رواية غيبيات تمر بالعشق الفصل الثلاثون والاخير 30
اللهم إني أستودعك بيت المقدس وأهل القدس وكل فلسطين. اللهم ارزق أهل فلسطين الثبات والنصر والتمكين، وبارك في إيمانهم وصبرهم. اللهم إنا نسألك باسمك القّهار أنْ تقهر من قهر إخواننا في فلسطين، ونسألك أن تنصرهم على القوم المجرمين.
اللهم اشف جريحهم، وتقبّل شهيدهم، وأطعم جائعهم، وانصرهم على عدوهم. اللهم أنزل السكينة عليهم، واربط على قلوبهم، وكن لهم مؤيدا ونصيرا وقائدا وظهيرا. سبحانك إنك على كل شيء قدير؛ فاكتب الفرج من عندك والطف بعبادك المؤمنين.
__________________
الخاتمة
الحمد لله الذى بنعمته تتم الصالحات
الحياة تشبه الرقصة الهادئة. رقصة ثنائية ممتعة قد تكون رائعة ومذهلة للجميع إذا كان الاختيار مناسب. هنا كان الاختيار مناسب ولكن لم يعلم أحداً منهم أن هذا الاختيار هو الاختيار الصحيح جمعتهم كافة المناسبات. ود يومًا أن تجمعه رقصة بها حتى لو كانت عنيفة وبالفعل تمت هذه الأمنية ولكن كانت عنيفة في بدايتها ومجبرة كأنه يغتصب تلك الرقصة لتصبح هادئة بالنهاية وأكثر نعومة وانسيابية وبرغبة منها جامحة وبسلاسة ووضوح وأمام الجميع يتم إظهار الحب فردان لكل منهما تفكير وأسلوب حياة مختلف عن الأخر لتحدث المعجزة فيتداخلان ببعضهم البعض ويصبحا فردًا واحد وقعت في شباكه وبالرغم من غطرستها عليه إلا أنها ذابت عشقًا بين يديه ليتحدا سويًا ضد الشر الذي فرق بينهم يوماً وأراد انفصالهما ولكن كيف لعاشق الريحان أن ينفصل يوماً عن عطره المفضل كيف له أن يعكر صفوه برائحة أخرى لا يشتهيها يوماً لكن أحيأنا تجرى بنا المقادير إلى شئ أخر لنتخبط ونضيع في دروب لا نريدها. ونتعثر ونسقط ونفشل لينقذنا شخص واحد وهو الشريك المناسب في الرقصة الهادئة.
بعد مرور سبع سنوات ونجاحها بالمصنع وحصولها على الدكتوراه الكيميائية في تصنيع العطور. أقام لها حفلًا بافتتاح مصنع آخر باسم ريحانة زيدان والذي أصر هو على إظهار هذا الاسم عوضًا عن زجاجات العطر الذي كتب عليها الاختصار ر&ز والذي وصل صداها إلى بلدان أوروبية وعلى رأسهم الأرجنتين عن طريق سامر وشريكه خالد زوج وجدان شقيقة زيدان والتي تزوجته بعد إلحاح منها إلى زيدان وبعد أن تعهدت له أنها سوف تسير على الطريق المستقيم وبالفعل صدقت بعهدها وأنجبت طفلة جميلة أطلقت عليها اسم خلود لعشقها المتيم لخالد أقيم الحفل على قدم وساق وهي تجلس كالملكة المتوجة ولما لا وشريكها في كل شئ يفعل كل ما بوسعه من أجل إسعادها. كانت تجلس مع صديقتها نورا والاثنين بطونهم منتفخة من أثر الحمل الثاني لكل منهما. حيث أنهما تأخرا بعد الإنجاب الأول وخاصة ريحانة والتي أصر زيدان على ذلك حتى تحقق حلمها ولم يبالي بتقدم عمره حتى وصل إلى الخمسون عاماً ولما لا ومعه امرأة تشعره دائمًا أنه ما زال شابًا يافعًا وتغدق عليه بالكلام الحسن وتؤثره بدلالها كأنها طفلته وليست امرأته يكفيه أنه يرى في ابنه رجلًا مغوارًا وشجاعًا.
