رواية سدفة الفصل الخامس 5 - بقلم اية شاكر
ورغم ضجيج قلب نداء وارتباكها الواضح إلا أنها فتحت حقيبتها لتُخرج كيسًا أسود وأخذت تجمع حبات البرتقال عن الأرض وتضعها به رغم صعوبة انحنائها بسبب ذاك الفستان..
ابتسم رائد فقد أحسنت التصرف وانتشلته من بؤرة التفكير وانحنى هو الأخر يجمع البرتقال في سرعة ثم دنا منها ليضعه في الكيس الذي وقفت تفتحه له بارتباك..
كان فرق الطول بينهما واضح فلم تبلغ نداء حد كتفه، رفعت أعينها لأعلى لتلتقط ابتسامته ونظراته التي تحاصرها مما زادها ارتباكًا، أطرقت بصرها أرضًا ومدت يدها بالكيس، فأخذه وقال بامتنان:
“شكرًا ”
قالت مبتسمة برقة:
“العفو”
وفي سرعة فتح كيسًا أخر وأخرج موزة قدمها لها قائلًا:
“ممكن تقبلي مني دي؟”
هزت عنقها رافضة وأصرت على رفضها، فقال بتصميم:
“أنا مش همشي من هنا إلا لما تاخديها!”
نظرت ليده، ولم تبادر بأي رد فعل فجذب انتباه رائد فاطمة تلك التي مرت جواره وهي ترمقه بنظرة جانبية، تنهد بعمق وعاد ينظر لـ نداء ثم قال برجاء:
“اتفضلي لو سمحتِ!”
ولتنتهي نداء من ذلك الموقف أخذتها من يده وقالت بابتسامة:
“مـ…. ماشي… شكرًا”
عاد يُكمل طريقه ولم تفارقه الابتسامة وهو يتخيل الموقف بأكمله ويتذكر هيئتها وفستانها العجيب فهي تبدو مثل ”عروسة المولد“ بفستانها البمبي الواسع الذي تغرق به وحجابها البنبي ووجنتيها المتوردتان ولكنه… لا ينكر أنها جميلة على أي حال…
وقفت «نداء» تُطالع الموزة لبرهة ثم ابتسمت ووضعتها في حقيبتها، وقد اجتاح جسدها موجة حارة فتوردتا وجنتيها على أثرها، فهي وبرغم شقاوتها إلا أنها تتجنب الإختلاط بالجنس الأخر وتستحي من أي ذكر يخطو على وجه البسيطه، لكن ولم تمزق رداء حيائها ذاك سوى مرتين إحداهما من خمسة أعوام والأخرى من شهر حين تحدثت مع شاب «رائد» عبر الهاتف لأيام…
تنهدت بعمق وهي تُطالعه يبتعد عنها حتى دلف لبيته وفي تلك اللحظة انتشلها صوت والدها الذي اشرأب برأسه من باب العربة “التوكتوك” قائلًا بابتسامة:
“يلا يا نداء اركبي”
تعجبت «نداء» حين نظرت للمكان المكتنز الذي يحثها والدها على الصعود إليه وقالت في ذهول:
“أركب ازاي بالفستان ده!!”
