رواية سدفة الفصل الرابع 4 - بقلم اية شاكر
وعلى صوت نشيجها رفع «رائد» بصره يُطالعهما بفضول، وعندما أبصر دعاء التي تضمها حاول أن يتذكر أين رأى تلك الفتاة؟ وحين سمع شهقات «نداء» ساقته قدماه نحوهما وقبل أن يصل إليهما قاطعه هتاف غلام «أحد العمال» بابتسامة:
“مش هنتغدى ولا ايه يا أستاذ رائد”
قال رائد مبتسمًا:
“هنتغدى طبعًا… وهجيبلكم الغدا بنفسي بس لما المطر يوقف يا أنس باشا”
ابتسم أنس وقال بمرح:
“على راحتك يا أستاذي أنا بفكرك فقط لا غير”
اتسعت ابتسامة «رائد» وانشغل أنس بحمل بعض الأشياء فاستدار يزحف ببصره باحثًا عن الفتاتين ولم يجدهما قبالته لذا عاد يجلس على مكتبه ويراجع بعض الأوراق…
استغفروا 🌹
*********
من ناحية أخرى وقفتا في ركن قريب من العطارة وبعدما طلبت نداء رقم هاتفها عدة مرات أجابت فتاة، فردت نداء متلهفة:
” لو سمحتِ دا موبايلي و…”
قاطعها صوت الفتاة العذب:
“طيب متقلقيش قوليلي إنتِ فين وأنا أجي أديهولك”
التفتت «نداء» حولها وهي تقول لـ دعاء:
“هو إحنا فين؟!”
مدت «دعاء» بصرها فالتقط لافتة «عطارة العقيد» قالت في سرعة:
“قولي لها قصاد عطارة العقيد”
أخبرتها «نداء» وطلبت الفتاة منها الإنتظار فهي بالقرب…
تنهدت «نداء» بارتياح وقالت بمرح:
“الحمد لله المال الحلال عمره ما بيضيع أبدًا يا دعاء”
تهللت أسارير دعاء وقالت بابتهاج:
“الحمد لله… تعالي بقا نستناها قصاد العطاره”
وعلى الصعيد الأخر
أخذت «وئام» الهاتف من يد «هيام» وقلبته بين يديها وهي تقول بتهكم:
“معقوله لسه فيه حد بيشل الموبايلات دي!!”
سحبته هيام من يدها وهي تقول بنزق:
“وإنتِ مالك؟! يلا نروح نرجعه لصاحبته دي صوتها كان بيعيط”
فتشت وئام حاويتها التي كانت تحوي ثلاثين جنيه من النقود وقالت بضحكات ساخرة:
“بتعيط عشان دول!!”
جذبتهم هيام من يدها وقالت بضجر:
“وهما دول شويه!!… دا إنتِ رخمه”
تقدمت «هيام» خطوة وتبعتها وئام وهي تقهقه مستنكرة…
بقلم آيه شاكر
لا تغفلوا عن الدعاء لإخواننا في فلسـ ♥️ طين
★★★★★★
ارتجل «دياب» من سيارته ووقف قبالة المحل يقرأ لافتته «موبليا العميد» بابتسامة، وأخذ يقيس المكان بنظراته يبحث عن صديقه القديم ويُطالع الأثاث صُنع يديه بإعجاب حتى أبصره منخرطًا في عمله فأقبل نحوه مبتسمًا وقال:
“رشدي العميد!”