نظرت إليها نورا وجدتها شاردة في ريحان وأميرة ابنة نورا لتبتسم بخبث قائلة: جرى ايه يا رينو أنت عنيكي على البت ولا ايه لو عينك عليها خديها من الصبح أصلًا البت دي هبلة زي أبوها.
وتابعت وهي تلوى شفتيها بامتعاض قائلة: ما هو سماها اميرة علشان كده.
تضايقت ريحانة رغم أن الحديث ليس على ابنتها إلا أنها تعشق أميرة فهتفت بحنق قائلة: أنتِ سبتي كل مميزات البنت ومسكتي في الهبل وبعدين ماله اسمها دي اسم على مسمى.
واستطردت بتمني قائلة: ويا ريت ريحان لما يكبر ياخد باله منها وميضيعهاش من ايده.
أخذت نورا تهز رأسها ببلاهة كأنها تستمع إلى شريط كاسيت تسمعه باستمرار وهو مدافعة ريحانة عن أميرة كما أنها ابنتها لتضحك قائلة: أكيد هقول نفس الكلام ده على زوزو إن شاء الله لما تتولد ما هو أنا هجوزها نور بالذوق بالعافية.
ثم اقتربت تهمس إليها بخوف ألا يسمعها أمير قائلة: أصل أنا عاملة حسابي الواد ده هيطلع عيونه خضرا أهو يبقي غيرت الصنف بتاع أمير.
أخذت ريحانة تغمز لها بعينيها دلالة منها أن أمير يقف فوق رأسها ويستمع إليهم ولكن نورا لا تفهم كعادتها البلهاء. نعم هي البلهاء وليس أمير لتشعر بمن يضغط على أعلى كتفيها ليقوسها بين يديه لتنتفض تجحظ أمامها وتلتفت إليه قائلة بتوتر: حبيبي ابن حلال دايمًا كده بتيجي على السيرة يا حب عمري.
ضيق عينيه بعدم تصديق لترتعش بين يديه قائلة: أه لو كنت جيت بدرى شويه وأنا بتكلم عن مرمر بنتنا وإن ازاي هي كلها أنت.
كانت ريحانة تكتم ضحكاتها وهي تتابع ارتجاف نورا بين يدي أمير فهي تغيرت كثيرًا منذ زواجهم نعم تقوم بقذف العبارات عليه ولكن كعادة أي امرأة من خلفه وليس أمامه حيث أنها اكتشفت في أمير شخصية مختلفة عن التي رأتها في بداية علاقتهم. شخصية لا تقبل بالتقليل حتى لو كان على سبيل المرح. ولخوفها عليها تعالت ضحكات ريحانة بمرح قائلة: سيبك منها يا أمير ما أنت عارف ان في ربع ضارب في نافوخها. هي يا سيدي معترضة اني بفكر إن ريحان يتجوز أميرة.
جحظت نورا بعينيها بخوف ألا يعاتبها أمير لتبتسم ريحانة بخبث قائلة: شايفة بنتها أميرة بجد.
اقتنع أمير بكلمات ريحانة واحتضن نورا قائلًا: أميرة بس قولي ملكة متوجة بس متغلاش على الملك وبعدين أنا لما بشوفهم بحس إن أنا وزيدان اللي قاعدين مع بعض.
ثم تابع بمرح قائلًا: ابنك بيعملها سحر.
واستطرد بمرح أكثر قائلًا: بس متعرفيش ليه على قلبي زي العسل. عادة أنا بخاف عليها من الاختلاط بالأولاد نيجي بقي عند ريحان وستوب. لأني واثق في تربيتك.
كان يشدد على حروف كلماته الأخيرة وهو يذغر بعينيه إلى نورا التي امتعضت وقالت: أه ده أنتوا هتحفلوا عليا بقا مالها تربيتي يا سي أمير ما البت حلوة ومؤدبة أهي وإن شاء الله نور لما يشرف هطلعه راجل.
وتابعت وهي تضع يدها في خصرها قائلة: ولا هو دايماً كده تعيب فيا.
ابتسم أمير بخبث قائلًا: يا نوره يا نوره يا حلوة يا أمورة طب تراهنيني إنك دلوقتي عايزة تقلبي الحفلة الكلاسيكية دي لمهرجانات.
ثم اقترب منها يجز على اسنانه قائلًا: يا شيخه ده أنتِ بتحزمي البت وترقصيها.
