رواية فطنة القلب الفصل السادس 6
اللهم إني أستودعك بيت المقدس وأهل القدس وكل فلسطين. اللهم ارزق أهل فلسطين الثبات والنصر والتمكين، وبارك في إيمانهم وصبرهم. اللهم إنا نسألك باسمك القّهار أنْ تقهر من قهر إخواننا في فلسطين، ونسألك أن تنصرهم على القوم المجرمين.
اللهم اشف جريحهم، وتقبّل شهيدهم، وأطعم جائعهم، وانصرهم على عدوهم. اللهم أنزل السكينة عليهم، واربط على قلوبهم، وكن لهم مؤيدا ونصيرا وقائدا وظهيرا. سبحانك إنك على كل شيء قدير؛ فاكتب الفرج من عندك والطف بعبادك المؤمنين.
___________________
فِطْنَة اَلْقَلْبِ
«قطوف الياسمين»
بقلم سلمى خالد " سماسيموو"
سبحانك اللهم بحمدك سبحان الله العظيم.
الفصل السادس
(صِرَاعٌ)
صوت القرآن يصدع بالمكان، الجميع يأتي كي يقوم بواجبه، هل انتهى محمد العطار لهذا الحد؟ هل سيبقوا سويًا أم سيتقدم إلى المستقبل يدهما بيد بعض.
واقفة وسط النساء، لا تتحرك جامدة ساكنة لاتتحدث ولا تدمع عينيها كل من يتقدم منها يرى ملامحها يشعر بالشفقة اتجاهه، في حين تجلس ياسمين تبكي بشدة، لا تستطيع السيطرة على مشاعرها المبعثرة، تجلس إلى جوارها مريم تحاول السيطرة عليها كي لا تنفلت أعصابها، وبالجوار تجلس مرفت وهي تبتسم بشماتة لهما وعلى ملامحهما المنكسرة.
في حين يقف مازن بالخارج يأخذ عزاء خاله، لا يذكر سوى ( ربنا يرحمك يا خالي) فقط هذا كل ما يردده، يقف إلى جواره ياسين الذي لا يعلم بهويته أحد سوى أنه إبن عم قطوف وياسمين.
***
أغلقت الباب بعد مغادرة الجميع، تقف وسط الردهة بصمتٍ، يجلس مازن وجواره ياسين على الأريكة، في حين ياسمين توقفت عن البكاء ولكن لا تتحرك شاردة في اللاوعي، ارتفع صوت مرفت بمكر:
_ عايزين نشوف الورث ونقسمه بقى وأنا من ناحيتي هقف معكم يا حبايبي لحد..
:_ لحد ما تلهفي فلوس أبويا صح!
قالتها قطوف بغضبٍ جامح، في حين ارتفع صوت مازن يتمتم قبل أن تتحدث والدته:
_ مش عايز اسمع صوت هنا.. خالي لسه دمه مبردش وبتتكلموا في ورث.
نظرت له قطوف بنفورٍ ثم صعدت لغرفتها، في حين وقف مازن يتطلع نحو والدته بيأسٍ من أفعالها، نهض ياسين من مكانه يتمتم بصوتٍ جاد:
_ البقاء لله، وبإذن الله ابقى اجي تاني عشان نتكلم لأن لزمًا نحكي في مواضيع كتير.
حرك مازن رأسه في ايجابية، ولكن لم يسلم من نظرت مرفت الغريبة، فهي تتطلع له بقوة وكأنها تشك بأمره، تحرك ياسين نحو الخارج، بالرغم من حزنه الشديد على عمه وعدم اللاحق به كي ينفذ حديث والده ولكن انتشلته السعادة من قاع الحزن ما أن رأى مريم تجلس جوار ياسمين.
نهضت مريم من مكانه تتمتم بصوتٍ حزين:
_ البقاء لله أنا همشي عشان اتأخرت على ماما.
منحها مازن بسمة صغيرة حزينة، يجيب:
_ ولا يهمك كفاية وقفتك معانا.
غادرت مريم المنزل، وانطلقت نحو سيارتها، ولكن توقفت ما أن استمعت لصوته يهتف:
_ هو كل ما أروح في حتة ألقيكي وراكي.
أغمضت مريم حدقتيها بغيظٍ، ثم قالت بسخطٍ دون أن تستدير:
_ أقول ايه بقى واقعة في قرعتك.
فتحت باب سيارتها، ثم تحركت بها سريعًا دون النظر له، في حين ابتسم ياسين يحرك رأسه واضعًا يده بجيب سرواله يتمتم بصوتٍ رخيم:
_ شكلي هتعب معاكِ.
****
داخل المنزل..
