Ads by Google X

رواية قدر و وصال الفصل الثامن 8 - بقلم هدير ممدوح

الصفحة الرئيسية

 رواية قدر و وصال الفصل الثامن 8 

اللهم إني أستودعك بيت المقدس وأهل القدس وكل فلسطين. اللهم ارزق أهل فلسطين الثبات والنصر والتمكين، وبارك في إيمانهم وصبرهم. اللهم إنا نسألك باسمك القّهار أنْ تقهر من قهر إخواننا في فلسطين، ونسألك أن تنصرهم على القوم المجرمين. 
اللهم  اشف جريحهم، وتقبّل شهيدهم، وأطعم جائعهم، وانصرهم على عدوهم. اللهم أنزل السكينة عليهم، واربط على قلوبهم، وكن لهم مؤيدا ونصيرا وقائدا وظهيرا. سبحانك إنك على كل شيء قدير؛ فاكتب الفرج من عندك والطف بعبادك المؤمنين.
____________________
الفصل الثامن 
رواية قدر ووصال 
بقلمي هدير ممدوح 

الغد، كل الخوف من الغد، الذى لا نعلم ما يحويه لنا، فبثواني معدودة تقلب الحياة موازينها وتأتي الرياح  بما لا تشتهي السفن وتجد نفسك كالغريق فهذه الحياة تنتظر النجاة. 

جالس أيمن بمكتبه بإرتياحية بعدما أخبره محمد بما حدث فطمئن قلبه على شقيقته وأوصاه بحمايتها زفر بعمق وهو يتذكر كيف أكتشف حقيقة زوجته.. 
أنتظرت الخادمة خروج أيمن من منزله وعندما رأته يغادر خرجت خلفه تنادي بأسمه فتوقف يستمع لها قائلاً: 
_أيوة يا ثناء، في حاجة.  
فغمغمت ثناء بتردد: 
_يعلم ربنا انا بحب قد إيه آنسة وصال عشان كده هقولك باللي سمعته. 
تنبه أيمن لحديثها وقال باهتمام: 
_سامعك قولي 
فأفصحت ثناء بارتباك: 
الخادمة:
- امبارح بليل سمعت الست نجلاء بتكلم واحد أسمه أحمد بعتاه يدور على ست وصال عشان يمضيها غصبًا عنها تنازل  بأسهمها فالشركة. 
غلت الدماء في عروقه قهراً من أعمال زوجته وقال بوجه مقتضب: 
_ثناء بعد كده عاوزك تراقبي نجلاء طول ماهي داخل البيت تمام. 

كانت تنقل له أخبارها ومحادثتها مع أحمد حتى جاءت له بتلك الحقيقة الساحقة فتذكر حديثها عندما أتته بوجه مكفهر قائلة: 
_أيمن بيه في حاجه سمعتها ومقدرتش اقولك على التليفون زي كل مرة وانت فشغلك. 

انتفض ايمن من مجلسه وقال: 
_سمعتي إيه يا ثناء، قولي حالاً، في حاجة حصلت لـ وصال. 
هتفت ثناء سريعاً تطمئنه: 
_لا، لا ست وصال بخير. 
اطمئن قلبه وجلس مرة أخرى على الأريكة وهو يقول بصوت متعب: 
_اومال في ايه بس يا ثناء. 
تحدثت ثناء وأخرجت ما بجوفها دفعة واحدة: 
_بصراحة كده الست نجلاء بتخونك مع واحد اسمه وائل سمعتها بتقوله ياحبيبي، وكمان زعقت معاه وقالت متنساش اني انا لعبت فراس ايمن عشان  يستثمر فلوسه والناس اللي بعتها من ضمن لعبتي وأن احنا اللي نصبنا عليه تمام. 

كان لحديثها ذلك وقع مرير على قلبه فأزدرد لعابه وهو يقول: 
_روحي ياثناء على شغلك. 
اشفقت العاملة على حالته وغادرت من أمامه. 