التفت له «رشدي» وابتهجت ملامحه فقد تعرف عليه حتى بعد كل تلك الأعوام، فتح ذراعيه وأقبل يضمه بحرارة وهو يقول:
“العقيد بنفسه هنا!! واحشني يا عقيد”
وبعد عناق طويل وسلامات حارة جلس دياب قبالته وربت على فخذه قائلًا بفضول:
“أخبارك إيه؟ احكيلي عملت إيه السنين اللي فاتت دي كلها”
أطلق« رشدي» تنهيدة طويلة وأجاب:
“سافرت واتبهدلت… وبعدين رجعت فتحت الورشه دي… واشتريت شقتين في المدينه بأجرهم للطلبه وعايش الحمد لله… وإنت طمني عليك؟”
تنفس دياب الصعداا وقال برضا:
“أنا كمان سافرت ورجعت فتحت عطاره وبنيت عماره وعايش من إيجارها ولله الحمد…”
تحدثا كثيرًا وأخذ «دياب» جوله في المكان يُطالع شغل صديقه ثم قال وهو يشير نحو سيارته:
“طيب يلا تعالى أنا معايا عربيتي نتمشى بيها وأحكيلك وتحكيلي عن أسرتك وعيالك”
رشدي بإصرار:
“لا طبعًا مش هتمشي إلا لما نتغدى مع بعض”
“لا الغدا دا عايز ترتيبات تانيه وإن شاء الله هيكون أول غدا عندي في البيت عشان العيال تتعرف على بعضها”
“نتغدى الأول يا دياب وبعدين نبقا نرتب الحوار ده”
“يا عميد مش وقت غدا خالص… يلا عشان أوريك العطاره بتاعتي وشغلي”
وبعد شد وجذب في الحديث انتصر «دياب» واستقلا السيارة وهما يضحكان ويتذكران ماضيهما وشبابهما…
وحين خرج رشدي تنهد «علي» بارتياح وأخذ يستعد ليتحدث مع «نداء» فور قدومها…
★★★★★
“أنا نفسي أروح چيم وأعمل عضلات”
قالتها نداء بابتسامة، فضحكت دعاء وقالت ساخرة:
“إنتِ مش محتاجه تعملي عضلات إنتِ محتاجه حد ينفضك يمكن تطولي شويه”
عقدت «نداء» يدها حول صدرها رافعة حاجبيها فكبحت «دعاء» ضحكتها وأردفت:
“خلاص خلاص متزعليش… روحي جيم والعبي عقله يمكن تطولي شويه”
قالتها وانفـ..جرت بالضحك، فقالت نداء بضجر:
“بتتريقي على طولي!! وإنتِ أصلًا أطول مني بـ ٥ سنتي مش حكايه يعني”
دعاء من خلف ضحكاتها:
“يا حبيبتي أطول منك سنتي يفرق عنك كيلو في الوزن”
لكزتها «نداء» في ذراعها وهي تقول بامتعاض:
“طيب اخرسي بقا عشان منزعلش من بعض”
كان «رائد» يجلس على مكتبه فجذب انتباهه حديث «نداء» التي كان صوتها مرتفعًا بعض الشيء، أطلق نظره ليتأمل حجابها الأحمر الذي أظهر لون بشرتها البيضاء، وابتسامتها الرقيقة التي أظهرت الغمارتين بوجنتيها…
اتسعت ابتسامته عندما رفعت حاجبيها لأعلى فاتسعت حدقتاها مما أظهر جمال عينيها البندقيتين الواسعتين، أخذ يتابعها وتعبيرات وجهها وصوتها الرقيق ومحتوى حديثها باهتمام شديد…
ومن ناحية اخرى التفتت نداء حولها مبتسمة وتوقف بصرها عليه حين التقطته يحملق بها فتلاشت ابتسامتها ببطئ وتشابكت نظراتهما مما أشعره برجفة وخفقة غريبة لم يعهدها فؤاده فسرها بأنها خجلًا وحرجًا فلم يسبق له أن نظر لفتاة بتلك الطريقه باستثناء أُختيه…
غض بصره وأطرق رأسه لأسفل وهو يتنحنح ثم سعل بخفوف عله يقذف ذلك الشعور الذي انتابه لخارج قلبه لكن هيهات فلم يدرك بعد ورطة قلبه بعد تلك النظرات..
ارتبكت «نداء» أثر نظراته تلك، وأخذت تتسائل لمَ يُحملق بها هذا الشاب بتلك الطريقة! وأين رأته من قبل؟ فقد بدا لها مألوف الملامح!
عدلت من حجابها وهي تتأكد من إختفاء خصلات شعرها ولم تكتفِ بل سألت دعاء بارتباك:
“دعاء هو أنا فيا حاجه غريبه؟!”
قطبت «دعاء» جبينها وهي تتفحص هيئتها وملامحها وقالت:
“لأ مفيش حاجه”
رمقته نداء مرة أخرى بطرف خفي وهو يتظاهر بالإنشغال بأوراق وفي نفس الوقت رفع «رائد» رأسه لتتشابك خيوط نظراتهما مرة أخرى مما أربك كليهما فابتعدت «نداء» مسرعة عن باب المحل وهي تضع راحة يدها على قلبها وتلمس وجنتيها بظهر اليد الأخرى وقد بات وجهها ينافس حبات الطماطم في الحمرة فقد رآها هو الأخر تُحملق به!
هام رائد يفكر في ابتسامتها ونظراتها حتى انتشله صوت أنس:
“تحب أروح أجيب الغدا أنا يا أستاذ رائد”
وثب رائد من مكانه وهو يقول:
“لأ يا أنس أنا هروح أجيب وأجي”
خرج رائد من المحل وهو يسير بخطواتٍ سريعة متحاشيًا النظر نحوها، وهي أيضًا كان توليه ظهرها بالرغم من معرفتها بخروجه من المحل…
★★★★★
مر الوقت وأعادت إليها «هيام» حاويتها وبدأ التعارف بينهم…
هيام:
“إنتوا في سنه كام بقا؟!”