وقف مازن في مواجهة والدته يتحدث بصوتٍ هامس غاضب بعدما صعدت ياسمين لغرفتها:
_ في حد يقول اللي قولتيه دا!!
منحته نظرة غير مبالية ثم حملت حقيبتها تنطلق نحو الباب، تردف بكلمة واحدة:
_ آه أنا.
أغلقت الباب خلفها، في حين نظر لها مازن بضيق ولم يردف سوى:
_ ربنا يهديكي يا أمي.
تركها ثم صعد نحو غرفة قطوف وطرق الباب، وبالفعل فتحت قطوف الباب لتجد مازن يقف أمامها، ضمت يدها لصدرها تغمغم:
_ ايه جاي أنت كمان تكمل كلام أمك؟!
مسح مازن وجهه بغضب، فوالدته تتمتم بكلماتٍ مستفزة، وقطوف تسخر دائمًا، تحدث من بين أسنانه:
_ قطوف ياريت تفصلي بين أمي وأنا دا أولًا ثانيًا تتكلمي عدل معايا ثالثًا كنت جاي أشوفك لو عايزة حاجة ولو عوزتي هبات تحت.
رمقته بنظرة نارية، تتمتم بصوتٍ غاضب:
_ وتقعد بصفتك إيه إن شاء الله؟!
استدار مازن يضع يده بجيب سرواله يجيبها بهدوءٍ:
_ جوزك.
حدقت قطوف به دون أن تتفوه بكلمة، في حين استدار مازن يغمز لها بعينه ثم عاد لطريقه مجددًا دون أن يتحدث.
أغمضت عينيها بألم، لا تعلم بأي مصيبة اوقعت بها نفسها، أغلقت باب غرفتها ثم تقدمت نحو غرفة ياسمين حتى وصلت لها، طرقت الغرفة ثم دلفت لها لتجدها تجلس على الفراش تتطلع للأمام بصمتٍ وشرود، تقدمت منها قطوف تتمتم بصوتٍ مبحوح تحول تمامًا بعدما كان شرس:
_ ممكن أنام في حضنك النهاردة.. محتاجاه أوي.
لم تتحدث ولم تتحرك، فقط تنظر.. تنظر لنفس تلك النقطة، تقدمت قطوف منها وجلست جوارها تضع رأسها على كتف شقيقتها ثم انفجرت بالبكاء وهي تمتم بصوتٍ متألم:
_ أنا بتقطع من جوا وأنا شايفكي كده بعيدة عني.. كفاية بابا راح مبتقوش أنتم الاتنين... أنا من صغري كله شايفني قوية واقدر ادافع عن نفسي بس أنا مش كده.. أنا بنهار وبتعب إن في حد عايز يأذيني... أنا بني آدمة وبحس زي زيكم ونفسي ألقي شخص اللي استخبي جواه بدون ما يستغل ضغفي.
نظرت لها قطوف بأعين باتت تصرخ من آلام لم يراها أحد، ثم اضافت:
_ هو ممكن ألقي حد ميستغلش ضعفي ويقويني!
لم تجيبها بل ظلت صامتة، في حين أغمضت قطوف عينيها وهي تشعر بألم يكاد يقتلها من الداخل.
***
استيقظت قطوف صباحًا، ولكن كان المكان فارغًا لا يوجد أحد، نظرت حولها ببعض الترقب تحاول أن تكذب شكوكها، نهضت ببطء من على الفراش تتقدم نحو الخزانة وما أن وصلت حتى فتحت الخزانة لتجدها فارغة، وبداخلها ورقة، مدت يدها لها لتجدها بها..
( سامحيني إني مقدرتش ابقى معاكي.. حقيقي مش زعلانة منك ولا من جوازك من مازن.. أنا مزعلتش إنك اتجوزتيه... أنا زعلت إن معدتش ليا حد تاني اتسند عليه... يمكن بابا كان موجود وقتها بس بُعده عني زمان خلاني مش عارفة هل هيفضل بعيد عني ولا هيقرب مني ويعوضني... بس هو كمان راح.. خوفت أنتِ كمان تروحي زيهم كلهم... فقررت إني امشي أنا قبل ما اخسرك أنتِ كمان.. مع السلامة يا أحن اخت وأم في الدنيا.)
طوت الورقة.. تلقي نظرة مرة أخرى على الخزانة.. تحرك رأسها بنفيٍ لا تصدق.. هل تركتها وابتعدت هي الأخرى.. صرخت بصوتٍ عالي صدع بأرجاء المنزل:
_ يــــــــــــــاسميـــــــــن.