خرج أيمن بعد هنيهة من شروده على صوت طرق على باب مكتبه فغمغم قائلاً: 
_أدخل. 
دلف شاب طويل نحيف الجسد ذات بشرة بيضاء معلقا برقبته id مكتوب عليه اسمه "وائل عبد المجيد"
تقدم وائل من ايمن وجلس أمامه فلم تكن تفصل بينهم غير طاولة المكتب، كان يود أيمن لو يقف ليهشم عظامه ولكنه أراد الانتقام منهم على طريقته ولأول مرة يحمد الله على عدم انجابه منها بأطفال. 
للمرة الثانيه يخرجه وائل من شروده قائلاً: 
_إيه يابرنس اللي شاغل بالك كده. 

مال أيمن بجزعه على الطاولة وهو ينظر له بتحدي ظهر بعينه: 
_مين طلب منك تقعد. 
تعجب وائل من لهجته تلك وقال: 
_مالك ياعمنا اظاهر ان في حد معكنن على مزاجك النهاردة، بس روق بالك كده، ده انا جايلك بحتة عرض إنما إيه هيكسبك ملايين. 

عاد أيمن بجسده للوراء مستندا بظهره على كرسيه وقال بحده جعل الاخر ينتفض من مجلسه: 
_أطلع برة. 

وثب وائل واقفا وقال: 
_في إيه يا أيمن انت مش على بعضك النهاردة ليه؟ 

زمجر أيمن بحدة قائلاً: 
_أطلع برة يا وائل مش عاوز أشوف وشك. 

جز وائل على أسنانه بغيظ وخرج من المكتب متوعدًا له بالأنتقام لأهانته تلك. 

                                  🌺🌺

يقفون أمام ذلك المنزل الذي تستطيع رؤية مساحته الكبيرة ، فكان يتميز بسور قصير من الخارج وبابٍ حديدي في منتصفه وأمامه تقف قدر ووصال وشاب بجانبهم وبيده حقيبة وصال، خطا للأمام وفتح الباب فدلفوا جميعهم للداخل ينظرون حولهم بإعجاب لتصميم هذا المنزل الذي محفوف من كلا جانبيه بحديقة تسلب الألباب من روعتها، تقدموا للأمام وصعدوا ثلاث درجات ليقابلهم باب أخر فطرق الشاب عدة مرات حتى أطلت عليهم أمرأة فالثلاثون من عمرها وقالت بأحترام: 
_نورت ياعلاء بيه. 
فأجابها وهو يمد له يده بالحقيبة:
_تسلمي يا ام نور، خدي الشنطة دي طلعيها على أوضة الضيوف. 

حملت الحقيبة وغادرت من أمامهم فتحدث هو قائلاً: 
_أتفضلوا 
خطت أقدامهم للداخل وهو أمامهم حتى توقف جميعهم بمنتصف المنزل الذي كان يتميز بأثاث راقي، أستمعوا إلى صوت خطوات أحدهم فتقدمت منهم أمرأة واتجهت إلى الشاب تعانقه بشوق وتحدثت قائلة: 
_نورت بيتك ياعلاء يابني. 

فبدالها هو العناق قائلاً: 
_بنورك ياست الكل. 

ابتعدت عنه ونظرت إلى قدر ووصال تتفحصهم بنظرها وقالت بدهشة:
_مين دول ياعلاء. 

_دول ضيوفي يا أمي هينورونا كام يوم. 

 أمتعض وجهها وقالت: 
_أنت متعلمتش من الدرس الأول ولا إيه، جايب البنات دي ليه هنا. 

علا صوت علاء الحاد قائلاً: 
_قدر ووصال ورهف هيفضلوا معانا فترة، ومش عاوز مناقشة فالموضوع ده. 

ردت امه بحنق وهي تناظرهم: 
_ويا ترى جايين بأي مصيبة، ومصيرك معاهم يكون إيه. 

كتم غضبه بداخله وقال : 
_أمي ياريت نتناقش فالمكتب، وأستدار للفتيات قبل مغادرته وقال: 
_أستريحوا لحد ما نيجي. 

غادر من أمامهم الشاب والمرأة ولم يغفو عن نظراتها المشمئزة لهم، ارتمت وصال بجسدها على الأريكة وجلست رهف بجانبها وتحدثت قائلة: 
_وادي أهو شخص كمان مش مرحب بوجودنا، مش عارفين أمتى هنرتاح من ده كله. 