هزت رأسها نافية مردفة:
“لأ مش هعرف يا بابا”
سبقوها بالتوكتوك وتبعتهم فقد كان البيت على بعد خطوات، وارتفع ضجيج قلبها حين وقفت العربة مقابل المنزل الذي دلف منه رائد قبل قليل، وأخذت تقرض شفتيها متمنية ألا يحدث ما تفكر به…
بقلم آيه شاكر
لا تغفلوا عن الدعاء لإخواننا في فلسـ ♥️ طين
★★★★
على باب المنزل استقبل رائد المشاكسان عمرو وعامر ليقول أحدهم بحمـ…اس:
“جبت التفاح؟”
والأخر بابتسامة:
“جبت الموز؟”
تجاهلهما واتجه للمطبخ حيث والدته تُعد الطعام ووضع أكياس الفاكهة، فابتسمت شيرين وقالت:
“متحرمش منك يا أحن ابن في الدنيا بعد رامي”
تعالت ضحكاته وهو يقول:
“طبعًا مهمها عملتلك رامي هو الأساس والباقي شنط وأكياس”
تنهدت وقالت بلوعة:
“أعمل إيه البعيد عن العين محفور في القلب… والواد ده واحشني أوي يا رائد بقاله أكتر من سنه مسافر وأنا قلبي اشتكى من البعد ده…”
رائد مبتسمًا:
“كان بيقول هينزل قريب بس محددش امته… ادعيله يا ماما”
أخذت الأم تتمتم بالدعاء لكليهما حتى قاطعهما صوت دياب من خلفهما:
“يلاويا جماعه الناس على تحت”
وأردف:
“يلا يا رائد انزل قابلهم”
أومأ رائد قبل أن يخرج:
“حاضر يا بابا”
★★★★
ارتجلوا من العربة ووقف رشدي يلتفت حوله حتى خرج رائد من البيت وهو يقول:
“عمو رشدي”
التفت له رشدي وعلى محياه ابتسامة ندية، ومد رائد يده يصافحه ثم حيا دينا التي تقف مبتسمة تتأمله بإعجاب فهو عريس مناسب لإبنتها..
صافح رائد «نادر» وأخذ يسأله عن اسمه فقالت دينا بتلعثم:
“دا… دا نادر أصم”
ابتسم «رائد» وداعب خصلات شعر نادر بحنو ثم قال:
“طيب اتفضلوا يا جماعه”
نظر «رشدي» نحو ابنته التي أوشكت على الاقتراب وقال:
“ثواني بس على ما نداء تيجي”
ردد رائد بنبرة متسائلة:
“نداء؟!”
تركهم «نادر» وركض نحو أخته التي جف حلقها وثقلت قدماها فأبطئت خطاها، أشار والدها نحوها وهو يقول بزهو:
“أيوه نداء بنتي”
طالع «رائد» الطريق محل ما أشار رشدي وللمرة الثالثة يشعر بتلك الخفقة التي تجتاح فؤاده حين رآها مقبلة نحوه..
حدث نفسه هل تلك هي ابنته؟! يالها من صدفة، في تلك اللحظه تذكر نبرة الفتاه التي كانت تُحدثه عبر الهاتف والتي لم تكن سوى نداء تلك التي أخذت جملتها ترن في رأسه وهو يُطالع خطواتها:
” مفيش حاجه بتحصل في حياتنا بالغلط أو بالصدفه… كل شخص قابلته ليك معاه قصه ممكن تكملها وممكن تكون خلصت وإنت مش عارف”
من ناحية أخرى وقف «نادر» قبالة «نداء» وحدثها بالإشارة:
“تبدين جميلة جدًا”
فابتسمت نداء وقالت بالإشارة:
“أنت الأجمل”
رفعت «نداء» رأسها ونظرت نحوه فالتقمت نظراتها نظراته فوقفت مكانها صاح والدها بضجر:
“يلا يا نداء”
بللت حلقها الجاف ثم أسرعت الخطى وهي تتحاشى النظر ناحيته مرة أخرى، وما أن وصلت حتى ازدرد رائد ريقه وقال بتلعثم وهو يشير للبيت:
“ا… ا… اتفضلوا”
استقبلهم الحاج دياب وزوجته بترحاب وتفاجئت نداء عندما رأت هيام ووئام اللتان فرحتا بها…
جلس السيدات بالطابق العلوي وأمامهن مائدة للطعام تضم أصناف عدة من لحم مشوي وبطاطس مقلية وفطائر محشوة باللحم وأطباق من المحشي وغيرها من طعام عالي الدسامة إلا طبق صغير على حافتها به سلطة للخضروات وهو ما جذب انتباه نداء، ازدردت ريقها بتوتر ومالت على أذن والدتها وقالت:
“إنتِ مقولتليش إننا هنتغدى هنا!”
رمقتها والدتها بنظرة جانبية متهكمة من حميتها الغذائية تلك وقالت بهمس وهي تضغط على أسنانها:
“تأكلي من غير اعتراض فاهمه!!”
همسات نداء بضجر:
“لأ مش فاهمه! هو كل حاجه تقولوهالي أعملها مش كفاية الفستان ده!”