***
كان يصعد نحو غرفة قطوف ولكن ما أن استمع لصوتها يأتي من غرفة ياسمين وصراخها بأسمها حتى ركض نحو غرفة ياسمين يفتح الباب في سرعة، ليجد قطوف تجلس أمام الخزانة تبكي بعنفٍ، في يدها تلك الورقة، تقدم منها وفهم ما الذي حدث، هبط لمستواها يهتف بهدوء:
_ أهدي يا قطوف و...
قاطعته وهي تدفعه بعيدًا عنها تتمتم بصوتٍ حادٍ قاسٍ:
_ أبعد عني بقى.. أنا مش بطايقك فاهم مش بطايــــــــــــقك.. طلقني وسبني.
وقع مازن أثر دفعتها المفاجئة، تطلع نحوها بصدمةٍ بعدما اردفت بتلك الكلمات، صمت دون أن يردف بكلمة واحدة، ونهض من مكانه يقرر الرحيل ولكن صوت بكاؤها الذي لأول مرة يستمع له جعل قلبه يرق لها، عاد مرة أخرى لها يمسك ذراعها بهدوءٍ ولكن ابعدته قطوف بقسوةٍ مرة أخرى تنهض من أعلى الأرض تهدر بعصبية مفرطة وسط بكاؤها:
_ أنت مش بتفهم.. قولتلك مش بطايقك.. ولا هسمح إن اسمي يقرب من اسمك يا مازن.
قبض على يده بعنفٍ شديد، تهجمت ملامحه وكأنه على وشك قتل أحد، ولكن تحكم بنفسه بأخر لحظةٍ ليتمتم ببرود:
_ وفي النهاية أسمك بقى على أسمي وبقيتي مـ..ـر..ا..تـ..ـي.
قالها بصوتٍ متقطع ولكن بطريقةٍ جعلت قطوف كـ بركان ثائر، يضع يده بجيب سرواله، بينما وقفت قطوف تشعر باختناق شديد منه، أصبحت لا تطيق النظر له حتى، رمقته بنظرة نفور شديد، ثم غادرت من الغرفة تحمل حقيبتها مغادرة المنزل بأكمله.
وبقى مازن بالغرفة يعلم جيدًا أين وجهتها، وضع وجهه بين راحتي يده يهمس بتعبٍ أصبح يتضاعف شيئًا فشيء:
_ ليه يا ياسمين زودتي التعب.. كفاية مسؤوليتكم عليا!
****
:_ أنا مش طايقاه يا مريم.. وياسمين سبتني ومشيت بسببه.
قالتها قطوف بضيق شديد، في حين حركت مريم رأسها بالنفي يتمتم بصوتٍ هادئ:
_ قطوف.. ياسمين سابت البيت وهربت من الضغط.. ياسمين مكنتش بتحب مازن.. بس هو الانسان الوحيد اللي كان بيلبي طلبتها وبيحميها.. وشافت إنه امانها فلما اتجوزك وبعدها باباكي توفى هي شايفة أن كل اللي بتحبهم بيروحوا واحد ورا التاني فقررت تسيبك قبل ما تخسر كل حاجة.. خافت تواجه خسارة اللي قابلتها.
صمتت قطوف ولم تعلق، في حين ابتسمت مريم مرددة:
_ ليه يا قطوف بتكتمي زعلك قدامي وقدام الغريب!
نظرت لها بعدم فهم، لتكمل مريم بتوضيحٍ:
_ قصدي أن والدك توفى منهرتيش قدامنا.. واختك مشيت متحركتش قدامي لحظة.. ولا نزلتي دمعة واللي يشوفك يقول جماد.. ليه بقى يا قطوف!
اندفعت قطوف بالحديث قائلة تثبت أنها مثلها مثل الجميع:
_ لا على فكرة عيط قدام ياسمين ومازن..
صمتت فجأة ولم تصدر كلمة واحدة، في حين ابتسمت مريم بهدوءٍ بعدما وصلت لمبتغاها لتردف بجديةٍ:
_ شوفتي أنك من جوا قلبك مش بيكره مازن ولا أي حاجة.. أنتِ مجرد بس مخنوقة من طريقته وأنك بقيتي ملكية خاصة.. وإن حريتك مرتبطة بيه.. وخايفة يستغل دا ضدك.. قطوف أنتِ شخصية عمرها ما عيطت قدام غريب.. حتى أنا صحبتك من سنين مشوفتكيش عيطي مرة.. بس مازن عيطي قدامه عا...
قاطعتها قطوف قائلة بضيقٍ:
_ خلاص يا مريم كفاية كلام أنا همشي بقى عشان ورايا حاجات كتير.