جلست قدر بجانبهم وقالت: 
_لو رجعنا حياتنا هتدمر، بس على الأقل هنا أمان لينا. 

تحدثت وصال: 
_الحمدلله ان قدرنا نوصل لـ ملك وإلا مكناش هنعرف نعمل إيه، وشردت فيما حدث معهم. 

"عودة إلي الوراء "
هتفت وصال صائحة بملامح مبتهجة : 
_الحمدلله ملك هتساعدنا، وقالت هتبعتلنا شاب اسمه علاء، هو اللي كان مسئول عن قضيتها. 

ردت قدر تحمد ربنا وزينت ابتسامة ثغرها وقالت: 
_وحشاني ملك جداً، اخر مرة شوفتها مع امتحان اخر العام فالكلية وبعدين نقلت على أسكندرية، حقيقي من الناس القريبة على قلبي. 
ردت وصال قائلة: 
_انا قلت لازم ألاقي شخص نكون واثقين فيه انا وأنتي، ولو ماكنتش مسافرة أكيد كُنا روحنا عندها، بس كويس خلينا وافقين منتظرين الشاب، انا وصفتلها المكان وقالت انه هيجي. 

انتظروا لما يقارب النصف ساعة. 
حتى اتت سيارة ووقفت بالقرب منهم فترجل منها شاب طويل، عريض المنكبين،  ذات بشرة خمريه عينان بنية ضيقتين ذات انف غليظ بعض الشيء. 
تحدثت وصال الذي أطل من أعينها الاعجاب: 
_ينهار أبيض لو ده طلع علاء، طول بعرض إيه، استرسلت مازحة، ووقعت صريعة بهواه. 

نكزتها قدر وقالت بنبرة حادة: 
_غضي بصرك. 
تقدم منهم الشاب قائلاً: 
_أنسة قدر ووصال؟ 
اجابت قدر بخفوت: 
_أيوة أحنا. 
مد الشاب يده لها قائلاً: 
_مع حضرتك المقدم علاء رفعت، أستاذة ملك كلمتني عن حضراتكم. 
ارتبكت نبرة قدر قائلة: 
_عُذراً مش بسلم على رجالة. 
تحمحم بخجل وارجع يده بجانبه وقال وهو يأشر على سيارته: 
_اتفضلوا، اركبوا هنروح على بيتي. 

"بمكتب علاء "

تعالت أصواتهم داخله فتحدثت والدته بحدة: 
_مصيبة تانية يابني ليه بتعمل كده. 

زفر بعمق محاولاً كظم غيظه قائلاً: 
_يا أمي البنات دول وضعهم مختلف عن اللي كانت قبل، وبعدين تخيلي اخواتي البنات مكانهم ترضي ترميهم فا لشارع كده. 

هتفت صائحة: 
_وفين أهاليهم ها، وبعدين أنا بناتي مفيش مقارنة بينهم وبين اللي برة دول؛ انا بناتي متربين أحسن تربية، ومش هسمحلهم يباتوا في بيت حد غريب. 

جذب علاء كفوف والدته ضاغطاً عليها برفق وتحدث: 
_أمي، اوثقي فيا المرة دي، اوعدك أن مفيش حاجه هتتكرر، دول غير اللي قبلهم. 

نفضت يداه مبتعدة عنه وقالت: 
_على راحتك بس خليك فاكر، جملتي انت اللي هتتعب فالأخر. 

رد بتريث: 
_حاضر يا أمي، أتمنى تعامليهم كويس الفترة اللي هيقعدوا فيها. 

حدجته بنظرات غاضبة متوجهة إلى الخارج 
فأردف قائلاً قبل خروجها:
_بلغي أم نور تعملي فنجان قهوة، وتبعتلي البنات على هنا. 
لم ترد على حديثه بل ذهبت دون أن تنبس ببنت شفة. 

