رواية ماذا بعد الفصل الثالث 3
- طيب ما تيجي يا ابني تشتغل معانا في الورشة، أطلع بصنعة منها، وفي يوم الإجازة إنزل ودور لك على شغل، ولعله خير محدش فينا عارف ربنا شايل له الخير فين.
يعز على الواحد بعد التعب والشقا اللي شافه علشان يأخد شهادة ويأخد كورسات وفي الآخر ميشتغلش بشهادته، بس الأمر متروك لله وهو يدبره.
قولت وأنا خلاص سلمت أمري لله:- ماشي يا عمي.
- أقولك حاجة يا ابني؟
- طبعاً اتفضل دا أنا بحبك وبحب كلامك.
- طول عمري بحب سورة الضحى و كنت فاهم آية * و للآخرة خيرٌ لك من الأولى* غلط و لما عرفت معناها حبيتها أكتر و أكتر.
كنت فاكر إن ربنا بيقولنا إن الآخرة أحسن من الدنيا و هنرتاح لما نموت بس عرفت إن معناها آخر كل حاجة صعبة خير و راحة. لما ربنا نزلها على سيدنا محمد علشان يطمنه إن آخر الألم فرح كبير.
*ألم يجدك يتيماً* دي الأولى *فآوى* دي الآخرة
*و وجدك ضالاً* الأولى *فهدى* الآخرة
*و وجدك عائلاً* الأولى *فأغنى* الآخرة
ربنا بيقولنا إنه هيجازينا و يفرحنا كلنا عن أي حزن أو ألم مرينا بيه
ردد دايماً و لَسوفَ يُعطيك ربُك فترضَى .
فكرة إن ربنا هيجازينا وهيدينا ويكافئنا على تعبنا دي مُريحة، وبتبين لنا قد إيه ربنا رحيم بينا وحنين علينا.
عم عابد كلامه واستشهاده بكلام ربنا وأحاديث الرسول صلى الله عليه ، حاجة بتطبطب على قلبي، وكإن ربنا باعت ليا علشان يهون عليا.
- المهم تعالى بقى بما إننا في أول اليوم يلا نروح كدا الورشة و أشوف بقى هتنفع معانا ولا لاء.
قال جملته بهزار وكمل:- بس أنا واثق فيك وعارف إنك في أي مكان تتحط فيه بتنجح وبتنجز، الواد عبدالله حكالي عن لما كنتوا في الجيش و أي حاجة تعطل وأنت كنت بقعد تحاول كتير لحد ما تتصلح.
إحساس إنك ناجح، إنك تتشاف شاطر ومُنجِز، تتشاف ويتقال عن محاولاتك وإنجازاتك ويتفرح لك بيها دا جميل، ربنا كتب لي أشوفه وأحسه زي ما أنا حاسه دلوقتي.
روحت معاه الورشة وقف يعرفني على اللي شغالين هناك، كان من ضمنهم أولاده التلاتة، وقفوا معايا، عرفوني وفهموني كل حاجة .
الأمور بدأت تبقى أفضل وأهو الحمد لله، اللي إتغير إني بقيت راضي، يمكن موضوع أهلي مازال مضايقني، بس بحاول اتعايش مع الأمر، أصل الموضوع مش بيتنسي، الحاجات اللي بتوجعنا مش بننساها إحنا بنحاول نتعايش معاها.
- الله عليك يا أسطى صالح، بقيت من احسن الصنايعية في الورشة.
ضحكت وفرحت من كلامه:- شكراً يا صاحبي، شكراً علشان أنت وأهلك وقفتوا معايا في وقت أهلي نفسهم مكانوش معايا، شكراً إنك متحملني..
- يا عم متقولش كدا، أنت أخويا مش كفاية إني لما تعبت في فترة الجيش أنت اللي خدت بالك مني؟ وكنت واقف معايا.
عدا ست شهور، ست شهور مشوفتش فيهم حد من أهلي، ست شهور محدش فيهم دور عليا ولا حتى سأل، قفلت التليفون فترة ورجعت فتحته ملقتش رنة، وأدينا لنحاول نتعايش مع الأمر.
ست شهور اتغيرت فيهم للأفضل، بقيت محافظ على صلاتي وقربت من ربنا، وبشتغل في الورشة، بنزل أسهر بالليل مع عبدالله والشباب يوم الإجازة ونقضي وقت حلو، بشوف الإعلانات بتاعة الوظايف برضوا ، بس يلا لعله خير.
- شهر رمضان داخل علينا، رمضان كريم.
- الله أكرم يا عم عابد.
- مش ناوي ترجع لأهلك ؟
أنا قاعد خايف، متوتر، في رهبة جوايا، رفعت رأسي للسما وأنا من جوايا بدعي ربنا ييسر الأمور.
- يلا يا صالح بسرعة علشان صلاة التراويح بسرعة، يلا نلحق صلاة الجماعة.
عبدالله كان بينادي عليا من تحت وأنا بتوضى بسرعة لأول صلاة تراويح معاهم، بكرا شهر رمضان، شهر الخير والبركة، عن جمال صلاة التراويح اللي ليها فضل كبير، واللي بتساعد في تكفير الذنوب وجمع الأجر. وبتشجع على قراءة كتاب الله وتقوية العلاقة بالله. وكمان، ده وقت خاص للتأمل والتركيز الروحي، بيساهم في تقوية الإيمان والارتباط العميق بالله سبحانه وتعالى.
