اه هما كانوا يعرفوا بعض قبل ما تتجوزها بس بعدها كل واحد راح لحاله وسليم ساب البيت وعايش في الاوضة اللي في الجنية.
هدر بها بعنف
_ عشان يكون براحتهم ومحدش ياخد باله منهم.
انكرت بحدة مماثلة
_ مش حقيقي انا ابني عمره ما كان خاين ومستحيل اصدق أنه يعمل كدة.
_ مش خاين ازاي وانا شايفها طالعة من اوضته في نص الليل ومش مرة واحدة ده كتير، تفتكري كانت عنده بتعمل ايه؟
انصدمت من اتهامه هزت راسها بعدم استيعاب لما يقول وتابع غضبه
_ انا لو قتـ ـلته دلوقت هكون بدافع عن شرفي ومحدش هيحاسبني.
اتسعت عينيها بصدمة وسألته
_ هتقـ ـتل ابن أخوك؟
_ ما دام اتعدى على شرفي يبقى حلال فيه القـ ـتل.
هزت راسها برفص ودنت منه لتمسك يده وتقول برجاء
_ لأ سليم لأ أرجوك ياخليل أنا مليش غيره، وانا مستعدة احلفلك إنه عمره ما يعمل كدة، اه بيحبها وانت اللي اخدتها منه بس هو بعد وأقسملك أنه بعد بلاش تأذيه عشان خاطري ورحمة أخوك بلاش.
جذب يده بحدة ودموعها ورجاءها لم يهدئ ذلك البركان الذي يثور بداخله فغمغم باحتدام
_ حلفانك مش هيغير حاجة وخاصة لما شفتها بعيني خارجة من عنده.
اغمضت عينيها برعب على ابنها الوحيد فتسقط على الأرض وهي تتشبث بملابسه وتقول برجاء
_ أرجوك ياخليل بلاش ورحمة أخوك بلاش هاخده ونبعد عن البلد كلها بس بلاش تأذيه
بكاءها تلك المرة جعله يتراجع قليلًا ويتخذ الأمر لصالحه فتحدث بثبوت
_ أنا ممكن اسامحه بس بشرط.
اومأت له بلهفة
_ أنا موافقة عليه.
ابتعد عنها يوليها ظهره وقال بلهجة حادة
_ أولًا هو ملوش مكان في البيت ده بعد اللي حصل
تقدمت لتقف أمامه وأومأت بموافقة
_ تمام.
_ ثانيًا وده الأهم
التزم الصمت قليلًا كي يتلاعب باعصابها ثم تحدث بجدية
_ تكوني مراتي.
❈-❈-❈
وقف مهران أمام المرآة يهندم من ملابسه وخرجت هي من المرحاض وقد شعرت بالقلق من خروجه في ذلك الوقت
دنت منه تسأله بشك
_ مهران انت رايح فين؟
التفت إليها لينظر إلى عينيها ويرى مدى قلقها عليه فقال بثبات
_ مشوار ضروري
تلاعب الشك بداخلها وسألته بريبة
_ مشوار ايه اللي في وقت زي ده؟
زفر بضيق واجاب باحتدام
_ في ايه هو تحقيق؟
دنت منه لتمسك يده وقد ارتعب قلبها عندما تذكرت ذلك الميعاد وتحدثت برجاء
_ بلاش يامهران عشان خاطري، انت وعدتني انك تبعد عن الطريق ده، ارجوك بلاش
لم يجيبها بل سحب يده بصعوبة من بين يديها وخرج من الغرفة لم تتركه بل اسرعت خلفه وتمتمت بتهديد
_ لو روحت هترجع مش هتلاقيني، حقيقي مش هتلاقيني.
انقبض قلبه بخوف من تلك الكلمة التي القتها وعادت إليه ذكريات الماضي بقسوته لكن لا وقت لديه الآن للرد عليها فصاح بغضب
_ سامية
أسرعت سامية بالظهور أمامه خوفًا من غضبه وتمتمت بطاعة
_ نعم يامهران بيه.
غمغم بأمر وهو يشير عليها
_ عينيك عليها متغيبش عنك دقيقة واحدة.
هزت رأسها بتأكيد
_ حاضر مش هتغيب.