بعد قليل دلفت العاملة وبيدها كوب القهوة ومن خلفها الفتيات، وكان يجلس هو خلف طاولة مكتبه العريضة وأمامه كرسيان، وضعت العاملة الكوب اعلى الطاولة وقالت: 
_تأمر بحاجة تانية يا علاء بيه 

_لا روحي انتي يا أم نور، بس خدي الأمورة الصغيرة دي معاكي هاتيلها شكولاتة.
تحدثت قدر لشقيقتها:
_روحي يارهف مع طنط.
فذهبت الصغيرة مع العاملة دون التفوه بشيء 
 تحدث علاء مؤشراً لهم: 
_اتفضلوا أرتاحوا. 
جلست قدر وامامها ووصال.

فمال بجزعه للأمام سانداً مرفقيه على الطاولة وقال بصوتٍ رخيم: 
_مين فيكم قدر. 
"أنا "  هكذا خرجت الكلمة من جوفها، فقال وهو يحدجها بنظراتٍ غامضة: 
_مفهمتش من ملك كتير، بس قالت ان زوج والدتك بيتحرش بيكي. 

شعرت قدر بالإحراج، فتحدثت وصال بدلاً عنها فهي تعلم مدى حساسية صديقتها من هذا الموضوع: 
_ايوة فعلاً يا استاذ علاء. 
حدجها بنظرات باردة وقال: 
_أظن الحديث مكنش متوجه ليكي يا انسة وصال. 
إغتاظت الفتيات من ردهوالفظ.. فقالت قدر: 
_هو احنا فتحقيق. 

أجابها وهو ينقل بصره إليها:  
_لو حابة تعتبريه كده أعتبريه. 

هتفت وصال صائحة: 
_حضرتك بتتكلم ليه كده معانا، وبعدين أنا رديت عشان  عارفة حالة قدر. 

انفعل علاء قائلاً بغضب وتحدث بنظرات ثاقبة على قدر: 
_انتي مش محامي الدفاع عنها يا انسة، وهي مش طفلة صغيرة، هي هنا ضحية لراجل قذر بيحاول يرضي رغباته القذرة ، نظرة الخوف والضعف وقلة الثقة اللي قادر أشوفها في عيونها وحركتها؛ عايزها تتمحي، هي مش مجرمة تمام. 
تفهمت وصال فعلته ولكن هتفت قدر بصوتاً حاد: 
_انا مش ضعيفة ولا خايفة من حاجة واقدر اعتمد على نفسي. 

_لو قادرة تعتمدي على نفسك مكنتيش هربتي. هكذا خرجت الكلمات من جوفه. 

فوثبت قدر قائمة وقالت بتحدي : 
_لو وجودنا هنا مش مرحب بيه فأحنا نمشي فوراً وكادت ان تخطو ومعها وصال فأفزعهم صوته الذي علا فجأة: 
_أستني عندك 
أوقفها هادرًا بمجرد ان تحركت أقدامهم واسترسل قائلاً:
_غلطك ان كل مشكله بتقابليها بالهروب وده مش حل. 

استدارت له قائلة: 
_انت عاوز ايه بالظبط، هو المفروض كنت اقعد هناك واستنى اما أخسر شرفي. 

قال علاء برفق: 
_لا يا انسة قدر، كله اللي انا عاوزه أنك تكوني قوية أنتي مش مذنبة عشان تتوتري فوراً وتخافي، ودلوقتي اتمني تقعدوا ونتكلم بهدوء... تبادلوا الفتيات النظر قليلاً وجلسوا مرةً أخرى. 

                                             ................. 

ترجلت نجلاء من سيارتها أمام منزل بسيط في إحدى الاحياء وكان برفقتها أحمد الذي قال: 
أهو ياستي ده بيت إسلام، اللي قاعد معاه سيد، المهم بعد التعب ده كله أنا هاخد فلوسي أمتى. 
نجلاء بأمتعاض: 
_جرا إيه يا احمد مش قادر تصبر نخلص الحوار ده وبعدين نشوف موضوعك. 
قالت جملتها وهي تخطو أمامه وطرقت عدة مرات على المنزل، فتحدث هو: 
_متعودتش حد يتجاهلني كده بس هعديها. 

أجابته بفظاظة وهي تطرق الباب: 
_من هنا ورايح اتعود على كده. 

انفتح باب المنزل  وطل منه سيد الذي نظر لها يتفحصها وسرعان ما قال: 
_إيه اللي جايبك ياست أنتي. 