جحظت بعينيها أمامها حيث أن هذا الحدث لم يحدث سوى بغرفة أميرة من أين علم بهذا ولكنها تماسكت وهتفت باستنكار قائلة: أنا لا محصلش. أناهخليها ترقص ؟ لا ممكن أبداً حتى اسأل ريحانة دي بنتك اللي عايزة تشتغل رقاصة.
وتابعت وهي تغمز لريحانة لكي تجاريها في الحديث قائلة: مش يا ريحانة أنا بعتلك الفويس بتاعها.
تعالت ضحكات ريحانة قائلة: لا يا أمير بصراحة نورا مظلومة دي حتى أميرة قالت لريحان وكان هيضربها.
واستطرد تراقص حاجبيها لنورا قائلة: وقالي يا مامي كده مينفعش لو هي رقاصة أبقي أنا ايه؟
هنا ركضت نورا نحو ابنتها لكي تلقنها درسًا بعد الوشي بها عند كل الناس ليتبعها أمير لكي ينقذ ابنته من براثن تلك البلهاء.
عادت ريحانة لتجلس من جديد لتأتي إليها غفران تبارك لها قائلة بحب: مبروك يا ريحانة كان نفسي و الله أجي أرتب من بدري مع زيدان بس مرضاش.
وكانت وهي تعانقها تربت على بطنها قائلة بحنان: المهم طمنينا على بنوتنا الحلوة يا ترى هتطلع شبه مين.
ابتسمت إليها ريحانة بحفاوة قائلة: الله يبارك فيكي يا غفران عقبال نجاحك في عرض الأزياء السنه دي.
واستطردت بتمني قائلة: بصراحة يا غفران أنانفسي تطلع شبه زوزو عمتها من حب زيدان ليها.
زمت غفران شفتيها بطفوليه لتبتسم ريحانة قائلة: بس طبعاً لو طلعت شبهك أو شبه وجدان أو مها ليا الشرف طبعا.
شردت غفران في الفراغ قائلة: تفتكري يا ريحانة ليه زوزو وزينات منزلوش مصر حتى من بعد ما مشكلة مامتهم انحلت وغارت.
وتابعت وهي تخرج من شرودها تسألها بتوجس قائلة: ممكن يكون انهم مش متقبلين ماما.
مرارًا وتكرارًا نصحته أن ينتهز الفرصة ويوضح لشكران و وجدان لما لم تأتي زوزو و زينات إليهم وهو يعاند ويكابر مثلما عاند وأخفى عليها سر والدتها أطالت في الرد على غفران لتتنهد غفران بتعب قائلة: نفسي ميكونش ظني صحيح وألاقيهم في يوم داخلين علينا ومتقبلين لينا أه احنا مش أخوات بس بيجمعنا أخ واحد.
وتابعت وهي تبتسم قائلة: وأحلى أخ كمان.
وما أن أنهت حديثها حتى تهللت أسارير ريحانة وهي تنظر ناحية زيدان وهو يقف بين شقيقاته لتهتف بحماس قائلة: بصي هناك يا غفران وصلوا أخيراً المشكلة اتحلت وزوزو خفت بعد الانهيار العصبي اللي جالها.
عقدت غفران ما بين حاجبيها لتتابع ريحانة قائلة: ألف وحمد وشكر ليك يا رب سبع سنين وزوزو عايشة في عذاب بسبب أمها.
ثم استطردت وهي تنظر إلى مها بفخر قائلة: ويشاء القدر إن مها هي اللي تعينها على اجتياز المحنة دي .مها كانت كل شويه تسافر ليها وزيدان أصر انه يكون سر.
عقدت غفران ما بين حاجبيها بصدمة تتحدث بداخلها عن أي انهيار عصبي تتحدث ريحانة؟ ولكن ما أثار اندهاشها أكثر هو رؤية كلا من زوزو وزينات وهم يقبلون مها كأنها والدتهم لتعلم أن الأمر لم يكن بتقبلها ولكن الأمر كان صدمات لهم أكثر منها.
