رواية سدفة الفصل الثالث 3 - بقلم اية شاكر
أخذت جملتها تمور في رأسه وهو يسير بالشارع، فهي محقه ألم يقدر على انتقاء ألفاظ أخرى!
فماذا كان يقصد بـ “أنا مش هنا!!”
باغته حلقه بإطلاق ضحكات متتالية سرعان ما كبحها والتفت حوله يُطالع المارة فقد بدا كمجنون يحدث حاله ويضحك! مسح على شعره بارتباك وأخذ يطأ الأرض بخطوات واسعة وبشموخ…
بقلم آيه شاكر
لا تغفلوا عن الدعاء لإخواننا في فلسـ ♥️ طين
★★★★
“يا بنتي امسكي لسانك شويه”
قالتها «دعاء» بعصبية وهي تلكز نداء في ذراعها فابتسمت نداء مرددة بضحك:
“أعمل إيه لساني ده موديني في داهيه”
مسكت «دعاء» طرف الوشاح المعلق أمامها وقالت باستهزاء:
“بتسألي على سعره على أساس إنك هتشتريه يعني!!”
“يعني لا هنشتري ولا هنسأل والله عيب علينا”
قالتها «نداء» وهي تضحك وترفع كلتا كتفيها..
جذبتها «دعاء» من ذراعها لخارج المحل وهي تردد:
“دا إنتِ صحوبيتك مهببه تعرفي لو مكنتش بحبك كنت قطعت علاقتي بيكِ حالًا”
سارت «نداء» جوارها وهي تنظر لها وتقول بدلع:
“يا بنتي أنا عليا نظره تدوبك ونبرة صوت تسحرك وخفة ظل تخطفك واللي يعرفني يحبني وميقدرش يبعد عني أبــــدًا”
أطلقت دعاء ضحكة كالزفرة وقالت:
“تصدقي أنا أول مره أعرف إنك ممكن تنافسي الطاووس!”
رفعت نداء ذقنها وقالت بغرور مصطنع:
“أكيد في سحره وجماله”
دعاء عاقدة جبهتها وبابتسامة:
“لأ في غروره وعجرفته”
تعلقت نداء بذراع دعاء وهي تقول بضحك:
“والله بحبك يا دوعدوع”
سحبت دعاء ذراعها منها وقالت بضجر:
“يوه قولتلك متنادينيش دوعدوع”
عادت نداء تتكأ على ذراعها بخفة وهي تقول باستفزاز:
“طيب خلاص متزعليش يا دعدوعه”
رمقتها دعاء بغيظ وتأففت وهي تسير جوارها بقلة حيلة فهي لن تغلب استفزازها مهما فعلت…
بقلم آيه شاكر
لا حول ولا قوة الا بالله ❤️
★★★★★
توالى مرور الأيام وباتت «نداء» تطالع رقمه كل يوم وتردعها نفسها أن تطلبه فهو يُحدثها بعنجهية لم تعجبها…
كانت تقرأ أسطر روايتها بين فترة وأخرى وتقف عند نفس النقطة حائرة كعادتها وقد تحول عقلها لصفحة بيضاء وقُطع حبل أفكارها بل لم يعد هناك حبلًا من الأساس!
على نحوٍ أخر افتقد «رائد» مكالماتها ومشاكستها، كان كل صباح يُطالع رقمها على هاتفه وينتظر منها اتصالًا وتمنعه كرامته أن يطلبها، فيخلد للنوم وهو يفكر في تلك الفليسوفه والتي اشتاق لها ولفلسفتها تلك!
بقلم آيه شاكر
استغفروا♥️
★★★★
“رائد… يا رائد… قوم بقا الساعه داخله على ١٢”
قالها والده «دياب» وهو يفتح ستائر الغرفة، فتح رائد جفونه وزمهم أثر الضوء واعتدل جالسًا وهو يضع يده قبالتهم ويردد بصوت أجش:
“صباح الخير يا بابا..”
“صباح النور… يلا قوم كنت عايزك تقعد مكاني النهارده في المحل عندي مشوار وممكن أتأخر”
مسح رائد وجهه بكلتا يديه ثم قال:
“طيب ماشي أنا معنديش شغل النهارده بس….”