خرج مسرعًا ولم يبالي بتهديدها ولا بصوتها الذي يرجوه بعدم الذهاب
وأخذ رجاله وذهب لمهمته
❈-❈-❈
انصدمت آمال من طلبه وسألته بذهول
_ انت بتقول أيه؟
ضرب بعصاه الأرض وتحدث بقوة
_ زي ما سمعتي يا توافقي تبقي مراتي شرعًا؛ ياإما حياة ابنك هتكون المقابل.
قطبت جبينها بدهشة من ذلك الرجل الذي عاشت معه أعوام عديدة وقد خدعت به، كيف خدعت به تلك السنين وأتخذته ابًا لأولادها وهو يكمن لهم كل هذا الشر
كانت تعلم بحقيقة مشاعره تجاهها لكن لم تتخيل يومًا أن يكون بتلك الحقارة
كيف يتحدث عن الخيانة وهو الآن يخون ذكرى أخيه سواء كان بزوجته التي يساومها؛ أم بحياة ابنه التي يهددها به.
_ للدرجة دي كنت مخدوعة فيك؟
اولاها ظهره وهو ينظر في ساعته وقال بثبوت
_ انا ورايا مشوار ضروري ولما ارجع تكوني فكرتي.
تركها وغادر لتتسمر هي في مكانها لا تعرف ماذا تفعل
لم تنتبه لشمس التي دخلت لتطلب منها مساعدتها في توضيب حقائبها كل ما يشغلها هو كيف تستطيع انقاذ ابنها من براثينه.
…….
استيقظت سارة مساءًا على طرق الباب
نظرت في ساعتها فوجدتها قد تعدت الحادية عشر
كيف استطاعت النوم كل هذه المدة.
اعتدلت في فراشها وسمحت للطارق بالدخول فإذا بسمر تدلف الغرفة وهي تقول بحبور
_ كل ده نوم؟
ابتسمت سارة بتصنع وهي تحتضن سمر التي مالت عليها تقبلها وردت بثبات
_ كنت تعبانه من الطيارة والليلة اللي فاتت كان عندنا فرح ومنمتش كويس
نظرت للفراش بجوارها فلم تجد ابنتها
_ اومال فين سيلا
جلست سمر أمامها
_ سيلا مع حلم برة صحيت من ساعتين فاخدتها وسيبتك تنامي.
لاحظت سمر بأنها مازالت متحفظة في حديثها فأرادت أن تتحدث معها وتنهي ذلك الخلاف بينهم ربما تكفر عن إهمالها لها فتمتمت بروية
_ ممكن نتكلم مع بعض شوية؟
علمت سارة ما تنوي التحدث لكنها غير مستعدة لذلك الآن كما أن ما حدث ولى وانتهى ولا تريد التطرق به فتمتمت بثبات
_ لو هتكلميني عن الماضي فهو شئ منتهي بالنسبة لي، أنا اتولدت يوم ما سافرت لأهلي ووعيت عليها يوم ما رجعت لجاسر، قبل كدة انا مش عايزة كلام فيه لإني بجاهد عشان أنساه.
تطلعت إليها وتابعت
_ صدقيني انا مش زعلانه منك لإن برود القلب ده حاجة خارجة عن إرادة الإنسان ملوش أي تحكم فيه
وأكبر دليل على كدة إني عمري ما طالبتك بحاجة.
اخفضت سمر عينيها بحزن عميق وتمتمت بألم
_ بس ده مش برود ياسارة بالعكس ده كان احتياج، جدتك ماتت وانا عمري تلات سنين، جدك وقتها اخدني وعشنا عند والدته، مش هقولك كانت حنينه بالعكس كانت شديدة أوي بطبعها وجدك طول الوقت ستيبني لها وعايش حياته بره ويرجع اخر الليل وانا نايمة مكنتش بعرف اشوفه عشان احكيله والصبح جدتي بتبقا معانا وأخاف اشكيله قدامها.