نظرت إلى الأربع شقيقات فوجدت أن حكايتهم متشابهة. الأب أنتهى ولكن الأم موجودة في شق والشق الأخر غير موجودة ولكنها لمحت بعيني مها أنها ستكون شقاً معوضًا فضلًا عن الشخص الرئيسي في هذه العلاقة وهو زيدان بالنسبة إليه فزوزو وزينات معتاد عليهما أما غفران ووجدان جديدتان ولكن بمهارته وبخبرته القديمة معهم استطاع أن يجتاز كل شئ فهو يتذكر كل شئ. لأن النسيان كان صعب بالنسبة له أيضا كلتاهم لم تنسيا والشئ الفاصل الذي لم ينسى أبدًا هو تلك اللعينة التي أودعتهم في لحظات حرجة وجعلت كل منهم يبحث عن شخص يعينه على اجتياز الصعاب خاصة ريحانة التي أهدرت كرامتها بسبب امرأتان والدتها وشكران الغبيتين لا تعلما أنهما السبب والدافع الرئيسي لقبولها له.
كانت شاردة تتأملهم غافلة عن عينيه التي تتابع بدقة كل شئ حتى شرودها ليتنزعها من مكانها ويأخذها يخفيها عن أعينهم لتبتسم هي قائلة: أووه زيدان باشا بنفسه افتكر رورو حبيبته. ده أنا كنت مفكرة إن زوزو وزينات هما كمان هيبقوا زيادة عليا وهيعطلوك عني.
واستطردت وهي ترفع يدها إلى وجنتيه تحتضنها بحب قائلة: يا زيزو.
تنهد بعشق جارف قائلًا: أنتِ كفيلة بحبك وحنانك اني مقدرش أنشغل عنك وبعدين هو حد بيقدر ينشغل عن حته جواه.
لترتفع يده هو الأخر يجذب كفيها ويقبل باطنه قائلً: بالعكس ده لازم يرويها ويعتني بيها وتبقي دايمًا تحت عينه.
نظرت إلى السماء لتضع صورته بها ثم تغمض عينيها كعادتها في الفترة الأخيرة دائمًا تود تعليق صورته بكل مكان تراه ليميل على وجنتها بقبلات متفرقة قائلًا من بين قبلاته: أنتِ نجمة كانت طايرة في السما وما صدقت النجمة دي تنزل الأرض. أنا مش عارف حصل ازاي بس حصل.
وتابع وهو يلتهم شفتيها قائلًا: علشان أنا حظي حلو.
أخذت تتمايل مع قبلاته قائلة بحب: لا أنا مش هقدر على الكلام الحلو ده كله وبعدين راعي اني حامل وعلى أعصابي منك.
ثم غمزت له بشقاوة قائلة: فاكر لما عملتها يوم فرحهم ريحان مقدرش يصبر ما بالك زوزو دي بتضربني في بطني كل ما تقرب مني.
تعالت ضحكاته قائلًا: لا وعلى ايه المرة اللي فاتت مها لحقتك. حاليًا مها متنفعش تولد قطة الست كبرت في السبع سنين دول .
ثم التفت ينظر لمها عن بعد قائلًا بمرح: باين كده شالت الهم لما عرفت اني ابنها.
ابتسمت ريحانة رغمًا عنها قائلة: لا مبحبش زيزو يتكلم على نفسه كده. هي بس كانت قلقانة على غفران ووجدان ومتنساش موضوع زوزو.
وتابعت وهي تتنهد براحة قائلة: قد ايه هي فرحانة برجعتها كأنها بنتها.
تنهد زيدان براحة قائلًا: تعرفي إن كنت شايل هم اليوم ده قد ايه مها كانت هتصعب عليا لو زينات قابلتها وحش بس الحمد لله.
وابتسم قائلًا: دي كان ناقص تبوس ايديها.
أخذت تربت على كتفيه قائلة بثقة: فعلًا يا زيدان بس والله كنت حاسه ان ده هيحصل أنت أختك من جواها أصيل عمرها ما هتقل بأصلها مع مها.
ثم أدمعت عينيها قائلة: وبعدين مها ذنبها الوحيد إنها حبت.
لتكمل حديثها بحب وعشق قائلة: والواحد لما بيحب ممكن يغلط في حق نفسه وبالنهاية كل واحد فينا بياخد جزاته.
واستطردت بفخر قائلة: تعرف أنت أحسن واحد فينا انك عمرك ما انجرفت بمشاعرك إلا في الحلال.