نزلت له كالعادة وكانوا واقفين مستنيني، بس دلوقتي أنا اتاخرت، قبل كدا كنت بستناهم، علشان صلاة الجماعة وفضلها، عملاً بقوله ﷺ :-" : "صَلاَةُ الجَمَاعَةِ تَفْضُلُ صَلاَةَ الفَذِّ بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً"، ودا يظهر أن أجر وفضل الصلاة في الجماعة أكبر بكتير من صلاة الفرد.
وكمان" في كل خطوة تمشيها إلى الصلاة صدقة" يعني أنا لما بطلع من البيت وامشي لحد المسجد فأنا كل خطوة بمشيها بتبقى صدقة، ودا يحفزنا ويشجعنا إننا نسعى للمساجد علشان نأخد الأجر.
طلعنا علشان نفرش الحصير قدام المسجد، جو كله بهجة وسعادة وضحكات بتتوزع مننا لبعص ومننا للي رايح واللي جاي، وصوت الزينة لما نسمات الهوا تخبط فيها فوقيها، وكل راجل كبير يعدي يدعي لنا، وطفل صغير يفرح ويهيص، كل دا كفيل إنه يزرع جوا الروح بهجة، وينسي القلب الغم اللي مغطيه.
" الله أكبر".
التكبير بداية الصلاة،بداية دخولك لرحلة بتبدأ تتكلم فيها مع ربنا، تبدأ تحس بالخشوع، وقلبك يدق، تغمض عينيك وتحس إن كل الدوشة اللي حواليك سكتت وأنت بتقرأ ورا الشيخ، اللي صوته حلو صوت كدا يخليك تبقى عايز تعيط، الآيات اللي بيقولها الشيخ وأنت بترددها وراه، ترفع إيدك وتكبر، وبعدين تركع، بعدها تقف وتقول سمع الله لمن حمده وتكبر، وتسجد تتكلم مع ربنا في السجود وتدعي باللي عايزه، اللي نفسك فيه وقلبك رايده، تتعدل وتقول، ربي اغفر لي، في كل مرة برددها قلبي بيتمناها، ترجع تسجد تاني وتكمل كلام مع ربنا، تقف و تبدأ في الركعة التانية إلى أن ينتهي الأمر.
صلينا العشاء وبعدها التراويح وختمنا بالشفع والوتر
خلصنا الصلاة، وكإن الإنسان في كل مرة بيصلي فيها هو بيتشحن، أنت بتروح لربنا صفر طاقة تخلص صلاة مليون في المية.
خلصنا وطلعنا لقينا عيال الحارة بيلعبوا بالسلك بتاع المواعين وهما مولعينه، لقيت عبدالله بيشدني وكان معاه باقي شباب الحارة في جو كله بهجة، ضحكنا وهزرنا كتير، لحد ما جهه وقت السحور وروحنا إتسحرنا وقررنا نتحدى بعض مين هيختم القرآن قبل التاني.
أول مرة أختم القرآن في شهر رمضان، أول مرة أحس بطعمه، وأحس باللمة وحلاوة الشهر، حلاوة لما تختم القرآن وتسبق أصحابك، عزومات شهر رمضان، حلوياته وأكلاته المميزة، ساعة السحور وساعة الفطار، جو كفيل إنه يصلح حاجات كتير جواك.
- أنت ياض أنت وهو، يلا قوموا ورانا تنضيف العيد.
الحاج عابد كان بيدور علينا يصحينا علشان ننضف تنضيف العيد.
- عبدالله هتغسل سجادة، وعلي هيمسح السلالم، وصالح هيكنس السطوح، شهاب هيغسل الستاير، بعدها هننزل على الشقة تحت تتكنس وتتنضف ، وتتمسح، والفرش يتغسل ويتنشر، وبعدها تريحوا شوية بعد الفطار وتقوموا بقى علشان خبيز العيد .
- يا حاج إحنا ولادك مش فلبينيين صدقني.
- اللي قولته يتسمع ياض.
المعترض دا كان شهاب، أنا عايش معاهم وهما بيحاولوا بقدر الإمكان يخلوني واحد منهم، لحد ما فعلاً بدأت أبقى كدا، حسيت إنهم عيلتي، مش العيلة بس اللي بتبقى شايل اسمهم، لاء دي بتكون الناس اللي بتحتويك وقت حزنك، ولما تُقع، وتفرح لفرحك ونجاحك، وتسندك في حياتك لما تُقع.
- يا اختـــاي، آه يا أني يا أمي يا ضهري.
- آه يا أني يا أمي يا أبوي.
- تنضيف العيد دا ولا تخليص ذنوب يا حاج؟ قولي بالله عليك.
رد عم عابد على عبدالله:- ياض قوي عضمتك قبل ما تكبر، وبعدين ما أهو خلاص خلصنا.
خلصنا تنضيف العيد والنهاردة الوقفة، الوقت بيجري بسرعة وخايف من مقابلتهم، يارب هون، يارب جبر يليق بعظمتك.
•تابع الفصل التالي اضغط هنا