فرك إحدى عينيه وأردف بابتسامة ماكرة:
“إيه خارج تتفسح مع ماما ولا إيه!؟”
تنهد دياب وقال بلوعة:
“والله نفسي ياد يا رائد بس النهارده هقابل صديق قديم من أيام ثانوي مشوفتوش بقالي ١٥ سنه”
رائد متعجبًا:
“يــــــاه ١٥ سنه ولسه فاكره!…”
لوح رائد بقبضة يده في الهواء وأردف بحسرة:
“خساره… افتكرتك خارج مع الجو بتاعك ولا رايح تجيبلها هديه”
ضحك دياب وهو يقول:
“لا يا سيدي أنا أصلًا مبعرفش أجيب هدايا… يلا فوق كده وهستناك في العطاره متتأخرش عليا”
خرج دياب ووثب رائد من سريره بكسل وبمجرد أن فتح باب غرفته تناهى لسمعه النزاعات المعتادة…
“الجاكت الاسود بتاعي يا وئام إنتِ بتاعك البني”
قالتها هيام بعصبية وتجاهلتها وئام وهي تُهندم من القفطان أمام المرآة وتغلق أزراره ثم قالت ببرود:
” هلبس الاسود النهارده من باب التغير”
صكت هيام أسنانها وضغطت عليها وقبل أن تتحدث ربت رائد على كتفها وقال بجمود:
“البسي البني والمره الجايه هتشتروا انتوا الاتنين نفس اللون عشان الصداع بتاع كل يوم ده”
نفخت «هيام» بضيق ودبدبت بقدميها بعصبية ثم دخلت غرفتها لتُكمل ارتداء ملابسها، فنظر رائد لوئام وقال:
“أنا زعلان منك عشان بتضايقي أختك كتير”
ابتسمت وئام وهي تقول:
“والله بصالحها متقلقش… هجيبلها شيكولاته وإحنا ماشين”
تنهد رائد وقال:
“ربنا يهديكوا”
من ناحية أخرى كان عامر يقلب بين قنوات التلفاز فصادف أغنية لعمرو دياب أشار للشاشة وهو يقول:
“إنت أهوه يا عمرو لما كنت كبير”
اتسعت إبتسامة عمرو وأشار لشاشة التلفاز وهو يصيح:
“أيوه أنا… أنا أهوه تعالي يا ماما شوفيني وأنا كبير”
دنا «عمرو» من أخيه وسحب الريمود وهو يقول:
“هات الريمود ده أعلي الصوت شويه”
قبض «عامر» على الريمود بقـ..وة وسحبه نحوه وهو يقول:
“لأ مش هتاخده…”
صارا يتنازعان على جهاز التحكم حتى أنهى رائد الخلاف وسحب الريمود وهو يقول:
“سيب يا عامر”
غمز عامر لعمرو بابتسامة خبيثة فردد الأخر:
“أنا مش عامر أنا عمرو”
وضع رائد الريمود بعيد عن متناول أيديهم وهو يقول:
“ماشي اقعد ساكت بقا يا عمرو”
رد عامر بسماحة:
“أنا مش عمرو أنا عامر”
رائد بنفاذ صبر:
“يووووه أنا مش كريم أنا كرم… دا انتوا دوشه”
قالها رائد ودخل المرحاض تاركًا جهاز التلفاز يصدع بالأغاني التي يتراقص عليها عمرو وعامر حتى دوى صوت أغنية لـ شيرين عبد الوهاب فصاح عامر بابتسامة واسعة:
“إنتِ أهوه يا ماما لما كنتِ بتغني وتتمايعي”
خرج «رائد» من المرحاض وهو يقول بضحك:
“يابني قولنا شيرين دي مش أمك صحيح اسمها شيرين عبد الوهاب على اسم أمك بس مش هي يا أزكي أخواتك”
قالت «هيام» بضحك:
“بس ماما شبهها والله يا رائد محتاجين بس نحطلها مكياج ونسرحلها شعرها”
تناهى لسمعهم صوت الأم النازقة من المطبخ وهي تقول:
“شغل يابني قرآن أغاني إيه اللي مشغلينها على الصبح دي!!”