ارتفع حاجبيه باندهاش ثم ضيق عينيه بخبث قائلًا: أنتِ نسيتي يا بطة ولا ايه. ده أناهريتك بوس من قبل ارتباطنا رغم اني عمري ما عملت كده قبل كده بس أنتِ جننتي أمي.
وتابع وهو يلصقها بالجدار قائلًا بشغف: وكل مرة ببقى عايز أعاقبك بكده.
رفعت كتفيها بغرور قائلة: لو على الجنان كلنا مجانين يا زيدان إن كيدهن عظيم المشكلة في دقة القلب الاستسلام.
واستطردت تسأله بخبث قائلة: فكرت عمرك ليه كنت ببقى مستسلمة معاك؟
جذبها نحوه يهمس في أذنيها بعذوبة تزلزلها قائلًا: يعني كل ده استسلام مش خوف مني يا بنت الخضرى بقي بعد سبع سنين لسه بتفتكري تقولي استسلام يا سلام.
واستطرد وهو يقضم اذنيها بأسنانه قائلًا: طب قابلي بقي واستسلمي بعد ولادتك.
أخذت تتأوه من كلماته ليتعالى همسه قائلًا: فاكرة يا رينو المعمل ولا تيجي أفكرك فاكرة لما قصدت تشدي مني الأنبوب وأهو وقع ووقع معاه قلبي وكياني.
واستطرد وهو يملس بقدميه على ساقيها باغراء قائلًا: كنت خايف على رجلك أوي.
ارتجفت أكثر من كلماته وأخذ يتعالى صدرها تعلم جيداً أنها تضعف أمام سطوة عشقه لتبتلع ريقها بتوتر قائلة: وبعدين بقي احنا لسه قايلين يا زيزو الحاجات الحلوة دي بتجيب ولادة مبكرة.
واستطردت بمرح قائلة: ودي بنت لازم تتأخر شوية مينفعش تتولد قبل صبيان العيلة.
أخذ يداعب وجهها بنعومة قائلًا: بنت الجمال زيها زي أي بنت هتطلع قوية لينا مش شرط تربطيها على اسم ولد من اللي نعرفهم.
ثم قام بفرد شعرها يتحسسسه ويشتمه قائلًا: سيبيها تجرب وتختار وتحب واحنا في ضهرها.
وبصوت عاشق ردد قائلًا: خليها تقابل واحد وتجننه زي ما أمها جننتني من أول يوم دخلت فيه قصري محدش عارف النصيب بيبعتنا فين.
ثم تابع وهو يضع يده على صدرها في موضع قلبها قائلًا بتملك: قلوبنا مش ملكنا يا ريحانة.
قبلت ريحانة كفيه بحنان قائلة: وأنا معاك موافقة بكل حاجة تقولها ومقتنعة بيها يا أجمل وأروع نصيب دخل حياتي.
ثم مالت لتهمس في أذنه قائلة: ده لو كل واحدة تقابل نصيب زيك يبقي ربنا بيحبها.
تأوه هو الأخر من كلماتها يعلم جيدًا أنه يتبعثر في محرابها لتغدق عليه أكثر قائلة بعشق: سبع سنين واحنا مع بعض ومن قبلهم تلاتة نعرف بعض بس حساهم ثواني مش عمر طويل نفسي يطول العمر معاك.
لترتفع يدها تبعثر شعره قائلة بشغف: ونشيب سوا.
تنهد زيدان فهو دائما ينظر إلى عقدة المشيب فهو يشيب قبلها ولكنها دائماً تشعره أن الشباب شباب القلب والده ظهرت عليه معالم الشيخوخه مبكرًا لأن امرأته كانت جاحدة. أما عنه يكفيه ريحانة الجنة أو القلوب يكفيه هي فقط حنانها واحترامها وعشقها كل شئ بها يجعله شاب بالعشرينات وليس خمسيني لا أعلم لما ينظر إلى هذه العقدة فيه فدائمًا أسمع إلى تلك الجملة تزوجيه أربعينيًا كلها كلمات أهمها الأفعال.