إجابته هي بلامبالاه: 
_مش هتقولنا أتفضلوا ولا إيه 

سيد: عاوزة إيه أخلصي معنديش وقت. 

تحدثت هي ببرود: 
_جاية اقولك ابعد قدر عن وصال. 

 قهقه هو ساخراً وقال: 
_أنتي فاكرة لعبتك دي هتمشي عليا، انا عارف كويس ان قدر هي اللي بعتاكي. 

امتعض وجهها وقالت بحدة: 
_قدر مين دي اللي تبعتني انت اتجننت ياراجل أنت. 

احتدت نبرت سيد قائلاً: 
_أمشي من قدامي البيت أحسنلك. 

هدئت نبرتها قليلاً واردفت: 
_مش همشي من هنا قبل ما اتفق معاك، ابعد قدر عن طريق وصال. 

هدر قائلاً: 
_مش لما أبقا عارف مكانها الأول. 

غمغمت قائلة: 
_أنا هعرف مكانها وهبلغك بيه وانت فوراً هتروح تخدها ونخلص، المهم تبعدها من طريقي. 

عقد حاجبيه وقال: 
_وانتي إيه اللي بينك وبين قدر  . 

اجابت بنبرة باردة: 
_ولا حاجة، انا ووصال في بينا حساب، ومش هيتصفى غير لما قدر تبعد عنها. 

صمت سيد قليلاً يفكر بحديثها وكل هذا حدث تحت أنظار أحمد الغير مبالي بشيء فأردف سيد:
_موافق.
أبتسمت بمكر وتابعت وهي تمد يدها له بهاتفها وقالت:
_أكتب رقمك هنا،وانا هبلغك بمكانها في أسرع وقت.
 
"في مكتب علاء"

 علا زفيره غاضباً وألقى ما على الطاولة أثر نوبة غضبه، وهو يتذكر كيف كانت تسرد له مضايقات المدعو سيد لها، وكيف تنجي من براثنه كل مرة، ولما يغفى عن ملامح وجهها التي كانت تتغير من الخوف إلى الخجل، والحزن والتوتر. 

تحدث صائحا بغضب وهو يسند بكفيه على الطاولة: 
_حيوان، حيوان، وديني ما سايبك. 
هدئت أنفاسه قليلاً: 
_فأخرج هاتفه من جيب بنطاله وضغط عدة مرات ليضعه على أذنه منتظراً ردًا من الجهة الأخرى..
_الو علاء باشا، عاش من سمع صوتك يا أخي. 

هتف علاء سريعاً: 
_انت فالقاهرة ياهشام. 
رد هشام: 
_أيوة ياعم قلقتني في حاجة معاك ولا إيه. 

 أجاب علاء بغموض:
_ عاوزك في خدمة. 

                         🥀🥀

كانت جالسة على الفراش بغرفة الضيوف وبجانبها شقيقتها نائمة...بعد سردها ما حدث معها لعلاء تذكرت تلك الذكرى المؤلمة، بالأصل هي لم تنساها أبداً، حين خرجت والدتها ذات يوم من المنزل وظنت بأنها بأمان لانه كان بعمله ولكنها تفاجئت بمجيئه باكراً.. كانت جالسة أعلى الاريكة تشاهد إحدى الأفلام المفضلة لديها ولكنها استشعرت انفاس حارقة تضرب عنقها فأنتفضت تنظر خلفها لتجد كابوسها المرعب، وثبت واقفة عازمة على المغادرة فتفاجئت به يجذبها من معصمها وكانت تحول بينهم الأريكة خرج صوتها المرتجف قائلة: 
_سيب ايدي يا عمو سيد مينفعش كده. 
ابتسم ساخراً وهو يقول: 
_عمو إيه بقا، قوليلي ياحبيبي، نفسي أسمعها منك. 
حاولت نزع يدها من قبضته المحكمة عليها ولم تستطع بينما مر هو ليقف أمامها مباشرة لايفصل بينهم شيء فتفاجئت بسحبه لها ودفعها على الحائط وكمم فمها بكفه الضخم وقال: 
_لو سمعت صوتك الحلو ده طلع هزعلك. 
حاولت مقاومته بكل قوتها لتفك حصاره، وهبطت دموعها وما كاد ان يقترب منها حتى استمع إلى صوت باب المنزل يفتح.