صمتت قليلًا تستجمع ذكرياتها الأليمة ثم تابعت بألم
_ مكنتش أعرف يعني ايه أم ولا ايه بيكون دورها لإني كنت منعزلة عن الجميع
حتى المدرسة كان ديمًا عندي رهبة من التعامل مع زمايلي
لما كنت بخرج من المدرسة واشوف البنات زمايلي وامهاتهم جايين ياخدوهم كنت بتألم أكتر وكان دور الأم بالنسبة لي انها تودي ولادها وتجيبهم من المدرسة
لحد جدتي ما ماتت وعشنا انا وجدك لوحدنا، هو كمل حياته عادي وانا كملت في وحدتي، بس في الوقت اللي كان بيقعده معايا كان بيعوضني كتير
لحد ما كبرت ودخلت الجامعة كنت على نفس انطوائيتي وده لفت نظر ابوكي ليا
بدأ يدخلي من كل الطرق لحد ما كسب قلبي ولقتني بتجاوب معاه
وقتها حسيت إن جاه الوقت اللي اخد فيه ومديش كنت بعوض معاه حرمان السنين اللي عشتها، وكل ما احس بحبه كل ما جبروتي يزيد اخدته من أهله وبعدته عنهم كنت عايزة احس إني بامتلاكي له وانه ليا انا لوحدي
الوحيد اللي فضلت على حبي له هو جدك لإن معنديش غيره، كافحنا وعملنا شركة وكبرناها
فجأة اكتشفت اني عندي مشاكل في الرحم خفت ليكون ده سبب انه يروح لغيره
عملت كل حاجة وروحت عند أكبر الدكاترة والآخر عملت اطفال انابيب عشان اخلف بأي شكل
بس للاسف مكنتش اعرف يعني ايه أمومة عشان اقوم بيها، زي ما بيقولوا فاقد الشيء لا يعطيه
كنت بحبكم اوي بس مش عارفة اوصله ليكم ازاي
كنت بخاف عليكم بجنون لإنكم لو روحته مني يبقى كل حاجة انتهت
لما لقيتكم بتدوره على اهلكم خفت أكتر ليخدوكم مني فكان لازم ادمر صورتهم في عينيكم
ولقيت ابوكم واحدة واحدة بدأ يحن لأهله وقتها قررت إني اخد كل حاجة يملكها لإني حقيقي تعبت فيها انا وجدك اكتر منه هو بس مكنش قصدي خيانة كل اللي فكرت فيه إني املك كل حاجة عشان ميبعدش عني
بس اتفاجأت إن الأمور اتعكست وهو اللي كتب كل حاجة باسمه حتى بيت جدك
وقتها جدك متحملش الصدمة ومات فيها
يعني كل حاجة بالنسبة لي انتهت
الوحيد اللي كان بيحبني بدون مقابل او مصالح مات وولادي اللي كنت بتدارى فيهم سابوني فجاة لقتني وحيدة من تاني لا املك أي شئ وكل حاجة اتمسكت بها راحت مني، فوقت بس متأخر أوي كنت انتي اتجوزتي ابن عمك ومصطفى اختار شريكة حياته وسافر بيها
والأصعب من كل ده خسارة أبوكي والبنك اللي حجز على كل حاجة
ولما عمك انقذه جاني وطلب مني إني ارجع واقف معاه عشان الشركة ترجع زي الأول مكنش قدامي حل تاني رجعت وقلت يمكن اتغير بس لقيته زي ما هو بجبروته بقسوته بحبه لذاته
واللي زي ابوكي ده خاين لأهله مستحيل الانسان يحس بالامان معاه
انسحبت بهدوء ورجعت شقة جدك القديمة لحد اخوكي ما رجع وأصر إني اعيش معاه
امسكت يد سارة وتابعت
_ سارة انا مليش غيركم بلاش تبعدوا عني في آخر ايامي وفي اكتر وقت محتجالكم فيه
زي ما قولتي نطوي صفحات الماضي ونبدأ صفحة جديدة.
لامست سارة الندم في حديثها وأنها بالفعل قد تغيرت كثيرًا ولا تنكر كم هي بحاجة إليها مهما تظاهرت بالقوة رفعت سارة يد والدتها لتقربها من فمها وتقبلها بحب ثم تمتمت بابتسامة
_ لو كنتي فاكرة إن حد ممكن يعوض حنانك مهما كان اهتمامه وحبه تبقي غلطانة، طول عمري وانا حاسة باحتياج كبير ليكي حتى وانا بولد رغم اهتمام الكل بيا ووقوفه معايا بس كنت محتجالك انتي أكتر
وماما وسيلة كانت حاسة بدة فزودت اهتمامها بيا أكتر يمكن تعوضني عنك بس لأ وجودك في الوقت ده كان هيفرق كتير.