على الضفة الأخرى من العشق كانت توجد قصة عشق هادئة سعادة كاملة رغم بعض الصعوبات التي واجهتها منذ بادئ الأمر شخص تحمل والده الكثير عندما قام بالتنازل عنه لأخر إنه أكثر شئ كسر داخله ومن المؤكد أنه استمد القوة منذ عودته وهذا ما جعله يتدخل في حياة ابنته من بعيد ليحيها من جديد في بداية الأمر كان خوفاً وقلقاً منه لأن شخص مثل سامر اعتاد على حياة الترف كيف له أن ينهيها بيوم وليلة كان أكبر الظن والمتوقع منه العودة إليها وبالفعل كان سيتم العودة بسبب أفعال والدته الغير حميدة ولكنه ترك كل شئ يريحه عندما شاهد شقيقته في محنتها فتنازل هو الأخر عن كل ما يسعده وتنازل عن الشخص الذي قام بانقاذه من الغرق في تفاهات والديه في سبيل عدم ترك شقيقته وحيدة تواجه المخاطر خاصة بعد ما علم أنها كيف كانت تصارع من أجل العيش ببساطة ليحاول هو الأخر أن يصارع من أجلها ولكن وجد كلاهما الدرع الحامي لهم والشخص المناسب الذي أعاد كيان هذه العائلة من جديد.
لم تتثني الفرصه لسامر وسمر أن يحضرا الحفل لإقامتهم الحالية في الأرجنتين ولكن كعادة سامر لا تفوته فائتة فقام بالاتصال على شقيقته بالفيديو وأنتظر بعد عودتها من الحفل حتى تكون جلسة عائلية كأنه معها وبالفعل قام بالاتصال ليفتح المكالمة ريحان قائلًا بحماس
: I miss you uncle samr.
لتضربه ريحانة بخفة على يده قائلة: ريحان قلت ميت مرة متتكلمش انجلش اتكلم عربي خالك مش خواجه.
لتتعالى ضحكات زيدان من خلفها قائلًا: وايه يعني لما يرطم بالانجليزي هو ريحان ميشبهش وبعدين تلاقيه بيتمنظر بكام كلمة قدام البت سمر.
ثم قام بمداعبة أنفها قائلًا: الواد ده طالع خلبوص لجده.
ليبتسم سامر ويلوح بيده إليهم قائلًا: خد راحتك يا حبيب خالو وسيبك من ماما وحشتيني يا رينو ومبروك على المصنع الجديد.
و أضاف بفرحة عارمة: وحابب أقولك أن ماركة البيرفيوم مغرقة السوق.
كان يتحدث وسامر الصغير يحاول إغاظة ريحان بمنع سمر الصغيرة أن تحادثهم حيث رزقا كلا من سامر وسمر بسامر وسمر تؤام. نفخ ريحان وسأم من أفعال سامر ليخرج سامر لسانه ويغيظه قائلًا: مش هدخلها المكالمة إلا لما أنت تخرج.
لتتعالى ضحكات سمر والدته قائلة: ليه كده يا عدو الفرحة؟
ليستمع الجميع إلى صرخات سمر الصغيرة والتي توحي بالانتصار حيث صعدت إلى أعلى الأريكة مهللة وهي تنظر إليهم قائلة: أنا هنا أهو يا ريحان تعالى خدني من هنا.
ليرفع ريحان اصبعه بحزم قائلًا: لا كده غلط يا سمر .
لتنظر ريحانة إلى زيدان قائلة بسعادة: شفت ابنك طالع بيفهم ازاي؟
ليحتضنها زيدان ويقبلها من رأسها قائلًا: طبعاً ما هو تربيتك لازم يبقي راجل.
ليضرب سامر كفًا على كف قائلًا: لا كده كتير أقسم بالله أنا بتصل أبارك ليكم وأنتم في عالم تاني لا وابنكم بيعطي دروس في الأدب لأولادي.
ليتذمر سامر الصغير قائلًا: يعني اييه احنا نو أدب يا بابي؟
هزت والدته راسها بالسلب قائلة: معني كلام بابا ان ريحان عاقل عنكم واللي بتعملوه ده غلط فيا ريت نفهم ونعتذر.
لتزم سمر الصغيرة شفتيها قائلة: لا مليش دعوة أناعايزة أروح لريحان دلوقتي ونتجوز النهارده.
لتتعالى ضحكات الجميع و يزفر ريحان بحنق قائلًا: جواز ايه؟ أنا هتجوز واحدة معرفهاش.
لتتضايق ريحانة قائلة: هتتجوز أميرة.