ردت هيام من خلف ضحكاتها:
“أصل النهارده الڤلانتين يا ماما وبيحتفلوا”
غمزت وئام لـ رائد وقالت:
“مفيش هديه بقا لأختك حبيبتك من باب ادخال السرور على قلب مسلمة زي كل سنه”
ابتسم وكاد أن يخبرها عن الفستان الذي ينتظر أخر الشهر ليشتريه، ولكن حين تذكر نزاعاتهما تلاشت ابتسامته وقال:
“خساره فيكوا الهدايا عشان الدوشه بتاعت كل يوم دي”
واتجه صوب غرفته يزم شفتيه بتبرم، وتركهما تتبادلان النظرات النادمة….
بقلم آيه شاكر
صلوا على خير الأنام ❤️
★★★★★
“قطه يعني cat وفأر يعني rat وكلب يعني…..”
كان صوت المعلمة الجهوري والأطفال يرددون خلفها يدق طبلة أذن «نداء» التي فتحت عينها وهي تنفخ بضجر وتقول:
“كان لازم يعني تأجروا لها الأوضه اللي فوق راسي تدي فيها دروس”
وضعت الوسادة فوق رأسها وحاولت النوم مجددًا وبالفعل جذبها النعاس، لتنتفض أثر صوت سائق سيارة:
“أي ألمونيه للبيـــــع”
وأخر يطرق بمفتاح حديدي على الأنبوبه مرددً:
“أنابيــــــــب”
صرخت نداء وهبت جالسة، نظرت في ساعة الحائط التي كانت الحادية عشر والنصف صباحًا فوثبت من سريرها وخرجت من الغرفة…
كان «نادر» يجلس جوار والدته يساعدها في حشو أوراق الكرنب، اقتربت منهما «نداء» وهي تقول بالنطق وبالإشارة:
“صباح الفل سايبني نايمه لحد دلوقتي ليه؟!”
ردت والدتها:
“صباح النور… حاولنا نصحيكِ بس قولتِ معندكيش درس النهارده”
تنحنحت نداء لما تخفيه وتنوي فعله اليوم وقالت متلعثمة:
“لـ.. لاا طبعًا عندي درس… هروح أجهز فطاري عشان ألحق الدرس ده”
وبلغة الإشارة سألت نادر: تأكل معايا؟
اومأ رأسه بابتسامة، فألقت له قبلة في الهواء مع إشارة من يدها بمعنى “بحبك” فابتسم ورد بالإشارة: “بحبك” فاتسعت ابتسامتها وهي تدلفت للمطبخ…
أخذت «نداء» تُدندن وهي تعد إفطارها المعهود “البيض المسلوق”…
شربت كوبين من الماء اعتادت أن تشربهما قبل تناول الطعام بنصف ساعة لما لهما من فوائد عدة في تحسين الهضم ونضارة البشرة وغيرها ومن لوازم الحمية الغذائية شرب الكثير من المياة ..
خرجت من المطبخ مهرولة لتجهيز ثيابها، اختارت حجاب أحمر وجلبابها الأسود الذي لا ترتدي سواه…
وابتسمت بحمـ..اس وهي تُخرح بنطال من الجينز الأزرق وقميص من نفس لونه استعارته من صديقتها «دعاء» لترتديه بمناسبة الڤلانتين!
وبما أنها لا تمتلك حبيب فقررت أن تحتفل مع «دعاء» بطريقة ما! اتفقتا أن تهربان من الدرس اليوم وتتسكعان في الطرقات لمتابعة ما يفعله الأحبه…
وبعدما ارتدت «نداء» ثيابها وفوقهم الجلباب _كي لا يراها والديها_ حملت حقيبته الظهر وخرجت لتتناول طعامها وهي واقفة في عُجالة….
كانت والدتها النازقة تتابعها دون حوار و«نداء» ترمقها بابتسامة وهي تمضغ الطعام، فيبدو أن والدتها قد سئمت من الجدال المستمر بشأن تلك الحمية الغذائية ففضلت الصمت التام والمراقبة!