اخفضت سمر عينيها بحرج وتمتمت باسف
_ ربنا يعلم في الوقت ده انا كنت حاسة بأيه واول ما عرفت سافرت على طول بس كنتي خلاص ولدتي مكنش ينفع اروح معاكي البيت لاني مكنتش هقدر أواجه جدك وجدتك سيبتك بس كان على عيني وقلبي حقيقي وجعني أوي
_ بس هما كانوا عايزينك تبقي معايا عشان متأكدين أني محتجالك.
_ انتي مش هتعرفيني جمال ومراته بس صدقيني على قد ما نفسي اتعرف عليهم على قد ما انا محرجة ابص في عينيهم
_ انتي بتقولي كدة لأنك مش عارفة هما ايه، دول حاجة كدة كلها خير متعرفش يعني ايه كره او شر
صدقيني لو روحتي عندهم وعيشتي معاهم مستحيل تفكري في يوم تبعدي عنهم.
_ اكيد في يوم هتلاقيني بخبط على بابهم وبعتذر عن اي حاجة حصلت مني بس المهم إني الاقي ولادي.
بادرة سارة تلك المرة واحتضنتها باحتياج وقررت طوي الماضي بصفحاته السوداء وبدا حياة جديدة معًا
فتح الباب ودلفت حلم وهي تحمل الطفلين بإرهاق قائلة بعتاب
_ اه قاعدين هنا وسيبيني الولاد طلعوا عيني
نهضت سارة لتتقدم منها وتأخذ مالك وتتمتم بوله
_ ياروحي على قلب عمته اللي كانت هتموت وتشوفه
بكت سيلا لتركها وحمل آخر غيرها فيضحك الجميع عليها فتاخذها سارة على الذراع الآخر وهي تلاطفها
_ قلب مامي اللي بيغير ياناس
قطبت حلم جبينها وغمغمت بدهشة
_ ايه ده بنتك غيورة أوي
_ منهم لله حازم ومعتز عودوها على الأنانية
ظلت تلاطف الاثنين بسعادة فسألت سمر عن مصطفى
_ والله ياطنط لسة نايم هو كمان كل ما اصحي يقولي سيبيني شوية
اخذت سمر الاولاد من يد سارة وقالت
_ كفاية عليكي كدة وهاتي الولاد اشبع منهم قبل ما تمشي
اخذتهم وخرجت بهم من الغرفة ثم نظرت حلم لسارة وتحدثت بود
_ وحشتيني اوي ياسارة
ردت سارة بحب
_ وانتي اكتر ياحلم بقالنا فترة متكلمناش
اخذت حلم يدها وجلسا على الفراش لتسألها بحنين
_ طمنيني البلد اخبارها ايه؟
شعرت سارة بحنين حلم لبلدها فردت بمزاح
_ البلد بالنسبة ليا بيت جدو عاصم وبيت ليلى او المستشفى أحياناً وبقولك إنهم كويسين وزي الفل كمان بيسلموا عليكي
ضحكت حلم على طريقتها في الحديث وقالت بدهشة
_ للدرجة دي
_ وأكتر بس بصراحة انا مكتفية بيهم وبعدين هي دي طبيعتي عدم الاختلاط قبل ما اتجوز كنت من جامعتي للبيت مكنش ليا اصحاب غير واحدة بس والآخر اتصدمت فيها صدمة عمري من وقتها بطلت اعرف حد
_ أنا كمان زيك كنت من الجامعة للمدينة لإني كنت بدرس في جامعة القاهرة، جدي الله يرحمه بقا كان رافض اكمل تعليمي.
تبدلت ملامحها بحنين وهي تتابع
_ لولا مهران اللي ضغط على جدي إني أكمل، بس كنت ديمًا مهددة إني اسيبها وعشان كدة كنت منعزلة عن الجميع أخاف حد يعرضني لمشكلة وجدي ومهران يعرفوا ويجبروني اسيبها
_ للدرجة دي كانوا قاسيين
هزت راسها بنفي وقالت بشوق
_ جدي اه كان بطابعه قاسي حتى على مهران، إنما مهران كان بيدعي القسوة بس كنت عارفة كويس أوي قد ايه هو انسان قلبه ابيض ونضيف، بس مشكلته أنه فاكر إن الطيبة والحب ضعف ومينفعش يظهرهم
واحنا أطفال مكنتش اعرف غيره فكنت ديمًا معاه وهو كان معوضني عن كل حاجة
بطيبته بحنيته، لما كنا نلعب مع بعض كان ديمًا يخسر عشان مزعلش وكنت مكتفية به لحد ما جدي بعدنا عن بعض وبدأ يعلمه القسوة
حسيت بفراغ كبير وبدأت اعوضه في المذاكرة حتى في الأجازة كنت بذاكر للسنة اللي بعدها
ومهران اتبدل بقا واحد تاني بخاف منه وببعد عنه
مع إني عارفة كويس قد ايه هو انسان كويس.