أجابت دعاء بابتسامة:
“إحنا في تالته ثانوي… وانتوا؟”
وئام بتعجب:
“واحنا كمان… أنا حاسه إني شوفتكوا قبل كده!!”
هزت «دعاء» عنقها عاقدة بين حاجبيها وهي تردد:
“مش عارفه بس شكلكوا مألوف… على فكره إحنا أدبي”
وئام وهيام في نفس الوقت:
“وإحنا كمان أدبي”
تعارفن وتحدثن كثيرًا وتبادلن أرقام الهواتف…
حركت «نداء» الهاتف بيدها وقالت بابتسامة صغيرة وبتلعثم:
“أ… أنا يعني دا… دا طبعًا موبايل الدروس إنما الأيفون بتاعي في البيت بخاف أجيبه معايا ليقع زي ما ده وقع كده”
ربتت «هيام» على كتفها وهي تقول بإعجاب:
“براڤو عليكِ يا بنت دا أنا هعمل زيك”
ابتسمت «نداء» وتنفست بارتياح فقد أصابت مرماها، قالت وئام بابتسامة:
“طيب نستأذن احنا بقا فرصه سعيده يا نداء ويا دعاء”
وتبادلا السلامات على وعد باللقاء مرة أخرى…
وغادرتا وئام وهيام على الفور عندما لم يجدا والدهما بالعطارة…
وبعدما سارت «نداء» بضعة خطوات قالت بعد شهقة مدوية:
“نسيت أجيب الكمون يا دعاء!”
رمقتها «دعاء» بغيظ وقالت:
“مش النهارده بقا يا نداء”
تسمرت قدمي نداء بلأرض وقالت بإصرار:
“والله ما همشي إلا لما أجيب الكمون”
تأففت «دعاء» بضجر فصديقتها عنيدة ولن تغلبها مهما فعلت لذا فضلت الإستسلام والعودة معها للعطارة…
اشترت «نداء» الكمون، وقبل أن تغادر كان رائد مقبلًا صوبها ومازال يتحاشى النظر نحوها فخطفت هي نظرة نحوه قبل أن تغادر وهي تتسائل أين رأت وجه هذا الشاب؟!
بقلم آيه شاكر
صلوا على خير الأنام ❤️
★★★★★
كان «علي» يتمنى أن تأتي قبل أبيها ليستطيع التحدث معها وبعد نصف ساعه تحققت أمنيته ورآها تفتح بوابة بيتها فهرول نحوها وهو ينادي:
“نداء… نداءِ”
التفتت تُطالعه فهي تعرفه جيدًا بل وتعرف معنى نظراته المختلسة.
فكل أنثى لديها القدرة لقراءة نظرات الإعجاب في أعين أي شاب، وهي تشعر بإعجابه ولكن مازال قلبها بكر لم يعرف معنى الهوى ولم تخلع رداء الحياء مع أي شاب!
ورغم وسامته؛ إخضرار عيونه ونعومة شعره البني الكثيف، وجسده الرياضي، وبشرته المائلة للحمرة وملامحه الرقيقة، تلك المواصفات التي أذابت قلب الكثير من فتيات القرية، عدا نداء فقد اعتادت أن تنظر لجوهر الأشياء لا ظاهرها، أفاقت من خضم أفكارها أثر صوته:
“إزيك يا نداء”
قالت باقتضاب:
“الحمد لله ازيك؟ ”
تلعثم وارتبك وكأنه لأول مرة يتحدث مع فتاة، قال:
“بخير الحمد لله… كـ… كنا عايزين مايه”
“حاضر”
قالتها ثم ولته ظهرها وهمت أن تغادر فناداها:
” نداء…”
استدارت له ودون النطق طالعته بنظرات متسائلة عما يريد، فمد يده بوردة حمراء وقال:
“مـ… ممكن تقبلي مني الورده دي”
بدلت نظرها بين الوردة بين أنامله وأعينه التي تبعث وميضًا ساحرًا إستطاع اختراق شغاف قلبها فخشيت عليه الفتنة لذا أطرقت بصرها نحو الوردة وكادت أن تلتقطها من بين أنامله، لكن وقبل أن تبدي أي رد فعل أنقذها صوت والدتها التي تقف في شرفة المنزل حين قالت بأمر:
“نــــداء… اطلعيلي بسرعة”
أجفل «علي» ووضع الورده خلف ظهره وهو يقرض شفتيه بارتباك…
رفعت نداء بصرها لوالدتها وقالت:
“حاضر يا ماما… جايه”
ازدردت ريقها ونظرت لـ علي الذي أخذ يحك عنقه بارتباك وقالت:
“عن إذنك”
عاد علي للورشة وقال لصاحبه:
“شكلي كده روحت في داهيه… أمها شافتني”
شهق سعيد وقال:
“يا نهارك مش فايت ربنا يستر بقا ومتقولش لعمك رشدي”
وبمجرد أن دلفت نداء لبيتها صاحت والدتها تعنفها:
“أنا مش قولتلك ملكيش دعوه بالعيال اللي في الورشه دول!!!”