زمت والدتها شفتها وطالعتها بأعين متسعة تحذرها وقبل أنا تتحدث قاطعها صوت شيرين:
“يلا بقا ناكل مع بعض لقمه من الحاجات البسيطة دي ويارب يعجبكوا أكلي”
ردد نداء بهمس سمعته والدتها:
“كل ده وحاجات بسيطه… دا الأكل ده يرفع الكولسترول في السما”
لكزتها والدتها بضيق، ونظرت لشيرين قائلة:
“أكيد هيعجبنا طبعًا تسلم ايدك يا حبيبتي”
هتفت نداء:
“أنا مش جعانه”
شرين بضحك:
“مفيش مجال للرفض إحنا اللي يدخل بيتنا ميطلعش إلا لما ياكل”
استسلمت نداء وجلست على المائدة وهمست لوالدتها:
“معدتي مش هتستحمل الأكل ده! أنا بقالي سنه مأكلتش محمر”
وقبل أن ترد والدتها قالت شيرين وهي تقدم أطباق الطعام من نداء:
“يلا يا نداء مدي ايدك متتكسفيش”
بدأن بتناول الطعام وأخذت نداء تتناول السلطة حتى أنهتها وكادت أن تنهض فقالت شيرين بحزم:
“إيه يا نداء إنتِ قرفانه من الأكل ولا ايه متقلقيش يا حبيبتي والله إحنا نضاف”
نداء بتلعثم:
“أ… أصل أنا شبعانه والله”
رمقتها والدتها بحدة وهي تتوعدها ووضعت شيرين أمامها طبق من الفطائر وقطعة لحم وقالت بحزم:
“والله ما هتقومي إلا لما تخلصي الطبقين دول”
خافت نداء من نظرات والدتها تلك وأخذت تتناول الطعام في سرعة ثم تحسست معدتها حين شعرت بثقلها وتوقفت للحظة عن تناول المزيد، فقدمت شيرين طبق اللحم وقالت:
“كلي يا نداء”
طالعت طبق اللحم الذي تتساقط منه نقاط السمن وقالت:
“انا الحمد لله شبعت”
شيرين بنزق:
“شبعتِ إزاي إنتِ لسه مأكلتيش منابك”
وبعد إصرار شيرين ونظرات دينا تناولت نداء قطعة من اللحم وضعتها في فمها وأخذت تلوكها كثيرًا ثم بلعتها وكأنها تدفع حبة دواء كبيرة الحجم لداخل جوفها..
وفجأة شعرت بالغثيان ووثبت وهي تقول:
“عايزه أروح الحمام”
هيام:
“يا بنتي كلي الاول”
“والله شبعت”
أشارت لها هيام للمرحاض فدلفت إليه وجلست طويلًا تحاول التقيؤ لكن لم تستطع…
قالت لنفسها بحشرجه:
“أنا عايزه أمشي!!”
شعرت بضيق فستانها المفاجئ حين انتفخت معدتها فقد أكلت أكثر من المعتاد بدت كالصائم الذي أفطر لتوه فامتلئت معدته وثقل عقله!
أزالت دبوس قد وضعته والدتها لتجعل الفستان مناسبًا لها فاتسع الفستان على خصرها وخرجت وهي تجر فستانها الذي زاد اتساعه…
مالت والدتها نحوها وقالت:
“إنتِ عملتِ إيه في الفستان؟!”
نداء بنزق:
“اسكتي يا ماما عشان أنا على أخري”
جلست نداء صامته وأصبحت لا تستوعب جل ما يقولن تبتسم على مزحاتهن كمجاملة وتتمنى مضي الوقت لتعود لبيتها، حتى وضعت شيرين أمامهن صنية تضم أكواب من البيبسي أسود اللون، اتسعت حدقتي نداء في ذهول وقالت بصدمة ودون تفكير:
“إيه ده!!”