تساقطت دموعها دون ان تشعر، فأنتزعتها وصال من شرودها وهي تربت على كتفها، وقالت: 
-قومي ياقدر ياحبيبتي خديلك شاور كده ينعش جسمك واتوضي عشان تصلي، وامسحي دموعك دي، واهو الضابط علاء معانا ووعدك هيجبلك حقك. 
 هزت قدر رأسها دون ان تنطق ببنت شفة، متوجهة إلى المرحاض الملحق بالغرفة. 

سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم 🌼

عاد أيمن من عمله وصعد إلى غرفته دون إعطاء اي انتباه لزوجته التي تنادي بأسمه وتلاحقه. 
دلف لغرفة نومه وهي خلفه فاستمع إلى صوتها الغاضب: 
_أنا مش بنده يا ايمن مالك كده من يوم ما وصال ما مشيت وانت متغير عليا هو في إيه بالظبط. 
ألقى بجاكت بدلته على الفراش واخرج مفاتيحه وهاتفه من جيبه ووضعهم أعلى الطاولة التي كانت تتوسط الغرفة وتوجه إلى خزانه الملابس يخرج ثياب بيتية مريحة، ولم يعبئ لها على الإطلاق.
فجزت هي على اسنانها بغيظ منه وقالت:
_هو أنا كلبة يا ايمن عشان بكلمك ومش معبرني 

اجابها ساخراً وهو يجلس على فراشه نازعًا حذائه وقال: 
_لا، بس الكلبة أحسن وأوفى منك. 
صدمت من حديثه لتقول: 
_أنت تقصد إيه 
للمرة الثانية لم يعيرها اي انتباه بل أخذ ملابسه متوجهاً للمرحاض ناظراً لها بإبتسامة استفزتها.. فسبته بعدما غادر من أمامها وقالت بحنق: 
_داهية تاخدك. 

واتجهت للطاولة وجذبت هاتفه وقامت بفتحه لتبحث عن شخص يدعو محمد فهذا الاسم الذي استمعت له، اخذت تبحث بالأرقام لتقوم بإرسال رسالة لها كان مضمونها "محمد ابعتلي عنوان وصال"، ولم يخب ظنها عندما استجاب لها المدعو محمد وقام بإرسال العنوان فحفظته وقامت بحذف الرسائل ووضعت الهاتف مكانه. 

 🌺صلي على محمد 🌺
خرجت قدر من المرحاض لتتفاجي بـشهقات وصال العالية ودموعها المنهمرة، فهرولت إليها سريعاً قائلة: 
_وصال فيه إيه مالك. 

تحدثت وصال بصوت ممزوج بالبكاء ومدت يدها لها بالهاتف الذي كان بين كفها وقالت بخفوت: 
_خطب. 
عقدت قدر حاجبيها بتعجب ونظرت للهاتف لتجده يضيئ على مقطع فيديو يجمع شخصان يتبادلان الخواتم فتنهدت قدر قائلة: 
_تاني ياوصال، تاني، قولتلك من الأول متعلقيش قلبك بالشخص ده انتي طالبة وهو دكتورك فالجامعة . 

زادت شهقات وصال قائلة: 
_انتي مش قادرة تحسي بيا، انا قلبي واجعني أوي. 
هتفت وصال قائلة وهي تزيح دموعها : 
_صدقيني ده مجرد إعجاب من ناحيتك لشخص منبهرة بشخصيته وده خير ليكي كل الخير صدقيني ياحبيبتي. 

ابتلعت وصال غصة بصدرها قائلة: 
_سيبيني ياقدر، عاوزة اقعد لوحدي. 
جلست قدر بجانبها على الأريكة وحاوطتها بيدها قائلة:
_أنا عمري ماهسيبك وانتي فالحالة دي.
 
ظلت وصال بضع ثواني بحضن صديقتها ورفعت رأسها قائلة: 
_هو ممكن الخطوبة متكملش ويبقا من نصيبي أنا صح. 