ابتلعت «نداء» ما بفمها وقد فطنت معنى نظراتها تلك، فقالت بابتسامة:
“متزعليش يا مامتي أوعدك هاكل من المحشي المره دي”
قبلتها من إحدى وجنتيها وأردفت:
“يلا سلام”
والدتها بنتهيدة: مع السلامة
اتجهت نداء صوب الباب ثم استدارت وألقت لوالدتها قبلة أخرى في الهواء فابتسمت والدتها والقت لها واحدة…
ركضت نداء للأسفل حيث تنتظرها «دعاء»
بقلم آيه شاكر
استغفروا❤️
★★★★
“أنا شايف إنك لازم تعترفلها يا علي لازم تعلقها قبل ما حد تاني يسبقك…”
قالها الشاب هامسًا لـ «على» الذي قال مستفهمًا:
“يعني أعمل إيه شور عليا يا سعيد”
سعيد متخابثًا:
“النهارده الڤلانتين استغل المناسبه دي وقدملها هديه مع ابتسامة ونظرتين حب من اللي بتشع من عينك دي والصنارة هتغمز”
قال أخر جملة غامزًا بعينيه ثم أردف وهو يُحدق بـ دعاء مضيقًا جفونه:
“ويا سلام بقا لو لقيت لي سكه مع صاحبتها تبقى صاحبي وحبيبي”
“يا عم مش لما الاقي لنفسي سكه الأول!!”
“هتلاقي يا عم متقلقش… دا إنت مقطع السمكه وديلها ومش أول مره يعني! عليك بشوية اهتمام ونظرات اتلحلح كده هو أنا اللي هقولك!”
هز «علي» عنقه وكأنه يقلب الكلام في رأسه ثم ابتسم مقتنعًا بفكرته وعازمًا على تنفيذها….
مد بصره ليرى «رشدي» والد نداء يقطع الخشب فتمنى لو يغادر قبل أن تعود لتسنح له الفرصه و يتحدث معها..
فهو يهيم بها مذ ثلاثة أعوام، تسائل إلى متى الصمت؟! فقد تذهب لغيره كما قال سعيد إذًا لابد أن يُشعرها بحبه وهيامه ذاك…
«على» شاب وسيم تعليمه متوسط فقد أنهى “دبلوم تجارة” قبل ثلاث أعوام ويعمل مع رشدي بالورشه منذ ذلك الحين…
أخذ يُطالعها وهي تقف قبالة «دعاء» عازمًا أن يتحدث معها اليوم فلن يتأخر أكثر…
بقلم آيه شاكر
صلوا على خير الأنام ♥️
★★★★★
وقفت «دعاء» قبالتها تتأمل جلبابها الأسود باستغراب مالت على أذنها وقالت بهمس:
“إيه ده!!! ملبستيش الهدوم اللي اديتهالك امبارح ليه!!”
نداء موضحة بهمس:
“يا بنتي لبستها بس تحت العبايه عشان مش عارفه رد فعل ماما وبابا هيكون ايه! مش ناقصه جدال… لما نطلع بره البلد هخلع العبايه”
اومأت «دعاء» بتفهم وقالت:
“طيب… هنروح فين النهارده؟!”
“مش عارفه هنتمشى ونتفرج”
قالت «نداء» جملتها الأخيرة وهي تبتسم بحمـ..اس وتضـ..رب كتفها بكتف دعاء بخفة، التي بدورها ابتسمت هي الأخرى وسارتا جانبًا إلى جنب بصمت…
وأثناء الطريق قالت نداء:
“خليكِ فاكره نروح أي عطاره واحنا جايين عايزه أجيب كمون حصى”
“لمامتك؟!”
نداء بحـ..ماس:
“لأ ليا أنا… أصلي سمعت برنامج امبارح والدكتور كان بيقول إن الكمون ده بيخسس و…”
قاطعتها دعاء وقالت باستهزاء:
“هو إنتِ عايزه تختفي!!! أومال أنا أعمل إيه؟!”