اتسعت ابتسامة شيرين وأشارت للأكواب قائلة:
“دا عشان نهضم بعد الأكل الدسم ده”
نظرت لها والدتها بوعيد فحملت كوب البيبسي وشربته دفعة واحدة ثم أطلق حلقها صوت تجشؤ عدة مرات، ووالدتها محرجة من تصرفات ابنتها الطفولية…
مر بعض الوقت ووالدتها تتحدث مع شيرين حتى دلفت وئام حاملة صنية من الفاكهة وجوارها هيام تحمل أخرى من الحلوى، فوثبت نداء وقالت:
“يلا يا ماما هو احنا مش هنمشي بقا؟!”
جذبتها والدتها لتجلس وقالت بابتسامة صفراء:
“اصبري يا حبيبتي لما بابا ينادي”
جلست بقلة حيلة تحاول اخفاء امتعاض وجهها واضعة ظهر يدها على أرنبة أنفها تنتظر إذن والدها ليُطلق سراحها من هذا البيت الذي مذ أن دخلته وهي تأكل
رفضت أن تأكل المزيد إلا طبق حلوى أخير، ثم قالت بنبرة حازمة:
“والله لو قتـ…لتوني ما هاكل تاني!!”
فرمقتها والدتها بنظرة جانبية تتوعدها بسبب ما فعلت! مر الوقت ثقيل عليها حتى أعطى والدها أمره بالإفراج…
استقلا سيارة دياب وكان رائد هو قائد السيارة، جلست نداء بجوار النافذة متحاشية النظر نحوه، مالت والدتها على أذنها وهمست بكلمة واحدة أربكتها:
“فضحتينا”
وبمنتصف الطريق اجتاحها شعور بالغثيان مجددًا فأخرجت رأسها من النافذة وأخذت تتقيء فأوقف رائد السيارة حتى أفرغت معدتها وسكنت بتعب بعدما أغلقت جفونها وهي تردد بوهن:
“إنتِ عارفه إني مش باكل محمر يا ماما… ااااه حرام عليكِ”
بدلت والدتها نظرها بين «رائد» وابنتها التي أغلقت جفونها في تعب وقالت بتلعثم:
“دي لازم داخت من العربية”
بقلم آيه شاكر
لا حول ولا قوة الا بالله 🌹
★★★★
عاد رائد إلى بيته وهو يتذكر ما حدث اليوم وتلك الفتاة الغريبة، والشعور الذي هيمن عليه فور رؤيتها..
ردد اسمها بابتسامة:
“نداء”
استلقى على سريرة واضعًا ساعديه أسفل رأسه هائمًا في فكره حتى غلبه النعاس ليستيقظ على صوت أذان الفجر.
خرج من غرفته بعدما توضأ فوجد والده متأهبًا للخروج للمسجد فخرج معه وسار جواره يقول مبتسمًا:
“محدش بيسبقك للفجر يا حاج دياب”
“صلاة الفجر دي مقدرش أتخلف عنها طول ما أنا بصحتي”
“ربنا يديك الصحه يا بابا”
وصلا للمسجد الذي كان مقابلًا لمنزل «ريم» تلك التي تقف خلف النافذة تُطالعه بهُيام وهو يدلف للمسجد متنهدة بعمق هائمة به حتى رفعت أختها الكبيرة «رغده» رأسها وطالعتها باستغراب قائلة بنعاس:
“إنتِ بتعملي إيه عندك؟!”
“كـ… كنت رايحه أصلي الفجر”
ابتسمت أختها بسخرية وهي تسحب الغطاء على وجهها مرددة باستخفاف:
“ربنا يقوي ايمانك كمان وكمان”
سألتها ريم:
“مش هتقومي تصلي؟!”
قالت بنفاذ صبر:
“فكك مني يا ريم… وابقي ادعيلي ربنا يهديني”
هزت ريم رأسها باستنكار وهي تُطالع رغدة التي تكبرها بأربعة أعوام وتخشى أن يكون مصيرها كأختها التي لم يطرق بابها أي رجل للزواج حتى الآن! ودائمًا ما تقول والدتها بأنه قد عُقد لها سحر يحجب الرجال عن رؤيتها وتسعى دائمًا لفكه، تنفست ريم الصعداء ورددت:
“ربنا يهديكِ ويهديني”
تنهدت بعمق حين تذكرت رائد ورامي وأردفت:
“ويرزقني ويرزقك”
بقلم آيه شاكر
استغفروا 🌹
★★★★
وبعدما أدت «نداء» فريضة الفجر جلست تردد الأذكار بعقل مغيب شارد ووجه متجهم…
تتذكر صوت والدها الهادر بالأمس وسيل كلماته الغاضبة التي كانت كـ قذيفة من للأحجار الصلبة بوجهها فكان كل حجر يرجم جزء من روحها حتى باتت صامتة كالمـ..وتى..