كادت قدر ان ترد عليها، فتفاجئت بفتح الباب عليهم ودلوف فتاة بيضاء البشرة، بأعين خضراء ولكن يبدو انها بعقدها الثلاثون  
 أردفت الفتاة قائلة: 
_أسفة لدخولي  بالطريقة دي، انا أميرة أخت علاء، لما عرفت ان عندنا ضيوف قلت أجي اتعرف عليكم، وسمعت حديثكم بالصدفة. 

أجابت قدر وقد أرتسمت ابتسامة على ثغرها: 
_أهلًا بحضرتك. 
جلست بجانبهم قائلة: 
_حبيت زميلي فالجامعة، ودايماً كنت بحس بشعور متبادل، فضلت أدعي واقول يارب يطلع بيحبني ونتجوز وربنا استجاب. 

انشرح صدر وصال قليلاً وشعاع أمل تسلل لقلبها ولكن لم يدم كثيراً حتى استرسلت اميرة حديثها قائلة: 
_واتجوزنا فعلاً ورُزقت بأجمل حاجة فالدنيا بنتي جوري، وبعد كده معاملته اتغيرت جداً وابتدا يواجهني، ويقولي انه بيحب بنت خالته وعاوز يطلقني وعشت أسوأ أيام حياتي ما بين ضرب وإهانة، مقدرتش استحمل وبلغت علاء فرت دمعة دون إرادة منها فأزاحتها سريعاً وتابعت.. واطلقت وانا عمري 25سنة ودلوقتي انا30 وجوري 5سنوات هعرفكم عليها بكرة لأنها نامت دلوقتي. 

تأثروا الفتيات بحديثها، فحين أستطردت هي قائلة: 
_مش كل اللي بنتمناه  خير ياوصال، انا كنت مفكرة لو متجوزتش من ياسر حياتي هتقف ومش هقدر اكمل، بس أهو قدامكم انا بخير وبقيت أقوى. 

أزاحت وصال دموعها التي لم تجف بعد وقد فهمت الرسالة ونظرت لها مبتسمة وقالت: 
_شكرا يا أميرة. 

بدالتها أميرة الإبتسامة وقالت:
_انا ما صدقت ان عندنا ضيوف يلا نتعرف واحكولي كل حاجة عنكم  . 

وظل الفتيات يتسامرون عن حياتهم على أمل ان يأتي الغد محملاً بـ الأفراح. 

دقت الساعة التاسعة صباحاً والفتيات بغرفتهم  مستيقظون، جالسون في حيرةً من أمرهم لا يعلموا هل يهبطوا للأسفل، ام يظلوا بالغرفة، قاطع شرودهم صوت طرقات على الباب، لتتقدم وصاله منه تفتحه فتجد أميرة فنظرت لها باسمة. 
فتحدثت الأخرى قائلة وهي تنظر لهيئتهم: 
_صباح الخير يا بنات بما انكم جاهزين تعالوا يلا ننزل نفطر. 
ناظروها الفتيات بحرج فتفهمت هي قائلة: 
_يلا بقا حتى عشان الأمورة الصغيرة دي. 

لحقوا بها الفتيات بعد إصرارها فوقفوا أمام طاولة كبيرة عليها بعض من الأطعمة وتترأسها والدة علاء فقط، التي امتعض وجهها عند رؤيتهم وقالت بتهكم: 
_إيه يا أميرة من أمتى وأجنا بنجيب الغريب يقعد معانا على الفطور، لو عاوزين يفطروا دخليهم جوة المطبخ مع الخدم. 

أبتلعوا الفتيات تلك الإهانة ومالت قدر على أذن وصال وقالت: 
_انا مش هقعد فالبيت ده ثانيه واحدة بعد الإهانة دي.
أيدت وصال رأيها عازمين على العودة لأخذ أغراضهم والمغادرة.

حتى آتاهم صوت علاء من الخلف يتقدم نحوهم:
_إيه يا أمي من أمتى واحنا بنهين ضيوفنا ونعاملهم بالطريقة دي.

ردت قدر عليه قائلة: 
_بعد إذن حضرتك يا علاء بيه احنا  هنا مش عشان نعمل مشاكل بينك وبين الست الوالدة فوراً هنمشي من هنا. 