تسمرت نداء مكانها وزمت شفتيها وهي تقبض على أكتاف حقيبة ظهرها ثم قالت بتبرم:
“بقولك إيه أنا مبحبش حد يتدخل في النظام الغدائي بتاعي!!”
ربتت «دعاء» على كتفها بخفة وهي تقول بضجر:
“إنتِ حره يختي وأنا مالي!!”
ظلت نداء متصنمةً مكانها فجذبتها «دعاء» من ذراعها ليلحقا بسيارة الأجرة وطوال الطريق تُحدثها نداء عن الغذاء الصحي وفؤائده ومميزات النحافة وعيوب السمنة.
فالأن أصبحت المرأة النحيفة رشيقة القوام هي الأكثر جاذبية وهي الجميلة الفاتنة التي يهواها جميع الرجال! فتلك الصورة التي نقلتها لنا جميع وسائل الإعلام!!
“يا بنتي أكلتي وداني كفايه… وبرده مش مقتنعه ومش هعمل دايت أنا حابه جسمي كده! حد قالك إني هدخل عرض أزياء! وبعدين زي ما فيه رجاله بتحب البنت الرفيعة فيه برده بيحبوا البنت المليانه”
قالتها وهي تغمر لها ثم أردفت:
“وبعدين مش إنتِ بتشتكي من تساقط شعرك؟!”
رفعت كتفها لأعلى وهي تقول:
“عادي البنات كلها شعرها بيتساقط”
“يا حبيبتي دا سببه الأساسي التغذيه الغلط فمتفكريش نفسك صح!!”
لم تُعقب «نداء» وشردت وهي تنظر من نافذة السيارة وتتابع الطريق متسائلة أيعقل أنها تتبع طريقة خاطئة للحمية الغذائية؟!
★★★★★
وقف «رائد» قبالة محل كبير يعلو بابه لافتة مخطوط عليها «عطارة العقيد»، كان «الحاج دياب» يجلس على مكتبه يُحدق بأوراق أمامه من أسفل نظاراته الطبية حتى جذب انتباهه دخول «رائد» حيث جلس قبالته ووضع هدية مغلفة أعلى مكتبه وهو يقول بابتسامة:
“جيتك هديه لست الكل عشان تدخل السرور على قلبها”
طالعه دياب من فوق نظارته التي تستقر فوق أنفه وقال:
“رائد إنتِ عارف إني مش بحتفل بالبتاع ده فشيل البتاعه دي من قدامي مش ناقصين ذنوب يبني”
حاول رائد إقناعه فقال:
“يا بابا يا حبيبي إنتِ هتديها لماما بنية تهادوا تاحبوا”
هز دياب رأسه بالرفض، أخذ رائد يحاول إقناع والده بشتى الطرق حتى قال والده بعدم اقتناع:
“ماشي سيبها يا رائد… يومين تلاته كده وهبقا اديهالها بنية تهادوا تحابوا… المهم تعالى أقعد مكاني شويه راجع الحسابات دي على ما أروح مشواري”
قال أمره بعد أن وقف ليخرج من المحل، فوقف رائد وقال باحترام:
“ماشي يا بابا اتفضل”
أخذ والده الهدية ووضعها في جيبه وغادر، جلس «رائد» مكان والده وهو يراقب خروجه من المحل بابتسامة عذبة، ثم التفت يُطالع الثلاث عمال بالمحل ويبتسم لهم ملقيًا السلام ثم تنهد بعمق وأخرج الدفتر أمامه ليراجع ما طلبه والده من الحسابات…
★★★★★
سارتا لساعاتين يتبادلان أطراف الحديث وتتابعان الورود الحمراء والدباديب وملابس المارة متنمرين على البعض ومعجبين بالبعض ومشفقين على البعض الأخر…
وأثناء سيرهما بلا هدف مرت «نداء» جوار تلك المستشفى التي تُذكرها بروايتها وقفت مكانها لبرهة تحملق بالفراغ وتحاول تشغيل مخيلتها علها تلتقط فكرة ما لتُكمل تلك الرواية! انتشلها من أفكارها صوت دعاء:
“يلا نروح يا نداء عشان شكلها هتمطر؟!”