ذ**بحتها نظرات والدتها الحادة وهي تسرد على والدها ما حدث وتصفها بالغباء وأنها ساذجة وبلهاء فمن في مثل عمرها وأصغر تزوجن وأنجبن الأطفال أما هي فلا تفعل شيء سوى تلك الحمية الغذائية حتى انكمشت معدتها…
وأكمل والدها ذ***بحها حين وصفها بالذميمة النحيله التي لا تمتلك صفة واحدة تُنكح لأجلها لا مال ولا جمال ولا خلق حسن!
كانت تجلس على فراشها وقد أغرقت الدموع وجنتيها قالت بصوت هامس متحشرج:
“أنا محدش بيحبني”
ازداد نشيجها حتى هدأت وجففت دموعها بأناملها وحملت هاتفها لتكتب رقم جديد سرعان ما حذفته وكتبت الرقم المدون بدفترها وبدأ صراعها الداخلي بين أن تطلب رقمه أو تتراجع حتى اتخذت قرارها وضغطت على زر الاتصال وهي مغمضة العينين…
انتظرت لحظات حتىى أجابها صوته الرجولي الذي ألفته، بكلمة اعتادت سماعها منه:
“باشا… ازيك يا باشا”
ابتسمت دموعها تسل فلم تجبه وارتشفت دموعها لتستطيع التحدث فأردف:
“إنت بتعيطي ولا إيه؟!”
باغتتها شهقة تبعتها برشفة أخرى لعبراتها وهو يسألها عما أصابها حتى أجابته بصوت متحشرج:
“صعبان عليا نفسي!..”
“ليه بس؟!! إيه اللي حصل؟!”
تجاهلت سؤاله وقالت بابتسامة مهزومة:
” تعرف إن إنت عقابي”
ضحك وهو يردد بدهشة:
“أنا عقابك!!”
استرسلت بجدية:
“أيوه عقابي اللي بعاقب بيه نفسي… أنا أصلًا مش عارفه بكلمك ليه! أنا عمري ما كلمت شاب إلا إنت…”
لم يصدقها وابتسم بسخرية ينتظرها لتكمل، ران الصمت بينهما فمزقته نداء بنبرتها المتألمة وكأنها قرأت ما يجول بخاطرة:
“أنا متأكده إنك مش مصدق إنك الشاب الوحيد اللي كلمته… بس مش مهم”
تنهد بعمق من نبرتها الحزينة وسألها:
“طيب احكيلي مالك؟!”
صمتت لبرهة تتذكر ما فعله والديها، وتنهدت بعمق ثم سألته بمرارة:
“هو ليه كل الناس بتتكلم عن عقوق الأبناء لأبائهم ومحدش بيتكلم عن عقوق الأباء لأولادهم”
انتظرها لتُكمل فأخذت نفسًا عميقًا وزفرته، واستطردت:
“تعرف إن بابا دايمًا يقول إن شكلي وحش ومش هلاقي حد يتجوزني… وماما شيفاني غبية ومش نافعه في حاجه!..”
مسحت دمعة فرت من إحدى مقلتيها وقالت بصوت مختنق:
“ميعرفوش الكلام ده بيوجعني ازاي!”
ارتشفت دموعها ثم أطلقت تنهيدة طويلة تبث خلالها رجفة قلبها ووجعه وسالته:
“إنت معايا يا عقابي ولا نمت؟!”
كان يسمعها بتركيز وقد رق لحالها وشعر بصدقها بل وأشفق عليها، ابتسم على لقبه الجديد «عقابي» وأجاب:
“معاكِ وبسمعك يا باشا… صحيح إنتِ اسمك إيه؟!
- يتبع الفصل التالي اضغط على ( رواية سدفة ) اسم الرواية