ليقوم زيدان بقرصها في كتفيها قائلًا: ما قلنا ملناش دعوة شوفي تربيتك حلوة وكل حاجة بس بلاش نتدخل في حياتهم.
تنهدت ريحانة بتعب ليقلق سامر عليها قائلًا: أنتِ لسه بتفكري كتير يا ريحانة وبتشيلي هم لقدام متخافيش يا حبيبتي طول ما معاكي زيدان.
ليحيه زيدان بيده ويتفاجئ الجميع بسامر الصغير بعد ما أخذته والدته بعيدًا لتوضح له ضرورة الاعتذار من ريحان ليصدح بصوته قائلًا: أنا أسف يا ريحان.
تقبل ريحان اعتذاره لتعود الجلسة العائلية من جديد وسمر تنظر إلى ريحانة وإلى بطنها قائلة بحنان: متتصوريش مضايقه ازاي وأنا مش جمبك المرة دي بس مطمنة إن ماما ومها ونورا والكل جمبك.
ثم تمنت لها السلامه قائلة: ربنا يقومك بالسلامه يا حبيبتي.
لترد عليها ريحانة قائلة: يا رب عقبالك أنتِ كمان.
لتصرخ سمر الصغيرة قائلة: بابي مامي حامل؟
ليقطب جبينه وهو ينظر إلى سمر يستجوبها بعينيه لتبتسم له قائلة: لسه عارفة الصبح بس قلت هقول واحنا كلنا مع بعض.
وبالفعل تمت المباركات فيما بينهم وأنتهت المكالمة بالدعاء لبعضهم البعض .
صعدت ريحانة إلى الأعلى لكي تبدل ملابسها ولكن اختار زيدان أن يجلس مع ريحان ليؤثره بذراعيه ويتحدث بصوت منخفض حتى لا تسمع ريحانة يسأله قائلًا: ايه رأيك في ماما يا ريحان؟
قطب ريحان جبينه ليبتسم زيدان بخفة قائلًا: عارف إن السؤال غريب ومش أب اللي يسأله لابنه بس أنا مش عايزك تحس اني بابا اعتبرني صاحبك.
واستطرد بحنان قائلًا: أنت كريحان وعندك ماما زي ريحانة مبسوط؟
أخرج ريحان من جيبه ورقة مطبوعة هي رسمة لريحانة وقبلها وزيدان في حالة استغراب شديد على هذا الصغير الذي يتعامل معه على أنه كبير ليتحدث ريحان بثقة قائلًا: أصل أنا بحبها أوي يا بابا يمكن أكتر منك وبليز متزعلش مني أنا اللي رسمتها وطبعتها كمان ماما دي ست عظيمة.
واستطرد وهو يربت على يد والده قائلًا: ويا بختك بيها.
شرد زيدان في لهفة ريحانة على إنجاب هذا الصبي ليعلم أنها كانت تنوي أن تربي رجلًا ينفعه أكثر من أن ينفعها ليتذكر ما حل به من شكران ويسأله قائلًا: طب لو كبرت مثلًا وبقى عمرك عشرين تلاتين سنه واكتشفت ان ريحانة دي مش أمك.
أنتبهت حواس ريحان له ليكمل زيدان حديثه قائلًا: وإن أمك واحدة تانية وبرضه كويسة زي ريحانة هتختار مين؟
اندهش ريحان من السؤال ولكنه رد بكل حزم قائلًا: لا طبعًا ولا يمكن أتخيل إن يكون عندي أم غيرها ماما دي مش أمي لوحدي أنا بحسها بتحب كل الأطفال.
وتابع وهو يبتسم قائلًا: لدرجة اني بحسهم اخواتي.
اتبع كلماته وهو يطوي الصورة المطبوعة ويضعها في جيب سترته بجوار قلبه ليشعر زيدان بالقوة في نظراته وغيرته على والدته.
صعد زيدان إليها ليجدها تقف شاردة أمام مرآة الزينة ولا يعلم سبب شرودها ليتنحنح وهو يضمها من الخلف يلصقها بصدره لتخرج من شرودها وتهتف بسعادة قائلة: طبعًا أنت مستغرب ازاي ولد في سن ريحان مش تافه وسطحي زي بقية الأولاد بس متستغربش لأن أنا قلتلك زمان.