حدجها علاء بنظراته وقال: 
_أنتي أمي 
"نعم" هكذا خرجت الأحرف من جوفها متعجبة... فقال هو: 
_موجهتش كلامي ليكي. 
وعاد بنظره إلى والدته وهتف بحدة: 
_اللي يهين ضيوفي يبقا بيهني أنا كمان، ولو قدر ووصال مشيوا من البيت ده، يبقا أنا كمان ماليش قعاد فيه، وياريت منخليش اي ماضي يأثر علينا مفهوم. 
أجابت أميرة: 
_مفهوم يا علاء، وبعدين انت عارف ان ماما متقصد..... 
كادت ان تكمل حديثها ليهتف هو: 
_من غير مبررات، اتمنى يكون كلامي اتوضح للجميع. 

وثبت والدته قائمة بعدما حدجته بنظرات عاتبة، فلم يبالي لها. 
فقالت أميرة للفتيات: 
_يلا يابنات أنتو لسة واقفين ليه اقعدوا، ناكل سوا. 
تبدلت نبرة علاء وقال بلين: 
_يلا يابنات اقعدوا افطروا. 
مالت قدر مرة أخرى على أذن وصال وقالت: 
_ده ملبوس ولا ايه. 

فأجابتها وصال قائلة بمرح : 
_اسكتي بس، ياخراشي عليه وهو بيزعق قمر ياولاد. 
فوكزتها قدر قائلة: 
_اللي يشوفك دلوقتي، ما يشوفكيش امباح وانتي فالقة نفسك من العياط على دكر بط . 

قاطع همسهم صوت أميرة قائله: 
_إيه يا علاء مش هتفطر معانا. 

فأجابها هو:
 لا، ورايا شغل ضروري لازم امشي. 
وبالفعل غادر علاء من أمامهم، وجلسوا الفتيات يتناولوا بعض اللقمات  فقالت أميرة:
_اتمنى متزعلوش من ماما،أصل خايفة على علاء ليتكرر معاه نفس اللي حصل قبل  كده. 

قالت وصال بفضول: 
_وإيه اللي حصل معاه قبل كده؟! 

نفت اميرة قائلة: 
_حاجة مش مهمة يعني، المهم إيه رأيكم بعد الفطار نروح المول نجيب شوية حاجات وكمان قدر تشتري لبس ليها ولأختها لأن ملاحظة انه مالحقتش تجيب هدوم.

ردت وصال قائلة:
_تمام معاكي.
وهزت قدر رأسها بنعم.

بعد  قليل من الوقت كانوا الفتيات يختارون ملابس لهم بعناية فأخذت قدر دريس بلون الأبيض به بعض النقوش الملونة ودلفت لـ لبروڤا لقياسه،والفتيات بقسم ملابس الاطفال ينتقون إحدى البلوزات لرهف . 

مر اكثر من خمسة عشر دقيقة ومازالت قدر بالداخل فتحدثت أميرة : 
_هي قدر طولت كده ليه. 

فقالت وصال٠:
_ مش عارفه انا قلقت عليها، خليكي أنتي مع رهف وأنا هروح أشوفها. 
هزت أميرة رأسها بنعم، وتوجهت وصال لقسم الملابس التي به قدر، وجدت العاملة أمامها فقالت: 
_لو سمحتي هي الانسة اللي جات معانا لسة مطلعتش من البروڤا. 

أجابتها الأخرى:
_معرفش الحقيقة انا انشغلت مع الزباين،بس المتأكدة منه أنها مفيش جوة لأن فيه زبونة يلا داخلة.
 
انقبض قلب وصال خوفاً على صديقتها وغادرت تبحث بالأقسام الجانبية فلم تجدها رجعت للقسم الذي به أميرة ورهف وقالت وهي تلتقط انفاسها: 
_دورت على قدر فكل مكان مفيش ليها أي أثر. 

صدمت اميرة من حديثها وأردفت: 
_هيكون راحت فين يعني، أكيد هتكون هنا. 

تلألأ الدمع بأعين وصال قائلة: 
_انا خايفة، معقول يكون سيد وصلنّا، وقدر يخطفها..... 

يتبع.... 
دمتم بخير♥

  •تابع الفصل التالي "رواية قدر و وصال" اضغط على اسم الرواية 

google-playkhamsatmostaqltradent