نداء بتبرير:
“والله هو اللي ناداني”
“أنا مش مرتاحه للواد ده ونظراته ليكِ…”
“متقلقيش عليا يا ماما… وبعدين ممكن يكون معجب بيا ما إنتِ عارفه معجبيني كتير”
قالتها نداء بابتسامة ماكرة وهي تغمز بعينيها، فتنفست الأم وزفرت بقـ..وة ثم قالت:
“المهم ملكيش دعوه بيه وابعدي عنه”
أومأت نداء مرددة:
“حاضر يا دودو”
قالتها «نداء» ودلفت للمطبخ لتغلي الكمون فسألتها والدتها:
“إيه ده! كراويه ولا ايه؟”
“لأ دا كمون حصى عشان الدايت”
لوحت الأم بكلتا يديها في الهواء وهي بتردد بنفاذ صبر:
“دايت!! صبرني يارب”
****
عاد «رشدي» للبيت مبتهجًا بعد يوم كامل قضاه برفقة صديقه القديم انتهى بعد أن عزمه «دياب» هو وأسرته على الغداء..
أخبر «رشدي» زوجته «دينا» التي ابتهجت هي الأخرى وتحمست وأخذت تُجهز ملابس أولادها وملابسها…
وقبل النوم استلقى رشدي على الفراش واضعًا إحدى يديه أسفل رأسه وأخذ ينسح أحلامًا ويهيم في فكره ثم نطق بما في جعبته وقال:
“يا سلام يا دينا لو نجوز نداء لواحد من ولاد دياب”
تنهد بارتياح حين تخيل ذلك ومصمص شفتيه مستطردًا:
“عايزكم بكره تلبسوا أحسن لبس عندكم”
ربتت دينا على كتفه وهي تقول بابتسامة:
“متقلقش هنشرفك… يلا تصبح على خير”
كادت دينا أن تخبره بما فعله علي لكن تراجعت وتنهدت بعمق ثم خلدت للنوم في هدوء…
بقلم آيه شاكر
سبحان الله وبحمده ❤️
★★★★★
وفي اليوم التالي
كان صوت القرآن يدوي بأرجاء البيت والجميع على أهبة الإستعداد لإستقبال الضيوف…
تولى عمرو وعامر تلميع الخشب والزجاج وهيام ووئام تنظيف الغرف والأم إعداد الطعام…
دلف رائد للبيت وبيده أكياس التسوق فهرول نحوه عمرو وعامر بأعين متسعة…
عمرو بحمـ..اس:
“جبت بيبسي؟”
عامر بابتسامة:
“جبت شيبسي؟”
تجاهلهما رائد ووضع الأكياس على الأرض فاقترب أحدهما يفتشهم، قال رائد:
“بس يا عامر متلعبش في الشنط”
عمرو بابتسامة سمجة:
“أنا مش عامر أنا عمرو”
شاركه عمرو بالتفتيش في الأكياس فصاح رائد بحدة:
“بس يا عمرو”
عامر بابتسامة سمجة:
“أنا مش عمرو أنا عامر”
وبنفاذ صبر حمل رائد الأكياس للمطبع بعد أن صاح:
“إوعـــــــى ياد منك ليه… أبو تقل د**مكوا”
وضع الأكياس أمام والدته «شيرين» التي تضحك أثر حواره المعتاد مع أخواته، قال بعد تنهيدة:
“الطلبات اللي كنتِ عايزاها يا ماما… شوفي كده لو هتحتاجي حاجه تانيه عشان هرجع الشغل؟!”