التفتت لها نداء وقالت بإصرار:
“نروح إيه!! أنا مش همشي من هنا إلا لما أشتري كمون”
دعاء بنبرة ساخرة:
“أنا مش فاهمه هتشربي كمون إزاي!! وليه؟ إذا كنت أنا مش بستحمل ريحته على الأكل إنت هـ….”
قاطعتها نداء بضجر:
“يا بنتي وأنا مالي بيكِ وبعدين من تدخل فيما لا يُعنيه سمع ما لا يرضيه فاخرسي بقا”
نفخت «دعاء» بضجر وانصاعت لأمرها فمن يجادل مع تلك النداء خاسر لا محاله! وسارتا تتلفتان حولهما تبحثان عن أقرب عطارة وقد ارتدت نداء جلبابها الأسود فور شعورها بالبرودة…
مر الوقت واصتك السحاب وبدأت تمطر عليهما بغزارة، وهما تركضان تحت المطر حتى أقرب عطارة التقطتها أعينهما…
وقفت «دعاء» تمسح أثر الماء عنها متمتمة بتبرم:
“منك لله يا نداء إنتِ والكمون بتاعك”
تجاهلتها «نداء» وفتحت حقيبتها لتُخرج المال وتشتري الكمون.
فتشت بالحقيبة مرة تليها أخرى وأجفلت فلم تجد هاتفها ولا أموالها، شهقت بصدمه ونظرت لـ دعاء قائلة بوجل:
“الحقيني أنا اتسرقت! موبايلي وفلوسي والكود اللي بدخل بيه الدرس مش لقياهم!!”
دعاء بصدمة:
“بتهزري!! لا دوري كويس كده!!”
أخذت نداء تفتش الحقيبة مرة ثانية وتشنج فمها وهي تقول بنبرة متحشرجة:
“والله ما أنا لقياهم”
قالتها وأطبقت يدها على فمها بخوف وهي تقول:
“الكود بتاع الدرس ضاع يا دعاء كده مش هعرف أدخل تاني؟!”
كان داخلها صوت يخبرها بأنها تستحق ما حدث بعدما هربت من درسها فبالتأكيد هذا عقابها!
تلعثمت «دعاء» وربتت على كتفها وهي تقول بتوتر:
“مـ.. ممكن ميكونش اتسرق جايز وقعوا منك.. هنرجع ندور عليهم مكان ما كنا ماشين!”
كان المطر يزداد في الهطول، ووقفتا مكانهما تنتظران توقفه، قالت دعاء بارتباك:
“أنا هرن على الموبايل يمكن حد يرد علينا”
ضغطت «نداء» شفتيها تحاول كبح دموعها المعلقه بين أهداب مقلتيها، أشفقت عليها دعاء وربتت على كتفها تطمئنها وأخذت تطلب رقمها مرة تلو الأخرى ولا رد…
صاحت «نداء» بنبرة مرتفعة ومتحشرجة:
“أكيد دا عقاب ليا عشان سمعت كلامك وهربت من الدرس”
حاولت دعاء ضمها فأزاحت نداء يدها بعنـ..ف لكن لم تيأس دعاء واقتربت منها وعانقتها، فبكيت نداء وارتفع نشيجها، قالت دعاء بشفقة:
“بالله عليك متعيطيش هتلاقيه إن شاء الله… بس اهدي عشان خاطري”
كانت تبكي ولا تدري أعلى فقدها لحاويتها أم لأنها خافت أن يكون عقاب من ربها! فهي تخطئ وتعلم بمدى تهورها واندفاعها! لكنها مستمرة دون التفات أو توقف…
وعلى صوت نشيجها رفع «رائد» بصره يُطالعهما بفضول، وعندما أبصر دعاء التي تضم نداء حاول أن يتذكر أين رأى تلك الفتاة؟ وحين سمع شهقات «نداء» ساقته قدماه نحوهما…
- يتبع الفصل التالي اضغط على ( رواية سدفة ) اسم الرواية