فاجأتها سارة بسؤالها
_ كان بيحبك؟
هزت راسها بنفي
_ إطلاقًا، جدي هو اللي اصر إننا نتجوز بس انا كنت بالنسبة له بنت عمه اللي اتربا معها وحبها زي أخته بس لو مهران في الوقت ده لقى اللي يحبها كان هيعرف كويس انه عمره ما حبني، وعلى فكرة اللي زيه لما بيحب بيعشق بجنون، يعني لو كان حبني بصحيح مكنش هيكون بالقسوة دي معايا.
ربتت سارة على يدها وتحدثت بتأثر
_ الحمد لله إنك بعدتي عنهم وبقيتي وسطينا ولسة كمان لما تتعرفي على باقي العيلة
_ باقي العيلة دي انا اعرفهم من قبلك ولا نسيتي إن انا وليلى أصدقاء دراسة.
_ اه صحيح، طيب انتم مش هتعشونا ولا ايه انا جعانة اوي
فتح مصطفى الباب وهو يتابع مزاحهم
_ الحقي بسرعة لإن سارة في الاكل مبترحمش حد
نهضت حلم لتقف جواره ويحيطها هو بذراعه
_ انا اصلًا عملتلها الاكل اللي بتحبه كله هي بس تطلب.
_ بس كدة انا اللي هطلع خسران في اليومين دول أنا بقول ارجعها لجوزها هو أولى
زمت سارة فمها بغيظ وغمغمت
_ تصدق انا غلطانة إني جيت معاك
ترك حلم وتقدم منها ليقبل خدها بحب وتمتم بمزاح
_ الجميل زعل ولا أيه ده بالذات مقدرش على زعله، يخرب بيت اللي يزعلك.
نظرت له من جانب عينيها وسألته بشك
_ هتأكلني يعني من غير نق؟
اشار إلى عينيه
_ شاوري انا كل الحكاية إني خايف تتخني وجاسر يبص برة.
تذكرت سارة مايا صديقة معتز وحازم وقوامها النحيف وضحكات زوجها معها فسألته بشك
_ يعني انا لو تخنت هيبص لغيري؟
_ بأكدلك ده.
نهضت من الفراش وهي تتجه للخارج وتقول بتأييد
_عندك حق هو اصلًا عينه بتزوغ اليومين دول كتير هما طبقين بس اللي هكولهم.
ضحك مصطفى وحلم نظرت إليه بغيظ وغمغمت بحدة
_ اعمل فيك أيه هتخليها تشك في جوزها.
خرجت حلم خلفها فينظر مصطفى في آثرها بنظرات عاتبة.
❈-❈-❈
وقف مع رجاله ينتظر وصول السيارات التي تحمل الأسلحة وقد تأخر خليل عن الميعاد جعل القلق يتسرب إليه
هم بالاتصال به لكنه توقف عندما لاحظ اقتراب السيارة حتى توقفت بجوار سيارته
ترجل خليل من السيارة وتقدم منه ليلقي عليه السلام
رد مهران بجدية
_ وعليكم السلام اخرت ليه العربيات زمانة على وصول
اجاب خليل بوجه عابس
_ مشاغل، المهم انا جاهز بالمبلغ اللي اتفقنا عليه هشتري الشحنة اللي جاية باسمك زي ما اتفقنا غير الشحنة اللي جاية باسمي.
أومأ مهران بتأكيد
_ أكيد طبعًا مقدرش ارفضلك طلب انا عامة اكتفيت وعايز اكمل حياتي بعيد عن المجال ده.
_ اللي تشوفه.
وصلت السيارت المحملة بالأسلحة ووقفت أمامهم لتبدأ عملية التسليم
لكن تسمر جميعهم عندما حاوطتهم الشرطة من كل جانب.
❈-❈-❈
- يتبع الفصل التالي اضغط على ( رواية وهام بها عشقا ) اسم الرواية