فتحت شيرين الأكياس وقالت:
” باقي الفاكهه هتجيبها بقا وإنت راجع من الشغل”
أومأ رائد رأسه وقال:
“تمام مفيش مشكله أنا هاجي إن شاء الله على الساعه ٢ ونص”
خرج «رائد» من البيت ووالدته تدعو له بالتيسير والتوفيق…
وأثناء طريقه كان هناك فتاة تقف في شرفة منزلها تُطالعه بهُيام وهي تستند بمرفقيها على سور الشرفة فرأتها والدتها تلك السيدة الخمسينية زوجة عمه «فاطمة» التي لا تكره بحياتها سوى عائلته، قالت بامتعاض:
“بتعملي إيه يا ريم! مش قولتلك ادخلي اغسلي المواعين!!”
التفتت لها «ريم» وقالت بارتباك:
“حـ… حاضر يا ماما هغسلهم”
دخلت والدتها وهي تصيح بضجر:
“بقالك ساعه بتقولي نفس الجمله انجزي بقا”
تجاهلته ريم وعادت تشرئب برأسها وتبحث عنه لكن كان اختفى عن مد بصرها فنفخت بحنق ودخلت للبيت، وقد يأست أن يلتفت لها أو يراها فهي ليست جميلة لتثير انتباهه كما أنه يعاملها كأخته وبرسمية شديدة إذا تصادفا والتقيا…
★★★★★
أصرت «دينا» على ابنتها أن ترتدي فستانها القديم
كان فستان بنبي تنتشر به نقط بيضاء ويتدلى باتساع من منتصف خصرها وتحته بطانه زادته اتساعًا ويرتفع بالإسفنج من فوق الكتف..
عندما ارتدته «نداء» كان تشبه تمامًا فتاة قد خرجت لتوها من فيلم بلأبيض والأسود أو أميرة خرجت من كارتون أطفال…
نظرت لنفسها بالمرآة وقالت:
“لا لا لا أنا لا يمكن أخرج من البيت كده!!”
والدتها بتصميم:
“والله العظيم لتخرجي كده النهارده ومفيش نقاش”
حاولت نداء إقناع والدتها فقالت بابتسامة عابثة:
“يا ماما يا حبيبتي مالها العبايه السمرا… يرضيكِ العيال يتريقوا عليا في الدرس؟!”
“مينفعش العبايه السمرا بتبينك رفيعه… وبعدين إنتِ هتستنينا وهنتقابل هناك عشان معزومين..”
صاحت نداء بضجر:
“أنا مش هخرج كده يا ماما”
تجاهلتها دينا واتجهت للشرفه، نادت:
“يا رشدي… اطلعي لحظه لو سمحت”
لحظات ودلف رشدي للبيت وحين رأى «نداء» صفر بإعجاب، فسألته دينا بحـ..ماس وبابتسامة:
“إيه رأيك؟!”
تفحصها رشدي بنظراته ودار حولها وهو يقول:
“قمر… إيه الحلاوه دي يا نداء”
رفعت نداء إحدى شفتيها لأعلى بسخرية ثم قالت بإصرار:
“قمر ايه!! أنا استحاله أخرج كده”
*****
وبعد ساعة كانت «نداء» تجلس بالدرس تأخذ مقعدين نظرًا لفستانها الواسع، كان الطلاب ينظرون إليها ويتهامسون لا تدري أإعجابًا بها أم سخرية منها!
وغير ما عانته بالمواصلات فقد اضطرت لدفع أجرة مقعدين بسبب فستانها العجيب فهي عنيدة لكن والدتها أكثر عنادًا ولاسيما عندما يجتمع عناد والدها ووالدتها عليها!
أخبرتها دعاء أنها تبدو كملكة وليست أميرة ولابد أنها تُجاملها فقد كانت تُطالعها بين حين وأخر بابتسامة عابسة وأحيانًا تضحك بخفوت عليها وهي تغرق في فستانها ذاك!
وبعد انتهاء الدرس غادرت دعاء وتركتها تقف بمفردها بجانب الطريق تنتظر والديها، وبدأت نداء تسمع مضايقات الشباب السُذّج:
“أنا طول عمري بسمع عن الأميرات لكن أول مره أشوفهم يا جدع”
وشاب أخر:
“هو القمر بيطلع بالنهار ولا ايه!!!”
نفخت «نداء» بضجر وسارت مبتعده وهي تلتفت حولها وترى حملقة العيون بقا وبفستانها…
أخذت نفسًا عميقًا وزفرته ثم وقفت منكمشة الوجه عابسة الملامح…
ومن ناحية أخرى كان «رائد» عائدًا للبيت يحمل أكياس الفاكهة بيده فقُطع أحدهم وفرت منه حبات لبرتقال حتى وصلت أسفل قدميها…
وحين أبصرها تصنم مكانه وعادت هي للخلف خطوتين بارتباك…
- يتبع الفصل التالي اضغط على ( رواية سدفة ) اسم الرواية