انطلقت قطوف سريعًا من أمامها، في حين حركت مريم رأسها بيأسٍ منها ولكن يجيب أن تظهر الحقيقة مرة تلو الأخرى كي تستطيع ادراكها.
****
جلس ياسين بالشقة يتطلع نحو هاتفه بصمتٍ، بكل مرة تضيء الشاشة بها تعلن عن رنين والده لا يرغب بالرد كي لا يوبخ على تأخيره لطلب والده.. فقد ضاع كل شيء بسبب اهماله الشديد.
تنهد بضيق ثم قرر الذهاب لمنزل محمد العطار والد قطوف وياسمين.
***
عادت قطوف للمنزل، ولكنها تفاجأت بوجود هذا الشاب الذي رأته بالمشفى، تقدمت من الردهة وهي تتطلع لمازن الذي ينتظرها يتمتم بهدوء:
_ اخيرًا جيتي.
رفعت حاجبها بتعجب ثم قالت:
_ ومستنيني ليه؟!
أشار مازن على ياسين ويجيبها:
_ ياسين عنده كلام مهم لزمًا يقوله لينا النهاردة.
جلست قطوف بمقعد بعيدًا عن مازن، تتطلع له بهدوء ثم اشارت له قائلة بصوتٍ جامد:
_ اتفضل قول اللي عندك.
تعجب ياسين من طريقتها ولكن ظن أن وفاة والدها هي من تجعلها تتحدث هكذا، اجاب بهدوء:
_ أنا ياسين مهران العطار.. ابن عمك وابقى ابن خالة مازن وطبعًا محدش فيكم يعرفني!
نظرت له بسخطٍ، ثم قالت بسخريةٍ:
_ نعم! المفروض اصدق حضرتك!
زفر ياسين بهدوء ثم قال بنبرة هادئة، يمد يده بالأوراق:
_ المفروض تصدقي.. دي الاوراق اللي تثبت كلامي.
نظرت قطوف للأوراق في دقة، بينما تسأل مازن بحيرة:
_ طب طالما أنت ابن خالي.. ليه محدش من اهلي جاب سيرة الموضوع؟!
تنهد ياسين بهدوءٍ، ثم أجابه بتوضيحٍ:
_ لأنهم كانوا صغيرين عشان كده ميعرفوش ان ليهم اخ عايش في البلد.. زمان جدو سيد أبو عمي محمد وعمتي مرفت كان متجوز بس مراته معجبهاش الوضع في البلد وحست أنها مش هتقدر على العيشة وقالت لجدوا سيد يمشي من هناك ويجي القاهرة بس هو مرضيش فطلبت الطلاق وطلقها وكان معها عمي محمد سنة وكانت حامل في عمتي مرفت وابويا مهران كان اتولد وعنده 4سنين وشاف اللي حصل كله.. ساعتها خدت محمد وعمتي وسابت مهران لان جدو كان متعلق بيه اوي واتفقوا على انهم يفضلوا كده ولما والدة ابويا جت القاهرة ربت عيالها هنا وقالت ان جدو سيد مات وأنه مش موجود وقطعت أي طريقة تواصل بينها وبين جدو سيد ومعرفش حاجة عن عياله خالص ولما جدو سيد توفي قبل ما يموت وصى والدي أنه يدور على اخواته ويرجع الصلة اللي بينهم.. وعدى وقت ولدي مقدرش يوصل لحد منهم وأنا لما جيت القاهرة قالي ادور عليكم وساعتها صحبة قطوف كانت عندي بقضية وشوفت بطاقة قطوف وعرفت اوصلكم بس للأسف اتأخرت في إني اجي بدري واعرف عمي أن ليه اخ اسمه مهران والحكاية كلها.
انتهى ياسين من حديثه، وحل الصمت بينهم، عاصفة من الافكار تدور بعقولهم جميعًا حتى نهض ياسين قائلًا:
_ أنا كده عملت اللي عليا وحكيت ليكم وياسمين أكيد تقدروا تقولولها.. ولما تستوعبوا الكلام ابقوا رنوا عليا دا رقمي.
ترك ياسين ورقة صغيرة يدون بها رقمه، ثم غادر من مكانه في حين نهضت قطوف تصعد نحو غرفتها دون أن تتحدث بكلمة واحدة، وبقى مازن يحاول استيعاب ما يحدث حوله فـ بكل لحظة تحدث مفاجأة غير الأخرى.
**
مرت عدة أيام لم تعلم قطوف أين توجد ياسمين، في حين بقى مازن يحاول السيطرة على حزنه بفقدان خاله، يفعل اشياء بالخفاء دون علم أحد..