لتضع يدها على يده تتمسك بيها بقوة قائلة: إن ده اللي أنا عايزاه عايزاه أخ ليك أكتر من انه يكون ابنك.
ابتسم زيدان وهو ينظر إلى انعكاس صورتها في المرآة يهمس بجوار أذنها قائلًا: فعلًا يا ريحانة أنتِ عملتي اللي نفسك فيه وزيادة بصراحة مش بحس اني كبير أوي قدامه بالعكس ده أنا ممكن أتعلم منه.
ليملس على وجنتها بحنان قائلًا: زي ما قلت زمان هتربى معاه مش هربيه.
أدارها إليه وهو ينظر إليها بعشق جارف قائلًا : بحبك أوي يا ريحانة. طبعًا أنا قلتها كتير بس هفضل أقولها لغاية ما أموت، وهفضل أحمد ربنا إنه وقعك في طريقي.
واستطرد بابتسامته العذبة قائلًا: وكل ما بحمد ربنا بيزيدني من فضله.
ابتسمت إليه بسعادة قائلة: وأنا كمان يا زيدان بحبك جدًا عشقك اتغلغل في روحي ووصل للنخاع بقيت بتنفسك أدمنت حبك.
ثم مالت برأسها على صدره قائلة برقة: أنت اللي عطيت لحياتي معنى.
تأثر بكلامها الذي زلزل جدران قلبه أما عنها فكانت في حالة غير متزنة تأن من الداخل ولا تعلم كيف توضح له ما تمر به ولكنها هتفت بصوت ضعيف ومتعب قائلة: زيدان ممكن تشليني أنا تعبانة أوي الظاهر إن بنتك هتعملها معايا زي ما عملها ريحان من سبع سنين زيدان.
ثم تعالت صرخاتها قائلة: اااه أنابولد الحقني.
قطب زيدان جبينه للحظة قبل أن تسقط بين ذراعيه ليمد يده سريعًا ويحملها ويهبط الدرج ويأمر ريحان بفتح باب السيارة متجهًا إلى المشفى بسرعة جنونية وبالفعل وصلا إلى المشفى وتمت الولادة أسرع من ولادة ريحان الذي كان بمفرده معه لحظة الولادة وكان دائمًا ينظر إليه على أنه شقيقه وليس ابنه شقيقه الذي يقوم بتهدئته حيث قام بالدعاء لها عن طريق ترتيل آيات الذكر الحكيم الذي حفظها من والدته لدرجة أنه كان يحث زيدان على قراءة هذه الآيات والصلاة على رسول الله حتى تسهل ولادتها
خرجت ريحانة من الغرفة وبعد إفاقتها نظرت إليه بحرج على أنها دائمًا تفاجئه بولادتها ليبتسم إليها بمرح قائلًا: والله مش عارف هو أنتِ اللي ولادتك كده ولا علشان العيال دول ولادي.
ثم اقترب منها يحتضنها بحب قائلًا: عمومًا يا رورو أنا تحت أمرك وأمر اولادك وخصوصًا
: زينب زيدان الجمال (زوزو) وخلي بالك من زوزو زوزو زوزو النوسو كونوسو.
: يلا احنا منتظرين حسين فهمي الراجل الغامض بسلامته.
ضحكت ريحانة بخفة قائلة: تاااني ما كفايه غموض بقا يا عم الغامض أنت.
وقد حدث ما تمناه الاثنين يوماً وهو حياة زوجية سعيدة لا يشوبها غيبيات ولا قلق ولا فراق فشغفه بها منذ اللحظه الأولي ووجودها مع غيره دفعه إلى الجنون. دفعه إلى إهمال علاقته بالأخرى ليسيطر القدر ويلعب لعبته التي فتحت له كل الأبواب المغلقة والغير متوقعة أن تفتح له يوماً عشقها منذ البداية ولكن كان عشقًا ناقصًا يريد الاكتمال وبالفعل تم الاكتمال له عندما رضخت لعشقه المستبد الطاغي وازداد العشق بينهما وتصاعد لدرجة أن الجميع تعلموه منهم وكانت ثمرة هذا العشق ليست في الأولاد فقط بل اصراره على تقدمها ونجاحها لأنه اعتبر نجاحها هو نجاحه.
تمت
•تابع الفصل التالي "رواية غيبيات تمر بالعشق" اضغط على اسم الرواية