دلف مازن داخل معرض السيارات بهدوءٍ، يتلقى واجب العزاء من الجميع حتى صعد للأعلى وما أن فتح المكتب حتى وجد والدته تجلس على المكتب باريحية، قطب جبينه بدهشة متمتمًا:
_ بتعملي إيه هنا يا أمي؟!
نظرت له مرفت بسعادة تجيب:
_ كان حلمي اخد الكرسي دا من محمد واهوه اخدته خلاص وبقى ملكي.
حدق بها بذهولٍ، ثم قال بنفذ صبر:
_ يا أمي.. ارحميني شوية تقعدي ايه ومكتب ايه.. الحاجات دي بتاعت قطوف وياسمين يعني اللي لينا فيهم ميسواش حاجة.. فياريت تشلي الاحلام دي.
:_ ياريت أنت اللي تبطل العبط بتاعك وتركز مع أمك أنك تاخد الفلوس دي كله.
قالتها مرفت بغيظٍ منه، في حين حرك مازن رأسه ثم غادر من المكان بأكمله يحمد ربه أنه أخذ الأوراق الهامة وخبأها.
**
عاد مازن للمنزل يشعر بتعب شديد.. لا يريد ترك المنزل أو ترك قطوف وحيدة، يبتسم بسخرية على حاله فلم تلاحظ والدته حتى أنه لا يجلس معها ولا يحدثها.. كل ما تركز عليه الميراث.. أغلق الباب ثم توجه نحو غرفته ولكن اوقفه جرس الباب، تعجب من سيأتي بهذا الوقت عاد مرة أخرى يرى من ليجد رجل في العقد الخامس من عمره يقف أمام مازن، يتمتم بنبرة هادئة:
_ أنا عز صديق محمد والمحامي الشخصي بتاعه.. وجاي بخصوص الوصية بتاعته.
تعجب مازن قليلًا، وأردف بدهشة:
_ طب ليه مجتش من بدري؟!
اجابه عز:
_ مش هنتكلم على الباب.
شعر بالحرج وافسح له المجال، في حين أتت قطوف على الصوت لتجد عز يقف بثباتٍ، اردف مازن وهو يغلق الباب:
_ الاستاذ عز صديق خالي وبيقول في وصية لينا خالي سيبها معاه.
اشارت له قطوف كي يجلس بالردهة، في حين كاد مازن ان يجلس ولكن اوقفه صوت الجرس، مسح وجهه بضيق يتمتم:
_ هي ليلة باينة من أولها.
ذهب ليفتح الباب ليجد والدته تدلف سريعًا، ابتسم بسخطٍ بالطبع قد أخبرها أحد من جواسيسها، عادي يجلس مكانه، ليبدأ عز بالحديث قائلًا:
_ أنا صديق محمد من زمان وبقيت المحامي بتاعه من ساعة خيانة المحامي الأخير.. واداني وصية لأربعة من عيلته و اللي موجود بس هو اللي افتحله وصيته..
بدأ بامساك أول ظرف يتمتم وهو يفتح كي يقرأ:
_ الظرف دا للكل، وبيقول فيه أن الورث هيتوزع عليكم كلكم بشرع ربنا.
اغلق هذه الوصية ثم رفع الوصاية الثانية قائلًا بهدوء:
_ الوصية دي خاصة بمازن وفيها بيوصيه بأنه ميبعش الأجانس الخاص بيه ويحافظ عليه ويكبره.. ويحافظ على فلوسه من الحرام.. وأخيرًا أنه المتحكم الوحيد في فلوس مراته ودا بورق يثبت أن مازن الوحيد المتحكم بتوكيل منها ليه..
ثم اضاف وهو يرمقها بنظرة جادة:
_والتوكيل رسمي يا استاذة قطوف وبامضاء منك إزاي.. معرفش بس محمد جابلي التوكيل وأنا وثقته في الشهر العقاريّ.
صمت مازن ولم يستطع النطق، في حين بقت قطوف في صدمة من حديثه، تحاول تذكر كيف مضت على هذا التوكيل، أكمل عز وفتح الظرف الثالث يتمتم:
_ الوصاية التالتة تخص قطوف وبيقول فيها أن طلاقها من مازن قبل سنة هـينقل نصيبها في الورث ليه.
نظر عز لهم يتمتم بصوتٍ جاد ولكن الصدمة تعلو ملامحهم جميعًا:
_ الوصيتين اللي فاضلين واحدة لياسمين وهي مش موجودة.. والأخيرة بعد سنة هفتحها لأنها تخصكم كلكم طلب بعد سنة افتحها.
يتبع.
•تابع الفصل التالي "رواية فطنة القلب" اضغط على اسم الرواية